أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وقد تدارسنا ما شاء الله، وها نحن مع الأحكام فهيا بنا ندرس مسألة أو مسألتين، وها نحن مع [ المادة الثامنة: في الشفعة، وأحكامها: ] فما هي الشفعة؟ وهل هي جائزة أو ممنوعة؟
فالشفعة مشروعة لرفع الضرر، فقد أذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى بها بين عباد الله لرفع الضرر عن المؤمنين حتى لا يتنازعوا ويتطاحنوا.
فالله شرع الشفعة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لرفع الضرر، والضرر قد يكون وقد لا يكون، والضرر المظنون ليس مجزوماً به أبداً، فإذا اشترى رجلاً أرضاً ثم أوقفها أو تصدق بها فلا حق للشريك بالشفعة أبداً.
نكتفي بهذا القدر، والله نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
الجواب: لا تدفع نقوداً، المواشي كالإبل والبقر والغنم إذا بلغت النصاب لابد أن يخرج نصابها منها، فالغنم من الغنم، والبقر من البقر، والإبل من الإبل، فلا يصح إخراج الثمن.
وصاحب التمر يخرج زكاته من التمر المتوفر، فلا يخرج من العجوة الأغلى ولا من البرني الرخيص، المهم أن تخرج الزكاة من الوسط، وكذلك صاحب الشعير والبر والذرة، فلا تدفع القيمة، وإنما كما هي: حبوب.. ثمار.. حيوانات.
الجواب: هذا حديث صحيح، ومعناه هو أننا إذا بايعنا خادم الحرمين، وقد بايعناه بالفعل وتولى علينا، والذي لم يبايعه أو رفض البيعة، أولم يرها لخادم الحرمين ومات على هذه الحال مات ميتة جاهلية، والعياذ بالله، ومصيره إلى جهنم، إذ لابد وأن نبايع إمامنا ولا نختلف عليه، فمن رفض البيعة ومات على ذلك مات ميتة الشرك والكفر والعياذ بالله.
لولا هذا الحديث لكان أهل المدينة يبايع كل منهما الآخر، فيعيشون على الخلاف والعياذ بالله، فلا يصح هذا.
الجواب: لا ينبغي هذا، يستحب للصائم أن لا يستاك إلا من بعد الظهر، لكن إذا فعل وتسرب شيء من تلك المادة إلى حلقه فسد صيامه، وإن لم يتسرب شيء إلى حلقه فصيامه صحيح.
فعدم استعمال الفرشة مع معجون الأسنان للصائم أولى، إذ يستحب أن لا يستاك طول النهار إلا بآخر النهار لتبقى تلك الرائحة الطيبة عند الله، ومن فعل لجهله وتسربت مادة التنظيف إلى حلقه فسد صومه وعليه القضاء، وإن لم يتسرب شيء فلا بأس، وصيامه صحيح وفاته أجر.
الجواب: القرآن الكريم فيه مائة وأربع عشرة سورة، وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام:
السبع الطوال: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، الأنفال، التوبة.
دون ذلك وهو المتوسط إلى سورة الحجرات، أي: من التوبة إلى الحجرات، وهي عشرات السور.
ومن الحجرات إلى الناس قصار المفصل.
ومعنى المفصل: مفصول بذكر الله الرحمن الرحيم، فتنتهي السورة وتبتدئ الأخرى ببسم الله الرحمن الرحيم، فبسم الله هي الفاصل، فيجوز أن تصلي بطوال المفصل أو بمتوسطه أو بقصاره.
أما إذا كنت إماماً تؤم المسلمين فعليك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان يصلي الصبح بالحجرات وما دونها إلى سورة عبس، وهي طوال المفصل، وكان يصلي العشاء والظهر بالمتوسط من عبس إلى وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:1-2]، وكان يصلي المغرب والعصر بقصار المفصل من الضحى إلى سورة الناس، هكذا كان الرسول يعلم أصحابه.
أما إذا كنت تصلي بمفردك فاقرأ بالبقرة أو بآل عمران أو بالنمل أو بالأحقاف أو بما عدا ذلك، وهذا على سبيل الاستحباب والندب لا للوجوب.
الجواب: البسملة سنة عند الأكل والشرب، فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: بسم الله الرحمن الرحيم إلا في القراءة، أما عند الأكل والشرب ولباس الثوب فكان يقول: بسم الله فقط، وإن قلت: بسم الله الرحمن الرحيم هو حق ليس فيه شيء أبداً، ولا إثم عليك.
الجواب: عايشنا علماء لم تشهد الأرض مثلهم كانوا يفعلون هذا، وتناقله المسلمون من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة يرفع كفيه وينفث فيهما ويقرأ الصمد والمعوذتين ثم يمسح وجهه وجسده إلى رجليه، فلم إذاً ننفي مسح الوجه؟!
لو كان لا يجوز ذلك لتركه علماء الأمة، فلماذا يفعلونه؟ فمن وسوس له الشيطان بأن لا يمسح فلا يمسح أبداً، ومن عنده دليل أن الرسول لم يجز ذلك فليأتنا به، فكيف والرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه بالدعاء ومسح بهما جسده أفلا أفعل كما فعل؟!
الجواب: لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( المدينة حرام من عائر إلى ثور ) عائر: جبل في جنوب المدينة وغربها. وثور: جبل في شمالها وشرقها، والمدينة محصورة بين هذين الجبلين، فهما حدود المدينة. قوله:( من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ) أي: لا فرض ولا نفل.
أما معنى: ( آوى محدثاً )، آواه: نصره وأيده وقال بقوله، هذا هو التأييد والإيواء.
أما الحدث المحرم فنحو أن يفتح شخص دار بغاء في المدينة، أو داراً للخرافة والضلالة وإفساد العقول والعقائد فأي حدث أعظم من هذا؟! فهذا ضلال وأي شر أعظم من هذا الحدث، وكمن يفتح دكاناً للتصوير، فهذا أحدث حدثاً لا يرضى بذلك رسول الله ولا يقبله.
وكذلك الذي يبتدع بدعة منكرة، والذي يؤيده عليها دخلوا في هذا الوعيد -والعياذ بالله تعالى- وهو شر وعيد، فلهذا نجتهد أن لا نحدث في المدينة حدثاً أبداً، نأخذ بسنة رسول الله وهديه في البيع والشراء، واللباس والأكل والشرب وفي الأعمال كلها، ولا نخرج عن دائرة ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبينه ويعمله.
الذي يفتح دكان حلاقة يحلق وجوه الرجال فقد أحدث حدثاً، وأي حدث أعظم من هذا؟ لو كان الرسول موجوداً أيرضى بهذا؟!.
لو أن طالبة علم علمت النساء كيف يكشفن وجوههن ويخرجن للشوارع فقد أحدثت حدثاً، ولا يصح منها، ويا ويلها!
الجواب: سائل فقيه يسأل يقول: في كتاب الله قول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] أي: لا تتحمل نفس ذنب نفس أخرى، وفي الحديث: ( الميت يعذب ببكاء أهله ).
فسرت أم المؤمنين عائشة وبينت لنا: أنه إذا أوصى نساءه بأن يبكين عليه يعذب بذلك البكاء، أما إذا بكوا ولم يوص بذلك فلا يعذب بهذا، لقول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164].
الجواب: سائل يقول: أرى بعض إخواننا في الحلقة يتكلمون في أمور الدنيا كالبيع والشراء وما إلى ذلك، ويشوشون على المستمعين، فهل من كلمة توجيهية إليهم؟
الكلمة هي: يا إخواننا! والله الذي لا إله غيره لا يجوز لك أن تتكلم بدنياك في بيت الله، لا في المسجد الحرام ولا المسجد النبوي، ولا أي مسجد، لا تتكلم في المسجد إلا بأمور الدين والعلم فقط، أما بعت واشتريت وهذا يساوي كذا وهذا كذا فهذا لا يجوز، فقد حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم تحريماً كاملاً.
أردت أن تتكلم في مسألة فاخرج مع صاحبك وقل له كذا وكذا، أما الذين يقصدون التشويش ويمنعون الناس من سماع الدرس، فهم آثمون، ويجب أن يتوبوا إلى الله، ويرجعوا إليه، والله يقبل توبة عبيده ويرحمنا وإياهم.
الجواب: التسليمة الأولى فرض وبدونها تبطل الصلاة، ولابد منها، والتسليمة الثانية سنة مستحبة، هذا هو الحكم.
وبعض المالكية يتركون السنة ويكتفون بالتسليمة الأولى فقط، فقد تركوا أجراً وفاتهم خير، ولا داعي إلى هذا أبداً، بل الصواب أن نسلم تسليمتين الأولى عن اليمين، والثانية عن الشمال، فالأولى فرض لابد منها، والثانية مستحبة -سنة- نثاب عليها، فلماذا نتركها؟! هل تحملنا شيء؟! أم أننا نريد أن نخالف لأننا مالكية، فلا يجوز التفرقة بين المسلمين أبداً.
الجواب: إذا كان التقبيل لا يعتقد فيه أنه سنة، وإنما أحبه وأراد أن يدخله في قلبه فله ذلك، والممنوع هو أن يقبله ويسجد عليه، فهذا سجود لغير الله، وهو شرك ولا يصح، فلا سجود للمصحف ولا لرسول الله، لا يسجد المؤمن إلا لله فقط، أما التقبيل فيجوز وليس فيه شيء، ولم يرد فيه نهي، فمن فعله فله ذلك، أما من وضعه على رأسه وقبله ثم قرأ، فهذا يعني أنه يرفعه وهذا لا بأس، لكن السجود عليه لا يجوز.
الجواب: إذا كانت الآيات خبراً من الأخبار وتأثرت وقلت: صدق الله العظيم فأنت مأجور على ذلك، وإذا كانت ليس فيها خبر، فقولك: (صدق) في ماذا تكون؟!
عبارة: (صدق الله العظيم) ابتدعها القراء في الديار المصرية فيفهم السامع أن القراءة قد انتهت، فهذه العبارة كفاصل لا أقل ولا أكثر.
فمن قال: صدق الله العظيم فلا حرج، ومن لم يقل فليس مأموراً بشيء، فلم يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالقراء لما كانوا يقرءون في الإذاعة والنساء والأطفال والرجال يستمعون فإذا سكتوا ولم يقولوا: صدق الله العظيم، يظن الناس أنه لا يزال في القراءة، فإذا قال: صدق الله العظيم علموا أن القراءة قد انتهت، فهذه سنة محدثة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر