إسلام ويب

تفسير سورة الطلاق (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للمطلقة طلاقاً رجعياً أن تعتد في بيت زوجها حتى يراجعها أو تنتهي عدتها وتخرج من عقده، أما المطلقة طلاقاً بائناً فإن أمكن انتقالها إلى غير بيت الزوج وإلا بقيت فيه، وعليه نفقتها بالمعروف حتى انقضاء عدتها، وإن كانت حاملاً أنفق عليها حال حملها فإذا وضعت فهو بالخيار إن شاء أخذ ولده واسترضع له امرأة أخرى، أو تركه عند أمه وأنفق عليها نفقة الإرضاع على ما يتم الاتفاق عليه بينهما.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: ها نحن ما زلنا مع سورة الطلاق، ومع هذه الآيات الأربع، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوتها مجودة مرتلة، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا * أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:4-7].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]، تقدم أن المطلقة طلاقاً رجعياً تعتد في بيت زوجها حتى تنتهي عدتها، أو يراجعها قبل نهاية عدتها، وأنه ينفق عليها، فتأكل وتشرب في بيتها حتى تنتهي العدة.

    عدة المطلقة اليائسة من الحيض والتي لم تحض بعد

    يقول تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ [الطلاق:4] لكبر سنهن، كأن تبلغ المرأة الخمسين، أو تتجاوز الخمسين، فإنها لا تحيض، وقد انتهى منها الحيض. والتي تحيض -كما علمنا- عدتها ثلاث حيضات وتنتهي عدتها، أو ثلاثة أطهار. وكذلك هناك التي لا تحيض لكبر سنها أو لصغرها، كأن تكون بنت تسع سنوات أو عشر، فهذه ما تحيض.

    وهو تعالى يقول هنا: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ [الطلاق:4] أو شككتم وما عرفتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]. لأن أصحاب رسول الله جاءوا وسألوا الرسول عن هذا، فنزلت هذه الآيات.

    وقوله: فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]، أي: من الهلال إلى الهلال، فتعتد ثلاثة أشهر، تنتهي العدة. وكذلك وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]. فكذلك هذا شأنهن.

    إذاً: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ [الطلاق:4] لكبر سنهن فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]. وكذلك وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] كذلك. فالصغيرات اللائي لا يحضن عدتهن ثلاثة أشهر.

    عدة المطلقة الحامل

    قال تعالى: وَأُوْلاتُ [الطلاق:4]، أي: وصاحبات الأَحْمَالِ [الطلاق:4] اللاتي في بطونهن أجنة أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]. وسواء وضعنه بعد شهر .. شهرين .. ثلاثة .. تسعة. فإذا وضعت الحامل حملها انتهت عدتها.

    فعدة المطلقة ثلاثة أشهر أو ثلاث حيض أو ثلاثة أطهار كما قدمنا، واللائي يئست من الحيض أو ما تحيض عدتها ثلاثة أشهر، وأما صاحبة الحمل فعدتها أن ينتهي حملها على شرط ما تسقطه كما يفعل الكفار، بل أن يسقط من نفسه، فإذا وضعت ولدها في الشهر الخامس .. الرابع .. السادس فقد انتهت عدتها. هذا معنى قوله تعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].

    قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]. وهذا صحيح والله، فكل من يتق الله ولا يخرج عن طاعة الله، وكل من يمتثل أمر الله ويطبق شرع الله ييسر الله أمره، ولا يصعب عليه شيء أبداً. هذا وعد من الله. فقد قال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]. سواء الذي يطلق أو التي طلقت.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087871011

    عدد مرات الحفظ

    774509889