وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! أحييكم جميعاً بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن في هذه الدنيا في سفر إلى الله تعالى والدار الآخرة، فعلى العبد المسافر أن يجمع زاده، وأن يأخذ لسفره أهبته، وهذا شأن الحازمين العقلاء من بني الإنسان، وقد كتب الله علينا وبدون استشارة منا ولا اختيار لنا، كتب علينا أن نقضي ردحاً من الزمن على سطح هذا الكوكب، ثم نرتحل حيث لا نعود إلى هذه البلاد، حيث نستقر إما في الملكوت الأعلى، وإما في الملكوت الأسفل، ويتوقف هذا على مدى اختيارنا لأزودتنا وما أخذناه من أهبة لسفرنا، فهنا في هذه الدار، في هذه الحياة يتسلم أحدنا بطاقة السعادة أو بطاقة الشقاء، هذه حقيقة يجب أن نتحملها، ولنكن على مستوى المسئولية.
لقد صاح فينا صائح الحق، وقال: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26]، وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].
الرحلة مداها بعيد، وغايتها بعيدة، فلهذا لابد من الإعداد الكافي، لابد من التحضير، لابد من جمع كل ما يتوقف عليه نجاحنا في رحلتنا التي ها نحن نتحفز لمباشرتها والدخول فيها، وسوف تنتهي بإذن الله.
الله نسأل أن تكون إلى الملكوت الأعلى لا إلى الملكوت الأسفل.
ولا بأس أن نوزع الآن عليكم بطاقات صغيرة تحمل برنامج الرحلة، أو نماذج من الملكوت الأعلى الذي تتهيئون للسفر إليه، ولم تكن هذه البطاقات إلا على نمط ما يوزع في الحفلات، حيث يُقدم نموذج لما سيجري ويدور في الاحتفال.
هذه البطاقات هي عبارة عن آيات نور من كلام الحق، من كلام الذي بنى جنة عدن وخلقها وغرس أشجارها وبنى قصورها وأعدها لأوليائه، فعل ذلك بنفسه وبيده، تلكم الجنة التي لما أحضرت وتهيأت لاستقبال الوافدين قيل لها: انطقي فنطقت، فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1] هذه كلمة دار السلام، كلمة جنة عدن، قالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1].
وللجنة ثمانية أبواب، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام ) (كظيظ) فعيل بمعنى مفعول أي: مكتظة من زحام الداخلين، أولئك الذين أعدوا عدتهم وأخذوا أهبتهم اليوم وعلى سطح هذا الكوكب الصغير تزدحم بهم أبواب الجنة.
افتح عينيك وانظر بكل أحاسيسك إلى الجنة، واسمع خبر الله: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [الإنسان:20-21].
وتقدم قليلاً واخط خطوات وأنت تشاهد ما جاء في قول الله عز وجل: وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا [الإنسان:15-18].
هذا الخالق يعلن عن سلعته، عما خلق تشويقاً لأوليائه ليخفوا، لكنهم يتباطئون ويتململون، لا يريدون أن يلتحقوا حيث أعدت كل الترتيبات للملكوت الأعلى، فهو -سبحانه- يشوقهم.
إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا [الواقعة:35-36] والأبكار جمع بكر وهي التي لم يطمثها إنس ولا جان.
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا [الواقعة:36-37] جمع عرباء، والعرباء قالت العلماء: المحببة إلى زوجها، العرباء من النساء التي لا يهفو قلبها إلا إلى زوجها، ولا يخطر على بالها ود من ود الناس إلا لزوجها، تلك هي المرأة المفضلة، هذه الحوراء، والحور لا كالعور، أن يغلب بياض العين على سوادها، وهو أجمل عين، من شأنها أن تجتذب النفوس، والواحدة حوراء وجمعها حور، والعيناء واسعة العين، والجمع عِين: بِحُورٍ عِينٍ [الدخان:54]، وإن سألت أو أحببت أن تزيح الستار لتشاهد جمال أولئك النسوة فما هناك خير من أن يصف لك ذلك الخالق صاحب السلعة التي يعرضها عليكم علكم تتحفزون، فيقول: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:48-49]. حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن:74] .
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ [الرحمن:54]، وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ [ص:52] أي: في سن واحدة، ما هناك جارية، ولكنهن الكواعب الأتراب، سنهن واحد لا تتفاوت: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ [ص:52-53].
وإن شئت أن تعرج معي على أنهار الجنة لترتشف بروحك لا بكفيك ولا بشفتيك رحيقاً من ذلك الرحيق، وسلسبيلاً من ذلك السلسبيل، تلك الجنة التي عرفها لنا فعرفناها: فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى [محمد:15].
أما الفواكه على اختلاف أنواعها وتباين طعومها وخصائصها فحدث يا عشيق عاشق، يا مطلوب طالب حدث ولا حرج، ولا بأس إن قلت: إنكم معشوقون، إن أولئك النساء ينتظرنكم، ومن الحول إلى الحول يجرين ترتيبات لاستقبالكم، وهن في انتظار، وهن عاشقات معشوقات، وكل واحدة قد عرفت زوجها، وهي تنتظر بفارغ الصبر، فلهذا أنتم عاشقون معشوقون، وطالبون مطلوبون.
الفواكه كثيرة، ومن غريب ما نسمع أنها لا مقطوعة ولا ممنوعة، لا تقطع بالزمن إذ ما هناك صيف ولا شتاء، ولا فصول أربعة، فلا تمنع أبداً بالثمن، ولا تقطع بالزمن، على خلاف مشتهيات محطتنا هذه، في رحلتنا الطويلة، الفواكه إما أن تمنع منك؛ لأنك لا تملك ثمنها، وإما أن يتعذر عليك حصولها والحصول عليها؛ لأنها تقطع بالزمن، أما هناك فليست مقطوعة ولا ممنوعة.
وأختم هذا الأنموذج الذي عرضناه أمامكم حتى تعرفوا بعض الشيء عن رحلتكم؛ لأن أكبر نعيم ينعم به أهل دار النعيم هو أن ينظر الرحمن إليهم، وأن يتجلى لهم، ويكشف الحجاب الكريم عن وجهه الكريم، فينظرون فيسعدون، فلا يكون نعيم في الجنة هو أشهى ولا ألذ من ذلك النعيم الذي هو النظر إلى وجه الله الكريم، وكأني بهم وقد ختم على صك سعادتهم بأن قال لهم مولاهم: ( اليوم أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً )، فهذا منتهى النعيم، وليس فوقه من نعيم.
معشر الأبناء! هذه هي البطاقة التي بين أيديكم تعطيكم فكرة صالحة عما يهيأ لكم ويعد لنزلكم.
أما الذين يتهيئون للقمر فسلوا مراصد أمريكا وروسيا وبريطانيا وممن يحاولون غزو الفضاء كما يقولون، ما هي الترتيبات والإعدادات؟ إن أرقامها المالية تهولنا إذا سمعناها، الأرقام المالية التي تنفق لرحلة واحدة لا نسمع منها إلا القليل ويخفون الكثير منها.
إذاً: فالرحلة تتطلب إعداداً أعظم إعداد؛ تتطلب منا ألا يبقى لنا هدف ولا غرض في الحياة إلا ما نعده زاداً لتلك الساعة السعيدة التي نتجاوز فيها هذه الأرض لنلتحق بالملكوت الأعلى، مع العلم أنه ليس في إمكاننا أن نتخلى عن هذه الرحلة، وليس هناك من يعتذر فيقبل منه عذره بحال من الأحوال، فلابد وأننا سنلزم بالرحيل ونكره عليه، ولا تفكر أبداً في أنك تملك أن تختار، هذا ما كان ولن يكون.
إذاً: فلنواجه الحقيقة بصدق وعزم، إننا راحلون، فما هي إعداداتنا لأعظم رحلة في الملكوت الأعلى؟ إنها لن تكون أبداً مناطيد نصنعها، ولا بالونات ننفخها، ولا صواريخ تدفع، ولا أقمار صناعية ترفع، ولكن الحقيقة هي ما تعلمون؛ الحقيقة هي أن نفسك التي بين جنبيك، هذه النفس العجيبة أم العجائب، هذه الصغيرة الكبيرة، السعيدة الشقية، التي دوخت هذه الأرض، هذه النفس هي التي سوف ترحل، وهي التي سوف تلتحق بالملكوت الأعلى أو الأسفل، وأما هذه الجثث الآدمية فإنها بعد مفارقة النفس لها إنما هي جيف توارى بالتراب وتدفن ستراً لها، وبعداً من أذيتها، وليست هي كل شيء، وإنما الروح النفس البشرية، هي التي يتم لها الرحيل، وأنتم حسب ما أعرف عنكم أنكم راجون طامعون، ولكم أن ترجوا وتطمعوا، وقد طمعكم الله ورجاكم، وهو وليكم ومولاكم، فلا غرابة أبداً أن تتوقوا، ولا غرابة أن تتهيئوا لتلك الرحلة العظيمة.
وقد واعدتكم في عنوان الكلمة بأننا نتكلم على ما يعدكم للملكوت الأعلى، على ما يحملكم إلى ذلكم المقام الكريم؛ إلى دار الأبرار ومنازل الأخيار؛ إلى مأوى المتقين ودار السلام: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ [يونس:25].
معشر الأبناء! النفس: هي هذا التيار الهوائي الساري في هياكلنا، وله صورة، وله ذات، وليس هو خيال ولا معنى؛ فهي النسمة كسائر النسم، كنسمة الملائكة والجان، هذه النفس التي بين جنبينا هي قوام وجودنا، ما دامت مستقرة في هياكلنا فنحن نسمع ونبصر ونتذوق ونشُم الروائح، ونعقل ونفكر ونهتم، ونكرب ونحزن، ونفرح ونسر، ونقول ونبِين، ونفعل ونترك، ونأتي ونذر، وإذا برحت وفارقت هذه الهياكل وأقفرت منها الدار، بقيت هذه هياكل فارغة كالبيوت الخربة، ما بها من عمار ولا من سكان.
هذه الروح مما يعرف عنها أن شأنها شأن الأجسام المادية، الجسم يمرض تنتابه العلل والأوجاع والأسقام، يصاب بالنحولة وبالهزال، تخرمه الآلام، وتحطمه العلل، وقد يداوى ويستعمل في علاجه الدواء الناجع فتعود الصحة، ويأتي الشفاء، ويتماثل له، وإذا به صحيح الجسم سليم البنية قوي الإدراك كامل الذات، والروح كالجسم في ذلك.
معشر الأبناء! لا أخالكم تغفلون عن هذه الكلمات، وهي زادكم في طلبكم العلم، وهي زادكم لرحلتكم التي تتحفزون لها في الملكوت الأعلى.
الجسم يُهمل ويضيع فتتراكم عليه الأوساخ، لا يغسل ولا تجرى له عملية تنظيف، فيمهل صاحبه أياماً ولا أقول: شهوراً ولا أعواماً، وإذا به وقد انتابته العلل والأسقام؛ نتيجة تلك الأوساخ والأدران التي تكونت عليه وتراكمت، ولكن إذا حزم صاحبه وعرف أن جسمه في حاجة إلى تنظيف وتطهير، وهدي إلى المادة المطهرة المصلحة؛ الماء والصابون، الماء الصالح والصابون الذي شاء الله أن يكون حاملاً مادة التطهير، فأخذ يطهر هذا الشخص جسمه وينظفه، فإنه لا يلبث حسب سنة الله في أن يطهر هذا الجسم وينظف، ويصبح بعدها نظيفاً جميلاً ذا رائحة طيبة نشطاً، خالياً من كل الآثار التي تجلب له المرض أو العجز أو الكلل والملل.
والحقيقة أن الحياة البرزخية عبارة عن محتشد، عن متجمع تتجمع فيه الأرواح، فإذا تم جمعها واكتمل عددها ولم يبق على ظهرها من ينتهي إليها فجأة وبضغطة واحدة أو بنفخة واحدة وإذا الناس قيام ينظرون على صعيد واحد.
هذه العوامل إذا عرفناها فهي ما نعده لرحلتنا، وعلينا إحضار ذلك وتهيئته وإن بذلنا فيها الغالي والرخيص، كما أن عوامل الإعاقة، عوامل الحرمان، الأسباب التي تجعل رحلتنا عكسية بدل أن نعرج إلى الملكوت الأعلى وإذا بنا ننزل سفلاً، فلابد إذاً من معرفة زادنا وعدتنا، ومعرفة ما يعوقنا ويحول بيننا وبين أن نعرج إلى الذي خلقنا له ونتوق له وهو الملكوت الأعلى.
نذكر لكم قول الله عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] الآية تضعنا أمام الأمر الواقع، ها نحن نخاطب ويقول لنا من يخاطبنا مقسماً بأعظم قسم؛ لتسكن إلى الخبر نفوسنا، وتطمئن إليه في صدقك وأحقيتك.
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:1-8]، وهذا هو المقسم به والمقسم هو الله، والمقسم عليه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:8-10].
أنتم -إذاً- وأنفسكم، من شاء أن يسعد ومن شاء أن يشقى، ولا أحسب أن بينكم من يريد الشقاء أو يطلبه لنفسه، هذه هي الحقيقة تأملوها وافهموها عن ربكم، فإنها حقيقة علمية لا تقبل النقض أبداً بحال من الأحوال.
قَدْ أَفْلَحَ فاز ونجح وظفر ببغيته، وحصل على أمله، وتمت رحلته، ووصل إلى الملكوت إلى الذي يريد أن يصل، هذا الذي زكى بنفسه نفسه، ولم يزكها له غيره، ولم يطيبها له سواه، بل هو الذي باشر ذلك بنفسه، فعمل على تزكيتها حتى زكت، فهو الذي أفلح.
والذي يأبى إلا أن يعيش كما تعيش السائمة من الحيوانات؛ يأبى إلا أن يكون من جملة الهمل تتحكم فيه شهوته وتستبد به أهواؤه، ويعيش غافلاً عن مصدر شقائه وعن منبع سعادته وكرامته، يأكل كما تأكل الأنعام والنار مثوىً له، هذا الذي ينظر إلى جسمه فيعنى به أشد العناية؛ في مطعم ومشرب وملبس ومسكن ومركب، يعنى بثيابه غسلاً وتجديداً، تنظيفاً وتطهيراً، ويغفل عن تلك النفس، عن تلك الأمانة المودعة فيه، والتي هي كل شيء في أمره، وبدونها هيكل من عظام، وزنبيل من لحمان منتنة لا قيمة لها بين الناس.
أعيذكم بالله ونفسي أن تغفلوا، إن الأمر قد وضع بين أيديكم، فأنتم المسئولون عن سعادتكم وشقائكم، إن القاضي قد قضى، والحاكم قد أعلن عن الحكم، وفرغ من الأمر وبتّ فيه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].
أقول للأبناء: الإعداد للرحلة معناه: تزكية هذه النفس، تطهيرها، سلوا الصيادلة وباعة الأدوية والعقاقير أيبيعون لكم معقمات ومطهرات تستعملونها في تزكية أنفسكم وتطهيرها؟
ذلكم زادكم، وتلك عدتكم، إذا علمتم بل وأيقنتم أن الرحلة لن تتم إلى الملكوت الأعلى إلا إذا طابت هذه الروح، إلا إذا زكت فأصبحت بذلك أهلاً لذلك الملكوت الأعلى، ولا ترجوُّن معشر الأبناء! أن يزكي لكم أحد من الخلق، فلا قيمة للحسب ولا للنسب، وكن ابن من شئت فإن نسبتك إلى أب كريم صالح لا تعمل في نفسك شيئاً، ولن تلامسها ولن تصل إليها بجد من جدودك أبداً لتزيل ما عليها من أدران، لتذهب عنها دنسها حتى تتأهل للملكوت الأعلى.
إذاً: فالعناية بالنفس، طهروا النفس، وطهارتها هي عدتكم، يا من تتوقون إلى الرحلة العظمى إلى الملكوت الأعلى طهروا أنفسكم، أعدوها لترتحلوا، وإذا أبيتم وإذا ما رضيتم إلا أن تغفلوها وتغفلوا عنها فإن رحلتكم سوف تكون عكسية، ليست إلى الملكوت الأعلى، ولكن إلى الملكوت الأسفل: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [التين:1-6] والله إن الأمر لجد.
فيا بني! -وأنا أودعكم- اذكر هذا ولا تنس، لا تمضي أيامك وتتصرم أعوامك وأنت مغرور بشبابك، فإنك لا تدري متى يقال: اركب، فتقول: ما أعددتُ شيئاً، أمهلوني، كنت غافلاً، كانت أمامي أشواط أريد أن أقطعها من حياتي، ائذنوا لي بالبقاء ساعة واحدة، والله ما استجيب لك، وما قبلت أبداً: رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا [المؤمنون:99-100]، هذه هي ساعتك الوحيدة، هذه أيام إعدادك العدة، عدتنا الإيمان الذي يقبله الآن القرآن، الذي يعرض على المصحف، لا تعرضه أنت على المصحف، ولكن اعرضه أنت مع شاهد يسمع وينظر ما عندك وما في المصحف، هل إيمانك قرآنياً مقبولاً كإيمان أبي بكر وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة، أو هو إيمان دعوى لا حقيقة لها؟ هذه واحدة.
لا يكون العمل عملاً صالحاً لأن الناس قالوا فيه عمل صالح، وإنما يكون عملاً صالحاً إذا وضعه واضع السنن وهو الله، وبين ذلك في كتابه أو على لسان صفيه محمد صلى الله عليه وسلم، ذلكم العمل الذي يحمل كميات التطهير أو يحمل مادة التنظيف، فإذا قام به العبد وأداه أداءً بلا زيادة فيه ولا نقصان، بلا تقديم فيه ولا تأخير، فإن ذلك العمل يوسم بالصلاح ويوصف به، ويحمل فعلاً كميات مقادير معينة لتطهير النفس وتزكيتها، واحفظوا فقط كلمة واحدة من كلمات المصطفى التي بلغت عشرات الألوف ومئاتها تكفيكم في هذا، احفظوا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، إذا لم تكن العقاقير التي نستعملها مطهرة، إذا لم تكن من صنع مصنع واحد ومطبوعة بطابعه، فإن تلك البضاعة أو تلك الأدوية مرفوضة لا يحل استعمالها؛ لأنها ليست أصلية، مزيفة لا تحمل مادة التطهير، لكن العمل الصالح الذي هو العدة للرحلة العظمى هو ما كان قد شرعه الله، وبيان ذلك أن يوجد في كتابه أو في هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وإياك أن يغرر بك وأنت حدث في سنك تتقبل كل ما يلقى إليك؛ إياك أن تفهم أن عملاً صالحاً في إمكان مخلوق أن يضعه ويجعله في مادة التطهير، فهذا ليس من شأن إنسان، والذي يقول لك: أنا أسن لك سنة أو أشرع لك شريعة أو أضع لك وظيفة أو قانوناً يمكنك معه أن تزكي نفسك وتطهرها فاستعمله، فقل له: حول لي مادة الرمل إلى بر أو شعير، حول الخشب إلى لحم، اجعل لي في الرمل والخشب مادة تغذي جسمي أقبل منك ما تقدمه لي اليوم، فإن عجز على تغيير السنن ووقف دونها لا يحرك ساكناً علمت أنه ليس في إمكانه أن يضع لك وظيفة أو قانوناً يزكي به نفسك ويطهر به روحك.
فلهذا تعيشون ضد البدع، تقاومونها بعد أن تنفروا منها وتهربوا من سوئها؛ لعلمكم أنها لا تحمل مادة التزكية، لا تحمل مادة التطهير، ما دامت لم يشرعها الله وشرعها الإنسان، فالإنسان عاجز أن يجعل فيها قوة التطهير، فلهذا صح هذا الخبر: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) مردود، لم؟ لأنه لا يحمل مادة تدفع، ونحن في حاجة إلى مادة من أجل أن نصلح أنفسنا إن كانت فاسدة، أو من أجل أن نطهرها إن كانت مدساة؛ لأن المحكمة تقول: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] .
فالإيمان والعمل الصالح هذه من محضراتكم، مما تعدون، وبالليل والنهار وطول العمر لابد وأن تظلوا طوال الحياة توفرون هذا الزاد، فإذا قالوا: ارحل، قلت: لبيك، على أتم الاستعداد، ملأت الحقائب، أخذت بالعدة، فأنا مستعد أن أطير معكم الآن.
ويروى عن الصالحين ومن بينهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بلغ من الاجتهاد في باب التطهير والإعداد حتى لو قال القائل: الآن تقوم القيامة ما وجد علي بن أبي طالب ما يزيد، لو قال: الآن الرحلة ما بقي شيء يضيفه إلى ما عنده، هذا لأنه قال للدنيا: يا دنيا غري غيري فقد باينتكِ ثلاثاً، فلا رجعة لكِ بعد.
إذاً: الإيمان والعمل الصالح هما ما تعدون يا معشر الراحلين، هذا هو الإعداد: الإيمان، والعمل الصالح.
فهذا الإيمان والعمل الصالح لابد وأن تهيئ لهما المحل، وأريد بذلك أن تفهموا أنه لا إيمان ولا عمل صالح يجزي مع بقاء أدران الشرك وآثار الذنب والمعصية، يقول تعالى وقوله الحق: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [البقرة:256]، يكفر بالطاغوت أولاً ويؤمن بالله ثانياً، وهذا ما يعرف في نظام الكون وسنن الصالحين بمبدأ التخلية قبل التحلية، تخل قبل أن تتحلى، لا تضع العطورات ونظيف الثياب والملبوسات والجسم مدرن عليه كميات من الأوساخ، تصبح مدنسة متعفنة.
التخلية قبل التحلية، حكمة بشرية، بل هي حكمة قرآنية: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد:21]، وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ [آل عمران:133].
أولاً: إلى المِطهرة إلى الحمام، إلى محل التنظيف، تنظفوا وبعد ذلك نقبلكم مجاورين وننزلكم بساحتنا ساكنين، أما أن تأتوا متعفنين فلا نقبلكم، هذا وحي القرآن، سارعوا إلى مغفرة أولاً، إلى المغفرة، إلى المِطهرة، إلى التنظيف، إلى تطهير الأرواح، ثم بعد ذلك إلى دار التكريم.
أما أن يدخلها العبد متعفناً فلا، ليست دار شقاء، ليست دار تنغيص ولا دار تكدير، وإنما هي دار السلام، دار الطهر والصفاء، فإذا أحببتنا وأردت جوارنا فتطهر، اغتسل وتعال.
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ [الحديد:21] اعملوا بأسباب المغفرة، أي: بتلك الآيات التي تزيل ما علق من نتن ومن أدران، وهي معروفة تباع في صيدلية القرآن، غير مجهولة للأبناء، إنها واضحة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومصداق هذا من الكتاب الكريم اسمعوا؛ هذه آية تمثل حقيقة ثابتة لا تتغير، الذي يحرمها حرم العلم كله، وما عرف من العلم شيئاً، يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:40-41]، هذه الآية من سورة الأعراف، لاحظ السياق الكريم عبارة عن إعلان من أعظم الإعلانات التي يمكنها أن تهز الإنسان هزاً.
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا والتكذيب مانع من استعمال الأدوية المطهرة، التكذيب بأن رحلتنا متوقفة على زاد هو كذا، التكذيب مانع من إعداد هذا الزاد، التكذيب مانع من أن يغتسل المرء من جنابته، مانع من أن يسهر ليله أو يظمئ نهاره؛ لأنه ما صدق بأن هذه المادة مطهرة للنفس، فالتكذيب مانع.
الاستكبار مانع، المستكبر لا يسجد، المستكبر لا يجلس معكم، المستكبر لا يمد يده إلى الرف ليتناول الدواء فيستعمله؛ لأنه مستكبر، فالذين كذبوا واستكبروا بأي شيء يعرجون للملكوت الأعلى؟ ما أعدوا شيئاً، حال استكبارهم وتكذيبهم دون إعدادهم، فلم يعدوا ولم يحضروا، ودقت ساعة رحيلهم ونودوا فأجابوا، ولكن طلعوا ثم سقطوا، فيعرج بالروح إلى أول سماء، وإذا بريحها المنتن يشم على أبعاد، وإذا بأهل السماء الأولى يرفضون أن يفتحوا الباب، أو يأذنوا لهذه الجيفة أن تدخل عليهم، وترد هابطة ساقطة.
لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، ويستحيل لأن التعليق على المستحيل مستحيل، فإن الجمل لا يدخل في عين الإبرة، وإن هذه الروح الخبيثة لا تدخل الجنة، هذا قضاء الله وحكمه، ما هي كلمة واعظ ولا قصة إسرائيلية، ولكنه خبر الله وحكم الله وقضاء الله.
لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ المجرمون يجزون بهذا الحرمان؛ لأنهم أجرموا على أنفسهم، أفسدوها، لوثوها، خبثوها، عفنوها من جراء ما يكسبون من الشر والفساد، من الشرك والمعاصي، هكذا جزاء المجرمين الحرمان، ويعجل بمظهر العقوبة فيقول لهم: مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ فراش: وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وما يتغشون به ويتغطون من أغطية بطانيات من جهنم، بمعنى: أن النار تغشاهم وتعلوهم وتحوط بهم: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [العنكبوت:54].
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ والظالمون هكذا يجزون بالحرمان من اللحاق بالرفيق الأعلى، يحرمون من الملكوت الأعلى: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [الأعراف:40]؛ لأنهم ظالمون، ظلموا أنفسهم، بخسوها حقها، نقصوها كرامتها، أهملوها، لوثوها، عفنوها، درنوها، رموها في المزابل، وضعوها لأطماع الأوساخ، ما أصبحت أهلاً لأن يقبلها أهل الطهر في الملكوت الأعلى.
معشر الأبناء! لعلي قد ذكرت لكم ما جاء في عنوان الكلمة: الإعداد لأعظم رحلة إلى الملكوت الأعلى. سمعتم هذا؟ فما الذي عرفتم أنه عدتكم؟ بالونات، صواريخ، سفن؟ ما الذي تعرجون به؟ أموال؟ أحساب أم أنساب؟ إنه إيمان وعمل صالح، بعد أن نتخلى تمام التخلي عن الشرك والمعاصي، فإن أدوية تضعها على جرح متعفن لن تنفع، لباس جديد نظيف تلبسه على جسم مدرن لا يلبث أن يتدرن به، التخلية قبل التحلية.
وأنصح لكم أن تحضروا محاضرات أخرى، وأن تتعرفوا الحقيقة إلى الإيمان والعمل الصالح وإلى الشرك والمعاصي، وألا تكون معلوماتكم ظنية أو سطحية، فإن المعلومات الظنية أو السطحية لن تدفع صاحبها إلى أن يغير من حاله أبداً، إلا إذا كانت المعلومات يقينية راسخة في النفس حينئذ تقوى على الدفع والحركة، وأنتم تشاهدون علماء يفتون في المذاهب الأربعة كما يقولون، يعرفون عن الأرض والسماء، ويعجز أحدهم أن يعفي لحيته! يعجز أحدهم أن يحجب امرأته، يعجز أحدهم أن يقول كلمة الخير، يعجز أحدهم -وهو يعرف- أن يجلس مجلسكم هذا مع الصالحين؛ لأن معلوماته ظنية وليست يقينية، والله عز وجل ذكر عن أهل الكتاب قبلنا؛ فقال: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [البقرة:78]، هؤلاء هم الذين رفضوا الحق ووقفوا في وجهه وحاربوه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم علماء، لكن علمهم سطحي طاف على سطح الماء، ظني لا يقين فيه.
وذكر عن آخرين فقال: إنهم راسخون: لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [النساء:162].
أنصح أن تأخذوا معلوماتكم بالطريقة الجدية القرآنية: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12]، وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ [الأعراف:170] حتى تكون علومكم يقينية تستطيع أن توجهكم من نفوسكم، أما المعلومات الظنية فإنها لن تغير من طباعكم ولا من أخلاقكم شيئاً، فلهذا أدعوكم أن تحضروا محاضرة أخرى لنواصل الحديث على هذه العدة وهذا الزاد.
والله تعالى أسأل أن يحيي قلوبنا وقلوبكم، وأن يجعل النور فيها أكثر من الظلام، وأن يهديني وإياكم إلى صراط مستقيم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر