إسلام ويب

شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع - باب الرهن-1للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الرهن جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وهو من عقود التوثيق، وقد بينت الشريعة الإسلامية ضوابط ما يجوز رهنه وما لا يجوز، قبض الرهن وأحكام ضمانه بصوره المختلفة.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

    ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    عندنا باب الرهن ضمن كتاب المعاملات في شرح عمدة الفقه.

    الرهن في اللغة

    الرهن: مأخوذ من الراء والهاء والنون، رَهَنَ، وكلمة (رهن) أو مادة (رهن) في لغة العرب تدور حول معان متقاربة، مثل معنى الثبوت، شيء راهن يعني: ثابت أو باق أو لازم، ومنه يقال: في الوقت الراهن يحصل كذا وكذا، أو أسألك: هل عندك شيء معين؟ فتقول: والله في الوقت الراهن لا يوجد. يعني: في الوقت الحاضر أو اللازم أو الموجود الآن.

    ومنه أيضاً: أن يكون الشيء ثابتاً لا يتغير، ولهذا يسمى الحبس رهناً، وهذا تجده في القرآن الكريم, كما في قوله عز وجل: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21] أي: مرهون، كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38] يعني: محبوسة أو مأسورة أو مأخوذة.

    ومنه أيضاً: أن عصابة معينة تأخذ شخصاً وتراهن عليه، فهو يسمى رهينة عندهم، أي: مرهون أو محبوس؛ لأنه يبقى عندهم لفترة طويلة.

    وكذلك في الحديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كل غلام رهن بعقيقته )، يعني: مرهون بها، وإن كان في الحديث مقال.

    فالمقصود: أنه مرهون بعقيقته أو بالتميمة حتى يعق ويذبح عنه، ومن هذا المعنى قول المتنبي لما أشيع أنه قد مات يقول:

    كم قد قتلت وكم قد مت عندكمُ ثم انتفضت وزال القبر والكفنُ

    المهم في آخر البيت يقول:

    كلٌ بما زعم الناعون مرتهن

    يعني: أشاعوا أنه مات، فهو يقول: الناس كلهم رهن للموت، فهذه معاني الرهن أنها تدور حول البقاء واللزوم والثبوت ونحو ذلك.

    والناس عندنا يستخدمون أحياناً الرهن بمعنى آخر، فأذكر لما كنا صبياناً كان الصغار يتكلمون عن الرهن أو المراهنة، ويقصدون بها نوعاً من المنافسة أو السباق على شيء، إما على جري أو على أمر من الأمور، والذي يفوز يحصل على الجعل، فيكون فيها نوع من المخاطرة، ولذلك إذا أراد أحدهم أن يقول للآخر شيئاً، يعني: فلان نجح قال الثاني: لا، ما نجح. فيقول الأول: تراهن؟ يعني: أنه قد نجح فعلاً.

    فهذا المعنى الذي هو الرهن بهذا المصطلح ليس له علاقة بالموضوع الذي نتحدث عنه، هو مادة أخرى، وإنما المقصود بالرهن عندنا المعنى الأول الذي هو الشيء الثابت اللازم الباقي المحبوس.

    الرهن في الاصطلاح

    الرهن عند الفقهاء والعلماء يقصد به كما يقول الحنابلة على سبيل المثال: توثقة الدين بالعين بما يمكن استيفاؤه منها.

    وهذا المعنى واضح، يعني: لو أنك أتيت لي لتشتري مني سيارتي وأنا لا أعرفك، وأنت لا مال عندك، فتقول: أسدد لك على أقساط شهرية أو سنوية، فأقول: لا بأس، لكن أريد أن ترهنني شيئاً، فتقول: عندي أرض منحة لنفترض أنها في منطقة الضاحي، أو في أي مكان آخر بأربعين ألف ريال ترهنها مقابل تسديد قيمة السيارة، يعني: تأخذ صك الأرض مثلاً أو يكون لك الإمكانية أنه في حالة عدم دفعي لهذه المبالغ المستحقة علي فإنك تأخذ الأرض مقابل هذا المال، فهذا هو معنى الرهن؛ توثقة الدين الذي عليك بالعين -في المثال السابق- العين هي الأرض، بحيث يمكن استيفاء الدين من الأرض، يعني: لو لم تف أنت بالدين تباع عليك الأرض ويستوفى منها الحق، أو نقول: حبس العين بالدين، وكلها معان متقاربة.

    الرهن عقد، وهو من عقود التوثيق، بمعنى: أن الإنسان يريد أن يتوثق لحقه وماله ويطمئن عليه لئلا يضيع أو ينكر أو ما أشبه ذلك، فهو من عقود التوثيق.

    وهو أيضاً يصح أن يكون من عقود الإرفاق سواء للراهن أو للمرتهن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088934114

    عدد مرات الحفظ

    779996784