الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الموضوع الذي يتحدث عنه المصنف هو ما يتعلق بالهدي والأضحية والعقيقة وهي من مكملات البحث في الحج، فما يتعلق بالهدي فالمقصود به: كل ما يهدى إلى البيت سواء كان واجباً أو تطوعاً، فالهدي الواجب كهدي التمتع والقران والنذر، وهدي التطوع هو ما سوى ذلك.
وأما الأضحية فهي ما يذبح من بهيمة الأنعام في عيد الأضحى وأيام التشريق.
وهذا مذهب جمهور العلماء على ما سوف يأتي تفصيله فيما يتعلق بالهدي، لكن فيما يتعلق بالأضحية، فإن الجمهور يرون أنها سنة وهذا مذهب الأئمة الثلاثة، وقد روي القول بوجوب الأضحية عن الإمام أحمد ومالك للموسر الغني الواجد، وهو قول أبي حنيفة أن الأضحية واجبة على القادر عليها، أما الجمهور فيرونها سنة، وحجتهم في سنيتها فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما الهدي فإنه أهدى مائة بدنة كما في الصحيحين، ونحر منها ثلاثاً وستين بيده، ثم وكل علياً فنحر ما غبر منهن كما في حديث جابر.
وأما الأضحية فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أقرنين أملحين موجوءين، ما معنى موجوءين؟ الموجوء هو: الخصي، وقال: ( اللهم هذا منك ولك )، وأصل الحديث في الصحيحين بالنسبة لأضحيته عليه الصلاة والسلام.
لكن نقول: قد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلاً وإن كان هو في الأصل مفضولاً فلو أن الناس صار بهم حاجة وفقر ومسغبة وشدة احتاجوا معها إلى التصدق بثمن الأضحية، ففي هذه الحالة نقول: التصدق بثمنها أفضل، لكن هذا ليس حكماً عاماً وإنما هو حكم خاص بهذه المناسبة أو بهذه الضرورة ثم يعود الأمر إلى نصابه.
القول الثاني لـمالك رحمه الله يرى العكس: أن الأفضل الغنم ثم البقر ثم الإبل، ويحتج الإمام مالك بأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أقرنين موجوءين وقال: إن الله لا يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا ما هو الأفضل والأحسن، فلذلك كانت عنده أفضل من البقر ومن الإبل ثم البقر أفضل من الإبل، وقد جاء في صحيح البخاري : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر )، فهذا قد يحتج به الإمام مالك .
وما ذهب إليه الجمهور من حيث الأصل هو الأفضل، وإن كنا نقول فيما نقول في المسألة التي قبل أنه قد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلاً، فلو كان سوف يشترك في بدنة مع غيره مع سبعة، فنقول له هنا في هذه الحالة: الغنم أفضل؛ لأنه سوف يذبح أضحية مستقلة، وهذا ظاهر، لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلاً مثل ما لو كانت الإبل هزلت وضعفت ورخصت وسقطت من أعين الناس، وارتفعت قيمة غيرها من البقر أو الغنم، ولهذا في الحديث الآخر لما سألوه عن أفضلها، قال: ( أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها ).
ولهذا اختار ابن تيمية رحمه الله أن الأفضل هو الأغلى والأنفس والأعظم وقعاً ونفعاً للناس، وهذا مأخذ جيد.
ثم داخل بهيمة الأنعام، قال: (لا يجزئ إلا الجذع من الضأن) والشارح ذكر أن الجذع من الضأن هو ما له ستة أشهر.
والأقرب للصواب عند جمهور علماء اللغة أن الجذع من الضأن هو ما له سنة، فالجمهور يرون أنه لا يجزئ من جذع الضأن إلا ما تم له سنة وهذا بطبيعة الحال يعني: أن نقول: إن الإمام الشافعي وأبا حنيفة ومالكاً وجمهور العلماء يرون أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والغنم إلا ما فوق الجذع، وأما الضأن وحده فيجزئ منه ما كان جذعاً، وقد جاء عن جابر رضي الله عنه كما في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) يعني: ألا تجدوا.
وهذا مما استدل به الجمهور على أن الجذع يجزئ في الأضحية، إضافة إلى أحاديث أخرى مثل حديث عقبة بن عامر أنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث أيضاً في مسلم أن يفرق غنماً: ( فقال: بقي منها عتود، فقال: ضح به أنت ).
فهناك أدلة تدل على أن الجذع من الضأن يجزئ، وأيضاً هناك حديث: ( أن الجذع من الضأن يجزئ مما تجزئ منه الثنية )، فهذه الأحاديث وغيرها مما تمسك به الجمهور على أن الجذع من الضأن مجزئ.
قال: [ والثني من غيره ]، يعني: يجزئ الثني من غيره، الثني من المعز ومن الإبل ومن البقر، فقال: [الثني من المعز ما له سنة ]، وفي رواية: وربما كانت هي الأقوى أنه ما له سنتان.
وكذلك من البقر ما له سنتان ومن الإبل ما له خمس سنين وطعن في السادسة، فهذا أقل سن مجزئ فيها.
قال: [وتجزئ الشاة عن واحد]، يعني: عنه وعن أهل بيته على رأي جمهور العلماء، ومن حجة ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش، وقال: ( عني وعن أهل بيتي )، وضحى بالآخر عمن لم يضح من أمته، فهذا دليل على أنه يجزئ عنه وعن أهل بيته، والبدنة والبقرة تجزئ عن سبعة، ولهذا روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ( إن البدنة عن سبعة )، وهكذا عن ابن عباس رضي الله عنه، وهو مذهب الجمهور وهو الصحيح، أن البدنة سواء كانت هي الناقة أو قد تطلق البدنة على البقر أيضاً، فالبدنة من الإبل ومن البقر تجزئ عن سبعة، والشاة تجزئ عن واحد كما ذكرنا.
وهناك قول آخر في هذا وهو منقول عن ابن عباس وابن مسعود أن البدنة يعني: البدنة من الإبل عن عشرة والبقرة عن سبعة، ولكن هذا قول ضعيف، والراجح ما عليه الجمهور أن البدنة عن سبعة، سواء كانت من الإبل أو من البقر.
قال: [ ولا تجزئ ]، طبعاً حديث جابر قال: ( كنا ننحر البدنة عن سبعة ) ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( كنا ننحر البدنة عن سبعة، فقيل له: والبقر؟ قال: هل هي إلا بدنة؟ أو هل هي إلا من البدن؟ )، يعني: فألحقها بحكمها، وهذا يدخل في الأضحية والهدي على حد سواء.
العيب الأول: العوراء البين عورها كما ورد في حديث البراء، وهذا تقريباً لفظه ذكره المصنف، وهو عند مالك وأهل السنن وأحمد أنه قال: ( أربع لا تجزئ في الأضحية -وذكر منها-: العوراء البين عورها، والعجفاء التي لا تنقى، والعرجاء البين ضلعها، والمريضة البين مرضها )، وابن قدامة حكى هذا إجماعاً للفقهاء أيضاً.
فالعوراء البين عورها هي التي لا ترى بإحدى عينيها، وهي أيضاً بين عورها، معناه: أن هناك عوراء عورها غير بين، مثل أن تكون الرؤية مسروقة لكن العين قائمة، من رآها لا يدري أنها عوراء فهذه تجزئ؛ لأن عورها غير بين، ولو كانت عمياء بعض الذين جمدوا على الظاهرية قالوا: تجزئ؛ لأن النص ورد في العوراء ولم يرد في العمياء، وهذا قال بعضهم: إنه جمود على الظاهر، وآخرون تكلفوا للتفريق بينهما تفريق لا يخلو من وجاهة وإن كنا لا نقول به، قالوا: إن العوراء يتكل صاحبها عليها فهي ترعى في جانب دون جانب فيؤثر ذلك على ضعفها وهزالها.
بينما العمياء صاحبها يقوم بأن يقدم لها العلف وغيره مما تحتاجه من الأكل وبذلك يعوضها، فتكون أفضل من العوراء، وهذا تخريج لا يخلو من طرافة ووجاهة لكنه ليس بقوي، ولذلك نقول: إذا كانت العوراء لا تجزئ بالنص الذي ورد من طرق عديدة وصححه جماعة، فالعمياء من باب أولى أنها لا تجزئ؛ لأن الأمر ليس مقصوراً فقط على ضعفها وهزالها، وإنما هذا عيب فيها ترد به، ولهذا لو بيعت وهي عمياء ستكون أقل بكثير من أن تباع وهي عوراء أو أن تباع وهي صحيحة.
فهذا مما ينقص ثمنها ويقلل من مكانتها وفضلها عند أهلها.
قال: [ والعجفاء التي لا تنقي ]، والمقصود بالعجفاء: الهزيلة التي لا مخ فيها، والنقاء هو المخ الذي يوجد في العظام، فإذا عجفت ذهب عنها هذا المخ، فلا تجزئ في الأضحية.
قال: [ ولا العرجاء البين ظلعها ]، والظلع: هو العرج أو الميل، فالعرجاء البين ظلعها وعرجها لا تجزئ أيضاً، لكن لو كان عرجها يسيراً فهي مجزئة حينئذٍ.
[ ولا المريضة البين مرضها ] ومعناه: أنه لو كان المرض بيناً شديداً مثل: أن يكون بها جرب أو يكون بها قروح أو ما أشبه ذلك فإنها لا تجزئ، لكن لو كان مرضها خفياً لا يظهر ولا يؤثر على صحتها وعافيتها وقوتها فإنها تجزئ على ما هو ظاهر النص.
قال: [ ولا العضباء التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها ]، والصواب: أن هذا داخل في باب المكروهات وليس في الأنواع التي لا تجزئ، فهي تجزئ ولكن الأفضل أن يتقي ذلك وأن يستشرف العين والأذن كما جاء في حديث علي، وكذلك القرن.
قال: [ وتجزئ الجماء ]، طبعاً الجماء والبتراء والخصي وما شقت أذنها أو خرقت أو قطع أقل من نصفها، هذه مما يجزئ في الأضحية، فالجماء: هي التي ليس لها قرون، لكن يقولون: هي التي بخلقتها ليس لها قرن، وليست قرونها مكسورة أو مقلوعة، وأما البتراء (لا تجزئ الجماء ولا البتراء) فإن البتراء أو الأبتر هو ما لم يكن له ذيل، ما ليست لها إلية فهذه تسمى بتراء، وكذلك الأبتر الذكر، وهذا كما قلت: إذا كان بأصل خلقته هكذا وليست مقطوعة.
قال: [ والخصي ] أيضاً: يجزئ الخصي وذلك لأن وجأ الحيوان ليس عيباً فيه وإنما هو أمر طيب؛ لأنه يجعل لحمه أطيب ويجعله أقوى ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم في الزكاة أمرهم ألا يأخذوا الخصي إلا أن يشاء رب المال، معناه: أن له شرفاً وفضلاً وقيمة ليست لغيره، فلا يأخذونه إلا بإذن صاحبه، مما يدل على أنه أغلى من غيره، فيجزئ في الأضحية وفي الهدي.
وكذلك قال: [ما شقت أذنها أو خرقت أو قطع أقل من نصفها]، فهذه عيوب لكنها لا تمنع من الإجزاء.
قيل: إن التسمية على الذبيحة سنة، وهذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنه وأبي هريرة وعطاء، وهو مذهب الشافعية، وعلى هذا لو ترك التسمية خطأً أو نسياناً فليس عليه شيء وذبيحته حلال، لكن لو تركها عمداً؟ كذلك؛ لأنها سنة، فلو تركها عمداً أو خطأً ليس عليه شيء، هذا مذهب الشافعية.
القول الثاني: أنها شرط عند الذكر مع التذكر، وهذا قول الجمهور أن التسمية شرط إذا ذكرها.
وعلى هذا نقول: لو نسي التسمية فذبيحته حلال ولا شيء عليه، هذا مذهب الجمهور، لكن لو ترك التسمية عمداً فإنها تحرم ويأثم هو بذلك.
القول الثالث: أن التسمية شرط مطلقاً، سواءً نسيها أو تركها عمداً فإن الذبيحة لا تحل، وهذا هو مذهب داود الظاهري وأبي ثور ونقل عن ابن عمر، وقال الطبري : إن هذا قول بعيد من الصواب، وقد رجحه شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في كتابه: أحكام الأضحية والذكاة، واستدل له بأدلة كثيرة، ولكن الأرجح هو القول الأوسط وهو مذهب الجمهور، أن التسمية شرط أو واجبة مع الذكر، فلا يجوز تركها عمداً، لكن لو تركها نسياناً ليس عليه شيء وذبيحته حلال، وهذا ما نقل عن جمع كثير من الصحابة، وأصل التسمية مذكور في القرآن الكريم في قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا [الحج:36].
فإن ذكر اسم الله تعالى هو أن يقول: بسم الله، وقد يدخل فيه التكبير، لكن التكبير ليس بواجب.
[ إلى آخر يومين من أيام التشريق ] وعلى ما اختاره المصنف فإن أوقات ذبح الأضحية ثلاثة أيام: يوم العيد ويومان بعده، قال: [ ويومين من أيام التشريق ].
ومما استدلوا به على ذلك ما جاء في المتفق عليه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث )، فقالوا: لولا أن الذبح ينتهي باليوم الثالث لم ينه عن ادخار اللحم؛ لأنه لا يعقل أن ينهاهم عن الادخار في اليوم الذي يذبحون فيه وإنما نهاهم عن الادخار فوق ثلاث ليال أو فوق ثلاثة أيام، فدل على أن الذبح يكون ثلاثة أيام فقط، والقول الثاني: وهو الراجح من مذهب الحنابلة وغيرهم أن الذبح يكون في أيام التشريق كلها وهي يوم العيد وثلاثة أيام بعده؛ لأنها كلها أيام أكل وشرب كما قال صلى الله عليه وسلم: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى ) وهي أيام نسك، وحكمها واحد على ما هو الراجح.
وأما ما يتعلق بحديث أنه نهاهم، فإن هذا النهي كان خاصاً، كما جاء في الحديث الآخر قال: ( من أجل الدافة ) يعني: قوم دفوا لهم أصوات جاءوا وكانوا عراة حفاة مجتابي العباء متقلدي السيوف بسبب شدة الفقر والحاجة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج اللحوم لهم ليأكلوا منها، والمقصود: (فوق ثلاث) قد يكون فوق ثلاث من وقت ذبحهم، فمن ذبح في اليوم الثاني ادخر ثلاثة أيام، ومن ذبح في اليوم الثالث وهكذا وليس المقصود ثلاثة أيام بعد العيد.
القول الأول ما ذكره المصنف: وهو أن الهدي والأضحية يتعين بأن يقول: هذا هدي أو هذه أضحية، فإذا عينها وحددها أصبحت أضحية وهدياً لا يجوز له أن يتصرف فيها.
وهذا القول هو مذهب الحنابلة والشافعية.
القول الثاني: وهو قول مالك وأبي حنيفة واختاره الإمام ابن تيمية، قالوا: تتعين بالنية والشراء، فإذا اشتراها وقد نواها هدياً أو اشتراها وقد نواها أضحية تعينت ولم يجز له أن يتصرف فيها.
القول الثالث لـابن حزم وهو: أنها لا تتعين إلا بأن يذبحها، فإذا ذبحها هدياً أو أضحية تعينت بعد ذلك، أما قبل هذا فلا تتعين عنده، والأقرب والله أعلم أنها تتعين بالنية والشراء فيما يتعلق بالأضحية، وهكذا ما يتعلق بالهدي.
قال: [وإشعاره وتقليده مع النية ] فإذا فعل ذلك أصبح هدياً وتعين بحيث لا يجوز له أن يتصرف فيه.
ومما استدل به المؤلف وغيره على هذه السنة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر أنه قال: ( يطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق بالثلث )، فجعلها أثلاثاً: ثلثاً هدية، وثلثاً صدقة، وثلثاً يدخره ويأكله هو وأهل بيته، وهذا الحديث جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، وهو حديث ضعيف جداً على حسب ما في المحلى لـابن حزم، فإنه ذكره بإسناد شديد الضعف، ولهذا لا يصح في تقسيم الهدي والأضاحي شيء وإنما نقول: الأمر فيها على الإطلاق، فإن من السنة أن يأكل منها، كما قال الله سبحانه وتعالى: فَكُلُوا مِنْهَا [الحج:36]، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أمر من كل بدنة بقطعة فطبخت في قدر وأكل منها، ولا يلزم أن يكون أكل من كل البدن، وهذا معلوم باليقين، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم.
فنقول: يسن أن يأكل منها وأن يهدي وأن يتصدق، لكن ليس في ذلك حد محدود، بل هذا رجعي للإنسان، قد يكون ما يأكل أكثر، وقد يكون ما يتصدق أكثر، وقد يكون ما يهدي أكثر بحسب الحال.
قال: [ فأما الهدي إن كان تطوعاً فإنه يستحب له الأكل منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جزور ببضعة فطبخت وأكل من لحمها ]، كما ذكرناه سابقاً في حديث جابر وهكذا لو كان غير تطوع، فإن الصحيح أنه يأكل منه أيضاً، ولكن المصنف قال: [ ولا يأكل من واجب من هدي -يعني: واجب- إلا هدي التمتع والقران ] فهو واجب ومع ذلك يأكل منه؛ [لأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن متمتعات ] وقد جيء لهن باللحم كما ذكرنا قبل قليل، وقيل: ( ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر )، [وهو دم نسك فجاز الأكل منه كالأضحية]، لكن الواجب وغيرها يعني: الكفارات في الحج سواء بترك واجب أو فعل محظور عند من يقول به، فإن المصنف يقول: [ لا يجوز الأكل منه ]، وهناك رواية أخرى في المذهب أن له الأكل من الجميع إلا أن يكون منذوراً أو جزاء صيد، وأقول: حتى المنذور يجوز له الأكل منه إلا إذا نوى بالنذر ألا يأكل منه ونواه منذوراً للفقراء أو غيرهم فينبغي أن يصرفه لهم.
فهذه أحاديث كثيرة جداً ذكرها العلماء تدل على استحباب العقيقة، وأنها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، وفي بعض الأحاديث قال: ( ولا يضرك ذكر كانت أم أنثى ) يعني: إشارة إلى أن هذا لا تعلق له بتخصيص الذكر أو كراهية الأنثى أو شيء من هذا القبيل ولكنها السنة.
قال: [ فإن فات يوم سابع ففي أربعة عشر، فإن فات ففي أحدٍ وعشرين ]، وهذا كما ذكرت أنه ليس بقوي.
الجواب: أولاً: لا يجب؛ لأن العقيقة كما ذكرنا سنة على القول الراجح، ولكن حتى الذين يقولون بسنيتها يقولون: إن السنة على الأب عن ولده، أما إذا كبر الولد فلا يستحب له أن يعق عن نفسه وهذا قوي.
الجواب: ذكرنا الصدقة وأنه ليس بواجب أصلاً، وإنما هو سنة عند من يصحح الحديث، وحديث سمرة معروف أنه من رواية الحسن عن سمرة والترمذي رحمه الله ذكره وذكر اختلاف العلماء في رواية الحسن عن سمرة، وأقول: إن الأقرب أنه لم يرو عنه، فيكون في الحديث انقطاع.
الجواب: هذا بحسب نيته، إن نواها للفقراء فلا يجوز له أن يأكل منها، وإن لم ينوها جاز له ذلك، حتى لو نوى أن يجمع عليها قرابته أو أن يجعلها في بيته فإن هذا جائز.
الجواب: ينبغي عليك أن تحرص على أخذ التصريح إلا إذا كنت لا تستطيع ذلك، وقد ذكرنا قبل الصلاة إن لم يكن معك تصريح فعليك أن تستثني وأن تشترط بحيث لو منعت منه تحل من إحرامك، وأما بالنسبة للإحرام فإن الإنسان يحرم بالعمرة ويعتمر ثم يحل منها ويحرم بالحج في يوم التروية وهو الثامن كما ذكرناه تفصيلاً فيما سبق، أما إن كان نوى الإحرام بالحج مفرداً فإنه يحرم من الميقات حتى لو ذهب في اليوم الأول، فإنه يحرم ويظل على إحرامه إلى أن يحل منه.
الجواب: أسأل الله تعالى أن يدلك على ما هو الخير والرشد لك في دينك ودنياك، فإذا استخار الإنسان وسأل الله تعالى وصلى فإنه يأخذ بما يغلب على ظنه ويميل إليه قلبه.
الجواب: لا. المقصود من أراد أن يضحي، يعني: الأب الذي سوف يدفع ثمن الأضحية، أما بقية أهل البيت فليس هذا من شأنهم، وكذلك من كان وكيلاً عن غيره فليس عليه حرج أن يأخذ من شعره أو ظفره، من كان وكيلاً عن غيره وليس في نيته أن يضحي، ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيراً من الناس تعودوا أن تكون الأضحية خصوصاً في مجتمعنا هي عن الأموات، والصواب: أن الأضحية عن الأموات وعن الأحياء، والرسول صلى الله عليه وسلم ضحى عمن لم يضح من أمته، وهذا قد يشمل أمواتهم وأحياءهم ممن لم يولدوا بعد وهم أموات كُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [البقرة:28]، ولكنه ضحى عن نفسه وأهل بيته، فنقول: السنة أن الإنسان يضحي عن نفسه وعن أهل بيته، فإن وجد سعة فضحى عن والديه أو أجداده أو غير ذلك فلا بأس بهذا، ولو كان هناك وصية، فإن كثيراً من الأموات يوصون بأضحية، فإنه ينبغي بل يجب إنفاذ وصيتهم.
وبهذا نكون انتهينا من كتاب الحج.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر