وهذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بسند جيد عن ابن عمر .
ويؤيده كذلك ما رواه البيهقي عن ليث عن عطاء عن عائشة : [ أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء وتقوم وسطهن ]، ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة مختصراً. وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف.
ثم رواه البيهقي عن عمرو بن أبي سلمة قال: سألت ابن ثوبان : هل على النساء إقامة؟ فحدثني أن أباه حدثه قال: سألت مكحولاً، فقال: إذا أذنّ فأقمن فذلك أفضل، وإن لم يزدن على الإقامة أجزأت عنهن.
قال ابن ثوبان: وإن لم يقمن فإن الزهري حدث عن عروة عن عائشة قالت: (كنا نصلي بغير إقامة)، وسند الأثر حسن إن شاء الله، أعني أثر ابن ثوبان، ويوفق بينهما: بأن عائشة رضي الله عنها كانت تفعل هذا تارة وذاك تارة أخرى، وجنح إليه البيهقي رحمه الله، ويذكر عن جابر رضي الله عنه أنه قيل له: أتقيم المرأة؟ قال: نعم.
روى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يتشهد قال: وأنا وأنا )، والحديث صححه الألباني كما في صحيح الجامع . قال الطيبي : عطف (أنا وأنا) على قول المؤذن (أشهد) بتقدير العامل.
أما الأخير فكما ذكرنا سابقاً، هذا المتابع يقول: وأنا وأنا، أما أذان النساء وإقامتهن فقد سمعتم ما كتبه الأخ، ويبقى أن موضوع الأذان بالنسبة للنساء لا يثبت، وهذه الآثار لا يثبت بها حكم، ولا شك أن النساء ليس عليهن جماعة؛ ولذلك ليس عليهن أذان، أما الإقامة فلا شك أن الأمر فيها أوسع، وقد قيل بمشروعية الإقامة للنساء.
في هذا الباب مسائل: الأولى منها: قوله رحمه الله: [ باب شروط ]، فإن الشروط مفرده شرط، ويجمع على: شروط وأشراط، كما ذكر أهل العلم، وكما قال الله تعالى: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18] أي: علاماتها، والشرط في اللغة: العلامة.
أما في الاصطلاح: فهو ما لا يوجد المشروط مع عدمه.
وينبغي أن يفرق بين الشروط وبين الأركان والواجبات، فأما الشروط فهي تكون خارج الصلاة، كما هو معروف: الطهارة مثلاً، أو الوقت، أو ستر العورة، هي أشياء خارج الصلاة، بخلاف الأركان والواجبات فهي تكون في صلب الصلاة: كالقيام، والقراءة، والركوع، والسجود، والذكر وما أشبه ذلك، هذا هو الفرق الأول.
وأما الفرق الثاني: فإن الشرط يجب استيعابه في جميع الصلاة، بمعنى: أنه يجب أن يكون مصحوباً طول وقت الصلاة، فستر العورة مثلاً واجب إلى نهاية الصلاة، بخلاف الأركان والواجبات فإنه ينتقل من ركن إلى ركن، أو من ركن إلى واجب، أو من واجب إلى ركن.
الفرق الثالث: أنه بالنسبة للشرط يلزم من عدمه العدم، فمثلاً: لو عدم الطهارة من الحدث فإنها لا تصح صلاته، بخلاف الواجب فإنه قد يتركه سهواً وتصح صلاته مع ذلك.
وينبغي أن يعلم أن من أهل العلم من عد شروط الصلاة تسعة كما هو معروف، ومن عدها ثمانية، وهذا راجع إلى أن الشروط -كما يقول علماء الأصول- هي من الأحكام الوضعية التي تتعلق بأفعال المكلفين من حيث الحكم عليها بالصحة والإجزاء، أو الفساد أو البطلان أو غير ذلك، ولهذا يتفاوت العلماء في عدها وتقديرها.
وبالجملة: فإن أهل العلم قسموا الشروط إلى قسمين: شروط لوجوب الصلاة، وهذه مثل العقل، ومثل الإسلام عده بعضهم أيضاً، ومثله البلوغ أيضاً، فهذه شروط لوجوب الصلاة، بحيث إنها لا تجب على غير العاقل، أو على من لم يبلغ، أو على غير المسلم عند من لا يقول بأن الكفار مطالبون بفروع الشريعة.
أما القسم الثاني من الشروط: فهي شروط الصحة، وهي التي ذكرها المصنف وعدها ستة، منها: الطهارة، ومنها الوقت، ومنها: ستر العورة، ومنها: إزالة النجاسة، ومنها: النية، ومنها: استقبال القبلة، فهذه تسمى شروط صحة الصلاة.
إذاً: الشروط قسمان: شروط الوجوب وهي ثلاثة، وشروط الصحة وهي ستة.
أما الطهارة من الحدث فالمقصود بها الطهارة من الأحداث كلها: الحدث الأكبر والأصغر، ويكون ذلك بالغسل من الحدث الأكبر والوضوء من الحدث الأصغر، والدليل على اشتراط الطهارة قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، فهذه هي الطهارة من ماذا؟ من الحدث الأصغر، أما الطهارة من الحدث الأكبر فذكرها جل وعز بقوله: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، وما يتبعه أيضاً: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [المائدة:6]، فإن التيمم أيضاً يعد طهارة لمن فقد الماء أو لم يستطع استعماله، فهذا دليل من القرآن الكريم.
أما الدليل من السنة فهو الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ).
والمصنف رحمه الله تعالى ساق هذا الحديث بالمعنى بقوله: (لا صلاة لمن أحدث حتى يتوضأ)، ولفظ الحديث: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ).
فقوله: ( لا يقبل ) دليل على أن ذلك شرط لصحة الصلاة وإجزائها.
والطهارة من الحدث فرض بكل حال لا تسقط أبداً، فمن استطاع أن يتطهر بالماء فعل، ومن لم يستطع يتيمم، فمطلوب أن يتطهر بقدر وسعه.
ولو نسي الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر، فهل تصح صلاته؟
لا تصح صلاته أبداً بل عليه أن يعيد.
أي: دخول وقت الصلاة، فإن الصلاة لا تصح بغير وقتها، والدليل على ذلك قوله جل وتعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103].
والدليل من السنة: تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأل عن الصلاة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ( الصلاة بين هذين الوقتين )، وكذلك إمامة جبريل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أول الوقت وفي آخره، كما رواه أحمد وأهل السنن وهو حديث صحيح .
وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم حدد الأوقات، كما في حديث أبي برزة وابن عمر وغيرهما، وبين مواقيت الصلاة، وبالجملة فإن بيان مواقيت الصلاة ثابت بالتواتر قولاً وفعلاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك يقل الخلاف بين أهل العلم في أمر المواقيت لظهورها واشتهارها، وكثرة الأحاديث والآثار فيها.
فبدأ هاهنا بالمواقيت، بدأ بالأوقات أو المواقيت، وهي جمع ميقات، والعلماء يختلفون في تحديد المواقيت، فمنهم من يبدأ بصلاة الفجر؛ لأنها أول الأوقات ويثني بالظهر ويثلث بالعصر بحيث تكون هي الصلاة الوسطى، كما يذكر المصنف بعد قليل، وينتهي بصلاة العشاء؛ لأنها آخر الصلوات، ومنهم من يبدأ بصلاة الظهر، ويثني بالعصر ويختم بصلاة الفجر، ولا شك أن الأول أنسب، البداءة بصلاة الفجر؛ لأنها هي أول الصلوات النهارية وتعقبها الظهر وتكون العصر حينئذ هي الوسطى.
وعلى كل حال: فهذا الأمر اصطلاحي لا تأثير له.
المصنف رحمه الله بدأ بوقت صلاة الظهر فقال: [ ووقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ].
وقت الظهر من زوال الشمس، يقال: زالت الشمس، وزاغت، ودلكت، إذا انتقلت من كبد السماء إلى جهة الغروب في وسط النهار، والدليل على أن وقت الظهر يبدأ بزوال الشمس، الدليل قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ [الإسراء:78]، فقوله: لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أي: لزوالها، فيبدأ وقت الظهر بدلوك الشمس وزوالها وانتقالها من وسط السماء إلى جهة الغروب، وهذا إجماع أو يشبه الإجماع، لم يخالف في وقت صلاة الظهر إلا قول ضعيف غاية الضعف مروي عن ابن عباس رضي الله عنه، ثم استقر الإجماع بعد على أن صلاة الظهر لا تصح إلا بعد الزوال، هذا فيما يتعلق بأول وقت الصلاة إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، كما في حديث جبريل حينما أم النبي صلى الله عليه وسلم -حديث ابن عباس وغيره- فصلى به في المرة الثانية حين صار ظل الشيء مثله، وكذلك جاء هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وقت الظهر إذا زالت الشمس وصار ظل الشيء مثله )، وهذا هو المشهور.
إذاً: وقت العصر يبدأ إذا صار ظل الشيء مثله، وهو آخر وقت صلاة الظهر، وينتهي وقت الاختيار باصفرار الشمس، أي: إذا ضعفت أشعة الشمس واصفرت اصفراراً ظاهراً، هذا وقت الاختيار.
قال المصنف رحمه الله في المسألة السابعة: [ وهي الوسطى ].
أي: صلاة العصر. قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].
وقد اختلف أهل العلم في تحديد الصلاة الوسطى على أقوال كثيرة جداً، ومع أن الصلوات كلها خمس، فقد اختلف أهل العلم في تحديد الصلاة الوسطى على أقوال تزيد على سبعة أو أكثر من ذلك على ما هو معروف، أصحها: أنها صلاة العصر؛ لأنها هي الوسطى باعتبار أن الفجر أول الصلوات، فتكون العصر هي الوسطى، ومما يرشح ذلك ويدل عليه حديث علي رضي الله عنه المتفق عليه في يوم الأحزاب، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال -ولم يصل العصر حتى كادت الشمس أن تغيب-: ( شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً )، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنها صلاة العصر، وفي بعض الروايات قال: ( شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ).
وقد جاء في ذلك أدلة كثيرة جداً، هذا من أقواها وأصحها.
إذاً: هي صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى، وقد جاء في فضلها أحاديث منها: ( من صلى البردين دخل الجنة )، وهو في الصحيح، ومنها: (من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله )، ومنها: حديث علي رضي الله عنه في الصحيحين كما سبق.
المسألة الثامنة: قال [ ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس ].
إذاً: صلاة العصر لها وقتان: وقت اختيار، ووقت اضطرار، أما وقت الاختيار -أي: وقت الجواز- فإنه يبدأ حينما يصير ظل الشيء مثله عند جماعة من أهل العلم.
وقال آخرون: بل يبدأ عندما يصير ظل الشيء مثليه، وينتهي باصفرار الشمس هذا وقت الاختيار، وأما وقت الاضطرار فإنه يبدأ باصفرار الشمس وينتهي بغروب الشمس، وذلك للحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك الصلاة )، والحديث متفق عليه، ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك الصلاة، ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة )، فهذا دليل على أن الوقت الاضطراري يمتد إلى غروب الشمس بالكلية، ولا يجوز للإنسان أن يؤخر صلاة العصر إلى اصفرار الشمس إلا مضطراً، ومن صلاها في وقت اضطراري فقد أدرك الوقت ولكنه آثم بالتأخير.
أما بدء وقت المغرب فإنه يبدأ بغروب الشمس بالكلية، وهذا إجماع لا خلاف فيه، فإن صلاة المغرب لا يدخل وقتها إلا بمغيب الشمس.
أما نهاية الوقت، فإن المشهور عند أهل العلم -وهو مذهب الجمهور- أنه يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر، وقيل: الأبيض، وذهب الشافعي رحمه الله تعالى: إلى أن وقت المغرب وقت يسير جداً لا يتسع إلا لقدر صلاة ركعتين قبلها ثم صلاة المغرب، وينتهي وقتها بعد ذلك.
ومذهب الجمهور أصح وأولى، والدليل يعضده، أن وقت المغرب يمتد من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق الأحمر، أي: أنه يمتد إلى دخول وقت صلاة العشاء، ولا يوجد بين المغرب والعشاء وقت ليس بشيء من هاتين الصلاتين، بل يخرج وقت المغرب ليدخل وقت العشاء.
إذاً: وقت صلاة المغرب يمتد إلى أن يؤذن لصلاة العشاء إذا أذن لها على الوقت، والدليل على ذلك: حديث بريدة -وهو في صحيح مسلم -: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في اليوم الأول حين غابت الشمس، ثم صلى في اليوم الثاني قبيل أن يغيب الشفق ).
(من ذلك): أي من مغيب الشفق، فإنه إذا خرج وقت المغرب دخل وقت العشاء، والدليل على ما ذكره المصنف قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن ابن عمر : ( وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل )، وهذا هو القول المشهور وعليه الجمهور، وقيل: إلى ثلث الليل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم العشاء حين ذهب ثلث الليل، ولا يخفى أن صلاته صلى الله عليه وسلم العشاء حين ذهب ثلث الليل لا تدل على أن الوقت ينتهي بذلك، فإن قوله: ( إلى نصف الليل ) قول، وهو حاكم على فعله عليه الصلاة والسلام، فالقول مقدم، كما أنه ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم آخر صلاة العشاء إلى نصف الليل، فدل ذلك على أن وقت الاختيار بالنسبة لصلاة العشاء يمتد إلى نصف الليل.
قال بعض أهل العلم: وينتهي بذلك وقت صلاة العشاء بالكلية، وليس للعشاء وقت اختيار ووقت اضطرار.
أما القول الآخر -وهو مذهب الجمهور والرواية المشهورة في المذهب-: فيقولون: إن وقت صلاة العشاء كوقت صلاة العصر ينقسم إلى قسمين: وقت اختيار، ووقت اضطرار، أما وقت الاختيار بالنسبة للعشاء فإنه يبدأ بمغيب الشفق الأحمر وينتهي بنصف الليل، هذا وقت الاختيار، والسنة أن يؤخر العشاء إلى ثلث الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: ( إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي )، فتأخير العشاء إلى ما بعد ثلث الليل وقبل نصفه أفضل إذا لم يشق ذلك على الناس، وإن كان الغالب من فعله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصلي العشاء في وقتها مراعاة لحال الناس كما هو معروف.
أما وقت الضرورة بالنسبة لصلاة العشاء، فإنه يبدأ بعد نصف الليل وينتهي بطلوع الفجر الثاني، والفجر الثاني هو الفجر الصادق وهو البياض المعترض في الأفق، والذي لا يزول بل يعقبه النور ثم طلوع الشمس، بخلاف الفجر الأول، فإنه بياض مستطيل كذنب السرحان -كما جاء في بعض الأحاديث- ويزول بعد ذلك ويعقبه ظلمة، ويسمى الفجر الأول أو الفجر الكاذب.
إذاً: وقت الضرورة بالنسبة لصلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، والدليل على أن وقت العشاء له وقت ضرورة يمتد إلى طلوع الفجر الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة لما ناموا عن صلاة الفجر: ( إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى دخل وقت الصلاة الأخرى ).
فقوله: ( على من لم يصل الصلاة حتى دخل وقت الصلاة الأخرى ) ذلك دليل على أن الأصل أن كل صلاة لا ينتهي وقتها إلا بوقت الصلاة التي بعدها، ولا يستثنى من ذلك إلا ما دل الدليل القطعي الظاهر عليه، وهي صلاة الفجر مع صلاة الظهر، فإن ما بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال ليس وقتاً لشيء من الصلوات، هذا دليل.
أيضاً من الأدلة على وقت الاضطرار في صلاة العشاء: حديث عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم آخر صلاة العشاء حتى ابهار الليل )، وفي رواية: ( حتى تهور الليل )، (تهور) أي: ذهب معظمه، فهذا قد يستدل به على أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء إلى نصف الليل أو إلى ما بعد ذلك بزمن يسير، ومن المعلوم أنه لو كان ذلك يخرج به وقت الصلاة لما أخرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك الوقت.
وأما قوله جل وتعالى في الآية الكريمة: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78]؛ فذلك لا يدل بالضرورة على أن الوقت ينتهي، فإن قوله: إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ [الإسراء:78] يعني: إلى نصف الليل واشتداد ظلمته، فهذا حدد وقت الاختيار بالنسبة لصلاة العشاء، حدد فيه وقت الاختيار بالنسبة لصلاة العشاء، ثم قال: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]، فحدد بذلك وقت صلاة الفجر.
يعني: وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وتحديد وقت صلاة الفجر لا إشكال فيه، فأما بدايته فقوله تعالى: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78] فحددت الآية الكريمة الأوقات الضرورية الأساسية الثلاثة:
الوقت الأول: لدلوك الشمس، ويشمل وقت صلاة الظهر والعصر، ما بين الزوال إلى الغروب.
الوقت الثاني: إلى غسق الليل، وذلك يشمل وقت صلاة المغرب والعشاء، من غروب الشمس إلى منتصف الليل لوقت الاختيار.
الوقت الثالث لصلاة الفجر: (وقرآن الفجر)، ولهذا كانت الظهر تجمع مع العصر عند الحاجة، وكانت المغرب تجمع مع العشاء عند الحاجة، أما الفجر فكانت لا تجمع لا مع ما قبلها ولا مع ما بعدها، وكذلك بالنسبة لآخر الوقت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال -كما في الصحيح-: ( من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة )، وأمر صلاة الفجر ظاهر لا خلاف فيه.
ويبقى ما بعد طلوع الشمس إلى زوالها ليس محلاً لشيء من الصلوات.
هذه المسألة فيها: بم تدرك الصلاة؟
قال أكثر الفقهاء: تدرك بإدراك التكبير قبل خروج الوقت؛ لأنه أدرك جزءاً من الصلاة قبل أن يخرج الوقت، ومما يستدل به على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: ( إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها وأنتم تمشون، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا -أو فأتموا- )، فقوله: ( فما أدركتم فصلوا ) قالوا: هذا مطلق يدل على أن أي قدر أدرك الإنسان من الصلاة فقد أدرك الصلاة في الوقت، ومثل ذلك: لو أدرك شيئاً من الصلاة مع الإمام ولو قل، فإذا أدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام فإنه يكون بذلك قد أدرك الجماعة وأجر الجماعة في الجملة، هذا قول.
القول الثاني -وهو رواية في المذهب واختاره جماعة من فقهاء الحديث-: أن ذلك إنما يكون بإدراك ركعة لا بإدراك التكبيرة فحسب، فمن أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الصلاة، وكذلك من أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة، وقد جاء في ذلك حديث في صحيح مسلم : ( من أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الصلاة )، والرواية الأخرى التي ذكرتها قبل: ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك الصلاة، ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة )، وهذا الحديث يرشح ويرجح القول الثاني، وأن العبرة والحجة بإدراك ركعة من الصلاة، فمن أدرك ركعة قبل خروج الوقت فقد أدرك الوقت، ومن أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الصلاة، ومن أدرك أقل من ذلك فإنه لا يكون ينال أجر إدراك الجماعة ولا إدراك الوقت.
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( أفضل الأعمال الصلاة على وقتها )، وقد جاء في بعض الألفاظ: ( الصلاة لوقتها ) أو: ( لأول وقتها ) واللفظ الصحيح: ( الصلاة على وقتها )، ولكن حتى هذا اللفظ: ( الصلاة على وقتها ) يدل على المبادرة للصلاة؛ لأن قوله: ( على وقتها ) يدل على التمكن والاستقرار، وإنما يكون ذلك لمن صلى في أول الوقت، وقد يستدل لذلك بالعمومات، كما في قوله تعالى: وَسَارِعُوا [آل عمران:133]، وكما في قوله: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد:21]، وكما في قوله: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ [الواقعة:10] إلى غير ذلك مما يدل على فضيلة المبادرة إلى الخيرات والمسارعة إليها، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أي: فإن تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم -وقد أخرها إلى ثلث الليل-: ( إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي )، وفي حديث أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء، ولكن لو نظرنا إلى فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لوجدنا أن الغالب من فعله أنه كان يصلي العشاء في وقتها ولا يؤخرها؛ وذلك مراعاة لحال المأمومين؛ ولذا ينبغي أن يقال: إنه فيما يتعلق بوقت صلاة العشاء الآخرة، إن كان إمام عامة يصلي في مسجد جماعة فإن الأفضل في حقه أن يصلي العشاء في وقتها؛ لئلا يشق ذلك على الناس، وهذا كان فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه هم أفضل الأصحاب.
وقصة معاذ رضي الله عنه مع قومه بني سلمة حينما كان يؤخر صلاة العشاء ويطيل القراءة فيها، فانفتل بعضهم عن الصلاة، فعلم معاذ بذلك فنال منه وسبه، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عاتبه على ذلك وقال: ( أفتان أنت يا
فيقال: إن كان إمام عامة وفي مسجد ينتابه الناس ولا تنضبط أمورهم وأحوالهم، فينبغي أن يؤدي صلاة العشاء في وقتها المعتاد ولا يؤخرها.
أما إن كانوا مجموعة أمرهم واحد، ولا يشق عليهم تأخير العشاء، أو كان يصليها منفرداً كأن يكون مسافراً أو ما أشبه ذلك، فإن تأخــير صلاة العشاء إلى ثلث الليل أفضل لما سبق.
أي: ويستحب تأخير الظهر في شدة الحر، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم ).
وجاء في الحديث الآخر: ( أن النار اشتكت إلى ربها فقالت: يا رب! أكل بعضي بعضاً. فأذن الله تعالى لها بنفسين: نفس في الصيف ونفس في الشتاء، فأشد ما تجدون في الحر من نار جهنم )، فذلك دليل على أنه يستحب تأخير الظهر في شدة الحر والإبراد بها، وإنما يكون الإبراد بتأخير الظهر جداً إلى آخر وقتها حتى تنكسر أشعة الشمس وتبرد بعض الشيء، ويوجد للحيطان ظل يستظل به الذين يمشون إلى المسجد، فهذا هو المقصود بالإبراد: ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم )، هذا هو المشهور المعتمد عند أهل العلم.
فستر العورة في الصلاة شرط؛ لعموم قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31].
وفي الحديث الذي رواه أهل السنن عن عائشة رضي الله عنها -ومضى- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار )، فهذا دليل على أن ستر العورة واجب.
والمصنف رحمه الله تعالى جعل الضابط في ستر العورة هو ما لا يصف البشرة من الثياب، أي: ما لا يشف عن البشرة ويبين لونها، فأما إن كان شفافاً يبين من ورائه لون البشرة فإنه حينئذ يكون كَلَا شيء ووجوده كعدمه، ولا يتم به ستر العورة.
وذلك لحديث جرهد الأسلمي الذي ذكره البخاري رحمه الله تعليقاً، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( غط فخذك فإن الفخذ عورة )، رواه الإمام أحمد وغيره.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه : حديث جرهد أحوط، وحديث أنس أسند، يعني: بحديث أنس أن الإزار انحسر عن فخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، حتى قال أنس رضي الله عنه: ( إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم )، والحديث قد رواه البخاري، وظاهره يدل على أن الفخذ -أو على أقل تقدير: ما هو قريب من الركبة من الفخذ- ليس بعورة، وأما حديث جرهد فهو يدل على أن الفخذ عورة.
قال البخاري : حديث جرهد أحوط، يعني تغطية الفخذين، وحديث أنس أسند، أي: أنه أقوى إسناداً وأصح، وقد جاء عن علي رضي الله عنه مثل حديث جرهد، وجاء أحاديث عدة رواها الدارقطني رحمه الله تعالى في سننه وصححها جماعة من أهل العلم، بل ألفاظ بعض الأحاديث: ( عورة الرجل ما بين السرة والركبة ).
وكذلك الأمة، عورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة، يعني بذلك في الصلاة، وأما خارج الصلاة فإن الأمة أيضاً يتسامح في عورتها، ليست كالحرة، ولذلك كان عمر رضي الله عنه -كما ذكر عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهما- [ يضرب الإماء إذا تحجبن كحجاب الحرائر، ويقول: لا تشبهن بالحرائر ]، لكن إن كانت الإماء حسناوات جميلات، وكان في ظهورهن وانكشافهن فتنة وإثارة وجب سترهن من باب درء الفتنة كما هو معروف، وهذه من قواعد الشريعة العامة.
وذلك لقوله عز وجل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]، وقول عائشة رضي الله عنها فيما روته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ).
وقيل: يجب على المرأة ستر كفيها في الصلاة وهو المشهور في المذهب، أنه يجب على المرأة أن تستر كفيها أيضاً في الصلاة.
وقيل: يجب عليها أن تستر قدميها في الصلاة أيضاً وهو قول مشهور، والدليل على ذلك: ما رواه أبو داود وغيره عن أم سلمة وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( أتصلي المرأة في درع وخمار بلا إزار؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم. إذا كان ساتراً يغطي ظهور قدميها )، إذاً: ما يتعلق بالوجه فلا إشكال في أنه يجوز كشفه، بل لا يشرع ستره في الصلاة إلا إن كانت المرأة بحضرة رجال أجانب، هذا ما يتعلق بالوجه.
أما الكفان والقدمان فالجمهور على سترهما أيضاً على ستر الكفين والقدمين، وهناك رواية بجواز كشفهما معاً: الكفين والقدمين، وهناك رواية بجواز كشف الكفين لا القدمين، فتخرج من ذلك ثلاثة أقوال:
جواز كشف الوجه والكفين والقدمين.
جواز كشف الوجه والكفين فحسب.
جواز كشف الوجه فحسب، وستر القدمين والكفين، وذلك كله في الصلاة كما سبق.
أم الولد هي الأمة إذا أنجبت لسيدها، إذا ولدت لسيدها فإنه حينئذ يكون لها أحكام خاصة فيما يتعلق ببيعها وغير ذلك، وسوف يأتي ذكرها، ولكن الرق لازم لها على ما هو معروف، فهي تظل أمة، وكذلك المعتق بعضها، أي: المبعضة التي أعتق بعضها وبقي الرق في بعضها، فإنها كالأمة فيما يتعلق بسترها في الصلاة وفي غيرها، وهناك قول آخر: أنهما كالحرة.
وذلك لأن شرط العبادة حينئذٍ كان أمراً محرماً، فإن الثوب المغصوب أو الأرض المغصوبة لا يجوز للإنسان أن يستعمله، فلا يجوز له أن يلبس الثوب، ولا أن يجلس في هذه البقعة أو الدار المغصوبة، فإذا صلى فيها فقد تعلق التحريم حينئذٍ بشرط الصلاة، فلا تصح الصلاة.
وهناك قول آخر في المذهب وغيره بصحة الصلاة حينئذ؛ لأن الأمر لا يتعلق بركن من أركان الصلاة ولا بواجب من واجباتها، ولذلك لم يمنع صحتها، كما لو غسل ثوبه بماءٍ مغصوب أو توضأ به، أو صلى وعليه ثياب حرير لا تتعلق بستر عورته، فإن صلاته حينئذ لا تبطل بل هي صحيحة، والأقرب أنه لا يصح أن يصلي في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة؛ لأنه لا يحل له أن يلبس الثوب ولا أن يبقى في هذه الرقعة أو البقعة.
والدليل على ذلك: ما ساقه المصنف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد خرج على أصحابه ومعه قطعة حرير وذهب، فقال: ( هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم )، والحديث رواه أهل السنن وقال الترمذي : حديث حسن صحيح. وقد سبق أن ذكرته قبل.
أما قول المؤلف رحمه الله: [ إلا عند الحاجة ]، فلعل مراده ما يتعلق بالحرير، فإنه يجوز لبس الحرير للحاجة، فقد رخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام لما شكوا القمل فرخص لهما في قميص الحرير، وكذلك ما كان في معناه، مثل: أن يكون فيه حكة شديدة أو جرب أو نحوه، وكما نقل عن الإمام أحمد أنه رخص في لبس الحرير في الحرب وما أشبه ذلك، ورخصوا أيضاً فيما كان يسيراً من الحرير إذا كان علماً في ثوب فإنه يرخص فيه.
أما بالنسبة للذهب فقد سبق الكلام فيه في باب الآنية، وأنه لا يرخص فيه لحاجة ولا لغيرها في ثوب ولا في إناء ولا في سوى ذلك، وقد سبق تفصيل ما يتعلق بالذهب بما لا يدعو إلى إعادته.
بعضه على عاتقه، أي: على كتفه، وذلك من المصنف ذهاب إلى أنه يجب ستر أحد العاتقين، وهي رواية مشهورة في مذهب الإمام أحمد انفرد بها، أما جماهير أهل العلم فعلى أنه لا يجب ستر شيء من العاتقين، بل الذي يجب هو ستر ما بين السرة والركبة فحسب، ولا يجب ستر شيء من العاتقين.
أما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: ( لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء )، فإنما ذلك على سبيل الاستحباب والتوثق لستر العورة، لا على سبيل إيجاب ستر أحد العاتقين، وهذا هو مذهب الجماهير وهو رواية أخرى في مذهب الإمام أحمد .
يعني: ولو لم يغط شيئاً من العاتقين أو الكتفين، وقد ذكرت أن ستر العاتقين ليس بواجب أصلاً على الصحيح.
[ فإن لم يكف جميع العورة ستر الفرجين ].
لأنهما أغلظ العورة وأشدها.
[ فإن لم يكفهما جميعاً ستر أحدهما ].
القبل أو الدبر، وقد اختلف العلماء في أيهما أولى وأحق بالستر، والأمر في ذلك واسع.
وذلك لأن الجلوس أستر للإنسان وأبعد عن انكشاف عورته، وإذا صلى جالساً فإنه يومئ بالركوع والسجود كحال من صلى جالساً لعذر، لعجز عن القيام، وإن صلى قائماً جاز له ذلك، يجوز الصلاة قائماً لأنه لا دليل على وجوب الصلاة جالساً، فإن صلى قائماً جاز.
ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً أو مكاناً نجساً صلى فيهما ولا إعادة عليه، وذلك لأن الصلاة في ثوب نجس أولى من الصلاة بلا ثوب، ومثله أن يصلي الإنسان ولو في مكان نجس، فإنه هو الواجب عليه إذا لم يجد مكاناً طاهراً، ولا يجوز له أن يؤخر الصلاة، ولذلك كان من القاعدة المتبعة عند أهل العلم: أن من صلى بحسب الإمكان فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، فإذا لم يجد إلا ثوباً نجساً صلى فيه، وإذا لم يجد إلا بقعة نجسة صلى فيها، وإذا لم يجد الماء تيمم، وإذا لم يجد شيئاً يتيمم عليه قط تيمم على أي شيء وصلى بحسب استطاعته، ولا إعادة عليه في شيء من ذلك، والله تعالى أعلم.
غداً -إن شاء الله تعالى- يكون عندنا بقية شروط الصلاة، وهي الشرط الرابع والخامس والسادس.
الجواب: إذا كان لم يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام وظن أنه قد فاته شيء ثم غلب على ظنه أنه أدرك الصلاة فإنه يعود ويسلم ولا شيء عليه، والله تعالى أعلم.
الجواب: إذا دخل الوقت جاز للمرأة أن تصلي حتى ولو لم يصل الجماعة.
الجواب: بل ينبغي أن يأتي بها والله تعالى أعلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ).
الجواب: الصبغ لا يمنع وصول الماء إلى الشعر، لكن إن كان الصبغ أسود فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى منعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( وجنبوه السواد ).
الجواب: إذا كان استقراره في البلد فينبغي أن يصلي مع الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر )، أما إن كان استقراره في مكان غير البلد فإن السنة في حقه أن يصلي كل صلاة في وقتها، إلا إن كان ذلك يشق عليه أو كان له حاجة، فيجوز له أن يجمع الظهر مع العصر ويجمع المغرب مع العشاء.
الجواب: يعرف ذلك بالوقت، فإن الليل يبدأ بغروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر، الليل الشرعي يبدأ بغروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر، فيقسم على اثنين، وهذا هو نصف الليل.
الجواب: إن كان عليه تحت الثياب الشفافة ما يستره، يستر ما بين السرة والركبة على اعتبار أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة؛ فإن ذلك لا يضره، وهناك رواية أخرى عن الإمام أحمد أن عورة الرجل هي القبل والدبر، ولكن الأول هو المشهور، وقد جاء فيه أحاديث كما ذكرت.
وينبغي أن ينبه الناس على أن الثياب الشفافة التي تصف ألوان بشرتهم إذا لم يكن تحتها ما يسترها، ينبغي أن ينبهوا على أنه لا يصلى في مثل هذه الثياب.
الجواب: يقوم بعد انتقال الإمام إلى الركن الآخر، إذا انتقل الإمام إلى الركن وتم انتقاله تنتقل بعده، ويمكن أن يعرف ذلك بانقطاع صوته.
الجواب: هذا سوف يأتي -على كل حال- في الجمعة، وفي صلاة الجمعة أقوال:
قيل: إن وقتها كصلاة الظهر بالزوال، ومن أدلته: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء:78] وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن وقت الجمعة قبل ذلك، حتى بعضهم قال: إنه بعد ارتفاع الشمس قدر رمح.
الجواب: الراجح الذي اختاره الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى -وهو الأقوى دليلاً-: أنه ليس على المرأة أن تستر كفيها ولا قدميها في الصلاة على سبيل الوجوب، إنما لو سترتهما كان ذلك أولى وأفضل، لكن لا يجب ذلك، فلو كشفت المرأة كفيها أو قدميها في الصلاة لا تبطل صلاتها ولا يحرم عليها ذلك. هذا هو القول الراجح.
أما حديث أم سلمة عند أبي داود : ( إذا كان ذلك سابغاً يغطي ظهور قدميها )، فإن في الحديث مقالاً، وعلى فرض صحته فإنه ظاهر في أنه لا يجب ستر القدمين بالكلية؛ لأن المرأة إذا ركعت وسجدت وكان الثوب لا يغطي إلا ظهور القدمين، فإن ذلك يترتب عليه أن تنكشف القدمان.
الجواب: كلا. ليس فيه ضعف، بل هو حديث في الصحيح.
الجواب: الأفضل في حق المرأة أن تؤخر صلاة العشاء، إذا لم يكن عليها في ذلك مشقة.
الجواب: الصارف ما جاء عن جابر وغيره أنه كان يصلي في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء، وثوبه الآخر معلق، فقيل له في ذلك: قال: ( أردت أن يراني جاهل مثلك فيتعلم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أولكلكم ثوبان )، وغير ذلك من الأحاديث التي وردت في الصحيح.
الجواب: إذا كان ذكرها على سبيل التحذير منها، أو بيان خطرها لأولياء الأمور حتى يحذروها، أو ما أشبه ذلك فهذا لا بأس به، لكن إذا استرسل واستطرد فقد يتلذذ بعض الناس بتعدادها وتفصيلها والكلام عنها.
الجواب: جائز أن يؤذن ويقيم.
الجواب: لأنها ربما تكون في وقت بارد، إذا بردت الشمس صليت العصر وكذلك الفجر.
الجواب: قيل: إن بين الظهر والعصر وقتاً مشتركاً يتسع بقدر أربع ركعات للظهر والعصر، وهذا استدل من قال به بحديث جبريل؛ لأنه: ( صلى الظهر في اليوم الأول لما كان ظل الشيء مثله، وصلى العصر في اليوم الثاني في الوقت نفسه ) فقالوا: ذلك دليل على أن هناك وقتاً مشتركاً بين الظهر والعصر، لكن الراجح أنه لا وقت مشترك بينهما، بل يخرج وقت الظهر ليدخل وقت العصر.
الجواب: ذكرت قبل قليل وقت نصف الليل، ثلث الليل مثله، احسب من غروب الشمس إلى طلوع الفجر واقسمه على ثلاثة.
الجواب: على القول الذي ذكرناه أنه يكون أدرك صلاة الفجر، وعلى القول الآخر: لا يدرك الصلاة إلا إذا أدرك ركعة قبل طلوع الشمس.
الجواب: لا، إذا خرج وقت الصلاة ينبغي عليهم أن يصلوا جماعة كما هو الثابت في حديث أبي قتادة وهو في الصحيح، لما ناموا عن صلاة الفجر في غزوة تبوك صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأذنوا وأقاموا للصلاة.
الجواب: يستمتع بالمرأة بكل شيء دون أن يجامعها في فرجها.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر