قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات، وفيها علوم ومعارف:
[ من هداية ] هذه [ الآيات:
بيان العدة ] للمطلقة والميت عنها زوجها [ وهي كالتالي:
أولاً: متوفى عنها زوجها وهي غير حامل عدتها أربعة أشهر وعشر ليال ] وإن كانت حاملاً فعدتها وضع حملها ولو في أسبوع .. شهر .. شهرين أو أكثر، ولو خمسة أيام. نعم.
[ ثانياً: ] امرأة [ متوفى عنها زوجها وهي حامل ] أي: حبلى [ عدتها وضع حملها ] ولو بعد يوم .. يومين .. أسبوع .. شهر .. شهرين.
[ ثالثاً: مطلقة لا تحيض لكبر سنها ] كأن تكون عجوز [ أو لصغر سنها ] كأن تكون طفلة [ وقد دخل بها؛ عدتها ثلاثة أشهر ] والمطلقة قبل الدخول لا عدة عليها، فلو عقدت على امرأة وقبل أن تدخل عليها طلقتها فلها نصف المهر مما أعطيتها، ولا عدة عليها بنص الآية الكريمة من سورة الأحزاب.
[ رابعاً: مطلقة تحيض عدتها ثلاثة قروء، أي: حيض، تبتدئ بالحيضة التي بعد الطهر الذي طلقت فيه، أو ثلاثة أطهار كذلك، الكل واسع. ولفظ القرء مشترك، دال على الحيض وعلى الطهر ] وقد بينا هذا في الأمس، فآية البقرة مخصصة بهذه الآية، وآية البقرة هي:
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ
[البقرة:228]. واختلف في القرء هل هو الطهر وإلا الحيض، والكل واسع. وإن قلنا: هو الحيض، فإذا حاضت حيضة ثم الثانية ثم الثالثة تنتهي عدتها، وإذا قلنا: الطهر فإذا طلقها في طهر لم يمسها فيه فتعد هذا الطهر، ثم تطهر بعده مرتين وتنتهي عدتها. فالمطلقة التي تحيض عدتها ثلاثة قروء، سواء أطهار أو حيض.
[ خامساً: بيان أن أحكام الطلاق ] والزواج [ والرجعة والعدد مما أوحى الله به، وأنزله في كتابه، فوجب العمل به، ولا يحل تبديله، أو تغييره باجتهاد أبداً ] فيجب ألا نخرج عن ذلك، ولا نعص الله عز وجل فيه، ونطبقها كما أمر الله بالنسبة إلى العدة وبالنسبة إلى النفقة.
[ سادساً: فضل التقوى، وأنها باب كل يسر وخير في الحياة الدنيا والآخرة ] فالمتقي لله الخائف منه الذي لا يعصه أمره ميسر دائماً، ولا خوف عليه ولا حزن، وإن كان فقيراً يسر الله له وأغناه. وهذا وعد الله تعالى مع أهل التقوى، فقد قال تعالى:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا
[الطلاق:4].
[ سابعاً: وجوب السكن والنفقة للمطلقة طلاقاً رجعياً ] كما في أول السورة، فما دام طلاقها رجعياً فهي في عصمة زوجها، فينفق عليها، فإذا انتهت العدة ذهبت وخرجت، وما دامت ما انتهت عدتها يجب أن يسكنها، وأن ينفق عليها، ولذلك قال تعالى:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ
[الطلاق:6].
[ ثامناً: وجوب السكنى والنفقة للمطلقة الحامل ] الحبلى [ حتى تضع حملها ] فما دامت حبلى وهي مطلقة طلاقاً بائناً فينبغي أن تسكن، وأن ينفق عليها؛ من أجل الحمل؛ لأن الولد لأبيه، يجب أن ينفق على ولده، وأما المرأة فلا يجب عليها أن تنفق على ولدها، بل ينفق عليه الوالد.
[ تاسعاً: وجوب السكنى والنفقة للمتوفى عنها زوجها وهي حامل ] فالتي توفي عنها زوجها وهي حامل يجب أن ينفق عليها من مال الزوج حتى تلد.
[ عاشراً: المطلقة البائن والمبتوتة لم يقض لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفقة ولا سكنى؛ لحديث فاطمة بنت قيس أخت الضحاك . ومن الفضل الذي ينبغي ألا ينسى: إن كانت محتاجة إلى سكن أو نفقة أن يسكنها مطلقها، وينفق عليها مدة عدتها، وأجره عظيم؛ لأنه أحسن، والله يحب المحسنين ] فالمبتوتة المطلقة طلاقاً بائناً ليس لها نفقة ولا سكن، بل تذهب إلى أهلها. فـفاطمة بنت قيس أرشدها الرسول إلى هذا، وعمر قال: ما نأخذ رأي المرأة ونترك الآية. ومن ثَمَّ نقول: يجمع بين المذهبين بأن نقول: إذا كنت قادراً وهي محتاجة فأنفق عليها وأسكنها حتى يفتح الله عليها، وحتى تنتهي عدتها، لأن المطلقة المبتوت طلاقها لا حق لها في السكنى ولا في النفقة، بل تذهب إلى أهلها، بخلاف المطلقة طلاقاً رجعياً، فإنها تبقى في بيتك حتى تنتهي العدة أو تراجعها. وهذه المبتوت طلاقها لا نفقة لها ولا سكنى، ولكن نقول: إذا كانت محتاجة وأنت غني فأنفق عليها وأسكنها حتى تنتهي العدة بعد ثلاثة أشهر.
[ الحادي عشر: النفقة الواجبة تكون بحسب حال المطلق ] أي: بحسب قدرة الزوج وضعفه [ غنىً وفقراً، والقاضي يقدرها إن تشاحا ] فإن كان غنياً فتكون النفقة بكذا، وإن كان فقيراً فكذا، والأمر ينقل للقاضي، وهو الذي يقضي ويحكم إذا ما اتفقا، وإن اتفق هو والمرأة فلا بأس.
[ الثاني عشر: المطلقة طلاقاً بائناً إن أرضعت ولدها لها أجرة إرضاعها، حسب اتفاق الطرفين الأم والأب ] فمن طلقها زوجها ولها ولد يرضع فعلى الزوج أن ينفق على هذا الولد؛ لأنه ولده، وهو الذي يجب أن ينفق عليه، وهو الذي يجب عليه الرضاع. فالأب يجب أن يعطيها مقابل أن ترضعه، أو يأخذه ويعطيه لامرأة ثانية ترضعه، إلا إذا لم يقبل الولد إلا أمه فيجب أن ينفق على أمه ولا يقتله.
[ الثالث عشر ] وأخيراً: [ بيان القاعدة العامة ] فلا ننساها [ وهي: ألا تكلف نفس إلا وسعها ] أي: بحسب قدرتك وطاقتك تكلف.