أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وألفت النظر إلى أن هذا الكتاب جمع المسلمين على منهج الحق، فلا مذهبية ولا طائفية، وإنما هو قال الله قال رسوله، منهج السلف الصالح، عقيدة وآداباً وأخلاقاً وأحكاماً وعبادات، وها نحن مع أحكام الربا.
قال: [بيان أجناس الربويات] الربا أجناس [والذي عليه الجمهور من الصحابة والأئمة هو أن الذهب جنس، والفضة جنس، والقمح جنس، والشعير جنس، وأنواع التمر كلها جنس، والقطاني أجناس مختلفة: فالفول جنس، والحمص جنس، والرز جنس، والذرة جنس، وأنواع الزيوت كلها جنس واحد، والعسل جنس، واللحوم أجناس: فلحم الإبل جنس، ولحم البقر جنس، ولحم الضأن جنس، ولحم الطيور جنس، ولحوم الأسماك المختلفة جنس] ولتعلم أن الجنس ما يباع بجنس آخر إلا يداً بيد ومثلاً بمثل، فلا تبيع فضة بفضة إلا يداً بيد ومقداراً بمقدار، والذهب بالذهب، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، هذه الأجناس هي أجناس الربا، فلا تباع إلا بميزان واحد وفي مجلس واحد (ها وها).
[وها هي صورة تقريبية للبنك الإسلامي المقترح إنشاؤه: يجتمع الإخوة المسلمون من أهل البلد، ويتفقون على إنشاء دار يسمونها (خزانة الجماعة) يختارون لها من بينهم من هو حفيظ عليهم] أمين عليهم [يتولى إدارتها وتيسير عملها].
يا أهل المدينة! يا أهل القرية من المسلمين! ألستم مؤمنين؟ ألستم ربانيين؟ ألستم أولياء الله الصالحين؟ أنشئوا هذه الخزينة، ومن ثم تغلق البنوك أبوابها، ولا يبقى بنك كافر.
إذاً: تكون الخزانة مقصورة على ما يلي:
أولاً: قبول الإيداعات.
ثانياً: الإقراض.
ثالثاً: المشاركة في ميادين الفلاحة، والتجارة، والصناعة.
رابعاً: المساعدة على تحويل عملة الإخوان من بلد إلى بلد بلا أجر إذا كان لها فرع في ذلك البلد.
خامساً: على رأس كل سنة تصفى حسابات الخزانة، وتوزع الأرباح على المساهمين بحسب سهومهم في الخزانة.
هذا ممكن أن يقع لو أسلمنا قلوبنا ووجوهنا لربنا، وهو أيسر من أن نأكل الطعام ونشرب الماء، لكن ما دامت القلوب قاسية والنفوس شاردة فهو صعب جداً.
والخلاصة: لا بأس أن يكوِّن أهل البلد من الإخوة المسلمين الصالحين، صندوقاً يساهمون فيه بنسبة إيراداتهم الشهرية، أو حسبما يتفقون عليه من مساهمة كل فرد بنصيب معين يكونون فيه سواء، متحدين على العطاء الذي يقدمونه، على أن يكون هذا الصندوق وقفاً خاصاً بالإخوة المشتركين، فمن نزل به حادث دهر كحريق، أو ضياع مال، أو إصابة في بدن أعطي منه ما يخفف به عن مصابه وألمه، غير أنه ينبغي ملاحظة ما يلي:
أولاً: أن ينوي المساهم بمساهمته وجه الله تعالى، ليس من أجل أن يعطى إذا أصيب؛ ليثاب على ذلك.
ثانياً: أن تتحد فيه المقادير التي تمنح للمصابين فلا يأخذ هذا عشرة وهذا يأخذ خمسين، فكما حددت أنصبة المساهمة تحدد العطاءات على المساواة.
ثالثاً: لا مانع من تنمية أموال الصندوق بالمضاربات التجارية والمقاولات العمرانية، والأعمال الصناعية المباحة ولا حرج، فينمى هذا المال.
ومتى يتم هذا يا عباد الله؟
وفي اليوم الثاني يجتمع النساء من وراء الستارة، والأطفال أمامهن من وراء الرجال، والرجال أمام الكل، فيجلسون كجلوسنا هذا ويجلس لهم عالم رباني بحديث نبوي يتلوه عليهم ويردده عشر مرات أو خمس عشرة مرة؛ فيُحفظ من قبل الأطفال والنساء والرجال، ثم يُشرح لهم ويبين لهم ماذا فيه، فإن كان عقيدة اعتقدوها، وإن كان أدباً تأدبوا به، وإن كان خلقاً تخلقوا به، وإن كان عبادة نهضوا بها، وإن كان نهياً وتحريماً عن محرم تركوه واجتنبوه، وإذا هم ربانيون بعد أربعين يوماً فقط.
أما إن استمروا سنة كاملة فلن يبقى في القرية ولا في الحي جاهل ولا جاهلة، إذ الفسوق والفجور والخيانة والخداع والغش والكذب.. كلها -والله- من الجاهلين، ليس من أهل العلم أبداً، فينتهي الجهل والظلم والفسق والفجور، ونصبح إخوة ربانيين.. ويومها ننشئ هذا الصندوق في محراب مسجدنا، صندوق من حديد.
معشر الأبناء! معشر الإخوان! أيتها المؤمنات! من زاد عن قوته دينار أو درهم فليضعه في هذا الصندوق، هكذا يقول المربي، والله ما يمضي أشهر إلا والصندوق يفيض بالمال.
يا معشر الإخوة! من منكم الصناع؟ من منكم التجار؟ من منكم الفلاحون؟ فلان وفلان وفلان.. نموا هذه الأموال، فإذا نميت وباركها الله عز وجل، وأخذت زكاتها رأس كل العام -والله- لن يبقى في القرية فقير يمد يده، ولا في الحي مسكين يمد يده أبداً، بل تسد حاجاتهم فوراً كل سنة.
وبذلك نكتفي فلسنا بحاجة إلى البنوك، ولا إلى الربا، ولا إلى الفجور والزنا، ولا إلى الباطل والشر؛ لأننا أصبحنا أولياء الله الذين قال تعالى فيهم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] لا في هذه الحياة الدنيا ولا في البرزخ بين الحياتين، ولا يوم القيامة أبداً، فلا يخافون ولا يحزنون أبداً، فالمؤمنون أولياء الله لا يحزنون بالموت بل يفرحون به، وإذا أصيب بمصيبة حمد الله وفرح بذلك، فلا خوف ولا حزن، ولكن متى يتم هذا؟ عندما نصبح كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عالمين عارفين بالله، نعبد الله وحده ولا نشرك به سواه.
هذا هو الطريق.. فهيا بنا نبدأ، يا أهل القرى! يا أهل الأحياء! ابدءوا، كوِّنوا هذه اللجنة في مسجدكم وبارك الله فيكم، وزادكم من فضله وبارك فيه، وبدون هذا لا نتمكن أبداً من شيء.
إخواننا لا تقفوا أمام البنوك أبداً! فإنكم إذا هجرتموها أغلقت أبوابها، وقلنا لأصحابها حولوها إلى مصارف إسلامية، فأصل البنك في اللغة (مصرف). وصاحب المصرف توضع عنده الأموال فينميها ويعطي أرباحها لأهلها وهو معهم أيضاً لتحفظ، فتودع الأموال عنده، ونخرج من هذه الفتنة وهذا الظلام الذي عمّنا والعياذ بالله.
اللهم تب علينا، اللهم تب علينا، واجمع كلمتنا على الحق، وزك نفوسنا وطيبها وطهرها، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الجواب: قولي فيه كما علمت وبلغني أنه مصرف إسلامي، تنمى فيه أموال المسلمين؛ ولهذا نطالب البنوك الموجودة أن تتحول إلى مصارف كالراجحي والسبيعي وغيرهما.
الجواب: من كان لا يدخلها إلا في شهرين أو ثلاثة أو أربعة مرة فينبغي أن يدخلها محرماً بعمرة، ومن كان يتردد عليها في الشهر مرتين، ثلاث فلا شيء عليه، يدخل بدون إحرام.
الجواب: ليس عندي علم بالضوابط، لكن المعروف أنه يبيع هذه السيارة نقداً بعشرة آلاف، ويبيعها إلى أجل مقسطة باثني عشرة أو ثلاث عشرة.
والواجب عند أهل الفقه المسلمين مالك وغيره: أن لا يبرح مكانه حتى يبت، إما أن يأخذ بالنقد أو يأخذ بالتقسيط، وهذا التقسيط جائز.
ومثال آخر: أن يبيع صاع أو قنطار الشعير بمائة نقداً، وبمائة وكذا إلى آجل، يجوز هذا، فقط الذي لا يجوز أن لا تخرج من المكان حتى يبت في البيع إما أن تأخذ بكذا أو بكذا.
الجواب: معاشر المسلمين! الذي عنده مال حال عليه الحول ينظر هل عليه ديون، فإن كان عليه ديون سددها أولاً، وإن بقي شيء زكاه، وإن لم يبق فلا شيء عليه، فإذا حال الحول ونظر أن لفلان عليه ألف ولفلان عشرة، فيجب أن يسدد هذا الدين أولاً، ثم إن بقي شيء زكاه وإن لم يبقى فلا شيء عليه. هذا إذا كان عليه دين، أما إن كان له دين على غيره، فإذا كان الذي عليه الدين غنياً ليس بمحتاج ولا مفتقر فيجب أن يزكي هذا المال، فإما أن يكون لك دين على الناس، أو يكون عليك دين للناس، فإن كان لك دين على الناس، وحال على مالك الحول ووجبت فيه الزكاة، نظرت الذين لك عليهم دين هل يستطيعوا أن يسددوا، هل هم معترفين بالدين، فإن كانوا يستطيعون ذلك معترفين به وجب أن تحسب ذلك المال وتزكيه. وإن كانوا فقراء ليس عندهم شيء أو منكرين جاحدين، ففي هذه الحال لا زكاة تزكيها عنهم، وإذا قبضت شيئاً بعد عام أو عشرة زكيته.
إذاً: إما أن يكن لك دين أو عليك دين، وحال الحول، فإن كان عليك دين فعليك سداد الديون قبل أن تخرج الزكاة، فإن بقي شيء زكيته.
وإن كان لك ديون على آخرين وحال الحول، فانظر الآخرين إذا كانوا أغنياء قادرين على أن يسددوا وجب أن تزكي هذا المال، وإن كانوا جاحدين منكرين أو فقراء لا يستطيعون فلا تطالبهم، فإذا جاء شيء بعد عام أو عامين منهم زكيته على الفور مرة واحد. هذا هو الحكم الفقهي.
الجواب: عليها هدي أو فدية، عليها فدية، صيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة.
الجواب: سائل يقول: سها في صلاته فنسي سجدة في ركعة من الركعات، فإذا كان من الركعة الأخيرة اسجد، وإذا كانت السجدة في الركعة الأولى أو الوسطى أو الثالثة ائت بركعة والغ تلك الركعة الأولى، فائت بركعة كاملة واسجد بعد السلام سجدتين إرغاماً للشيطان.
إذاً: إذا تركت ركناً من أركان الصلاة في ركعة من الركعات ليست الأخيرة، فألغ تلك الركعة ولا تعتد بها وكمل صلاتك، واسجد بعد السلام، هذا هو الواجب، وإذا كنت في الركعة الأخيرة وظننت أنك سجدت سجدة واحدة فاسجد السجدة الثانية، واسجد للسهو ولا حرج، أما في الركعة التي قبل فلا تعود إليها، بل تلغها وتأتي بركعة أخرى، فتتم صلاتك بذلك.
الجواب: هذا الحديث مكتوب في الروضة، في الصحاح، في الموطأ: الإيمان (يأرز) يعني: ينزح إلى المدينة، من الجهات من الشرق والغرب يأتي إلى المدينة كما ترى الحية تذهب إلى غارها. فالحية إذا خرجت ترجع إلى جحرها؛ ولهذا المؤمنون يأرزون إلى المدينة ويحاولون أن يموتوا بها ولا يخرجون منها.
الجواب: نعم، إلا رغيبة الفجر والوتر لا تتركهما، ورغيبة الفجر ركعتين قبل صلاة الصبح، والوتر بعد العشاء، وما عدا ذلك قبل الظهر أو بعده وقبل العصر أو بعد المغرب يسقط عنك وتثاب عليه؛ لأنك مسافر، حتى وإن كنت مستريحاً غير متعب ولم تصلها، فإنك تثاب عليها أيضاً بأجر عظيم.
الجواب: سائل البارحة مصري قال: جئنا من مصر وما أحرمنا من الميقات وجئنا إلى المدينة، هل يجوز لنا؟
قلت: نعم ولا شيء عليكم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ) اليمني يتجاوز ميقات اليمن يلملم ويأتي إلى المدينة فيحرم من المدينة، والشامي يتجاوز ميقات رابغ ويأتي المدينة فيحرم من المدينة، والمغربي يتجاوز ميقاتها ويحرم من الطائف.. المهم أن تحرم من ميقات فقط.
الجواب: الخلاف موجود، والحق إن شاء الله: أنه إذا مالت الشمس إلى الغروب فلا تصلِ نافلة ولا تحية مسجد ولا غيرها؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها بصلاة ) كذلك عند الطلوع إذا كادت الشمس أن تشرق فلا تصلِ بل اجلس. أما قبل غروبها وقبل إشراقها فإنك تصلي النافلة كتحية المسجد ولا حرج.
أما النوافل فلا صلاة من بعد العصر، ومن بعد الصبح، ولكن لابد من تحية المسجد إلا عند الطلوع وعند الغروب فلا تصلِّ.
وبعض الغافلين قد يدخل ويبقى واقفاً، لم تبقى واقفاً؟ إن عباد الشمس واقفون كما أنت واقف في ذلك الوقت، اجلس ولا تقف.
الجواب: نعم، يجوز للمسافر أن يجمع بين وقتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء على سبيل الجواز ليس فيه أجر، لكن يجوز تخفيفاً للمسافر ورحمة به.
الجواب: نعم. تخرج إلى التنعيم وتغتسل وتتجرد وتلبي كما فعلت عائشة أم المؤمنين.
الجواب: لا علم لي، الله أعلم، أنا أعرف أن الروضة مشرفة كأنها الجنة، الذكر فيها، الدعاء، الصلاة.. كله خير، لكن كوني أقول: من دعا فيها استجيب له فهذا نحتاج فيه إلى دليل من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد علّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم الأوقات التي يستجاب فيها لنا مثل: بين الأذان والإقامة، وفي السجود وبعد التشهد قبل السلام من الصلاة.. هذه كلها مواطن يستجاب فيها الدعاء.
الجواب: هذه بدعة منشأها الجهل، بدعة ما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أمر بها ولا أوصى، ولم يفعلها أبو بكر ولا أصحاب الرسول أبداً، ما كان يأتي آتٍ من الشام ويقول: يا رسول الله! فلان يسلم عليك، هذا عمل الجهال، فما المانع أن تسلم عليه أنت وأنت في الصين؟ فالآن تتكلمون في المسجد مع من في الصين عبر الأسلاك.
ومن ثم أيما مؤمن يقول: السلام عليك أيها النبي إلا وتبلغه من أي مكان، ألسنا عندما نصلي ركعتين نقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته؟
إذاً: ها نحن نسلم على رسولنا في كل صلاة في كل يوم عشر مرات أو عشرين مرة، فكيف يقول لك: سلم لي عليه أنت يا فلان! هذا كلام العوام.
الشيخ: معشر الإخوان أعتذر عن عدم الحضور غداً وبعد غد هناك إخوان لنا من المسلمين يلحون علي إلحاحاً بأن أحضر عندهم لأبين لهم الطريق -إن شاء الله- وسبيل النجاة في أوروبا؛ فلهذا أعتذر وأدعوكم ألا تنسوني بدعائكم، فإن عدت فالحمد لله، وإن توفاني ربي نلتقي بكم في الجنة دار السلام.
هناك مريض أيضاً يقول: ادع الله لي بالشفاء، فهيا ندعو له.
اللهم يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين، يا ولي المؤمنين، يا متولي الصالحين، هذه أكفنا رفعناها إليك سائلين ضارعين، فاكشف ضر هذا المؤمن يا رب العالمين، واكشف ضر كل مؤمن ومؤمنة، في بيوتنا ومشافينا وبيننا، اللهم اكشف مريضنا واكشف ضره يا رب العالمين، واشفنا ظاهراً وباطناً.
اللهم آت نفوسنا هداها وتقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.. اللهم آت نفوسنا هداها وتقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم ردهم إلى الصواب يا رب العالمين. اللهم أعز دينك وأولياءك إنك ولي ذلك والقادر عليه.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر