إسلام ويب

تفسير سورة الأعراف (52)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يخاطب الله عز وجل المشركين الذين وقفوا في وجه دعوة التوحيد التي أرسل الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، مقرراً لهم مسألة ليس فيها شك ولا ريب، وهي أن من يدعونهم من دون الله لا يستجيبون لهم بشيء، ولا يستطيعون نصرهم ولا نصر أنفسهم، ثم يخاطب الله نبيه مخبراً إياه أن هؤلاء وآلهتهم لا يسمعون دعوته إياهم إلى الهدى؛ لأن الأصنام لا تسمع والمشركين كذلك لا يسمعون ولا يبصرون لما في قلوبهم من الغفلة والشك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس إن شاء الله كتاب الله؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع هذه الآيات الخمس، وهي من آخر سورة الأعراف المكية، أعيد إلى الأذهان -ليعلم المؤمنون والمؤمنات- أن السور القرآنية المكية تعالج العقيدة بأركانها الستة، ومن أظهرها عقيدة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن البعث حق والجزاء حق في الدار الآخرة، وأنه لا حق لإنسان أن يشرع لعباد الله، ومن شرع أو قنن لعباد الله فقد ظلم ربه واعتدى على منصبه، فالتشريع حق الله عز وجل؛ لماذا؟ لأنه العليم الحكيم، العليم بالمستقبل والماضي والحاضر، علمه أحاط بكل شيء، وحكيم لا يضع الشيء إلا في موضعه، والإنسان أو الجان هل له العلم الكافي حتى يقنن أو يشرع؟ لا قدرة له على ذلك، فإن شرع أو قنن أوقع الناس في المهالك والمفاسد، ويا ويله إذ اعتدى على منصب الربوبية، والله يقول: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].

    وهيا نصغ ونستمع إلى تلاوة هذه الآيات مجودة مرتلة، ثم نشرع بإذن الله في بيان ما فيها من الهدى والنور.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ * وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:194-198].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! بين يدي الدرس أذكركم بأن الملائكة تصلي عليكم: اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، حتى تخرجوا من المسجد.

    ثانياً: يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله )، وحسبنا ما سمعنا من أن الملائكة تحف بنا والرحمة تغشانا، والله يذكرنا في الملأ الأعلى؛ فلهذا تأملوا وتدبروا ما يلقى إليكم.

    حجاج المشركين بعبودية من يدعونهم من دون الله

    قول ربنا جل ذكره: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ [الأعراف:194] إذ تقدمت الآيات بالتنديد بالشرك والمشركين، وهنا يقول جل ذكره يخاطب المشركين الذين وقفوا في وجه دعوة التوحيد التي أرسل الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ووقفوا في وجهها لإطفاء نور الله ويأبى الله إلا أن يظهر دينه، فاسمع الكلام معهم.

    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194] وحضرتني لطيفة الآن تساوي مليون ريال، ولم يذكرها مفسر من المفسرين مما اطلعنا عليه لا ابن جرير الطبري ولا ابن كثير ، لاحظ: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194] وهل التماثيل والأصنام عباد؟

    عامة المفسرين- وهو حق- على أن المراد من العباد: الأصنام التي تمثل الآلهة؛ لأن هناك أصناماً فنية تنظر إليها فتراها تنظر إليك، وبالأيدي والأرجل، لكن لعلم الله السابق علم أنه سيكون في المستقبل مسلمون يدعون الأولياء ويستغيثون بهم وينادونهم، وتم هذا أم لا؟ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194] مخلوقون مربوبون، كيف يصح الإقبال عليهم بالقلب والوجه، ثم بالدعاء والاستغاثة بهم؟ ما هم بأهل لذلك، مخلوقون مربوبون لله عز وجل، كيف تدعونهم؟

    واعلموا أن قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ [الأعراف:194] يكون بمعنى: تعبدون ويكون بمعنى: تنادونهم أن: افعلوا بنا كذا وكذا، وبالإجماع أن الدعاء هو العبادة، وورد: ( الدعاء مخ العبادة ) وقد عرفنا كيف أن الدعاء هو العبادة، بيان ذلك: إذا وقف العبد يدعو فكيف يفعل؟ اقرءوا صورة الداعي: هذا الذي رفع كفيه إلى الله هل يؤمن بالله أم لا حين رفع كفيه إليه؟ هذا الداعي فقير محتاج، لولا فقره واحتياجه ما رفع كفيه، هذا ينادي: يا رب، يا الله، يؤمن بأن الله يسمعه، لو كان لا يعتقد أنه يسمعه لما نادى: يا الله، رب اغفر لي وارحمني! ما قال هكذا إلا لعلمه أن الله يقدر على رحمته والغفران له، هذا الداعي لو كان يعتقد أن الله لا يسمعه ولا يراه ولا يقضي حاجته فلن يلعب فيدعو بما لا يعود عليه بالخير! لكن ليقينه بأن الله يراه ويسمع دعاءه، ويقدر على إعطائه ما طلب أن يعطيه، هذا العبد لو عرف غير الله لقال هكذا عن يمينه أو هكذا عن شماله، أو هكذا تحته، ينادي من يستجيب له، لكن عرف أنه لا إله إلا الله، لا يقدر كائن على قضاء حاجته وإعطائه سؤله إلا الله عز جل، فمن هنا كان الدعاء هو العبادة، أعطيت قلبي ووجهي وكلي لربي، وأغمضت عيني عن كل الخلق والكائنات ولم أر إلا الله، هي هذه العبادة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( الدعاء هو العبادة ).

    مدلول قوله تعالى: (عباد أمثالكم)

    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194] قلت: الإجماع منعقد على أن المراد بهؤلاء: الأصنام، التماثيل التي كانت تعبد، ما من بيت إلا وفيه صنم في بلاد العرب وفي غيرها.

    فكيف يقول: عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194] ؟ نعم عباد أمثالنا، أي: مخلوقون مربوبون مثلنا، أليس كذلك؟ ولكن تتسع الآية وتضم إخواننا وآباءنا وأجدادنا من ألف سنة وهم يدعون الأموات ويستغيثون بهم، وينذرون لهم ويدعونهم عبادة محضة، حين يقف على ولي يدعوه، أو على رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغيث ويدعوه؛ قل له: هل يسمعك؟ هل يراك؟ هل يجيبك فيعطيك ما سألت؟ والجواب: لا، فكيف تدعوه إذاً! فقط تغضب ربك، تعرض عن الله وتقبل على غيره فتدعوه مع الله، زلة من أعظم الزلات، وسبحان الله العظيم!

    معنى قوله تعالى: (فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين)

    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194] إذاً: فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف:194] هذا الذي وقف أمام تمثال أو صنم يمثل عيسى أو جبريل أو عبداً صالحاً أو كذا قل له: ادعه فهل يستجيب؟

    قف أمام ضريح من أضرحة المؤمنين في العالم الإسلامي، وقف أربعاً وعشرين ساعة وأنت تستغيث، هل يسمعك؟ يمد يده إليك؟ يعطيك حاجتك؟ إذاً: كيف تفعل هذا أنت يا أيها العاقل؟ فقط تغضب ربنا، سبحان الله العظيم!

    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ [الأعراف:194] هذا التحدي الإلهي، إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف:194] في دعواكم أنهم آلهة وأنكم تستشفعون بهم وتستغيثون بهم، وتتوسلون بهم إلى الله؛ إذ المشركون كانوا يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربون إلى الله زلفى، ما نعبدهم إلا لشفاعتهم عند الله، وفعل أيضاً ضُلال المسلمين، ألف سنة وهم يدعون الأولياء ويحلفون بهم ويستغيثون ويعبدونهم، إلا أنهم ما يصلون لهم ولا يصومون، لكن الدعاء هو العبادة، ما بعدها شيء.

    وقد ضربت لكم مثلاً عملياً: حين تكون صائماً ما هناك ما يدل على أنك تعبد الله، ولكن إذا دعوت رفعت كفيك أصبحت كلك تمثل عبادة الله عز وجل، فليحذر المؤمنون والمؤمنات أن ينادوا مخلوقاً من مخلوقات الله، عظم شأنه أو هان؛ إذ لا يستجيب الدعاء ولا يعطي الحاجة إلا الله المالك لكل شيء والذي بيده كل شيء.

    فهذا التنديد بالمشركين أما يخوفنا نحن؟

    اسمع هذا الخبر: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف:194] يقف أمام رسول الله وينادي: يا رسول الله! الغياث، يا رسول الله كذا.. هل استجاب الرسول صلى الله عليه وسلم يوماً لواحد وقال له: أبشر فأنا سأعطيك؟ تعالى الله عن هذا علواً كبيراً.

    الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء صاحب من أصحابه أيام الفتنة وناداه وقال: يا رسول الله! مد يدك، والفتنة دائرة في المدينة وعثمان يذبح، مرضت فاطمة ستة أشهر فما جاءت وقالت: يا رسول الله! إني كذا وكذا، ولا عرف هذا صاحب ولا صاحبة، من مات فأمره إلى الله ما عاد يرجى ولا يسأل ولا يطلب؛ لأنه لا يجيب ولا يسمع ولا يعطي، كيف تلعب أنت وتضيع وقتك أو تحاد ربك؟ هذا أمر عظيم.

    الحمد لله، خف الآن هذا النوع من المرض بين المسلمين، لكن بقيت طوائف جاهلة: يا فاطمة ! يا حسين ! حتى السيارة مكتوب عليها: يا حسين ! مد يدك!

    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ [الأعراف:194]، هذا الأمر للتحدي، فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ [الأعراف:194] ويعطوكم حاجاتكم وما طلبتم إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف:194] أنهم آلهة يشفعون لكم عند الله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها ...)

    ثم قال تعالى من باب الحجاج، من باب إظهار عيوب الظالم الجاهل ليفيق ويعود إلى رشده، يقول لهم: أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا [الأعراف:195]، هذه الصور والتماثيل لها أرجل، لكن هل يمشي؟ ناده ليمشي، هل يمشي الصنم؟ لا.

    أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا [الأعراف:195] تقول: عنده يد، قل له يبطش بها، ذبابة تقع على وجهه ما يدفعها.

    أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا [الأعراف:195] بعضهم لهم أعين، يصنعون لهم أعيناً من زجاج، ولكن هل يبصر؟ ما يبصر.

    أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا [الأعراف:195] فالذي ليس له رجل يمشي بها، ولا يد يأخذ ويعطي بها، ولا عين يبصر بها، ولا أذن يسمع بها كيف يدعى؟ كيف تفهم أنه يسمع دعاءك؟ كيف ترجو أن يعطيك؟ ولكن ظلمة الشرك والجهل، ولهذا ما مضت إلا كذا سنة وانتهى الشرك من الجزيرة بكاملها، بهذه الآيات القرآنية في خمس وعشرين سنة فقط ما بقي مشرك في هذه الديار.

    ثم قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ [الأعراف:195] هذا التحدي: يا معشر كفار قريش! يا مشركي مكة! قل لهم يا رسولنا: ادعوا شركاءكم الذين تعبدونهم من دون الله ثم كيدوني فلا تمهلوني لحظة واحدة ودمروني، لو يعلم الله أن هذه الأصنام تنفع، تدفع، تقوم، تضرب لما وجهها لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لعلم الله أنها لا تتحرك ولا تعطي ولا تمنع ولا تضر ولا تنفع، ادعوهم ووجوههم إلي، فلو كانوا رجالاً يحملون السلاح لما قال لهم هكذا أبداً، كيف يقول: اضربوني أو انتقموا مني؟ لعلمه تعالى ولعلم رسوله بأنهم أصنام أحجار تماثيل ما تنفع ولا تضر.

    قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ [الأعراف:195] أي: لا تمهلوني ولا ليلة ولا ساعة، هذا تحد أم لا؟ أهذا يقع من شخص يعرف أنهم ينفعون ويضرون؟ هذا موقن أنهم أحجار لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعطون ولا يمنعون.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين)

    ثم قال تعالى لرسوله: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف:196].

    إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي [الأعراف:196] يحميني وينصرني ويقيني ويعطيني سؤلي ويقضي حاجتي، وليي من؟ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ [الأعراف:196]، إذا قلتم: ما نعرفه؛ فهذا الكتاب موجود، فمن نزله؟ أنزله ربي، هذا وليي؛ لأن إنزال الكتاب حجة، فطأطأت الإنس والجن رءوسها، مستحيل أن ينزل هذا الكتاب من عند غير الله.

    إذاً: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف:196] بالحماية والحفظ والنصرة والهداية والبيان، ومن كان الله وليه فلا خوف عليه ولا حزن.

    هذا الكلام تم في مكة والنار مشتعلة، والمؤمنون أقلية: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ [الأعراف:196]، إذا قلتم: من هو الله؟ فهو الذي نزل الكتاب، والمراد من الكتاب القرآن العظيم، وقد تحدى الله بمثله الإنس والجن، فقال: قُلْ [الإسراء:88] يا رسولنا في صراحة ووضوح، قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88]، وتحدى العرب المرة الثانية بعشر سور: فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ [هود:13] ففشلوا، تحداهم أخيراً بسورة واحدة: وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا [البقرة:23-24] هذه (لن) الزمخشرية وَلَنْ تَفْعَلُوا ، هل فعلوا؟ وإلى اليوم ألف وأربعمائة وسبع عشرة، فهل فعلوا؟ ولن يفعلوا، إذاً: فماذا عليهم؟ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24] أي: بالإيمان وعبادة الله وحده دون سواه.

    شروط تحصيل الولاية

    إِنَّ وَلِيِّيَ [الأعراف:196] ونحن من ولينا؟ الله. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فولايته لله حق ثابتة يقينية، أما نحن فهل ثبتت ولاية الله لنا؟

    الجواب: الولاية تثبت بأمرين إن حققتهما فأنت -والله- ولي الله، ولا خوف عليك ولا حزن، وإن لم تحققهما فحققت واحداً دون الثاني، أو لم تحققهما معاً؛ فوالله ما أنت إلا عدو الله ولست بولي الله.

    ما هذان الأمران؟ لو قيل لنا: يوجد عالم بهما فقط وهو في جزائر واق الواق، أو وراء جيبوتي، فماذا نفعل؟ أما نكون لجنة ونبعثها؟ أم هو غير مهم عندنا هذا سواء كنا أولياء أو أعداء؟ أعوذ بالله! أفيكم من يقول هذا: ما يهمني أن أكون عدواً لله أو ولياً؟ أعوذ بالله أن يكون هذا.

    إذاً: هيا نكون لجنة ولو نخرج من أموالنا ويذهب إلى هذا الرجل هذه اللجنة وتقول: ما هما الأمران اللذان بهما تتحقق ولاية الله لنا؟

    أتريدون أن تكونوا أولياء الله؟ والله! لن تتحقق ولاية الله لإنسان أو جان إلا إذا حقق الأمرين فقط، بدونهما هو عدو الله وليس بولي لله، لو كنا بصراء موقنين بما نسمع عالمين فستقولون: والله! لن تفارق مكانك حتى تبين لنا الأمرين اللذين بهما تتحقق ولاية الله، ولما كنتم غير مبالين بكونكم أولياء أو أعداء فحالكم: امش.

    إذاً: اسمعوا ربنا يتكلم ويقول: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] وكأن سائلاً يقول: من هم أولياؤك يا ربي؟ فأجابه قائلاً: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63] الإيمان أمر، والتقوى الأمر الثاني، من حققهما فهو والله ولي الله، ومن لم يحققهما معاً فليس لله بولي، الإيمان الحق بأركانه الستة، والتقوى التي هي فعل المأمورات واجتناب المنهيات.

    سمع المستمعون والمؤمنات هذا وعرفوه أم لا؟ من تقول: يا شيخ! نحن ما عندنا علم بالمأمورات ما هي وكم هي، ولا عندنا علم بالمنهيات أيضاً ولا كم هي، فما نستطيع؟ أقول: إذاً: لا بد أن نعرف أوامر الله ونواهيه، ونقول: إي والله، من لم يعرف أوامر الله كيف يطيعه؟ حين توظف أنت في فندق فأول شيء يعلمونك ماذا تفعل، إذاً: تريد أن تحقق ولاية الله؟ اعرف أوامر الله وكلك صدق على أنك تطبقها وتعملها، واعرف منهيات الله لتتجنبها وتبتعد عنها.

    وهذا واجب كل مؤمن ومؤمنة؛ لذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) والمسلمة قطعاً تابعة له، ما العلم هذا؟ العلم أولاً بالله لتعرفه بأسمائه وصفاته، وبما يأمرك أن تؤمن به، ثم العلم بما يحب الله وما يكره، لتفعل المحبوب وتترك المكروه، وبذلك تصبح ولي الله.

    قال: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف:196] والرسول قال: ( إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين ).

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون)

    وقوله تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ [الأعراف:197] من ذا الذي يقول: ما يصح أن تقول: عبد القادر ، والحسين ، وفاطمة ، وسيدي فلان وفلان لا يدخلون في هذه الآية؟ وإلا فما معنى الدعاء؟ يقول: يا سيدي فلان! أنا جئتك لكذا، أنا كذا، يتملق على القبر، ويقول: هذا ما هو بشرك، ما هو بدعاء لغير الله؟ إذاً: مسخنا في عقولنا.

    وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ [الأعراف:197] حين يستغيث المؤمنون الجهال بالأولياء والصالحين في نكبة من النكبات هل يمدون أيديهم؟ يغيثونهم؟ ينصرونهم؟

    الجواب: لا. لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ [الأعراف:197] لو يجيء ظالم ينبش القبر ويرمي الجثة في البحر فهل هناك من يرده؟

    وهنا لطيفة: في بداية عهد الإسلام أسلم معاذ بن جبل وهو شاب صغير، وأسلم معاذ بن عمرو بن الجموح ، عمرو بن الجموح له ولد اسمه أيضاً معاذ ، فالمعاذان الشابان في بداية الإسلام في المدينة كانا يهجمان على الأصنام ويكسرانها، وينقلان التي هي أخشاب للعجائز لتطبخ بها وتشعل بها النار؛ لأن هناك أصناماً من خشب، وكان عمرو بن الجموح رضي الله عنه وهو من كبار القوم وأئمتهم في الجاهلية، كان له صنم تمثال، فكان الشابان ابنه وصديقه يأتيان يلطخانه بالخرء، فيجيء فيغضب، يأتي بالماء والسدر ينظفه ويصب عليه الطيب والرائحة، ويقول: لو نتمكن من هذا الظالم الذي يفعل، فيأتون أيضاً بالليل يلطخونه بالعذرة والأوساخ، فيصبح يتهدد، وفي ليلة أخيرة جاءا بكلب ميت وربطاه مع ذلك التمثال، ودلياه في بئر، دليا الكلب والصنم على رأسيهما في بئر، وهما مشدودات بحبل، فجاء عمرو بن الجموح رضي الله عنه فماذا قال؟

    تالله لو كنت إلهاً مستدن لم تك والكلب جميعاً في قرن

    مقروناً معه.

    تالله لو كنت إلهاً مستدن لم تك والكلب جميعاً في قرن

    وأسلم، وهو من شهداء أحد.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعون وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون)

    قال تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا [الأعراف:197-198] نعم، لو تدعو هذا الصنم إلى الخير والهدى أيستجيب؟ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198] وهذا أيضاً فيه وجهان:

    الوجه الأول: مع الأصنام وأصحابها: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ [الأعراف:198] أي: تلك الأصنام التماثيل إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ [الأعراف:198] لأن التمثال له بصر من زجاج ينظر إليك هكذا، وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198].

    ويتناول أيضاً أولئك المشركين، فيقول: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ [الأعراف:198] يا رسولنا إِلَى الْهُدَى [الأعراف:198] إلى الدخول في رحمة الله، إلى الإيمان والإسلام والإحسان لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ [الأعراف:198] وهم لا يشاهدون شيئاً.

    ولطيفة أخرى: أرباب البصائر، أصحاب العقول والنهى إذا نظر إلى الشخص بفراسة يقول: هذا صادق أو كاذب، وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198]، أرأيتم ذاك الرجل لما دخل ونظر فقال: والله إن هذا الوجه ليس صاحبه بكذاب، خديجة أم المؤمنين كيف احتضنت رسول الله؟ فقط من النظرة الصادقة عرفت أن هذا الرجل ليس كسائر الرجال، وتزوجته بمالها قبل أن ينبأ، لكن لاحظت الكمالات المحمدية وعرفتها بالبصيرة.

    فمن هنا فسرت الآية بالوجهين: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198].

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    الآن نسمعكم هداية الآيات:

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: إقامة الحجة على المشركين بالكشف عن حقيقة ما يدعون أنها آلهة، فإذا بها أصنام لا تسمع ولا تجيب لا أيدي لها ولا أرجل ولا آذان ولا أعين ].

    معنى هذا: على العبد المؤمن إذا كان مع مشرك مع كافر فلا بد أن يحاجه ويبين له خطأه، لكن ما هو بالشدة والعنف، بالتي هي أحسن يفهمه أن هذا الذي يعبده ما يسمعه أبداً ولا يقوى على أن يعطيه شيئاً، وهناك من يسمعك إذا ناديته ويقدر على أن يعطيك، ألا وهو الله خالقك وخالق هذه الدنيا، هذه الحجاج علمناه الله عز وجل.

    قال: [ إقامة الحجة على المشركين بالكشف عن حقيقة ما يدعون أنها آلهة فإذا بها أصنام لا تسمع ولا تجيب لا أيدي لها ولا أرجل ولا آذان ولا أعين ].

    هل يوجد الآن بعض الأولياء يعبدون في دياركم؟ والله! يوجد، فما هو موقفكم؟ قل له: يا أخي! هذا الميت ما يسمعك، وإن فرضت أنه يسمعك فهل يمد يده إليك؟ والله! ما يقدر أبداً، عليك بالله خالقه وخالقك، أقبل على الله وأنت تصلي وادعه، أما أن تستقبل هذا القبر وتدعوه فهذا خطأ، ما تنتفع به أبداً، في حين أنه شرك وكفر عظيم، صاحبه إذا مات عليه لن يفلح، وجاء بيان هذا في القرآن العظيم، اقرءوا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] هذا خبر مؤكد أم لا؟ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] فهو الخالق العليم الحكيم القدير، رحمن الدنيا والآخرة، تعرض عنه وتنادي مخلوقاً: يا سيدي فلان .. يا سيدي فلان!

    [ ثانياً: وجوب التوكل على الله تعالى، وطرد الخوف من النفس والوقوف أمام الباطل وأهله في شجاعة وصبر وثبات اعتماداً على الله تعالى وولايته؛ إذ هو يتولى الصالحين ].

    أما قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف:196]؟ فالمبلغ لدعوة الله لا يخاف ولا يكرب، ولكن بالحكمة والجدال الحسن؛ حتى يرد الناس من الضلال إلى الهدى، ومن الشرك إلى التوحيد، وإن أصابه شيء فليصبر.

    [ وجوب التوكل على الله تعالى، وطرد الخوف من النفس والوقوف أمام الباطل وأهله في شجاعة وصبر ]، أما قال: وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ [البقرة:23] إذا كانوا يملكون شيئاً، وهو وحده في مكة؟ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:23].

    إذاً: [ وجوب التوكل على الله تعالى، وطرد الخوف من النفس والوقوف أمام الباطل وأهله في شجاعة وصبر وثبات اعتماداً على الله تعالى وولايته؛ إذ هو يتولى الصالحين ] على شرط أنك عبد صالح، مؤمن تقي.

    [ ثالثاً: جواز المبالغة في التنفير من الباطل والشر بذكر العيوب والنقائص ].

    كيف تنفر الناس من شرب الدخان؟ لا بد أن تذكر العيوب: يا جماعة المسلمين! التدخين حرام، لا يحل لمؤمن أن يتعاطاه ولا مؤمنة، ما الدليل؟ أمرنا الله على لسان رسوله أن ننظف أسناننا ونطيب أفواهنا، لماذا؟ من أجل أن نذكر الله، فكيف تطيب فاك وتغسله لذكر الله وتدخن وتذكر الله؟

    ولهذا قلت من أربعين سنة: ما يجوز أن تسلم على المدخن، ما دام أن السيجارة في يده فحرام أن تسلم عليه، لماذا؟ خشية أن يقول: وعليك السلام، فيذكر اسم الله وفمه خبيث منتن، فلهذا لا تسلم عليه خشية أن يجري اسم الله الأعظم في قوله: وعليكم السلام ورحمة الله وفمه نجسن، وأكبر من هذا: أن عن يمينه ملكاً وإن كنت لا ألمسه ولا أحس به، فوالله لعلى كل عبد ملكان هذا عن يمينه وهذا عن شماله من الكرام الكاتبين، فكيف إذاً صاحب السيجارة يقول: أف في وجه الملك؟ كيف يرضى الله عنه؟ لو يؤاخذه لاحترق، الرسول صلى الله عليه وسلم ما سمح لمؤمن يبصق عن يمينه، قال: عن يمينك ملك، فابصق تحت رجليك، وهذا يحرق وجه الملك بالدخان، فهذا الحجاج والبيان ضروري لبيان الباطل من الحق.

    والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767949894