إسلام ويب

تفسير سورة الأنعام (48)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الوصايا التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغها للعباد أن حرم عليهم قتل النفس بغير حق، إلا أن يأتي بما يستحق القتل كالزنى بعد الإحصان، والقتل، والردة عن دين الله، كما أبلغهم حرمة أكل مال اليتيم، فمن كان وصياً على مال يتيم فليس له أن يأكله، إلا أن يكون ذلك بالمعروف، مع الحرص على مال اليتيم، وأبلغهم بأنه يلزمهم إيفاء الكيل والوزن، والوفاء بالعهود، والعدل في القول، واتباع صراط الله المستقيم واجتناب السبل المنحرفة.

    1.   

    مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة الأنعام

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس بإذن الله كتاب الله؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) .

    وها نحن في آخر سورة الأنعام ومع الوصايا العشر، فلنستمع إلى تلاوة الآيات الثلاث التي تحمل عشر وصايا من أجل الوصايا وأعظمها، نسمعها مرتلة مجودة من أحد الأبناء ثم نأخذ في شرحها وبيانها إن شاء الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:151-153].

    مكانة الوصايا العشر وتنزيلها في التوراة

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الوصايا العشر التي قال فيها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: ( من سره أن ينظر إلى وصية رسول الله التي عليها خاتمه فليقرأ الآيات الثلاث من آخر سورة الأنعام ) كما سمعتم.

    ذكرت لكم أن هذه الوصايا العشر هي في أول التوراة، وعبث بها اليهود وخرجوا عن دائرتها بالمرة فأشركوا وخانوا ونكثوا العهد، والآن أحد المستمعين الكرام قال: بعيني رأيت اليهود يعلقونها في صدورهم في قطعة من حديد، الوصايا العشر يعلقونها في صدورهم تبركاً بها كما نعلق نحن آية الكرسي في أعناقنا.

    سبحان الله العظيم! كثيرون منا يعلقون آيات ولا يعملون بها، فكذلك بنو عمنا عليهم لعائن الله أعرضوا عن تمثيلها بالمرة، وفي نفس الوقت يتبركون بها ويعلقونها في صدورهم، لا إله إلا الله! البشرية هي البشرية، إذا خرج الإنسان عن سبيل الله تخبط في كل ميدان.

    وقد ذكرت لكم أنه ينبغي أن نحفظ هذه الوصايا العشر أولاً، لو نحفظ الآيات كما هي فعلى الأقل نحفظ الوصايا وصية وصية، عشر وصايا من أعظم الوصايا، والذي يهملها يهلك، ومن وفق لمعرفتها وتطبيقها نجا وفاز وسعد.

    الوصية باجتناب الشرك

    أول وصية: ألا نشرك بالله شيئاً لا في ربوبيته بأن نعتقد أن فلاناً يفعل ويفعل ويخلق ويوجد، ولا في ألوهيته بأن نعبد معه غيره ولو بالحلف به، فضلاً عن الانحناء والركوع له، فضلاً عن الذبح والنذر له، فلا إله إلا الله، لا نشرك بعبادة ربنا أحداً من الشركاء، إذ هذه أول وصية، إذ قال تعالى: قُلْ تَعَالَوْا [الأنعام:151] ناد أولئك العادلين بربهم الذين يحللون ويحرمون ويشرعون بأهوائهم وتزيين الشياطين لهم فقل: تعالوا أقرأ عليكم ما حرم ربكم عليكم لا ما حرمتموه أنتم على أنفسكم.

    يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العادلين به: تعالوا أتل -أقرأ- ما حرم ربكم عليكم وعلى غيركم، وكما قلت: الجار والمجرور هنا تأخر لتعطف عليه ما شئت، لو قال: (ما حرم عليكم ربكم) لكان خاصاً بهم، لكن قوله: (ما حرم ربكم عليكم) أي: وعلى غيركم. ما من كائن ما من مخلوق إلا وحرم عليه هذه التي ذكر تعالى.

    أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [الأنعام:151] وهي معنى لا إله إلا الله قولاً واعتقاداً وعملاً، لا نعرف من نلتفت إليه بقلوبنا أبداً إلا الله، هو المعطي هو المانع الضار النافع المحيي المميت، بيده كل شيء وإليه مرجع كل شيء، إذاً: فقلوبنا معه لا نرى غير الله عز وجل.

    الوصية بالإحسان إلى الوالدين

    ثانياً: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام:151] أي: وأتلو عليكم ما أوجب ربكم عليكم وهو الإحسان بالوالدين، والمراد من الوالدين الأب والأم والجدة والجد وهكذا ما علو وهبطوا، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام:151]، وأن تحسنوا بالوالدين إحساناً، تحسنوا بهم بمعنى: تلصقوا الإحسان بهم.

    إذا قال والدك: ناولني القهوة فلا تضع القهوة بين يديه، ضعها في يده، وإن شئت أن تجعلها في فمه فتلصق به الإحسان إلصاقاً، إن كان في حاجة إلى كسوة فما ترمي بالثوب بل ألبسه الثوب، أو كان في حاجة إلى نعل فتأتي بالنعل وتلبسه في رجليه حتى تؤدي معنى وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام:151]، نلصق الإحسان بهم.

    وقدمنا بيان كثير من هذه المسائل في الدرس الماضي، منها: إذا كنت طويلاً فتطامن وتقاصر حتى لا تظهر طويلاً أمام أبيك، وإلا فما معنى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]، وحق الوالدين بعد حق الرحمن الرحيم؛ لأن الله الخالق الرازق، ولأن الوالدين كانا سبب وجودك وعلة وجودك، لولا أبوك وأمك ما كنت.

    أضف إلى ذلك الأتعاب التي تحملاها، وقد قلت لكم: لو أن أحدنا يلزم بأن يحمل هذا الكتاب في بطنه سبع ليال فقط مربوطاً فيه ما يطيق، فكيف بالجنين لتسعة أشهر؟!

    ثم الإرضاع، فالدم يتحول إلى لبن أبيض، وعواطف الأبوين لا تقدر أبداً بقدرها، فمن لم يحسن إلى والديه كان كالذي أشرك بربه أو قريباً منه.

    الوصية باجتناب قتل الأولاد للفقر

    الوصية الثالثة: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ [الأنعام:151]، والإملاق شدة الفقر، لا يحملك الفقر على أن تقتل طفلك ذكراً كان أو أنثى؛ إذ كان المشركون إذا خافوا المجاعة للقحط الذي تجلى وظهر لهم يقتلون أولادهم، وقدمنا أن هناك من أشاع في بلاده أن على المواطنين ألا يزيدوا على ثلاثة أطفال خشية الجوع، وهذا كقتل الولد ولا فرق بين ذلك.

    فالذين يحددون النسل ويصدرون قرارات بألا يزيد النسل على كذا، هؤلاء اعتدوا على منصب الرب تعالى، بل كفروا بالله وجحدوه وما عرفوه، والذين يجهضون ويسقطون الأجنة كالذين يدفنونهم وهم أحياء، كالمشركين قبل نزول هذه الآيات.

    ولا يحل استعمال الحبوب ولا إسقاط جنين إلا للمرض الخطير الذي يقرر الأطباء أن هذا المرض يؤدي إلى هلاك الأم، في هذه الحال تنقذ الأم لأنها تعبد الله.

    وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151]، ما أنتم الذين ترزقونهم حتى تقتلوهم، أنتم تحتاجون إلى الله في رزقكم، لولانا ما رزقتم، نحن نرزقكم وإياهم، تقريراً لحرمة قتل الأولاد.

    الوصية باجتناب ما ظهر من الفواحش وما بطن

    رابعاً: وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام:151]، قلنا: الفواحش جمع فاحشة، والفاحشة:الفعلة الذميمة القبيحة إذا اشتد قبحها يقولون: هي فاحشة، وهناك فواحش من القول، الكلمة إذا قبحت فما يطيق أن يسمعها السامع فاحشة، ويتناول اللفظ أولاً فاحشة الزنا واللواط، وفي الدرجة الثانية البخل، فالذي يمنع الخير وهو بين يديه ويبخل به بخله فاحشة سماها الله تعالى في كتابه الفاحشة.

    ثم كل قول كل عمل يقبح ويشتد قبحه يسمى فاحشة، لو يقوم الآن أحدنا ويصرخ ويلعن الحاضرين مثلاً ففعله فاحشة، فكل ما قبح واشتد قبحه يجب ألا يأتيه المؤمن ولا المؤمنة، وصية الله عز وجل، فلا تسمع من أخيك ولا تشاهد منه فاحشة أبداً طول حياته.

    وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام:151] وقد ذكرت لكم أنهم في الجاهلية كانوا لا يزنون علناً، ولكن يتخذ الرجل خليلة في السر وهو ما يسمى بالفاحشة في الخفاء، ما هي ظاهرة، والزنا حرام سواء كان علنياً أو كان خفياً، وهكذا كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

    1.   

    تابع تفسير قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً...)

    الوصية الخامسة: النهي عن قتل النفس المحرمة بغير الحق

    خامساً: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الأنعام:151]، هذه الوصية الخامسة يوصينا ربنا جل جلاله ألا نقتل نفساً بشرية إلا بحق، والحق الذي يستوجب القتل ثلاثة:

    أولاً: الثيب الزاني، الثيب الذي عقد له النكاح وبنى ودخل على امرأته ثم طلقها أو ماتت أو ما زالت عنده، هذا هو الثيب ضد البكر، هذا إذا زنا يحل قتله.

    ثانياً: النفس بالنفس، الذي يقتل نفساً ظلماً وعدواناً يقتل بها.

    ثالثاً: المرتد عن دين الله، ومن أعظم مساخط الله أن يرتد المسلم عن دين الله، ويدخل في هذا مفارقته للجماعة إذ قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .

    فالذي يخرج على إمام المسلمين ويعلن عليه الحرب هذا هو الباغي وهذا الذي يجوز قتله وقتاله، والبغي معروف في آية سورة الحجرات؛ إذ قال تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9].

    هذا معنى قوله: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الأنعام:151] حرم قتلها إلا بموجب القتل وهو واحدة من ثلاث.

    معنى قوله تعالى: (ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون)

    ذَلِكُمْ [الأنعام:151] المذكور لكم من قوله: أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [الأنعام:151] إلى قوله: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ [الأنعام:151] هذه خمس وصايا، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ [الأنعام:151] من وصانا به؟

    الله تعالى خالقنا وخالق الكون رب العالمين منزل الكتاب مرسل الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي لولاه ما وجدنا وإن وجدنا ما سمعنا ولا أبصرنا ولا عقلنا ولا فهمنا، الله خالق كل شيء ذو العرش والجلال والكمال، هو الذي وصانا، أتجوز خيانة وصيته أو العبث بها؟ من خانها هلك ومن عبث بها مسخ -والعياذ بالله- كما مسخت اليهود.

    ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام:151] أي: ليعدكم لأن تصبحوا عقلاء.

    وهنا لطيفة خذها: فالذي يعبد حجراً والذي يعبد مخلوقاً من المخلوقات أسألكم بالله: هل عنده عقل؟ يقف أمام قبر ويناديه ويستغيث به، أهذا عاقل؟ مات منذ كذا سنة وتناديه وتطلب منه؟ أين يذهب بعقلك؟!

    فالذين يعبدون غير الله بالدعاء بالاستغاثة بالخوف بالرهبة بالطمع فيهم والله ما هم بعقلاء، العقل طاقة تعقلك أن تقع فيما هو باطل وشر وفساد.

    ثانياً: الذي يعق والديه ويسبهما ويشتمهما، بل يضرب ويركل، هل هو عاقل؟ لا عقل له أبداً.

    ثالثاً: الذي يقتل طفله كما فعل عمر ، وكان رضي الله تعالى عنه يذكر ذلك ويبكي، هي تمسح التراب من لحيته وهو يدفنها حية! فالذي يقتل طفلاً يدفنه أو يخنقه أو يطعنه هل عنده عقل؟ والله ما له عقل.

    رابعاً: الفواحش الذي يقع فيها ويظهرها، أو يأتيها مرة في الخفاء ومرة في العلن هل له عقل؟ أين عقله؟ مسخ فلا عقل له، لو يخرج الآن أحدكم كاشفاً عن عورته ويبحث بين الناس فهل سيقولون: هذا عاقل؟ كشف العورة فاحشة، هذه عورة كيف يكشفها؟ إذاً: لا عقل له.

    وأخيراً: الذي يقتل نفساً تعبد الله عز وجل خلقها لتذكر وتشكر، فيقضي عليها ويقطع تلك العبادة التي من أجلها خلقت، هل هذا له عقل؟ لا عقل له، فلهذا كان الذين يطبقون هذه الوصايا الخمس هم العقلاء، الذي يعزم على تطبيقها بالفعل ويمتثل أمر الله والله ليصبحن من أعقل الناس؛ لأن (لعل) هنا الإعدادية؛ أي: ليعدكم لأن تكونوا عقلاء. هذه الآية الأولى فيها خمس وصايا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده...)

    الوصية السادسة: النهي عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن

    الآية الثانية: قال وقوله الحق: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152] ولا تقربوا أيها الفحول مال اليتيم بأي صلة بأي قرب، وقربك من مال اليتيم لتأخذه، ولا يصح الأخذ من مال اليتيم ولو حبة عنب.

    فقد والده فقد وليه فقد عائله فقد من يرحمه وعنده مال، فيجب أن يحفظ هذا المال حتى يكبر هذا الولد ويبلغ أشده ويصبح عاقلاً ويتسلم مال والده ويتصرف فيه، فلا يحل أخذ مال اليتيم: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ [الأنعام:152] اللهم! إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152] كأن تنميه له كأن تحفظه له كأن تبعد عنه ما تخاف منه، يقربه بالحال التي هي أحسن، تعود بالحسن على المال لينمو وليحفظ وما إلى ذلك، أما أن يقربه ليأكله وليتصرف فيه من أجل مصلحته فهذا حرام من أشد المحرمات؛ لهذه الآية ولآيات كثيرة في القرآن الكريم.

    وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152] ما هي الحال التي هي أحسن؟ تقربه لتحفظه كذا أو لتنميه في زراعة وصناعة، لتذهب عنه فساداً، تقربه بالتي هي أحسن للمال ذلك، بالحال التي هي أحسن له تتولى رعايته وولايته، هذه حال حسنة.

    إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152] الأشد هو البلوغ مع الرشد، إذا بلغ الولد وهو سفيه لا يعطى المال، حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152]، الأشد هو البلوغ مع الرشد، والرشد ضد السفه: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6].

    أيها الوصي على مال اليتيم! إذا كنت فقيراً فخذ قدر ما تحتاج لأنك ترعاه إن كان غنماً وتحافظ عليه إذا كان تجارة، فخذ ما تحتاج إليه منه، وإن كنت غنياً فاشتغل ليلاً ونهاراً في مال اليتيم ولا تأخذ قرشاً واحداً.

    إذاً: وَلا تَقْرَبُوا [الأنعام:152] أيها المؤمنون وأيتها المؤمنات مال اليتامى، جمع يتيم أو يتيمة، واليتيم من فقد أباه لا من فقد أمه، في الحيوانات من فقد أمه هو اليتيم، وبنو آدم من فقد أباه هو اليتيم، الجدي إذا ماتت أمه أصبح يتيماً وإن كان هناك ألف تيس معه ما تنفعه.

    إذاً: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152] أي: إلى أن يبلغ أشده، فإذا مات أبوه عشر سنين بقي خمس سنوات، فلهذا قال: حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152]، أي: إلى أن يبلغ أشده، البلوغ مع الرشد، وإذا ما بلغ وإن كان ناشطاً وحكيماً فلا يعطى المال قبل أن يبلغ، وإن بلغ وهو سفيه فجربه: أعطه عشرة ريالات وقل اشتر لنا كذا وانظر كيف يتصرف، إذا وجدته حكيماً فلا بأس، لا بد من الامتحان.

    على الأوصياء والأولياء أن يمتحنوا أولادهم اليتامى إذا بلغوا السن حتى إذا آنسوا منهم رشداً دفعوا إليهم أموالهم، هذه رحمة الله، هذه فضائل الإسلام وكمالاته! ومع الأسف مشينا مع درب بني عمنا في الغالب.

    الوصية السابعة: الأمر بإيفاء الكيل والوزن

    سابع الوصايا: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ [الأنعام:152].

    أوفوا: وفوا لا تنقصوا لا تبخسوا، أوفوا الكيل إذا كلتم والميزان إذا وزنتم، (بالقسط) ألا وهو العدل، إذا كلت يا عبد الله أو وزنت أيها التاجر فزن وكِل بالعدل.

    وهنا لطيفة كررناها سنين: لما رزقنا الله الهجرة إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان سكانها قليلين ما عندنا كهرباء ولا ماء، وكنا أحسن حالاً من الآن بمليون مرة في صبرنا وصلاتنا، فكنت آتي أشتري من الدكان شيئاً، فيضع البضاعة من سكر ونحوه وترجح كفة الميزان، فأقول له: سقط الميزان، فيقول لي: اسكت؛ الله أمرنا بهذا! فتعجبت من هذا كيف يكيل! وقرأنا التفسير وانتهينا إلى سورة: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1]، فأخبر أحد الأنصار قال: كنا أسوأ الناس كيلاً ووزناً في المدينة، حتى نزل فينا: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ [المطففين:1-3] أو كالوا لهم أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:3-6]، قال: ما إن نزلت فينا حتى أصبحنا أحسن الناس كيلاً ووزناً. إي والله العظيم، ووجدنا هذا الأثر بعد ألف وثلاثمائة وسبعين سنة، والآن العمال في الدكاكين يزنون كوزن الذهب! فهذه الوصية طبقها أنصار محمد في مدينة الرسول بعد ألف وثلاثمائة وسبعين سنة.

    وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ [الأنعام:152]، والقسط ما هو؟ العدل.

    معنى قوله تعالى: (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها)

    ثم قال تعالى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأنعام:152]، ما هذه الجملة التي عقب بها؟

    أنت اجتهد في العدل إذا كلت أو وزنت، ولا تكلف نفسك ما لا تطيق، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أنت ابذل ما استطعت في أن تتحرى الكمية التي تزنها أو تكيلها، وإذا كان شيء فوق طاقتك فلا تخف، لا تقل: لعلي ما وفيت. لا يكلف الله نفساً إلا طاقتها وقدرتها، أنت ابذل ما استطعت في الكيل والوزن وإذا حصل شيء آخر وأنت ما تريده فلا تخف؛ فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، هذا التعقيب يفهمه أولئك العباد الزهاد الأتقياء البررة الذين يخاف أحدهم يقول: آه! لعلي ما وفيت لما كلت لفلان، فيبقى في هم، فرفع الله عنهم هذا الهم وهذا الكرب بقوله: لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأنعام:152]، لا نُكَلِّفُ نَفْسًا [الأنعام:152] أي: الله عز وجل إِلَّا وُسْعَهَا [الأنعام:152] أي: ما تتسع له طاقتها وقدرتها. هذه الوصية السابعة.

    الوصية الثامنة: الأمر بالعدل في القول

    الثامنة: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [الأنعام:152].

    إذا قلتم سواء شاهدين أو حاكمين أو مخبرين، إذا قلت يا عبد الله فاعدل في قولك، لا تمل ولا تنحرف ولا تبدل، فلهذا ترى أهل هذه الوصايا لا يقولون كذباً أبداً، ولا يشهدون زوراً أبداً، ولا يحكمون بغير الحق أبداً، إذا قالوا عدلوا في قولهم، حتى فيما بينهم، سلم عليك فلان ترد: وعليكم السلام ورحمة الله، سلم الثاني ترد: وعليكم السلام ورحمة الله، ما تزيد هذا فوق هذا، اعدل دائماً في عطائك.. في قولك.. في كلامك.. في قضائك.. في شهادتك، الزم العدل.

    وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152]، أي: ولو كان الذي تقول فيه ذا قرابة، لا تقل: هذا أبي أقول معه كلمة يتحقق بها حقه، أو هذا ولدي أستر عنه كذا، لا بد إذا قلت يا عبد الله أن تعدل ولو كان الذي تقول فيه ذا قرابة منك ولك كالأب والابن، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم، ولو كان الذي تقول وتتكلم فيه ذا قرابة يجب أن تعدل في قولك، فهمتم معنى: وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152]؟ فلا يشهد لأخيه بالباطل، يقول: أخي كيف أتركه؟ أو يشهد لأبيه أو لأحد من قبيلته، كما حدثني أحد القضاة قال: شهد ثلاثون رجلاً لواحد من قبيلتهم وهو ظالم وكاذب!

    إذاً: هذه الوصية الثامنة: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [الأنعام:152] في ماذا؟ في قولكم، والقول كيف نعدل فيه؟ لا نحيف ولا نكذب ولا نزيد ولا ننقص ولا نبدل ولا نغير، سواء كانت شهادة أو كانت حكماً أو كانت إخباراً وإعلاماً بشيء، لا بد من العدل.

    الوصية التاسعة: الأمر بالوفاء بالعهد

    وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا [الأنعام:152].

    هذه الوصية التاسعة: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا [الأنعام:152]، الوفاء معروف ضد الخيانة والنقض، وأول عهد بيننا وبين الله (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وإذا عاهدت بالله ووعدت وجب الوفاء، إن عاهدت أخاك أو واعدته يجب الوفاء، سواء كان ذلك في صالحك أو فيما يضرك، الوفاء ضروري: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا [الأنعام:152]، عهد الله الذي بيننا وبينه: ألا نعبد غيره أبداً، أليس هذا أعظم عهد؟ ثم بعد ذلك عاهدنا على السياسة فيجب الوفاء، عاهدت على حقن دماء فيجب الوفاء، عاهدنا ألا نخون فكذلك.. وهكذا كل العهود، حتى ما بيننا وبين الكافرين يجب الوفاء به، فهذه وصايا هذه، وتعرفون حديث: ( آية المنافق ثلاث )، و( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، منها: وإذا عاهد غدر )، الوفاء بالعهد والوعد على حد سواء وصية الله لعباده المؤمنين.

    وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأنعام:152]. الأصل: تتذكرون، أي: تتذكرون فلا تنسون فتتعظون، وصانا بهذا ليكون هذا واعظاً لنا حتى نستقيم ولا ننحرف، ونسلك سبيل الرشد ونحن آمنون مطمئنون، وصانا بهذا الله عز وجل، وصيته لا تنسى، وكيف تنسى وصية من هو معك لا تستطيع أن تفتح فاك إلا وهو الذي أقدرك على ذلك؟ لو كانت وصية شخص مات وغاب قد تنسى، لكن وصية من معك أينما كنت، فلهذا وصيته يتعظ بها العقلاء وينتفعون بها لعلهم يتذكرون.

    الوصية العاشرة: الأمر باتباع صراط الله تعالى واجتناب السبل المنحرفة

    وأخيراً: الوصية العاشرة: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153].

    أي: هذا الدين الحامل لهذه الأنظمة والقوانين، هذا الصراط المستقيم دين الله الإسلام فاتبعوه، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153].

    ما المراد من الصراط هنا؟ الإسلام الذي هو عقائد وعبادات وآداب وأخلاق وأحكام، والله عز وجل علمنا أن نحمده ونثني عليه ونمجده نتملقه ثم نسأله الهداية: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:2-5]، من أجل ماذا؟ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] ألا وهو الإسلام.

    والرسول صلى الله عليه وسلم خط لذلك خطوطاً، خط عن يمينه خطوطاً وعن شماله خطوطاً وقال: هذا هو الإسلام، وهذه الخطوط كل طريق عليه شيطان يدعو إليه، فلهذا لا قادرية ولا تجانية ولا رحمانية ولا عيساوية ولا مذهبية ولا طائفية ولا قبلية، مسلم وصراط الله هو هذا، فلقد تفرقنا وفرقنا العدو فهبطنا وتمزقنا وأصبحنا كغيرنا والعياذ بالله.

    وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا [الأنعام:153] ألا وهو دين الله، فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ [الأنعام:153] الوصية العاشرة، والسبل جمع سبيل، وهو الطريق، هذا يدعو إلى الزنا.. هذا يدعو إلى الربا.. هذا إلى الخيانة.. هذا إلى الكذب.. هذا إلى الفحش.. هذا إلى كذا، هذا يدعو إلى بدع.. هذا إلى شركيات.. إلى ضلالات.. كل طريق عليها شيطان يدعو إليها، فاستمسكوا بحبل الله واعتصموا.

    وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153] الأوحد ألا وهو الإسلام طرفه هنا والطرف الآخر عند باب الجنة، ذلكم المذكور كله وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153] سخط الله وعذابه، خزي الدنيا وخسارتها، نتقي بهذه الاستقامة كل شر.. كل أذى، كل بلاء يتقى بالاستقامة على هذا المنهج، من استقام على دين الله فلا خوف عليه ولا حزن، ومن لم يستقيم مال وانحرف يمشي مرة ويسقط أخرى فهو يتخبط في حيرته، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153].

    مرة ثانية أعيد تلاوة الآيات ذوات الوصايا العشر: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:151-153]، نتقي ماذا؟ ذل الدنيا وحقارتها، عذاب الآخرة وحرمانها، والحمد لله.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: ولهذه الآيات الثلاث هدايات، فهيا ننظر كيف استنبطناها من هذه الآيات.

    قال: [ من هداية الآيات:

    أولاً: هذه الوصايا العشر عليها مدار الإسلام وسعادة الإنسان في الدارين، كان عبد الله بن مسعود يقول فيها: (من سره أن ينظر إلى وصية رسول الله التي عليها خاتمه فليقرأ الآيات الثلاث من آخر سورة الأنعام).

    ثانياً: حرمة الشرك، وعقوق الوالدين، وقتل الأولاد، والزنا، واللواط، وكل قبيح من قول أو عمل أو اعتقاد، وقتل النفس إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وبخس الكيل والوزن، وقول الزور، وشهادة الزور، ونكث العهد، وخلف الوعد، والردة عن الإسلام، واتباع المذاهب الباطلة والطرق الضالة.

    ثالثاً: كمال العقل باجتناب المحرمات الخمس الأولى.

    رابعاً: الحصول على ملكة المراقبة باجتناب المحرمات الأربع الثانية ]؛ إذ قال تعالى: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأنعام:152] أي: تتعظون.

    [ خامساً: النجاة من النار والخزي والعار في الدارين بالتزام الإسلام حتى الموت، والبراءة من غيره من سائر المذاهب والملل والطرق ].

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767953320