أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!
إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها واللتان قبلها ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، الحمد لله الذي وفقنا لهذا وجعلنا من أهله.
وها نحن مع سورة النساء، وشاء الله أن نجتمع مع أحد المستمعين فسألته فأجاب عن درس أمس إجابة علمية كافية فسررت بذلك وأحمد الله عليه، فهل أنتم كذلك؟
لأن الآيات آيات وأحكام ولا بد من معرفتها، هيا أقرأ عليكم شرحها في الكتاب وبعد ذلك أطرح الأسئلة باختصار لننتقل إلى الآيات التالية.
تذكرون هذا المعنى؟ يا من آمنتم بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً! أيها الأحياء اسمعوا!
لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19] وهل المرأة تورث كالرجل؟ الجواب: نعم، كانوا في الجاهلية إذا مات الأب ابنه يتصرف في زوجته التي ليست أماً له، إن شاء تزوجها، وإن شاء أخذ مهراً من زوجها الجديد.. إن شاء.. إن شاء، يتصرف فيها تصرف المملوكة؛ فجاء القرآن الكريم، جاءت أنوار الله لهداية عباده فنزلت هذه الآية فلم يبق مجال لابن الأب أن يتحكم في زوجة أبيه إذا ماتت، بل هذه الزوجة تعتد في بيت زوجها أربعة أشهر وعشر ليالي وهي تطعم وتشرب وتنام آمنة، وترث من زوجها الثمن لأن له ولد، وإن كان لها بقية صداق تأخذه كاملاً قبل أن تقسم التركة، وبطلت عادت الجاهلية والحمد لله، هذا معنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19].
قال: [ تضمنت هذه الآية إبطال ما كان شائعاً بين الناس قبل الإسلام من الظلم اللاحق بالنساء، فقد كان الرجل إذا مات والده عن زوجته ورثها أكبر أولاده من غيرها، فإن شاء زوجها وأخذ مهرها، وإن شاء استبقاها حتى تعطيه ما يطلب منها من مال ].
ظلمة الكفر والجهل.
[ فأنزل الله تعالى قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19]، فبطل ذلك الحكم الجاهلي بهذه الآية الكريمة، وأصبحت المرأة إذا مات زوجها اعتدت في بيت زوجها، فإذا انقضت عدتها ذهبت حيث شاءت، ولها مالها وما ورثته من زوجها أيضاً.
هذه الآية الثانية، فهمتم بالأمس معناها؟
قال: [ فهذا حكم آخر ].
غير الأول.
[ فهذا حكم آخر وهو ].
أي: هذا الحكم.
[ أنه يحرم على الزوج ].
الفحل.
[ إذا كره زوجته ].
يحرم عليه.
[ أن يضايقها ويضارَّها حتى تفتدي منه ببعض مهرها، إذ من معاني العضل المضايقة والمضارة، هذا ما لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا أو تترفع عن الزوج، وتتمرد عليه، وتبخسه حقه في الطاعة والمعاشرة بالمعروف، أما إن أتت بفاحشة مبينة لا شك فيها أو نشزت نشوزاً بيناً؛ فحينئذ للزوج أن يضايقها حتى تفتدي منه بمهرها أو بأكثر حتى يطلقها؛ وذلك لقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] ].
كأن سامعة سمعت الدرس بالأمس شكت اليوم قائلة: أنا محسنة لزوجي وهو دائماً معبس مقطب مكشر لا سلام ولا كلام، ماذا أصنع معه؟ لم يعمل هذا العمل؟ نحن مأمورون بالابتسامة في وجه الفقير والمسكين، في وجه أيما مؤمن يمر بك تبتسم، وأنت زوجتك وأم أولادك تتعالى وتتكبر وتتنزه من أن تسلم عليها، أو تبتسم في وجهها، أو تكلمها بكلمة ترحمها بها، أيجوز هذا؟ وقالت: أذكره بقول الله تعالى: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] ويسخر مني ويدعي أنه مؤمن، وأظن جاهد في الأفغان هذا، إلى من نشكو؟ ما علة هذا؟ الجهل الذي ما يتربى في حجور الصالحين، تقول للمؤمن: أنا أربي أولاده وهو يعاكسهم، كل يا فلان بيمينك، يقول له: كل بيسارك، عيب كل بيمينك الشياطين يأكلون بشمالك، يقول: دعيه يأكل بشماله، وهكذا.
هيا نخرج من هذه المحنة، والله لا خروج إلا بالعودة وإلى أن نجتمع في بيوت ربنا كل ليلة نتعلم الكتاب والحكمة ونزكي أنفسنا ونهذب أخلاقنا يوماً بعد يوم، أما أن نعيش في الشوارع والدكاكين والملاهي والملاعب وتريد منا أن نكمل هذا الكمال مستحيل، غير ممكن أبداً.
عرف هذا عدونا الثالوث الأسود: المجوس واليهود والنصارى، فصرفونا عن القرآن وأبعدونا عن السنة وربطونا بمؤلفات فقهية، وظنوا أننا بهذا نصبح ربانيين، وقد نجحوا، وهبطنا من علياء السماء إلى الأرض، وأذلنا الله لهم، وهانحن نتملقهم حتى في البرانيط أولادنا نلبسهم برانيط في المسجد النبوي.
ونحن الآن نشعر كالبهائم، أماتونا، متنا وإلا لا؟ ما هي الروح يا عباد الله يا أهل القرآن؟ قولوا ما الروح؟ القرآن، من هجر القرآن وتركه وجهله وأصبح يقرأ على الموتى حي هذا؟ بل ميت.
إذاً: قال: (وقوله تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19]، فهذا حكم آخر) غير الأول وهو (أنه يحرم على الزوج) المؤمن (إذا كره زوجته) لدمامة وجهها.. لسوء خلقها.. لسلاطة لسانها.. لأمر ما، لا يحل له (أن يضايقها ويضارها حتى تفتدي منه ببعض مهرها، إذ من معاني العضل المضايقة والمضارة، هذا ما لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا)، أما قال: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ [النساء:19]؟ (ما لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا) أو السحاق كما عرفتم، (أو تترفع عن الزوج، وتتمرد عليه، وتبخسه حقه في الطاعة والمعاشرة بالمعروف، أما إن أتت بفاحشة مبيِنة) مبيَنة قراءتان، (لا شك فيها أو نشزت نشوزاً بيناً) واضحاً (فحينئذ للزوج أن يضايقها حتى تفتدي منه) بالمهر الذي دفعه أو أقل أو أكثر، هذه أحكام الله، هل ترقى البشرية إلى مثله؟ والله ما تصل، قال: (وذلك لقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19]).
قال: [ ثم أمر تعالى عباده المؤمنين ].
ونحن منهم، بماذا أمرهم؟
قال: [ بمعاشرة الزوجات بالمعروف وهو العدل والإحسان ].
ما هو مجرد عدل فقط، العدل والإحسان، والإحسان يتجلى في الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة، والمؤانسة، وحب ما تحب المرأة من طعام أو شراب، وكره ما تكره؛ لتتلاءم الأجساد وتصبح كالجسد الواحد، ونعم لم سمي الزوج زوجاً؟ زوجته المرأة أصبح زوجاً وإلا كان فرداً، وهي سميت زوجة لم؟ لأن الرجل زوجها أصبحت زوجة، إذاً هما جسم واحد، كيف تؤذي جسمك أنت؟ كالذي يأخذ حربة ويطعن في جسمه.
قال: [ وإن فرض أن أحداً منكم ].
يا معشر الفحول!
[ كره زوجته وهي لم تأت بفاحشة مبينة ].
ماذا عليه؟
قال: [ فليصبر عليها ولا يطلقها؛ فلعل الله تعالى يجعل في بقائها في عصمته خيراً كثيراً له نتيجة الصبر عليها وتقوى الله تعالى فيها وفي غيرها، فقد يرزق منها ولداً ينفعه، وقد يذهب من نفسه ذلك الكره ويحل محله الحب والمودة ].
وحديث المصطفى بالأمس: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )، لعل المستمعون لم يفهموه؟
يا عبد الله! إذا كرهت من زوجتك خلقاً لا تأخذ في ضربها وأذيتها، أو من أول يوم اذهبي عني وتطلقها؛ لأنك تملك ما تتزوج به، دعوة ربك إليك أن تصبر ولا تستعجل، فإنك إن كرهت منها خلقاً يرضيك منها خلقاً آخر ما دامت برة تقية مؤمنة، كون لونها .. أو ما أعجبتك اصبر عليها؛ فإن عاقبة الصبر مضمونة -والحمد لله- حسنى والخير كله، قد تعقب لك ولداً تعيش كل حياتك على نفقته وعلى كفالته.
هذا توجيه الله أو توجيه الناس؟
هذا توجيه الله، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، [ وإن فرض أن أحداً منا كره زوجته وهي لم تأت بفاحشة مبينة فليصبر عليها ولا يطلقها فلعل الله يجعل في بقائها في عصمته خيراً كثيراً له نتيجة الصبر عليها، وتقوى الله تعالى فيها وفي غيرها، فقد يرزق منها ولداً ينفعه، وقد يذهب من نفسه ذلك الكره ويحل محله الحب والمودة ]، وكم وكم حصل هذا.
[ والمراد أن الله تعالى أرشد المؤمن إن كره زوجته أن يصبر ولا يطلق؛ لما في ذلك من العاقبة الحسنة؛ لأن الطلاق بغير موجب غير صالح ولا مرغوب للشارع، وكم من أمر يكرهه العبد ويصبر عليه فيجعل الله تعالى فيه الخير الكثير .هذا ما تضمنته الآية الأولى ].
أولاً.
[ تحريم أخذ شيء من مهر المرأة إذا طلقها الزوج لا لإتيانها بفاحشة ولا لنشوزها، ولكن لرغبة منه في طلاقها ليتزوج غيرها، في هذه الحال لا يحل له أن يضارّها لتفتدي منه بشيء ولو قلَّ، ولو كان قد أمهرها قنطاراً فلا يحل أن يأخذ منه فلساً -واحداً- فضلاً عن دينار أو درهم ].
لأن بعض الماديين: الجهلة ما تعجبه المرأة يأخذ في مضايقتها.. وو، اضغط شدد كذا حتى تمل، فتقول له: طلقني وخذ ما أعطيتني، هل يحل هذا؟ والله ما يجوز ولا فلس واحد، يجوز إذا هي كرهتك وما أحبتك وترفعت عنك وما أرادتك وأصبحت تتصل بفلانة وفلان، في هذه الحال لك أن تضايقها وتقول: تعطيني كذا وأطلقك، هي الراغبة في الطلاق، وهذه هي المخالعة التي تقدمت في سورة البقرة.
قال: [ هذا معنى قوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا [النساء:20] أي: ظلماً بغير حق وكذباً وافتراء وإثماً ].
مبيَناً أو مبيِناً.
[ أي: ذنباً عظيماً ].
هذا التوبيخ من الله عز وجل والإنكار: ] أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا [النساء:20] أي: ظلماً بغير حق وكذباً وافتراء وإثماً مبيناً، أي: ذنباً عظيماً].
[ ثم قال تعالى منكراً على من يفعل ذلك: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21] أي: بأي وجه يحل لكم ذلك؟ والحال أنه قد أفضى بعضهم إلى بعض أي: بالجماع، إذ ما استحل الزوج فرجها إلا بذلك المهر؛ فكيف إذاً يسترده، أو شيئاً منه بهتاناً وإثماً مبيناً؟ فقال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء:21]؟ وقوله تعالى: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21] يعني: عقد النكاح فهو عهد مؤكد يقول: الزوج نكحتها على مبدأ: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، فأين التسريح بإحسان إذا كان يضايقها حتى تتنازل عن مهرها أو عن شيء منه؟ هذا ما أنكره تعالى بقوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21] إذ هو استفهام إنكاري ].
وتعجبي أيضاً، كيف يتم هذا؟ سمعتم هذا الشرح، اسمعوا الآيات المشروحة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:19-21].
إن شاء الله استقرت هذه الأحكام في أذهان الأبناء والمستمعين ونطبق وإلا لا؟ أو ما في حاجة؟ يا ويل الذي يذهب الليلة إلى بيته ويسب ويشتم هذه المؤمنة أو يتكبر عليها.
[ أولاً: إبطال قانون الجاهلية القائم على أن ابن الزوج يرث امرأة أبيه ].
بطل وإلا لا؟ هل بلغكم قانون الجاهلية في فرنسا وبريطانيا، ما سمعتم لي، ما قلناه أمس، نعيد هذا من أجل أن تعرفوا أن الكافرين هابطين بهائم أوسخ من القردة والخنازير، هذا كلام الله، حتى لا تعشقوهم ولا تحبوهم.. ولا ولا، في فرنسا وبريطانيا يصح عقد نكاح رجل على رجل، مسيو على مسيو، مستر على مستر، أي هبوط أعظم من هذا؟! أمثال هؤلاء نقتدي بهم، يجب أن نعاكسهم في كل شيء حتى نبعد من ساحتهم وظلمتهم وضلالهم، يا شيخ هذا الكلام من يسمعه؟ ألف مليون مسلم يسمعون هذا الكلام.
أزيد وإلا لا؟ لماذا تلبسون أولادكم البرانيط في المسجد النبوي؟ يمر بي الرجل معه ثلاثة أولاد بالبرانيط يتلذذ بها، كان محمد يلبس البرانيط أو الحسن والحسين ؟ والتلفاز والفيديو في بيوت المؤمنين لا يا شيخ ما هو معقول أبداً، هذا يوجد في بيوت الكافرين؛ لأنهم لا حلال ولا حرام، ولا إيمان ولا لقاء الله ولا رجاء الدار الآخرة، حيوانات تأكل وتنكح فقط لا هم لها إلا هذا، كيف يوجد في بيوت المؤمنين؟! يتعلم الناس والرجال ماذا؟ العهر والسقوط والهبوط والتلصص والجرائم والأغاني، هذا شأن المؤمنين؟ والله ما هو بشأنهم، المؤمنون بيوتهم يذكر فيها اسم الله، يتلى فيها كتاب الله، لا أن تصبح موبآت للشياطين يدخلون ويخرجون الليل والنهار، هل فهمتم؟
أو ... هذه رجعية.. هذا تخلف.. هذه الكلمات يلقيها الشيطان في صدور أوليائه، تعال إذا كنت منطقياً عليماً واعياً نتناقش نبين لك، من منكم يرفع رأسه ويده؟
نسأل: ما هي المكاسب الحقيقية التي من أجلها نشتري التلفاز ونسهر عليه ونراقب أوقاته وننتفع به، دلونا؟ تعطون أموالاً شهرية أو سنوية على ذلك؟ الجواب: الآن لا، لكن ممكن لو يسمع جماعة لندن وإسرائيل يجعلون جوائز: الذي يستخدم هذا الفيديو أو التلفاز كل سنة تأتيه بطاقة شيك فيه عشرة ريال، مستعدون لكن ما هم في حاجة إلى هذا بالأغاني فقط سلبونا وهبطوا بنا، هل صاحب التلفاز مع أسرته تتأدب تلك الأسرة وتحتشم المرأة وتصبح لا تتكلم بكلمة عالية ولا تكشف عن وجهها.. ولا ولا؟ الجواب: لا أبداً، يكتشفون مهناً صناعية يتفوقون فيها؟ الجواب: لا، والله لا فائدة البتة، والحكيم القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، كيف نحصل على هذه الحكمة؟ ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، إذا ما أنت في حاجة إلى أن تشرب لا تشرب، ما أنت في حاجة إلى أن تأكل ما تأكل، ما أنت في حاجة إلى أن تنام لا تنم، ما أنت في حاجة إلى أن تكسب كذا ما تكسب، خذ دائماً ما أنت في حاجة إليه، من حسن إسلام المرء أن يترك ما لا يعنيه، لا يكسبه خيراً ولا يدفع عنه ضراً وشراً.
قال: (إبطال قانون الجاهلية القائم على) ماذا؟ (أن ابن الزوج يرث امرأة أبيه) وحتى امرأة أخيه أيضاً.
[ ثانياً: حرمة العضل من أجل الافتداء بالمهر وغيره ].
يفعله الجهال هذا وإلا لا؟ يضايقون المؤمنة حتى تصرخ: هذا ما أعطيتني واتركني.
[ثالثاً: الترغيب في الصبر ].
من يرغبنا في الصبر؟ الله، عندك مؤمنة تقية ذميمة ما هي بجميلة قصيرة ما أحببتها اصبر عليها، هذه المؤمنة تقية أصلي إلى جنبها أو قدامها أعلمها .. تحبها تصبح كأنها حوراء.
قال: [ رابعاً: جواز أخذ الفدية من الزوجة بالمهر أو أكثر أو أقل إن هي أتت بفاحشة ظاهرة ].
تتصل بفلان وفلان أو ارتكبتها وشاهدتها أنت؛ لأنك ما تستطيع أن تشكوها بدون أربعة شهود، أو ترفعت تكبرت أهانتك أذلتك وأنت الفحل وأنت رب البيت، إذا كان من هذا خذ منها ما شئت وطلقها؛ لأنها تريد أن تطلق، رغبت في غيرك.
قال: [ جواز أخذ الفدية من الزوجة بالمهر أو أكثر أو أقل إني هي أتت بفاحشة ظاهرة لا شك فيها كالزنا أو النشوز ].
النشوز العلو والارتفاع، تتكبر عنه وتهينه وتعبس في وجهه، وقد تضحك عليه وخاصة إذا كانت جامعية وهو بدوي مثلي يا ويله، وخاصة إذا كان راتبها عشرة آلاف وهو صعلوك يا ويحه إن لم تكن ربانية تربت في حجور الصالحين سوف تركب هذا معه.
قال: [ خامساً: جواز غلاء المهر فقد يبلغ القنطار ].
لقوله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا [النساء:20].
[ غير أن التيسير فيه أكثر بركة ].
وأكثر خيراً، دعانا الرسول إلى التيسير.
قال: [ سادساً: وجوب مراعاة العهود والوفاء بها ].
ماذا في الآية؟ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، هو العقد القائم على أساس: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] لا بأذى الحمد لله.
النكاح هنا الزواج.
وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22].
ما معنى: سلف؟ مر، السلف الصالح من هم؟ الذين مضوا.
إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22].
وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22]، تعرفون المقت ما هو؟ أشد البغض، المقت والعياذ بالله، هذه اللام لام النهي (لا تنكحوا) وهذا الكلام معطوف على النداء: (يا أيها الذين آمنوا) لا يحل لكم كذا وكذا ولا تنكحوا، هذه الآية تابعة لما سبق.
وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22].
كان الرجل يتزوج امرأة أبيه، عرفتم؟ إذا طلق أباه امرأة ما أعجبته ما لائمته يتزوجها ابنه، أو يموت الأب وتبقى المرأة يتزوجها ابنه، وهنا سبب في نزول هذه الآية:
روي: أن صحابياً يقال له: أبو قيس ، توفي وكان من صالحي الأنصار بالمدينة، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه -ما هي أمه لكنها امرأة أبيه- لعلها تتزوجه ويتزوج بها.
قال: فقالت له: إني أعدك ولداً، كيف؟ قالت: ولكني آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله. حكيمة هذه وإلا لا؟ يا ليتنا مثلها، أولاً قالت له: أي قيس أنا أعدك ولداً، كيف تقول: أتزوجك؟ ثم قالت له: آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، لو كنا في ذلك المستوى من يوم ما ظهر الفيديو والتلفاز لا يقدم عليه مؤمن حتى يسأل أهل العلم، والله العظيم، فيكم من سأل؟ لم ما نسأل: أيحل لنا أن نأتي الأمر بدون علم، وهل يجوز أو لا يجوز؟ والله ما يحل، حتى اللقمة ما تأكلها حتى تعرف يجوز هذا أو لا يجوز، لكن لما غطونا بسحائب الجهل ما أصبحنا نميز ولا نعرف، هذه المؤمنة خطبها ابن زوجها قالت له: أعدك ولداً ولكن آتي رسول الله وأسأل إذا أذن لنا لا بأس، والله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].
قالت: فأستأمره. آتي رسول الله فأطلب أمره، قال: فأتته فأخبرته فأنزل الله هذه الآية: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22].
ولنعلم أن امرأة الأب لا يحل نكاحها، وامرأة أب الأب كذلك، سلسلة أعلى ما كان، (آباؤكم) يدخل فيه: الأب والجد وأبو الجد.. وهكذا، أي نعم، وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22]، وهنا إذا عقد الأب على الزوجة وما دخل بها وما بنى بها يحرم أن يتزوجها الابن؛ لأنها زوجة أبيه بالعقد، ليس شرطاً أن يخلو بها ويدخل عليها أبداً، إذا تم العقد لا يحل له أن يتزوجها، بل إذا علمت أن أباك يخطب لفلانة لا يحل لك أن تخطبها أنت أو تتزوجها، أو يحل؟ حتى المؤمن مع المؤمن إذا علمت أن زيداً يخطب في بنت فلان لا يحل لك أن تخطبها أنت حتى يفترقا، وتتيقن أنهما افترقا، لماذا هذا؟ ليبقى المجتمع متكاتفاً متعاوناً متحاباً متآخياً؛ لأنه يحمل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، والإنس والجن .. الكل عدو لها، كيف تبقى مرفوعة إذا لم تتضافر الجهود والقلوب والأموال.
وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22].
ما معنى: سلف؟ مضى في الجاهلية أم قيس هي السبب في نزول هذه الآية، ابن زوجها خطبها لأنه كان شائعاً بينهم أنه يتزوج امرأة أبيه أليس كذلك؟ لكن نور الإيمان الجديد أثر فيها وقالت: أعدك ولداً، ولكني أستأذن رسول الله وأستأمره، على الفور مشت إلى رسول الله وقصت عليه القصة، وما زالت جالسة حتى نزل القرآن، وامرأة الأب كامرأة الجد على حد سواء وإن علا.
قال: [ ما زال السياق الكريم في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالإرث والنكاح وعشرة النساء.
وفي هاتين الآيتين ذكر تعالى محرمات النكاح من النسب والرضاع والمصاهرة، فبدأ بتحريم امرأة الأب وإن علا، فقال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22]، ولم يقل ].
ولا تنكحوا من نكح آباؤكم، المفروض يقول من للعاقل.
قال: [ ولم يقل من ].
وقال: (ما).
[ ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية ].
يشمل النكاح والوسائل التي يتوصل بها إليه.
المفروض يقول: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم وإلا لا؟ من للعاقل، الله قال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22] ليشمل الهيئات والصفات على عمومها، فيدخل الخطبة فيها.. وو، وما إلى ذلك، سبحان الله العظيم!
[ولم يقل: من ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية، ولذا قال: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] في الجاهلية فإنه معفو عنه بالإسلام بعد التخلي عنه وعدم القيام عليه ].
قوله: (إلا ما قد سلف) لا تفهم منه أن الذي تزوج من قبل يبقي عليها؛ لأنه تزوجها في أيام الجاهلية، لا على الفور يخلي سبيلها وتخرج منه ولا يصح أبداً أن يبقيها، يحتج بأن يقول: نحن تزوجنا قبل نزول الآية، فلهذا قال: مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22] على أية صورة قديمة أو حديثة.
(ولم يقل: من ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية؛ ولذا قال: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] في الجاهلية فإنه معفو عنه بالإسلام) الصحابة جُلهم عبدوا الأصنام عشرين سنة وثلاثين سنة، فهل يؤاخذون بذلك؟ الإسلام يجب ما قبله، أي: يقطع، الإسلام يجب ما قبله، فمن عاش مشركاً يهودياً ثمانين سنة مائة سنة ودخل في الإسلام لم يخاطب بشيء مما مضى ولا يسأل عنه ولا يعاقب به أبداً، والتوبة أيضاً تجب ما قبلها، التوبة النصوح التي صاحبها لا يعود إلى الذنب كما لا يعود اللبن في الضرع، صاحب هذه التوبة لا يذكر ذنوبه الماضية انتهت، لكن إذا كان ما زال يميل أو يتردد ما تنفع؛ لأنه قال: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] قالت العلماء: التوبة النصوح هي التي لا يعاود المؤمن الذنب فيها ولا يرجع إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع، يمكن يعود الحليب إلى ضرع المرأة بالإبرة؟ ما ينفع، لبن البقرة أو الشاة يمكن لطبيب يرجعه أيضاً؟ والله ما يستطيع مستحيل، فالتوبة النصوح هي هذه.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر