الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وعندنا في هذا اليوم إن شاء الله تعالى الدرس الأخير من دروس الصيام، وبإنجازه نكون قد أنجزنا كتاب الصيام كاملاً ولله الحمد والمنة، وكتاب الطهارة والحج سبق إنجازه، وكتاب الحج والعمرة سبق في العام الماضي أن أخذنا أكثره وبقي أقله، فنسأل الله أن يعين على إتمامه، وبذلك ننجز القسم المتعلق بالعبادات كاملاً إن شاء الله تعالى.
اليوم عندنا: باب الاعتكاف.
تركنا الخيل عاكفة عليه مقلِّدة أعنتها صفوناً
فالاعتكاف يدل على الملازمة والمواظبة والحبس والمنع على الشيء أو عن الشيء.
وقد جاء في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، مثل قوله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] وسوف يأتي، ومثل قوله: يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ [الأعراف:138] أي: حبسوا أنفسهم عليها، ومثل قوله تعالى: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ [الأنبياء:52].. إلى غير ذلك.
ومن الملاحظ أن مادة العكف والعكوف تأتي بعدة صيغ في اللغة العربية:
فتأتي لازمة، أي: غير متعدية، تقول: عكف في المكان، يعني: أقام فيه وأطال اللبث فيه، أو عكف أو اعتكف، اعتكف في المسجد، يعني: مكث فيه وأطال البقاء.
وتأتي معداة بـ(على) تقول: عكف على الشيء، مثل لو أعطيته كتاباً ليقرأه، فتقول: عكف على الكتاب، يعني: خصَّص وقته وأطال المكث لقراءة هذا الكتاب.
وتأتي معداة بالباء، تقول: عكف به، عكف بالشيء.
وتأتي معداة بعن، عكف عن الشيء، يعني: امتنع منه.
وتأتي أيضاً متعدية بنفسها، فتقول: عكف الخيل، يعني: منعها، ومنه قوله تعالى: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا [الفتح:25] أي: ممنوعاً، فتقول: عكف الهدي عن المسجد الحرام.
فألفاظ الفقهاء تدور على هذا المعنى، وهو المكث في المسجد بنية، فاللزوم هو المكث، والمقصود بالطاعة: أن يكون عمله هذا بنية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى والعبادة، فلا يدخل فيه ما لو عكف في المسجد لغير نية، مثل: أن يُحبس في المسجد كما أُسر وحبس ثمامة بن أثال -وكان مشركاً- في المسجد أو غير ذلك مما لا يكون فيه قصداً ولا نية، وهذا التعريف الذي ذكره المصنف هو ما يدور عليه غالب قولهم.
وأيضاً من معانيه: الجوار، وهو يسمى شرعاً بالجوار، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: ( وهو مجاور في المسجد )، وكما في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كنت أجاور في العشر الأواخر من رمضان ) أي: كنت أعتكف، وإن كان الغالب أن لفظ (الجوار) يُطلق على نوع من الاعتكاف وهو المجاورة في المسجد الحرام، فهذا غالب ما يُطلق، وكذلك الرباط غالب ما يُطلق على لزوم الثغور لمحاربة الأعداء، لكن يشمل هذا المعنى وذاك.
وفيه إيحاء وإيماء إلى المعنى الآخر: وهو أنك إذا فرَّغت في رمضان في السنة: عشرة أيام أو أقل أو أكثر للتفرغ للعبادة وذكر الله تعالى واستغفاره وقراءة القرآن والانقطاع عن الناس، فمعنى ذلك: أن الإنسان في بقية وقته منشغل بالاختلاط بالناس وتوجيههم وإرشادهم وإفادتهم والاستفادة منهم؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى قال لرسوله عليه الصلاة والسلام: إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا [المزمل:7]، فالإنسان مأمور بهذا ومأمور بهذا، ولابد له من كل منهما، فهذا من معنى الاعتكاف ومن حكمته.
أما كونه سنة فهو محل إجماع من أهل العلم كما ذكره ابن المنذر وغيره.
والدليل على سنيته:
أولاً: الآية الكريمة وهي قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، فهذا دليل على مشروعية الاعتكاف في المساجد.
وكذلك قوله تعالى: طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة:125]، هذا في أي سورة؟ في البقرة، وفي سورة الحج: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [الحج:26]، قد يكون معنى القيام: الاعتكاف، فهذا دليل على مشروعيته، وأن الله سبحانه وتعالى جعل المساجد للصلاة وللاعتكاف، وأيضاً دليل على أن الله تعالى قرن الاعتكاف بالطواف وقرنه بالصلاة، فدل على مشروعيته واستحبابه.
وكذلك من السنة: فإن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتكف، كما في الصحيحين من حديث عمر وأبي سعيد وعائشة .. وغيرهم، وكذلك اعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، واعتكف الصحابة رضي الله عنهم، وقال عمر للرسول صلى الله عليه وسلم: أنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام أو يوماً أو يوماً وليلة -كما في البخاري - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( أوف بنذرك )، والأحاديث في مشروعية الاعتكاف أكثر من أن تُحصر في هذا المقام.
إذاً: هو سنة بالاتفاق، لكن قدر السنية هذا محل اختلاف، فعند الحنفية والشافعية أنه سنة مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان، أما عند الحنابلة فإنهم يطلقون السنية ولا يؤكدونها.
القسم الأول: الاعتكاف المندوب أو المسنون، وهو ما ليس بواجب.
القسم الثاني: الاعتكاف الواجب.
والاعتكاف الواجب يدخل فيه شيئان:
أولاً: النذر، فإذا نذر أن يعتكف، قلَّ أو كثر، قصر أو طال، فإنه يجب عليه الوفاء بالنذر، والدليل على وجوب الوفاء بالنذر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن عائشة : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )، وكذلك حديث عمر الذي ذكرناه وهو في البخاري : ( يا رسول الله! إني نذرت أن أعتكف يوماً أو ليلة، أو يوماً وليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك )، فهذا دليل على وجوب الوفاء بالنذر؛ لأنه ألزم نفسه بذلك، وقال الله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7].
القسم الثاني من الاعتكاف الواجب وإن كان ليس عند جميع الفقهاء لكن عند بعضهم، وهذا قد يُستفاد من الجلسة الماضية، فقد سبق أن ذكرنا في الجلسة الماضية لو أنه شَرع في صوم مسنون تطوع هل يجب عليه الاستمرار فيه أو لا يجب؟ وذكرنا في المسألة قولين، قول بأنه يجب عليه الاستمرار فيه، والقول الثاني: أنه لا يجب وهو المذهب؛ ولذلك المصنف قال في الدرس الماضي: [ الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ]، فكذلك نقول في الاعتكاف، فيه قولان: بعضهم يقول: إنه إذا شرع في الاعتكاف ولو كان مسنوناً فإنه يجب عليه إتمامه، فعلى هذا القول يكون الاعتكاف الواجب نوعين: الأول: المنذور، الثاني: إذا شرع فيه.
إذاً: من يصح منه الاعتكاف: المسلم، العاقل، البالغ أو المميز.
فنقول: هذا دليل على جواز الاعتكاف للمرأة، إلا إذا وجد ما يمنع من ذلك، مثلما قال بعض الفقهاء: المرأة الحسناء الجميلة الشابة إذا كان باعتكافها ضرر أو تعريض نفسها للفتنة فلا شك أن هذا يكون منهياً عنه بخصوصه، وإن كان هذا لا يعكِّر على أصل جواز الاعتكاف للمرأة مطلقاً.
ولكن نقول فيما يخص المرأة المتزوجة: لابد أن يقيد اعتكافها بإذن زوجها؛ لأن الاعتكاف يمنع الزوج من كمال الاستمتاع بها، وإذا كانت المرأة لا تصوم وبعلها شاهد إلا بإذنه -كما سبق- فالاعتكاف من باب أولى؛ ولذلك لا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، حتى نص الفقهاء أن المرأة لو اعتكفت بغير إذن زوجها فإنه يجوز له أن يمنعها من الاعتكاف ويخرجها من المعتكف.
قال المصنف: [ في كل مسجد غير مسجد بيتها ].
طبعاً المقصود بمسجد بيتها هو المسجد الخاص الذي تخصصه المرأة لتصلي فيه، وهو عادة يكون حجرة صغيرة، يعني: مكاناً صغيراً، ولا يُقصد بالحجرة: الغرفة، وإنما يُحجَّر بجدار قصير ويكون مخصصاً لصلاة المرأة، فهذا يُسمى مسجد البيت، فهل يجوز للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها هذا، أو لابد أن تعتكف في المسجد العام؟
كلام المصنف أنه لا يجوز لها أن تعتكف في مسجد البيت ولابد أن تعتكف في المسجد العام، وهذا هو قول الجمهور: أنها تعتكف في المسجد العام، يعني: في كل مسجد.
سؤال لو كان المسجد العام مهجوراً هل تعتكف فيه المرأة؟
المصنف يقول: [ في كل مسجد ] يعني: هو مسجد مبني، وقد يكون له إمام وقد يكون له مؤذن ومخصص للصلاة لكنه مهجور، هذا يصدق عليه أنه مسجد، هي لا تصلي، لأنها امرأة ليست مطالبة بالجماعة، وهذا هو الشاهد أنه يجوز للمرأة -على كلام المصنف- أنها تعتكف حتى لو كان المسجد مهجوراً أو لا يصلى فيه؛ لأنها غير مطالبة بصلاة الجماعة؛ فلهذا تعتكف في كل مسجد، سواء كان المسجد جامعاً أو غير جامع، وسواء كان مهجوراً أو غير مهجور.
أما مسجد بيتها فالجمهور على أنها لا تعتكف فيه؛ لأنه ليس بمسجد وإنما هو في الحقيقة مصلى هذا مذهب الجمهور؛ وذلك للآيات الكريمة: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، وَطَهِّرْ بَيْتِيَ [الحج:26]، وللأحاديث الواردة، ولاعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد واعتكاف أزواجه في المسجد، ولو كان الاعتكاف في البيت جائزاً وسائغاً لاعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في بيوتهن بدلاً من الخروج إلى المسجد، وقد روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه (أنه سئل: عن اعتكاف المرأة في بيتها؟ فقال: بدعة، وشر الأعمال عند الله تعالى البدع).
لكن في المسألة قول آخر: أنه يجوز للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو القول القديم للشافعي وإن أنكره بعض الشافعية؛ قالوا: لأن هذا المسجد الذي هو في بيتها هو محل صلاتها؛ ولأن بيت المرأة أفضل من المسجد بالنسبة لها في الصلاة، فكذلك هو بالنسبة للاعتكاف.
والقول الأول أرجح: أن المرأة لا تعتكف إلا في مسجد عام.
يعني: يصح من المرأة في كل مسجد كما قال المصنف، سواء كانت الجماعة تُقام فيه أو لا، والجمعة تقام فيه أو لا، أما بالنسبة للرجل فلا يَعتكف إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، وهذا فيه عدة نقاط:
النقطة الأولى: أن الاعتكاف لابد أن يكون في مسجد، وأرى أن الاقتصار على هذا أولى، أن نقول: الاعتكاف لابد أن يكون في مسجد:
أولاً: لأن هذا محل اتفاق عند جميع الفقهاء: أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، وَطَهِّرْ بَيْتِيَ [الحج:26].
ثانياً: للسنة النبوية، ولما جاء عن عائشة وعلي وابن عباس وغيرهم.. (أنه لا اعتكاف إلا في المسجد).
الجانب الآخر: أن ما زاد عن كلمة مسجد فإن عليه مؤاخذة وعليه اعتراض، فنحن نقول مثلاً: لابد أن يكون المسجد مما تُصلى فيه الجماعة، هذا صحيح، لكن لو كان هذا الإنسان ممن لا تجب عليه الجماعة ألا يصح الاعتكاف منه؟ مثل المعذور عن الجماعة، والمرأة كما ذكرنا، ومثل ما لو لم يوجد غيره، افترض إنساناً في قرية لا يوجد في القرية غيره وعنده مسجد، هذا المسجد ليس فيه جماعة ومع ذلك يصح فيه الاعتكاف.
إذاً: إذا قيَّدنا المسجد بأن تقام فيه الجماعة أبطلنا اعتكاف هؤلاء، مع أنه حتى الفقهاء الذين يشترطون أن يكون مسجد جماعة يستثنون مثل هذا، مثل: اعتكاف المرأة كما تلاحظون من كلام المصنف مثلاً، يستثنون ما لو لم تكن الجماعة واجبة في حقه.
إذاً: نحن نقول: يصح الاعتكاف في كل مسجد، لكن إن كان المعتكف ممن تجب عليه الجماعة فيجب عليه أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة؛ لأنه إن ترك الجماعة فقد فعل مسنوناً وترك واجباً، وإن خرج إلى الجماعة في كل وقت فإن هذا ينافي مقصود الاعتكاف، كونه سوف يخرج خمس مرات في اليوم على الأقل.
إذاً: مقصود المؤلف بقوله: [ في مسجد تقام فيه الجماعة ]، ليصلي المعتكف الجماعة في مسجده ولا يحتاج إلى الخروج أو يترك الجماعة.
والمقصود -أيضاً- بقوله: [ تقام فيه الصلاة ] يعني: وقت الاعتكاف، ولو كانت لا تقام قبله ولا تقام بعده، مثاله: نحن اعتكفنا في مسجد نقيم فيه الصلاة بجماعتنا، هل يصح الاعتكاف هنا أو لا يصح؟ يصح، حتى لو كان المسجد قبل الاعتكاف مهجوراً وبعد الاعتكاف مهجوراً فإن الصلاة قد أقيمت فيه، فصح الاعتكاف فيه؛ لأن من معاني الاعتكاف: انتظار الصلاة، كما جاء في حديث أبي هريرة : ( انتظار الصلاة بعد الصلاة ).
وفي المسألة قول آخر للمالكية والشافعية: وهو أنه يصح الاعتكاف في أي مسجد كان، سواء أقيمت الصلاة فيه أو لم تقم.
(واعتكافه) يعني: الرجل، (في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل) وهذا باتفاق الفقهاء؛ لئلا يحتاج إلى الخروج لصلاة الجمعة؛ لأنه إن اعتكف في مسجد غير جامع، فهو بين أمرين: إما أن يترك الجمعة وهذا ممنوع، أو يخرج إلى الجمعة وهذا هو المتعيَّن عليه، لكن إن كان المسجد مما تقام فيه صلاة الجمعة أصلاً فهو أفضل له باتفاق الفقهاء.
وهل يصح الاعتكاف في المسجد الجامع، يعني: غير المساجد الثلاثة؟
نقول: نعم؛ شبه اتفاق العلماء أنه يجوز الاعتكاف في المسجد الجامع حتى لو كان غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد المدينة، وقد جاء عن حذيفة رضي الله عنه عند عبد الرزاق وغيره ما يدل على أن حذيفة كان يرى: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)، وهذا الحديث أو الأثر صححه الألباني رحمه الله مرفوعاً، والصواب أنه موقوف من قول حذيفة فهو رأيه وليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمرفوع لا يصح على اختيار المحققين من المحدثين، فمذهب حذيفة أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، وخالفه في هذا حتى في الأثر نفسه خالفه ابن مسعود قال: (لعلهم علموا وجهلت، وحفظوا ونسيت).
فإذاً: هذا قول لـحذيفة رضي الله عنه لم يوافق عليه، وما عليه الصحابة والتابعون والأئمة المتبوعون وهو الصحيح وعليه ظاهر الآية الكريمة: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] لم يخصص مسجداً من المساجد، فكل ما صح أنه مسجد جاز الاعتكاف فيه بنص الآية، وأما هذا القول عن حذيفة فهو رأيه.
هذا الكلام المصنف رحمه الله أطال فيه وخلاصته: أننا وقد ذكرنا أن أفضل المساجد المسجد الحرام ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى ثم المسجد الجامع ثم المسجد غير الجامع، أن الإنسان إذا نذر صلاة أو اعتكافاً فيما هو الأفضل لم يجز له أن يفعلها فيما هو دونه، وإن نذر فيما هو دونه جاز له أن يفعل المنذور في الأفضل، فلو نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في مسجد مكة أو مسجد المدينة، ولو نذر الاعتكاف في مسجد المدينة جاز له الاعتكاف في مسجد مكة، ولو نذر الاعتكاف في مسجد تعين عليه؛ لأنه لا أفضل منه، ولو نذر الاعتكاف في مسجد جامع جاز له أن يعتكف في أي من هذه المساجد الثلاثة، طيب لو نذر الاعتكاف في الجامع الكبير هل يجوز له أن يعتكف في جامع الراجحي؟ نعم يجوز؛ لأنه لا فرق ولا معنى لتخصيص واحد من غيره، لكن لو نذر الاعتكاف في مسجد عادي فاعتكف في جامع كان هذا أفضل له، ولو نذر الاعتكاف في مسجد جامع لم يكن له أن يعتكف في مسجد غير جامع؛ لأنه انتقل من الأعلى إلى الأدنى، فهذا خلاصة ما ذكره المصنف رحمه الله.
القُرب: جمع قُربة، بفتح القاف أو بكسرها؟
بالكسر هي القِربة التي يوضع فيها الماء، وبالضم القُربة وهي ما يُتقرَّب به إلى الله تبارك وتعالى، والقُرَب التي ذكرها المصنف: [ يستحب الاشتغال بفعل القُرب ] تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: القُرب المحضة بينه وبين الله تعالى: كالصلاة، والاستغفار، والذكر، وقراءة القرآن، والتسبيح.. ونحو ذلك.
القسم الثاني: القُرب المتعدية: كتعليم القرآن الكريم، والتحديث، وتدريس العلم، والدعوة إلى الله تعالى، والنصح.. وما أشبه ذلك، وهذا داخل في عموم ما ذكره المصنف.
وإن كان كثير من الفقهاء ومنهم جمهور الحنابلة يرون أنه لا يستحب له الاشتغال بالثاني؛ لأن معنى الاعتكاف عندهم فيه نوع من التفرُّغ لتصفية النفس، والاشتغال بهذا مع الناس قد يفضي أحياناً إلى مفاخرة أو مباهاة أو جدل.. أو ما أشبه ذلك.
ولكن نقول: الأقرب والأرجح: أنه إن خلصت فيه النية فهو داخل في عموم القُرب، إن خلصت النية في التعليم، أو في تدريس القرآن، أو في التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو في المناظرة على خير، فهو داخل في عموم القُرب، أما إن دخله مفاخرة ومنافرة ومباهاة.. وما أشبه ذلك فإنه ليس مشروعاً لا في الاعتكاف ولا في غيره، لكن تتأكد كراهيته في حال الاعتكاف.
وكذلك اجتناب ما لا يعنيه من قول أو فعل فهو مأمور به في كل وقت؛ لحديث: ( من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، وقد رواه أبو داود وغيره موصولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والذي عليه جمهور المحدثين أن الحديث مرسل، فهو من حديث علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهذا ما رجحه الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخاري وابن رجب .. وغيرهم.
فالحديث مرسل والمرسل من أقسام الضعيف، لكن معناه صحيح وفي القرآن الكريم: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36].
قال: [ ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك ].
هذا فيه إشارة إلى مفسدات الاعتكاف ومبطلاته، وسوف أعرض لها بعد قليل.
لا يخرج من المسجد؛ لأن الاعتكاف هو اللبث في المسجد، وحد الخروج هو خروج الإنسان ببدنه كله، فلو خرج بيده مثلاً لم يكن هذا خروجاً، أو خرج برأسه لم يكن هذا خروجاً، والدليل على ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُخرج إليها رأسه وهو معتكف ترجله فترجِّله )، أو كذلك قال: ( ناوليني الخمرة ) في الحديث الآخر وهو في البخاري أيضاً، فهذا دليل أن خروج اليد أو خروج الرأس لا يعد خروجاً، وإنما المقصود بالخروج خروج البدن كله.
وقوله: (من المسجد)، أيضاً: حد المسجد هذا يحتاج إلى بيان، والأقرب أنه ما كان داخل السور الذي له باب فهو من المسجد، فما كان داخل هذا سواء كان فناءً أو بناء فهو من المسجد، والخروج لغير حاجة مبطل للاعتكاف عند جميع الفقهاء، كما أن الخروج لحاجة لا يبطل الاعتكاف عند جميع الفقهاء.
وهنا نقاط عابرة نمر عليها:
من ذلك الخروج لقضاء الحاجة للضرورة كالبول ونحوه فهذا بإجماع الفقهاء -كما ذكر ابن المنذر وغيره- أنه لا إشكال فيه.
الثاني: الخروج للوضوء والاغتسال الواجب، خصوصاً إذا لم يتمكن منه في المسجد من غير أذى ولا ضرر، فهذا بإجماعهم أيضاً أنه لا بأس به.
الثالث: الخروج للأكل والشرب، فإن كان يمكن إحضار الأكل والشرب له من غير ضرر وجب عليه وحرم عليه الخروج، أما إذا لم يجد من يأتيه بطعامه أو شرابه فإنه يخرج ولا يُخلُّ هذا باعتكافه.
الرابع: الخروج لغسل الجمعة وغسل العيد ونحوهما من الأغسال المستحبة، فهذا جائز عند المالكية خلافاً للجمهور، والأقرب أنه لا يخرج إلا على القول بوجوب الغسل.
الخامس: الخروج لصلاة الجمعة وهذا واجب كما أسلفنا، ويخرج حتى لو لم يشترطه.
السادس: الخروج لعيادة المريض وصلاة الجنازة، فهذا عند الجمهور أنه لا يخرج لذلك إلا إذا اشترطه، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: [ إن كنت لأدخل البيت والمريض فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارَّة ]، فهذا دليل على أنه لا يخرج لعيادة المريض ولا لاتباع الجنائز.
السابع: الخروج نسياناً، فلو أنه نسي وخرج من معتكفه فإنه لا يبطل اعتكافه عند الجمهور وهو الصحيح وهو مذهب الحنابلة والشافعية؛ لحديث: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ) وله طرق، وكذلك: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا [البقرة:286]، ولأن النسيان أيضاً في الصوم لا يفسد فكذلك في الاعتكاف.
الثامن: الخروج للمرض، والمرض نوعان: مرض يسير، مثل: الصداع اليسير أو الحمى اليسيرة فهذا لا يخرج بالاتفاق، أما المرض الشديد الذي يحتاج الإنسان معه إلى الخروج فإنه لا يبطل على الصحيح، ومعنى أنه لا يبطل: أنه يستمر في اعتكافه، حتى مع خروجه ويبني على ما مضى، وهذا مذهب الثلاثة: الحنابلة والشافعية والمالكية، مثل: كونه يذهب للمستشفى وقد ينام فيه بعض الوقت، أو يتناول مغذياً.. أو غيره ثم يعود إلى معتكفه ويبني على ما مضى.
فهذه أشياء تتعلق بالخروج.
هذه المباشرة تتعلق بموضوع مبطلات الاعتكاف التي ذكرها المصنف قبل قليل، قال: [ ولا يبطل الاعتكاف من شيء من ذلك ]، ولهذا نمر الآن على مفسدات الاعتكاف:
منها أولاً: الجماع باتفاق الفقهاء، فإنه لو جامع امرأته عامداً عالماً ذاكراً فسد اعتكافه، والدليل على ذلك قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، فهذا نص، لكن إن نسي فالأمر كما سبق في حال الصيام: أنه لو كان ناسياً فاعتكافه صحيح وماضٍ ولا شيء عليه.
طيب هل عليه كفارة لو جامع في الاعتكاف؟
ليس عليه كفارة، إلا لو كان صائماً في نهار رمضان فحينئذٍ عليه كفارة الصيام، أما لو جامعها في ليل رمضان أو جامعها في اعتكاف في غير رمضان، فنقول: فسد اعتكافه وليس عليه كفارة عند جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة.
طيب هذا فيما يتعلق بالجماع، لكن دواعي الجماع: كالمباشرة مثلما ذكر المصنف، واللمس، والقبلة، ونحوها، هل تفسد الاعتكاف أو لا تفسده؟
ثلاثة أقوال: قيل: تفسد الاعتكاف مطلقاً؛ لأنها داخلة في المباشرة والجماع.
وقيل: لا تفسده مطلقاً، يعني: حتى لو ترتب عليها إنزال.
وقيل: بالتفصيل: فلو باشر وقبَّل فأنزل فسد اعتكافه، وإن باشر أو قبَّل أو لمس ولم ينزل لم يفسد اعتكافه.
والقول الثالث الوسط وهو الأقرب للصواب، أن نقول: إن باشر فأنزل فسد اعتكافه، وإن لم ينزل لم يفسد اعتكافه، وهذا يقال في الصيام كما سبق أن ذكرنا، ويقال أيضاً في الاعتكاف، ويقال فيما ذكرناه سابقاً في حال الإحرام. إذاً: هذا هو الأمر الأول المتعلق بالجماع.
المفسد الثاني من مفسدات الاعتكاف: الخروج من المسجد، فإن ركني الاعتكاف هما: لزوم المسجد أو اللبث أو المكث في المسجد، والثاني: النية، فإذا خرج فقد أخلَّ بركن الاعتكاف إذا كان خروجه معتبراً، ويخرج بهذا الخروج غير المعتبر كما لو خرج بعضه، بأن أخرج رأسه أو أخرج يده، أو خرج خروجاً يسيراً عند بعض الحنيفة، كما لو خرج من المسجد للحظات ثم رجع إليه يرون أن هذا غير مؤثر، أما الخروج المعتبر مثل أن يخرج الصباح ولا يعود إلا في المساء ولغير حاجة فهذا مفسد للاعتكاف.
الثالث من مفسدات الاعتكاف: زوال التكليف، مثل: الجنون، الردة والعياذ بالله، والسكر.. ونحوها مما يزول بها عن الإنسان التكليف فإن هذا مفسد للاعتكاف.
الرابع: الحيض والنفاس كما ذكرناه عن الأكثرين؛ لأن الحائض والنفساء لا تمكث في المسجد.
قال: [ وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز ] لحديث عائشة الذي ذكرناه قبل قليل: [ فما أسأل عنه إلا وأنا مارَّة ].
المسألة الأولى: وهي مهمة لم يذكر المصنف مسألة الصيام في الاعتكاف، هل الصيام شرط في الاعتكاف، أم يجوز للإنسان أن يعتكف حتى لو كان غير صائم؟
والمسألة فيها قولان:
القول الأول: وجوب الصيام مع الاعتكاف، وهذا قال القاضي عياض : إنه قول الجمهور، وبه قال أبو حنيفة في رواية عنه وهو مذهب مالك كما نص عليه في الموطأ، ونقل عن جماعة من الصحابة: كـابن عمر وابن عباس وعائشة، كما نقل عن جماعة من التابعين: كـعروة بن الزبير والزهري والأوزاعي والثوري .. وغيرهم، أنهم جعلوا الصيام شرطاً للاعتكاف.
واستدلوا أولاً بالآية الكريمة: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]؛ لأن الآية جاءت في سياق آيات الصوم، فقالوا: هذا دليل على أن الصوم لابد منه للمعتكف.
الدليل الثاني: استدلوا بـ حديث: ( لا اعتكاف إلا بصيام )، وهذا الحديث رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها، وسنده ضعيف، فإن فيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف، وأيضاً الصحيح في الحديث أنه موقوف من كلام عائشة رضي الله عنها؛ ولهذا نقول: إن الحديث منكر من حيث كونه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما الصواب أنه من قول عائشة ومذهبها أنه: ( لا اعتكاف إلا بصيام ).
كما استدلوا على اشتراط الصيام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأزواجه، فإنهم كانوا يعتكفون العشر الأواخر من رمضان.
القول الثاني في المسألة: أن الصيام للاعتكاف مستحب وليس بواجب، فيكون الأولى بالمعتكف أن يعتكف في وقت الصيام ولا يجب عليه ذلك، وهذا مذهب الحنابلة والشافعية، وهو أيضاً منقول عن جمع من الصحابة كـعلي وابن عباس وابن مسعود .. وغيرهم، وهو مذهب الحسن البصري وأبي ثور وداود وابن المنذر والظاهرية، ولهم في ذلك حجج:
أولها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال )، والحديث في صحيح مسلم من حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال )، والعشر الأول من شوال يدخل فيها يوم العيد على حسب الظاهر، وبناءً عليه يكون النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف يوم العيد، ويوم العيد لا يُصام، فهذا دليل على أن الصيام ليس بشرط ولا واجب للاعتكاف وإنما هو مستحب.
وكذلك حديث عمر رضي الله عنه في صحيح البخاري ذكرناه قبل قليل: ( نذرت أن أعتكف ليلة )، والليلة ليست محلاً للصيام، وكذلك الاعتكاف يكون في الليل وفي النهار، وفي الليل لا صيام أصلاً، فهذا يقوِّي جانب أنه لا يشترط الصيام، زد على ذلك أنه لم يثبت دليل على وجوب الصيام والأصل عدمه، وهذا أيضاً دليل قوي؛ لأن الأصل عدم الوجوب؛ ولذلك روى الدارمي في سننه عن أبي سهيل أنه قال: [ كان على امرأتي اعتكاف ثلاثة أيام في المسجد الحرام، فأتيت عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، قال: وعنده ابن شهاب، فقال له عمر : تعتكف ثلاثة أيام، قال: هل عليها صيام؟ قال الزهري : لا اعتكاف إلا بصيام، قال عمر بن عبد العزيز للزهري : عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: عن أبي بكر ؟ قال: لا، قال: عن عمر ؟ قال: لا، قال: عن عثمان ؟ قال: لا، قال: عن علي ؟ قال: لا، فقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: لا أرى عليها صياماً، يقول أبو سهيل : فخرجت من عند عمر بن عبد العزيز فلقيت طاوساً وعطاء فسألتهم عن ذلك فحدثني طاوس قال: كان ابن عباس لا يرى وجوب الصيام، قال عطاء : وكذلك رأيت ]، فهذا دليل على أن الأصل عدم وجوب الصيام على المعتكف، وأن له أن يعتكف حتى من غير صيام، وهذا هو الراجح.
جمهور الفقهاء ويمكن أن نقول بشيء من التسامح: إنه مذهب الحنابلة والشافعية والأحناف: أنه ليس له حد، وإن كل مكث في المسجد يمكن أن يُسمى اعتكافاً، حتى لو مكث ساعة من نهار، وبعضهم يقول: لحظة أحياناً، على اختلاف في تفصيل المذاهب، لكن هذا من حيث الإجمال؛ لعدم وجود حد، ولأن النفل مبناه على التسامح والتوسعة.
القول الثاني: أن أقله يوم، وقيل: ليلة، وقيل: يوم وليلة، وهذه أقوال في مذهب الإمام مالك، ومبناها على حديث عمر رضي الله عنه، قالوا: لأن أقل ما ورد يوم ( اعتكف يوماً أو ليلة )، وفي رواية: ( يوم وليلة ).
و الأقرب والله تبارك وتعالى أعلم أن نقول: إن جلس وقتاً زائداً عن المعتاد في المسجد بنية الاعتكاف جاز له ذلك، وقد نقول بشيء من التسامح: إنه إن جلس ما بين الوقتين .. ما بين الصلاتين جاز له، يعني: سمي اعتكافاً كأن يجلس ينتظر مثلاً ما بين المغرب والعشاء، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة : ( فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط )، يعني قال: ( وانتظار الصلاة بعد الصلاة )، فمن انتظر الصلاة بعد الصلاة فقد رابط، ومن رابط فقد اعتكف، وهذا جيد وفي تقديري أنه أوسط الأقوال.
الجواب: مسألة الاشتراط فيها كلام كثير هل له أصل؟ بعضهم ناقش: هل للاشتراط في الاعتكاف أصل أو ليس له أصل؟ لم يرد -فيما أعتقد- شيء مرفوع في ذلك، إلا أنه ورد في الحج: ( إن لك على ربك ما استثنيت )، ولذلك يقول بعضهم: إن الاشتراط في الاعتكاف لا أصل له، وإن كان جمهور الفقهاء يذكرونه ويذكرون: أنه إذا اشترط شيئاً جاز له ذلك.
الجواب: فضل الاعتكاف لم يرد فيما أعلم فضل بخصوصه إلا ما ذكرناه من حديث: ( فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ).
الجواب: يعتكف في هذا المسجد الذي سوف يصلي فيه التراويح، فإن احتاج الناس إلى الخروج وكان ذلك المسجد بعيداً عليه أو لا يتيسر له فيه من يحضر طعامه وشرابه فخرج ليصلي بالناس فأرجو أن لا بأس بذلك.
الجواب: أما الاعتكاف الجماعي فلا بأس به؛ لأنه ربما يكون عوناً على الطاعة، ومن باب التعاون على البر والتقوى، لكن ينبغي أن يُراعى في هذا ألا يكون الاعتكاف مجالاً للمؤانسة والمحادثة، والكلام والقيل والقال، وقد يُفضي إلى خصومات ومهارشات ومهاترات بين الإخوة، وقد يدعو الأمر إلى غيبة ونميمة.. وغير ذلك.
أما سفرهم إلى مسجد مكة والمدينة فهو مستحب، فما هو ذكر حسب فهمي أنهم يسافرون إلى مسجد مكة أو المدينة، يقول: وأحياناً يسافرون سفراً جماعياً إلى أحد المسجدين مكة أو المدينة.
الجواب: إذا كان مميزاً لم يمنع منه كما ذكرنا.
الجواب: كل ذلك جائز، والأفضل أن يكون الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان.
الجواب: إذا كان البرد شديداً ولا يستطيع أن يتقيه في المسجد فخرج لذلك، وهذا برد قد يضر به، فهذا يلحق بالمريض كما ذكرنا.
الجواب: أما بالنسبة للاعتكاف فلابد أن يكون في المسجد والله أعلم، يعني: المكان الذي يصلى فيه.
أما حد الحرم أو المسجد الحرام كما ورد في القرآن الذي فيه الفضيلة فالأقرب أنه يشمل الحرم كله.
الجواب: هذه زيادة فيها كلام، يعني: كثير من العلماء يقولون: إنها زيادة مدرجة من كلام الراوي.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر