أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي -أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقيدةً وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً.
وهذا الكتاب جمع الله به المسلمين، فلا مذهبية نتعصب لها، فلا أقول: أنا مالكي، ولا تقول: أنا حنفي ولا حنبلي ولا شافعي، فكلنا مسلمون، وبين أيدينا كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمعت لنا ووضحت في هذا الكتاب، وها نحن نعمل به في الشرق والغرب، وهذا من فضل الله علينا، وقد ترجم الكتاب إلى لغات، ونفع الله به في الشرق والغرب، وقد أذنا لمن أراد أن يترجمه أن يترجمه متى شاء، والله المستعان، وها قد انتهى بنا الدرس إلى هذه القضية، وهي: [المادة الخامسة: في اللقطة واللقيط] هذا في الأحكام.
أولاً: تعريفها: اللقطة هو: الشيء الملتقط من موضع ] أو مكان [ غير مملوك لأحد] ولو كان المكان مملوكاً لأحد فهو لصاحبه [وذلك كأن يجد المسلم بطريق ما دراهم أو ثياباً فيخاف ضياعها فيلتقطها ] هذه هي اللقطة.
هذا هو دين الله، وهذا هو القانون السماوي الذي جهله المسلمون وأعرضوا عنه.
أولاً: تعريفه: اللقيط: طفل ] ذكراً كان أو أنثى [ يوجد منبوذاً ] مطروحاً [ في مكان ما، لا يعرف له نسب، ولا يدعيه أحد ] فلا يعرف من أبوه ولا من أمه. هذا هو اللقيط.
[ أولاً: ينبغي لمتلقطه أن يشهد عليه وعلى ما وجد معه من متاع أو مال ] فمن وجد لقيطاً فليشهد اثنين على أنه وجده في مكان كذا ومعه كذا وكذا.
[ ثانياً: إن وجد اللقيط في بلاد إسلامية فهو مسلم ] ولو كان طفلاً فأبوه مسلم وأمه مسلمة [ ولو كان بها غير المسلمين ] فما دام البلد بلداً إسلامياً فمتى وجد الطفل نسب إلى الإسلام؛ لأنه مسلم، ولو كان هناك كفار لا يضر؛ لأن العبرة بالأغلبية.
[ ثالثاً ] ثالث الأحكام: [ إن وجد مع اللقيط مال ] في جيبه أو ثوبه أو غيرهما [ أنفق عليه منه ] أي: ينفق على هذا الطفل من هذا المال الموجود معه [ فإن لم يوجد معه شيء أنفق عليه من بيت مال المسلمين ] إن كان للمسلمين بيت مال [ وإلا فنفقته على جماعة المسلمين ] وإذا أخذه مؤمن وقال: أنا أقوم بذلك فله ذلك، وأما إذا قال: أخذنا هذا الطفل فأعينونا على النفقة عليه فيجب على الحكومة أو على الشعب أن يساعده.
[ رابعاً: ميراث اللقيط إن مات وديته إن قتل ] تكون [ لبيت مال المسلمين، والإمام هو وليه في القصاص والدية، فإن شاء اقتص له، وإن شاء أخذ الدية لبيت المال ] فالحاكم مخير؛ إذ القتل فيه الدية وفيه القصاص. سبحان الله!
[ خامساً ] وأخيراً: [ إن أقر رجل أن اللقيط ولده ] فإن وُجد لقيط فجاء رجل فقال: هذا ولدي، أو هذه بنتي [ ألحق به إذا كان ممكناً أن يكون ولده ] بأن لا يكون طفلاً، أو غير متزوج، فلا بد أن يكون أهلاً لذلك، فإذا كان رجلاً متزوجاً كبيراً وقال: هذا اللقيط لي ألحق به [ وكذا إن أقرت به المرأة ألحق بها ] فإن قالت امرأة: هذا ولدي ألحق بها ولا حرج.
هذا دين محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الإسلام، ووالله لا توجد قضية في العالم إلا وهي في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن المسلمين - والعياذ بالله- تجنبوا شرع الله وابتعدوا عنه، وساروا بالقوانين الكافرة، فهم في ذل وخضوع والعياذ بالله، إلا ما كان من هذا البلد، فجزى الله عبد العزيز بن عبد الرحمن خيراً، فقد أقام دين الله وطبق شرعه حتى ساد في هذه البلاد.
وأما المسلمون فما إن خرجوا من الاستعمار حتى أعرضوا عن الإسلام، ونحن نطالبهم في كل يوم أن يتوبوا، ويطبقوا شرع الله، وهذا منهاج المسلم، ووالله العظيم لو طبق في أي إقليم لكان خيراً لهم، وهو خير من ألف كتاب من كتب النصارى والمشركين، وهو يعرفه كل واحد من الرجال والنساء، ولكن نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم.
الجواب: يجب أن ترده إلى مكة، فتبعث به مع مسافر إلى مكة؛ ليعطيه لحاكم المسلمين، سواء في المسجد أو في غير المسجد، وبذلك تبرأ ذمتك، وقد فعلت حراماً؛ لأنه لا يجوز لقطة الحرم أبداً في مكة، وما دامت قد فعلت ذلك وجئت به فعجل وابعث به إلى حكام مكة.
الجواب: اللقطة إذا كانت تافهة، كعنقود عنب .. حبل .. خيط من الخيوط أنه لا داع لتعريفها، فانتفع به ولا حرج.
الجواب: تحديد النسل معناه: أن يسمح لنفسه بولدين فقط، أو ببنت وولد، ثم يمنع ذلك، هذا هو التحديد، وهو والله لا يجوز، وأجرك على الله إذا ولد لك الولد ومات، فأنت تقدمه بين يدي الله يوم القيامة، فلا يجوز تحديد النسل، اللهم إلا إذا كانت امرأة مسافرة من بلد إلى بلد وخافت أن تتعب، فلو أسقطته قبل أن يبلغ المضغة جاز لها ذلك إذا كان نطفة فقط أو علقة، أو كانت مريضة وما استطاعت، ففي هذه الحال لو أسقطت هذه النطفة أو العلقة قبل أن تكون مضغة جاز ذلك، وأما إذا أصبحت مضغة فقتلها حرام، والمريضة كالمسافرة، وما عدا هذين فلا يصلح أبداً تحديد النسل أبداً في الإسلام، هذا دين الله.
الجواب: ( هما لأخيك أو لك أو للذئب ). ولا حرج.
الجواب: اختلف فقهاء الأمة في هذه القضية؛ لأن السودان جاءت بين ميقاتين: ميقات المغرب واليمن، فمن أحرم من البحر فحسن، ومن لم يحرم فيحرم من جدة ولا حرج، فسكان السودان ميقاتهم مختلف فيه: هل هو في البحر أم هو في جدة، وهذه رخصة لأهل السودان.
الجواب: لا، بل أخوك فقط، وليس ابنك أبداً، وكونك ربيته حتى كبر لك أجر، لكن لا يكون ابنك أبداً، ولا يرثك ولا ترثه، وهو عبد لله، فمن التقط ولداً فيربيه لوجه الله، أو يطلب مساعدة من بيت مال المسلمين - كما تقدم- فإن استطاع أن يربيه فله أجر التربية، ويكون أخاً له في الإسلام، وليس ابناً له أبداً، وإذا أرضعته زوجته فقد أصبح ابناً للمرأة، وليس ابن الرجل، فلا يقول: هذا ولدي.
الجواب: العقيقة سنة مؤكدة، فإذا وجد الرجل أو المرأة اللذين ولد لهما مولود قدرة على أن يذبحا شاة أو شاتين في اليوم السابع فليفعلا، ومن عجز فلا حرج، ويستحب أن يكون على الولد شاتان في اليوم السابع، وعلى الأنثى شاة واحدة، وهذا بالنسبة للقادر على ذلك المستطيع له، أما العاجز فلا يطالب بهذا أبداً.
ومن لم يذبح في اليوم السابع يؤخرها إلى الأسبوع الثاني أو إلى اليوم الحادي والعشرين، وهو سنة من سنن الإسلام بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وفعلها، فقد ذبح للحسين أو الحسن شاتين، وللبنت شاة واحدة.
الجواب: نعم والله يكفيك، فصم ثلاثة أيام في مكة أو في منى وسبعة أيام في بلادك، وهذا شأن المتمتع الذي لا قدرة له على أن يذبح شاة، والذي ليس عنده نقود، أو عنده بعض النقود تكفيه لعودته إلى بلاده، ولا يستطيع أن يشتري هدياً بها، فله أن يصوم ثلاثة أيام في مكة أو في منى، وسبعة أيام في بلده؛ لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [ البقرة:196 ].
الجواب: نقول: يجوز هذا، وفيه خير؛ لأن طلبة القرآن هم أفضل الناس في القرية، فيوصي لهم بهذا المال ينتفعون به، وهو مأجور، لكن ليس على شرط أن يقول: يقرءون عليّ القرآن، ولكن فقط أن يكرم أهل القرآن، كما أكرمهم الله، فأهل القرآن هم أهل الله، وأما أن يقول: اجعلوا ربع المال لمن يقرءون القرآن عليّ يومياً أو أسبوعياً فهذا لا يجوز، وإنما فقط يجوز أن يوصي بربع ماله لحفظة القرآن؛ حتى يكثر حفظة القرآن في البلاد، وأما من أجل أن يقرءوا عليه فلا.
الجواب: اذهب إلى زمزم وتوضأ وعد إلى المطاف وأكمل طوافك سبعة أشواط، ولا حرج.
الجواب: هو نبي وولي، فلولا نبوته لما تكلم مع موسى ومشى موسى وراءه يتتلمذ عنده؛ لأن موسى عليه السلام كان يخطب في بني إسرائيل، فأصابه في الخطبة عجب، فجاء شاب وقال: هل يوجد من هو أعلم منك يا موسى؟! قال: لا، فعاتبه ربه، وقال له: اذهب إلى المكان الفلاني فستجد رجلاً من عبادنا فخذ عنه العلم، فمشى موسى وانتهى إلى ما علمتم في الآيات الكريمة، فالخضر نبي وولي.
وهو والله لقد مات، فقد مات موسى، والدجالون والخرافيون يقولون: موجود، ويقول أحدهم: لقد صافحني وعلمني كذا وكذا، ويخبر بالغيب، وأكبر دليل على إبطال هذه الكذبة: أنه لو كان حياً لجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وآمن به، ولا يبقى هارباً من الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يراه، فهذا فقط من الجهل والضلال، فالخضر عبد من عباد الله مات كما مات الأنبياء والمرسلون.
الجواب: عندنا حديث صحيح قيد هذا الإطلاق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها بصلاة ). فإذا دخلت المسجد بعد العصر بساعة أو ساعتين فصل ولا حرج، ولكن قبل الغروب بربع ساعة أو عشرين دقيقة اجلس ولا تصلي، والصبح كذلك، وبعد صلاة الصبح صل، ولكن بعد ساعة أو ساعتين إذا أخذت الشمس تظهر فلا صلاة، بل اجلس في المسجد ولا تصلي.
الجواب: إذا تجاوز المواقيت فلا شيء عليه، انتهى أمره، ولكن جدة داخل المواقيت، فإذا أراد أن يذهب ثم يعود ويطوف فيعود ويطوف ولا حرج، فالمسافة ربع ساعة أو ساعة إلا ربع.
الجواب: لا زكاة واجبة عليها في حليها، ولكن لو زكت كان أفضل لها، وهكذا فعل المؤمنات، فما دامت تتحلى به فهو كالسيارة، والسيارة ليس فيها زكاة، وكذلك الفرش والأدوات في البيت، فالحلي من أدوات البيت لا زكاة فيه، ولكن لو زكت فهو خير لها وأفضل، فتجمع الذهب وتسأل بائع الذهب عن قيمته وتزكيه، وهذا أفضل لها، وإن لم تزك فلا حرج.
الجواب: يجوز، ومن عنده دليل بعدم الجواز يأتينا به وندعو الله له بالخير؛ لأن الجمعة قائمة مقام الظهر، فإذا كان يجمع بين الظهر والعصر، فليجمع بين الجمعة والعصر، ولا حرج.
فإذا كان مسافراً ونزل ببلد صلى فيه الجمعة وهو مسافر جاز له أن يصلي العصر بعد صلاة الجمعة، وإن لم يصل فلا حرج؛ لأن الجمع ليس واجباً، بل مستحب وجائز فقط، فإذا كان ينتفع به فليجمع.
الجواب: إن أردت الورع والتفوق فلا تأكل ولا تشرب، بل قل لهم: توبوا إلى الله، وأنا لن آكل طعامكم ولا شرابكم، وإن لم ترد الورع فيجوز ولا حرج، فالحرام متعلق بذمتهم لا بذمتك أنت.
الجواب: أيها الأحباب! لا يجوز أن نترك صوراً في بيوتنا، لا معلقة ولا موضوعة، اللهم إلا إذا كانت في كتاب، أو في حفيظة، أو في تابعية فلا حرج، وأما أن تأتي بصور وتضعها في بيتك وتعلقها فهذا لا يجوز، والدليل: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها في حجرتها - التي فيها أبوها الآن وعمر والنبي صلى الله عليه وسلم- فوجد نافذة في الحجرة قد وضعت عليها عائشة خرقة من قماش منسوجة فيها صورة، فما إن دخل وشاهدها، حتى قال: ( أزيلي عني قرامك يا
فالتصوير عندنا ممنوع إلا من ضرورة، والرسول الكريم يقول: ( إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ). فلا يحل لمؤمن أن يصور أبداً إلا من ضرورة.
والآن جوازك لابد له من صورة، فأنت مضطر، فخذ صورة فقط لهذا الغرض، ولا تحتفظ بها؛ وبذلك ننجو من لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
معاشر المستمعين! جاءني إلى البيت مؤمن وقال: أنا مصاب في أهلي ببلاء كبير، فادع الله لي في الحلقة.
اللهم يا أرحم الراحمين! يا رب العالمين! يا ولي المؤمنين! يا متولي الصالحين! هذه أكفنا رفعناها إليك سائلين ضارعين، اللهم فرج ما بهذا العبد المؤمن، اللهم فرج كربه، واقض حاجته، واجمع بينه وبين أهله في خير يا رب العالمين! وفرج كروب كل المؤمنين والمؤمنات، وأصلحنا جميعاً يا رب العالمين! وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر