إسلام ويب

شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب الربا -3للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اختلف الفقهاء في علة الربا في الذهب والفضة والراجح التعليل بمطلق الثمنية، فيقاس عليها النقود المعدنية والورقية، وإن ذهب البعض إلى عدم دخولها واتسع الخلاف في تكييفها الفقهي، أما غير الذهب والفضة كالحبوب والثمار والفواكه فقد ذهب الظاهرية إلى جريان الربا في المنصوص عليه، وذهب الجماهير إلى كونها معللة، واختلفوا في العلة على أقوال كثيرة أرجحها أنها الطعم.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

    ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومساكم الله بالخير.

    هذه ليلة الخميس الأول من جمادى الأولى من سنة (1423هـ)، وفي هذا اليوم من أبواب شرح عمدة الفقه نخلص وننتهي إن شاء الله تعالى من باب الربا، يعني: سيكون هذا الدرس هو آخر درس فيما يتعلق بدروس الربا وعلته.

    وقد مضى في الربا درسان آخران، وخلاصة ما سبق: أن الربا هو الزيادة، وتعريفه الاصطلاحي أصبح معروفاً: زيادة مخصوصة بعقد بغير عوض.

    وهو نوعان:

    القسم الأول: وهو ربا النسيئة، وهو أشدها، وهو الربا الجلي، وهو ربا الجاهلية، وهو محرم لذاته، أي: محرم تحريم المقاصد.

    القسم الثاني: وهو ربا الفضل، وهو محرم؛ لأنه وسيلة إلى ربا النسيئة، وقد خالف فيه بعض الصحابة كما أسلفنا.

    أما الدرس الماضي فقد تكلمنا فيه عن العلة الشرعية في تحريم بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل سواءً بسواء، كما في الحديث المتفق عليه، فذكرنا أن العلماء ذهبوا في مسلك العلة في موضوع الذهب والفضة إلى ثلاثة مذاهب:

    المذهب الأول: أن العلة هي اتحاد الجنس مع الوزن، يعني: الذهب موزون مثلاً فهو جنس واحد، ولذلك لا يجوز بيع الذهب بالذهب متفاضلاً ولا نسيئة، وهذا قول الأحناف.

    الاتجاه الثاني أو المذهب الثاني: مذهب الشافعية قالوا: إن العلة هي غلبة الثمنية أو أغلبية الثمنية، يعني: أن الغالب على الذهب والفضة أنها أثمان، ولهذا لم يجروا العلة مثلاً في الفلوس؛ لأن الفلوس ليست مصنوعة من ذهب ولا من فضة، والثمنية طارئة عليها، فقالوا: الفلوس ترجع إلى أصولها، وإذا كانت مصنوعة من حديد فالحديد يعني له حكم خاص، أو مصنوعة من نحاس كذلك، ولا تأخذ حكم الذهب والفضة؛ لأن الثمنية وصف طارئ عليها.

    وغلبة الثمنية هذه عند الشافعية قلنا: إنها علة قاصرة، وما معنى كونها علة قاصرة؟ أنها عندهم مقصورة على الذهب والفضة، كأنهم عللوا الأمر بأن هذا ذهب وهذه فضة، بناءً عليه هذه العلة لا تنتقل إلى غيرها من الأثمان الأخرى، لكن لو رأى هؤلاء انتشار العملة الورقية الآن، وكيف أنها غطت على الذهب والفضة لاعتبروا أن هذا من باب أولى أن يدخل فيه الربا.

    الاتجاه الثالث في تعليل الربوية في الذهب والفضة هو: القول بالثمنية أو بالثمنية المطلقة، وهذا مذهب مالك ورواية عند الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم، وهذا هو القول الصحيح الراجح: أن علة الذهب والفضة هي الثمنية، وبناءً عليه فكل ما صار ثمناً فهو يجري مجرى الذهب والفضة في وقوع الربا فيه، فهو يقع من باب أولى على العملة الورقية الموجودة الآن فنقول: إنها أثمان وهي دراهم ودنانير يجب أن يكون فيها تساوي وتقابض على حسب قاعدة الربا. هذا كله مضى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088928179

    عدد مرات الحفظ

    779942319