وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فها نحن مع سورة الأحقاف سابعة آل حم، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [الأحقاف:21-25].
ولم يذكر هذه القصة لقومه في مكة؟ من باب الوعظ والإرشاد، للهداية والتربية والتعليم، عسى أن يتوبوا إلى الله ويسلموا قلوبهم ووجوههم له، ويتركوا عبادة الأصنام ويطبقوا شرع الله، وفي نفس الوقت الرسول الكريم يتسلى ويصبر، فيسرد له قصة عاد حتى يثبت على دعوته إلى أن ينجزها الله عز وجل.
ونحن أيها السامعون مثله، فهذه القصة فيها العظات والعبر لنهتدي إلى الصراط المستقيم، نترك الفسق والفجور والشرك والباطل، ونعبد الرحمن ونطيع الله عز وجل.
قال تعالى: وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ [الأحقاف:21] ألا وهو هود بن عبد الله بن رباح ، هذا نبي الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، اذكر قصة هود مع قومه، وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ [الأحقاف:21] هذه الأخوة ليست دينية، هذه أخوة جنسية، فهو من جنسهم، ما هي بأخوة إسلامية ودينية، واذكر أخا عاد من جنسهم.
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ [الأحقاف:21] متى؟ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ [الأحقاف:21]، والأحقاف: جمع حقف، والحقف: الجبل من الرمل الطويل، ما هو كالجبل، مرتفع وطويل يسمى حقفاً، وجمعه أحقاف.
وهذه الأراضي كلها أحقاف وأودية فيها مزارع النخيل والزروع وما إلى ذلك، لتلك الأمة التي كانت تسكن هناك، وهي ما بين عمان واليمن، وحضرموت منها.
إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ [الأحقاف:21] أي: أنذر قومه بتلك الديار، أي: أهل تلك الديار الساكنين فيها من تلك الأمة التي عظم شأنها وتولت على العالم وكان لها سلطان عجب، والعياذ بالله تعالى.
وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ [الأحقاف:21] ما من رسول إلا وينذر قومه من عذاب الله إذا أصروا على الشرك والكفر وعدم تطبيق شرع الله، كل رسول يرسله الله عز وجل إلى قوم مشركين فاسقين فاجرين ينذرهم من عذاب الله ويخوفهم من عذاب الله، ويبين لهم طريق السلامة والسعادة والكمال، فإن استجابوا فذاك، وإذا ما استجابوا دمرهم الله في الدنيا قبل عذاب الآخرة، وما رفع الدمار العام إلا مع نبينا صلى الله عليه وسلم فقط، وقد قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] فلهذا عصوه وفسقوا وفجروا وما دمرهم الله بعذاب الإبادة، لا البيض ولا السود.
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ [الأحقاف:21] هذا الذي ينذرون به: لا تعبدوا يا عباد الله إلا الله، لا صنم ولا حجر ولا كوكب ولا شمس ولا قمر ولا ملك ولا نبي، لا يعبد إلا الله، أي: لا يطاع في أمره ونهيه إلا الله، أي: لا تتعلق القلوب رهبة وطمعاً وخوفاً إلا بالله.
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ [الأحقاف:21] إذ كانوا يعبدون غير الله من تلك التماثيل أو الصور أو الأجسام التي يعبدونها، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأحقاف:21] قالها هود عليه السلام لعاد، إني أخاف عليكم إن استمررتم على الكفر والشرك وعدم الطاعة والانقياد لله عز وجل عذاب يوم ما هو بهين ولا صغير، عذاب يوم عظيم، ألا وهو عذاب إبادتهم وتدميرهم، والله! ما أبقى الله منهم أحداً إلا المؤمنين؛ إذ أرسل عليهم ريحاً صرصراً ذا صوت سبع ليالي وثمانية أيام، فلم تبق أحداً، والمؤمنون خرجوا من ديارهم فنزلوا مكة وذهبوا إلى الشام، وقوم ثمود منهم، وهم بقايا الذين نزلوا في مدائن صالح.
ثم إن هوداً عليه السلام خرج هو والمؤمنون قبل أن تنزل المحنة بالكافرين، فخرج ومن معه من المؤمنين والمؤمنات، ونزلوا بمكة، ثم ذهبوا إلى الشمال، ومن ثم تكونت مدائن صالح وقوم صالح، فكيف يجعلون له قبراً ويعبدونه؟
وكتب أحد العلماء من حضرموت رسالة عجب، فضحهم فيها وبين قبح سلوكهم، وهذه الفتنة من حوالي القرن السابع إلى الآن.
والشاهد عندنا: من أين لهم أن هوداً مات هناك، وقد نجاه الله وخرج مع المؤمنين من تلك البلاد؟ وهل عاد بعد ذلك ومات؟ ما بقي في البلاد أحد، فكيف يعود ويرجع؟
وهكذا عبدوا الأولياء ويسمونهم أولياء وهم أعداء الله، فجرة فسقة ويقولون عنهم: أولياء الله، ويبنون عليهم القباب ويعبدونهم بالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر من إندونيسيا إلى موريتانيا يوم هبطت هذه الأمة من علياء سمائها، فمن كاد لها؟ من مكر بها؟ الثالوث الأسود: المجوسية واليهودية والصليبية، فهبطت أمة الإسلام.
ويدلك على هبوطها: أنها استغلت واستعمرت، ولم يخل مكان من الاستعمار إلا هذا المكان، فكيف يحكم الكفار المسلمين ويسوسونهم ويسودونهم؟ لو كان المسلمون حقاً مسلمين لما استعمروهم، والله! ما هم بالمسلمين حقاً. والشاهد عندنا في أن هوداً عليه السلام ما هو في حضرموت أبداً، وقبره هذا بدعة ومنكر، وحرام حجه وزيارته، ويستغلون هذه المواقف لجني لأموال، لو تشاهد ما يحدث هناك.
والشاهد عندنا في قوله تعالى: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأحقاف:21] ألا وهو يوم عذاب هلاكهم، وعذاب يوم القيامة أيضاً، عذاب يوم عظيم.
فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الأحقاف:22] هات هذا العذاب الذي تهددنا به وتخوفنا إن كنت من الصادقين في دعواك في أننا كفار وأنت مؤمن، في أننا مشركون وأنت موحد فقط، إذاً: هات العذاب ليدل ذلك على صحة ما تقول وعلى صدقك فيما قلت، فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الأحقاف:22] طالبوا بالعذاب في صدق، ولهذا أنزله الله بهم.
وما من حقهم أن يقفوا هذا الموقف، ولا أن يطالبوا بالعذاب لو كانوا عقلاء، فهذا الذي يدعو قد يكون صادقاً، فسنهلك إذا دعا، فلم نطلب العذاب منه؟
وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ [الأحقاف:23]، وأبلغكم -يا عباد الله، يا أهل الأحقاف- ما أرسلني الله به، وهو أن تقولوا: لا إله إلا الله، هود رسول الله، وتعبدوا الله وتطيعوه فيما أمر وفيما نهى، تفعلون الأوامر وتتركون النواهي، وتستبيحون ما أباح لكم، وتمتنعون عما حرم عليكم، نظام يسعدون به، ما هو مجرد عبادة باللفظ، بل قانون يسودون به ويكملون ويسعدون كما هو الإسلام، فالإسلام حين تدخله تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وبعد ذلك أنواع العبادات من الواجبات والمنهيات إلى غير ذلك.
وهذه الحقيقة التي نقررها، ففساد الأمة الإسلامية منشؤه الجهل، فالثالوث ماذا فعل بنا؟ قال: القرآن الكريم لا يفسر أبداً، وقالوا في تفسيره: صوابه خطأ وخطؤه كفر، إن فسرت كلام الله وأخطأت كفرت، هذا إذا أخطأت، وإذا أصبت أثمت، فممنوع تفسير القرآن وحرام.
واستجاب المسلمون، وأصبحوا لا يجتمعون على تفسير كلام الله لا في البيت ولا في الدكان ولا في المزرعة، ما يجتمع اثنان على كلام الله، إذاً: غمرهم الجهل وغطاهم.
وزادوا على ذلك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما نريد قال الرسول، يكفينا كتاب إمامنا، نحن حنابلة وما عند الحنابلة هو دين الله، نحن مالكية، نحن أحناف، ما هناك قال رسول الله؛ لأن قول الرسول يكون منسوخاً ويكون كذا وكذا! فمنعوهم من السنة، فماذا بقي؟ بقي الجهل، فلما جهلوا فسقوا وفجروا، فالجاهل يفسق ويفجر، فما عرفوا الله ولا تعرفوا إليه، ولا أحبوه ولا رهبوه ولا خافوه.
وهذا هود عليه السلام يقول: وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ [الأحقاف:23] والآن أمة الإسلام جاهلة أم عالمة؟ والله! لا توصف بالعلم إلا إذا التفت حول كلمة لا إله إلا الله، وطبقت شرع الله وأصبحت أمة واحدة من أقصى الشرق إلى الغرب، يومها نقول: إنها علمت، ومن ثم لا زنا ولا ربا ولا فسق ولا فجور إلا نادراً، والنادر لا قيمة له، أما أن يشيع الفجور، والربا، والزنا، والباطل؛ فوالله! ما هذا بالهدي الإلهي، إنه الضلال.
ونقول دائماً: امش إلى قرية من قرى العالم الإسلامي أو مدينة، وقل: نريد أن تعطوني أتقاكم، والله! لن يدلوك إلا على أعلمهم، والله! لن يكون أتقاهم إلا أعلمهم بالله وبمحابه ومكارهه.
ومعنى هذا -معشر المستمعين والمستمعات- أن نزيل ظلمة الجهل عن قلوبنا حتى نعرف محاب ربنا ونفعلها، ونعرف مكاره ربنا ونتخلى عنها ونبتعد عنها ونتركها، وهذا هو طريق السعادة والسلامة في الدنيا.
قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحقاف:23] هو الذي يعرف متى ينزل بكم العذاب، وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ [الأحقاف:23]، فلهذا ما قبلتم ما جئتكم به لجهلكم، فالعالم إذا وجد علماً يفرح به ويتعلمه، والجاهل يرفضه ولا يريده، والله! إنا لنفرح بالمسألة العلمية أكثر من فرحنا بالطعام والشراب.
بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأحقاف:24] ظنوه سحباً وأمطاراً، ولكنها رياح عواصف، واقرءوا من سورة الحاقة: وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ [الحاقة:6-7]، انصرعوا كالنخيل المقطوعة؛ لأن أجسامهم طويلة، طول الواحد ستون ذراعاً، فصاروا كأنهم نخيل مقطوعة.
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ [الأحقاف:24] يعني: جاء لأوديتهم التي هي مزارعهم وحقولهم؛ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا [الأحقاف:24]، فرد تعالى عليهم فقال: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأحقاف:24] موجع.
تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [الأحقاف:25]، ولهذا ما أمر الله أن تدمر هوداً والمؤمنين، بل خرج هود والمؤمنون والمؤمنات في مجموعة ما ذكر كم عددهم، وتركوا البلاد ونزل العذاب بأولئك، ولو كانوا هناك ونزل الريح فإنه سينجيهم الله تعالى؛ إن الله على كل شيء قدير، ومن ثم نزلوا بمكة وذهبوا إلى الشام وتكونت منهم مدائن صالح.
إذاً: فقولهم: إن هوداً قبره في حضرموت الآن هذا باطل يجب أن نبطله ولا نسكت أبداً، ولا يبتدع الناس هذه البدعة، والله! لا يوجد قبر هود في تلك البلاد التي دمرها الله عز وجل وأهلكها.
ثم قال تعالى: فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [الأحقاف:25] هكذا نجزي القوم المجرمين، من القائل؟ الله. هكذا نجزي المجرمين على عملهم وكسبهم، على كفرهم وفسقهم وفجورهم، الذين أجرموا على أنفسهم بشركهم وكفرهم وفسقهم وفجورهم.
والمجرم عندنا من هو؟ الزاني والسارق اللص، والذي يسفك الدماء ويقتل، ومما يؤسف ويحزن أنه بلغني أن آمراً بالمعروف في داخل المدينة وجه كلمة إلى شاب، وإذا بالشاب يخرج السكين ويضربه في يده -والعياذ بالله- في هذه الأيام، يأمره ويوجهه فيخرج السكين ويضرب يده والعياذ بالله! فهذا هو المجرم، والله! إن نفسه لمظلمة منتنة عفنة، والله! لو كان له نور ما فعل هذا ولا أقبل عليه، لكن يعيش على ظلمة، ألا وهي ظلمة الجهل والعياذ بالله تعالى.
فالذين يجلسون على الباطل ويحكون المنكر ويجلسون أما التلفاز والشاشات والأحاديث والله! لقلوبهم منتنة عفنة ولا خير فيهم أبداً إلا من تاب الله عليه، فلهذا يجب على شبيبة المسلمين أن يكونوا أول من يعمر المسجد وينزل به، أين الشبان؟ شاردون، والمفروض أن الشبيبة تذهب بعد المغرب إلى المسجد لتتعلم وتعلم، وتذاكر كتب العلم، أما أن يعيشوا في الشوارع ليلاً ونهاراً، والشياطين تعبث بهم وتمسخهم، وكثير مسخوا، ومنهم هذا الذي يضرب آمر بالمعروف بسكينه.
هكذا يقول تعالى: كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [الأحقاف:25] اللهم لا تجعلنا منهم، وطهر أرضنا وديارنا منهم، واهد من أجرم منا وعد به إلى الحق والطريق المستقيم؛ إنك ولي ذلك والقادر عليه.
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: بيان سنة الله في الأمم في إرسال الرسل إليهم ].
من هداية هذه الآيات التي تدارسناها بتوفيق الله عز وجل لنا: بيان أن الله ما أخلى أمة من رسول، ما من أمة إلا ويرسل الله فيها رسولاً ليبن لها الطريق لتهتدي، فإن استجابت نجت وسعدت، وإن أعرضت وتكبرت هلكت ودمرت، سنة الله في الخلق.
[ ثانياً: بيان مهمة الرسل وهي النذارة والبلاغ ].
مهمة الرسل ما هي؟ هل هي البناء وحفر الآبار وتوسيع الأرزاق؟ مهمة الرسل فقط بيان الطريق، الهداية وبيان الحق، هذه مهمة الرسل، ينذرون القوم عاقبة كفرهم وشركهم، ويبينون الطريق لمن أراد أن يسلكه.
[ ثالثاً: بيان سفه وجهل الأمم التي تطالب بالعذاب وتستعجل به ]، فأي سفه أعظم من هذا، أي جهل أكثر من هذا؟ لا نطالب بالعذاب، بل نطالب بالرحمة: ربنا ارحمنا، ربنا ارفع عنا هذا البلاء، لا نقول: ربنا أنزل العذاب بنا، هذا عتو وطغيان وفساد والعياذ بالله، هذا من أعظم الجهل والسفه.
[ رابعاً: بيان أن عاداً أهلكت بالريح الدبور، وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم نصر بريح الصبا كما في الحديث الصحيح ].
يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور ) قالوا: الصبا ريح الشمال، والدبور ريح الجنوب، ومتى نصر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبا؟ في يوم الأحزاب، أما أرسل تعالى عليهم ريحاً دمرتهم وارتحلوا؟
[ خامساً: بيان سنة الله تعالى في إهلاك المجرمين، وهم الذين يصرون على الشرك والمعاصي ].
بيان سنة الله تعالى، وهي إهلاك المجرمين وتدميرهم ومسخهم وتعذيبهم في الدنيا والآخرة، سنة لا تتخلف أبداً، كذلك نجزي القوم المجرمين، نبرأ إلى الله من الإجرام ونبتعد من ساحته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر