إسلام ويب

تفسير سورة الشورى (7)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للناس أجمعين تتلخص في دعوتهم إلى عبادة ربهم، فيكون منهم مؤمنون يستجيبون لما فيه خيرهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة، فهم في الدنيا يسيرون لعمل الصالحات، وفي الآخرة يخلدون في الجنات، وأما الصنف الآخر فهم قوم كذبوا الرسول واتهموه بأشنع الاتهامات، وأعرضوا عن دين رب البريات، ويوم القيامة يشفقون من أفعالهم، ويتحسرون على مآلهم، فلا ينفعهم ذلك؛ لأنهم في الجحيم خالدون، ومن رحمة ربهم يائسون.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن مع هذه الآيات من سورة الشورى، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها مجودة مرتلة، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ * ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [الشورى:22-26].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ [الشورى:22] متى هذا؟ هذا يوم القيامة، يوم البعث والجزاء في الدار الآخرة.

    يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ [الشورى:22]، من هم الظالمون؟ الكافرون، المشركون، الفاسقون، الفاجرون، هؤلاء هم الظالمون، تراهم يا رسولنا في ساحة فصل القضاء يوم القيامة مشفقين خائفين، يرتعدون خائفين من عذاب الله وهو واقع بهم لا محالة، وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ [الشورى:22].

    هذه الآية تعرض على أسماعنا -بل وأبصارنا- عرصات القيامة وما يجري فيها، حتى نؤمن بالبعث الآخر والدار الآخرة.

    هكذا يقول تعالى لرسوله: (ترى الظالمين)؛ حتى لا نرضى بالظلم ولا نقع فيه، ولا نعمل به بحال من الأحوال، بل نرحل من ساحته وبلاده، والظلم ما هو؟

    وضع الشيء في غير موضعه، فالذين يعبدون غير الله ظلموا، والذين لا يعبدون الله ظلموا، والذين يخرجون عن طاعة الله ويفسقون ويفجرون ظلموا، فهم الظالمون.

    تراهم أيها السامع مشفقين خائفين مما كسبوه، مما عملوه في هذه الحياة الدنيا من الكفر والشرك والفسوق والفجور، مشفقون خائفون مما كسبوا وهو واقع بهم لا محالة.

    معنى قوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ...)

    ثم قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ [الشورى:22].

    وترى الذين آمنوا وعملوا الصالحات، آمنوا بالله رباً، آمنوا بالله وبلقائه، آمنوا بالله وبكتابه، آمنوا بالله ورسوله، آمنوا بالله ووعده ووعيده، ثم عملوا الصالحات ولم يعملوا الفاسدات، أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وصاموا رمضان وحجوا بيت الله الحرام، وتنفلوا النوافل في الصدقات والرباط والجهاد والصالحات والصلاة، هؤلاء تراهم يا رسولنا في أي مكان؟ في روضات الجنات، الروضة أحسن مكان في الجنة، تراهم بعينك يا رسولنا، فاللهم اجعلنا منهم.. اللهم اجعلنا منهم.. اللهم اجعلنا منهم.

    فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الشورى:22] ما يشاءون شيئاً إلا كان، من طعام، من شراب، من لباس.. من أي نعيم يريدونه يكون.

    ذَلِكَ [الشورى:22] الذي سمعتم هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ [الشورى:22] إي والله كبير، والذي يستكبره الله كيف لا يكون كبيراً؟ ذلك فضل الله عليهم وهو الفضل الكبير، وجودهم في دار السلام في الجنة ذات النعيم المقيم وهم في رياض الجنة يمرحون ويفرحون، أي فضل أعظم من هذا؟ اللهم اجعلنا منهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ...)

    ثم قال تعالى: ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الشورى:23] هذا الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات، كلمات كهذه تجعل وجوههم تكاد تبتسم من الضحك والفرح، ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الشورى:23] ولازم ذلك أنهم ما كفروا ولا ظلموا ولا عملوا السيئات.

    معنى قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)

    ثم قال تعالى لرسوله: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] يا رسولنا! قل لهؤلاء الكافرين المشركين من قريش في مكة: لا أطلب منكم مالاً على دعوتي هذه، أبين لكم الطريق، أدعوكم إلى الهداية لتكملوا وتسعدوا ولا أطلب منكم مالاً ولا طعاماً ولا شراباً، إنما أطالبكم بالقرابة التي بيني وبينكم، من عادتكم أن القريب يحسن إليه ولا يساء إليه، يحفظ ولا يؤذى، ينصر ولا يخذل، وأنا قريب منكم ما من قبيلة في قبائل قريش إلا ولي فيها نسب، أنا ما أطالبكم أن تعطوني المال حتى ننصر هذه الدعوة وننشرها، لا، فاستعملوا القرابة التي بيني وبينكم، فادفعوا عني من يريد أن يؤذيني أو يضرني أو يتعرض لي.

    قل لهم هكذا يا رسولنا، قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا [الشورى:23] أي: على هذا البلاغ، على هذا الدين، إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] مودة القرابة، الأقرباء متوادون متحابون متناصرون، وأنا منكم، ما من قبيلة من قبائل قريش إلا وللرسول صلى الله عليه وسلم فيها نسب.

    هكذا يقول تعالى لرسوله: قل لهم: لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا [الشورى:23] أي: على إبلاغ هذه الدعوة، هذه الرسالة، على هذا الكتاب، إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور)

    ثم قال تعالى: وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا [الشورى:23].

    هذا إعلان، اسمعوا: من يكتسب حسنة يزد الله له فيها حسناً، هذا فضل الله على أوليائه، إذاً: فاعملوا الحسنات يبارك الله لكم فيها ويزدكم، هذا وعده الصادق.

    إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ [الشورى:23] غفور لذنوب عباده المؤمنين التائبين الراجعين إليه، شكور لأعمالهم، من عمل حسنة شكرها له وزاده فيها، وضاعفها له، هذا وصف الجبار عز وجل.

    إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ [الشورى:23] أي: لذنوب عباده التائبين إليه الراجعين العائدين إلى الإيمان والإسلام وصالح الأعمال، شَكُورٌ [الشورى:23] يضاعف لهم الحسنات.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أم يقولون افترى على الله كذباً فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته ...)

    ثم قال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الشورى:24] بل يقولون، قالوا: هذا القرآن افتراء وكذب، ما هو وحي الله ولا أنزله الله عليه، ويصيحون في الشوارع في داخل مكة وخارجها فيقولون: افترى على الله كذباً.

    فرد تعالى عليهم بقوله: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ [الشورى:24]:

    إن يشأ الله يختم على قلب محمد ولن يستطيع أن يقول كلمة، فكيف يكذب علينا؟ أيكذب علينا ونسكت ونتركه؟ فإن يشإ الله يختم على قلبه ويطبعه فما يتكلم كلمة، فكلامكم هذا باطل وسخ، هذا كلام الله ووحي الله، هذا كتاب الله تعالى وتقولون: هو افتراءات وكذب وقصص وأحاديث باطلة؟ هل الله عاجز عن أن يمنعه من الكذب عليه؟ كيف يكذب على الله ويتركه الله؟!

    إذاً: ما كذب على الله أبداً، وإنما هو وحي الله وكلامه أنزله عليه، ولكن يمحو الله الباطل، فهذا ما هو بباطل، ولكن الباطل الذي أنتم عليه أيها المشركون، ويحق الحق وينصر رسوله، وما هي إلا خمس وعشرون سنة ولم يبق في الجزيرة من يعبد غير الله عز وجل، في خمس وعشرين سنة فقط دخل كل أهل الجزيرة في الإسلام شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.

    فهل أحق الله الحق أم لا؟ هل أبطل الباطل أو لا؟ لقد انتهى الشرك والكفر في هذه الديار، هذا خبر ووعد صادق، وتم كما هو.

    إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الشورى:24] صدور الناس فيها كره، فيها حب، فيها بغض، فيها كفر، فيها توحيد، والله تعالى عليم بما فيها، لو لم تتكلم ولم تبصر ولم تفتح عينيك فوالله! إنه لعليم بما في صدرك: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الشورى:24] أي: بما في الصدور، فلهذا طهر يا عبد الله قلبك، طهر صدرك، لا تحمل الغل، ولا الغش، ولا الخداع، ولا الكبر، ولا الكفر، ولا الشرك، واجعل صدرك طيباً طاهراً فيه رضا الله إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الشورى:24].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون)

    ثم قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [الشورى:25] ما من عبد يتوب إليه إلا قبل توبته، وإن كان كفر وأشرك خمسين سنة، أو ألف سنة، ما دام قد أقبل على الله رفع الله عنه ذلك الإثم وتاب عليه، وعد الله الحق، لو أذنب الإنسان خمسين سنة، ستين سنة، مائة عام كلها كفر وشرك، ثم يقول: آمنت بالله، ويقبل على طاعة الله؛ فإنه يمحى ذلك كله ولا يبقى منه شيء.

    هكذا يقول تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا [الشورى:25] ويتجاوز عَنِ السَّيِّئَاتِ [الشورى:25] كلها ولا يطالب بها صاحبها الذي تاب منها وعاد إلى الله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ...)

    ثم قال تعالى: وَيَسْتَجِيبُ [الشورى:26] أي: الله الَّذِينَ [الشورى:26] أي: للذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [الشورى:26].

    بشرى لكم عباد الله المؤمنين الصالحين أن الله يستجيب دعاءكم، فادعوه، سلوه، اطلبوا منه في الليل والنهار وأنتم في الصلاة وخارجها، فإن الله وعدكم بأن يستجيب لكم، ووالله! لقد استجاب لنا جميعاً.

    فأخلصوا العبادة له فقط، دعوا القلوب له لا تتقلب إلا في طلب رضاه وادعوه فإنه يستجيب لكم، واستجاب لرسول الله والمجموعة في مكة من المؤمنين، فبعد خمس وعشرين سنة والإسلام ينتشر في العالم، استجاب الله للمؤمنين.

    وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الشورى:26] فـ(الذين) هنا مفعول به، أي: ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [الشورى:26]، لا الذي يطلبونه فقط، يعطيهم أكثر، اطلب ما شئت والله يعطيك أعظم مما تطلب، ويزيدك من فضله.‏

    معنى قوله تعالى: (والكافرون لهم عذاب شديد)

    ثم انتهت الآية بقوله: وَالْكَافِرُونَ [الشورى:26] الجاحدون لتوحيد الله أو لربوبية الله، لعبادة الله، لشرع الله، لرسل الله، الكافرون لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [الشورى:26] قاس أليم، وهو عذاب جهنم في الدار الآخرة.

    وهذا وعيد شديد، فمن مات على الكفر والفسق والفجور له عذاب شديد لا يقاس أبداً ولا يقادر قدره، عذاب جهنم، وماذا تعرفون عن جهنم؟

    إن ضرس الكافر كجبل أحد، وما بين كتفيه مائة وخمسة وثلاثون كيلو متر، فماذا يأكل؟ ما هو الزقوم؟ ما هو الطعام؟ ما هو الحميم؟

    لا تتصور كيف هذا العذاب أبداً، فلا إله إلا الله.. لا إله إلا الله، آمنا بالله.. آمنا بالله، اللهم توفنا وأنت راض عنا، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    [ من هداية الآيات:

    أولاً: تقرير حق القرابة ].

    من هداية هذه الآيات: تقرير حق القرابة، فيا أيها المؤمنون! ودوا أقرباءكم وأحبوهم وأعينوهم وكونوا لهم، هذه سنة الله في البشرية، ها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يطالب بها، قال: أنا ما طلبت منكم أجراً، ولكن بيني وبينكم قرابة فلا تضيعوها، احفظوني، انصروني، قفوا إلى جنبي دفاعاً عني؛ لأني من أقرباءكم، فتقرر بهذا أن الأقرباء يجب أن يكونوا كجسم واحد، يتعاونون، يتحابون، يتناصرون.

    قال: [ واحترام قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقديرها ].

    فالآية هذه فيها إشارة لطيفة، وهي: احترام قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، أولاده، أحفاده ينبغي أن نحبهم وأن نكرمهم، وألا نهينهم؛ أخذاً بهذه الآية، فأولاد فاطمة، والحسن، والحسين، آل البيت إلى اليوم والله! إنا لنكرمهم ونحترمهم احتراماً وإكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ هم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    [ ثانياً: تبرئة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الافتراء على الله عز وجل ].

    من هداية هذه الآيات: تبرئة رسول الله من الكذب والافتراء، وحاشاه، والله! لم يفتر، والله! لا يكذب؛ لأن الله عاصمه، لأن الله حافظه، والذين يقولون: الرسول شاعر وكذاب لعنة الله عليهم، إنهم لكاذبون.

    [ ثالثاً: مضاعفة الحسنات، وشكر الله للصالحات من أعمال عباده المؤمنين ].

    من هداية هذه الآيات: مضاعفة الحسنات، تصلي ركعتين فلك عشر حسنات يضاعفها الله إلى سبعمائة، والله عز وجل يشكر لك عملك، وصدقة تتصدق بها لوجه الله يشكرها لك ويضاعفها ويبارك لك، هذا شأن الله عز وجل، يضاعف الحسنات ويشكر للصالحين أعمالهم، ويزيدهم.

    [ رابعاً: وجوب التوبة وقبول الله تعالى لها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة ].

    فيا أبناء الإسلام، يا بنات المسلمين! يجب أن نتوب إلى الله من كل ذنب، نظرة محرمة نقول عقبها: أستغفر الله وأتوب عليه.. أستغفر الله وأتوب عليه، كلمة باطلة قلتها تقول بعدها على الفور: أستغفر الله وأتوب عليه.. أستغفر الله وأتوب عليه، فيمحى هذا الأثر، خطوة خطوتها في باطل أو مشية تقول بعدها: نستغفر الله ونتوب إليه، هذا واجبنا، يجب أن نتوب إلى الله من كل ذنب.

    والتوبة كما تعلمون هي: أولاً: الإقلاع عن ذلك الذنب وتركه.

    ثانياً: الاستغفار الصادق: نستغفر الله.. نستغفر الله، نتوب إلى الله.

    ثالثاً: العزم ألا نعود إلى ذلك الإثم، وإن عدنا فإنا نتوب ولو سبعين مرة في اليوم، كل ذنب لا بد له من توبة.

    وإن كان الذنب يتعلق بحق آدمي كمن أخذ مال امرئ مؤمن؛ فما تنفعه التوبة إلا إذا رد هذا المال، آذى مؤمناً في عرضه، في ماله، لا بد من أن يطلب منه العفو أو يعطيه ما أخذ منه؛ لأن هذا حق بينه وبين العبد، فالذي بينه وبين الله يزيله الاستغفار والندم وترك الإثم كما بينا.

    لكن الحقوق التي بين الناس فلا بد أن ترد حق الناس، أو تقول: يا فلان! سامحني أنا سببتك، فيقول: سامحك الله، يا فلان! أخذت معزتك أو كبشك فخذا هذا أو سامحني، لا بد من هذا.

    أما الذنوب التي بينك وبين الله تعالى فيكفي فيها تركها والاستغفار، والعزم ألا نعود، أما حقوق الناس فلا بد من مساحتهم وعفوهم وطلب ذلك منهم.

    [ خامساً: وعد الله تعالى باستجابة دعاء المؤمنين العاملين للصالحات، وهم أولياء الله تعالى الذين إن سألوا أعطاهم، وإن استعاذوه أعاذهم، وإن استنصروه نصرهم، اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم ].

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767950479