إسلام ويب

مواقف إيمانيةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا الدرس يتحدث الشيخ عن أبواب الخير وكثرتها، مبيناً بعض أحوال الذين تظهر عليهم المعاصي والفسوق، لكن لو تتبع الشخص حالهم لوجد أن لهم باباً من أبواب الخير يعملون فيه ويبذلون جهدهم، فلا يحكم الإنسان على المسلم العاصي بجنة أو نار؛ لأن هذا لا يكون إلا لله عز وجل.
    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لنعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، الحمد لله بالإيمان، الحمد لله بالإسلام، الحمد لله بالقرآن.

    اللهم لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على قدوتي وحبيبي وقرة عيني محمد النبي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

    اللهم أعنا على صيام رمضان إيماناً واحتساباً لوجهك الكريم، اللهم ثقل به الميزان، وحقق به الإيمان، وفك به الرهان، وأخسئ به الشيطان، واجعل لنا في أول هذا الشهر رحمة، وفي أوسطه مغفرة، وفي آخره عتقاً من النار.

    اللهم أدخلنا ووالدِينا ووالدِِيكم والسامعين يوم القيامة من باب الريان الذي يدخل منه الصائمون.

    وأسألك اللهم أن تشفي مرضانا الذين لم يصوموا، وأن تغفر لهم وتعافيهم، وأن ترحم موتانا وموتى المسلمين، وأن تغفر لميتنا وهو من رواد مسجدنا هذا، مسجد الشِّعْب، المرحوم عبد العزيز، ونسأل الله سبحانه أن يكتب له أجر رمضان كاملاً: (إنما الأعمال بالنيات).

    اللهم اجعل قبره وقبور المسلمين روضة من رياض الجنة، وأمدهم بالرَّوح والريحان، والنور والإيمان، والبر والرضوان، وإذا صرنا إلى ما صاروا إليه فاجعل قبورنا مدَّ البصر، واجعلها من روضات الجنات إنك على ذلك قدير، واجعلنا لجميع المسلمين هَيِّنِيْنَ لَيِّنِيْنَ، سَمْحِيْن حَبِيْبِيْن قَرِيْبِيْن مُبَشِّرِين ومُيَسِّرِين، ولا تجعلنا مُعَسِّرِين ومُنَفِّرِين برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، ولا تجعل من بيننا شقياً ولا محروماً.

    اللهم اجعلنا للناس والمسلمين كالأرض الذلول، وكالسحاب يظل القريب والبعيد، وكالمطر يسقي مَن يحب ومن لا يحب.

    أما بعد:

    أيها الأحباب: إني أحبكم في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياكم في ظل عرشه، ومستقر رحمته، وأن يجعلنا للمسلمين رحمة، ولا يجعلنا عليهم نقمة. آمين، آمين.

    أبدأ حديثي هذا (المواقف الإيمانية) من موقف حدث لي هنا في الكويت منذ ثلاثة أيام، حيث قمت بزيارة إلى بيت الزكاة العامر، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيه، وفي القائمين عليه, والمساهمين فيه. آمين.

    وكنت عند مدير بيت الزكاة، وأخذتُ أتحدث معه حول هذه الفريضة العظيمة، وكيف أن الكويت بفضل الله تنتقل الآن تدريجياً إلى أداء هذه الفريضة كاملة، وفي المستقبل -إن شاء الله- سيضاف إلى بيت الزكاة أو زكاة جديدة لمؤسسات جديدة، وهكذا دواليك دواليك حتى لا يبقى أحدٌ عنده حق للفقير في ماله إلا ويؤديه إن شاء الله تعالى.

    الموقف الإيماني: أنني قلتُ له: يا أخي! من الذي يمدكم في هذا البيت بالمال والزكاة؟ قال: أذكر لك أسماءً، ولكن اعتبرها سراً، حيث أننا لا نريد إشاعتها رغبة من أصحابها؛ لأنهم يريدون وجه الله سبحانه وتعالى بهذا العمل، فقلت له: اذكر لي بعض الأسماء، فقال: فلان .. وفلانة .. وذكر لي عدة أسماء رجالٍ ونساء من أهل هذا البلد، فذهلت ذهولاً عجيباً، حيث أنه أول ما عرض من هذه الأسماء أسماء أناسٍ ما كنتُ أتوقع أن يخرج منهم خير، فضلاً عن أن يخرج منهم زكاة، وعجبتُ وقلتُ: أهؤلاء يدفعون هذا؟ قال: نعم. قلت: ويرفضون أن تُذكر أسماؤهم؟ قال: نعم. قلت: ويريدون بذلك وجه الله؟ قال: نعم. فقلت: سبحانك ربي لا إله إلا أنت، علمتني درساً، وبكيت ساعتها، وانهمرت دموعي لِمَا رأيت من لطف الله في عباده، وفضله، وبره، وإحسانه.

    فهذه فلانة من الناس لو نظر إليها الناظر لوَصَمَها بالكفر والفسوق، فهي متبرجة، وطويلة اللسان في الكلام الذي لا ينفع، أي: ليس في التسبيح والتهليل والتكبير، ولكنني رأيتُ أنها كفلت مئات اليتامى، وقدمت لشراء ثلاث مقابر للمسلمين في ديار المسلمين، وتقدمت لبناء ثلاثة مساجد.. إلى آخره، وأخذ يعدد لي المدير أعمال البر التي تقوم بها.

    عندها احتقرت نفسي كثيراً، وقلتُ صدق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) من قال: إن هذه غير مسلمة؟ ليس بيدنا دليل وبرهان واضح بيِّن على كفرها، حتى يجعل الله أعمالها هباءً منثوراً، فهي مسلمة، وزوجةُ مسلم، ابنةُ مسلم؛ لكنها عاصية، تبرجها هذا عصيان ما لم تستحله.

    انظر -لا إلى علم هذه المرأة أو هذا الرجل- إلى لطف الله، الله له أبواب كثيرة يُدخل عبادَه منها، ولعل أبوابه الكثيرة هذه من السهل أن يدخل منها المتدين، فالله سبحانه جعل باباً للصلاة، وباباً للصيام، وباباً للزكاة، وباباً للحج، وباباً للبر، وباباً للطاعة، وباباً للتسبيح، وباباً للجهاد، أبوابٌ لا تستطيع أنت بمفردك أن تحصيها، وهذا الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمر عباد الله أن يجتهدوا في الطاعة، فقال: (ولن تحصوا) أي: مهما حاولتَ أن تحصي أبواب الخير فلن تستطيع؛ لأن أبواب الخير لا تستطيع أن تدخل منها أنت وحدك كلها، نعم. صحيحٌ أن هذا حدث، أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر أبا بكر بالجنة، وأن لها ثمانية أبواب، ثم قال: (ومن الناس من يدخل من هذه الأبواب الثمانية -أي: من أبواب الخير كلها- وقال: وأنت منهم) وبشر أبا بكر الصديق بأنه منهم، ولكن لطف الله بتعدد هذه الأبواب: أن يجذب إليه حتى مَن أبى بالمعصية، أي: أن الناس يتبعون شهواتهم، ويكونون في غفلاتهم، ولكن تفاجأ أن الله أدخلهم من باب لم تكن لك بالحسبان.

    الناس يتجهون عن ربهم مدبرين، والله يأتي بهم مُرَبَّطين ومقَرَّنِين بالسلاسل، إلى أين مربطون بالسلاسل؟ إلى جنات النعيم، وليس إلى الجحيم، وهذا ثابت في الحديث: (ومن الناس من يُقاد إلى الجنة بالسلاسل).

    سأضرب لكم أمثلة من الأحاديث والقصص لتروا ذلك:

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088973161

    عدد مرات الحفظ

    780273633