والعيدان: هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد جعلهما الله تعالى عيدين لأهل الإسلام، وألغى كل الأعياد الجاهلية التي كان الناس يفرحون بها ويحتفلون بها، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة العظيمة التي يشرع بها السرور والفرح وإظهاره والاجتماع والتواصل، وإحياء شعائر الدين في ذلك، وهي من الشعائر العظام الكبار التي ينبغي الاحتفاء بها، وإظهارها والسرور بها وإقامة شعائرها، وألا يقام في بلاد الإسلام غيرها من الأعياد كأعياد النصارى مثلاً أو أعياد اليهود أو أعياد المجوس كعيد النيروز، أو عيد المهرجان، أو الكريسمس، أو غيرها من أعياد الجاهلية القديمة أو الحديثة، فإن ذلك كله مخالف لشعائر الإسلام ومنابذ لسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
أما أنها فرض فالأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2].
قال جماعة من المفسرين: المقصود: صلاة العيد، ثم النحر بعد ذلك، وهو أمر يقتضي الوجوب.
ومثله قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15] أي: صلاة العيد كما ذكره غير واحد من المفسرين.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على صلاة العيد، وهكذا أصحابه، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة المعلنة، بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حتى النساء، فأمر كما قالت أم عطية في الحديث المتفق عليه: ( كنا نؤمر أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور ) يعني: الفتيات الأبكار غير المزوجات ( وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين )، يعني: حتى الحائض تخرج للعيد وتشهد الصلاة ولكنها تعتزل الناس، إنما تكبر بتكبيرهم وتذكر بذكرهم كما جاء في أحاديث صحاح .
أما أنها فرض على الكفاية؛ فهذا مما يحتاج إلى دليل، وإن كان هو المشهور في المذهب.
والقول الآخر: أنها فرض على الأعيان، وهو الصحيح المختار أن العيد فرض على الأعيان، لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، بل ربما يرخص للإنسان بترك الجمعة، ولا يرخص له بترك العيد في أحيان وأحوال خاصة؛ وذلك لأن الجمعة تتكرر في أسبوع، أما العيد فلا يتكرر إلا في السنة مرتين على ما هو معروف، ولهذا قد يعذر الإنسان أحياناً بترك الجمعة ولا يعذر بترك العيد، كما ذكر ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في أحيان وأحوال خاصة.
فينبغي أن يكون العيد فرضاً على الأعيان، وإذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم العواتق وذوات الخدور أن يخرجن؛ فما بالك بالرجال الأقوياء الأشداء؟! هم أولى أن يؤمروا بذلك، ولا يحضرني الآن صارف يمكن أن يذكر يصرف هذه النصوص والقواعد الكلية العامة عن الوجوب إلى فرض الكفاية.
فلهذا لا معنى لقوله: [إذا قام بها أربعون من أهل المصر سقطت عن سائرهم].
وهذا هو المعروف؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الفطر لما ارتفعت الشمس قدر رمحين، وصلى بهم الأضحى لما ارتفعت الشمس قدر رمح، وقد جاء هذا في أحاديث.
وعلى كل حال: فإن من المعلوم أن الصلاة لا تشرع أصلاً إلا بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، كما في حديث عقبة بن عامر : ( ثلاثة أوقات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا -وذكر- حين تبزغ الشمس حتى ترتفع ) أي: قدر رمح، وهذا يتحقق بنحو عشر دقائق إلى ربع ساعة من طلوع الشمس.
ويمتد وقت العيد إلى الزوال، ولو قيل بأنه يمكن لهم لو فاتتهم صلاة العيد في اليوم الأول أن يصلوها في اليوم الثاني -وقد جاء في ذلك أحاديث- لم يكن في ذلك من بأس، ومن فاتته صلاة العيد أيضاً صلاها جماعة أو منفرداً بهيئتها أو ثنائية أو رباعية، وقد جاء أن علياً رضي الله عنه قال له الناس: إن هناك كباراً وضعافاً لا يستطيعون الخروج إلى الجبانة- إلى الصحراء- حيث تشرع صلاة العيد، فخلف من يصلي بهم في المسجد الجامع، وأمره أن يصلي بهم أربعاً، وكأنه جعلها ركعتين إذا صلى مع الإمام وكان ثمة خطبة، وجعل من لم يصل معه يصلي أربعاً، فلو صلى ثنتين أو صلاها بهيئتها، أو صلاها بهيئة الصلاة العادية أو صلاها أربعاً مفرداً أو جمعاً، كان ذلك كله جائزاً والأمر فيه واسع.
السنة أن يفعل العيد في المصلى، يعني: في الصحراء -في الجبانة- حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وكذلك الخلفاء من بعده، فكانوا يخرجون إلى الصحراء فيصلون العيد، وهذا هو المعروف في السنة العملية، إلا أن يكون ثمة عذر من برد أو مطر أو خوف أو غير ذلك، فإنهم يصلون في المسجد الجامع، وقد جاء في ذلك حديث رواه أبو داود عن أبي هريرة أنه أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهذا معروف.
وكذلك ذكرت عن علي رضي الله عنه أنه جعل في المسجد في الكوفة من يخلفه ويصلي بالناس.
أي: أن ذلك مسنون، والعلة والحكمة في تأخير الفطر؛ لأنه يستحب أن يأكل قبل أن يخرج، فإنه يستحب أن يفطر على تمرات ثلاث أو خمس أو سبع قبل أن يخرج إلى العيد كما جاء ذلك في الصحيح.
وأما بالنسبة للأضحى فإنه يستحب أن يعجل حتى يذهب الناس بعد ذلك لذبح أضاحيهم والأكل منها.
يعني: يسن له أن يفطر قبل أن يخرج إلى الصلاة، بخلاف الأضحى فإنه يستحب له ألا يأكل حتى يصلي.
وقد روى بريدة رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي )، وذلك بالنسبة للفطر حتى يتحقق أنه ليس بصائم، لأنه يوم يحرم فيه الصيام، وأما بالنسبة للأضحى فحتى يكون أول ما يأكل من لحم أضحيته.
يعني: إذا جاء وقتها وارتفعت الشمس قدر رمح أو أكثر من ذلك تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين.
والعيد ركعتان إذا صلاها مع الإمام، ولا خلاف أن الصلاة معه ركعتان وهو أيضاً من السنة العملية المنقولة نقلاً مستفيضاً.
ويكبر في الثانية خمساً غير تكبيرة الانتقال تكبيرة القيام، فيكبر تكبيرة الإحرام ثم يكبر سبعاً، هذا في الأولى.
وفي الثانية: يكبر تكبيرة الانتقال ثم يكبر خمساً.
وهذا جاء عن عائشة رضي الله عنها فيما رواه أبو داود ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً ).
وكذلك جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص فيما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الثانية).
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه والدارقطني، وصححه جماعة من أهل العلم، قال العراقي : إسناده صحيح. وقال البخاري فيما رواه عنه الترمذي رحمهما الله: سنده صحيح.
فهو دليل على استحباب التكبيرات في الصلاة، وهي ليست واجبة ولا شرطاً في الصلاة، بل لو نقص منها أو لم يكبر جاز له ذلك، ولو صلى العيد بهيئة الصلاة المعتادة أجزأ ذلك وجاز، ولكن التكبيرات سنة، لأن الله تعالى قال: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185].
والتكبير شعيرة من شعائر العيدين في عيد الفطر؛ لقوله: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]، وفي عيد الأضحى أيضاً؛ لأنه وقت تكبير، وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج:28]، وقال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203]، الأيام المعدودات هي: أيام التشريق.
والتكبير مشروع عام، ومن ذلك السلام، ومن ذلك التكبير أيضاً؛ ولهذا سميت صلاة العيد تكبيراً كما استظهره الإمام ابن تيمية بأن التكبير فيها أكثر من غيرها، كما سميت صلاة الفجر قرآناً؛ لأن القرآن فيها يطول أكثر مما يطول في غيرها، وهذا من الفوائد التي تقيد وتلتقط: أن صلاة العيد سميت تكبيراً لقوله: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185].
كذلك أول ما يدخل فيه صلاة العيد، وسميت تكبيراً؛ لكثرة التكبير فيها أكثر من غيرها، كما سميت صلاة الفجر قرآناً وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78]؛ لأن القرآن فيها أطول من القرآن فيما سواها.
فيستحب له أن يكبر كما سبق، وقيل في التكبيرات غير هذا العدد، ولكن هذا هو الراجح الذي صح به الدليل.
وقال الإمام الشافعي : كل تكبيرة عن قيام يشرع فيها رفع الأيدي، ومن ذلك أيضاً رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع.
وقد جاء ذلك أيضاً في حديث مرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه لا يثبت، فيكون رفع اليدين حينئذ ظاهراً من باب النصوص الأخرى، ولو لم يرفع يديه فإن ذلك ليس بواجب إجماعاً في الفريضة فضلاً عن أن يكون واجباً في غيرها من التكبيرات.
(يحمد الله) يعني: يقول: الحمد لله، أو يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، أو يقول: الله أكبر، أو يكبر أو يثني على الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في ذلك آثار عن بعض السلف أنهم كانوا يفعلونه.
والظاهر أن ذلك من الأمور الواسعة، فإنه ليس فيه نص صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا سنة ظاهرة، لكنه من الذكر الذي هو من جنس الصلاة، فإن كبر وذكر الله تعالى بين التكبيرات جاز ذلك، وإن لم يفعل وسرد التكبيرات فذلك جائز أيضاً.
والجهر في العيدين كان معروفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أصحابه يسمعونه يجهر بهما وهو المعروف عند أكثر أهل العلم فيما ذكره ابن المنذر وغيره.
ومما يدل على ذلك أنهم أخبروا بما كان يقرأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة أيضاً في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية، وكذلك كان يقرأ أحياناً في العيد في الأولى بـ(ق) والثانية بـ (اقتربت) وربما قرأ بسورة الجمعة والمنافقون، وقد يقرأ بالجمعة في الأولى وبالغاشية في الركعة الثانية، كل ذلك واسع وجائز، ولو قرأ غيرها من السور جاز.
أي: أن الخطبة -خطبة العيد- بعد الصلاة، وهذا هو المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المستفيضة المتواترة، ومنها أحاديث متفق عليها أن الخطبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت قبل الصلاة، ولهذا لما خطب مروان قبل الصلاة أنكر عليه أبو سعيد الخدري -كما في الصحيحين- وقال: [ خالفت السنة ]، فقال: قد ترك ما هنالك.
وفي رواية أنه قال: (إن الناس لا يجلسون)، يعني: إذا صلينا بهم خرجوا.
فاضطر أو قدم الخطبة حتى يجعلهم يستمعون الخطبة من أجل انتظار الصلاة، وذلك دليل على أن الخطبة ليست كخطبة الجمعة، ولهذا ليست خطبة العيد بواجبة، وليس الاستماع إليها بواجب، ولا يلزم أن تكون خطبة العيد خطبتين، وإن كان هذا هو المشهور، وقد جاء فيه حديث رواه ابن ماجه وهو من رواية أبي الزبير عن جابر -وفيها كلام معروف-: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم فطر أو أضحى فخطب ثم قعد ثم قام ).
والاستماع إلى الخطبة -كما قلت- ليس بواجب، بل يجوز له أن يجلس وهو أفضل، ويجوز له أن يخرج ولا يستمع إلى الخطبة.
قال: [ فإن كان فطراً ] أي: كان العيد فطراً [ حثهم على الصدقة وبين لهم حكمها ].
يعني: لأن هذا هو المناسب، حيث صدقة الفطر.
[ وإن كان أضحى بين لهم حكم الأضحية ] أيضاً لمناسبة المقام.
وهذا أيضاً مما لا دليل عليه، إلا فيما يتعلق بالأضحية، فإنه من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب بهم في الأضحى أو صلى بهم قال لهم: ( من كان ذبح قبل الصلاة فهي شاة لحم، ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله )، وقام رجل وسأله، وقصة أبي بردة بن نيار في ذلك معروفة وهي في الصحيحين.
فدل على أنه ينبغي أن يضمن الخطبة بعض الأحكام المتعلقة بواقع الحال.
المسألة الخامسة عشرة: قال: [ والتكبيرات الزوائد والخطبتان سنة ] كما سبق تقرير ذلك؛ ولهذا لا يجب التكبير، ولو فاتته الصلاة جاز له أن يقضيها بهيئتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فليصلها إذا ذكرها )، وجاز له أن يقضيها بهيئة الصلاة العادية.
وكذلك الخطبة يجوز له أن يستمع أو يخرج، ويمكن أن يخطب خطبة واحدة أو خطبتين.
أي: لا يصلي نافلة، ولا بعدها في موضعها، لا يتنفل قبلها ولا بعدها؛ وذلك لأن صلاة العيد تفعل في الجبانة في الصحراء، فلا يشرع له أن يصلي قبلها ولا بعدها، كما قال ابن عباس رضي الله عنه: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ) والحديث متفق عليه.
وهكذا المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وقد ذكره أبو سعيد الخدري كما في سنن ابن ماجه أنه لا يصلي قبل العيد شيئاً إلا أن يصلوا في المسجد، فإنه حينئذ يستحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد.
أما صلاة الضحى فهي مشروعة على الخلاف المعروف الذي ذكرنا في باب صلاة التطوع يوم العيد وغيره في أي مكان صلاها، لكنه لا تعلق لها بصلاة العيد، إنما هي صلاة نافلة مطلقة مستقلة، ولهذا قال: لا يتنفل قبلها ولا بعدها في موضعه.
يعني: يكبر سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية، وليس المعنى أنه يجهر في القراءة والله تعالى أعلم؛ لأنه حينئذ منفرد والمنفرد حكمه الإسرار على ما هو معروف، فلو فاتته صلاة الفجر أسر بها، وكذلك صلاة العيد أو الجمعة أو غيرها، فإنه يصليها على صفتها، لكنه لا يجهر بها.
أما أنه لا قضاء عليه فربما يكون ذلك لأن المؤلف لا يرى وجوبه، كما ذهب إلى أنها فرض عين، فلا يجب عليه القضاء، لكن يقال: إنه كان واجباً عليه أن يحضر إليها ويصليها، فيأثم بتفويتها، وينبغي أن يقال أيضاً: إنه يصلي، وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [ من فاتته صلاة العيد فليصل أربعاً ]، رواه صاحب المصنف وغيره، ولو صلاها على صفتها ركعتين كما ذكر جاز ذلك، ولو صلاها جماعة على صفتها أجزأ ذلك أيضاً، ولو صلاها جماعة ركعتين أو أربعاً كما أمر علي رضي الله عنه من خلفه أجزأ، فالأمر في ذلك كله واسع.
قال: [ فإن أحب صلاها تطوعاً إن شاء ركعتين وإن شاء أربعاً، وإن شاء صلاها على صفتها ].
يعني: ليلة عيد الفطر وليلة عيد الأضحى؛ وذلك لقوله تعالى: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185]، ذكر ذلك بعد الصيام وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185].
وكذلك فيما يتعلق بالأضحى فإنه يشرع فيه التكبير، قال الله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203]، وهي أيام التشريق، وكذلك يوم عرفة يشرع فيه التكبير؛ ولهذا قال أنس -كما في صحيح البخاري - قال في يوم عرفة: ( كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه )، فدل ذلك على مشروعية التكبير يوم عرفة وما بعده للحاج ولغيره، وهذا التكبير مطلق في كل وقت في أدبار الصلوات وفي سائر الأوقات يستحب له أن يكبر في كل حال؛ لقوله: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203]، وكذلك في سائر العشر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المتفق عليه: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الله إلى تعالى من هذه العشر )، والتكبير من ذلك ومثله التهليل، وقد جاء في حديث: ( فأكثروا فيهن من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ).
وذهب بعض أهل العلم أيضاً إلى مشروعية التكبير المقيد، وهو في أدبار الصلوات المفروضات المكتوبات من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهذا قول الإمام أحمد، ونقل عن طائفة كثيرة من السلف، وصح إسناده عن علي رضي الله عنه وابن عباس وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، فلو كبر هذا التكبير المقيد كان ذلك حسناً؛ لهذه الآثار المعروفة عن الصحابة.
ويشرع رفع الصوت بالتكبير، فقد كان عمر رضي الله عنه يكبر فيكبر أهل المسجد بتكبيره حتى يضج المسجد ثم يرتج من تكبيره، وقد (كان أبو هريرة وابن عمر يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهم)؛ وذلك لأن التكبير في هذه الأيام شعيرة ظاهرة ينبغي إحياؤها والجهر بها وإعلانها.
هذا هو التكبير المقيد من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق؛ وذلك للآثار التي ذكرت عن عمر وعلي وابن مسعود وعن ابن عباس أيضاً، جاءت آثار ذكرها ابن أبي شيبة وغيرهم وأسانيد بعضها جياد، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى شيئاً من ذلك في زاد المعاد .
هذه صفة، وهناك صفة أخرى أن يقتصر على التكبير فقط، فيقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولو قال: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، فإن ذلك نقل عن بعض أهل العلم.
وعلى كل حال: فإن صفة التكبير مطلقة لم يرد فيها شيء إلا التكبير، والتكبير يصح على لفظ: الله أكبر، فإذا أضاف إليه التهليل فهو حسن، لأنه هو أفضل الذكر، أفضل الذكر لا إله إلا الله، وكذلك (الحمد لله) فلو قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فهو حسن أيضاً، وكل ذلك واسع. والله تعالى أعلم.
غداً إن شاء الله تعالى عندنا آخر باب بحمد الله تعالى وفضله، وهو أهل التقوى وأهل المغفرة وهو المستحق للحمد وأهله، عندنا كتاب الجنائز بكامله، وبنهايته إن شاء الله ننتهي من كتاب الصلاة.
أسأل الله التوفيق والعون والسلامة.
غداً إن شاء الله تعالى بعد المغرب -كما أسلفت لكم- احتفال بانتهاء هذه الدورة في جامع أجياد بعد صلاة المغرب مباشرة، ومن المعلوم أنه يوجد مكان مخصص للنساء، وسوف نحدد لكم وقتاً أيضاً آخر خاصاً بهذا الدرس من أجل توزيع أشرطة الدرس وبعض الأشرطة والجوائز الأخرى.
الجواب: ممكن أن هذا بسبب السرعة، فيصحح هذا، يصحح هذا في الشريط أو في الكتابة، والسياق يدل على المعنى.
ما صحة حديث: ( من مس الحصا فقد لغا )؟
هذا ذكرته.
الجواب: هذا يذكرني بالسنة قبل الجمعة، وهذا مما يضاف، من الفوائد التي تضاف: قال بعض أهل العلم: إنه قبل الجمعة راتبة ركعتان أو أربع، وهذا منقول عن الشافعي وغيره.
وقال الأكثرون: إنه ليس قبل الجمعة راتبة، وهذا مذهب أحمد وهو الأقوى دليلاً، أنه ليس قبل الجمعة راتبة، لكن يستحب أن يصلي ما شاء كما في حديث سلمان : ( ثم صلى ما كتب له )، وقد كان مستفيضاً عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم يبكرون إلى المسجد، ويصلون ما تيسر لهم، بعضهم ثماني وبعضهم يصلي عشراً وبعضهم يصلي ثنتي عشرة ركعة، وكان هذا مشهوراً عندهم.
الجواب: لا. على كل حال: مسألة تحية المسجد الخلاف فيها قوي ومشهور.
الجواب: قد يقال بأنه صارف، وقد يقال بأن العيد وجبت بدليل خاص.
الجواب: لا يقطعه بل يكمله ويتمه.
الجواب: لا. هذا بعيد.
الجواب: وهذه أيضاً مسألة يمكن أن تضاف، إذا اجتمع عيد وجمعة، فماذا يصنع؟
في المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يجب عليه صلاة الجمعة ولو صلوا العيد؛ أخذاً بعمومات الأحاديث الموجبة لصلاة الجمعة.
الثاني: أنه تسقط الجمعة عن البعيدين الذين يكونون في القرى والبوادي ويشق عليهم، تسقط عنهم الجمعة إذا حضروا العيد ويصلون ظهراً.
والثالث: أنها تسقط عن الجميع ويصلون ظهراً وتقام الجمعة في المساجد، وهذا هو الصحيح، وقد جاء فيه أحاديث عن ابن الزبير وغيره، وأحاديث هذا الباب جياد.
الجواب: نعم، يجوز الكلام والإمام يخطب في صلاة العيدين، لكن بشرط ألا يؤذي من حوله ولا يشق على الإمام.
الجواب: إذا كانوا بعيدين بحيث لا يسمعون النداء يجوز لهم عدم الحضور.
الجواب: لا. الثانية بالنسبة له تكون هي الثانية، فيكبر خمساً أيضاً.
الجواب: نعم، فعلك صحيح، وقد ذكرنا هذا أمس.
الجواب: هذا ربما ذكرناه في صفة الصلاة، فالسجود على الأعضاء السبعة واجب؛ لحديث العباس : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم.. ) وعدها النبي صلى الله عليه وسلم، ولو رفع شيئاً منها فسجوده صحيح، ولكنه يأثم بذلك إلا أن يكون لحاجة.
الجواب: لا، لا يجب قضاؤها.
الجواب: يستحب، وقد جاء فيه أحاديث يشد بعضها بعضاً: ( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاءت له ما بينه وبين الجمعة الأخرى )، وفي رواية: ( عصم من
الجواب: هذا ذكرناه في حينه، مستحب.
الجواب: نعم، يمكن أن يغيرها من فرض إلى نفل مثلاً، أو من نفل محدد إلى نفل مطلق، هذا هو الذي يجوز في تغيير النية.
الجواب: أما قبلها فقد ذكرتها، أما بعدها فيستحب أن يصلي أربعاً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة أربعاً في بيته أو في المسجد.
الجواب: ما بين طلوع الشمس إلى الزوال يقسم إلى خمس ساعات.
السؤال: ما حكم إقامة جمعتين: الأولى في أول الوقت والأخرى في آخر الوقت؟
الجواب: إقامة جمعتين أو أكثر في البلد ذكرته الآن.
الجواب: إذا قلنا بأن صلاة العيد فرض على الأعيان -كما هو مذهب جماعة من أهل العلم، وهو الأصح دليلاً واختاره ابن تيمية رحمه الله، وهو الذي استظهرناه الآن- فهو يكون آثماً بالترك، خاصة: إذا كان مصراً على تركها؛ لأنه لا يتحقق في ذلك وجوب فرض الكفاية؛ ولهذا المصنف رحمه الله قال: إذا صلى أربعون، فكيف نعرف أنهم صلوا وهم أربعون أو أقل أو أكثر؟
الجواب: عليه أن يصلي المغرب قبل العشاء، يجب عليه الترتيب ويدخل مع الإمام بنية المغرب وينفصل عنه، ثم يسلم أو ينتظر حتى يكمل الإمام فيسلم معه، ثم يأتي بالعشاء.
الجواب: قيل: غسل أي: غسل رأسه، واغتسل يعني: غسل بدنه، وهذا أصح ما قيل، وهو اختيار الخطابي رحمه الله، وقد جاء في حديث: ( من غسل رأسه واغتسل ).
وقيل: المعنى: غسل غيره، يعني: جامع زوجه وتسبب في غسلها؛ ولهذا بعضهم يظن أن الجماع ليلة الجمعة مستحب، وهذا لا يثبت، وإن كان نقل عن بعض الأئمة كالإمام أحمد أو غيره.
الجواب: لا، المقصود بالصوت العادي المجرد.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك. والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر