إسلام ويب

وقفات إيمانية مع غزوة بدرللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • استعرض الشيخ في محاضرته هذه سبب غزوة بدر، وبعض الأحداث التي وقعت قبل الغزو، وكيف حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التربية الإيمانية لأصحابه في كل المواقف؛ لربطهم بربهم جل وعلا، وكذا حرصه على استشارتهم؛ ليعمق مبدأ الشورى في حياتهم من بعده.
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمدٍ الصادق الأمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    أيها الأحباب الكرام: إني أحبكم في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياكم في ظل عرشه ومستقر رحمته.

    اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، واغفر لنا ذنوبنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

    سورة الأنفال -أيها الأحباب الكرام- هي السورة التي تتكلم عن هذه الغزوة العظيمة غزوة بدر ، إلا أننا نلاحظ أن الله بدأ في هذه السورة من النهاية، ولم يبدأ من بداية المعركة، فماذا قال سبحانه؟

    يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ [الأنفال:1] والأنفال: هي الغنائم الناتجة عن معركة بدر : قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال:1] وهذه البداية العجيبة تبين بأن النصر ما تحقق إلا من خلال هذا الميزان المضبوط، الذي هو إصلاح ذات البين، لولا وحدة الصف القتالي، وتماسك الجبهة الداخلية واجتماعها على قيادة واحدة، ما استطاعوا أن يحققوا هذا النصر.

    وسبب نزول هذه الآية أن الصحابة اختلفوا على الغنائم لمن تكون؟

    المقاتلون قالوا: لنا، الحرس الخاص للنبي صلى الله عليه وسلم قالوا: لنا، الفرقة التي طاردت فلول قريش المنهزمة قالت: الغنائم لنا، فماذا قال الله؟

    يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ [الأنفال:1] الأصل في الجندي المقاتل والداعية الرباني ينطلق من أجل ثواب الله لا من أجل ثواب الدنيا، ويوم أن يتعلق قلبه ساعة انطلاقته إلى الرتبة والراتب والنياشين، والمدح والثناء والمكافآت والجوائز، يوم أن تنقطع ينقطع، الأصل في المجاهد أن ينطلق إعلاءً لكلمة الله، لا يجعل من علائق الدنيا في نفسه شيء، فإن جاءت في الطريق أخذها دون تطلعٍ أو استشراف نفس، وإن لم تأت فهو ضامن حقه الوافر عند الله يوم القيامة، وكل مغنم يأتيه في الدنيا على حساب الأخرى، لهذا الشهيد الذي تذهب نفسه وماله ودابته في سبيل الله ولا يأخذ شيئاً هذا أخذ الدرجات العلى، وعلى قدر ما يحوز من دنياه على حساب ما يفقد من أخراه، لا يفقدها كلها، لكن لا يستوي عند الله من جاهد فقتل ولم يقبض شيئاً ومن جاهد وقبض، لهذا أعظم الشهداء عند الله من خذله أصحابه في لحظة الزحف وتولوا عنه، فتلفت يميناً وشمالاً فلم يجد إلا نفسه، فعلم ما لله عليه فتقدم إلى الله حتى أهرق دمه وعقرت دابته وذهب ماله، هذا أعظم درجات الشهادة. يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ [الأنفال:1] والرسول كقيادة وقدوة، وإذا صار التخاصم دون أن يكون للقيادة والقدوة أمر وقرار وحكم تكون القضية فوضى، وهذا نشاهده نحن حتى مع الأطفال.

    فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يقسم الغنائم، ومع هذا هم ما طلبوا الغنائم حباً للدنيا، لا. هم إما مهاجرون، تركوا الدنيا خلفهم في مكة وهاجروا كما يشهد لهم القرآن: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ [الحشر:8]، بل تركوا أموالهم هناك كـصهيب وابن عوف وغيرهم، إنما أرادوا الغنائم لكي تكون لهم عند الله يوم القيامة شهادات مادية محسوسة تدفن معهم في قبورهم، يلقون بها الله على حسن بلائهم؛ لأنها أول معركة، فكل صحابي حاز على قطعة ولو كان حبلاً أو خيطاً من هذه المعركة أوصى في وصيته أن تدفن معه في قبره، وإن كان القصد سليماً والنية حسنة تظل وحدة الصف متماسكة، والخطأ يظل خطأ ولو حسنت النيات.

    تختلفون على الأنفال وأنتم تنتصرون بوحدتكم واجتماعكم وتماسككم!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088986699

    عدد مرات الحفظ

    780390426