إسلام ويب

تفسير سورة فصلت (10)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله عز وجل يرسل رسله بالدين الحق، وينزل عليهم الكتاب، وقد أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم معجزة باقية أبد الدهر، تحدى به بلاغة البلغاء وفصاحة الفصحاء، ومع ذلك قال السفهاء: لو نزل القرآن بلغة أعجمية لقبلوه، فأوحى الله إلى نبيه العربي أن قولهم هذا إنما هو للجدل بالباطل، إذ لو كان القرآن أعجمياً لطلبوا تفصيل آياته، بل هم قوم يجهلون، وقد واسى الله نبيه في هذا الشأن مخبراً إياه أن أخاه موسى عليه السلام أرسله الله بالتوراة فاختلف فيها قومه، وأن هذا القول من قومه لم يكن بدعاً من القول فقد سبقهم إليه الجهلاء من بني إسرائيل.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ * مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:43-46].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ [فصلت:43]، في الآيات السابقة بين تعالى الطريق واضحاً لمن أراد أن يدخل الإسلام، وينجو من عذاب الله، ولكن المشركين مصرين معاندين، جاحدين مكابرين، فقد أبوا أن يستجيبوا، فأنزل الله هذه الآيات؛ تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليصبر ويثبت على دعوته، ولو ما آمن به أحد، فقال تعالى: مَا يُقَالُ لَكَ [فصلت:43] يا رسولنا! إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ [فصلت:43] من نوح عليه السلام إلى إبراهيم .. إلى هود .. إلى صالح .. إلى عيسى، فالذي قالوه لأولئك يقوله هؤلاء؛ لأن الشيطان هو الذي يتصرف في هذا، ويسوقهم إلى الباطل والشر والفساد، فلا تحزن ولا تكرب، فـ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ [فصلت:43]. فقد قالوا عنه شاعر .. مجنون .. ساحر .. وغير ذلك مما قالوه للأنبياء من قبلك، فلا تكرب ولا تحزن، فإنه مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ [فصلت:43].

    ثم قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ [فصلت:43]. ومعنى هذا: قومك إن تابوا تاب الله عليهم وغفر لهم، وإن أبوا يذيقهم العذاب الأليم الموجع شديد الإيجاع، إما في الدنيا وإما في الآخرة قطعاً. وفي الآية تهديد ووعيد. فهو يقول: إِنَّ رَبَّكَ [فصلت:43] يا رسول الله! لَذُو مَغْفِرَةٍ [فصلت:43] لمن يتوب إليه ويرجع إليه، وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ [فصلت:43] لمن أصر على الكفر والشرك، والفسق والفجور، فلهم عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088048861

    عدد مرات الحفظ

    775391350