أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس إن شاء الله كتاب الله، راجين أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
وها نحن مع سورة الأنعام، وإليكم تلاوة الآيات التي نتدارسها إن شاء الله بعد تلاوتها:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [الأنعام:20-24].
وهذا إخبار الله عز وجل: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ [الأنعام:20] أي: يعرفون محمداً رسول الله ونبي الله كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [الأنعام:20].
الجواب: قال الله تعالى: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:20]، وهنا معنيان: الأول: خسروا أنفسهم؛ لأنهم أخبثوها ولوثوها ودرنوها وعفنوها بأكل الحرام وغشيان الذنوب والآثام، وقد كان هذا صنيع علماء الكتاب، يسيطرون على الأمم ويستغلون جهلهم وضعفهم ويسودون عليهم ويؤثرون شهواتهم ودنياهم على آخرتهم، وأي خسران أعظم من هذا؟ لو لم يخسروا أنفسهم ويحافظوا عليها طاهرة نقية لكانوا سيفرحون بوجود النبي الخاتم والرسالة العالمية، لكن ظلمة النفس وخبث الروح، وهذا قد أصبح عندنا من الضروريات، فالذي يتوغل في الفساد ويكثر من الفساد ويعيش عليه دهراً لو تعرض عليه آيات كالشمس لا يستجيب، فهو محجوب؛ لأن نفسه خسرها.
والمعنى الثاني: أن هؤلاء لا يؤمنون لأن الله قضى وحكم بخلودهم في عذاب النار، وأنهم من أهلها، فلهذا لا يستطيعون أن يؤمنوا، لا أنهم يريدون أن يؤمنوا ويحال بينهم وبين الإيمان، لكن بما ران على قلوبهم لا يستطيعون الإيمان ولا يقبلونه، فيمضي حكم الله فيهم، فهم خسروا أنفسهم، قال تعالى فيهم: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الزمر:15].
هذا معنى الآية الأولى، وأعيدها: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [الأنعام:20]، قولوا: صدق الله العظيم، هذا خبر الله أم لا؟ يخبر تعالى بأن الذين هم من أهل الكتاب العلماء بالتوراة والإنجيل يعرفون نبوة محمد ورسالته وصدقه وشريعته كما يعرفون أبناءهم، وهل الرجل يجهل ولده؟ لا يجهل أبداً، وإن قلت: لماذا لم يؤمنوا؟ فالجواب: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:20] وإلى الآن الذين خسروا أنفسهم لا يتوبون والله، ولا يقرعون باب التوبة، ولا يطلبونها، ولا يسلكون سبيلها؛ لأمرين:
الأول: قضاء الله وقدره فيهم بأنهم أهل النار.
والثاني: الجرائم والموبقات والآثام التي أخبثت نفوسهم وقتلتها، ما أصبحت تقبل الحق والخير أبداً، ولو عرض عليها بأطنان الذهب لا تقبل، وهذا الذي ينبغي ألا ننساه، وهو: أن العبد إذا فجر، إذا فسق، إذا أذنب ثم واصل الذنب، واصل الفجور، واصل الشر؛ يأتي زمان يصبح فيه لا يقبل التوبة بحال من الأحوال، وذلك مثل المريض إذا انتشر فيه المرض واستولى على كل جسمه يقول الأطباء: إنه ميئوس منه، اتركوه في المستشفى ليموت، لا يقبل العلاج أبداً. وهو كذلك، فالعبد إذا فجر وواصل الفجور -وهو الخروج عن طاعة الله ورسوله- يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام فإنه يصل إلى حالة إذا قلت له فيها: اتق الله يضحك، إذا قلت: لم تشرب هذا الحرام يستهزئ بك ويرفع رأسه، ومثل هذا لا يتوب.
كيف عرفنا هذه الحقيقة؟ اسمع كلام الله: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ [الأنعام:20] أنه رسول الله حقاً وصدقاً كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [الأنعام:20]، ثم ما العلة في عدم إيمانهم؟ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:20] بالوجهين: الأول: أنه قضى الله وحكم عليهم بالخلود في عالم الشقاء بسبب ذنوبهم وآثامهم، فلا يتوبون، فلا بد أن يمضي حكم الله فيهم.
الوجه الثاني: أنهم أقبلوا على الدنيا وزخارفها وباطلها، وعاشوا على الظلم والخبث فاسودت نفوسهم وخبثت أرواحهم، فلا يقبلون التوبة ولا العودة إلى الله أبداً، فلهذا هم لا يؤمنون.
هل عرفنا الحكمة أم لا؟ يعرفون نبوة رسول الله وصدقه وصورته وصفاته كما يعرفون أبناءهم، ولكن لا يؤمنون، لماذا؟ لأنهم توغلوا في الشر والفساد، وهكذا عندنا مبطلون وجدوا في هذه الأمة ودجالون كذابون، يدعون الصلاح والولاية والعلم وهم ضلال، ومثلهم لن يتوب، وما تابوا أبداً حتى هلكوا؛ لأنهم تورطوا، هذا ما دل عليه قول ربنا جل ذكره: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:20]، فهذه الآية ذات فائدتين عظيمتين.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:21] أولاً، وثانياً: أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [الأنعام:21] أو كذب بآيات الله، وهي القرآنية في التوراة وفي الإنجيل وفي الزبور وفي كل كتب الله، وآيات الله في الكون، ومعجزات الرسل، وكلها آيات.
إذاً: يقول الله جل جلاله: وَمَنْ أَظْلَمُ [الأنعام:21] لا أحد أظلم مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [الأنعام:21]، أولاً: افترى على الله الكذب، ثانياً: كذب بالآيات، فالذين يختلقون الفتاوى الباطلة، ويحرمون ما أحل الله، أو يحلون ما حرم الله، كالذين يدعون أن هذا نتوسل به إلى الله، وهو شفيعنا عند الله، وينسبونه إلى الله والله منه بريء؛ هؤلاء يفترون على الله الكذب، كالذي يكذب بالآيات فيقول: لا أعترف بحلية هذا أو حرمته، أو أن هذا مما يحبه الله أو مما يكرهه الله، فهولاء ظلموا، ولا أظلم منهم قط.
ثانياً: احذر أن تحملك نفسك أو شهوتك أو هواك على أن تكذب بشرع الله، ولو في مسألة واحدة، فالنجاة النجاة، لا نقول على ربنا إلا الحق، وكل المشركين كذبوا على الله بعبادة تلك الأصنام على أنها تشفع لهم، وأنها وسيلتهم إليه، والذين اتخذوا قبور الأولياء في العالم الإسلامي معابد يعكفون فيها ويتمرغون في تربتها ويحلفون بأصحابها، ويقودون إليهم قطعان البقر والغنم كذبوا على الله، إذ نسبوا هذا إلى دينه، ودين الله منه براء، ما جاء في كتاب الله ولا قاله رسول الله، ولا قال به أصحابه ولا أئمة الإسلام، فوالله إنه افتراء على الله.
وَمَنْ أَظْلَمُ [الأنعام:21] لا أحد أظلم مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:21]، وما قال: (الكذب)، بل: كذباً، مطلق الكذب، أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [الأنعام:21] الدالة على نبوة رسوله، وهي المعجزات، أو الآيات القرآنية التنزيلية الحاملة للشريعة والآداب والأخلاق.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]، فلاح الآخرة الذي عناه الله هنا: أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، إي والله هذا هو الفلاح، واقرءوا قول الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، كيف تسمع هذا يا عبد الله أو يا أمة الله ولا ترددينه بين الناس؟ وخاصة الفحول، تسأل أحدهم: ما الفلاح فلا يدري، يظنه بيع الفول أو ربح التجارة، الفلاح أن تشق طريقك في عرصات القيامة فتبعد عن النار وتدخل الجنة، ذلك هو الفلاح، واقرءوا: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9] زكى من؟ جدته، أمه؟ زكى نفسه، وكيف يزكيها؟ ما هي مادة التزكية؟ إنها الإيمان والعمل الصالح، والله لا مادة أخرى، الإيمان الذي إن عرضته على القرآن صدق عليه، وقال: أنت مؤمن، والعمل الصالح من العبادات على شرط أن تؤديها لوجه الله، وأن تؤديها كما بينها رسول الله بلا زيادة ولا نقصان.
يقول الحبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: حين يشاهد المشركون والكافرون تجاوز الله عن المذنبين ومغفرته لهم، ورحمته بأهل الإيمان يقولون: هيا نقول لربنا: ما كنا مشركين، فيغفر لنا كما غفر للموحدين. فيأتون ويقولون: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23].
وإن قلت: هناك مواطن لا يستطيعون فيها الكلام، قلنا: نعم، فهذه مدة خمسين ألف سنة، قد يقولون هنا شيئاً ويقولون بعد ألف سنة شيئاً آخر، فلهذا في عرصات القيامة مواقف، فهناك مواقف لا يستطيعون أن يقولوا فيها هذا الكلام، وإذا أرادوا أن يكذبوا يقول الله لجوارحهم: انطقي. فتنطق الجوارح ويسكت اللسان.
وعندنا نحن لما هبطنا من علياء السماء تقول للرجل: احلف بالله، فيقول: احلف بسيدي عبد القادر .
وذكرت قصة وقعت: وهي أن القاضي في القرية إذا جاءه الخصمان تكون البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فيقول للمدعي: بينتك، يقول: ما عندي، فيقول: إذاً يحلف لك، فيقول: يا سيدي القاضي! حلفه بسيدي عبد الرحمن أو بسيدي حمزة . فيأخذهم العسكري إلى الولي ويحلف له، أما في المحكمة فيحلف لك بالله ألف مرة: والله ما ضربتها، والله ما قلت. وهذا واقع بلا جدل.
إذاً: فأهل النار المشركون يحلفون بالله، فلم لا نتعلم منهم؟ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23]، فقولوا: والله يا ربنا ما كنا مشركين لنخبر ربنا.
ما معنى (مشركين)؟ أي: ننظر إلى الله وننظر إلى غيره معه، ندعو الله وندعو غيره معه، نستغيث بالله ونستغيث بغيره، نذبح لله شاه ونذبح لغيره مثلها، هذا معنى الشرك.
الأولى: أنه قضى الله عز وجل بخسرانهم الأبدي، فلهذا لا يعرفون إلا الكذب، ولا يقولون الحق، والثانية: أنه خبث نفوسهم ودرنها وعفنها، من جراء الكسب الباطل كالزنا، الربا، الكذب، قتل النفس، السرقة، الغيبة، النميمة، ما من ذنب إلا انغمسوا فيه، ولا يغتسلون ولا يتطيبون ولا يتطهرون، وتمضي عليهم سنوات، فهل ترجو منهم أن يعرفوا الحق أو ينطقوا به؟ مستحيل، وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [الأنعام:24].
الذين آتيناهم الكتاب يعرفون الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم، يعرفون أنه رسول الله وخاتم أنبياء الله، جاءت صفاته في التوراة، في الإنجيل، ومنها: أن جبال فاران يخرج منها النبي الخاتم، أي: جبال مكة.
وقوله: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:12]، والآن لو أخذت في نصح عبد ووعظه وإرشاده وهو يتعنت اتركه، لأنه هلك، ما يستطيع أن يرجع؛ لأنه توغل في الشر والخبث والفساد، أما إذا كانت زلته قريبة فبمجرد ما تعظه يبكي، فالذين خسروا أنفسهم لا يتوبون ولا يرجعون ولا يؤمنون.
الآية الثانية: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:21]، هل هناك أحد أكثر ظلماً ممن يكذب على الله، يقول: قال الله واللهُ ما قال، أو حرم الله واللهُ ما حرم، أو وهب الله واللهُ ما وهب، أو شرع الله كذا واللهُ ما شرع؟ إذ لو فتح هذا الباب لما بقي دين في الأرض، كل واحد يأتي بدين جديد من عنده، لكن ليس لنا أن نقول إلا ما قال الله. ثم كان التعليل: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21].
الآية الثالثة: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام:22]، تزعمون أنهم شركاء، شفعاء، أولياء، أين هم؟ وهذا الاستفهام توبيخ وتقريع.
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ [الأنعام:23] واختبارهم في هذا الموقف إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23]، لماذا قالوا هذا؟ ماذا قال ابن عباس ؟ قال: لما رأوا أن الله غفر للمذنبين من أهل الإيمان والتوحيد وأدخلهم الجنة؛ عرفوا أن محنتهم في الشرك، هي سبب حرمانهم من الجنة، فقالوا: هيا نحلف لله أننا ما كنا مشركين لعله يصدقنا، فقالوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23]، قال تعالى: انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ [الأنعام:24] ما كذبوا على الله، بل كذبوا على أنفسهم، فالله عليم بهم، وهو خالقهم، كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [الأنعام:24]، إذا غرغرت وحشرجت النفس ضاع وضل كل شيء، لا مال ولا رجال ولا أطباء ولا طب ولا دواء، هذا عند الموت، وفي الموقف الآخر هل يبقى شيء؟ يغيب عنا كل شيء، إلا من كان له عمل صالح فإنه إلى جنبه يشفع له عند الله.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر