إسلام ويب

تفسير سورة النساء (48)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يبين الله عز وجل لعباده أنه ما من مهرب من الموت، فمن كره الجهاد في سبيل الله وقتال الأعداء مخافة الموت والهلكة فليعلم أن الموت آتيه لا محالة، سواء طال به العمر أو قصر، وسواء كان يسكن بيتاً من شعر أو برجاً مشيداً من الحديد والصلب، فالموت شر ومصيبه؛ لكنه لا يكون إلا بقدر الله، ولا يصيب إلا من كتبه الله عليه في وقته ومكانه، فهو سبحانه وتعالى خالق الموت والحياة وهو العزيز الحكيم.

    1.   

    مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء

    الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات!

    إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة واللتين بعدها ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، لهذا ندرس كتاب الله.

    وها نحن مع سورة النساء المباركة، ومع الآيات الثلاث التي تناولناها الليلة الماضية بالدرس والتفسير وما زلنا معها.

    هيا أتلوها وأنتم تتدبرون وتتفكرون في معانيها، وما تهدف إليه، وما تدعو له من العقيدة الصحيحة السليمة، والعبادات التي شرعها الله لتزكية النفوس والآداب التي يسمو بها المؤمن عن غيره من سائر الناس، والله عز وجل أسأل أن ينفعنا بما ندرس، وبما نعلم ونعمل.

    تلاوة الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:77-79].

    بالأمس عرفنا أن بعض ضعاف الإيمان -وقد يدخل معهم في هذه الحظيرة المنافقون- كانوا يطالبون الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يأذن لهم في قتال فلان وفلان سواء بالاغتيال أو بدون اغتيال، والرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى أوامره من ذي العرش جل جلاله وعظم سلطانه، فلم يسمح لأحد منهم أن يشفي صدره بقتل فلان أو فلان.

    ولما وجدت القوة الكافية لمواجهة الكافرين، أنزل الله تعالى قوله من سورة الحج: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:39-40]؛ فأذن للرسول والمؤمنين بالقتال، فأعلن ذلك، وأما أولئك الذين كانوا يريدون أن يقاتلوا لما فرض القتال أحجموا وجبنوا وتأخروا: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [النساء:77] يكفي إقام الصلاة لتزكية نفوسكم وتهذيب أرواحكم، والزكاة في مساعدة إخوانكم الفقراء من المهاجرين وغيرهم.

    فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ [النساء:77] من كتبه؟ الله، ما معنى (كتبه)؟ فرضه فرضاً مؤكداً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ [النساء:77] من أولئك الذين كانوا يطالبون بالجهاد إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً [النساء:77] والعياذ بالله!

    جماعة منهم يخافون الناس أكثر مما يخافون الله عز وجل، كيف يقاتلون، كيف يجاهدون؟ وزيادة على ذلك وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:77] حتى يكثر عددنا، وتكثر عدتنا، وما قالوا هذا إلا في فراراً من المعركة وخوفاً من الموت؛ لأن إيمانهم مهزوز ضعيف لا وزن له.

    لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:77] كالعام والعامين والثلاثة حتى نتقوى؛ فأمر الله تعالى رسوله أن يقول لهم: قُلْ [النساء:77] يا رسولنا قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى [النساء:77] ماذا تريدون من التأجيل والتأخير للعام والعامين والثلاثة، تريدون الدنيا؟ متاعها قليل وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77] أي: مقدار فتيل، والفتيل خيط رقيق أبيض يوجد في نواة التمر، إذا شققت التمرة وجدت النواة في داخلها خيط رقيق جداً وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77] تعطون أجوركم كاملة عن إيمانكم وصالح أعمالكم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أينما تكونوا يدركّم الموت ...)

    قال الله تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] أينما تكونوا في رءوس الجبال أو في سهولها.. في الخنادق والأنفاق.. أو لو كنتم في القصور المشيدة بالشيد والجص والحديد لا كوة فيها ولا نافذة، والله ليدركنكم الموت في ذلك المكان.

    أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ [النساء:78] والموت يجري وراءهم، بل كلما هربوا وجدوه أمامهم أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] البروج جمع برج وهو البناية الضخمة العالية، وقصور مشيدة بالشيد.

    ثم أخبر عنهم بقوله تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78] إذا كان مثلاً في رخاء أو مال أو غنى أو صحة أو انتصار في غزوة من الغزوات، يقولون: من عند الله لا شكر لله، وإنما فقط لا يريدون أن ينسبوا إلى رسول الله شيئاً.

    هذه القلوب المريضة، وهذه الأرواح التي ما هذبت وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ [النساء:78] مما يحصل بالإنسان من عافية أو غنى أو راحة أو سعادة، يقولون: هذه من عندنا، وما قالوا هذا شكراً لله، لا أبداً، لكن فقط ليقولوا: هو ليس من عندك أنت.

    وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78] من يوم ما رأيناك ونحن في هذا الهم، من يوم ما جئتنا ونحن في الفتن والحروب، هكذا يواجهون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما سبب ذلك؟ موت القلوب، الجهل وظلماته، ما عرفوا الله حق المعرفة، أيواجهون رسول الله بهذه المواجهة؟! أيتطيرون به؟! لا طيرة في الإسلام أبداً!

    لأنهم يقولون: هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78] إذا جاء قحط وإلا حصار وإلا فقر.. ينسبونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمعوا قوله تعالى وهو يخبر عن تلك الطائفة: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ [النساء:78] والسيئة كل ما يسوء إلى الإنسان؛ مرض فقر تعب خوف ما يسوءك هو السيئة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78] .

    فأمر الله تعالى رسوله أن يرد عليهم هذا القول الباطل، فقال له: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78] كل من الحسنة والسيئة من عند الله؛ إذ هو الخالق لكل شيء، والمدبر للحياة كلها (قل: كل) من الحسنة والسيئة (من عند الله)، علمهم وإلا لا؟ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78] .

    ثم قال تعالى: فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78]، ما حصل؟ ما لهم؟ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78]، وهنا تعرفون من الفقهاء؟ من هم؟

    هم الذين يقول فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، يعرفه بأسراره، لا مجرد علم سطحي، ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ). فاسمع! يقول تعالى: فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78]، سطحيات فقط، لا يفهمون إلا ظاهر الكلام، أما ما من أجله قيل، أو ما من أجله أمر الإنسان أو نهي لا يفقهون منه شيئاً.

    1.   

    أمثلة للفقه في الدين

    هذه اللطيفة عثر بعض طلبة العلم الذين لا يكادون يفقهون حديثاً، على أن جملة: (الصلاة خير من النوم) هذه في الأذان الأول، ولا تقال في الأذان الثاني.. الأذان الأول هو أذان الأكل والشرب والجماع، ولا تقال في الأذان الثاني أذان الإمساك، والدخول في الصيام، وجدوا المملكة من قرون يقولون في الأذان الثاني الأخير: الصلاة خير من النوم، فقالوا: يجب أن نعود إلى السنة، وأن نترك هذا القول في الأذان الأخير، ونقولها في الأذان الأول، وجاءوا إلى الشيخ ابن حميد رحمة الله عليه في مكة، وحاصروه في الكلام، وأخذوا يؤذنون في بعض الأحياء، وظنوا أنهم أحيوا الإسلام، وأعادوا إلى الإسلام مجده، وانتشرت الفكرة، فأخذها الطلاب من هذا النوع، وإلى الآن الفتنة دائرة في بعض البلاد، ونتج عنها ما سمعتم من تلك الفتنة التي أصابت هذه الديار؛ بسبب هذا الفهم الخاطئ، أزهقت الأرواح وحصل الذي حصل.

    قلنا لهم: هذه الجملة (الصلاة خير من النوم) فيها ذكر الله؟ فيها تسبيح الله؟ آية من آيات الله، ما معنى، جملة: (الصلاة خير من النوم) أيها النائمون؟ فإن اعتاد الناس أن يقولوها في الأذان الأول، يجب أن تبقى في الأذان الأول، لا تفتنوا الناس، وتقولوا: نحولها إلى الأذان الثاني، وإذا وجدت في الأذان الثاني من قرون، حرام أن تحولوها إلى الأذان الأول؛ لما تحدث من بلابل وفتنة وعذاب، لو فقهوا وفهموا علة هذه الكلمة؛ حتى أهل البلاد يعرفون أن هذا الوقت، يتسحرون إن أرادوا الصيام أو يصلون الصبح و.. و..، ما العلامة المميزة الفارقة؟ هي الصلاة خير.. اجعلها في أذانك يا بلال ! فلو فقهوا وعرفوا السر في هذا ما أوجدوا فتنة وناراً وحرباً من أجل هذه الكلمة، فهمتم الفقه أو لا؟

    لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ [النساء:78]، يفهمون أسرار الكلام ومراميه وما يهدف إليه، يأخذون السطحية في الكلام فقط، ويجادلون، ولا تفهموا أن الحق خلاف هذا، هذا هو الحق، كيف نتفاضل في العلم؟ هل العلماء على مستوى واحد؟ لا. لماذا؟ لأن من لا يفقه أسرار الآية ولا الحديث ولا الشرع الذي شرعه الله يتخبط فيه، فلا بد من الفقه، وهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، ما قال: يعلمه، (يفقهه)، الفقه: معرفة أسرار الشريعة، وأهدافها وما تدعو إليه، وما يريد أن يتحقق بها، وهذا كلام الله، لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78]، سطحيات فقط، لا يعرفون لم أمروا ولا لم نهوا. عرفتم هذه اللطيفة؟

    بلغني أن بعض الطلاب ما زالوا إلى الآن في بعض الديار يطالبون بأن تعود لفظة: (الصلاة خير من النوم)، في الأذان الأول، أي داعي لهذا؟ ثم مالك في الموطأ، يروي أن بلالاً جاء إلى عمر أيام خلافته وقد تخلف عن صلاة الصبح؛ فناداه: الصلاة خير من النوم يا خليفة رسول الله! فقال عمر : اجعلها في أذانك يا بلال ! هذا الموطأ أصح كتاب بعد كتاب الله؛ ولهذا ينبغي أن نعرف مراد الله من هذه الشريعة، نعرف مراد الرسول من أمره ونهيه، فنفقه، أما أن نأخذ فقط السطحيات في الألفاظ، ونريد أن نفرض فهمنا على الناس، ونطالبهم بما لا يريدون، هذه هي مظاهر الفتن.

    أزيدكم: الذين يطالبون بالجهاد في البلاد الإسلامية موجودون أو لا؟ جماعات ومنظمات و.. و.. الجهاد.

    السؤال: لم الجهاد؟ لم شرع الجهاد؟ ما السر؟ ما فقهه؟ الجواب: من أجل أن يعبد الله تعالى وحده بما شرعه، أليس كذلك؟

    إذاً: هذه الأمة أسلمت، هذا الإقليم دخل في الإسلام، تجاهد من؟ علمهم ما عرفوا كيف يعبدون الله، ما فقهوا ولا فهموا أسرار هذه العبادة، فلهذا تخلوا عنها، ووقفوا مشدوهين، فبدل أن تعلن الجهاد فيهم، أعلن عن نفسك أن تعلمهم، وتفقههم في دين الله.

    مرة ثانية: هذا الإقليم، اليمن، الشام، العراق، ما شئت، المدينة، أي بلد، دخلوا في الإسلام، يشهدون أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله، لما تقول: الجهاد، تريد ماذا؟ تجاهد من؟ مسلمون، مؤمنون، إن قلت: يبيعون الخمر، يرتكبون كذا.. كذا.. وكذا.. إذاً: علمهم كما علمت أنت بأن هذا يغضب الله عليهم، وبأن هذا يعوقهم عن السعادة، ويحول بينهم وبين الكمال، علموهم حتى يعبدوا الله عز وجل، لا أن تهدد فقط بحمل السلاح، وإن قالوا: لم الحكام ما يحكمون بالشريعة؟ الحكام جاءوا من إيطاليا أو من أسبانيا، أليسوا إخوانكم؟ أليس منهم آباؤك وإخوانك وأجدادك؟ أليسوا من دياركم؟ جهلة، ضعفة، قووهم وعلموهم، أما أن تهددوهم وتعلنوا الحرب عليهم، معنى هذا: أنكم تحرقون دياركم وبلادكم، وهذا الكلام تكرر منا من أربعين عاماً، هذا الهيجان، وهذه الحاكمية والمطالبة قولوا لنا: ماذا أنتجت؟ من يجيب؟ هل ظهرت دولة الإسلام في الإقليم الفلاني؟ لا. بل ما زادت الطين إلا بلة، ودائماً أقول: هذا الحاكم لو قال: أنا كافر، ماذا تفعل؟ تطأطئ رأسك؟ أو تسب فقط وتلعن؟ ماذا أنتجت؟ فما دام الحاكم يقول: أنا مسلم، ويصوم ويصلي، لم تشهر كفره وتعلن عنه؟ آلله أمرك بهذا؟

    والسر في هذا عدم الفقه: عدم البصيرة عدم المعرفة، لا أقل ولا أكثر، تنتشر الدعوة في الإقليم، يتسلطون عليها وتنسف، ولو شئنا لذكرنا أقاليم وبلاد كثيرة، عندما تظهر فيها الدعوة الإسلامية وينتشر الخير ينسفونها، بالتهجم على الحاكم، وإعلان الحرب و.. و.. وبعد ذلك تنسف تلك الدعوة نسفاً، الآن في بلاد كثيرة ما يسمحون للشخص بلحيته، قالوا: هؤلاء هم الذين فتنونا. أنتم مع قوله تعالى: لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78].

    إذاً: لابد من فقه ومعرفة لأسباب الشريعة وأهدافها وما ترمي إليه، واعمل على هذا النور وهذا الضوء، لا على سطح الآية فقط أو الحديث.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله ...)

    قال الله تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ [النساء:79]، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمته معه، مَا أَصَابَكَ [النساء:79]، يا رسولنا، فَمِنَ اللَّهِ [النساء:79]، أي والله، هو واهبها ومعطيها وخالقها، هو المسخر لها، والموفق لك أن تأتيها، وتعمل بها. الحسنة من الله، صحة، عافية، رخاء، علم، طهارة روح، زكاة، نفس، كل هذا من الله، إذ هو خلق هذا العبد، أوجد هذه العبادة، وأوجد فيها تأثيرها في قلبك ونفسك، ما من حسنة تصيب عبد الله أو أمة الله إلا والله من الله، لو لا الله ما كانت، لو لا وضع أسبابها منه تعالى ما كانت، فإياك أن تفهم أنك تأتي الحسنة من غير الله، كل الحسنات من الله عز وجل، مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ [النساء:79] فهي من الله.

    وبيان ذلك: زكت نفسك، وطابت أخلاقك، أليس أخذت بالأسباب، وهي عبادة الله عز وجل؟ إذاً: من وهبك هذه الحسنة؟ الله. رزقك الله مالاً وعيشاً رغداً من؟ أليس هو الله؟ أنت خلقت شيئاً؟ أمنت وحفظت في مالك وعرضك وما أوذيت، من حفظك؟ أليس الله؟

    مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]. على سبيل المثال: لما تقوم تلعن هذا الرجل وتشتمه، وتهدده فإذا به يصفعك أو يقتلك، هذه السيئة من الله أو منك؟ منك. لما تحتسي كأس الخمر فتفقد عقلك، وتأخذ في قول الباطل والمنكر، وقد تضرب أمك أو تذبح ابنك، هذه السيئة من الله؟ أليست منك أنت؟ عصيته وخرجت عن طاعته، وقد حرم هذا المسكر من أجل ألا تؤذي ولا تؤذى، فعصيته وشربت هذا المخدر أو المسكر، هذه السيئة من أين؟ من نفسك، وتأمل! والله لا توجد سيئة تصيب عبد الله أو أمة الله إلا بسبب ذنبه هو الذي تعاطاها.

    مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]، لأن الله ما أمرك بأن تسرق، فإذا سرقت وقطعت يدك، هذه السيئة من الله؟ من نفسك أنت، الله ما أمرك أن تتكبر، فإذا تكبرت وكرهك الناس وبعدوا عنك، هذه السيئة من نفسك أو من الله؟ أما حرم الله الكبر؟ وهكذا.. ما من سيئة تصيب العبد إلا ومن نفسه، وإياك أن تنسبها إلى الله، أبداً حرام عليكم.

    والحسنة من واهبها سوى الله؟ مثلاً: نهينا عن التخمة، فإذا بك تأكل، هاتوا، صبوا، فامتلأ البطن، وأصابك التخمة ومرضت، هذا من الله؟ لا والله بل من نفسك، ما أذن لك الله في أن تسرف في أكلك وشربك، فلما أسرفت ومرضت من الله؟ خرجت في الليل في البرد الشديد كشفت عن جسمك وأنت تتعنتر في حوشك أو في الشارع فأصابك مرض وزكام، آلله هو الذي أصابك بهذا؟ أما أنت الذي فعلت هذا؟ هل أذن الله لك أن تتعرض للأذى بنفسك، كما لا تشرب السم لا تتعرض للبرد، وأنت قادر على أن تنجو منه. إذاً: وإخوانكم الذين في السجون، من الجماعات المتطاولة التي تطالب بالجهاد، هذه السيئة من الله أيضاً؟ آلله أمرهم أن يجاهروا ويطالبوا الحكام بتحكيم الشريعة وإلا سنعلن الحرب عليك وأنت كافر؟ والله ما قال هذا، ولا جاء في كتاب ولا سنة أبداً، من أنفسنا إذاً، وتفهموا هذه الآية: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النساء:79].. فاحمد الله واثن عليه واشكره ليزدك.

    وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]، من نفسك، إذاً: تب إلى ربك، وابتعد عن المهاوي والمساقط وانج، والله لا يخيبك.

    1.   

    قراءة في تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير

    الآن ندرس هذه الآيات في الكتاب الذي بين أيدينا، لنزداد بصيرة ومعرفة لهذه الآيات. ‏

    معنى الآيات

    قال: [ روي أن بعضاً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم طالبوا بالإذن لهم بالقتال، ولم يؤذن لهم؛ لعدم توفر أسباب القتال، فكانوا يؤمرون بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ريثما -أي: وقت ما- يأذن الله تعالى لرسوله بقتال المشركين، ولما شرع القتال -وفرض وأذن فيه- جبن فريق منهم عن القتال ]، والجبن معروف، الجبن الذي يباع في السوق، أما كان حليباً سائلاً مائعاً ثم تجمد وجبن، فالذي كان يندفع.. الجهاد الجهاد، جبن، فهمتم معنى الجبن؟

    قال: [ ولما شرع القتال جبن فريق منهم عن القتال وقالوا: لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:77]، متعللين بعلل واهية، فأنزل الله تعالى فيهم هاتين الآيتين: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ [النساء:77]، أي: عن القتال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [النساء:77]، ريثما يأذن الله بالقتال عندما تتوفر إمكانياته، فلما فرض القتال ونزل قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحج:39]، جبنوا ولم يخرجوا للقتال، وقالوا: لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:77]، يريدون أن يدافعوا الأيام؛ حتى يموتوا ولم يلقوا عدواً خوراً وجبناً، فأمر تعالى الرسول أن يقول لهم: مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77] فعيشكم في الدنيا مهما طابت لكم الحياة هو قليل: وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى [النساء:77]، الله بفعل أمره وترك نهيه بعد الإيمان به وبرسوله، وسوف تحاسبون على أعمالكم وتجزون بها: وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77] -أي: لا ينقص حسنة- لا ينقص حسنة ولا بزيادة سيئة.

    هذا ما تضمنته الآية.

    أما الآية الثانية: فقد قال تعالى لهم ولغيرهم ممن يخشون القتال ويجبنون عن الخروج للجهاد: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ [النساء:78]؛ إذ الموت طالبكم ولا بد أن يدرككم، كما قال تعالى لأمثالهم: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8]]، تفرون هاربين؟ ما يجري وراءكم هو، تجدونه أمامكم.

    [ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8]، ولو دخلتم حصوناً ما فيها كوة ولا نافذة؛ فإن الموت يدخلها عليكم ويقبض أرواحكم.

    ولما ذكر تعالى جبنهم وخوفهم ذكر تعالى سوء فهمهم وفساد ذوقهم فقال: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78]، يعني: أنه إذا أصابهم خير من غنيمة أو خصب ورخاء قالوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78]، لا شكراً لله، وإنما لا يريدون أن ينسبوا إلى رسول الله شيئاً من خير كان ببركته وحسن قيادته، وإن تصبهم سيئة: فقر أو مرض أو هزيمة، يقولون: هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78]، أي: أنت السبب فيها. قال تعالى لرسوله: قل لهم: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78]، كل من الحسنة والسيئة من عند الله، هو الخالق والواضع السنن لوجودها وحصولها، ثم عابهم في نفسياتهم الهابطة، فقال: فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78]. هذا ما دلت عليه الآية الثانية.

    أما الآية الثالثة والأخيرة في هذا السياق، وهي قوله تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79] الآية.. فإن الله تعالى يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم فيخبره بأن الحسنة من الله تعالى، إذ هو الآمر بقولها أو فعلها وموجد أسبابها الموفق للحصول عليها، أما السيئة فمن النفس، إذ هي التي تأمر بها، وتباشرها مخالفة فيها أمر الله أو نهيه، فلذا لا يصح نسبتها إلى الله تعالى.

    وقوله تعالى: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:79]، يسلي به رسوله عما يلاقيه من أذى الناس، وما يصادفه من سوء أخلاق بعضهم؛ كالذين ينسبون إليه السيئة تطيراً به فيخبره بأن مهمته أداء الرسالة، وقد أداها والله شاهد على ذلك، ويجزيك عليه بما أنت أهله، وسيجزي من رد رسالتك وخرج عن طاعتك، وكفى بالله شهيداً ].

    هداية الآيات

    الآن هداية الآيات، وكل آية تحمل هداية، وأعيد القول: لم سميت الآية آية؟ أولاً: كم آيات القرآن الكريم؟

    ستة آلاف ومائتان وأربعون آية أو ما يقاربه، كل آية ولو كانت مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن:64]، أقصر آية في القرآن، مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن:64]، وأطول آية في كتاب الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [البقرة:282]،والآية معناها العلامة، وتدل على أمرين:

    الأول: على وجود الله العليم، الحكيم، القوي، القدير، الرءوف، الرحيم.

    والثاني: على صحة نبوة صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يعقل أبداً أن يوجد كلام بدون متكلم، لا يعقل أن يوجد علم بدون عالم، أليس كذلك؟ فكل آية تدل على وجود الله عز وجل؛ إذ هو الذي تكلم بها وأوحاها وأنزلها. هذا أولاً.

    ثانياً: الذي نزلت عليه وأوحيت إليه لا يكون إلا رسولاً؟ أليس الرسول الذي تعطيه رسالة كلامية أو كتابية بلغها إلى فلان، كيف ينزل عليه كتابه ولا يكون رسوله؟ مستحيل.

    والآية في اللغة العربية: العلامة، أعطني آية تدل على بيت فلان؟ تقول له العمود الفلاني كذا.. إذا وجدته هو العلامة على بيت فلان.

    قال: [ من هداية الآيات:

    أولاً: قبح الاستعجال -الاستعجال محمود أو قبيح؟ قبيح جد القبح- والجبن -محمود أو لا؟ مذموم- وسوء عاقبتهما ]، كيف تكون؟

    [ ثانياً: الآخرة خير لمن اتقى -من أين؟- من الدنيا ]، والله العظيم، الآخرة لمن اتقى خير من الدنيا، أو لا؟ الآخرة لمن اتقى الله خير له من الدنيا ولو أعطي الدنيا كلها.

    [ ثالثاً: لا مفر من الموت ولا مهرب منه بحال من الأحوال ]، ممكن في من يهرب أو يفر؟ مستحيل، لا مفر من الموت ولا مهرب منه؛ لقوله تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78].

    [ ربعاً: الخير والشر كلاهما بتقدير الله عز وجل ]، أما قال تعالى: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78]، أي: من الخير والشر.

    [ خامساً: الحسنة من الله والسيئة من النفس ]، وإليكم الحديث النبوي الشريف، يقول صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده! )، من هو الذي نفس الرسول بيده؟ الله، هذه يمين الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم، ( والذي نفسي بيده! لا يصيب المؤمن من هم ولا حزن ولا نصب، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله عنه من خطاياه ).

    واسمع قتادة من رجالات التابعين يقول: لا يصيب رجلاً خدش عود، ولا عثرة قدم، ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر من ذلك.

    كان السلف الصالح إذا عثرت بغلته أو فرسه راجع نفسه، آه! أذنبت ساعة كذا، قصرت في كذا، لم، والكافر ما يصاب ولا تعثر دابته؟ هذا يريد الله تطهيره وتنقيته، ما يبقى ذاك الوسخ على قلبه، يصبه بمصيبة لتطهيره وتصفيته، وهذا الذي أقسم عليها الرسول وحلف، أليس كذلك؟

    قال: [ الحسنة من الله والسيئة من النفس؛ إذ الحسنة أمر الله بأسبابها بعد أن أوجدها وأعان عليها، وأبعد الموانع عنها، والسيئة من النفس؛ لأن الله نهى عنها وتوعد على فعلها، ولم يوفق إليها ولم يعن عليها، فهي إذاً: من النفس ].

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767954650