إسلام ويب

دعاة القبورللشيخ : عبد الله حماد الرسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد جاء الإسلام لتحقيق التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك والبدع، ومن ضمن ذلك تحريم دعاء غير الله؛ فالنفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى، كما نهى وحذر من الغلو في الصالحين من الأموات، وحرم البناء على القبور سداً لباب ذريعة عبادتها من دون الله.
    الحمد لله الواحد الأحد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، أحمده وأشكره، أمر ألا تعبدوا إلا إياه مخلصين له الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل وأطيعوه.

    عباد الله: لقد أرسل الله رسله ليدعوا الناس إلى توحيده، وإخلاص العبادة له سبحانه وبحمده، قال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] وقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].

    أمة الإسلام: إذا عرف هذا، فاعلموا أن تحقيق التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك والبدع مطلوب، والتوحيد هو أساس الدين الصحيح، الذي لا يقوم الدين إلا عليه؛ لأنه لا يصح للعبد إسلام، ولا يقبل منه صلاة، ولا زكاة، ولا صوم، ولا حج إذا لم يكن موحداً لله؛ لأن غير الموحد مشرك، والمشرك عمله حابط وذنبه غير مغفور كما أخبر الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].

    أمة الإسلام! اعلموا أن معنى التوحيد هو: إفراد الله بالعبادة، والعبادة هي غاية الذل مع الخضوع، والعبادة أنواع كثيرة، منها: الدعاء وهو: سؤال مغفرة الذنوب، وسؤال دخول الجنة، وسؤال النجاة من النار، وشفاء المرضى، ورد الغائب، وتفريج الكربات، وإنزال الغيث، والنصر على الأعداء، والصلاح ونحو ذلك، فكل هذه المطالب عبادة لا تطلب إلا من الله؛ لأنه هو القادر عليها، فمن طلب من المخلوق شيئاً منها فقد عبده من دون الله، وجعله لله نداً وشريكاً؛ لأن الدعاء مخ العبادة ، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء مخ العبادة) وكما قال ربنا جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ويقول جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجـن:18].

    النفع والضر بيد الله

    أجل يا أمة الإسلام! أجل يا أمة القرآن! أجل يا أمة لا إله إلا الله! لينتبه الذين غفلوا وأهملوا العقيدة، لينتبه الذين أهملوا عقيدة التوحيد وساروا وراء القبوريين، وراء المخرفين، وراء الغلاة الضالين، صاروا لا يفكرون، ولا يعتبرون ولا يذكرون، هم في جانبٍ والحق في جانب، هم يتوسلون ويتبركون بأصحاب القبور، ويسألونهم ما لا يقدرون عليه، يسألون تلك الجثث الهامدة، يسألون عظاماً صارت رميماً، يسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، والله وهو أصدق القائلين يقول: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13] الله أكبر! أين المسلمون من القرآن؟ أين هم من آيات الله المحكمات؟ أين هم من الآيات البينات الواضحات؟ إذ هو رب العالمين يخاطبهم في محكم البيان، إن كانوا مسلمين، يقول لهم جل وعلا: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14].

    والله لو كانوا يملكون لأنفسهم نفعاً لما ماتوا، ولما صاروا تحت التراب، ولما صاروا عظاماً رفاتاً، ولما لعب بهم دود الأرض؛ فكيف يسألهم المخلوقون؟!

    كيف يتوسلون بهم من دون الله؟!

    كيف يستغيثون بهم من دون الله؟!

    أحاديث موضوعة ومكذوبة

    لقد تعلق كثير من الجهال بأحاديث موضوعة ومزورة ومكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه فقال: {من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار} يا له من تحذير شديد! فيه من الوعيد الأكيد ما يجعل المسلم في حذر شديد من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    أجل يا أمة الإسلام! إن أهل البدع والخرافات يزورون ويكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أوردوا أحاديث كثيرة منها قولهم: إنه قال: {إذا أعيتكم الأمور، فعليكم بأصحاب القبور} الله أكبر! حاشا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا، حاشا أن يقول وهو يقول: {ألظوا بياذا الجلال والإكرام} حاشا أن يقول وهو إذا فزعه أمرٌ رفع رأسه إلى السماء، وقال: يا حي يا قيوم، لماذا لا يستغيث بأبيه آدم؟ لماذا لا يستغيث بنوح؟ لكن حاشا لله أن يكون رسوله بالمنزلة هذه، فهو أصدق القائلين: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:3] يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: إنه قال: {إذا أعيتكم الأمور، فعليكم بأصحاب القبور} الله أكبر كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف:5] هذا كذبٌ وزورٌ وباطل، وحديث موضوع لا أصل له.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088991179

    عدد مرات الحفظ

    780422292