أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، الكتاب الذي يحوي العقيدة والآداب والأخلاق والعبادات والأحكام الشرعية والمعاملات، وقد انتهى بنا الدرس إلى المادة الثانية عشرة وهي في صلاة العيدين.
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [صلاة العيدين: الفطر والأضحى، سنة مؤكدة كالواجب، أمر الله تعالى بها] أي: بصلاة العيد [في قوله: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2]] والكوثر نهر في الجنة، كيزانه بعدد نجوم السماء، وماؤه أشد بياضاً من الثلج، أعطاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والنحر إنما يكون يوم عيد الأضحى [وأناط بها فلاح المؤمن] ربط بصلاة العيد فلاح المؤمن والمؤمنة [في قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15]] (أفلح) أي: فاز ونجا من النار ودخل الجنة، والمراد من التزكية هنا: زكاة الفطر وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:15] صلاة عيد الفطر، فالآية الأولى في عيد الأضحى، والثانية في عيد الفطر: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] هي صلاة عيد الأضحى، و قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15] صلاة عيد الفطر [فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وواظب عليها وأمر بها، وأخرج لها حتى النساء والصبيان] صلاة العيد أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج لها النساء والصبيان يشهدونها ويحضرونها [وهي شعيرة من شعائر الإسلام، ومظهر من مظاهره التي يتجلى فيها الإيمان والتقوى] أي: صلاة العيدين شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من مظاهره التي يتجلى فيها الإيمان والتقوى، أي: يظهر فيها الإيمان بالله والتقوى من الله عز وجل.
إنه الجهل، لكن الآن مع العلم نقول: تقبل الله منا ومنكم. لا نقول: كل عام وأنتم بخير، وعيد مبارك وأعادكم الله إلى مثله. السنة أن تقول: تقبل الله منا ومنكم.
والحكمة من حبس الحجيج ثلاثة أيام في منى: لأجل أن تعود إليهم قواهم، لأنهم ضعفوا حين سافروا من بلادهم مدة شهرين أو ثلاثة، والعبادة قائمة ليل نهار، فيستريحون في منى ثلاثة أيام يأكلون اللحوم، وبعد ذلك يعودون إلى ديارهم [وقول أنس رضي الله عنه: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما] لما جاء صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وجد أهل المدينة لهم يومان في العام يلعبون فيهما [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى )] أي: اتركوا هذين اليومين فقد أبدلكم الله بهما عيد الفطر وعيد الأضحى، فالعيدان استبدل الله بهما يومين كانا في الجاهلية في المدينة، فلما سلبهم الله أيام الباطل أعطاهم أيام الحق [وقوله صلى الله عليه وسلم لـأبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد انتهر جاريتين في بيت عائشة ] انتهر أبو بكر الصديق جاريتان تنشدان الشعر يوم العيد في بيت ابنته -في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم- بصوت عالٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ( يا
[صفتها: صفة صلاة العيد: هي أن يخرج الناس إلى المصلى يكبرون، حتى إذا ارتفعت الشمس بعض أمتار، قام الإمام فصلى -بلا أذان ولا إقامة- ركعتين يكبر في الأولى سبعاً، بتكبيرة الإحرام، والناس يكبرون من خلفه بتكبيره، ويقرأ بالفاتحة وسورة الأعلى جهراً. ويكبر في الثانية ستاً بتكبيرة القيام، ويقرأ الفاتحة وسورة الغاشية، أو الشمس وضحاها، فإذا سلَّم، قام فخطب في الناس خطبة، يجلس أثناءها جلسة خفيفة، فيعظ فيها ويذكر، يخللها بالتكبير، كما يفتتحها بحمد الله تعالى والثناء عليه، وإن كان في فطر حث على صدقة الفطر، وبين بعض أحكامها، وإن كان في أضحى حث على سنة الأضحية، وبين السِنّ المجزئة فيها، وإذا فرغ انصرف الناس معه؛ إذ لا صلاة سنة قبلها ولا بعدها، اللهم إلا من فاتته صلاة العيد، فإن له أن يصليها أربع ركعات؛ لقول ابن مسعود رضي الله عنه: ( من فاتته صلاة العيد فليصل أربعاً )] يعوض نفسه [وأما من أدرك منها شيئاً مع الإمام ولو التشهد، فإنه يقوم بعد سلام الإمام فيصلي ركعتين، كما فاته سواءً بسواءٍ].
هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.
الجواب: من أخرج صدقة الفطر بعد الصلاة تجزئه، ولكن الأفضل أن تكون ما بين الفجر وصلاة العيد، وإن أخرجها في الليل من مغرب العيد جاز، وإن أخرجها بعد الصلاة جاز، لكن الأفضل ما بين صلاة الصبح وصلاة العيد، وفي هذا يتفاضل الناس.
الجواب: الصلاة صحيحة، فالمحرم يكشف رأسه عدة أيام ولا حرج، إلا أن الأكمل للإمام أن يكون على هيئة حسنة في ثيابه وعمامته، هذا أفضل له وخير، لكن لو صلى ورأسه مكشوف فلا حرج، والصلاة صحيحة.
الجواب: الذي أقوله: إن صلاة النافلة في البيت أفضل بلا خلاف، لأن صلاتك النافلة في المسجد النبوي بألف صلاة، وفي بيتك بألف وكسر، فإن صليت النافلة في بيتك كانت أفضل، يعني: بمائة وزيادة، أما قال صلى الله عليه وسلم: ( صلاة المرء في بيته أفضل إلا الفريضة ).
إذاً: فصلاة المؤمن النافلة في بيته أفضل منها أمَامَ الناس في المسجد، وكذلك صلاة النافلة في المسجد النبوي أفضل منها صلاة المرء في بيته، فهي بألف وزيادة، وكذلك المسجد الحرام.
وأريد أن أقول: لا تقل: ما دامت الصلاة في المسجد بألف صلاة فكيف لا نصلي في المسجد ونصلي في البيت؟ هذا كالاعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومبناه الجهل، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: صلاة النافلة في البيت أفضل، وبالنسبة للمدينة تكون بألف وزيادة، وفي بلاد أخرى غير المسجد النبوي أفضل منها في المسجد التي تصلي فيه.
الجواب: يتوضأ ويصلي وتره ثلاث ركعات أو خمساً أو سبعاً، وبعد ذلك يمشي إلى المسجد ويصلي مع المؤمنين صلاة الصبح، اللهم إلا إذا استيقظ وقد كادت الصلاة أن تقام فحينئذٍ فاتته صلاة الوتر، فيصلي الصبح مع الجماعة، ويصلي في الضحى ثنتي عشرة ركعة تعوضه عن الوتر، سواء كان الوتر ركعة أو كان إحدى عشرة ركعة.
فعندما يطلع الفجر ما زال لك الوقت أن تصلي الوتر، فتتوضأ وتصلي ثلاث ركعات، لكن إذا خفت أن تقام صلاة الفريضة فما بقي وتر، حتى الرغيبة تسقط، تصليها بعد صلاة الصبح أو بعد الفجر.
الجواب: أقول: شاهدنا وشاهدتم، بعض الغافلين إذا صلى الإمام صلاة العيد خرجوا من المسجد إلى بيوتهم.
فمن كان له عذر شرعي فلا بأس، ومن لم يكن له عذر أخطأ وفاته أجر، وخالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
فبعض الغافلين إذا صلى العيد مع الإمام خرج من المسجد، وذهب إلى بيته أو دكانه، والصحيح أن يبقى حتى يسمع الخطبة، فما شرعت هذه الخطبة إلا لنسمعها ونعمل بها، لكن لو كان له عذر ضروري خرج من أجله فلا حرج، أما أن يخرج فقط ويترك الخطبة فلا يحضرها فقد أساء، وما التزم الأدب.
الجواب: إذا فاتته تكبيرات فلا شيء عليه، إلا إذا كان بالإمكان قبل أن يركع الإمام أن يكبرها، أما إذا ما كبر فلا حرج عليه.
الجواب: إذا أردت أن تجلس فلا تجلس حتى تصلي ركعتين، وإذا أردت أن تطوف فاذهب إلى الطواف ولا حرج، أما قال: ( إذا أراد أحدكم أن يجلس )؟! فلا يجلس حتى يصلي، فإذا أردت أن تجلس ثم تطوف بعد ذلك فإنك تصلي ركعتين لا بد، أما إذا لم ترد أن تجلس وأتيت رأساً من الباب إلى الكعبة فطف ولا حرج؛ لأن القيد هو: ( فلا يجلس حتى يصلي ) والطائف لا يجلس، يطوف ثم يصلي ركعتي الطواف.
الجواب: هذا التطويل مكروه، إطالة الثوب مكروه ولا ينبغي، لكن إن تعمده للكبر فهي في النار، إذا أراد التكبر والتعالي والطغيان على الناس بجر ثوبه -والعياذ بالله- في جهنم، وإن طال الثوب بدون قصد ولا يريده فهو مكروه فقط وليس بحرام.
الجواب: ما ورد ذكر أبداً، ولا عرفنا شيئاً، ولكن الله أكبر الله أكبر وليس عندنا شيء نقوله بينهم، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن وجد عنده حديثاً فليتفضل به حتى نعمل به من الليلة.
الجواب: رفع اليدين مشروع، وإظهار الحاجة والضعف وطلب المسألة من الله عز وجل عبادة، وإن لم يرفع يديه فلا حرج. أو أن يبقى هنالك جماعة يدعون إذا دفن الميت، أحدهم يدعو والباقون يؤمنون فلا حرج.
الجواب: روث البقر والغنم والإبل ليس بنجس؛ لأن لحومها مأكولة، وألبانها مشروبة، فلهذا روث الإبل وبعر الماعز والشاة ليس بنجس، وإنما نهينا عن الصلاة في معاطن الإبل خشية أن تصطدم الإبل مع بعضها البعض فنتأذى، أما مرابض الغنم يصلى فيها ولا حرج.
الجواب: النصيحة هي وجوب العدل، من تزوج امرأتين يجب أن يعدل بينهما، وأن يعدل بين أولادهما، فلا يفضل أولاد فلانة على فلانة؛ لأنها جميلة والأخرى ذميمة.
أقول: يجب على المؤمن إذا جمع بين امرأتين أو ثلاث أو أربع -وليس فوق الأربع شيء- أن يعدل بينهما، والعدل في الميزان معروف، فيعدل في الكلمة، والابتسامة، والطعام، والدينار والدرهم، فإن لم يعدل وظلم فويل له، والله يتوب على من يشاء.
الجواب: ورد أن الأظافر تدفن في التراب، هذا الوارد في السنة، فلا يرميها هكذا، لا بد أن يدفنها في مكان.
فاللهم يا إله المؤمنين! ويا رب العالمين! ويا أرحم الراحمين! هذه أكفنا رفعناها إليك سائلين ضارعين!
اللهم اشف عبدك عبد العزيز بن باز ، اللهم اشفه وعجل بشفائه! اللهم اشفه وعجل بشفائه! اللهم اشفه وعجل بشفائه ولا ترينا فيه مكروهاً يا رب العالمين، إنك تعلم أنه ليس لنا سواه -يا ألله- من أهل البصيرة والعلم والمعرفة والحق والعدل، فاشف ضره بشفائك العاجل؛ إنك ولي ذلك والقادر عليه.
واشف يا ربنا كل مريض فينا وبيننا، واشف عبدك الذي كان يجلس إلينا المريض الصادق، اشفه يا رب العالمين، واشفنا معه وقد شفيتنا ولك الحمد يا رب العالمين، اللهم لك الحمد على شفائنا، اللهم لك الحمد على شفائنا، اللهم لا تحرمنا فضل هؤلاء المؤمنين، اللهم زدهم نوراً وهداية وتوفيقاً.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر