قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات.
[ من هداية الآيات:
أولاً: تسلية الرسول ] صلى الله عليه وسلم [ أي: حمله على الصبر والسلوان ] والثبات [ ليواصل دعوته إلى نهايتها ] لأنه يعاني ما يعاني من أولئك الكفرة المشركين المجرمين.
[ ثانياً: بيان مدى ما كان عليه المشركون من التكذيب للرسول والمعاندة والمجاحدة ] والمكابرة، فقد كانوا يقولون: لم ما يأتينا بقرآن أعجمي؟ ولو كان أعجمياً لقالوا: لم يكون عربياً وهو أعجمي؟ وهكذا عناد ومكابرة.
[ ثالثاً: القرآن دواء وشفاء لأهل الإيمان ] والله، فالقرآن هدى وشفاء يهدي العابدين العاملين إلى الجنة دار السلام، وهو شفاء لما في القلوب من أمراض الغل أو الغش، أو الشرك والنفاق [ وأهل الكفر فهم على العكس من أهل الإيمان.
[ رابعاً: بيان سنة الله في الأمم السابقة في اختلافها على أنبيائها، وما جاءتها به من الهدى والنور ] فما من أمة من عهد نوح، ولا من بعده إلا ويختلفون على من يأتيهم من الأنبياء والرسل، فهذا يؤمن وهذا يكفر، وهذا يطيع وهذا يعصي، وهذا يعاند وهذا يكابر. وهذه سنة الله؛ لأن الله أوجد عالمين، عالم الشقاء وعالم السعادة، والجنة والنار، فلا بد للنار من أهل، ولا بد للجنة من أهل، فلهذا أهل النار يكفرون ويعصون، ويفسقون ويفجرون، ولا بد من هذا. ومعنى هذا: لا تكرب يا رسولنا! ولا تحزن.
[ خامساً: قوله تعالى:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا
[فصلت:46] أجري مجرى المثل عند العالمين ] فلا ننسى هذا أبداً، فهي قاعد عامة واحلف بالله، فـ
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ
[فصلت:46] جزاء ذلك وثوابه،
وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا
[فصلت:46]، أي: على نفسه لا على غيره. ومعنى هذا: فلنعمل الصالحات، ولنتجنب السيئات.
[ سادساً ] وأخيراً: [ نفي الظلم عن الله مطلقاً ] فوالله ما يظلم ربنا أحداً أبداً، فلا تقل: فلان مظلوم ظلمه ربه! حاشا وكلا، فالظلم حرام عليه. ثم الله ملك الكل، وبيده كل شيء، ولو عذب وأشقى وأسعد فكذا شأنه، وما يقال: إنه ظلم؛ لأنه هو الملك الحاكم، ولكنه عدل ورحيم،
وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
[فصلت:46]. ومن هنا تطيب النفوس وتطهر.