المسألة الأولى: السهو: هو الذهول عن الشيء، ويقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، فأما السهو في الصلاة فهو المقصود، وهو الزيادة أو النقص أو الشك عن غير تعمد، بل عن نسيان، وأما السهو عن الصلاة فهو تركها، وهو المتوعد عليه بقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:4-7].
ومما يتعلق بهذه المسألة: أن العلماء اختلفوا في سجود السهو أهو واجب، أم سنة؟ فذهب الإمام الشافعي وجماعته: إلى أنه سنة ليس بواجب، وذهب الإمام أحمد إلى أنه واجب، وذهب مالك إلى أن السهو إن كان عن نقص فهو واجب؛ لأنه جبر لنقص الصلاة، وإن كان عن زيادة فليس بواجب، والصواب: أن سجود السهو واجب؛ لأحاديث عدة سوف تمر إن شاء الله، إلا أن يكون السهو لترك سنة، فحينئذ لا يكون واجباً، بل يكون مستحباً عند من يقول بمشروعية سجود السهو لترك السنة، وهو الإمام أحمد رحمه الله ومن وافقه، وإنما يسجد إذا ترك سنةً كان من عادته أن يفعلها، فتركها نسياناً فحينئذ يسجد بسببها.
فهذه هي الأشياء الثلاثة التي يشرع لها سجود السهو، إما الزيادة، وإما النقص، وإما الشك.
ومثله أيضاً: لو أتى بزيادة في واجب، وهل يتصور أن يأتي بزيادة واجب في الصلاة؟
مثلاً: أتى بزيادة في تسبيح الركوع، هل يتصور هذا؟ يتصور أم لا؟ في تسبيح الركوع، لا يتصور في تسبيح الركوع؛ لأنه مهما زاد فهذا داخل في المشروع، أو في قوله: (رب اغفر لي) بين السجدتين، هل يتصور الإتيان بزيادة على الواجب؟!
إذاً: يتصور، كأن يكرر تكبيرة الانتقال سهواً أو أن يجلس تشهدين، أن يكرر التشهد الأول، وهو واجب كما سبق.
إذاً: الزيادة قد تكون زيادة ركعة، وقد تكون زيادة ركن، وقد تكون زيادة واجب في الصلاة، ولا شك أن زيادة الفعل من جنس أفعال الصلاة -كالركوع أو السجود أو القعود عن سهوٍ- أنها داخلة في السهو الذي يجب له السجود كما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه زاد في الصلاة، وهذا أحد وجوه سهوه صلى الله عليه وسلم، فإنه قد سها في صلاته كما ثبت ذلك في الصحاح وغيرها، وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن مسعود : ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ).
أما حديث: ( إني لا أنسى، ولكن أنسى لأسن )، فهذا لا يصح، وقد رواه مالك في الموطأ بلفظ: ( إني لأنسى -أو أنسى- لأسن )، رواه مالك بلاغاً منقطعاً، وهو أحد أحاديث أربعة لم توجد موصولة في الموطأ ولا في غيره، الموطأ فيه أحاديث كثيرة منقطعة، لكنها موصولة خارج الموطأ، أما هذا الحديث فإنه لم يوجد موصولاً خارج الموطأ قط، ومعه أربعة أحاديث لم توصل، ذكرها أهل العلم.
منها: قول معاذ رضي الله عنه: ( كان آخر ما أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضعت رجلي في الغرز أن: حسن خلقك للناس ).
ومنها قوله: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم أري أعمار أمته فكأنه تقالّها، فأعطي ليلة القدر وهي خير من ألف شهر ).
والحديث الرابع منها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنشأت بحرية ) يعني: السحاب ( إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فهي عين غديقة )، يعني: فيها رواء ومطر كثير، فهذا من الفوائد، الأحاديث هذه الأربعة في الموطأ لم توجد موصولة قط، بل هي أحاديث منقطعة، رابعها حديث سجود السهو: ( إني لأنسى أو أنسى لأسن )، فهو لا يصح ويعارضه الحديث الذي في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ).
وكان نسيانه صلى الله عليه وسلم على أضرب، منها: أنه سلم من ركعتين، ومنها أنه سلم من ثلاث، ومنها أنه زاد في الصلاة، ومنها أنه نقص، ومنها أنه شك، وهذا ما ذكره الإمام أحمد، فقد نقل عنه رضي الله عنه أنه قال: (إن مدار أحاديث سجود السهو على خمسة أحاديث: سلم من ثنتين) وهذه من الفوائد أيضاً، الإمام أحمد يقول: (مدار سجود السهو على خمسة أحاديث: أنه سلم من ثنتين، وسلم من ثلاث، والزيادة، والنقص، والشك)، ومثل ذلك أيضاً قاله الخطابي رحمه الله تعالى، وذكر الأحاديث كحديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود وحديث أبي سعيد الخدري وحديث عمران بن حصين وحديث المغيرة بن شعبة وغيرهم رضي الله عنهم.
هاهنا سؤال: إذا سلم عن نقص، نقص ركعة أو ركعتين أو غير ذلك، هل يجب عليه أن يحرم، يعني: يكبر من جديد إذا استقبل القبلة أو لا يكبر؟
لا يكبر، الصواب الذي عليه الجمهور: أنه لا يكبر؛ وذلك أنه بمجرد ما ذكر أنه نقص في صلاته فإنه يكون في صلاة حينئذ؛ لأن السلام الذي سلمه كان سهواً فلا تبطل الصلاة به، وحينئذ فعليه أن يستقبل القبلة ويستأنف صلاته، ولا يحتاج إلى تكبير للإحرام حينئذ كما هو مذهب الجمهور، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك قال المصنف: [ وإن سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ]، يعني: سواء كان ركعة أو ركعتين أو كان غير ذلك ثم سجد للسهو، ولم يبين سجود السهو حينئذٍ: هل هو قبل السلام أو بعده؛ لأنه سيبين ذلك في آخر الباب.
وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم عن نقص كما في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، حيث سلم في إحدى صلاتي العشي من ركعتين، وسلم أيضاً من نقص كما في حديث عمران بن حصين أنه: ( صلى الله عليه وسلم سلم في صلاة الظهر أو العصر عن ثلاث ركعات، ثم أتى بالركعة الرابعة وسجد للسهو ).
أما ما ليس من جنس الصلاة فذلك كالأعمال الأخرى الدنيوية التي لا تعلق للصلاة بها، كالذهاب والإياب والالتفات والأخذ والعطاء والفتح والإغلاق والترويح باليد وما أشبه ذلك، فإن هذه الأشياء ليست من جنس الصلاة فيستوي عمدها وسهوها.
[ فإن كان كثيراً أبطل الصلاة، وإن كان يسيراً كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمله أمامة ]، كما جاء في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -فيما رواه
وأما رد السلام فلا يرد إلا بحركة يسيرة بيده، نعم هذا مشروع أيضاً، رد السلام بحركة يسيرة بيده أو أصابعه كما سبق، وأيضاً لو علم أن عليه نجاسة وهو في الصلاة، ثم اشتغل بإزالتها، فإن ذلك داخل في تحصيل الواجب أو تحصيل مصلحة الصلاة، وكل ذلك مما أذن به شرعاً أو أمر به شرعاً، فلا تبطل الصلاة به، فهذا من هذا الباب، فإن كان يسيراً فإن الصلاة لا تبطل به.
ومما يدخل في ذلك أيضاً الحركة التي يفعلها المصلي في صلاة الخوف، سواء كانت قليلة أو كثيرة؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، وقوله: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102] إلى آخر الآية، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، وحديث ابن عمر : ( فإن كان خوف أكثر من ذلك صلوا قياماً أو ركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها )، فإن الحركة في صلاة الخوف قد تكون حركة كثيرة أحياناً ويتوهم من رآه أنه غير مصل، ومع ذلك أذن فيها الشارع؛ لأنها في المصلحة، ولأنه لابد للمصلي منها، ولذلك أذن أيضاً في صلاة الخوف بترك استقبال القبلة وترك القيام وغير ذلك مما هو داخل في باب الأركان؛ لشدة الحاجة إلى ذلك في صلاة الخوف.
وقد ثبت عن المغيرة بن شعبة نفسه رضي الله عنه أنه ( صلى فنسي التشهد الأول، وقام إلى الركعة الثالثة فسبحوا به، قالوا: سبحان الله سبحان الله، فلما أكثروا عليه قال لهم: سبحان الله، وأومأ بيده فقاموا، فلما سلم قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استتم أحدكم قائماً فليسجد سجدتين، وإذا لم يستتم قائماً -وهذه زيادة في اللفظ- فليرجع، ولا سجود عليه )، وهذه الزيادة جاءت عند البيهقي والدارقطني والطحاوي وإسنادها صحيح، أنه: ( إذا لم يستتم قائماً فليرجع ولا سجود عليه )، وذلك لأن التشهد الأول واجب كما سبق، ولهذا قام النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود كما في الحديث الذي رواه الشيخان عن عبد الله بن مالك بن بحينة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأول وقام إلى الثالثة، فلما كان في آخر الصلاة وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين ثم سلم )، فذلك دليل على أن التشهد الأول واجب، وإلا فلو لم يكن واجباً لم يسجد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أيضاً دليل على أنه واجب؛ لأن عبد الله بن مالك بن بحينة قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قام وعليه قعود )، أي: في ذمته لم يقم به، فهو واجب عليه لم يقم به، ولهذا إذا قام عن التشهد الأول فذكر قبل أن يستتم قائماً رجع فأتى به، فإن استتم قائماً لم يرجع على المشهور؛ لأنه حينئذ دخل في ركن جديد وهو الركعة الثانية، فهو دخل في ركن جديد فلا يعود من الركن إلى الواجب، فإذا شرع في الفاتحة تأكد في حقه عدم الرجوع، وأصبح رجوعه إلى التشهد الأول محرماً عليه؛ لما سبق.
أما فيما يتعلق بوجوب سجود السهو عليه حينئذ؛ فإنه إن استتم قائماً لم يرجع وعليه السجود، كما في حديث المغيرة وقد ذكرته قبل قليل، وكما في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة المتفق عليه وقد ذكرته أيضاً.
أما إذا عاد قبل أن يستتم قائماً فإنه لا سجود عليه كما دل على ذلك حديث المغيرة بن شعبة، وهذه فائدة قد تخفى على كثير من الأئمة، فإن كثيراً منهم بمجرد ما يهم بالقيام عن التشهد الأول، ثم يُنبَّه فيعود يسجد للسهو، وهذا في الواقع لا حرج عليه لو سجد؛ لأنه زاد شيئاً في الصلاة، ولأن هذا منسجم مع القاعدة، لكن حديث المغيرة بن شعبة والزيادة التي رواها الطحاوي وغيره بسند جيد أنه قال: ( إن لم يستتم قائماً رجع ولا سجود عليه )، تدل على أنه إذا لم يستتم قائماً فإنه لا يسجد.
مرة أخرى: لو أنه نسي الركوع من الركعة الأولى، ولم يذكر إلا وهو في سجوده الثاني، فحينئذٍ عليه أن يقوم بمجرد ما تذكر من السجود الثاني إلى الركعة الأولى فيركع، ثم يرفع من الركوع، ثم يأتي بالسجدتين ويأتي بما بقي من صلاته، ومثله أيضاً: لو نسي الجلسة بين السجدتين وهو في حال قيامه للركعة الثانية فعليه أن يعود ويجلس، ثم يسجد، ثم يقوم للركعة الثانية، ولذلك قال هنا: [ إن نسي ركناً -أي: كالركوع أو الجلسة أو السجود- فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى به وبما بعده ] فيعد ما بعده مما أتى به في الصلاة لغواً؛ لأن ما قبله -وهو ركن- لم يأت به فيبطل ما بعده.
وهذا هو ما أشار إليه المصنف في المسألة الثالثة عشرة، قال: [وإن ذكره بعد ذلك بطلت الركعة التي تركه منها]، يعني: لو ذكر الركن بعد ذلك، أي: لو نسي سجوداً في الركعة الأولى ولم يذكره إلا بعدما قام للثانية وشرع فيها، فإن الركعة الأولى حينئذ تكون باطلة، وتقوم الركعة الثانية مقامها فلا يحتسب الركعة الأولى، وعليه أن يعد الركعة الثانية هي الأولى من صلاته؛ لأنه شرع في الركعة الثانية التي تقوم مقام الأولى، وهذا هو الظاهر، وقال بعضهم: يعود إلى الركن الذي تركه فيأتي به وبما بعده أيضاً.
إذاً: ما سبق من سجود السهو إما أن يكون زيادةً، أو أن يكون نقصاً.
الضرب الثالث: هو أن يكون شكاً في الصلاة، والشك عند الفقهاء يشمل مطلق التردد عند المصلي، سواءً اتفق الطرفان وتوازنا، أو اختلفا، فيطلق الشك عند الفقهاء على ما تردد فيه المصلي، سواء غلب على ظنه ترجح أحد الطرفين أو لم يغلب على ظنه، أما الشك عند الأصوليين فيطلق على ما استوى طرفاه، يعني: شك ولم يترجح له شيء، فإن ترجح عنده أحد الأمرين سمي الراجح ظناً وسمي المرجوح وهماً، هذا عند الأصوليين.
قال المصنف: [الضرب الثالث: الشك]، والمعنى: أن يشك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً مثلاً، فيشك في ركعة هل صلاها أو لم يصلها، ومثله أيضاً أن يشك في الأركان، فيشك هل ركع أو سجد أو لم يفعل؟! ومثله أن يشك في الواجبات هل كبر أم لم يكبر؟! هل سبح أو لم يسبح؟ فكل ذلك داخل في الشك.
ولذلك قال أبو سعيد فيما رواه مسلم عنه: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان )، ( فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته ) يعني: سجدتي السهو ( وإن كان صلى تماماً -أي: أربعاً- كانتا ترغيماً للشيطان )، وحديث أبي سعيد رواه البخاري ومسلم أيضاً، فهو دليل على أنه يبني على اليقين ويطرح الشك، كما ذكر المصنف.
المسألة الثامنة عشرة: قال: [إلا الإمام خاصة فإنه يبني على غالب ظنه]، وإنما استثنى المصنف الإمام لأن الإمام وراءه من المأمومين من ينبهه، فهو يقول: إذا غلب على ظن الإمام -مثلاً- أنه صلى أربعاً عدها أربعاً وجلس للتشهد؛ لأنه لو كان ظنه خطأً لسبح به من وراءه، فحينئذ يبني الإمام على غالب ظنه استئناساً بحال المأمومين، ومثله لو ترجح للإمام أنه صلى ثلاثاً وغلب على ظنه أنها ثلاث يعدها حينئذ ثلاثاً؛ لأنه لو كان الأمر بخلاف ذلك لسبح به المأمومون.
والصواب أو الراجح: أن البناء على غالب الظن للمأموم والإمام يدل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود الذي رواه مسلم في صحيحه : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -كما ذكرته قبل قليل- صلى بهم وزاد في الصلاة، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال لهم: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا سها أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه ثم ليسجد سجدتين بعدما يسلم )، وفي رواية لـمسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام )، فحديث عبد الله بن مسعود يدل على مطلق التحري، والتحري يعني: العمل بغلبة الظن.
وبناءً عليه نقول: الإمام والمأموم والمنفرد كلهم يأخذون بغلبة الظن، فإذا غلب على ظن الإنسان أنه صلى ثلاثاً عدها ثلاثاً، وإذا غلب على ظنه أنها أربع عدها أربعاً ولم يأت برابعة، بل يكفيه ما صلى ويسجد للسهو حينئذ قبل السلام، كما نص عليه حديث عبد الله بن مسعود .
ومثله أيضاً: لو شك هل ركع أو لم يركع؟ فنقول حينئذ: يعمل بغلبة الظن، فإن غلب على ظنه أنه ركع فلا يأتي بالركوع حينئذ، بل ينتقل إلى السجود، ولو غلب على ظنه أنه سجد سجدتين لم يستحب ولم يشرع له أن يسجد بعد ذلك، بل يكتفي بما مضى ويتم صلاته.
إذاً: الراجح أن المصلي يعمل بغلبة الظن، سواء في الأركان، أو في الواجبات أو في الركعات.
والراجح أيضاً: أن المتعبد يعمل بغلبة الظن في سائر العبادات، مثل ماذا؟ مثل الطواف، لو كان يطوف فشك هل طاف ستة أو سبعة، وغلب على ظنه أنها سبعة لكنه لا يقطع بذلك ويجزم به؛ فالأقرب أنه يعتبر غلبة الظن حينئذ، ولا يلزمه أن يطرح الشك ويبني على اليقين إلا إذا تساوى الطرفان، يعني: إذا لم يكن عنده غلبة ظن، بل يقول: والله ما أدري ستة أو سبعة، لا أدري، كذلك ما يتعلق بالصلاة لا أدري هل أتيت بثلاث أو أربع، شك شكاً لم يترجح أحد الطرفين، فحينئذ يبني على اليقين وهو الأقل ويأتي بما بقي، يأتي بالركعة الرابعة مثلاً أو يأتي بالركوع أو السجود أو يأتي بالواجب عليه، هذا إذا شك ولم يترجح عنده أحد الطرفين، أما إذا ترجح أحد الطرفين فإنه يعمل بما ترجح لديه كما دل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود .
والراجح أيضاً أن العمل بغلبة الظن في سائر العبادات، وهذا من التخفيف والتيسير على الناس؛ لأن اليقين عزيز في كثير من الأمور، ولو طالبنا الناس باليقين المطلق في كل شيء لأفضى ذلك إلى التردد الكثير في العبادة وفتح باب الوسواس عليهم.
ولهذا فإن الصواب أن من شك في عدد الركعات -وهي المسألة السابعة عشرة- وترجح عنده أحد الأمرين بنى على ما ترجح عنده، فإن لم يترجح عنده شيء بنى على اليقين كما ذكر المصنف، والإمام والمأموم والمنفرد في ذلك سواء.
والراجح والأقرب: أنه يسجد للسهو ما لم يطل الفصل لذلك، أما إذا طال الفصل، فإنه حينئذ تنتفي الموالاة بالصلاة ولا شيء عليه في ذلك.
قيل: سجود السهو كله قبل السلام؛ وذلك لأنه عمل من جنس الصلاة فينبغي ألا ينصرف من صلاته إلا وقد أتى بكل ما عليه من السجود، واستدلوا لذلك بأحاديث في هذا: أن السجود كله قبل السلام، كما استدلوا ببعض أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسجوده قبل السلام كما في حديث أبي سعيد، وكما في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة، وكما في حديث عمران بن حصين، وكما في حديث المغيرة بن شعبة، وأحاديث كثيرة مروية من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا هو القول الأول، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد .
القول الثاني: أن السجود كله بعد السلام، وقد استدلوا في ذلك بأحاديث أيضاً: ( لكل سهو سجدتان بعدما يسلم )، وهو حديث ضعيف لا يصح، كما استدلوا ببعض أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وحديث عمران في سلامه صلى الله عليه وسلم من ثلاث، وحديث ابن مسعود بأنه يتحرى ويسجد للسهو بعد السلام، وحديث ابن مسعود أيضاً في صحيح مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم: سجد بعد السلام والكلام )، فقالوا: ذلك دليلٌ على أن السجود بعد السلام.
القول الثالث: التفصيل، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، قال: إن كان السجود عن زيادة فهو بعد السلام، وإن كان السجود عن نقص فهو قبل السلام، إن كان عن زيادة فهو بعد السلام؛ لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان، وإن كان عن نقص فهو قبل السلام حتى لا ينصرف من صلاته إلا وقد جبر نقصها، ويحمل الأحاديث المختلفة في ذلك على هذا.
المذهب الرابع: مذهب الإمام أحمد، قال: إنه ينزل كل حديث على مكانه، فإن سلم من ركعتين ناسياً، ثم أتى بما عليه؛ فإنه حينئذ يسجد بعد السلام؛ لحديث ذي اليدين، هكذا يقول الإمام أحمد .
طيب. إن سلم من ثلاث ناسياً ثم أتى بما عليه، بطبيعة الحال فإنه يسجد أيضاً بعد السلام؛ لحديث عمران بن حصين .
طيب. لو نسي التشهد الأول فإنه يسجد قبل السلام؛ لحديث عبد الله بن مالك بن بحينة، وإذا شك فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً، فطرح الشك وبنى على اليقين، فإنه حينئذ يسجد للسهو قبل السلام؛ لحديث أبي سعيد المتفق عليه، وهكذا..
فالإمام أحمد رحمه الله يقول: ما ورد في الأحاديث يعمل به في موضعه، وما سوى ذلك فإن السجود فيه يكون قبل السلام، فكأن الأصل عنده رحمه الله: أن السجود قبل السلام إلا ما جاء النص فيه أنه بعد السلام فيجعل بعد السلام.
والراجح من هذه الأقوال: أن سجود السهو يكون على أضرب:
الضرب الأول: السهو بزيادة، فهذا يكون السجود فيه بعد السلام، كما لو زاد ركعة، فصلى خمساً مثلاً؛ فإنه حينئذ يسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم، ومن الزيادة أن يسلم عن نقص كما أسلفت، كأن يسلم من ركعتين ثم يأتي بما عليه، فإن هذا يعد زيادة؛ لأنه زاد في الصلاة تسليماً، وزاد أيضاً التشهد الأخير في الصلاة، فإن هذا يعد زيادة فيسجد لسهوه بعد السلام، ومثله أيضاً: لو زاد ركوعاً أو سجوداً أو قعوداً، أو أعاد قراءة الفاتحة سهواً، فإن ذلك كله يسجد له بعد السلام؛ وذلك لدلالة الأثر والنظر.
أما دلالة الأثر فإن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو بعد السلام في الزيادة، صلى خمساً كما في حديث ابن مسعود فسجد بعد السلام، وزاد سلاماً وتشهداً كما في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين فسجد بعد السلام، وزاد أيضاً كما في حديث عمران أنه سلم من ثلاث، ثم أتى بالرابعة، ثم سجد بعد السلام، هذا من حيث الأثر.
أما من حيث النظر: فإن ذلك لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان: فالزيادة الأولى: كانت سهواً فلا شيء عليه فيها. أما الزيادة الثانية: فهي سجود السهو، فيجعله بعد السلام لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان. هذا هو الضرب الأول.
الضرب الثاني: النقص، أن يسلم عن نقص في صلاته، مثل أن ينسى التشهد الأول، فيقوم حتى يستتم قائماً فحينئذ لا يعود إليه، لكنه يسجد للسهو، ويكون سجوده قبل السلام؛ لئلا ينصرف من صلاته إلا وقد جبرها، ومثله لو نسي (سبحان ربي الأعلى) أو (سبحان ربي العظيم)، أو نسي تكبيرات الانتقال، أو ما أشبه ذلك من واجبات الصلاة؛ فإنه حينئذ يسجد للسهو قبل السلام، وذلك أيضاً بدلالة الأثر والنظر.
أما الأثر: فلحديث عبد الله بن مالك بن بحينة وهو متفق عليه: ( أن النبي عليه السلام نسي التشهد الأول فسجد قبل السلام )، جبر النقص قبل أن يسلم.
ومثله أيضاً: حديث المغيرة بن شعبة، مثل حديث عبد الله بن مالك بن بحينة حديث المغيرة بن شعبة، وأما النظر فكما سبق؛ لئلا ينصرف من صلاته إلا وقد جبرها.
الضرب الثالث: أن يشك في صلاته ويستوي عنده الطرفان، لا يترجح عنده أحد الوجهين، فيشك مثلاً في عدد الركعات، ولا يدري هل صلى ثلاثاً أم صلى أربعاً، أو يشك في الركوع هل ركع أو لم يركع، ولا يترجح عنده شيء، أو يشك في التشهد الأول هل تشهد أو لم يتشهد ولا يترجح عنده شيء، فمثل هذا يطرح الشك، يلغيه ويبني على اليقين، ويأتي بما شك به من ركعة أو ركوع أو سجود أو قعود، يأتي به ويسجد للسهو قبل السلام ثم يسلم.
وهذا أيضاً دل عليه الأثر والنظر، أما الأثر: فحديث أبي سعيد رضي الله عنه المتفق عليه وقد ذكرته قبل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك -أي: يلغيه- وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان )، فهذا الدليل يدل على أنه إذا شك لم يترجح عنده شيء ألغى الشك وعمل باليقين وأتى بالمشكوك فيه، وسجد للسهو قبل السلام، نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم: ( وليسجد سجدتين قبل أن يسلم ).
أرجو ألا يلتبس الأمر عليكم بما بعده، هذا شك لم يترجح فيه أحد الطريفين، فيلغي الشك ويبني على اليقين ويسجد سجدتين قبل السلام، بمقتضى حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه، وقد ذكرت لفظه، هذا من حيث الأثر.
أما من حيث النظر: فأيضاً ما دل عليه حديث أبي سعيد رضي الله عنه هو الذي يقتضيه النظر والقياس؛ لأنه في حالة الشك نعتبر الشك لاشيء، ملغى، الأمر المشكوك فيه إذا لم يترجح عنده شيء ولم يكن عنده سبيل للاجتهاد بتغليب أحد الجانبين؛ فإن المشكوك فيه يعتبر كما لو كان لم يفعله قط، وحينئذ لابد أن يأتي بهذا الأمر الذي شك فيه، هذا معلوم، ثم إن مجرد حصول الشك والتردد في الصلاة يعتبر نقصاً، مجرد حصول الشك والتردد وكون المصلي يقول: ركعت أو ما ركعت، هل هي ثلاث أو أربع؟ هذا يعد نقصاً أو لا يعد نقصاً؟ يعد نقصاً، فهذا النقص يجبر بماذا؟ بسجود السهو قبل السلام.
مثال: ما أدري هل هي ثلاث أو أربع؟ هل ترجح عندي شيء؟ ما ترجح شيء (50%) أنها ثلاث، و(50%) أنها أربع، لا سبيل إلى الترجيح، إذاً: حينئذ لابد من إلغاء الشك واعتبار أنها ثلاث، حتى لو كانت في حقيقة الحال أربعاً؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة ذلك، فيعتبر أنها ثلاث، ويلغي الشك ويأتي برابعة، وحينئذ صلاته طرأ عليها نقص، وهو هذا التردد الذي حدث فيجبره بسجود السهو قبل السلام.
الضرب الرابع: هو الشك مع ترجيح أحد الطرفين، شك فلم يدر هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولكنه تحرى فغلب على ظنه أنه صلى أربعاً، فجلس للتشهد ولم يأت بزيادة، أو غلب على ظنه أنه صلى ثلاثاً فقام إلى الرابعة، فحينئذ إذا شك وغلب عنده أحد الطرفين فإنَّه يعمل بغلبة الظن ويسجد للسهو بعد السلام.
وهذا أيضاً يقتضيه الأثر والنظر، أما الأثر: فحديث ابن مسعود، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتحري وقال: ( فليتحر الصواب ثم ليبن عليه، وليسجد سجدتين بعدما يسلم )، واللفظ الآخر لـابن مسعود في مسلم : ( أنه عليه السلام سجد بعد السلام والكلام )، طيب. هذا هو الأثر، تحرى ثم سجد.
أما من حيث النظر والقياس؛ فإن الأمر الذي رجحه الإنسان وغلب على ظنه يعتبر في مقام اليقين، فعلى هذا يكون بناء الإنسان عليه بناءً على قول راجح نزل منزلة اليقين عند تعذر اليقين وعدمه، فيكون انصرف عن صلاته حينئذ على مثل اليقين، فلا داعي لأن يسجد للسهو في صلب الصلاة؛ لأنه بنى على غلبة ظنه، ولكن يبقى احتمال النقص في الصلاة قائماً، فيجبره بسجود يكون بعد الصلاة.
إذاً: إن كانت المسألة شكاً كان السجود قبل السلام حتى يجبر النقص المحقق في صلاته، أما إن كان في المسألة تحر، فإن السجود يكون بعد السلام؛ لأننا نزلنا الظن الغالب منزلة اليقين.
وبناءً عليه فألوان سجود السهو في الصلاة أربعة: إن كان عن زيادة فالسجود بعد السلام، وإن كان عن نقص فالسجود قبل السلام، وإن كان عن شك بنى فيه على اليقين فالسجود.. مرة أخرى: وإن كان عن شك بنى فيه على اليقين، يعني: شك استوى طرفاه ولا سبيل فيه إلى الترجيح ولا إلى التحري؛ فإنه حينئذٍ قبل السلام.
طيب. لو أن المأموم كان مسبوقاً، والسهو فيما فاته، ثم سجد الإمام بعد السلام، هذه مسألة يكثر وقوعها، سجد الإمام بعد السلام، فماذا يصنع المأموم؟
مرة أخرى: إنسان مسبوق، السهو كان فيما فاته من الصلاة، ما أدرك السهو، أدرك صلاة تمام ما فيها سهو، ثم لما سلم الإمام أراد أن يتم صلاته، يتم ما فاته، سجد الإمام للسهو بعد السلام، فماذا يصنع المسبوق؟ ماذا يصنع؟
نعم. يعني: يعود ويسجد مع الإمام. هناك شيء يا خالد ؟!
له ثلاث حالات:
الأولى: إذا قام ولم يستتم، فإنه يرجع لزاماً ويسجد مع الإمام.
الثانية: إذا استتم قائماً ولم يشرع في قراءة الفاتحة، فحينئذٍ الأولى ألا يرجع ويجوز له أن يرجع.
الحال الثالثة: أن يشرع في قراءة الفاتحة فحينئذٍ يحرم عليه الرجوع.
هذه الأحوال الثلاثة فيمن سبق، سواء أدرك السهو أو لم يدرك السهو: إن لم يستتم قائماً وجب الرجوع عليه، وسجد مع الإمام، أن يستتم قائماً لا يرجع، الأولى ألا يرجع ولو رجع جاز، إذا شرع في قراءة الفاتحة حرم عليه الرجوع؛ لأنه انشغل بركن فلا يتركه لواجب، ثم في كل هذه الأحوال يجب عليه أن يسجد للسهو بعدما يقضي ما عليه، والله تعالى أعلم؛ لحديث: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) .. الحديث.
وهذا نص حديث متفق عليه عن جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفق النساء ) والمعنى: في الصلاة أن الرجل إذا سها إمامه سبح، فيقول: سبحان الله، وكذلك المرأة تصفق؛ لأنه لا ينبغي لها أن ترفع صوتها في الصلاة.
الجواب: إن كان جاهلاً لا تبطل صلاته.
الجواب: إذا أحدث وهو في الصلاة ينصرف من صلاته ويقدم غيره.
الجواب: نعم عليكم إعادة الصلاة إذا كنتم قريبين من البلد، يعني: إذا كان توقيتكم على توقيت البلد.
الجواب: لا، إذا كان الشك يحصل لك كثيراً فلا سجود عليك؛ لأن من كثر منه الشك لا يسجد.
الجواب: لا، الأصل أن المؤذن هو الذي يقيم.
الجواب: يقرأ ثم ينفث، جمع كفيه فنفث فيهما فقرأ فيهما، يعني: النفث أثر عن القراءة، تجمع يديك هكذا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، وتنفث بعد كل سورة، ثم تمسح بها رأسك ووجهك وما أقبل من جسدك.
الجواب: نعم، هو من باب العمد، ولذلك هذه أعمال ليست من جنس الصلاة، فقلنا: إن اليسير منها لا يبطل الصلاة ولو كان عمداً.
الجواب: ذكرنا هذا، إذا كان لم يشرع في الركعة الثانية يعود إلى الركن، أما إن شرع في الركعة الثانية؛ فإنه يلغي الأولى ويعتد بالثانية.
الجواب: يسجد قبل السلام من أجل جبر الشك الذي حصل في الصلاة، كالتردد الذي حدث.
الجواب: صحيح هذا، هذا جاء في بعض الآثار: ( أنه صلى الله عليه وسلم نسي ركعة فأمر
الجواب: لا، ليس له أن يرجع، لا يجوز له أن يرجع.
الجواب: إذا كان الإمام في محله ولم يطل الفصل يسجد للسهو هو، وأما الجماعة فلا شيء عليهم.
الجواب: تسبح به، فإن أصر تتبعه؛ لأنه لم يكن عندك يقين.
الجواب: أما تكبيرة الانتقال إذا كان قاعداً شرع له أن يكبر للقيام للانتقال، والله أعلم.
الجواب: لا، ( إن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى أربعاً -يعني: تماماً- كانت إرغاماً للشيطان ).
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ونبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر