أما بعد:
يا أيها الإخوة في الله: في هذا الموضوع -الذي نسأل الله جل وعلا أن يجعله مباركاً إنه على كل شيءٍ قدير- نتناول من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الشيء اليسير، لن نستطيع أن نحيط بسيرة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن نأخذ منها اليسير الذي نستطيع عليه.
فأولاً: -أيها الأحباب- أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخرين قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] ويقول جل من قائل عليماً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18] ثم قال جلَّ وعلا: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:19] ثم قال: لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُون [الحشر:20].
إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم رب محمد النبي صلى الله عليه وسلم اغفر لنا ذنوبنا، وأذهب غيظ قلوبنا وأجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنك على كل شيء قدير.
أحبابي في الله! أكثروا من الحمد والثناء على الله سبحانه وتعالى، الذي بعث فينا هذا النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي أخرج الله به من الظلمات إلى النور، وهدى به من الضلالة، وأخرج به من الجهل إلى العلم، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن الظلم إلى العدل، إنه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي بشرت به الأنبياء قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6] اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر:1-7].
هذه الدعوة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! يا خير أمة أخرجت للناس! هذه الدعوة تحتاج إلى صبر وتحمل، (ولربك فاصبر) فقام صلى الله عليه وسلم بأمر ربه تبارك وتعالى، فبشر وأنذر، وكان أول من أجابه من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان صديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، فلما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم بادر أبو بكر إلى التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وقال: [[أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله بأبي وأمي أنت أهل الصدق يا رسول الله]].
وصار أبو بكر رضي الله عنه من الدعاة إلى الإسلام حينئذٍ، فأسلم على يديه عثمان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين.
واشتد أذى قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ حتى حبسوه في الشعب ثلاث سنوات وأكل ورق الشجر، وألقوا عليه فرث الناقة وسلاها وهو ساجد صلى الله عليه وسلم بجوار بيت الله الحرام، فلم يقدر أحد على رفعه عنه، فلم يزل ساجداً حتى جاءت فاطمة رضي الله عنه فألقته عن ظهره الشريف صلى الله عليه وسلم.
يقول بعض المفسرين: ما وصف نبي من الأنبياء بمثل هذا الوصف الذي وصف الله به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم رءوف بالمؤمنين.
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف ومد يد الافتقار إلى الله جل وعلا فقيض الله له الأنصار، فبايعوه على عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يمنعوه إذا قدم عليهم مما يمنعوا منه نساءهم وأبناءهم.
اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محيطين به متقلدين سيوفهم، وخرج النساء والصبيان وكل واحدٌ منهم يأخذ بزمام ناقته يريد أن ينزل عنده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (دعوها فإنها مأمورة) حتى إذا أتت إلى محل مسجده -المسجد النبوي الشريف- بركت فيه فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسكن في دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، حتى بني المسجد ومساكنه صلى الله عليه وسلم.
فأكرم وأنعم بهذه الدعوة التي يدخل فيها العربي والعجمي كما قال الله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158] اللهم وفقنا لاتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة قبلها من قبلها، ووقف في وجهها من لم يرد الله له الهداية، وانتشرت دعوة الإسلام في مراحلها التي أراد الله لها في خلال ثلاث وعشرين سنة في مكة والمدينة، كلها جهاد ودعوة وعملٌ دءوب لترسيخ جذور الإسلام.
الصحابة رضي الله عنهم هاجروا إلى المدينة، خرجوا بأنفسهم وأهليهم مهاجرين لله الواحد القهار، بل بعضهم خرج بدون ماله فاراً بدينه، والتقى المهاجرون بإخوانهم الأنصار الذين آمنوا بالله وبرسوله، عند ذلك اتجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إعداد المسلمين إعداداً قوياً، يعلمهم الإسلام ويدرسهم القرآن ويربيهم على المحبة والأخوة الإيمانية، وينزع من نفوسهم العصبيات، وعادات الجاهلية، وفي نفس الوقت علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يواجهون الأعداء؛ فعودهم على الرماية والفروسية والاستعداد لمنازلة الأعداء، يقول لهم: {ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي} أخذاً بالتوجيه الرباني الذي قال الله فيه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60].
هكذا اجتمعت كلمة المسلمين في ذلك الوقت، واتحدت صفوفهم وصاروا صفاً واحدا، خاضوا غمار المعارك في بدر وأحد، والخندق، ومع اليهود قاتلهم الله وقطع دابرهم، ومع غيرهم من المشركين كل ذلك بقيادة القائد الشجاع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم أيها الأحباب! لقد أكمل الله به الدين صلى الله عليه وسلم وأتم الله به النعمة، سميت أمته خير أمة أخرجت للناس، ياله من وسام -لمن التزم به- خير فيه النجاة قال الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
محمد صلى الله عليه وسلم ترك أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلوات الله وسلامه عليه.
فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم: هذا هدي محمد صلى الله عليه وسلم موجود، فالله الله بالاهتداء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، والله الله بالاقتداء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي ترك أمته على المحجة البيضاء يقول صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته فقال: {بادروا بالأعمال الصالحة فتن كقطع الليل المظلم يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ثم أبشروا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله}.
الله أكبر! قد حصل التخذيل والمخالفة، والتشويه بهذا الدين من أعداء الإسلام والمسلمين، لكن نسأل الله جل وعلا أن يحيينا مسلمين، وأن يتوفانا مسلمين وأن يلحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، قد سمعنا من يسمي هذا الدين بالرجعية، وبالجمود، وبالأغلال، وبالتطرف، فإنا لله وإنا إليه راجعون! اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا إنك على كل شيء قدير.
بدع حدثت للمسلمين، ولكن نسألهم ونقول: هل احتفل الرسول صلى الله عليه وسلم بيوم المعراج أو ليلة المعراج؟
هل احتفل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة بذكرى معراج الرسول صلى الله عليه وسلم؟
كل هذا ليس موجود في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} أي: مردود عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} مردود على صاحبه نسأل الله العفو والعافية.
الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن للصحابة، بل وللأمة جميعاً قال: {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضو عليها بالنواجد، وإياكم ومحدثات الأمور} انظروا ماذا أحدثوا بعد محمد صلى الله عليه وسلم، هذا يحتفل بذكرى المعراج، وهذا يحتفل بعيد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه} من هم؟ اليهود والنصارى نسأل الله العفو والعافية.
فالذين يحتفلون بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم يتشبهون بأعداء الإسلام والمسلمين، وكم يحدث في ذلك الاحتفال من أمور تغضب الله وتغضب رسوله صلى الله عليه وسلم.
من ذلك خطابات يرفعون فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكانته التي أنزله الله فيها، وقد سمعنا بعضهم يقول: محمد صلى الله عليه وسلم بيده ملكوت السماوات والأرض، إنا لله وإنا إليه راجعون!
والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -ولا أتألى على الله- حياً لجاهدهم على هذا؛ لأن هذا رفع لمنزلته صلى الله عليه وسلم، وإطراءٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو يقول صلى الله عليه وسلم: {لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد الله ورسوله، فقولوا: عبد الله ورسوله} صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعضهم يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره يدور على نسائه ويجامعهن هو في قبره، وهل هذا يدخل في فكر أحد عاقل؟!
وبعضهم يقول: إذا بقي ثلث الليل الآخر خرج الرسول من قبره وصار المسجد له نور وتوضأ بإبريق عند قبره ثم يدخل إلى القبر.
انظروا يا إخوان! انظروا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! والرسول كما أخبر الله عنه ميت: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون [الزمر:30] ويقول صلى الله عليه وسلم: {أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فهذا يدلنا على أنه مات صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يمت إلا وقد بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، هذه وظيفته التي بعث من أجلها هو تبليغ الرسالة، وأداء الأمانة ونصح الأمة والجهاد في سبيل الله، وقد بذل ذلك كله صلى الله عليه وسلم، فجزاه الله عن أمته خير الجزاء، ونسأل الله جل وعلا أن يحشرنا تحت لوائه وأن لا يحرمنا من شفاعته صلى الله عليه وسلم.
في آخر شهر صفر وأول ربيع الأول ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض وهو الصداع، كما روى ذلك الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بُدِأَ فيه فقلت: وارأساه، فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتكِ ودفنتكِ فقلت: غير كأني بك في ذلك اليوم عروساً ببعض نسائك، فقال صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه. وخرج صلى الله عليه وسلم عاصباً رأسه بخرقة، فجلس على المنبر فقال صلى الله عليه وسلم: إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده، فبكى
وتتام به وجعه صلى الله عليه وسلم، وهو يدور على نسائه حتى اشتد به المرض، وهو في بيت ميمونة رضي الله عنها، فدعا نساءه فاستأذنهن وقال: إني لا أستطيع أن أدور بينكن، سأكون عند عائشة.
واشتد به الصداع صلى الله عليه وسلم مع الحمى، فكان يجلس في مخضب ويصب عليه الماء من سبع قرب لم تحل أوكيتهن يتبرد بذلك صلى الله عليه وسلم، وكان عليه قطيفة فكانت حرارة الحمى تصيب من وضع يده عليه من فوقها فقيل له في ذلك، فقال: (إنا كذلك -أي: معشر الأنبياء- يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر) وقال صلى الله عليه وسلم: (إني أوعك كما يوعك رجلان منكم) ومن شدة مرضه كان يغمى عليه ويفيق صلى الله عليه وسلم، دخل عليه عبد الرحمن أخو عائشة رضي الله عنها ومعه سواك، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فعرفت عائشة رضي الله عنها أنه يريد السواك، فأخذته وطيبته وأعطته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يستاك به.
الله أكبر هذه آخر وصية محمد صلى الله عليه وسلم لما حان انتقاله من هذه الدنيا وهو على فراش الموت صلى الله عليه وسلم {الصلاة.. الصلاة وما ملكت} فلله درك، لقد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، وجاهدت في الله حق جهاده إنه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو على فراش الموت يوصي ويحث على التمسك بعقيدة التوحيد ويحث على المحافظة على الصلاة، الصلاة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ومع الأسف الشديد إننا في هذه الآونة الأخيرة نرى الصلاة قد خف ميزانها عند كثير من الناس، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، فيالها من وصية أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم {الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم} ويحث على رعاية تلك الأمانة.
يحث على المرأة، وعلى صيانتها وحفظها، يوصي بذلك وهو يعاني من سكرات الموت صلى الله عليه وسلم، يوصي بهذه المرأة التي أضاعها كثير من الناس في هذه الآونة الأخيرة؛ لأجل الدنيا وحب الدنيا أضاع كثيرٌ من الناس هذه الأمانة، ترك لها الحبل على الغارب تركها تسافر وحدها وبدون محرم، تركها تجوب الأسواق متعطرة سافرة متبرجة، فعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.
أمة محمد صلى الله عليه وسلم هذه وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم وما ملكت أيمانكم، فاتقوا الله في هذه المرأة، وجهوها التوجيه السليم، احفظوها في حصنها الحصين، احفظوها عن متناول يد الأشرار، عن متناول أهل الأفكار الخبيثة الذين يريدون لها أن تخرج سافرة متبذلة ليلعبوا بها في المسارح والطرقات وغيرها.
احفظوا هذه المرأة فإن في تركها تسافر بدون محرم خطر عظيم، وتركها تجتمع مع السائق بدون محرم خطرٌ عظيم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أن هناك مسئولية عظيمة قال صلى الله عليه وسلم: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} متى يكون هذا السؤال؟ ومن الذي سوف يلقي علينا السؤال؟
إن السؤال سوف يكون يوم القيامة إذا وقفت بين يدي الله عز وجل، والسائل هو الله جل جلاله، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا ينظر إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة} الله أكبر! وقد وقف صلى الله عليه وسلم على المنبر يحذر أمته من هذه النار.
إخواني في الله: الويل لمن ضيع هذه الأمانة، الويل لمن أخل بوصية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفاً من كل هالك، ودركاً من فائت، فبالله فثقوا وإياه فارجوا، إنما المصاب من حرم الثواب.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، أي مصاب أشد من هذا المصاب يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إذا أصابتك مصيبة فتذكر مصيبتك بالحبيب صلى الله عليه وسلم، فكما سمعتم لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد أكمل الله به الدين وأتم الله به النعمة وإن كان قد مات فشرعه والحمد لله واضح إلى يوم القيامة.
نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا ويوفقنا لاتباع هدي محمد، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر