إسلام ويب

شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصيام - باب الاعتكافللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الاعتكاف لغة: الحبس والمكث، وشرعاً: لزوم مسجد لعبادة الله تعالى فيه، والحكمة منه التفرغ للعبادة وتهذيب النفس، وهو سنة إلا أن يكون نذراً فيلزم الوفاء به، ويصح من المسلم العاقل البالغ، والمرأة يصح لها الاعتكاف في كل مسجد غير مسجد بيتها، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد له منه، ويفسد بالجماع.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    وعندنا في هذا اليوم إن شاء الله تعالى الدرس الأخير من دروس الصيام، وبإنجازه نكون قد أنجزنا كتاب الصيام كاملاً ولله الحمد والمنة، وكتاب الطهارة والحج سبق إنجازه، وكتاب الحج والعمرة سبق في العام الماضي أن أخذنا أكثره وبقي أقله، فنسأل الله أن يعين على إتمامه، وبذلك ننجز القسم المتعلق بالعبادات كاملاً إن شاء الله تعالى.

    اليوم عندنا: باب الاعتكاف.

    الاعتكاف في اللغة

    الاعتكاف: مأخوذ من عكف، فهو فعل ثلاثي، وهو أصل واحد -كما يقول ابن فارس وغيره- يدل على الحبس والمنع، الحبس عن شيء أو الحبس على شيء، تقول: عكف على كذا، عكف على الصنم مثلاً، يعني: حبس نفسه عليه، كما يقول الله سبحانه وتعالى: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ [الأنبياء:52]، وتقول: عكف عن كذا، يعني: امتنع عنه، مثل قوله تعالى: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25] يعني: ممنوعاً، فالحبس على الشيء والحبس عن الشيء كلاهما يسمى عكوفاً أو يسمى اعتكافاً؛ ولذلك يقول عمرو بن كلثوم في معلقته الشهيرة:

    تركنا الخيل عاكفة عليه مقلِّدة أعنتها صفوناً

    فالاعتكاف يدل على الملازمة والمواظبة والحبس والمنع على الشيء أو عن الشيء.

    وقد جاء في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، مثل قوله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] وسوف يأتي، ومثل قوله: يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ [الأعراف:138] أي: حبسوا أنفسهم عليها، ومثل قوله تعالى: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ [الأنبياء:52].. إلى غير ذلك.

    ومن الملاحظ أن مادة العكف والعكوف تأتي بعدة صيغ في اللغة العربية:

    فتأتي لازمة، أي: غير متعدية، تقول: عكف في المكان، يعني: أقام فيه وأطال اللبث فيه، أو عكف أو اعتكف، اعتكف في المسجد، يعني: مكث فيه وأطال البقاء.

    وتأتي معداة بـ(على) تقول: عكف على الشيء، مثل لو أعطيته كتاباً ليقرأه، فتقول: عكف على الكتاب، يعني: خصَّص وقته وأطال المكث لقراءة هذا الكتاب.

    وتأتي معداة بالباء، تقول: عكف به، عكف بالشيء.

    وتأتي معداة بعن، عكف عن الشيء، يعني: امتنع منه.

    وتأتي أيضاً متعدية بنفسها، فتقول: عكف الخيل، يعني: منعها، ومنه قوله تعالى: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا [الفتح:25] أي: ممنوعاً، فتقول: عكف الهدي عن المسجد الحرام.

    الاعتكاف في الشرع

    أما بالنسبة للتعريف الشرعي للاعتكاف فهو كما ذكر المصنف رحمه الله يقول: [ وهو لزوم مسجد لطاعة الله تبارك وتعالى فيه ].

    فألفاظ الفقهاء تدور على هذا المعنى، وهو المكث في المسجد بنية، فاللزوم هو المكث، والمقصود بالطاعة: أن يكون عمله هذا بنية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى والعبادة، فلا يدخل فيه ما لو عكف في المسجد لغير نية، مثل: أن يُحبس في المسجد كما أُسر وحبس ثمامة بن أثال -وكان مشركاً- في المسجد أو غير ذلك مما لا يكون فيه قصداً ولا نية، وهذا التعريف الذي ذكره المصنف هو ما يدور عليه غالب قولهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088960537

    عدد مرات الحفظ

    780176964