وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، الذي أرسله الله إلى الإنس والجن بشيراً ونذيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً [الأحزاب:46] .
صدق الله الحق العظيم الذي نزل القرآن الكريم في شهر رمضان هدىً وتذكيراً.
صدق الله الحق العظيم الذي سن الدين وشرعه، ونوَّر النور وشعشعه، ولا إله إلا هو جعل السماء سقفاً بدون عَمَد رفعه، والأرض بساطاً وضعه.
صدق الله العظيم الذي دبر الدهور، وقدر المقدور، وصرف الأمور، وعلم هاجِس الصدور، وأنزل القرآن هدى ونوراً.
صدق الله العظيم الذي عزَّ فارتفع، وعلا فامتنع، وذل كل شيء لعظمته وخضع.
صدق الله الحق التواب، الغفور الوهاب، الذي خضعت لعظمته الرقاب، ولانت لقدسيته الشدائد الصلاب، يسبح بحمده الرعد والسحاب، رب الأرباب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، ومسبب الأسباب، لا إله إلا هو عليه توكلنا وإليه المآب.
صدق الله الحق الواحد القهار العظيم، ذو الجلال والإكرام، والعظمة والإنعام، الكريم الذي مَنَّ بكنفه على من شاء من عباده، القيوم الذي لا يغفل ولا ينام.
إلهنا، تفضلت فعمت أفضالك، إلهنا، غفرت فتكامل إحسانك، جل جلالك، تعاليت في دنوك، وتقربت في علوك، أنت الأول والآخر، والظاهر والباطن، أنت الواحد الأحد، الفرد الصمد، لك خضع من سجد، وذل من وَجَد.
إلهنا، كيف يناجيك في الصلوات من يعصيك في الخلوات لولا حلمك؟! وكيف يدعوك للحاجات من ينساك عند الشهوات لولا فضلك؟! إلهنا، من إليه نقصد وأنت وحدك المقصود؟! ومن إليه نتوجه وأنت وحدك المتوجه إليك؟! ومن ذا الذي يعطي وأنت صاحب الجود؟! ومن ذا الذي نسأله وأنت الرب المعبود؟! اللهم قد جئناك بجمعنا متوسلين، وببابك لائذين، وعلى أعتابك سائلين، فلا تطردنا خائبين، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، واقبل عذرنا، واجعل سعينا مشكوراً، وعملنا مغفوراً، واعتق رقابنا، ووالدينا، والمسلمين أجمعين من النار.
اللهم اجعل الموت خير غائب ننتظره، والقبر خير بيت نعمره، واجعل ما بعده خيراً لنا منه، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم أنزل علينا في قبورنا النور، والفرحة والسرور، واجزنا بالإحسان إحساناً، وبالسيئات غفراناً. اللهم اجعلنا بهذا القرآن مصدقين، وفيما عندك إلهنا راغبين، ولرحمتك يا مولانا طالبين، وعن السيئات عازفين، ومن المحرمات بعيدين، ومن عقابك خائفين، واحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والأبرار والصالحين، ولا تجعلنا يا مولانا ممن استهوتهم الشياطين، وشغلتهم الدنيا عن الدين، وأصبحوا من النادمين، وفي الآخرة من الخاسرين.
اللهم إنا عبيدك، بنو عبيدك، بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماض فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وسائقنا إلى جناتك جنات النعيم.
اللهم اجعل القرآن لقلوبنا ضياءً، ولأذهاننا جلاءً، ولذنوبنا ممحِّصاً، وعن النار لنا مخلِّصاً، وفي القبر لنا مؤنساً، وعلى الصراط مرشداً، وإلى الجنة دليلاً.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، يا رب العالمين! واجعلنا ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويؤمن بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه، ويتلوه حق تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا، واجعله اللهم شاهداً لنا يوم القدوم إليك، حجة لنا يوم الوقوف بين يديك، يا أرحم الراحمين!
اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعفُ عنهم، ووسع مدخلهم، وأكرم نزلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم انقلهم جميعاً من ضيق اللحود، ومراتع الدود، إلى جناتك جنات الخلود فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ [الواقعة:28-30] . اللهم اجعلهم في بطون الألحاد مطمئنين، وعند السؤال ثابتين، وبالحق ناطقين، وعلى الصراط مهتدين، وفي جنات الفردوس ساكنين، ونحن معهم، يا رب العالمين! ووالدِينا، ومن لهم حق علينا، والمسلمين أجمعين، وارحمنا إلهنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء الأسرى بين يديك، إليك توجهنا، وببابك أنخنا، ومن رحمتك سألنا، ولعفوك رجونا، فلا تطردنا خائبين، يا غافر الذنوب إذا أغلقت الأبواب! يا مجير اللاجئين إذا قطعت الأسباب! ارحم خضوعنا، واجبر قلوبنا، واستر عيوبنا، واجعل عملنا مقبولاً، وسعينا مشكوراً، وتجارتنا رابحة لن تبور، وأخرجنا يا مولانا من الظلمات إلى النور، يا عزيز يا غفور!
اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.
اللهم أعد شهر الصيام والقيام، واجعل عامه عام خير وبركة وسلام، واغفر لنا ما اقترفنا فيه من الذنوب والآثام، وتقبل منا جميعاً ما قدمنا فيه من الصيام والقيام والصلاة والدعاء والزكاة والصدقات.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا. اللهم اخذل أعداءنا، وانصر مجاهدينا، واحفظ إخواننا المسلمين في كل مكان، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا كرباً إلا نفَّسْته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائباً إلا رددته، ولا حيران إلا دللته، ولا داعياً إلا أعطيته، ولا طالباً إلا وأعطيته. اللهم ولا ميتاً من المسلمين إلا رحمته، ولا عدواً للإسلام إلا خذلته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها.
اللهم اجعل اجتماعنا في هذه الليلة اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً. اللهم لا تجعل بيننا وبينك في رزقنا أحداً سواك، واجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، وهب لنا غنىً لا يطغينا، وصحة لا تلهينا، واغننا اللهم عمن أغنيته عنا، واجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتوفنا وأنت راض عنا، واجعلنا في موقف القيامة من الآمنين، مع الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم اجعل خير زماننا آخره، وخير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم لقائك، يا رب العالمين!
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] .
إلهنا ومولانا، حضرنا ختم كتابك، فاللهم تقبله منا، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك. اللهم لا تفتنا في حياتنا. اللهم توفنا وأنت راض عنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واغفر زلاتنا، وأصلح أولادنا، واستر على نسائنا، واحفظ جميع إخواننا المسلمين، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم في هذه الساعة المباركة الكريمة، وفي هذه الليلة المباركة اعتق رقابنا من النار. اللهم اعتق رقابنا من النار، يا مولانا ويا أملنا، اعتق رقابنا من النار، يا ذا الجلال والإكرام! إلهنا ومولانا، من لنا إذا طردتنا من بابك؟! إلهنا ومولانا، أنت رجاؤنا وأملنا، يا رجاءنا ويا أملنا لا تطردنا خائبين. اللهم تقبل منا ما عملنا في هذا الشهر الكريم، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم إنا وقفنا ببابك خاضعين خاشعين، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك. اللهم ارحم ضعفنا. اللهم ارحم خشوعنا. اللهم ارحم تضرعنا. اللهم ارحم إنابتنا. اللهم ارحم توبتنا. اللهم انظرنا برحمتك، يا ذا الجلال والإكرام! فإن طردتنا فلا حول لنا ولا قوة إلا بك. اللهم يا من خلق السماوات والأرض! ويا من بيده الأمر كله! ويا من إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، اللهم لا تردني وإخواني من بابك محرومين، يا ذا الجلال والإكرام! اللهم مُنَّ علينا بتوبة قبل الممات، وارحمنا عند الممات. اللهم ارحمنا إذا جاءت سكرات الموت، يا ذا الجلال والإكرام! غفرانك.. غفرانك.. لا إله إلا أنت! لا إله إلا الله! ذو الملك والقوة والجبروت.
اللهم ارحمنا إذا تطايرت الصحف، وخفت الموازين. اللهم ارحمنا إذا نُصِب الصراط. اللهم ارحمنا إذا زفرت النار، يا ذا الجلال والإكرام! يا سامع الصوت! ويا سابق الفوت! ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت! اللهم إن أجسادنا على النار لا تقوى، فلا تعذبنا بما عملنا يا ذا الجلال والإكرام! اللهم ارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب، فلا تردنا من بابك، يا أرحم الراحمين! اللهم لا تردنا من بابك، يا أرحم الراحمين!
اللهم تقبل منا أعمالنا، واجعلها خالصة لوجهك الكريم. اللهم لا تحرمنا أجر شهر رمضان، اللهم لا تحرمنا أجر شهرنا هذا، ولا تفتنا بعده، يا ذا الجلال والإكرام! وصبرنا على طاعتك، وعلى الصلاة، يا ذا الجلال والإكرام! اللهم اغفر لنا أجمعين، وهب المسيئين منا للمحسنين.
اللهم اجعل لنا في كل حرف قرأناه من كتابك حسنات، يا ذا الجلال والإكرام! اللهم جملنا بالقرآن، ونورنا بالإيمان، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم في هذه الليلة المباركة، وفي هذا المسجد المبارك لا ينفك هذا الجمع إلا بذنب مغفور، يا ذا الجلال والإكرام! اللهم أغث قلوبنا بالعلم واليقين، وتوفنا وأنت راض عنا، يا أرحم الراحمين! وآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةَ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةَ وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، برحمتك يا عزيز يا غفار!
اللهم إنا اشتقنا لرؤية حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاحشرنا اللهم معه، وأوردنا حوضه. اللهم خذ بأيدينا في يده إلى جنات النعيم، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم إنا اشتقنا إلى صحابته المكرمين، فيا ربنا لا تحرمنا أجرهم، واحشرنا معهم، يا ذا الجلال والإكرام! اللهم إنا نشهدك أننا نحبهم، ونحب من يحبهم، فاحشرنا ومن أحبهم معهم، يا رب العالمين! وأهلك اللهم من أبغضهم، والعن اللهم من لعنهم، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم طيب خواطرنا بنصرة الإسلام والمسلمين، اللهم طيب خواطرنا بنصر الإسلام والمسلمين في كل مكان.
اللهم آمنا في وطننا هذا، وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم إمامنا لما تحبه وترضاه، وأصلح اللهم أمراءه، ووزراءه، وعلماءه، لما فيه خير الإسلام والمسلمين، وبارك لنا في علمائنا. اللهم بارك لنا في علمائنا، واحفظهم اللهم لنا، وطوِّر اللهم بالخير أعمالهم وأعمارهم، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم وفق طلبة العلم في بلادنا لما فيه خيرهم وصلاحهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم، واهد اللهم شبابنا. اللهم اهد شبابنا، واحفظ نساءنا وبناتنا، يا ذا الجلال والإكرام!
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182] .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر