إسلام ويب

تفسير سورة البقرة (87)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يبين الله عز وجل في هذه الآية حكم أكل أموال المسلمين بالباطل، وأنه يحرم على المسلم أن يأكل لحم أخيه بغير طيب نفس منه، ثم ذكر نوعاً من شر أنواع أكل المال بالباطل، وهو دفع الرشوة إلى القضاة والحكام ليحكموا لهم بغير الحق، فيورطوا القضاة في الحكم بغير الحق ليأكلوا أموال إخوانهم بشهادة الزور واليمين الغموس الفاجرة، وهذا الحكم من الله يدخل فيه مال المسلم ومال غير المسلم على حد سواء.

    1.   

    قراءة في تفسير قوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ...) من كتاب أيسر التفاسير

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- ندرس كتاب الله؛ رجاء أن يتحقق لنا ذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). اللهم حقق لنا ذلك يا ولي المؤمنين.

    كنا قد أخذنا في الدرس السابق قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة:187]، هذه الآية شرحناها وفهمنا مراد الله تعالى منها، وبقي أن نذكر هداية هذه الآية الكريمة.

    هداية الآية

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ هداية الآية: من هداية الآية: أولاً: إباحة الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ]، من أين أخذنا هذا؟ من قوله تعالى: (( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ))[البقرة:187] الآية. [ ثانياً: بيان ظرف الصيام ]، بيان وقت الصيام، [ وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس ]، من أين أخذنا هذه الهداية؟ من قوله تعالى: (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ))[البقرة:187]، فالفجر إذاً فجران: صادق وكاذب. [ ثالثاً: بيان ما يمسك عنه الصائم، وهو الأكل الشرب والجماع ]، من أين أخذ هذا الحكم أو هذه الهداية؟ من قوله تعالى: (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ))[البقرة:187] الآية. [ رابعاً: مشروعية الاعتكاف وخاصة في رمضان، وأن المعتكف لا يحل له مخالطة امرأته وهو معتكف، حتى تنتهي مدة اعتكافه التي عزم أن يعتكفها ]، من أين أخذنا ذلك من الآية؟ من قوله تعالى: (( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ))[البقرة:187]، وقد عرفنا أن من باشر امرأته وهو معتكف فسد اعتكافه، ووجب قضاؤه بعد رمضان، وعرفنا أن الاعتكاف لا يقل عن أربع وعشرين ساعة، عن يوم وليلة، ولا يكون اعتكافاً شرعياً إلا إذا كان صاحبه صائماً، لا اعتكاف بدون صيام، أقله يوم وليلة، وأفضل ما يكون الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان. [ خامساً: استعمال الكناية بدل التصريح فيما يستحى من ذكره ]، حيث قال تعالى: (( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ ))[البقرة:187]، فكنى عن الجماع بالمباشرة من باب تربيتنا لنعيش على الآداب وحسن الأخلاق، ما قال: ولا تجامعوهن. [ سادساً: حرمة انتهاك حرمات الشرع وتعدي حدوده ]، من قوله تعالى: (( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا ))[البقرة:187]. [ سابعاً: بيان الغاية من إنزال الشرائع ووضع الحدود وهي تقوى الله عز وجل ]، إذ قال تعالى: (( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ))[البقرة:187]. [ ثامناً: ثبت بالسنة سنة السحور، واستحباب تأخيره ما لم يخش طلوع الفجر، واستحباب تعجيل الفطر ]، لحديث: ( فصل ما بين صومنا وصوم أهل الكتاب أكلة السحر )، ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ).

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ...)

    ولننتقل للآية الآتية من هذه السورة المباركة.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188].

    هذا النهي الإلهي، والذي نهانا هو ربنا العليم الحكيم، فقال: وَلا تَأْكُلُوا [البقرة:188] و(لا) ناهية، ويطلق الأكل للمال على كل استعمالاته، سواء للباس، للسكن، للركوب، للشراء، الكل يطلق عليه لفظ: أكل المال؛ لأن الغالب أن الأموال تستعمل فيما يأكله الآدمي.

    وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ [البقرة:188] هل هي أموالنا؟ أي نعم، فالله هو واهبها لنا، ونحن كفرد واحد، أمة واحدة، لا فرق بين البعيد والقريب ولا الشريف والوضيع، ولا العربي ولا العجمي، نحن مثل أمة واحدة.

    وَلا تَأْكُلُوا [البقرة:188]أيها المؤمنون أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] والباطل خلاف الحق، وفي هذا يدخل المال الذي يؤخذ من طريق الاغتصاب، إذ الاغتصاب باطل، والذي يؤخذ من طريق الخداع والغش فهو باطل، والذي يؤخذ من طريق شهادة الزور فهو أخذ باطل، الباطل ما كان بغير مقابل، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه، وكل ما أخذ بغير طيب النفس فهو حرام، وهو مأخوذ بالباطل، وقد حرم الله علينا أن نأخذ أموالنا بالباطل، وقد يأخذ المرء مال أخيه مع طيب نفسه؛ وذلك كالذي يقامر ويأخذ مال أخيه بالقمار ونفسه طيبة، لكن كونه راضياً ولا ينكر هل هو راضٍ حقيقة عن أخذ ماله؟ والله! ما هو براضٍ، إذاً: فيبقى اللفظ على عمومه، لا يحل لمؤمن أن يأكل مال مؤمن بغير حق، بأن يأكله بالباطل، وأموال أهل الذمة كأموال المسلمين، لا يحل لمؤمن أن يأخذ مال كتابي كيهودي أو نصراني بغير حق، لا فرق بين هذا وذاك، وكلمة (بينكم) تشمل الأمة كلها على اختلافها.

    معنى قوله تعالى: (وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)

    وقوله: وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ [البقرة:188] هذا يندد بالرشوة وبأصحابها وبالقضاة الذين يأخذونها، الرِشوة والرُشوة والرَشوة: ما يعطى للحاكم ليحكم بغير حق، يعرف المواطن المؤمن أن هذا البستان لي لا له هو، ولوجود شبهة أو محاولة يرشي الحاكم ليحكم له بذلك البستان، والبستان كالدار، كالدابة، ككل شيء، الأمور ذات البال هي التي ترفع إلى القضاء، فحرم الله تعالى على المؤمنين أن يدلوا بأموالهم إلى القضاة والحكام ليتوصلوا بذلك إلى أكل أموال إخوانهم بالباطل؛ إذ قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188].

    وقوله تعالى: لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا [البقرة:188] قدراً معيناً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ [البقرة:188] الملطخ للنفس، المقبح لها المشوه لها، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] أن هذا المال حرام، وأن الدابة ليست لك أو البستان أو كذا، وترشي الحاكم مع وجود شبهة تدعي بها أن الدابة دابتك أو أن الدار دارك، وأنت تعرف أنها ليست لك، وتغرر بالحاكم وتضلله، وتفسد عليه حياته، فتشجع القضاء بالباطل بما تدلي به إليه من مال، وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ [البقرة:188] من أجل ماذا؟ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا [البقرة:188] يقل ويكثر، وهذه اللام لام العاقبة والصيرورة، لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ [البقرة:188] وكلمة (النَّاسِ) تشمل الكافر والمؤمن، فلهذا قال أهل التفسير: أهل الذمة بيننا لا يصح لمؤمن أن يأكل أموالهم بالباطل بحال من الأحوال، لا يقولن: هذا يهودي أو هذا نصراني ويقيم شبهة، ويقدم القضية للحاكم ويقول: هذا يهودي عدو، فيقضي له بالباطل ويأكل مال الناس.

    وقوله تعالى: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] والحال أنكم تعلمون أن هذا حرام ولا يصح ولا يجوز بحال من الأحوال، ولهذا كانت الرشوة من أفظع الذنوب وأسوئها؛ أن نعطي الحاكم مالاً كالرشاء الذي ننزع به الدلو من البئر، من أجل أن نحصل على مال محرم.

    هذه الآية نص في حرمة الرشوة واستعمالها، ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدعي أخيه في ماله، ثم يرفع القضية إلى القضاء إلى الحاكم ويرشي الحاكم ليحكم له بمال أخيه. ولنرجع إلى الآية الكريمة في الكتاب.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    شرح الكلمات

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ شرح الكلمات:

    الباطل: خلاف الحق ]، فالشيء إما أن يكون حقاً أو باطلاً، لا وسط بينهما، ما هناك شيء ما هو لا حق ولا باطل، إما أن يكون حقاً أو باطلاً، فالباطل خلاف الحق.

    [ تدلوا: الإدلاء بالشيء: إلقاؤه، والمراد هنا: إعطاء القضاة والحكام الرشوة ليحكموا لهم بالباطل حتى يتوصلوا إلى أموال غيرهم ] فيأكلوها بالباطل.

    [ فريقاً: أي: طائفة وقطعة من المال ]، وفريق من الناس: جماعة، كذلك فريق من المال، قطعة من المال، كل ما يؤخذ من مجموعة ويفرق بينه وبين غيره يقال فيه: فريق، سواء كان دنانير ودراهم، أو كان رجالاً ونساء، الفريق هو القطعة من المال في هذه الآية: لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188].

    [ بِالإِثْمِ [البقرة:188]: المراد به هنا: بالرشوة وشهادة الزور، واليمين الفاجرة، أي: الحلف بالكذب ليقضي القاضي لكم بالباطل في صورة حق ]؛ لأن المدعي هذا قد يحلف، يقول القاضي: احلف، فيحلف بالله الذي لا إله غيره وهو كاذب، ولهذا فاليمين الغموس هي التي يحلف صاحبها وهو كاذب ويتعمد، بعض أهل العلم قالوا: هذه لا كفارة فيها، ومنهم مالك ، ما يكفي فيها صيام ولا إطعام؛ لأنها سميت بالغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في أتون الجحيم، وبعض أهل الفقه يقول: مهما كان فإنه يكفر فيطعم عشرة مساكين ولا ينفعه ذلك؛ لأنه حلف فاجراً متعمداً من أجل أن يأخذ أموال الناس أو يمزق أعراضهم، فلهذا قال: المراد بالإثم هنا: الرشوة وشهادة الزور، وشهادة الزور أن يقول: أشهد بالله أن كذا لفلان وهو يكذب، أشهد أن فلاناً ما قال كذا وكذا، يقوله أمام القاضي.

    ولهذا في الصحيح أيام كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي رجاله كان جالساً بينهم في هذا المسجد، ثم قال لهم بهذا الاستفهام: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ فقالوا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس -اهتماماً بالأخيرة- ثم قال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور )، وما زال يكررها حتى فزع الأصحاب وتمنوا أن لو سكت خشية أن ينزل ما ينزل، قال الراوي: ( حتى قلنا: ليته سكت ). وشهادة الزور كثرت لما هبطت أمتنا وأصبح يحوم حول المحكمة صعاليك ويتحسسون، فإذا جاء أحد قال له: تريد شهادة؟ أنا أشهد معك، فيضع في جيبه نقوداً ويدخل يشهد، ويحلف بالله ما كان هذا أو لم يكن، أما إذا كان من قبيلته أو من أهل قريته -بل حتى من إقليمه- فيشهد له شهادة زور لكونه من بلاده، ما سبب هذا؟ الجهل، ما جلسوا في حجور الصالحين كما جلس الأصحاب في حجر الحبيب صلى الله عليه وسلم، فمن أين يعرف ويتعلم؟ بل يشهد وهو يضحك.

    قال: [ بِالإِثْمِ [البقرة:188]: المراد به هنا: بالرشوة وشهادة الزور، واليمين الفاجرة ]، أي: اليمين الغموس، هذه يمين الفجور والخروج عن طاعة الله ورضوانه.

    قال: [ أي: الحلف بالكذب ليقضي القاضي لكم بالباطل في صورة حق ]؛ لأنه قال: اعتمد على شهادة فلان وفلان. فهذه مفردات هذه الآية المباركة.

    معنى الآية

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ معنى الآية الكريمة:

    لما أخبر تعالى في الآية السابقة ] ذات الأحكام المتعددة [أنه يبين للناس ] إذ قال تعالى: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ [البقرة:187]، والآيات القرآنية هي التي تحمل الأحكام الشرعية: الحلال والحرام والحق والباطل وما إلى ذلك.

    [ أنه يبين للناس أحكام دينه ليتقوه بفعل المأمور وترك المنهي ]، ليتقوه: أي: ليتقوا الله، بأي شيء يتقوه؟ بفعل ما أمرهم وترك ما نهاهم، والتقوى: التي بها نتقي الله حتى لا يسخط علينا ولا يغضب ولا ينتقم، فهي امتثال أوامره وأوامر نبيه صلى الله عليه وسلم، واجتناب نواهي الله ونواهي الرسول صلى الله عليه وسلم، بهذا يتقى الله، ما يتقى بالجيوش الجرارة، بالحصون العالية، بالأسوار الحصينة، هذه ما تنفع، والله! لا تنفع، بم يتقى الله؟ بطاعته وطاعة رسوله، فمن أطاع الله تعالى فيما أمر وفيما نهى -أي: في فعل المأمور وترك المنهي- وأطاع الرسول في ذلك فهو متقٍ، وهو في عداد المتقين.

    وراثة الجنة بالتقوى

    وللتقوى فضل عظيم، فهي سبب وراثة الجنة، فالجنة دار السلام تورث، وورثتها معلومون، وسبب الوراثة تقوى الله عز وجل، واقرءوا: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا [مريم:63]، يورث الله الجنة من كان تقياً.

    وإبراهيم الخليل في دعوته التي حفظناها قال: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشعراء:85]، إذاً: الجنة تورث كالتركات المالية تورث، نحن الآن نتوارث بثلاثة أسباب: النسب، المصاهرة، الولاء، فالنسب: كالبنوة والأخوة والقرابة، والمصاهرة: بين الزوجة والزوج، والولاء أيام كان عندنا العبيد، والآن كلنا عبيد، لكن هل نحن عبيد لله؟ لا، للدينار والدرهم، إذاً: فالجنة دار السلام لها ورثة يرثونها، وسبب إرثهم تقواهم لله عز وجل.

    وسر هذه التقوى: أنها تزكي النفس أي: تطهرها، كيف تزكي النفس يا شيخ، كيف تطهرها؟

    الجواب: أن الله إذا أمر بكلمة تقال أو حركة تحدث فقد جعل تلك الكلمة يخرج منها إشعاع نوراني يصل إلى النفس فتطهر به، ما شرع الله جل جلاله من عبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية إلا وعمل ذلك يولد الطاقة النورانية في النفس المعبر عنه بالحسنات، فالمتقي كل يوم يزكي بنفسه، المواد التي تزكي النفس يفعلها، والمواد التي تخبث النفس يتركها، يفعل المأمور المزكي للنفس، ويترك المنهي المخبث لها الملوث لها، وهكذا كل يوم يزكي هذه النفس ويبعدها عما يخبثها، وإن حدث مرة أنه أذنب فإنه يتوب إلى الله ويرجع إليه، ويغسل ذلك الأثر بما يفرغ عليه من الحسنات، فإذا وافاه الأجل والنفس طاهرة فإنه تفتح له أبواب السماء.

    وهل تعرفون حكم الله في هذه القضية؟ صدر على البشرية كلها، حكم الله صدر وأكثر البشر لا يعرفون هذا ولا يسمعون به، ولو كانوا بصراء فإنه إن قيل: صدر حكم الله عليكم، وبلغنا أن عالماً بالهند عرف هذا الحكم؛ فوالله ليمشن إليه. فما هذا الحكم؟

    إنه قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، ومن يراجع؟ لا استئناف ولا مراجعة، قد أفلح من زكى نفسه أي: طيبها وطهرها، وقد خاب -أي: خسر- من دساها بما صب عليها من أطنان الذنوب والآثام حتى لم يبق لها وجود.

    هذا حكم الله الذي صدر على البشرية، ولشأن هذا الحكم ولتأثيره أقسم الله عليه بأقسام ما أقسمها على حكم كهذا، فماذا قال تعالى؟ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:1-8].

    والمقسم عليه قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]؛ لأن الله عز وجل لما خلق الجنة، وهيأها بنعيمها حكم ألا يدخلها إلا ذو نفس طاهرة، ولما خلق عالم الشقاء وأعده كذلك حكم بألا يدخله إلا خبيث النفس منتن الروح.

    ولهذا قال تعالى: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:13-14]، من هم الأبرار؟ بنو هاشم؟ أتباع عيسى؟ الأبرار: جمع بر أو بار، هم المطيعون الصادقون.

    والفجار: جمع فاجر، فمن هو هذا الفاجر؟ هو الذي فجر عن الطريق السوي، وأخذ يذهب ذات اليمين وذات الشمال، ما مشى مع الطريق إلى باب الجنة، إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ [الانفطار:13] لبرهم، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:14] لفجورهم، هذا يؤكد معنى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، بل يبينه ويشرحه.

    وفي آية الأعراف: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:40-41]، عجب هذه الآية!

    أخبرنا أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: أن ملك الموت وأعوانه إذا أخذوا الروح الخبيثة يعرجون بها إلى السماء، فيستفتحون السماء فلا تفتح لهم أبواب السماء، ويرجعون من السماء الأولى، وأما الأرواح الطاهرة، النقية، النظيفة بسبب العبادات المزكية للنفس، المطهرة لها، وبسبب الإبعاد عن الذنوب والآثام المخبثة للنفس المدسية لها؛ فوالله! ما ينتهى بها إلا إلى تحت العرش.

    حكاية شيخ الإسلام ابن تيمية مع خالته في مرض موتها

    ولهذا عندنا لطيفة ذكرها شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى ورضي الله عنه، يقول عن شيخه الإمام أحمد بن تيمية رحمه الله: كانت لي خالة في دمشق، فمرضت، فزرتها في مرضها. وزيارة المرضى سنة من سنن الإسلام، قال: فعدتها في مرضها، فقالت لي: يا شيخ! أنا مقبلة على الله، كانت شاعرة بقرب أجلها؛ لأن المرض له آثاره، أو لرؤيا رأتها، على كل حال قالت: إني مقبلة على الله، وإذا وقفت أنا بين يديه فماذا أقول؟ علمني. قال: فارتج علي وفزعت، وما عرفت ماذا أقول؟ قال: ثم فتح الله علي، فقلت لها: قولي: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هذا الذي نقوله نحن مع الله بعد كل فريضة، بعد السلام نستغفر الله؛ لأننا قد أسأنا في المقابلة وما أدينا المناجاة على وجهها، وهذا واقع، فنفزع إلى الاستغفار أولاً، ثم نقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

    قال: وقمت عنها وماتت رحمة الله عليها، فرأيتها في المنام فقالت: يا شيخ! جزاك الله خيراً، جزاك الله خيراً، جزاك الله خيراً؛ إني لما وقفت بين يدي ربي ما عرفت ما أقول، واندهشت، ثم ذكرت الكلمة التي علمتني فقلتها، فجزاك الله خيراً.

    فبعد كل صلاة فريضة تقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ما نقول: السلام عليك يا رب الأرباب، السلام عليك يا خالق العباد، السلام عليك يا ذا الجلال والإكرام، فهو السلام، فكيف تقول: عليك السلام وهو السلام ومنه السلام؟ تقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

    واسم البر التقي يدون في عليين، فحين يسجل في عليين يهبطون بالروح إلى القبر للمحنة والابتلاء، واقرءوا كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ [المطففين:18-21].

    والفجار والظلمة أين كتبهم؟ أين تسجل أسماؤهم؟ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ [المطففين:18-9]، في أسفل الكائنات.

    إذاً: احمدوا الله على نعمة الإيمان والإسلام.

    تتمة معنى الآية

    ونعود إلى معنى الآية الكريمة، وهي قول الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188].

    قال: [ معنى الآية الكريمة:

    لما أخبر تعالى في الآية السابقة أنه يبين للناس أحكام دينه ليتقوه بفعل المأمور وترك المنهي؛ بين في هذه الآية حكم أكل أموال المسلمين بالباطل، وأنه حرام، فلا يحل لمسلم أن يأكل مال أخيه بغير طيب نفس منه، وذكر نوعاً هو شر أنواع أكل المال بالباطل، وهو دفع الرشوة إلى القضاة والحاكمين ليحكموا لهم بغير الحق، فيورطوا القضاة في الحكم بغير الحق ليأكلوا أموال إخوانهم بشهادة الزور واليمين الغموس الفاجرة والتي يحلف فيها المرء كاذباً، وقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188]، حرمة ذلك ومنعه ]، فمعنى الآية -والحمد لله- واضح.

    هداية الآية

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين:

    [ هداية الآية ]، إذ كل آية تحمل هداية.

    [ من هداية الآية:

    أولاً: حرمة أكل أموال المسلم بغير حق، سواء كان بسرقة أو بغصب أو بغش أو باحتيال ومغالطة.

    ثانياً: حرمة الرشوة، وهي ما يدفع للحاكم ليحكم بغير الحق ]، الحاكم قد يكون قاضياً، وقد يكون شيخ قرية أو جماعة، يدفع له ليحكم بغير الحق.

    [ ثالثاً: مال الكافر غير المحارب كمال المسلم في الحرمة ]، أما المحارب فدمه وماله حلال، والمحارب: العبد الذي بيننا وبين قومه حرب دائرة، فماله حلال؛ لأن دمه حلال، لكن إذا كان معاهداً ذمياً فلا يحل، أو كان مستأمناً لا يحل أكل ماله، ولهذا اذكروا قول الله تعالى من سورة الفرقان في صفات عبادة الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ [الفرقان:68] أي: قتلها إِلَّا بِالْحَقِّ [الفرقان:68]، فما هي النفس التي لا تقتل إلا بالحق؟ هي نفس المحارب، فلا يحل لمؤمن أن يأكل مال كافر، ولا أن يسيل دمه أبداً بوصفه كافراً.

    قال: [ مال الكافر غير المحارب كمال المسلم في الحرمة، إلا أن مال المسلم أشد حرمة؛ لحديث: ( كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه ) ].

    مال الكافر حرام، لكن مال المؤمن أعظم وأشد؛ لأن إزعاجك لمؤمن، وتخوفيك، وإقلاقك له من أكبر الذنوب، بخلاف الكافر، فلو فزع أو انقبض أو تألم فما هو بشيء.

    [ ولقوله تعالى ] في هذه الآية: [ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] ]، وحكم الحاكم لا يحل الحرام، لا تفهم أن القاضي إذا قضى لك بمال أنه أصبح حلالاً، فحكم الحاكم لا يجعل الحرام حلالاً، لا يحل ما حرم الله!

    قال في الهامش: [ حكم الحاكم لا يحل حراماً، سواء كان أموالاً أو فروجاً ]، وإذا قضى القاضي بأن الزوجة زوجتك مثلاً وأنت ليس بزوج لها فهل يصبح النكاح حلالاً؟ كلا.

    قال: [ لهذا الآية أولاً، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها ]، وهي التي مكثت سنة كاملة وهي تبكي في الأبطح، أخذ ولدها، وذهب عنها زوجها، فعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا إنما أنا بشر )، ما أنا بملك من الملائكة، أنا بشر والبشر يصيب ويخطئ أو لا؟ ( وإنما يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون ألحن -أفصح- بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها ).

    يقول صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب أصحابه وأمته: (أنا بشر) لست بملك أعرف الغيب وأعلم ما غاب، وقد يكون الخصم ألحن من خصمه وأفصح، يحسن التعبير، فأقضي له بحسب ما سمعت من بيانه، فمن حكمت له بغير حقه فإنما هو قطعة من النار إن شاء أخذها وإن شاء تركها؛ لأن القاضي قد يخدعه الفصيح، يؤثر عليه بإيراد حجج باطلة، لكن يزوقها ويحسنها ويجعلها معقولة ومقبولة، والآخر المظلوم ما يفصح، بل يتلكأ في كلامه، بل قد يقول ما لا يقبل، فيتهمه القاضي بأنه أيضاً كاذب، فيصدر القاضي حكمه، وهو هنا غير آثم، ولا إثم عليه؛ لأنه قضى بحسب ما سمع، والذي يأخذ ذلك الحق وهو يعلم أنه خدع الحاكم فإنما هو قطعة من نار إن شاء أخذها وإن شاء تركها.

    1.   

    وقفة مع أدب الحياء

    معاشر المستمعين! بدأنا في الآداب، وذكرنا منها أدباً، ونحن مأمورون بأن نتأدب مع الله، بل مأمورون بأن نتأدب مع بعضنا، مع أقاربنا، مع أباعدنا، فكيف -إذاً- لا نتأدب مع ربنا؟

    وقد قلنا: أول أدب: الشكر على النعم، كيف تأكل وتشرب وتكتسي في بيت ولا تحمد صاحب البيت ولا تشكره؟ أهذا أدب؟ يركبك دابته، يسقيك ماءه، يكسوك ثوبه، ولا تقول له: جزاك الله خيراً؟! أين الأدب؟!

    فنحن نتقلب في نعم الله، فإذا لم نشكره على كل صغيرة وكبيرة أسأنا الأدب، ما نحن بأدباء أبداً، ومن هنا قلنا: كلما أكلنا لقمة، كلما حصلت نعمة نفزع إلى قول: الحمد لله، والشكر لله، لنكون قد تأدبنا مع الله الذي ينعم علينا ويجدد النعم في كل لحظة.

    والأدب التالي: هو الحياء من الإيمان، الحياء كله خير، وفي هذا خبر الرجلين اللذين مر بهما النبي صلى الله عليه وسلم في أزقة المدينة، أحدهما يلوم أخاه ويعتب عليه، يقول له: اترك هذا الحياء، افعل كذا، أضعت نفسك، أضعت مالك بهذا الحياء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، ( دعه؛ إنما الحياء من الإيمان )، هو ينصح أخاه بأن الحياء أضاع مالك، أضاع حقوقك.. كما يفعل الناس، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم توجيه هذا قال: ( دعه -اتركه- فإن الحياء من الإيمان ).

    والحياء: خلق، من عمل على اكتسابه اكتسبه، وأصبح لا يستطيع أن ينطق ببذاءة أو سوء، إذاً: الحياء عندما يميل أحدنا إلى المعصية يجب أن يستحي من الله.

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767978386