إسلام ويب

إلى متى تذكرواللشيخ : عبد الله حماد الرسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا الدرس يتحدث الشيخ عن أعظم الجرائم بعد الشرك ألا وهي جريمة اللواط والعياذ بالله!

    وقد بين خطرها على الأمة، وأنها سبب عذاب الله وغضبه وانتقامه، وذكر حد الذي يفعلها، وهو القتل، وأن الصحابة -من شدة قبح هذه الجريمة وشناعتها- لم يختلفوا في وجوب قتل اللوطي، ولكنهم اختلفوا في كيفية قتله.

    ثم حث الشيخ على التوبة، محذراً من ذنوب قد فشت في هذه الأمة مثل التبرج والسفور وإهمال الأبناء والنساء.

    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أنعم علينا بنعمة الإسلام، الذي أحل الله به الحلال، وحرم به الحرام، الإسلام الذي جاء ليحل الطيبات، ويحرم الخبائث على الأمة الإسلامية، الإسلام ندب إلى الطيبات وحرم الخبائث ونهى عنها.

    أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب لنا سواه، هو أرحم الرحمين، وأكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الذي أنزل الله عليه الكتاب المبين، فيه البشارة والنذارة، والوعد والوعيد، اللهم صلَّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، الذي بلغ البلاغ المبين، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد الذي جاء بها بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلَّم تسليماً كثيراً.

    أما بعــد:

    أيها الناس: اتقوا الله عز وجل.

    عباد الله: لقد جاء في القرآن العظيم وعدٌ ووعيد، ومن الوعيد الذي جاء في كتاب الله ذِكْر أمة من الأمم لها فعلٍ وخيم، لَمْ تسبق إلى مثلِه.

    إن تلك الأمة جاءت بعارٍ شنيع عُيِّرت بذلك الفعل الوخيم، وعُذِّبت به عذاباً سُطِّر خبرُه في كتاب الله عز وجل؛ ليكون تحذيراً للأمة الإسلامية التي بُعِث بها محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم الله به مكارم الأخلاق، ويدعو إلى كل فضيلة، وينهى عن كل رذيلة.

    قوم لوط في القرآن

    أمة الإسلام: لقد جاء تعيير أمة من الأمم في كتاب الله العزيز، وما أدراكم ما هذه الأمة! هي أمة عملت جريمة وخيمة شنعاء تقشعر من ذكرها الجلود، ويندى لها الجبين، إنهم قوم لوط الذين أخبر الله عنهم في كتابه المبين حيث قال: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [الأعراف:80].

    نعم. إنها فاحشة عظيمة وخيمة، كيف لا. والله يؤكد ذكرها في مواضع من كتابه بذكر وتصريحٍ تشمئز منه القلوب، وتنبو عنه الأسماع، وتنفر منه الطباع أشد نفرة؟! ألا وهو إتيان الرجل رجلاً مثله، ألا وهو ركوب رجل رجلاً مثله، فيقول الله جلَّ وعَلا: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [الأعراف:81] والإسراف يا عباد الله هو مجاوزة الحد، ثم أكد الله جل وعلا على تلك الأمة الذم بوصفين في غاية القبح فقال جل وعلا: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [الأنبياء:74] وسماهم مفسدين، وسماهم ظالمين، والآيات فيهم بكتاب الله كثيرة معلومة.

    أجل يا عباد الله! يا من يؤمن بالله واليوم الآخر! إنه ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، فهي كبيرة عظيمة، وفاحشة شنعاء، وهي التي تلي مفسدة الكفر والعياذ بالله، ولم يبتلِ الله بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحداً من العالمين، فلهذا عاقبهم المولى جل وعلا عقوبة لم يعاقب بها أمة غيرهم.

    أمة الإسلام! لقد جمع الله على قوم لوط -الذين يأتون الذكران من دون النساء- أنواعاً من العقوبات: قلب ديارهم، وخسفها بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم، وعذَّبهم، وجعل عذابهم مستمراً ، جعل ديارهم بحيرة منتنة، فنكل بهم نكالاً لم ينكله أمة سواهم، وما ذاك يا عباد الله إلا لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السماوات والأرض إذا شاهدوا فاحشة اللواط خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتئز الأرض إلى ربها، وتكاد الجبال تزول على ما فيها؛ لشناعة هذه الجريمة، إنها جريمة اللواط، إنها ركوب الذكور بعضهم على بعض.

    عقوبة اللوطي

    ثم إن شريعة الإسلام -يا عباد الله- جاءت بأرقى الآداب وأسمى الأخلاق، ولما كانت تلك الجريمة تتنافى مع الأخلاق والآداب، وتغضب الجبار جلَّ وعلا، تغضب الخالق الرزاق، تغضب البارئ المصور، تغضب رب الأرض والسماوات، تغضب الذي أوجد الكائنات، تغضب إله الأولين والآخرين، جعل جل وعلا فيها وحياً أكيداً، فقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به}.

    ثم يقول ابن عباس رضي الله عنهما في البكر يوجد على اللوطية قال: [[إذا وجد وهو بكر يعمل عمل قوم لوط فإنه يرجم]]

    وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط} فإنا لله وإنا إليه راجعون!

    ما أكثرها تكون في مجتمعات الشر والفساد! في مجتمعات اللهو والغفلة يا عباد الله! رسول الهدى يقول: {إذا كثرت اللوطية رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي وادٍ هلكوا. ويقول في رواية: أربعة يصبحون في غضب الله، ويمسون في سخطه، قلت: يا رسول الله! من هم؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، واللوطي}.

    قال ابن عباس رضي الله عنهما: [[إن اللوطي إذا مات من غير توبة مسخ في قبره خنزيراً]].

    أمرٌ عظيمٌ يا عباد الله، إن اللوطي إذا مات من غير توبة مسخ في قبره خنزيراً؛ لذلك حرم كثيرٌ من العلماء الخلوة بالأمرد في نحو بيتٍ ودكان، وما ذاك إلا لخوف الوقوع في هذه الفاحشة العظمى، وورد في الحديث القدسي: {النظر سهمٌ مسموم من سهام إبليس، مَن تركه مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه} ولما كانت الخلوة بالأمرد من الأسباب الداعية إلى الوصول إلى تلك الجريمة الشنعاء حرمها بعض العلماء.

    وهذا سفيان الثوري رحمه الله لما دخل عليه صبي في الحمام حسن الوجه قال:[[أخرجوه عني، فإني أرى مع كل امرأة شيطاناً، ومع كل صبي بضعة عشرة شيطاناً]].

    فهؤلاء هم أرباب القلوب الحية، الخائفون أن تزل قدمٌ بعد ثبوتها.

    اختلاف العلماء في كيفية قتل اللوطي

    أيها المسلمون: إن جريمة اللواط جريمة شنعاء، وفاحشة عظيمة، ولذلك اخْتُلِف في كيفية قتل هذا المجرم.

    هذه الجرثومة الخبيثة التي تنتشر في البلاد، ما هو العمل على إبادتها؟

    فقال بعض العلماء: في رواية عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه أحرق رجلاً يعمل عمل قوم لوط بالنار، بعدما استشار من اجتمع عنده من الصحابة رضي الله عنهم.

    وكذلك حرَّق بالنار مَن عَمِل عَمَل قوم لوط عبد الله بن الزبير ، وهشام بن عبد الملك ، وقال: [[لو لم يذكر الله عمل قوم لوط في القرآن لم أصدق أن الرجل يركب الرجل]] رحمهم الله ورضي الله عنهم.

    وقال ابن عباس رضي الله عنهما وهو رأي له رحمه الله: [[أنه يُرمى من أعلى شاهقٍ في البلد، مُنَكَّساً على رأسه، ثم يُتْبَع بالحجارة]].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088973666

    عدد مرات الحفظ

    780275202