هذا هو الباب الثاني: قال: [أركان الحج: الوقوف بـعرفة وطواف الزيارة].
أولاً: لابد أن نشير إشارة سريعة إلى الفرق بين الركن والشرط؛ لأنهما متشابهان من جهة أن لا تكون العبادة صحيحة إلا بهما، لكن هناك فرق بين الركن وبين الشرط، فالشرط قبل العبادة، والركن في ماهيتها، في ضمنها، ولهذا نقول مثلاً للصلاة: الطهارة شرط للصلاة، لكن السجود ركن فيها؛ لأنه داخل في ماهيتها، وهكذا مثلاً النية، واستقبال القبلة وغير ذلك، فهذه شروط وتلك أركان، هذا هو الفرق بين الركن وبين الشرط.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الحج عرفة )، وقد رواه الخمسة وسنده جيد، فهو دليل على أن الوقوف بـعرفة هو أعظم أركان الحج، وأنه لا يصح الحج إلا به، ولهذا من فاته الوقوف بـعرفة فقد فاته الحج
وكذلك ما رواه الخمسة أيضاً بسند جيد عن عروة بن مضرس الطائي أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بـالمزدلفة فقال له: ( يا رسول الله! إني أتيتك من جبل طي، وقد أتعبت راحلتي، وأضنيت نفسي، ما تركت جبلاً إلا وقفت عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، وكان قد وقف قبل ذلك بـعرفة أية ساعة شاء من ليل أو نهار، فقد تم حجه وقضى تفثه ).
فدل هذا الحديث أيضاً على أن الوقوف بعرفة شرط لصحة الحج، وهذا كما ذكرت إجماع من أهل العلم لا خلاف فيه، ولهذا لا داعٍ للاستطراد به، وكلهم أجمعوا على أن الوقوف بـعرفة ركن في الحج.
هذا الطواف أيضاً هو ركن من أركان الحج، وقد فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر به وقال لـعائشة : ( غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري )، وقال عن صفية : ( أفحابستنا هي؟ )؛ لأنه كان سينتظرها للطواف، لو كانت لم تطف طواف الزيارة، طواف الحج، فلما علم أنها قد طافت قال: ( فلتنفر إذاً )، فدل هذا على أن طواف الزيارة ركن، وأنه لابد منه، وهذا أيضاً باتفاق العلماء.
أما إن أريد بالإحرام معنى آخر، فهذا له تفصيل، مثلما لو أراد بالإحرام الامتناع عن المحظورات، فهذا قد يدخل في الوجوب، أو أراد بالإحرام معنى خاصاً من المحظورات، مثل: لبس ثياب الإحرام وخلع المخيط، هذا نوع من المحظورات، ففي الحالة هذه له حكم آخر كما ذكرنا.
المقصود: أن الإحرام -وهو نية الحج- أو الدخول في الحج أو في العمرة، هو ركن أو شرط، والخلاف في هذه المسألة يسير.
إذاً: أركان الحج ثلاثة.
فالوقوف بـعرفة إلى الليل ذكرناه بالأمس، وهو أنه ما يتعلق بأصل الوقوف بـعرفة، ما حكمه؟ ركن، هذا أصل الوقوف حتى قال الحنابلة وغيرهم من الفقهاء: لو مر بها وهو عابر، أو حتى لو كان في طيارة ومر بجوها عندهم لأجزأه ذلك واعتبر واقفاً، أو مر على سيارته ولم يقف أو يجلس ولو لحظة أو ومضة، فهذا تحقق له الوقوف، لكن الواجب متعلق بقوله: (إلى الليل)، وأن يدرك جزءاً من النهار وجزءاً من الليل بـعرفة، فهذا عندهم واجب، وقد ذكرنا تفصيله أمس، وذكرنا خمسة أقوال، نذكرها باختصار:
القول الأول: أن هذا ركن، وهو قول مالك، يقول: لو خرج من عرفة قبل الليل فسد حجه.
القول الثاني: أنه واجب وعليه دم.
القول الثالث: أنه واجب وليس عليه دم.
القول الرابع: أنه يعذر بالخروج أصحاب الحاجة والعذر.
القول الخامس: أنه سنة، وليس بواجب، هذه خمسة أقوال، وقد ذكرنا أدلتها بالأمس.
هذا ما يتعلق بأمر الوقوف بعرفة .
المؤلف عبر بالمبيت؛ لأنه قيده إلى نصف الليل، والفقهاء بعضهم يستخدم لفظ المبيت، وبعضهم يستخدم لفظ الوقوف بـمزدلفة، ويقصدون بذلك أن يفرقوا به بين الوقوف وبين المبيت، بعضهم يرون الوقوف بـمزدلفة واجباً، مثلما يقف بـعرفة، حتى لو مر بها عندهم لكان قد وقف وأدى الواجب، ويرون ما زاد على ذلك أنه مستحب، وهذا مذهب الأكثرين.
وأما المبيت فهو أن يبقى بها إلى نصف الليل، أو يبقى بها إلى أكثر الليل، فالمبيت إذاً: أضيق من الوقوف.
وفيما يتعلق بالمبيت أو قل: بالوقوف بمزدلفة فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: ما ذكره المصنف أنه واجب، وهذا مذهب عطاء، والزهري، وقتادة، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبي حنيفة، يرون أن عليه أن يقف بـمزدلفة ولو قليلاً، وحجتهم في ذلك: فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقوله: ( خذوا عني مناسككم ).
وكذلك قول الله سبحانه وتعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198]، وإذن النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه وللضعفة من أصحابه بالدفع قبل نصف الليل، كل هذه من الأدلة على الوجوب.
القول الثاني: أنه ركن لا يصح الحج إلا به، فمن لم يبت أو لم يقف بـمزدلفة فسد حجه عندهم، وهذا منقول عن خمسة من أئمة التابعين واختاره من الشافعية الإمام ابن خزيمة ولا أعلم عليه دليلاً، ورد في هذا حديث ولكنه ضعيف جداً.
القول الثالث: أن الوقوف بـمزدلفة سنة، وهي رواية عن الإمام أحمد .
و لعل القول الأول بالوجوب هو أعدل الأقوال وأوسطها وأصحها دليلاً.
إذاً: القول الأول: أن السعي ركن عند هؤلاء، وهو رواية عن الإمام أحمد .
ومن أدلتهم على ذلك: القرآن الكريم في قوله تعالى: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]، وقد قالت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري لما سألها عروة قالت: [ ولعمري ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته إذا لم يطف بين الصفا والمروة ]، وقالت: [ إن الله سبحانه وتعالى قال: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ [البقرة:158]؛ لرفع الحرج الذي كان يعتقده الأنصار ]؛ لأنهم كانوا يطوفون به في الجاهلية ويطوفون لمناة وهو صنم من أصنامهم، فتحرجوا بعد الإسلام، فأذن الله لهم بذلك وبين أنه من مناسك الحج، ولهذا قال: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]، فقالوا: لو لم تكن واجبة، لم يقل عنها: إنها من شعائر الله سبحانه وتعالى، وهذا هو القول الأول.
وفي حديث: ( إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا ) رواه أحمد وغيره، وسنده ضعيف .
القول الثاني: أبو حنيفة، وأحمد في روايته الأخرى التي ذكرها المصنف قالوا: إن السعي بين الصفا والمروة في الحج واجب، وليس بركن، واستدلوا بحديث: ( اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي )، كما ذكرنا، واستدلوا أيضاً بالآية الكريمة، وقالوا: إن الآية دلت على الوجوب، لكن من أين أخذتم الركنية للسعي منها؟
وهناك قول ثالث في السعي وهو: أنه سنة أو تطوع، وهذا جاء عن جماعة من الصحابة كـابن مسعود وابن عباس، وأبي بن كعب، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وابن سيرين وغيرهم، قالوا: إنه تطوع.
وأيضاً نقول: لعل القول الأوسط بأن السعي واجب -وهو ما ذكره المصنف في الحج- هو أعدل الأقوال وأوسطها وأصحها دليلاً.
وكذلك استدلوا بما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لا يبيتن أحد من وراء العقبة)، وهذا صحيح عن عمر وكان يبعث رجالاً ينظرون من شذ من الحاج خارج منى، فيأمرونهم بالرجوع إليها.
فهذه أدلة من قالوا بوجوب المبيت بمنى، وكذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله: ( خذوا عني مناسككم )، ولكن ليس في المبيت بـمنى نص خاص، ولا أمر مباشر من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا كانت أدلتها ليست في قوة أدلة المبيت بـمزدلفة، والإمام أحمد خفف في المبيت بـمنى، ورأى أنه ليس عليه دم، حتى إنه نقل له عن إبراهيم أنه يقول: عليه دم فضحك، وقال: الدم شديد، يعني: ألزمه بدم أمر صعب، وقال في بعض الآثار: [ يتصدق أو يطعم ].
إذاً: هذا ما يتعلق بالمبيت، أنه قيل بوجوبه وهذه أدلتهم.
وقيل: إن المبيت بمنى سنة وليس بواجب، وهذه رواية أخرى معروفة أيضاً عن الإمام أحمد وهو مروي عن ابن عباس والحسن البصري، وقد سئل الإمام أحمد كما ذكرت لكم عمن ترك المبيت، فقال: لا شيء عليه، وقد أساء. يعني: لم ير عليه دماً، وهذا أيضاً -القول بالسنية- هو قول أصحاب الرأي، وهو قول الحنفية.
ما هي الأدلة على وجوب رمي الجمرات؟
يبدو لي -والله أعلم- أن من الأدلة قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس لما قال: ( القط لي حصى، ثم قال: بمثل هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو! ) والحديث صحيح.
فهذا دليل على الوجوب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالرمي وحدد جنس ما يرمى به، وهي: الحجارة الصغار، وكذلك الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( رميت بعدما أمسيت، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارم ولا حرج )، فأمره بالرمي، فدل على أن الرمي أيضاً واجب، وهكذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقال: ( خذوا عني مناسككم )، هذا هو مذهب الجماهير وحكي إجماعاً.
هناك قول عند المالكية والذي يظهر لي أنه ضعيف عندهم: أن الرمي سنة، وهذا حكاه ابن جرير الطبري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [ إن الرمي إنما شرع حفظاً للتكبير في أيام التشريق، فإن ترك الرمي وكبر أجزأه ذلك]، ولكن هذا القول -كما ذكرت- قول ضعيف جداً، فإن الراجح أن رمي الجمرات واجب على الحاج.
ومن هنا اختلف العلماء في مسألة: هل الحلق نسك؟ أم الحلق تحلل وليس بنسك؟ أو كما يقولون: استباحة محظور، فالجمهور على أن الحلق نسك؛ لأنه مأمور به، ومنهي عنه حال الإحرام، وجاء النص به في القرآن، وجاء النص به في السنة، فقالوا: الحلق نسك، وهذا المذهب هو الصحيح عند الشافعية، وهو الصحيح أيضاً عند الحنابلة، بما يعني أن عند الشافعية والحنابلة قول آخر بخلاف ذلك، وهو قول أبي حنيفة ومالك أن الحلق ليس نسكاً.
إذاً: هذا مذهب الجمهور، وإذا كان الحلق نسكاً، وهذا هو الصحيح أن الحلق نسك، فهنا يقع اختلاف: ما حكم الحلق، هل هو ركن، أم واجب؟ هذا فيه خلاف أيضاً، الشافعية يرونه ركناً على الصحيح عندهم، والجمهور يرونه واجباً وهو الصحيح أن الحلق واجب وليس بركن، وأنه نسك أيضاً وليس باستباحة محظور.
القول الثاني في الحلق: أنه ليس بنسك، وإنما هو استباحة محظور، وعلى هذا ليس عليه ثواب ولا هو بنسك، وهذا هو أحد قولي الشافعي كما ذكرت.
وقال بعضهم: إن الشافعي انفرد بهذا القول، ولكن الصواب أن الشافعي لم ينفرد به، فإن عند الحنابلة قولاً نظير هذا أنهم قالوا: إن الحلق استباحة محظور، وليس بنسك، وهو قول عطاء، وأبي ثور، وأبي يوسف، وأدلة ما اخترناه من أن الحلق نسك، وأنه واجب واضحة مما ذكرنا من القرآن الكريم الآيتين، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله، ودعائه للمحلقين ثم للمقصرين.
وطواف الوداع واجب عند الحنابلة والحنفية، وهو قول للشافعي أيضاً أنه واجب، والدليل على وجوبه: حديث ابن عباس : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت )، وكذلك اللفظ الآخر: ( أن الناس كانوا ينفرون من كل وجه )، أما الإمام مالك فكان لا يرى طواف الوداع واجباً، ولكنه يكره تركه، وهو أيضاً قول الشافعي .
ومما استدلوا به على عدم الوجوب تخفيفه عن الحائض والنفساء، فقالوا: هذا دليل على أنه ليس بواجب، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة في قصة صفية لما قالوا: إنها قد حاضت، ثم أخبروه أنها قد أفاضت وطافت بالبيت طواف الحج، قال: ( فلتنفر إذاً )، ولم يلزمها بطواف الوداع، فقالوا: هذا دليل على أن طواف الوداع ليس بواجب، والواقع أن هذا الاستدلال ليس بقوي؛ لأننا نقول: إن الرخصة للحائض والنفساء في بعض العبادات أمر معهود للشارع، فإن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، فلا يصح منها الصوم لو صامت، وكذلك الصلاة لا تصح منها ولا قضاء عليها، فكذلك وجد في لسان الشرع أنه خفف عن الحائض طواف الوداع؛ لئلا تحبس أهلها خصوصاً أن هذا قد يقع كثيراً لبعض النساء في آخر حجها، فيترتب على تأخيرها حرج ومشقة عليها وعلى من معها، فكان هذا مناسباً للرخصة.
ولهذا فإن الأقرب أن طواف الوداع واجب. والله أعلم.
قال: [وواجباتها]، أي: واجبات العمرة، الإحرام، ومقصوده هنا: الإحرام من الميقات، أو مقصوده بالإحرام هنا: ترك المحظورات كلبس الثياب ونحوها.
قال: [والسعي] يعني: أنه واجب في العمرة، وقد نُقل أنه ركن عند ابن عقيل من الحنابلة خلافاً لجمهورهم، فإن جمهور الحنابلة يرون أن السعي للعمرة واجب وليس بركن، وفيه قول ثالث بالاستحباب كما ذكرناه قبل قليل.
[والحلق] يعني أو التقصير على الخلاف الذي ذكرناه في أمر الحج أيضاً.
فنقول: بالنسبة لمن ترك واجباً إن استطاع أن يستدركه فعليه أن يستدركه، مثلما لو ترك الرمي ثم رمى أو ترك الحلق ثم حلق، فإن لم يستدرك الواجب، فإنه يجبره بدم، وهذا مذهب الجمهور وقد سبق ما فيه.
طيب! من فاته الحج ماذا يصنع؟ قال: [يتحلل بطواف وسعي]، ولم يقل: بعمرة؛ لأن بعضهم يقولون: هذه ليست بعمرة، وإنما هي أفعال العمرة يتحلل بها، وإلا هو قد يكون اعتمر أصلاً، لكن يتحلل بطواف وسعي.
قال: [وينحر هدياً إن كان معه] هدي، قال: [وعليه القضاء]، وهذا مذهب الأكثرين من الحنابلة وغيرهم أنه يقضي من قابل، وهذا جاء عن عمر وعن ابن عباس وعن ابن عمر وغيرهم، ولكن هناك رواية أخرى عن ابن عباس أنه قال: [ ليس عليه الحج من قابل ]، وهذه رواية ذكرها البخاري في صحيحه تعليقاً، وهي أيضاً رواية عن الإمام أحمد أنه ليس عليه حج.
ولهذا نقول: الأقرب -والله أعلم- والأصح دليلاً: أنه إن كان الحج واجباً عليه كأن يكون حج الفريضة، أو يكون حجة منذورة، أو يكون حجاً عن غيره فعليه أن يقضيه، وهذا ربما باتفاق العلماء ليس فيه خلاف، أما إن كانت الحجة نافلة فإنه يتحلل ويستحب له أن يقضيها وليس عليه في ذلك قضاء.
ولهذا ابن تيمية رحمه الله قال: إنه يكون عرفة ظاهراً وباطناً، والرسول صلى الله عليه وسلم روى الترمذي وغيره عنه أنه قال: ( الحج يوم تحجون، والأضحى يوم تضحون، والفطر يوم تفطرون )، وهكذا نقول: إنما أطبق الناس وأجمعوا عليه واتفقوا عليه، فهو مقصود الشارع ومراده، وإن كان في نظر البعض غير مطابق أو موافق للحقيقة، فإن وقفوا أجزأهم ذلك لكن لو وقفوا اليوم الثامن ثم تبين لهم عرفة، فهنا هل يقفون اليوم التاسع أو لا يقفون؟ في ذلك خلاف نص جماعة من الفقهاء على أنهم يستدركون الوقوف ويقفون في اليوم التاسع، وذهب بعضهم إلى أن هذا ليس بمشروع، وأن وقوفهم ما داموا أطبقوا وأجمعوا عليه أنه يجزئهم.
قال: [وإن فعل ذلك نفر منهم فقد فاتهم الحج]، هذا هو المذهب وعليه جمهور العلماء، يعني: نفر من الناس فئة قليلة من الناس أخطئوا فوقفوا في اليوم الثامن أو وقفوا في العاشر، لاشك أن عليهم إن كان في الثامن أن يقفوا مع الناس في اليوم التاسع، وإن كانوا أخروا الوقوف ولم يقفوا إلا في اليوم العاشر فقد فاتهم الحج وعليهم ما سبق.
يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الطهر والكرم
... إلى آخر ما ذكر.
وأيضاً هذه القصة ذكرها ابن كثير في تفسيره واستغرب الكثيرون هذه القصة وإيرادها، وعلى كل حال: فإن مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن كان مقيماً في المدينة أو كان آتياً للمدينة وزار القبر فإن زيارة القبر مشروعة. -قبور الناس كلهم- قال: ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) الحديث في مسلم .
وقبر النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص وكان ابن عمر وغيره من الصحابة يأتون، فيقولون: السلام عليك يا رسول الله! السلام عليك يا أبا بكر ! السلام عليك يا عمر ! لكن شد الرحل لزيارة القبر هذا الذي ذكره المصنف وذكره معظم المصنفين في المناسك والفقهاء، وقد استنكره الإمام ابن تيمية رحمه الله، وصنف فيه مصنفاً، وثارت فيه قضية في عهده مشهورة، وصار في منازعات بينه وبين السبكي وغيرهم.
فـابن تيمية رحمه الله قال: إن الأحاديث الواردة في الباب كلها موضوعة، مثل: ( من حج ولم يزرني فقد جفاني )، وغير ذلك من الأحاديث، وقال: إنها ليست واجبة بإجماع المسلمين.
ويقول ابن تيمية رحمه الله: الذي عليه الأئمة وأكثر العلماء: إنه غير مشروع ولا مأمور به، وقد أطال النفس في هذه المسألة بالمصنفات المعروفة التي يمكن الرجوع إليها.
لكن نقول: إن شد الرحل يستحب أن يكون لزيارة المسجد النبوي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه الفضيلة، وقال كما في الحديث المتفق عليه: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى )، فهذا دليل على عدم مشروعية شد الرحال إلى البقاع الأخرى وغيرها بنية التعبد لله عز وجل.
هذا معظم ما ذكره المصنف في هذين البابين.
الجواب: الذي يظهر لي نعم. أن الحلق بالصفر يعتبر مثل الحلق بالموسى.
الجواب: سبق أن ذكرنا هذه المسألة وبحثناها وذكرنا أقوال العلماء فيها.
الجواب: نقول: قد أساء وليس عليه شيء.
الجواب: من لم يجد مبيتاً فليس عليه شيء: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
الجواب: بالنسبة للحية هي من شعار أهل الإيمان، وقد جاء فيها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر وأبي هريرة في الأمر بإعفاء اللحية وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وجميع أصحابه، بل اعتبر حلق اللحية مثلةً، وذكر غير واحد إجماع العلماء على وجوب إعفائها، وليس في المسألة إلا خلاف ضعيف لبعض الشافعية في ذلك.
ولكن نحن نقول: نعم. حلق اللحية ليس من نواقض الإيمان، ولا يخرج بالإنسان من الإسلام، وليس من الكبائر التي يصبح صاحبها فاسقاً، ولكنها معصية كما ذكرنا، وهي من سيماء أهل الإيمان وعلى الإنسان أن يطيع الله ورسوله، وأن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في مظهره ومخبره، وحلق اللحية في الغالب أنه من الأشياء المستوردة عن الأعاجم وغيرهم.
الجواب: الدليل هو ما ذكرنا من آثار عن عمر رضي الله عنه وابن عمر وابن عباس وغيرهم أنهم قالوا: عليه هدي.
الجواب: أما إن كان حج فريضة فلا بأس أن يحتال لذلك بما وسع الله به عليه، وأما إن كان الحج نافلة وشق عليه فلا أرى له أن يتشجم مثل هذه الأشياء، لكن لو صمم وذهب للحج، فعليه أن يشترط بحيث إن رد بسبب عدم وجود التصريح، فإنه يحل من إحرامه.
الجواب: كل أيام العشر مكان للأعمال الصالحة، وفي حديث ابن عباس في صحيح البخاري : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه العشر )، فمن الأعمال المشروعة الأضاحي، ومنها الحج، ومنها العمرة، ومنها التهليل والتكبير، والتكبير من العلماء من يقول: فيه مطلق وفيه مقيد على ما هو معروف، وقد سبق أن ذكرناه في مناسبة خاصة، وكذلك بعضهم ذكروا الصوم، وإن كان لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صام إلا يوم عرفة، وهو بالاتفاق مشروع لغير الحاج، أما للحاج فيكره له صيام يوم عرفة، إلا أن يكون يصومه لأنه لم يجد الهدي، ولكن صيام أيام العشر طيب، وهو من العمل الصالح باستثناء يوم العيد على ما هو معروف.
الجواب: الأقرب والأصوب: أنه لا يشرع الرمل إلا في طواف القدوم، وهذا الطواف الذي ذكرته لا يسمى طواف قدوم، وبالمناسبة: لو أن إنساناً أخر طواف الحج وجعله للوداع والحج، فإنه يجزئه ذلك ولا يضره أن يسعى بعده.
الجواب: الله أعلم، الله أعلم الجمهور يرون الرمل على الجميع.
الجواب: تكون صيغة التلبية يقول: لبيك عن أبي، لبيك عن والدي.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر