أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن مع الزكاة ومتطلباتها، وانتهينا إلى [الثمر والحبوب].
قال المؤلف: [ثالثاً: الثمر والحبوب: شرط الحب والثمر: أن يزهو الثمر -يصفر أو يحمر- ] زها يزهو إذا اصفر أو احمر كالتمر ونحوه [ وأن يفرك الحب ] يفرك: يتحلل القمح أو الشعير [ وأن يطيب العنب والزيتون ] فإذا اصفر التمر أو احمر، وفرك الحب، وطاب العنب والزيتون وجبت الزكاة [ لقوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141] ] قبل أن يستوي ويصبح حباً أو تمراً لا زكاة فيه، لكن إذا أصبح متأهلاً للجدب والحصاد وجبت فيه الزكاة.
قال: [ ونصابها: خمسة أوسق ] ونصاب هذه الحبوب والثمار الذي إذا وجد وجبت الزكاة: خمسة أوسق [ والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد ] أربع حفنات تكون صاعاً، من ملك خمسة أوسق، والوسق بستين صاعاً، اضرب الستين في خمسة تكون ثلاثمائة صاع، والصاع أربعة أمداد بكف الرجل المتوسط الذي ليس قصيراً ولا طويلاً [ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) ] ويعني بالصدقة: زكاة الواجب والفريضة، ولا يعني الصدقة العامة، فلا زكاة في أربعة أوسق، أو خمسة أوسق إلا ربع، أو خمسة أوسق ناقصة مداً واحداً أو حفنة [ والواجب فيها إن كانت تسقى بلا كلفة بأن كانت عثرية ] من التربة اللينة الرطبة تنبت الشجر والزرع ولا تسقى بالماء [ أو تسقى بماء العيون والأنهار العشر ] هذه نصابها خمسة أوسق، والواجب فيها العشر [ ففي خمسة أوسق نصف وسق ] خمسة أوسق يجب فيها نصف وسق [ وإن كانت تسقى بكلفة، بأن تسقى بالدلاء والسواني ونحوها ففيها نصف العشر ] وليس العشر، بل نصف العشر [ ففي خمسة أوسق ربع وسق ] الآن هناك فرق بين ما تسقى بالدلاء والآلات، وبين ما تسقى بماء المطر والأنهار والسيول أو الأرض العثرية، فما كان فيها كلفة ففيها نصف العشر فقط، وما كانت لا كلفة فيها ففيها العشر [ وما زاد فبحسابه قل أو كثر ] عندك خمسة أوسق ففيها نصف وسق، وإذا ملكت ستة أوسق أو سبعة أوسق فما زاد فبحسابه [ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء) ] أي: الأمطار [ (والعيون أو كان عثرياً..) ] لا يحتاج إلى الماء في الأرض، أرض رطبة [ (.. العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر) ].
وهذه شبهة، قد يقول القائل: أنا مستأجر الأرض بخمسين ألف، كيف أخرج زكاتها؟ لم صاحب الأرض لا يزكي؟ هو أصلاً ما ملك شيئاً، فكيف يزكي ولم ينبت له نبات؟
قال: [ إيضاح لها: وإيضاح هذه المصارف الثمانية كالتالي: ]
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الجواب: سائل يقول: الموظف الذي له راتب كيف يزكي هذا الراتب؟ الجواب: الراتب يستلم شهرياً، فأنفق منه، فإن توفر ألف أو خمسة أو ريال فاحتفظ به، جاء الشهر الثاني فتوفر ريال أو خمسة أضفه إلى الأول، الرابع.. الخامس.. السادس، الشهر السابع احتجت إلى ذلك لم يبق عليك شيء، تبتدئ من جديد من الشهر السابع فتوفر شيء وتجمعه، الشهر التاسع العاشر حتى جاء الشهر الثاني عشر ودخلت السنة، متى تبتدئ بالزكاة؟ تبتدئ من الشهر الذي توفر لك به.
الموضوع فيه بعض الغموض، بسهولة نقول: الموظف يزكي يوم يحول الحول إن وجد شيئاً متوفراً من الراتب، فلا يطالب بالزكاة في كل شهر، فالموظف وصاحب الراتب عندما يأتي رمضان أو محرم وهو الشهر الذي بدأ فيه العمل ينظر كم عنده، إن وجد نصاباً زكاه، وإن لم يجد نصاب فلا زكاة عليه، لا نقول كبعض القائلين من العوام: كل شهر يزكيه إذا قبضه، هذا خطأ ورداً للشريعة ودفعاً لها، لكن إذا أراد أن يتصدق فمن يمنعه من الصدقة، قد يتصدق بغدائه ولا يتغدى، لكن كون الزكاة واجبة هذا شيء والصدقة شيء آخر.
الجواب: قال: أقرضني إنسان ألف أو عشرة ألف، فهل أزكي هذا القرض أم لا؟ الجواب: لا. الذي أقرضك هو الذي يزكيه، عندما يحول الحول يجمع الديون التي له على الناس مجموعة ويزكيها، اللهم إلا إذا كان الدين على شخص معسر أو منكر، إما معسر ليس عنده ما يدفعه، أو منكر يقول: ما لك علي شيء. في هذه الحال عندما يحصل على ذلك المال بعد عام أو عامين أو ثلاثة يزكيه لمرة واحدة.
إذاً: الذي له ديون على الناس يزكيها إذا حال الحول على ما في صندوقه، يجمع ديونه ويزكي الكل، يبقى فقط بعض من له دين عليه فلم يستطع التسديد لأنه معسر، فهل يزكي هذا المال؟ من الرحمة الإسلامية أنه لا يزكيه إلا بعد قبضه، عندما يقبضه بعد عام أو عامين أو ثلاثة يزكيه مرة واحدة، لكن إذا كان المدين ليس معسراً ولا منكراً يجب أن نسجل دينه ونزكيه.
الجواب: سائل يقول: هل في السيارات التي نركبها ونستخدمها زكاة؟ فالجواب: لا زكاة على بغل ولا على فرس ولا على حمار ولا على بعير تركبه، ولا على سيارة ولا على باخرة، السيارات إذا اشتريتها لتبيعها هنا يجب أن تزكيها، اشترى رجل سيارتين أو ثلاث وتركهما في البيت عندما تشتد الحاجة يبيعها، هذا كالتجارة، إذا حال الحول يزكي، أما اشتراها للركوب والاستخدام فقط فلا زكاة فيها، وإن كنت تحصل على أموال يومياً بالآلاف، لكن لما تحصل على أموال وتبلغ النصاب ويحول عليها الحول تزكي ما عندك من المال فقط.
الجواب: السائل الكريم يقول: مصارف الزكاة ثمانية، فإن اجتمعت هذه الثمانية فكيف توزع عليهم الزكاة؟ الأمر في هذا واسع، إن شئت جعلتها كلها للفقراء، وإن شئت جعلتها للغارمين، وإن شئت جعلتها في سبيل الله، وإن شئت وزعتها وأعطيت هذا وهذا، فأنت حر في هذا، المهم أن تنفقها في هذه المصارف، في جميعها أو في واحد من هذه المصارف الثمانية.
الجواب: السائل يقول: إذا كان عندي مائتا جنيه في بلادي، وقيمتها في المملكة سبعة وستين ريالاً، إذا كانت ألف ريال فلا تزكى؛ لأن الزكاة لابد أن تكون ألفين فما فوق، السعودي صاحب ألف وخمسمائة أو ألفين فقط لا يزكي، لابد وأن تكون على الأقل ألفين وخمسمائة، فما دامت هذه الجنيهات ما تساوي نصاب الزكاة فلا زكاة فيها.
الجواب: قال: بالنسبة للأراضي والعمارات والتجارات كيف تزكى؟ فالجواب: وكما علمتم دائماً نذكر للمسلمين ما هو أرحم وأرفق بهم مما يؤيده أهل العلم من الصحابة والتابعين، فالذي أقوله: إن اشتريت قطعة أرض من أجل أن تبني عليها سكناً لك ولأولادك، فهذه القطعة من الأرض لا زكاة فيها ولو تبقى عشرين سنة.
وكذلك لو اشتريت منزلاً.. عمارة سكن تريد أن تسكنه أو تسكن أولادك فيه أو أحفادك فلا زكاة فيه، لكن إذا اشتريت الأرض أو العمارة من أجل إذا غلت تبيعها فهذه إذا بعتها بعد عام أو بعد عامين تزكيها لسنة واحدة، هذا أعدل ما قيل في هذه القضية، وعليه عثمان بن عفان ومالك بن أنس .
الجواب: بهلول يقول: (آمين) نقولها في الصلاة، إذا قال الإمام: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، قلنا: آمين، هل نقولها إذا كنا في الصلاة السرية؟
كل من قرأ الفاتحة ينبغي أن يقول: آمين، سواء كان وحده أو مع غيره في الصلاة الجهرية أو في السرية؛ لأنها كلمة: اللهم استجب. أنت دعوت الله، ورفعت يديك إليه، وحمدته، وأثنيت عليه، ومجدته، وتملقته: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، طلبت منه الهداية، ثم تقول: آمين، أي: اللهم استجب.
الجواب: الأولى أن يعيدوا السجود؛ لأنه سجد في موطن ليس فيه سجود، المفروض بعدما يتشهد قبل أن يسلم يسجد ويسلم، هذا سجد قبل أن يتشهد، قدم وأخر، والأفضل أنه يسجد بعد السلام.
مداخلة: هل على المأمومين شيء؟
الشيخ: المأمومين إذا سجد الإمام يسجدون معه، وما فات لا شيء فيه.
الجواب: هذه آية واضحة صريحة، الذين يبيعون دين الإسلام بالأموال، يفسقون الناس ويفجرونهم لأجل الأموال ممن لا يزالون على الشرك والباطل، فهؤلاء والعياذ بالله تعالى، قال تعالى فيهم: أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ [البقرة:174]، وسيصلون سعيراً، الذي يبيع دينه وإيمانه بالدنيا -والعياذ بالله تعالى- فيا ويحه!
وعلى سبيل المثال الآية تعني: اليهود والرهبان والنصارى يحملون أتباعهم على الكفر وهم يعلمون أنه كفر، وأن الإسلام دين الحق، لكن للحفاظ على المنصب والسمعة والسيادة يحملونهم على الكفر، هذا موجود في اليهود والنصارى وهم على علم. قد يوجد في بعض المسلمين الهابطين أيضاً من يحمل الناس على البدعة والخرافة وهي ضلال؛ ليبقى سيداً بينهم يقبلون يديه ورأسه، وهو يعرف هذا، كلهم تشملهم هذه الآية.
الجواب: أي مال، عند الدولة، أو عند أحد من الناس أو عند البنك يجب أن تزكيه كل سنة، ما دام مالك مرصود عند فلان أو فلان أو فلان لابد أن تزكيه، إلا إذا كان المال لا تملكه بعد فحينئذٍ لا زكاة فيه حتى تملكه ويكون مالك.
الجواب: سائل يقول: أنا مقيم بالمدينة، وحال الحول على الزكاة، وأنا أبعث مالي وزكاتي لبلادي، فالجواب: إذا كان هكذا تعصباً وتفضيلاً لبلادك على بلاد الرسول صلى الله عليه وسلم فيا ويلك، وإذا كان لأنك رأيت هنا الفقر قليل، والفقراء قليلون، وهناك في بلادك فقراء أكثر فبعثت بعض الزكاة فلا بأس، أما تحول زكاتك كلها فلا ينبغي، مع وجود فقراء بين يديك.
الجواب: أولاً: الذهب الموجود في هذه الدكاكين ويباع ويشترى، على صاحب الدكان أن يجمعه في يوم من الأيام، ويعده ويحصيه ويخرج زكاته كل سنة، فإذا بلغ كيلو أو عشر قنطار.
ثانياً: من عنده من ذهب في بيته في صندوقه ادخره أو ورثه من امرأته أو غيره إذا حال عليه الحول يجب أن يزكيه، امرأة اشترت ذهباً من أجل أن تدخره وعند الحاجة تبيعه، إذا حال الحول يجب أن تزكيه، وما كان للزينة والتحلي معفو عنه، وإن زكته فلها أجر.
الجواب: سائل يقول: طلبت عملاً، فقال لي أرباب العمل: إذا تريد أن تعمل معنا لابد وأن تستبدل لباسك، فانزع هذه العمامة أو الطاقية، وانزع هذا الثوب، والبس سروال طويل، اجعل الكرفتة في عنقك كاليهود أو النصارى، فماذا أصنع؟
أنا أقول: اصبر ولا تعمل معهم، والله يعوضك خيراً، والعجيب أن هذا بلغني حتى في داخل المدينة، في الفنادق يلزمون العامل أن يكون على زي النصارى، والله! لا يجوز هذا، وأولادنا أيها الإخوة في الشوارع يسوقون السيارات والبرانيط على رءوسهم كاليهود والنصارى، أسألكم بالله! كم صرخنا بهذا الكلام وتكلمنا؟! لقد تكلمنا مئات المرات ولم يتغير شيء.
إذاً: هذه الأمة ماتت، ووالله الذي لا إله غيره! إنه لمن صنع اليهود والنصارى والكفار، يريدون أن يكفروا أبناءنا ليحبوا الكفر والكافرين، يربونهم على البرانيط ليحبوا ويعشقوا أصحابها، لماذا لا يتغير هذا أبداً؟ يسمعونا من هنا وابنه في الشارع البرنيطة على رأسه، لماذا هذه البرنيطة، هل هذا زي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم زي علي بن أبي طالب؟! زي الإمام أحمد ؟! زي من هذا؟ هذا زي فاجر كافر. تريد أن يكون ولدك عاشقاً له يحبه ليتزي به؟ والله! لمن أعظم المصائب هذه المصيبة! والأمة هابطة!
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر