أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!
إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة واللتين بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
الحمد لله الذي أهلنا لهذا الخير وجعلنا من أهله.
ها نحن مع سورة النساء، ومع الآيتين اللتين درسنا الأولى منهما الليلة البارحة، والليلة مع الآية الثانية منهما، فهيا نتلو هاتين الآيتين ونتأمل ألفاظهما ومعانيهما وما أودع الله من الحِكَم والحُكم فيهما.
قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النساء:24-25].
ما تعودنا على فهم كلام الله، نعاني صعوبة، إي نعم.
في الآية الأولى عرفتم أن الله تعالى ختم المحرمات الإحدى وعشرين بهذه المحرمة، وهي المحصنات من النساء، المحرمات بالنسب سبع، وبالرضاع سبع، وبالأصهار سبع أو بالمصاهرة، هذه إحدى وعشرين محرمة.
والمحصنات هذه الخاتمة لأولئك المحرمات، وَالْمُحْصَنَاتُ [النساء:24]: جمع محصنة من النساء، يعني بالمحصنات هنا: المتزوجات، فمن كانت تحت زوج مؤمناً أو كافراً، مجوسياً أو مشركاً لا يحل لمؤمن أن يتزوجها وهي تحت رجل قد أحصنها وأحصنته.
واستثنى: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24] هذه القضية خاصة بالجهاد الإسلامي الإيماني، إذا جاهدنا أمة لندخلها في رحمة الله، وننقذها من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة، ونصرنا الله عليها، ومات الكثير من رجالها، وأخذنا السبايا من النساء والأطفال، هل يجوز لنا أن نتزوج واحدة من أولئك الأسرى؟ يجوز، بشرط أن تسلم إذا لم تكن كتابية؛ لأن نكاح المشركات ممنوع ومحرم، وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221] فبما أن زوجها من الجائز أن يكون قد مات.
ثانياً: ما أصبح له أمل أن تعود إليه أو لها أمل أن يرجع إليها، ففي هذه الحال تبقى هذه المؤمنة وقد أسلمت يجوز للمؤمن أن يتزوجها وإن كانت تحت زوج؛ لأن عصمة الزوج تمزقت بموته في الغالب بالإسلام، أسلمت وهو كافر فلا تحل له، فهذا الذي تحمله هذه الآية من الهداية وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24] عام اللهم إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24] الأيمان جمع يمين، وكيف تحصل على مرأة باليمين؟ في حرب الجهاد لا في حرب الدنيا والمال والاستعلاء والتطاول، لا يقصد القرآن هذا، يقصد حاربنا أمة كافرة من أجل هدايتها ورحمتها وإنقاذها وإدخالها رضوان الله؛ فإن سقط رجالها وماتوا تحت سيوفنا أو مدافعنا ماذا نصنع بالنساء والأطفال؟ نسبيهم ونوزعهم ليدخلوا في رحمة الله؛ لأننا دعاة الله وهداته لعباده.
هذه التي ما ندري زوجها مات أو قتل أو ما قتل، ما أصبح هناك أمل أن ترجع إليه، أسلمت وهو كافر يجوز تزوجها وإلا لا؟ بلى فقد أذن الله، إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء:24] فيه كل المحرمات كتبها الله علينا كتاباً وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24] دون الواحدة والعشرين كله حلال اللهم إلا بقيود، من تلك المحللات ولا تحل: المرأة إذا طلقها زوجها ثلاث طلقات وبانت منه، هل تحل له؟
هذه ما هي موجودة لا في المصاهرة ولا في النسب .. لها حكم خاص هذه؟ تلاعب بدين الله طلق وراجع طلق وراجع يجب أن يعاقب بعد الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وفي هذا إهانة له وكسر لأنفه، هذا الذي ما عرف الطريق، فإذا طلقها ذاك الزوج أو مات عنها يجوز أن يتزوجها.
فقوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24] أن تدفعوا بأموالكم وهي المهور مُحْصِنِينَ [النساء:24] حال كونكم تريدون الإحصان لا الزنا، وهذا يتم بالعقد والمهر والشروط والصيغة مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [النساء:24] والسفاح هو سيلان الدم والمني الزنا، فما استمتعتم به منهن فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً [النساء:24] لازمة.
التي عقد عليها ودخل عليها لها مهر كامل، وإن لم يبن بها فلها نصف المهر، وإن لم يسم ولم يبن فلها متعة.
ثم قال تعالى: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:24] أي: لا حرج ولا إثم ولا تضييق فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، ما الفريضة هذه؟ المهر المفروضز
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:24] انتبه يا عبد الله! هذا تشريع وتقنين عليم ما هو مجرد عالم، عليم بالظواهر والبواطن الماضي والمستقبل على حد سواء، حكيم فيما يضع ويشرع ويقنن، إياك أن تفكر أن في هذه الأحكام خطأ أو زور أو عدم صلاح انتبه فتسقط.
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا [النساء:24] لو كان جاهلاً يتخبط كالجهال ما نقبل حكمه هذا، لو كان غير حكيم أحمق مثلنا يضع الشيء في غير موضعه ما يقبل حكمه، لكن الخطاب هذا للعقلاء، أعلمهم أنه عليم حكيم ليطأطئ رءوسهم، ويسلموا لله عز وجل أحكامه، فلا تناقش أبداً، ولا يحاول التبديل أو التغير فيها أحد.
من لم يستطع منكم طولاً أيها الرجال، أي: قدرة على أن يتزوج لا مال له، الحرائر ما يقبلن مسكنه ما يقبلن طعامه لفقره.
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ [النساء:25] أي: يتزوج المحصنات المؤمنات، المحصنات هنا العفيفات المعروفات بالعفة لا العواهر والبغيات، الإحصان هنا العفة والطهر.
الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25] هذا قيد ضروري فإذاً فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:25] فليتزوج مما ملكت الأيمان، أي: من الإماء المملوكات لفلان وفلان أو فلان، بشروط: من فتياتكم المؤمنات، وعبر عن الأمة بالفتاة تكريماً لها وإعلاءً لشأنها لأنها مؤمنة ما أهانها، قال: فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25] فإن كانت كافرة لا يصح الزواج بها لا للعاجز ولا للقادر.
ثم قال: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ [النساء:25] أنت ما أنت مسئول على أن تشق قلبها، قالت: أنا مؤمنة تغتسل وتصلي، ما تقول: ربي اشترط الإيمان وأنا ما أدري لعلها ما هي مؤمنة، هذا الوسواس اطرده، لأن الله قال: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ [النساء:25] قال الناس: مؤمنة، وعرفت بين الناس أنها مؤمنة، ما تحاول أن تستخرج ما في قلبها ما تقدر عليه، خلِ هذا لله ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ) أنتم الفحول وهن أيضاً كلاكما إيمانكم يعلمه الله.
ثم ما زاد قال: بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [النساء:25] مؤمنون ومؤمنات كجسم واحد، وإن كانت أمة مملوكة لإبراهيم أو عثمان، أليست مؤمنة؟ أليست أمة الله؟ أليست أختك في لا إله إلا الله؟
إذاً: (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) لا توسوسوا وتأخذوا في البحث والاستقصاء.
إذاً فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ [النساء:25] تتزوج الأمة بإذن مالكها، أليس لها مالك؟ بلى. أما أن تعقد عليها وتخطبها وتهربها عن مولاها هذا لا يصح، مالكها كأبي البنت المؤمنة الحرة تخطبها منه وتقول: زوجني خادمتك مولاتك فلانة فَانكِحُوهُنَّ [النساء:25] أي: تزوجوهن بإذن أهلهن أولاً وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:25] ما المعروف؟ الذي جرت بها العادة، إذا العادة ألف ريال تعطيها ألفاً لا تعطيها مائة ريال، إذا العادة عشرون ألفاً أعطها كذلك، حسب عادة أهل البلاد في هذا المهر.
وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النساء:25] لم سمي المهر أجراً؟ لأنه مقابل عمل، أما تطبخ لك وتربي أولادك وتكنس بيتك، كل هذا أليس عملاً؟ ما تأخذ أجرة، والجماع نفسه هو المقصود وله أجرة أيضاً، قضت حاجتك.
وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ [النساء:25] أي: حال كونهم محصنات، أي: عفيفات ما هي معروفة بالزنا والدعارة مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25] ومسافحات جمع مسافحة، وهي التي تسيل ماءها وماء الرجال في كل مكان، وهنا الآية تذكر حال العرب في الجاهلية وهو أن الحرة عندهم لا تزني، وإن اضطرت إلى الزنا وزنت لا تعلن عن زناها تتخذ صديقاً لها رفيقاً خليلاً يأتيها في الليل أو تأتيه في النهار لا على أنها بغي وبابها مفتوح للبغاء، اتخذت صديقاً وهذا الآن في العالم كافة معروف، الكرام في الألمان الطلياني يتخذ صديقة ويفجر بها ما هو زوج ما هي في دار البغاء.
غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25] المسافحات المعلنات عن الزنا وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25] أصدقاء الزنا السري، وتذكرون كلمة هند بنت حرب امرأة أبي سفيان لما كان يبايع النساء عند الكعبة.. عند الصفا فقالت هند : أو تزني الحرة يا رسول الله؟ كيف نبايعك على أن لا زنا؟ وهل الحرة تزني؟ أنقر هذا فينا ونبايع على هذا؟ لكن الله عز وجل أنزل آيته قيمة لاعتراض هند يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ [الممتحنة:12] الآية.
إذاً الزواني في بلاد العرب أولاً إيماء وإلا حرائر؟
إماء، هؤلاء الإماء يعلقن على بيوتهن رايات حمراء، خرق تسميها راية عند الباب فمن جاء لينام عندها ويبيت عندها ويفجر بها معروفة، وهي أمة تباع وتشترى ليست حرة، ويندر وجود من تتخذ خليلاً خدناً يأتيها في السرية لا إعلاناً ولا يعرف عنها أحد، فالله عز وجل هنا يعلمنا ويقول فَانكِحُوهُنَّ [النساء:25] أي: الإماء يا من لم تجدوا طولاً وما صبرتم على العزوبة وخفتم على أنفسكم أنكحوهن بإذن أهلهن أولاً، وآتوهن أجورهن بالمعروف ثانياً حال كونهن (محصنات) أي: عفيفات (غير مسافحات) أي: معلنات الزنا (ولا متخذات أخدان) في السرية.
يقول تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا [النساء:25] قدرة أن ينكح المحصنات المؤمنات، ما عنده قدرة على الحرائر ماذا يصنع؟ فمما ملكت أيمانكم أيها المؤمنون من فتياتكم المؤمنات، أما أمة كافرة لا لا لا، لا تتزوجها.
مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [النساء:25] ما قيمة هذه الجملة، هذه تذهب الوساوس والخواطر السيئة والشكوك والأوهام، ما دامت قد عرفت بأنها مؤمنة يكفي وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [النساء:25] أنت وإياها من عبيد الله عز وجل.
إذاً: فانكحوهن، إذا ما استطعتم الطول فانكحوا هؤلاء الإماء مما ملكت اليمين، انكحوهن بإذن أهلهن، ما المراد من الأهل هنا؟ المالكون لهن.
ثانياً: وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:25] ما المراد من الأجور هذه؟ المهور بالمعروف السائد بينكم.
قال: حال كونهن محصنات أي عفيفات غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25] إذ كن الإماء يتخذن أخداناً وأصدقاء ورفاقاً يزنون بهن، وكن بعضهن تعلق راية على سطحها ليأتيها الفاجر -وأكثر من يأتيها العبيد أيضاً- لما جاء الإسلام مسح هذه الأباطيل مسحاً كاملاً، وأنتم تعرفون أن حد الزاني والزانية غير المحصنين جلد مائة وتغريب عاماً، وأما المحصن من ثبت أن تزوج وعرف الزواج سواء طلق أو ماتت زوجته وهي كذلك فجلد مائة والرجم بالحجارة حتى الموت، من أهل العلم من يجمع بين الرجم والجلد كـعلي بن أبي طالب .
إذاً: فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب حتى العبد أيضاً، العبد إذا زنا يرجم؟ لا، وإن تزوج يجلد خمسين جلدة ويغرب ستة أشهر.
أذن الله لنا في الزواج بالمؤمنات من الفتيات لأننا عاجزون ما عندنا قدرة على أن نتزوج الحرة، ومع هذا يقول تعالى: ذلكم الحكم الذي علمتموه لمن خشي العنت منكم والمشقة وما أطاق يصبر على العزوبة، خائف على نفسه أن يمرض، أذن له مولاه أن يتزوج أمة بعشرين ريالاً مثلاً.
ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25] هنا قضت هذه الجملة الأخيرة قضاءً مبرماً، بدعة التمتع لم يبق مجال لعاقل أن يتكلم ويقول: هل يجوز التمتع أو لا؟ مع هذه الآية الكريمة، ذلك الذي أبحناه لكم أيها العاجزون عن قدرة النكاح بالحرائر لعجزكم المادي والبدني أذنا لكم في الفتيات المؤمنات العفيفات غير المسافحات ولا متخذات أخدان، هذا لمن خشي العنت، والعنت المشقة الزائدة، ما أطاق العزوبة.
إذاً وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25] خير مم؟
من الزواج بالإماء، من خيرنا؟ العليم الحكيم وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25] من أن تتزوج أمة لا تقدرك ولا تعرفك، ويملكها فلان. ما هو بأمر هين هذا عند الأحرار المؤمنين، مع هذا يجوز التمتع، هذه أمة بمهر و... و...، وقال: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25] .
قال لي أحد الأحباء سمع من يقول من العلماء: إذا كان إنسان في أوروبا أو أمريكا أو بلاد كافرة، لا بأس أن يأخذ عجوزاً أو كذا ويتزوجها مؤقتاً؟ قلت له: يا محب هذا لا يصح، ما عندنا غش ولا خداع أبداً، أنت انو بالزواج بها الاستمتاع وصيانة نفسك وحفظ دينك وعرضك، قد تموت أنت قبلها، قد تموت هي، وإن قلت: كيف؟ انو أنك إذا مشت معك إلا بلادك تمشي معك ائت بها زوجتك، وإن قالت: ما نمشي طلقني طلقتها على الوجه الشرعي.
أما أن تقول: أنا أقضي بها هذه الأيام وبعد ذلك أطلقها غششتها وخدعتها وكذبت عليها ويا ويحك، والله يقول: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25]، مع الزواج الشرعي فكيف مع الزواج الباطل والخداع والغش؟ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النساء:25] ، هنا (غفور رحيم) لأن الله يعلم ضعف الإنسان وحاجته وما هو فيه؛ فإذا زلت القدم يغفر الله لمن تاب ويرحم.
فَانكِحُوهُنَّ [النساء:25] هذه الفاء متعلقة بما سبق فبناءً على ذلك فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ [النساء:25] يتزوج الأمة بدون ما يستأذن مولاها؟ لا صحة هذا أبداً، بإذن مالكها.
ثانياً: وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:25] العادة أن الآن المرأة تأخذ مهراً خمسون ألف ريال؛ لأنها هذه حرة، والعادة أن الأمة تأخذ من خمسة آلاف لألف، المهم تعطيها المهر كما هو سائد بينكم، لا تمتهنه أو تنتقص حقها.
والنكاح بإذن الأهل هل هو خاص بالإماء؟ وهل يجوز أن تخطب بنت فلان وما تخطبها من أبيها؟ هذا فيه قتل كيف يقع هذا، يعني الحرة تتزوجها بدون إذن أهلها غير معقول، حتى إذا ما عندها أهل، القاضي هو أهلها، ما فيه قاضي تختار أحسن رجل في القبيلة يتولى نكاحها.
قال: وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:25] على شرط أن تكون هذه الأمة عفيفة محصنة محفوظة ما عرفت الزنا ولا تعرفه مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25] ما تأتي بها من دور البغاء، هذه لا خير فيها أبداً وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25] إذا عرفت أن لها صواحب أو أصحاب بالليل ما يصح هذا أبداً.
لا بد وأن تكون الأمة معروفة بالعفة والطهر والصلاح حتى تتزوجها أنت ولي الله وعبده.
فَإِذَا أُحْصِنَّ [النساء:25] ما معنى أحصن هنا؟ تزوجن، ما تقدم المحصنات بمعنى المتزوجات؟ فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة وزنت بعد الزواج بها فما الحكم؟ فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب.
المحصنة المؤمنة الحرة كم عذابها؟ مائة جلدة إذا كانت غير محصنة غير متزوجة إذاً هذه خمسون جلدة، السيد كذلك السيد يقتل عندنا عند الحرائر فالأمة ما تقتل لأن القتل لا ينصف، ما نقتلها نصف القتل والله يقول: نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25] أجمعت الأمة على أن المراد من هذا الجلد.
والذي يملك أمة غير متزوجة أو يملك خادماً عنده وزنى يجلده بنفسه هو ما يحتاج إلى المحكمة، هو يقيم عليه الحد، أما هذه المتزوجة فلها حد علني ليتأدب غيرها.
ثم ختم تعالى هذا بقوله: ذَلِكَ [النساء:25] الذي عرفتم لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء:25] ما أطاق العزوبة، ما قدر مضى عام عامان ما استطاع، ماذا يصنع؟
أو الرافضي يقول: يتمتع، والله يقول: يتزوج مملوكة مؤمنة عفيفة، لو كان التمتع يجوز هذا موطنه هنا في هذه اللفظة، لكن قال: ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا [النساء:25] مع الآلام والأتعاب النفسية أيها العزاب خير من أن تتزوجوا أمة، الله أكبر!
[أولاً: تحريم المرأة المتزوجة حتى يفارقها زوجها بطلاق أو موت وحتى تنقضي عدتها].
من أين أخذنا هذا؟ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24] أول الآية هذا تابع للواحد وعشرين.
[ثانياً: جواز نكاح المملوكة باليمين وإن كان زوجها حياً في دار الحرب إذا أسلمت؛ لأن الإسلام فصل بينهما].
أولاً ما حرم نكاح المتزوجة، وهنا استثنى: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24].
إذاً: [جواز نكاح المملوكة باليمين وإن كان زوجها حياً في دار الحرب] ما هو في دار الإسلام، قال: [إذا أسلمت] أما إذا هي مشركة ما يتزوجها [لأن الإسلام فصل] بين زوجها الأول وإلا لا؟
الإسلام فاصل لو يصحو إنسان حرمت عليه المؤمنة هذه ولا تبقى معه، لو ترتد المؤمنة يبعدها المؤمن وإلا لا؟ ما يتزوج من مشركة كافرة.
[ثالثاً: وجوب المهور]، أما عبر عنها بالفريضة، [وجوب المهور وجواز إعطاء المرأة من مهرها لزوجها شيئاً] قلَّ أو كثر، من أين أخذنا هذا؟ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ [النساء:24] .
[رابعاً: جواز التزوج بالمملوكات لمن خاف العنت، وهو عدم القدرة على الزواج من الحرائر].
من أين أخذنا هذا؟ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء:25]
[خامساً: وجوب إقامة الحد على من زنت من الإماء إن أحصن بالزواج والإسلام].
وجوب إقامة الحد على من زنت من الإماء، أما الحرائر فما نتكلم هذا معروف بالضرورة، الإماء إن أحصن بالزواج، تزوجت وزنت بالزواج والإسلام، أي: أمة كافرة إذا زنت ما نقيم عليها حد، الحد يطهر الذنوب والكافرة لو غسلتها ما تطهر.
مرة أخرى: [وجوب إقامة الحد على من زنت من الإماء إن أحصن بالزواج والإسلام.
سادساً: الصبر على العزوبة خير من الزواج بالإماء لإرشاد الله تعالى إلى ذلك].
أما قال: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25]، أين زواج المتعة إذاً؟
مسألة: الكتابية إن زنت إذا كانت يهودية أو نصرانية دينها يأمر بذلك، رجم الرسول يهودي ويهودية في المدينة حكم فيهم شرعهم.
احفظوا: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما تلميذ رسول الله إذا صلى الرغيبة -الصبح- في بيته يأتي يرفع رجلاً ويضعها، كان مريضاً، من أجل ألا يدخل المسجد والصلاة ما قامت حتى لا يقعد فيضطر أن يصلي ركعتين، فهمتم هذه وإلا لا؟
ما فهمتم.
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يخبر عن نفسه ورآه أصحابه إذا صلى الرغيبة في البيت، ما تعرفون الرغيبة؟ ركعتين قبل صلاة الصبح سميتا رغيبة؛ لأن الرسول رغب فيها بقوله: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) ، أي ترغيب أعظم من هذا؟
خشية أن يدخل المسجد والصلاة ما قامت ماذا يصنع؟ صلى انتهره فلان، ما صلى قوموه قالوا: كيف ما تصلي، ماذا يصنع؟ يأتي يرفع رجلاً ويضعها لما يصل باب المسجد قد قامت الصلاة تخلص منها، فهمتم هذه وإلا لا؟
هذه خطوة أولى لنحيط بالقضية ونكون على علم وبصيرة.
ثانياً: النهي عن صلاة النافلة في خمسة أوقات قررها أبو القاسم وبينها صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ومن طلوعها إلى ارتفاعها قيد رمح وقتان مزدوجان.
ثانياً: إذا وقفت الشمس في كبد السماء قبل أن تزول لا صلاة نافلة.
ثالثاً: من بعد العصر إلى غروب الشمس كم وقت؟ أربعة، العصر من أوله إلى أن تأخذ في الاصفرار له وقت، وعندما تصفر وتهبط إلى الأرض وقت ثاني، خمسة أوقات، هذه الأوقات لا تصلى فيها النافلة، تريد أن تتقرب إلى الله هذا الوقت ما تتقرب فيه بالصلاة، اقرأ فيه القرآن، صل على النبي سبح الله اذكر الله، ميادين الطاعة موجودة.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) ، وهما تحية المسجد، هذا اللفظ عام ( إذا دخل أحدكم المسجد ) للفقيه أن يقول: في غير أوقات النهي، هذا القيد صالح وإلا لا؟ الرسول حكيم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين في الأوقات التي تباح فيها الصلاة.
فلهذا قالوا: هذه الأوقات الخمسة لا يصلى فيها صلاة لا نافلة اللهم إلا الفريضة خشية أن يموت وما صلاها.
رابعاً: يقول صلى الله عليه وسلم ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها ) انتبهتم؟ ( لا تتحروا ) أي: تطلبوا طلوع الشمس أو غروبها وتصلي؛ فإن هذا الوقت بالذات الشيطان يحمل الشمس على قرنه للفتنة، ولقد رأيت في مدينة من مدن الهند من يعبد الشمس، ونحن مجموعة نتفرج عليه، والشمس تغرب وهو واقف لا يتحرك فيه شيء، ما إن سقطت الشمس أخذ يسعى مسافة ما بين الصفا والمروة، شريعة جاهلية، مأخوذ من الإسلام هذا السعي.
الشاهد عندنا وخلاصة القول: تحية المسجد إذا الشمس ما مالت للغروب، أو بدأ أو كان يبدو رأس هذا الغروب لك أن تصلي تحية المسجد بلا تحرج، لكن عندما يأخذ رأسها في الهبوط في الوقت الذي يعبدها عبادها، أو تأخذ في الظهور، هذا الوقت أطع رسول الله؛ إذ قال: ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها بصلاة ) .
فمن هنا معاشر المستمعين نقول لإخواننا: إذا جاء من وقف يصلي لا تجذبه وتقول: اقعد. ومن قعد ما صلى لا تقل له: قم صل؛ فإن من لم يصل طاعة لرسول الله، والله لمأجور وعائد بالحسنات، ومن صلى خوفاً من نهي الرسول فصلى طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله مأجور، إذاً ما بيننا آثم أبداً فقط نحتاج إلى نية.
من ما صلى خائف الرسول قال: لا يجلس حتى يصلي كيف؟ فصلى وإن كان الوقت وقت نهي فإنه أطاع رسول الله وإلا لا؟ يؤجر أو لا يؤجر، والذي ما صلى لا لكونه تعبان أو شبعان أو نعسان خليني أستريح، لا، ما صلى خائف من النهي فجلس وما صلى والله مأجور، أخذ أجره كالذي صلى.
لو فهمنا هذا كنا جماعة واحدة.
وبعض الناس ما يجلس ولا يصلي يبقى هذا شأنه، أما كان ابن عمر يأتي يحبو خطوة بخطوة كذلك يفعل هذا أو يأخذ المصحف في يده يقرأ أي مانع؟ ما هو واقف لأجل الله واقف حتى ما يصلي مع غروب الشمس شأنه.
وهناك وقت آخر، إذا كان الإمام على المنبر يخطب الناس يوم الجمعة، الجمهور على أن من دخل لا يصلي يجلس لحديث: ( اجلس فقد آذيت )، وبعض أهل العلم والأئمة يقول: تحية المسجد يصليها خفيفة لأن الرسول قال لذاك الذي جاء وجلس والرسول يخطب، قال: ( قم فصل ) فمن هنا قلنا لإخواننا من قام يصلي لا تجذبه أبداً تقول: اقعد، ومن جلس لا تقل قم صل إن كنت فقهياً فهذا هو الطريق، فهمتم هذا وإلا لا؟ فقط نصلي لوجه الله ونترك الصلاة لوجه الله لا بد وأننا نتقرب إلى الله عز وجل.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر