إسلام ويب

شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب السلمللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بيع السلم من البيوع المشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، وهو بيع موصوف في الذمة، ومن شروطه: إمكان ضبط صفاته، ووصفه بما ينفى الجهالة عنه، وبيان قدره كيلاً أو وزناً أو غيرهما، وأن يكون إلى أجل معلوم بثمن معلوم يسلمه المشتري قبل التفرق.
    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلي ونسلم على خاتم رسله وأفضل أنبيائه وخيرته من خلقه، محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    هذه ليلة الخميس الثاني من شهر صفر من سنة 1424هـ، وكالمعتاد فالدرس اليوم هو في شرح عمدة الفقه باب السلم.

    وباب اليوم هو باب السلم.

    السلم: يسمى السلم ويسمى السلف، فعند الحجازيين اسمه السلم، وعند العراقيين اسمه السلف، وهو نوع من أنواع البيع، فهو أحد أقسام أو أنواع البيوع، ويقال في تعريف السلم أو في تعريف السلف: إنه بيع موصوف في الذمة.

    تقريباً هذا أجمع وأكمل وأخصر التعريفات: بيع موصوف في الذمة.

    وبعضهم يضيف إلى التعريف كلمة، فيقول: بيع موصوف في الذمة إلى أجل مسمى.

    وسوف ننظر هل هذا في أصل التعريف أم أنه شرط خارج عن التعريف، فأما أنه بيع موصوف؛ فلأنه فعلاً أحد أنواع البيوع كما ذكرنا لكم، ومثاله: أن أعطيك الآن مائة ألف ريال حالّة، أعطيكها في مجلس العقد مقابل أن تعطيني -مثلاً- عشرة آلاف كيلو تمر بعد سنة، أو أي شيء آخر.

    يعني: ممكن أعطيك الآن مائة ألف ريال مقابل أن تعطيني بعد سنة سيارة، أو كراتين صابون أو حليباً، أو أي شيء آخر كما سوف يتضح.

    إذاً: هو بيع لكن الثمن فيه حالّ، والقيمة -المثمن أو السلعة- مؤجلة.

    إذاً: هو عكس البيع الآجل الذي يكون الثمن فيه آجلاً والسلعة مقبوضة، أنا الآن مثلاً أبيع عليك هذا البيت بمائة ألف ريال إلى سنة، فتأخذ البيت الآن وتدفع الثمن بعد سنة، فعكسه السلَم، وهو أن يكون الثمن مدفوعاً الآن والسلعة هي المؤجلة.

    هذا هو المقصود بالسلَم، ولهذا نسميه بيعاً، فهو بالاتفاق نوع من أنواع البيوع، لكن هذا البيع نقول: إنه بيع موصوف، وكلمة موصوف معناها أنه شيء قابل للوصف، أو بالأصح نقول: شيء منضبط بالوصف، يعني: شيء يمكن تحديده بالوصف، مثلاً: لما أبيع عليك سيارة بعد سنة، المال يؤخذ الآن والسيارة تستلمها بعد سنة، هنا السيارة يمكن أن تنضبط بالوصف أو لا تنضبط؟ تنضبط.

    كيف تنضبط؟

    نوع السيارة، فرق بين الداتسون والروزرايز أو مثلاً مرسيدس وإلا أي شي.. فلا بد من تحديد نوع السيارة، وتحديد الموديل وما أشبه ذلك، بحيث يمكن أن تحدد كل الأشياء، مثلما يقولون الآن: سيارة فل كامل، يعني: فيها كل المميزات، بمعنى أن يكون الوصف منضبطاً بالدقة، أو لما أبيع عليك جهاز كمبيوتر مثلاً، يمكن أن يكون هذا الجهاز محدداً منضبطاً بشكل دقيق جداً.

    إذاً: لابد أن يكون البيع هنا على شيء موصوف كما سوف يأتي في تحديد الوصف، المهم معنى موصوف أنه منضبط بالوصف.. قابل للوصف.

    طيب. الشيء الذي لا ينضبط بالوصف مثل ماذا؟

    الفقهاء مختلفون كثيراً في هذا الشيء وربما يأتي طرف منه، لكن الآن ما دمنا في التعريف أعطي مثالاً واحداً لما لا ينضبط بالوصف، وهو الشيء المغشوش الذي يدخله الغش. فكثير مما يدخله الغش لا ينضبط بالوصف، مثل لو باع عليه لبناً مغشوشاً، يعني: ما مقدار اللبن، ما مقدار الغش أو الحموضة فيه، هذا لا ينضبط، لكن هل هناك شيء مغشوش يمكن ينضبط بالوصف الآن، ربما ما كان عند الفقهاء في الماضي، لكن الآن هناك أشياء وإن كان فيها نوع من الغش إلا أنها تنضبط بالوصف، وإن لم نقصد الغش بمعناه، يعني ليس شيئاً أصلياً ولكنه تقليد، مثل بعض الأدوات وبعض الأجهزة ممكن أن تبيع منه سلعة أصلية يابانية، أو تبيع منه سلعة صينية أو مقلدة من السلعة الأصلية، هذا ينضبط أو لا ينضبط؟ ينضبط الآن.

    إذاً: لابد أن يكون البيع لموصوف قابل لأن ينضبط بالوصف.

    أيضاً ذكروا شرطاً ثالثاً، قالوا: بيع موصوف في الذمة.

    ما معنى كلمة: (في الذمة)؟ أي: أن هذا المبيع ليس معيناً، يعني: لا أبيع عليك السيارة هذه بعد السنة، هل يجوز أن أقول لك: سيارتي التي عند الباب أبيعها عليك بعد سنة وتعطيني الآن المال وتستلم السيارة بعد سنة؟

    لا؛ لأن السيارة ممكن يجري عليها البقاء وعدمه.

    إذاً: الموصوف هنا في الذمة، يعني: غير معين، أبيع عليك مثلاً مائة كيلو تمر بعد سنة لا بأس، لكن لو قلت لك: مائة كيلو تمر من مزرعة فلان بن فلان، هل يجوز هذا؟ لا؛ لأنه ممكن مزرعة فلان لا تنتج، يمكن يطلع تمرها رديئاً إلى آخره، وإنما مائة كيلو تمر معروفة موصوفة بذمتك غير معينة، غير محددة، هذا معنى قولنا: (في الذمة).

    طيب. بعضهم يضيفون كلمة: (إلى أجل مسمى) ويقصدون بالأجل طبعاً المدة التي يحدد فيها تسليم السلعة قلّت أو كثرت كما سوف يأتي خلافهم في مقدار الأجل، والأقرب أن هذا شرط في السلم، ولا يلزم ذكره في التعريف؛ لأن العادة أن التعريف لا يستوعب الشروط، وهناك شروط أخرى سيتبين أنها لم تذكر، فلو قلنا في التعريف: إنه بيع موصوف في الذمة لكفى، وكلمة (إلى أجل مسمى) تأتي ضمن شروط السلم كما سوف نتحدث عنها الآن.

    إذاً: هذا هو السلَم: بيع موصوف في الذمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089272187

    عدد مرات الحفظ

    783297547