أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن سورتنا الليلة لسورة مباركة ميمونة، إنها سورة الكافرون.
وتلاوة الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:1-6].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! سورة (الكافرون) على الحكاية، فلا تقل: سورة الكافرين بل سورة الكافرون .. سورة المنافقون.. سورة المؤمنون، تبقى على الحكاية؛ لأنه كلام الله.
مقدمة لسورة الكافرون: وهي أن المشركين وأكابر المجرمين لما أعيتهم الحيل وتضعضعوا بحثوا عن حل وسط كالأمم المتحدة، واجتمعوا في ناديهم واتفقوا على أن يبعثوا وفداً لمحمد صلى الله عليه وسلم عند عمه أبي طالب يعرضون عليه هذا الحل السلمي:
تعال اعبد معنا آلهتنا سنة ونحن نعبد معك إلهك سنة، ولا حرب ولا فتنة، ولا تعيير ولا تقبيح، فتصبح الأمة متفقة.
تمسح على الأصنام، واعكف عليها، واحلف بها، واذبح لها سنة؛ من أجل الوحدة، وفي السنة المقبلة نحن نقبل معك على الله، لو كنت مكانه ممكن نقول: نمشي الحال هذه العام وأنت كاره، ولكن ممكن إذا أقبلوا على الإسلام وأخذوا يعبدون الله قد يهتدون.
لكن الرسول لم يقبل؛ لأن ربه لا يقبل، بل اتركهم يدخلون النار، فلست مسئولاً عنهم، قال تعالى: وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ [البقرة:119]، فلا تتنازل لتعبد الأصنام من أجل أن يعبد ربك، فهو ليس بحاجة إليهم.
هذا العرض ظنوا أنه حل سلمي، والله عز وجل لا يترك نبيه.
وما إن سمعوا هذا النداء يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] حتى اشرأبت أعناقهم، وتطلعوا للنداء.
الموقف يحتاج إلى التكرار، لو كان هناك قضية كهذه في الأمم المتحدة فستبقى ستة أشهر، وهم طالعون هابطون، ولكن هنا في ساعة واحدة انفصلت؛ فلهذا التكرار هنا عظيم جداً.
لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ [الكافرون:2] الآن.
وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ [الكافرون:3] الآن.
وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ [الكافرون:4] غداً.
وَلا أَنْتُمْ [الكافرون:5] كذلك.
لو تعرض علينا دولة فتقول: هيا نصلي في الكنيسة أسبوعاً ونصلي في المسجد أسبوعاً ماذا ستقولون؟
نقول: ممكن نصلي وبعد لعلهم يفهمون، والجواب: لا. حد فاصل، لا ملاقاة أبداً ولا موافاة لَكُمْ دِينُكُمْ [الكافرون:6]؛ لأنهم على باطل، فكيف نقر الباطل؟ لو متنا في تلك الحال هلكنا.
من طاف سبعة أشواط وصلى الركعتين المسنونتين فليقرأ في الأولى بالفاتحة وقل يا أيها الكافرون.
ثانياً: صلاة ركعتين بعد المغرب سنة، اقرأ فيهما بالفاتحة والكافرون والفاتحة والصمد.
إذاً: سورة: (قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن، واحفظوا وإن لم تعملوا: الزلزلة والكافرون والنصر كل سورة تعدل ربع القرآن، والصمد تعدل ثلث القرآن، والحمد لله أن عرفنا هذا.
إذاً: أكثر النوافل نصلي فيها بالزلزلة والنصر ركعتين، والكافرون والصمد ركعتين، قبل الظهر وقبل العصر. ونحن طماعون لهذا الأجر، حيثما نجد خيراً باسم الله .. الفرصة ضيقة.
إذاً: سورة الكافرون تعدل ربع القرآن، فإذا صليت أربع ركعات بهذه السور، فمعنى ذلك أنك أخذت القرآن وزيادة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر