وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فها نحن مع سورة النجم المكية، ومع هذه الآيات، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى * أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى * وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى [النجم:19-26].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى [النجم:19-20].
إنه بعد أن قرر النبوة المحمدية وأثبتها وأصبح محمد رسول الله حقاً وصدقاً بالحجج والبراهين والأدلة القاطعة؛ واجه المشركين الآن ليؤدبهم، فقال تعالى لهم: أَفَرَأَيْتُمُ [النجم:19] أخبرونا، أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ [النجم:19] واللات صنم يعبدونه، والأصل فيه أنه رجل كان يلت السويق للحجاج، فلما مات تبركوا به وبنوا عليه ووضعوا له صورة، والعزى صنم أبيض، فاتخذوه إلهاً يشفع لهم عند الله، ومناة كذلك، فهذه ثلاثة أصنام.
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى [النجم:19-20] لم اتخذتموهم آلهة أولاً, من أين لكم ذلك؟ ثانياً: كيف أنثتموهم وجعلتموهم إناثاً؟
ثم قال لهم: تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى [النجم:22] أي: باطلة، سيئة، فاسدة, لا عدل فيها ولا رحمة, قسمة ضيزى، تجعلون لله البنات وتجعلون لأنفسكم الذكور!
فقد كانوا إذا ولد لأحدهم مولود وكان أنثى يسخطون، بل يدفنونه حياً: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل:58-59]، يدفنون البنات أحياء، ما هذه العقول البشرية؟ تجعلون لله البنات وأنتم تحبون الذكور وتقدسونهم, ما هذه العقول؟ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى [النجم:22].
إِنْ هِيَ [النجم:23] ما هي إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ [النجم:23] ولا حجة ولا برهان، ما بعث الله تعالى بها نبياً ولا أرسل بها رسولاً، ولا أوصى بها في أمة أبداً, بل هي من عندكم فقط، الشياطين زينت لكم عبادة هذه الأصنام، وسميتموها بأسماء الإناث، ما أنزل الله بها من سلطان ولا حجة ولا برهان، أي: ما أرسل رسولاً من الرسل وأمر الناس أن يعبدوا هذه الأصنام، ولا نبأ نبياً بذلك أبداً من عهد آدم عليه السلام.
إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ [النجم:23] فهيا نحذر من هاتين الزلتين، فلا نتبع إلا الحق واليقين.
أيها المسلمون! عقيدتكم، أحكامكم، آدابكم، أخلاقكم، تاريخكم.. كل أعمالكم يجب أن تكون قائمة على الحق لا على الظنون والأوهام، فلا نتبع الظن أبداً، لا نأخذ إلا بالحق واليقين، ولا نأخذ ما تهواه النفوس وتشتهيه وتجري وراء ذلك الأهواء والشهوات والشياطين تزين ذلك، فما تهواه نفسك لا قيمة له فلا تستجب لها ولا تطعها، ولكن استجب لما أمر الله تعالى به أو أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا هوت نفسك ترك معصية فلا تستجب لها, استجب لله, هو الذي أمرك ألا تعصيه ولا تخرج عن طاعته.
ثم قال تعالى: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم:23] أما بعث فيهم رسوله محمداً، أما أنزل عليه القرآن الكريم كتاباً مقدساً، أما كان الرسول صلى الله عليه وسلم صباح مساء عند الكعبة وفي الأزقة وفي كل مكان يبين لهم الطريق ويشرح لهم وهم معرضون متنكبون والعياذ بالله تعالى؟
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم:23] الطريق المستقيم, ألا وهو الإسلام الذي يصل بالسالكين إلى نعيم الجنة في الآخرة وإلى السعادة في الدنيا، على شرط أن نسلكه ونمشي في هذا السبيل، هذا الهدى.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم من نبأه، من أرسله، من أوحى إليه، من أنزل عليه الكتاب؟ أليس الله، أم كانت أمنية تمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والمشركون يتمنون العجب العجاب، فهل تحقق لهم من أمنياتهم شيء؟
فليس للإنسان ما تمناه، ولكن لا بد من سلوك طريق السعادة وتجنب طريق الشقاوة في الدنيا والآخرة، بالعلم والمعرفة واليقين، واسلك سبيل المؤمنين تدخل الجنة وتسعد في الدارين، أما مجرد الهوى أو مجرد الأوهام أو مجرد ما توسوس به الشياطين وتعتقد أنك على حق وتدعو إلى ذلك فهذا باطل باطل باطل.
هكذا يقول تعالى: أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى [النجم:24]؟ لا والله.
إذاً: فما تتمناه من الدنيا اطلبه من الله عز وجل واطرح بين يديه، وتضرع واسأله أن يعطيك لأنه يملك ذلك، لا بالحيل والخداع والمكر والكذب، وإن كنت تريد الدار الآخرة والجنة فاطلب ذلك من ربك، فاستقم على صراطه المستقيم، أد الواجبات وابتعد عن المحرمات وزك نفسك وطيبها، وأكسب قلبك اليقين الثابت لتفوز في الجنة وتظفر بها.
فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى [النجم:25]، فكيف نطلب الأموات -إذاً- ونستغيث بهم؟ كيف نأتي إلى العزى هذا الصنم ونناديه؟ كيف نحلف به؟ وهي أصنام لا تملك شيئاً.
وهبطت أمة القرآن لما حولوا القرآن إلى الموتى بكيد الكائدين ومكر الماكرين، فأصبحت تدخل القرية في أي إقليم فتجد القباب على القبور.
والعرب كانوا ينصبون الأصنام، لم؟ يعبدونها، يتوسلون بها إلى الله، يستشفعون بها وهي لا تملك شيئاً، وما هي بأهل لذلك بحال من الأحوال، ما هي إلا أصنام، وسبب هذا الجهل، لما جهل العرب بعد موت إسماعيل ومن بعده من العلماء عبدوا الأحجار والأصنام، ولما جهل المسلمون القرآن وابتعدوا عنه بكيد الكائدين عبدوا القبور والأوثان، أما تسمع: وحق سيدي عبد القادر؟ ورأس سيدي فلان؟ عبدوا غير الله تعالى.
والله يقول: فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى [النجم:25]، يا من يطلب الدنيا! اطلبها من مالكها، يا من يطلب الآخرة! اطلبها من مالكها، قل: رب وفقني وأعني لأحصل على منزل أسكنه مع أهلي، لأحصل على وظيفة أسد بها حاجتي، لأوفق في تجارة أربح فيها، اطلب الله فهو مالك ذلك, ما هو رسول الله ولا إبراهيم ولا عيسى ولا عبد القادر . والدار الآخرة من يطلب غير الله فيها؟ لا يطلب إلا الله، فهو المطلوب، وبم نطلب الدنيا؟ بما شرع الله من أعمالها، وبم نطلب الآخرة؟ هل باللسان فقط؟ أم بالأعمال من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وتجنب ما حرم الله من الربا والزنا والجرائم والموبقات، بهذا يكون الطلب، ما هو بالأماني والضحك.
فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى [النجم:25] الدنيا والآخرة، وما دامتا لله وأردنا إحداهما فممن نطلبها؟ من عبد القادر الجيلاني ، من عيسى بن مريم، من العزير كما يفعل اليهود والنصارى؟ والله! ما تطلب إلا من مالكها، ألا وهو الله جل جلاله وعظم سلطانه.
فإذا كان الملائكة الذين يعبدون الله طول الدهر ويسبحون ليلاً ونهاراً ما يستطيعوا أن يشفعوا؛ فكيف يشفع لك عبد القادر الجيلاني ؟ أو كيف تشفع فاطمة أو علي ؟ كيف يتم هذا؟
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا [النجم:26] قل أو كثر، ما تغني شفاعتهم لو شفعوا.
ثم قال تعالى: إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى [النجم:26] عمن يشاء، ولهذا فشروط الشفاعة: أولاً: أن يأذن الله للشافع، ثانياً: أن يرضى الله عن المشفوع له حتى يُشفع له.
وبذا عدنا إلى الله، ما نسأل غير الله أبداً, لا عيسى ولا محمداً ولا إبراهيم ولا العزير ولا أي نبي ولا رسول فضلاً عن القبور والأشجار والأحجار.
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ [النجم:26] لهم أن: اشفعوا أولاً، وأن يرضى عن المشفوع له، فلو أن جبريل شفع والله ما هو براض أن يشفع لـأبي جهل؛ فوالله! لن يستجاب له، فهنا شيئان لا بد منهما:
أولاً: أن يأذن الله لمن يشفع, سواء أكان رسول الله، أو أباك، عمك، جدك من الصالحين، يكون الله قد أذن له.
ثانياً: لا بد أن يرضى عن المشفوع له، فإذا كان الله لا يرضى عن هذا أن يدخل الجنة فوالله! لن يدخلها بشفاعة نبي ولا رسول، لا بد من رضا الله عز وجل.
فالشفاعة ذات جناحين: أولاً: إذن الله، ثانياً: رضا الله، أما إذا لم يأذن الله بالشفاعة لأحد فوالله! لن يوجد من يشفع إلا بعد إذن الله، ثانياً: إذا لم يرض الله عن المشفوع له؛ فوالله! لا تقبل شفاعة النبي ولا الرسول فيه، واقرءوا هذه الآية: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ [النجم:26] أن يشفع، وَيَرْضَى [النجم:26] عمن يُشفع له من الإنس والجن.
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: التنديد بالشرك والمشركين وتسفيه أحلامهم ].
من هداية هذه الآيات التي تدارسناها بفضل الله: التنديد بالشرك والمشركين، وتقبيح الشرك وتقبيح المشركين، وذم الشرك والمشركين، فيا عباد الله! أخلصوا لربكم عبادتكم ولا تلتفتوا إلى غير الله، لا بالأخذ ولا بالعطاء، لا بالركوع ولا بالسجود، فليس لنا إلا الله، عبادتنا لله عز وجل، بل حياتنا وقف على الله، وموتنا لله, أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ ثانياً: بيان أن المشركين في كل زمان ومكان ما يتبعون في عبادة غير الله إلا أهواءهم ].
ثاني الهدايات: بيان أن المشركين في أي زمان ومكان من عهد آدم إلى اليوم, في أوروبا، في أمريكا، في اليابان، في الصين، سبب ذلك هو ظنهم وجهلهم، ما عبدوا غير الله إلا لأهوائهم وشهواتهم، لا على علم ولا على برهان ولا كتاب ولا سنة، ما هو إلا الجهل والعياذ بالله تعالى, إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ [النجم:23].
[ ثالثاً: بيان أن الإنسان لا يعطى بأمانيه، ولكن بعمله وصدقه وجده فيه ].
هنا هداية أخرى, وهي: أن الإنسان لا يظفر ولا يحصل ولا يفوز بما يطلب أبداً إلا بالعمل الذي وضعه الله لذلك الفوز، فإن كنت تريد أن تحفظ القرآن فلا بد أن تعكف الساعة والساعتين واليوم أو الليلة حتى تحفظ القرآن، لا بد أن نعمل للدنيا كما نعمل للآخرة، أما مجرد الأماني فهذا باطل باطل باطل، أبطله الله في هذه الآيات.
[ رابعاً: بيان أن الدنيا كالآخرة لله، فلا ينبغي أن يطلب شيء منها إلا من الله مالكها ].
من هداية هذه الآيات: تقرير أن الدنيا كالآخرة لله عز وجل، من طلب من الدنيا شيئاً فليطلبه من الله مالكه، والله! لا يعطيك أحد إلا الله، إن طلبت الدار الآخرة فاطلب ذلك من الله، وهذا الطلب بالأسباب التي وضعها الله, بعبادات تزكي النفوس، تسعدك في الآخرة، وعمل تقوم به حسب طاعة الله ورسوله فتسعد به في دنياك؛ إذ الدنيا والآخرة لمن؟ فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى [النجم:25] هل هناك مع الله أحد؟ ما هناك أحد, إذاً: لا نطلب غير الله أبداً.
[ خامساً: كل شفاعة ترجى فهي لا تحقق شيئاً إلا بتوافر شرطين:
الأول: أن يأذن الله للشافع في الشفاعة، والثاني: أن يكون الله قد رضي للمشفوع له بالشفاعة.
والخلاصة هي: الإذن للشافع والرضا عن المشفوع ].
هذه الهداية الأخيرة في الآيات, فهناك من يشفعهم الله من الأنبياء والرسل والصالحين, والأب يشفع في ابنه، والأم تشفع في ابنها, لكن الشفاعة بيد الله تعالى، فيقول: يا فلان اشفع، فلا بد إذاً أن نطلب الشفاعة من الله, لا من رسول ولا نبي ولا عالم، ما يجوز أبداً أن تطلبها من غير الله؛ إذ لا يملكها إلا الله، أليس كذلك؟
فحين تقوم على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: يا رسول الله! اشفع لي، فهذا كلام باطل باطل باطل، بل قل: يا رب! شفّع فيّ رسولك، يا رب! اجعلني ممن يشفع فيهم نبيك، أما أن تقول: يا رسول الله! اشفع لي، أو يا فاطمة أو يا حسين! اشفع لي، أو يا سيدي فلان؛ فهذا جهل وضلال وظلمة, ليس من دين الله في شيء.
فالشفاعة لله تعالى, فكيف نعطيها لغيره؟ فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى [النجم:25].
ثانياً: الله عز وجل لا يرضى بشفاعة شافع إلا إذا رضي عن المشفوع له، مثلاً: أبوك قال: شفعني في ولدي, وأنا الآن من أهل الإيمان والجنة، فلا بد أن يكون الله قد رضي عن هذا الولد حتى يدخل الجنة، فلهذا فشرط الشفاعة أولاً: إذن الله تعالى بها، ثانياً: أن يكون المشفوع له مرضياً عنه، يقبله الله أن يدخل في جنته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر