إسلام ويب

تفسير سورة النساء (11)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حد الله عز وجل لعباده حدوداً وألزمهم بحفظها، وبنى على أساسها الجزاء في الآخرة، فمن حفظ هذه الحدود وتوقف عندها فقد وعده الله عز وجل بأن يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار، خالداً فيها لا يمسه نصب ولا مخمصة، وأما من تجاوز حدود الله وتعداها فقد توعده الله عز وجل بالخلود في نار جهنم، وحيداً فريداً يتقلب في العذاب المقيم.

    1.   

    مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات!

    إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الإثنين من يوم الأحد؛ ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلك الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    حقق اللهم لنا رجاءنا إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!

    وها نحن مع سورة النساء، وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآية أو إلى هاتين الآيتين المباركتين.

    قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14].

    لو تحفظ يا عبد الله هاتين الآيتين وتصلي بهما كل الصلوات فإنها تربطك بالله وطاعته.

    معشر المستمعين! تِلْكَ [النساء:13] هذا اسم إشارة، هل مر شيء في السورة فأشار تعالى إليه؟ أي نعم.

    أولاً: أمرنا بتقواه.

    ثانياً: أمرنا بصلة الأرحام.

    الأمر بالإحسان إلى اليتيمة من النساء وحفظها في نفسها ومالها

    ثالثاً: أمر من تحته يتيمة جميلة ذات مال، لا يغرنه مالها وجمالها فيتزوجها ثم يقصر في حقوقها؛ لكونها يتيمة في حجره، فليتزوج غيرها من النساء إن شاء اثنتين أو ثلاث أو أربع، وليترك هذه اليتيمة مصونة في مالها وعقيدتها، نعم أيضاً لما أذن في تعدد الزوجات قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] فقط، هذا حد من حدود الله، إذا كنت غير واثق في نفسك وعلمك ومالك وقدرتك وأخلاقك أن تعدل بين الاثنتين أو الثلاث أو الأربع فاكتف بواحدة. هذا أمر الله، فَوَاحِدَةً [النساء:3]، أي: فانكحوا واحدة فقط.

    ثم يا من تزوجتم من المؤمنات لا تحرموهن مهورهن ولا تقصروا في تلك النحلة فإن الله فرضها فرضاً، فلا يحل لمؤمن أن يأكل مهر امرأته، ولو قرشاً واحداً بدون رضاها، فإن رضيت بأن تعطيه ثلثه أو نصفه لها ذلك، أما بدون رضاها فلا يحل لك أن تأخذ من مهرها ديناراً واحداً من مليون دينار، ومن أبى فقد تعدى حدود الله وهلك: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4].

    كيفية التعامل مع السفيه الذي له مال

    ومن الأحكام المشار إليها بهذا الاسم: أن أموالنا سواء كانت صامتة أو ناطقة هي قيام حياتنا وأعمالنا، يحرم أن نسرف فيها وأن نبذرها وأن ننفقها في معصية الله، وإن وجدنا من لا يحسن التصرف فيها كامرأة أو ابن أو أخٍ نحن نفرض عليه الحجر؛ طاعة لله إذ قال تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]، لم يبق في المجتمعات البشرية.. لا لا، أستغفر الله، في المجتمعات الإسلامية من ينفق ماله في غير رضا الله.

    نعم. لو آمنا حق الإيمان ورزقنا اليقين فيه، والله ما أنفق مؤمن ريالاً واحداً في غير مرضاة الله، وانتهى التبذير والإسراف والبذخ، وحينئذ ماذا نفعل بهذه الأموال؟ ننقلها إلى البشرية؛ سلاحاً وجهاداً لندخلها في رحمة الله.

    وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]؛ لأن الإسلام ما جاء بالعنف ولا بالشدة ولا يجيز السب ولا الشتم ولا السخرية ولا الاحتقار ولا الازدراء أبداً، ( الكلمة الطيبة صدقة )، من وضع هذا القانون؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا: ( ولو أن تلق أخاك بوجه طلق )، ما عندك ما تتصدق به يا عبد الله الق إخوانك في أنهجهم وفي طرقاتهم وفي مجالسهم ووجهك طلق ما فيه تعبيس ولا تقطيب ولا اسوداد ولا ولا... تلك صدقة، ( ولو أن تلق أخاك بوجه طلق ).

    ومن تلك الأحكام التي أشار تعالى إليها بقوله: (تلك) هو أن لليتامى على أوليائهم وأوصيائهم ومن تولوا أمرهم أن يدربوهم على حسن التصرف في المال، فإذا بلغوا امتحنوهم، فإذا وجدوهم قادرين على التصرف؛ لا إسراف ولا بخل ولا ولا، أعطوهم أموالهم وكتبوا صكاً بينهم وأشهدوا على ذلك: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، جلس هذا المال تحت يديك عشر سنين، خمس عشرة سنة، مات الوالد وترك الابن رضيعاً أنت وليه يا أخاه، إذا بلغ الخامسة عشر أو الثامنة عشر امتحنه، فإذا وجدته يحسن التصرف أعطه عشر ريالات، وقل له: اشتر لنا فاكهة، يذهب إلى السوق ويعود، إن استطاع أن يأتي بفاكهة لا بأس بها وتتسع للأسرة، فقد أحسن التصرف، وإذا أخذ المال وجاءك بحبحبة واحدة فهذا لم يحسن التصرف.

    إذاً: فَإِنْ آنَسْتُمْ [النساء:6]، أي: أبصرتم بأبصاركم رشداً، ادفعوا إليهم أموالهم، على أن تشهدوا على دفعها حتى لا يتألموا في المستقبل ويقولون: آه! عمنا أكل أموالنا، أو أخونا أكل أموالنا.

    ولطيفة أخرى: يا أيها الأوصياء! يا من تحتهم يتامى هم أولياؤهم! إياكم، احذروا، أن تأكلوا أموال اليتامى.. إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا [النساء:6].

    ما معنى البدار؟ المبادرة، يقول: يا إبراهيم! عجل هات الشاة الفلانية، أي شاة؟ شاة ابن أخيك أو ابن عمك، اجمع من النخلة الفلانية تمراً؛ لأن عمك عما قريب يأخذ ماله، ما بقيت إلا أشهراً أو هذه السنة.. هذه المبادرة، إما بالإسراف، بدل ما يذبح شاة يذبح اثنتين، بدل ما يشتري سجادة يشتري خمساً؛ لأن مال اليتيم غداً يأخذه، هذا الإسراف، والبدار والمبادرة: التعجيل؛ لأن الزمان الذي يتولى فيه الولد حقه قرب، ما بقي إلا سنة أو سنتين، علم هذا من نفوس بشريته؛ لأنه هو الذي خلقهم وطبع طبائعهم، لو كان هذا لا يوجد، والله ما أنزل الله فيه قرآناً، ولكن علمه وهو خالقه.

    وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا [النساء:6]، خشية أن يكبروا ويأخذوا أموالهم، فما داموا تحت ولايتكم صغاراً عجلوا، وقد حصل هذا وشاهدناه ورأيناه في الناس.

    شرع الله الميراث للمرأة والصغير كما شرعه للرجل

    ومن هذه الأحكام الشرعية: أن الله عز وجل ورث المرأة وورث اليتيم والصغير، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، ولا الأطفال الصغار؛ بحجة: أن المرأة لا تركب فرساً، ولا تدفع خوفاً، ولا تحمل كلاً، والطفل كذلك. إذاً: الوارث منه هو؟ الرجل، الشاب الكبير، فأبطل الله هذا بقوله: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ [النساء:7]، وعمتنا أم كحة هي السبب في نزول هذه الآية، مات زوجها وترك بنتاً ، فجاء أخو الزوج قال: أعطينا كل شيء، قالت:لم؟ هذه بنته.

    فذهبت أم كحة تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: انتظري حتى ينزل وحي في هذه القضية، فما زالت كذلك حتى نزلت هذه الآية: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:7].

    تحريم أكل مال اليتيم

    وجاءت الأحكام وتوالت، ومن أجلها أكل مال اليتامى، انتبهو! إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].

    ومن تلك الأحكام قبل هذه، إذا حضرت مريضاً وقلت له: أوص، إياك أن تقبل وصية جائرة، أو ترشده إلى جور في وصيته، واذكر أنك عما قريب تكون على مثل فراشه، وتخاف على أولادك الصغار أن يجور الموصي عليهم. هذه آداب راقية وسامية، كفاك أدباً في نفسك اجتناب ما تكره من غير، هل لكم أن تحفظوا هذه؟ كفاك أدباً في نفسك أن تجتنب ما تكره من غير: الذي تكره من غيرك، اجتنبه أنت، فتصبح من أكمل الناس أدباً، فإذا كنت لا ترضى أن يجار على أولادك في الوصية لا ترضى أيضاً أن يجار على أولاد الآخرين في الوصية.

    كيفية تقسيم الميراث وفئات الورثة

    وآخر تلك الأحكام: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فبين تعالى أسباب الميراث، وقد علمنا أنه من النسب، والمصاهرة، والموالاة. المصاهرة: الزوج والزوجة. وأما النسب: من الأب وابن الابن إلى الأخ إلى العم إلى غير ذلك.. وقد درسنا هذه الآيات دراسة وافية، ووضعنا لها أسئلة، ووضعنا للأسئلة جائزة، ولا إخال أحداً منا يجيب إجابة صحيحة عنها إلا وقد علم الفرائض، وعرف ما ينبغي أن يعرف فيها كل مؤمن.

    الآن نذكركم بنفس الآيات بالأسئلة:

    أولاً: ما هي أسباب الإرث؟

    النسب، والمصاهرة، والولاء، أو في سبب رابع؟ ما في، أسباب ميراث الورثة ثلاثة: النسب، والمصاهرة والولاء، والولاء فرغنا منه، ما دمنا أغمدنا سيوفنا في أقربتها، وانتهى الجهاد، من أين يأتي الولاء والعبيد؟ إلا إذا أحيانا الله مرة ثانية بعد هذه الموتة، أما النسب والمصاهرة فالحياة قائمة عليهما.

    ثانياً: هلك هالك وترك أولاداً بنين وبنات، فما نصيب كل واحد منهم، وما دليل ذلك من آيات المواريث؟

    للذكر مثل حظ الأنثيين، والدليل من القرآن: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11].

    ثالثاً: هلك هالك وترك نساءً فوق الواحدة، اثنتين فأكثر فما نصيب كل واحدة منهن، وما دليل ذلك من آيات المواريث؟

    لهما الثلثان والدليل فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ [النساء:11]..

    السؤال الرابع: هلك هالك وترك بنتاً واحدة، فما نصيبها من تركة أبيها، وما دليل ذلك من الآية؟

    نصيبها النصف، والدليل: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11].

    خامساً: هلك هالك -بمعنى: مات ميت- وترك أولاً واحداً فأكثر، ووالديه، فما نصيب الوالدين من تلك التركة، وما دليل ذلك من آيات المواريث؟

    نصيبهما السدس، الأم لها السدس والأب له السدس، والباقي للأولاد، والدليل: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:11].

    السؤال السادس: هلك هالك ولم يترك إلا أبويه، أمه وأباه، فما نصيب كل من الأبوين من تلك التركة، وما دليل ذلك؟

    فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11]، والباقي للعاصب وهو الأب.

    سابعاً: هلك هالك وترك أماً وأباً وإخوة، فما نصيب كل من الورثة، وما دليل ذلك من آية المواريث؟

    فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]، والباقي للأب يرثه؛ لأنه هو الذي ينفق على الأولاد.

    ثامناً: هلك هالك وترك أباً، وأماً وولداً واحداً، فما نصيب كل من الورثة، وما دليل ذلك من آية المواريث؟

    لأمه الثلث والباقي للأب، ولو تعدد الإخوة الأم ترث السدس، وإن لم يتعدد الإخوة وكان واحداً فالأم ترث الثلث.

    إذاً: الأم والأب يرثا السدس، والباقي للولد؛ لأنه عاصب.

    تاسعاً: بم يبدأ في قسمة التركة، وما دليل ذلك من آية المواريث؟

    بالدين، في الآية تقدمت الوصية، وتأخر الدين، لكن عملياً الدين قبل الوصية، ما سر هذا؟

    لأن الوصية لا تجد من يدافع عنها، أما الدين فله صاحب يطالب به، ويشتكي إلى الحاكم؛ فلهذا قدمت الوصية للإشارة إلى أنه يجب المحافظة عليها، لأن أهلها قد يكونوا معدومين ما وجدوا بعد، وأما صاحب الدين فهو يرفع صوته ويصرخ مطالباً به.

    عاشراً: هلكت هالكة، وتركت زوجها ولم تترك ولداً، فما نصيب هذا الزوج من التركة، وما دليل ذلك؟

    للزوجة النصف، والدليل: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ [النساء:12].

    الحادية عشرة: هلك هالك وترك زوجة وأولاداً، فما نصيب الزوجة، وما دليل ذلك من الآية؟

    للزوجة الثمن.

    الثانية عشرة: هلكت هالكة وتركت زوجها وأولاداً، فما نصيب الزوج؟

    الربع، والدليل: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ [النساء:12]..

    الثالثة عشر: هلك هالك أو هالكة، ولم يترك والداً ولا ولداً، وإنما ترك.. أو تركت أخاً لأم أو إخوة لأم، فما نصيب الواحد، وما نصيب الأكثر من واحد، وما دليل ذلك؟

    هذه تسمى بالكلالة؛ فإن كان أخاً واحداً أو أختاً واحدة فله أو لها السدس، وإن كانوا أكثر فهم شركاء في الثلث.

    هذه هي الكلالة، هلكت هالكة ولها إخوة فقط، لا أب ولا أم ولا ولد ولا.. إنما أخ لأمه، فله السدس، وأخوين أو ثلاثة لهم الثلث والباقي للعصبة، ما الدليل من الآية الكريم؟

    وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:12].

    الرابعة: الكلالة في نهاية سورة النساء، يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ [النساء:176] وتسمى أيضاً بآية الصيف؛ لأنها نزلت في الصيف.

    تلاوتها:

    يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء:176].

    الخامسة عشر: هلك هالك وليس له ولد ولا والد، وترك أختاً له فقط فما نصيب هذه الأخت من أخيها؟

    النصف، ودليل ذلك، قال الله: فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا [النساء:176]، بكاملها.

    السادسة عشر: هلكت هالكة وتركت أخاها، وليس لها والد ولا ولد فما نصيب أخيها منها، وما الدليل؟

    يرثها كلها، هو العاصب.

    السابعة عشر: هلك هالك: ولم يترك ولداً ولا والداً، وإنما ترك أختين، فما نصيب هاتين الأختين من أخيهما؟ وما دليل ذلك؟

    الثلثان.

    وأخيراً: هلك هالك ولم يترك ولداً ولا والداً، وإنما ترك إخوة له رجالاً ونساء خليط فما نصيبهم؟

    للذكر مثل حظ الأنثيين، والآية الكريم: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء:176].

    هذه الأسئلة توجد عند الأستاذ عدنان ، من أراد أن يشارك يأخذ الأسئلة ويجيب عنها في بيته، يضع التفسير بين يديه، يضع القرآن، فإن نجح أخذ جائزة، وإن لم ينجح دعونا له بالأجر والمثوبة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ...)

    قال الله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [النساء:13].

    أنواع الحدود في الإسلام

    الحدود: جمع حد، والناس يعرفون الحدود بين الممالك، بين بستان وبستان، بين منزل ومنزل، الحدود: ما يوضع حداً لا يجوز تجاوزه، أبداً. وحدود الله عز وجل: هي ما فرض على عباده أن يقوموا به، وما حرم على عباده أن يرتكبوه ويستعملوه.كلمة عامة، الحدود: جمع حد، وهو ما حده الله ونهى عن تجاوزه، أو نهى عن تركه وإهماله، فيدخل في ذلك الفرض الواجب ويدخل المحرم والمكروه.

    الواجبات التي أوجبها الله هل يجوز إهمالها وتركها؟ الجواب: لا، يجب القيام بها والنهوض بها.

    ما حرمه الله ونهى عنه يجوز تعاطيه وفعله؟ الجواب: لا هذه حدود الله، من أراد السلامة، والنجاة من خلد النار والعذاب فهيا لا يتعد حدود الله عز وجل.

    ثم هناك حدود يجب أن نعرفها، وهي التي تقام على فاعليها:

    أولها: حد الردة، الذي يرتد عن الإسلام، ويخرج عنه ولو بكلمة واحدة، ولو بتكذيبه بحكم واحد وإنكاره، هذا يستتاب ثلاثة أيام، فإن لم يتب يقتل كفراً، هذا حد من حدود الله، أيما إنسان بالغ عاقل، مجنون لا قيمة له، طفل صغير لا يقام عليه الحد، بالغ عاقل يكذب الله أو رسوله أو يكذب بالله أو يكذب برسوله في أية قضية معلومة بالضرورة يستتاب، فإن تاب وقال: آمنت بالله؛ نجا، وإن أصر أعدم حداً ردة لا خلاف فيه.

    ثانياً: حد قتل النفس، الذي يقتل نفساً عمداً وعدواناً، ليس بصبي صغير ولا بمجنون، بل عاقل رشيد يقدم على إزهاق الروح ولو كانت روح ابنه، فهذا القتل يعد حداً من حدود الله، وهو حرمة دماء الناس، فلما قتل عمداً وعدواناً هذا الحد تجاوزه يعدم، إذا لم يرض أهل الميت بالعفو أو بالدية يقتل بما قتل. هذا حد القتل.

    أما القتل الخطأ: فلا حد فيه، فيه ما يكفر به الذنب كفارة بينها الله تعالى.

    أما العمد العدوان، فهذا الفاعل إما أن يقطع رأسه، وإما أني يعفوا أهل الميت، أو يقبلون دية من الديات.

    فيما سبق كان اليهود لا يقبلون أبداً عفو لا ودية، من قتل يقتل؛ لشرهم وشراستهم وقبح سلوكهم، شدد الله عليهم، فمن قتل يقتل.

    جاء النصارى أتباع المسيح بالادعاء، وعاشوا على طابع الرحمة والرقة واللين، ورفع الله عنهم القصاص والدية، عليهم بالعفو فقط.

    جاءت أمة الإسلام الخاتمة للبشرية كلها، القاتل عمداً وعدواناً، إما أن يعفوا أهل الدم، وإما أن يأخذوا دية، وإما أن يسلم فيقتل. هذا حد القتال.

    هناك حد الزنا، وهو أبشع من القتل:

    أولاً: إذا زنا الرجل منا، البالغ سن الرشد فإن كان بكراً ما تزوج، ولا عرف النساء، وزنا، هذا حده أنه يجلد مائة جلدة، ويغرب عاماً ينقلونه من الرياض إلى الخبر، من المدينة إلى تبوك، هذا التغريب من حكمة الشريعة الإسلامية؛ لأنه إذا جلد أمام المسجد ويمشي أمام الناس، كلهم يقولون: هذا هو الذي جلدوه، لم جلدوه؟ قال: زنا، فتجول كلمة الزنا في أفواه الناس وعقولهم فتسبب بلاء، يجب محوها نهائياً، جلد عند باب السلام يغرب؛ لينسى وتنسى الجريمة، بعد عام يسمح له بالعودة إن أراد أن يعود، أما يجلد ويبقى يمشي كل من يقول: هذا هو، ما هو هذا؟ هذا زنا، ذكر الناس بالزنا أو لا؟ وهذه الكلمة متى جالت في خوطر البشر أهلكتهم.

    حد الزنا: إن كان صاحبه ثيباً ليس ببكر، تزوج وعرف الزواج ما هو، هذا حده أن يرجم حتى يموت، لا يطهره إلا ذاك، رجلاً كان أو امرأة، يحفر له حفرة ويلقى فيها مكتوف اليدين، ويأتي المؤمنون بالحجارة، ارم حتى يغطوه.. بهذا يخرج من ذنبه كيوم ولدته أمه.

    حد القذف: الذي يقذف مؤمناً بحجر؟ لا، يقذفه بكلمة قبيحة، يا زاني، يا فاعل كذا! أو فلان زنا، أو فلان لاط، هذه الكلمة إذا قذف بها مؤمناً ورماها فيه، يجب أن يجلد ثمانين جلدة، حتى لا يعاود مثل هذا الكلام؛ لأن فيه إشاعة للفاحشة، الذي يرمي مؤمناً أو مؤمنة في جلسة أو في مكان ما، ويقول: يا من تفعل، أو يا فاعل كذا، إما أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على أن الفاحشة فعلت، وهيهات هيهات أن يأتي بها، أو يجلد ثمانين جلدة، ويصبح فاسقاً لا تقبل له شهادة، هذا معنى تطهير المجتمع الرباني؛ حتى كلمة السوء ما تقال، ولا يسمعها مؤمن ولا مؤمنة، وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا [النور:4-5] الآية.

    حد آخر: حد اللعان: وهو أن الرجل يقول: امرأتي زنت. وهنا رمى هذه المؤمنة وحطمها وقضى على كرامتها وكرامة أسرتها، إما أن يأتي بأربعة شهود يشهدون، وإلا يلاعن، يشهد أربع شهادات أنه رآها، والخامسة يقول: غضب الله علي إن كنت كاذباً، ويؤتى بها هي فإن برأت نفسها، وقالت: ما فعلت أبداً، إن قالت: فعلت، حينئذٍ انتهينا أقيم الحد عليها، ونجا الرجل الزوج، وإن قالت: لا ما فعلت، تشهد أربع شهادات أنها ما فعلت، والخامسة تقول: غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ويفرق بينهما تفريقاً أبدياً، لن تعود له ولو بملء الأرض ذهباً، لا تصلح له ولا يصلح لها.

    حد السرقة: من سرق مالاً يقدر بربع دينار، هذا الذي عليه الجمهور، أما قلم كهذا أخذه من جيبي فلا تقطع يده فيه.

    إذاً: السارق: الذي يأخذ مال الغير سرقة في خفاء، يكسره بابه، يكسر سيارته، وهو نائم يأخذ من جيبه، وهو يمشي معه، جماعتنا يطوفون بالبيت ويسرقون في الحج، هذا حد من حدود الله لقول الله تعالى، وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38]، وبهذا يسود الأمن. الله الله.. قبل هذا التعسف والانجراف، سكنا بالمدينة في بيوت بلا أبواب، بايعوا الذهب والله يسدلون على دكاكينهم ستائر من قماش ويمشي.

    لما حصل وكثرت الأموال، وجاء إخواننا من كل جهة وطمعنا، واختلط الحابل بالنابل، ومع هذا لو لا أن الحدود تقام، يا ويحكم! لقد كانوا ينزعون أخشاب البيت ويبيعونها في السوق، في المدينة، بل ينزع الباب ويبيعه، لكن دولة القرآن التي تقيم الحدود يتحقق بها الأمن، والله ما يتحقق بأية واسطة لا بالشرط ولا بالسحر ولا بالهيدروجين.

    إذاً: هذا حد أو لا؟ حدود يجب على المؤمنين أن يعرفوها، ولا يجوز تجاهلها، واللفظ العام ما قلته لكم: كل فريضة فرضها الله حداً لا يجوز أن تتجاوزها، انهض بها وأدها، كل ما حرم الله يجب ألا تغشاه ولا تفعله، فإن أنت أطعت الله تسمع جزاءك يا بني، وأبشر والله عز وجل لا يحرمنا ما وعدنا.

    مصير الواقف عند حدود الله الطائع له ولرسوله

    قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [النساء:13]، فيما أمرا به فعلاً، وفيما نهيا عنه تركاً، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [النساء:13]، الجزاء: يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ [النساء:13]؛ جمع جنة، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [النساء:13]، من تحت قصورها، خَالِدِينَ فِيهَا [النساء:13] أبداً: خلوداً مؤبداً يخرجون إلى أين؟ ما بقي إلا دار السلام ودار البوار، فدار الجنة ما يخرج منها إنسان ليدخل النار مستحيل، أين يذهب؟ لا وجود للذهاب؛ فهو إذاً خلود أبدي إلى ما لا نهاية، خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [النساء:13]، ما قال: وهذا الفوز العظيم، بل :(وذلك)، من منكم يفسر لنا: الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [النساء:13]؟

    الفوز العظيم: هو دخول الجنة، والزحزحة من النار ودخول الجنة.

    إذاً: الشاهد عندنا قال تعالى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، هذا الفوز العظيم، من منكم يعرف علة هذا الفوز؟ ما سبب هذا الفوز؟

    قال: الإخوان، زكاة النفس، إي والله، طاعة الله وطاعة رسوله بفعل الأمر وترك النهي هي التي تنتج زكاة النفس وطهارتها، ألست مأموراً بعبادات أو لا؟ فإن أنت عملتها حسب ما بين رسول الله أنتجت لك زكاة نفسك وطهارتها، حرم الله ما يخبث النفس ويلوثها ويدسيها من الكذب إلى النظرة الشزراء فاجتبت ذلك وابتعدت عنه، فاحتفظت بزكاة نفسك وطهارتها، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

    مصير من يتعدى حدود الله ويخالف أمره ونهيه

    تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [النساء:13]، محمداً صلى الله عليه وسلم، يُدْخِلْهُ [النساء:13]، جزاء، جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [النساء:13-14]، ما يقف عند الحدود، ينتهكها ويتجاوزها، لا ينهض بالواجبات، نفسه منتنة خبيثة .. الذي يعصي الله ورسوله نفسه تزكو على أي شيء؟ ما استعمل مواد التزكية، بل استعمل العكس مواد التخبيث والتلويث. إذاً: هذا أين ينزله الله؟ في الملكوت الأعلى وهو خبيث؟ ما يجوز، كثيراً ما نقول: لو يدخل علينا الآن رجلاً ملطخاً بالدماء والقيوح والأبوال والقاذورات تسمحون له أن يجلس بينكم؟

    والله ما تسمحون، فدار السلام، ودار الأبرار كيف يدخلها بالنفس الخبيثة، والروح المنتنة العفنة؟ هيهات هيهات.. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ [النساء:14]، الجزاء، يُدْخِلْهُ [النساء:14]، ماذا؟ نَارًا خَالِدًا فِيهَا [النساء:14]، ما قال: خالدين فيها كأهل الجنة، لم؟ لأن أهل الجنة يخلدون فيها ما يستوحشون اللقاءات، الصباح والمساء دائماً، الصدور منشرحة والنعيم متوالي، هؤلاء خالدين فيها أو لا؟ جماعات، أما أصحاب النار يدخل أحدهم ما يرى أحداً مليون سنة، والله ما يعرف أباً ولا أماً ولا.. غربة ما له فيه أحد، كأنه وحده في ذلك العالم، آه! لو عرفنا هذا لبكينا طول ليلنا، وإن لم نبك على الأقل ما تسجل علينا في اليوم عشر خطايا، وعشرين سيئة، يجب أن نعرف فيما نطيع الله وفيما نطيع رسوله، أي: نعرف الواجبات ونعرف المحرمات، تلك هي حدود الله، وعدنا من حيث بدأنا، العلم، من لم يعلم لا يمكنه أن يزكي نفسه، وليس أبداً أهلاً لدار السلام، من يحلل هذه النظرية؟

    ولهذا قالوا: ما اتخذ الله ولياً جاهلاً إلا علمه، تريد أن تكون ولياً لله في صدق؟ تعلم كيف تطيع الله وفيما تطيعه، تعلم المعاصي التي يكرهها الله، اسأل أهل العلم وتعلم ليل نهاراً؛ حتى تعرف بم تعبد ربك، وكيف تعبده، فإذا أقبلت على تلك العبادة، أنت مقبل على تزكية نفسك وتطهيرها، وتشعر بذلك حقاً؛ لأنك تصبح لا تطمئن نفسك ولا ترضى إلا إذا كنت في الصالحات مغموراً وفي الخيرات، وإذا كنت في جو قاتم، في معاصي ما تطيقها ولا تطمئن إليها، واقرءوا: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [الفجر:27]، يجلس جلسة كهذه عام كامل ما يتألم، جلسة فيها شتم أو سب أو باطل ما يطيقها، نفسه ما تقدر، وهذا كله يتطلب منا أن نعلم ونعمل، وهذا طريق السعادة.

    وصلى الله على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767977199