أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
وها نحن مع سورة الأنفال المدنية المباركة الميمونة، ومع أحداث غزوة بدر، فلنصغ مستمعين لتلاوة هذه الآيات التي سندرسها إن شاء الله مرتلة مجودة أولاً.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ [الأنفال:9-14].
قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ [الأنفال:9]، أي: اذكر يا رسولنا! واذكروا أيها المؤمنون! إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ [الأنفال:9]، أي: تطلبون الغوث؛ لينقذكم من تلك الحرب، ولينصركم على أعدائكم وأنتم أقلية ثلاثمائة، والعدو ألف، أي: ثلاثة أضعاف، فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9]. والذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رفع كفيه إلى الله، وكان يكرر الدعاء قائلاً: ( أنجز لي ربي! ما وعدتني ). فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9]. وفي قراءة: (مُرْدَفين).
وقوله: أَنِّي مُمِدُّكُمْ [الأنفال:9] أي: بنصرتكم والوقوف إلى جنبكم عوناً لكم. بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9]، أي: ملك بعد آخر، أتباعاً لبعضهم البعض. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126].
وقوله: وَمَا النَّصْرُ [الأنفال:10] أي: دائماً وأبداً في كل معركة في الحياة إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال:10]. فهو عزيز أي: غالب لا يقهر، وغالب لا يحال بينه وبين مراده. ولو اجتمعت الخليقة كلها فلن تنفذ شيئاً ما أراده الله. وهو كذلك حكيم يضع كل شيء في موضعه. وأنتم أولياؤه عندما تقاتلون أعداءه تقتضي حكمته أن ينصركم؛ لأن أولئك المشركون به كافرون به، فحكمته تقتضي أن يهزمهم، وأن يكسر وجودهم؛ لأنه عزيز وحكيم. ولو كان عزيزاً غير حكيم فإنه يخبط ويخلط، وقد ينصر من لا يستحق النصر، أو يهزم من لا يستحق الهزيمة. ولو كان حكيماً ولا قوة له لما نفع أيضاً. ولكنه جمع بين الصفتين العظيمتين، أي: كونه تعالى عزيزاً غالباً لا يقهر، ولا يحال بينه وبين مراده، وكونه تعالى حكيماً يضع كل شيء في موضعه، ولذلك فهو يضع النصر حيث يستحق أهله النصر، ويضع الهزيمة حيث يستحق أهلها الهزيمة. فهذا التعليل عجيب، أي: قوله: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال:10].
والذي غطاهم بالنعاس هو الله جل جلاله؛ من أجل الأمن، أي: حتى تطمئن وتسكن نفوسهم بهذا الأمن.
أولاً: لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]. لأنهم عدموا الماء، ولم يجدوا ما يغتسلون به.
ثانياً: وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال:11]. لأن الأرض لما تصب عليها الماء تيبس، ولا تبقى رمالاً، بل تثبت لما ترش بالماء. إذا: من فوائد هذا المطر: وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال:11]. وأولاً: لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11].
ثالثاً: وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ [الأنفال:11]. ورجز الشيطان هو تلك العبارات التي يلقيها في النفوس، مثل: لماذا نقاتل؟ وما الفائدة من هذا؟ وكيف نقاتل هذه الأمة؟ ونحن هلكنا؟ ومثل هذه الأمراض. فقد كانت عندهم وساوس وهواجس، وكان الذي يمليها وينفخها معروفاً، وهو معكم.
فمن فائدة هذا المطر كما قال تعالى: وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ [الأنفال:11]، أي: وسخه من الألفاظ التي يلقيها في أذهانكم، مثل أن يلقي في قلب أحدهم: ما الفائدة من هذا القتال؟ وفي آخر: كيف نقاتل؟ فهيا نصالحهم، أو هيا كذا. فقد كان يلقي هذا الرجز وهذا الوسخ، ويمحوه الله ويذهبه بهذا الماء.
رابعاً: وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ [الأنفال:11]، أي: يربط عليها برباط رباني؛ حتى لا يتزعزعوا ولا يتخلخلوا ولا يتضعضعوا، بل يثبتوا. وَيُثَبِّتَ بِهِ [الأنفال:11]، أي: بالمطر الأَقْدَامَ [الأنفال:11] في المعركة.
فهذه هي النعمة الثانية، وهي: اذكروا إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال:12] في المعركة؛ حتى لا ينهزموا بالخوف والهلع والفزع.
وحتى تعرف المشاقة أقول: الآن جدار هذا المسجد شق أمامنا، والجدار الثاني شق ثانٍ، وهما لم يتحدا ولم يتصلا. والمشركون بكفرهم وشركهم وحربهم للرسول والمؤمنين في شق، والله ورسوله والمؤمنون في شق، فالكفار قد شاقوا الله ورسوله، ولو قالوا : آمنا بالله والتحقوا بالرسول وأصحابه لما بقيت مشاقة، بل لتم الاتحاد والاتفاق.
وهم لما شاقوا الله ورسوله، ورفضوا التوحيد، ورفضوا عبادة الله، ورفضوا الإيمان برسوله، ورفضوا الإيمان باليوم الآخر، ورفضوا الشرائع والقوانين الإلهية؛ ليبقوا على شركهم وباطلهم وكفرهم، فهناك ومن أجل ذلك سلط الله عليهم رسوله والمؤمنين. فقد فعلنا ذلك بسبب أنهم شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:13]. واسمعوا! فهذه لم تنتهِ بانتهاء قريش فقط، بل إنها باقية إلى يوم القيامة، كما قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:13] ينزل الله به نكبته وعذابه وهوانه، كما قال تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:13].
وأضرب لكم مثلاً حياً: لما تكونت دولة إسرائيل في فلسطين أرض القدس غضب العرب والمسلمون غضبة، ولم يكونوا مائة ألف، بل ألف ألف، وهزمهم الله، وإياك أن تفهم أن اليهود هزموهم! بل الله فقط؛ وذلك لأنهم شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:13].
وقد شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:13] لما عطلوا شريعته، وأعرضوا عن ذكره، ولما كونوا مذاهب ومبادئ لا صلة لها به، ولما أهانوا أولياء الله، ولما انتشر فيهم الشرك والباطل، ولم يوجد فيهم من يقول: هذا شرك أو منكر، ولما تركوا الصلاة، ومنعوا جباية الزكاة، وغير ذلك، وكل هذه مشاقة، فهم والله لقد شاقوا، ولهذا هزمهم اليهود، وجيش اليهود والله لا يساوي مليوناً، بل إنه أقل من مائة ألف، وكانت جيوش المسلمين تحيط بهم من الشرق والغرب والجنوب، ولكن الله أبى أن ينصر من شاقه وحاربه في دينه.
ولن يستطيعوا حتى يعلنوا عن كلمة: لا إله إلا الله، أي: لا يعبد في الأرض إلا الله، ولا يطاع إلا رسول الله، ويجتمعوا في روضة رسول الله، ويبايعوا خليفة المسلمين، ويطبقوا شريعة الله في العالم الإسلامي تطبيقاً حرفياً في يوم واحد، ويومها تتزلزل الأرض باليهود، ووالله ليرحلون. ولكن هذا لم يتم إلى الآن، ويمكن أن يتم في يوم من الأيام، وهناك بشريات من النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قوله: سيبلغ هذا الدين ما طلعت الشمس، أو بمعناه.
وهنا قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:13]. ثم قال: وَمَنْ يُشَاقِقِ [الأنفال:13]. ومن من ألفاظ العموم، أي: في أي جيل .. في أي وقت .. في أي مكان. وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:13]، أي: يعاقبه أشد عقوبة؛ لأنه شديد العقاب، ولو كان عقابه خفيفاً وليس شديداً لتفلتت هذه الجماعات، ولكنه شديد العقاب.
فاستعملوا هذه الأداة، فإذا وسوس لك الشيطان بخاطر، كأن يجيء يمنعك من التوكل على الله، أو يريد أن ينفخ فيك روح الهزيمة، أو يخوفك من الفقر والجوع؛ ليحملك على الربا أو الزنا أو كذا فلما تشعر بهذا الرجز امسحه، واغسله بقول: أعوذ بالله منك، أعوذ بالله منك، أعوذ بالله منك، ألعنك بلعنة الله التامة. فإنه والله ليفارقنك، ولا يبقى معك.
ثم قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9]. وهذه هي الاستجابة. والذي دعا الله وسأله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ [الأنفال:10-14]. وهكذا يتدارس القرآن، لا أن نقرأه على الموتى، بل نتلوا كتاب الله ونتدارسه بيننا؛ لتتجلى لنا أنوار الله في كتابه، فنهتدي بها.
وإن استغربت هذا نقول: هذه الآية الذي أنزلها وجاء بها وكونها هو الله. إذاً: فالله موجود، وهذا كلامه، وهو يحمل أنوار الهداية والعلم والمعرفة. إذاً: فالله لا إله إلا هو. ومن نزلت عليه هو رسول، ولن تنزل أو توحى إلى من ليس برسول. إذاً: كل آية تدل دلالة منطقية على أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: مشروعية الاستغاثة بالله تعالى، وهي عبادة، فلا يصح أن يستغاث بغير الله تعالى ] بل أن تستغيث: يا الله! يا رحمن! يا رحيم! يا رب! فرج كربنا، يا رب! اقض حوائجنا، يا رب! اكفنا الفتنة التي في ديارنا. هذه هي الاستغاثة المشروعة. ولا يجوز أن تقول يا سيدي عبد القادر ! يا مولاي إدريس ! يا رسول الله! يا فاطمة ! يا حسين ! وغير ذلك. فهذا والله لا يجوز، وهو والله لكفر وشرك بالله، ولن ينجو صاحبه من عذاب الله.
وكان في الروضة الشريفة جماعة من المؤمنين أيام الهجرة الأولى خائفين من بعض المنافقين وبعض اليهود فقالوا: هيا نشتكي إلى رسول الله، وهيا نستغيث برسول الله، فسمع كلامهم وهو في الحجرة، ولم تكن الحجرة من حديد وإسمنت، بل من خشب، فسمعهم، فقال: ( إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله، إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9] ).
[ ثانياً: تقرير عقيدة أن الملائكة عباد الله، يسخرهم في فعل ما يشاء، وقد سخرهم للقتال مع المؤمنين، فقاتلوا ونصروا وثبتوا، وذلك بأمر الله تعالى لهم بذلك ] وقد أخذنا هذه الهداية من قوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال:12].
[ ثالثاً: تعداد نعم الله تعالى على المؤمنين في غزوة بدر، وهي كثيرة ] وهي في هذه الآيات الثلاث: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ [الأنفال:9]، إِذْ يُوحِي رَبُّكَ [الأنفال:12]، إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ [الأنفال:11].
[ رابعاً: مشاقة الله ورسوله كفر ] فالذي يريد أن يقف في الشق الثاني، ولا يؤمن بالله ولا بلقائه، ولا يأخذ بشرعه ولا بكتابه فهو مشاق، والذين يشاقون المؤمنين، ويكونون جماعة أو حزباً، ويبتعدون عن المؤمنين، ويعلنون الحرب عليهم فإنهم والله مشاقون. وهذه هي المشاقة؛ إذ يجب أن يكون المؤمنون جماعة واحدة في القرية، وليس بينهم خلاف، بل كلهم مسلمون، يعبدون الله بما شرع. فلا تقل: أنا مالكي، ولا أنا كذا ولا كذا، بل علينا أن نعبد الله بما شرع في بيت الله، ونتعاون على الخير، ونتعاون على إبعاد الشر، وتطهير القرية منه. وهكذا في المدن، وهكذا في الجبال والسهول. فالمسلمون أمرهم واحد، ومن جاء ليشقهم فالعنوه؛ فإنه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا فرقة ولا خلاف بيننا أبداً. فمشاقة الله ورسوله كفر [ يستوجب صاحبها عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ] وهو أشد وأمر.
[ خامساً: تعليم الله تعالى عباده كيف يقاتلون، ويضربون أعداءهم. وهذا شرف كبير للمؤمنين ] فالله علمهم كيف يضربون، وأين يضربون، فعلمهم أن يضربوا الأعناق والأيدي والأرجل؛ لينهزم العدو. وهذا تعليم الله.
والله أكبر، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر