إسلام ويب

ليست الولاية لمن سألهاللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تكلم الشيخ حفظه الله في هذه المادة عن أهمية الولاية ومتى تعطى لمن استحقها، ثم تطرق إلى الحديث عن إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام والأمر باتباع ملته، والنهي عن اتباع ملة اليهود، ثم ختم المادة بذكر الوصية التي أوصى بها إبراهيم ذريته من بعده.
    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجه ربي، وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على قدوتي وقائدي ومعلمي وحبيبي محمد بن عبد الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة، فارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم ورضوا عنه.

    اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الرضا إلا عنك، ومن الطلب إلا منك، ومن الصبر إلا على بابك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الرجا إلا لما في يديك الكريمتين، ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم.

    اللهم تتابع برك، واتصل خيرك، وكمل عطاؤك، وعمت فواضلك، وتمت نوافلك، وبر قسمك، وصدق وعدك، وحق على أعدائك وعيدك، ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم انصر إخواننا المجاهدين، اللهم عليك باليهود وأعوانهم، والنصارى وأنصارهم، والشيوعيين وأشياعهم، ويهود العرب، أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم لا يرد أمرك، ولا يهزم جندك، سبحانك وبحمدك، منـزل الكتاب، ومنشئ السحاب، ومجري الحساب، وهازم الأحزاب، اهزم أحزاب الباطل، وانصر حزب الحق يا رب العالمين!

    أما بعد..

    عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

    أيها الأحبة الكرام: إني أحبكم في الله، جاء أبو موسى رضي الله عنه الذي أوتي مزماراً من مزامير آل داود ومعه رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما إن وصل الثلاثة إلى النبي حتى تكلم الرجلان وسألا النبي إمارة اليمن والولاية، فأصيب أبو موسى بحرج شديد، قال: (والله يا رسول الله! ما كنت أعلم أنهما سيسألانك، وهنا تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان السواك في فمه، فقلصت شفته عليه، ثم رفع رأسه وقال: لا، ولن نعطي الإمارة من سألها، ثم التفت إلى أبي موسى وقال: اذهب والياً على اليمن )، فالذي سألها حرمها، والذي لم يسألها أعطيها، ما السر في ذلك؟

    ذهب أبو موسى إلى اليمن، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم بقاضٍ، لأن الدولة لا تصلح إلا بسلطان وقاضٍ، فكان القاضي معاذ بن جبل عالم الصحابة رضي الله عنه ، والنبي صلى الله عليه وسلم -كما تعلمون- سأله: (بماذا تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي) فأثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وصل معاذ إلى أبي موسى في مجلس الإمارة، وجد عنده رجلاً مربوطاً في يديه ورجليه، ومعاذ على ناقته، والأمير أبو موسى على الأرض، ما كان عندهم كراسي ولا عروش، فقال أبو موسى : (انزل يا معاذ، وأخذ الوسادة وألقاها له لكي يجلس على الوسادة، فقال معاذ: ما هذا؟ وأشار بيده إلى المربوط، قال: هذا يهودي أسلم، ثم ارتد وعاد إلى يهوديته، عند ذلك صاح معاذ بن جبل: لا والله لا أنزل، ولا أجلس حتى تضرب عنق هذا، قضاء الله ورسوله -وأخذ يصيح بأعلى صوته والناس يسمعون- ثلاث مرات: قضاء الله ورسوله، قضاء الله ورسوله، فلم يتمالك أبو موسى حتى أمر السياف، فضرب عنق اليهودي) عند ذلك نزل معاذ على الأرض، وأخذ يتذاكر مع الأمير أبي موسى بماذا؟

    عندما يلتقي القاضي اليوم مع رئيس الدولة بأي أمر يتحادثان؟ تحادث أبو موسى مع معاذ بن جبل في قيام الليل، بحيث كل واحد منهما يذكر الآخر بالآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة في ضرورة قيام الليل للأمير ولقاضيه، لأن القلب هذا لا يرق، ولا يخضع، ولا يخشع، ولا يرحم، ولا يعطي، ولا يصل، ولا يفصل إلا إذا وقف صاحبه كل ليلة بين يدي الله يناجيه، ويعرض عليه الدستور العظيم، والقرآن الكريم تعرض نصوصه كل ليلة مادة مادة، وآية آية، حتى إذا جاء النهار وبدأت مصالح الناس، وجاء أصحاب الخصومات والمطالب والمظالم طبق ما وقف بين يدي الله في الليل على الناس في النهار، فينتشر العدل بين العالمين.

    أين نحن اليوم من تلك الحوادث التي نسمعها؟ هناك على أرض لبنان الطيار اليهودي يقصف البيوت على النساء والأطفال، ويحرق الحقول، ويدمر الأشجار، ويهلك الدواب، ويقصف المستشفيات على المرضى، ولا يترك مدارس الأطفال حتى إذا ما سقط أسيراً استقبلوه استقبال الفاتحين هذا يعطيه كأس شاي، وهذا يعطيه سيجارة، وتتصل حكومة اليهود بمن أمسكه، ويطالبون بإعادته بمصفحة أو مجنـزرة في كامل قواه وعافيته، وهذا المشهد شاهدناه مئات المرات ابتداءً من هزيمة (عام 67) وقد رأيت بعيني في التلفاز الطيار اليهودي جالساً وهو واضع رجلاً على رجل وبيده كأس الشاي والسيجارة ويبتسم، وهذا نقل على مستوى العالم كله، وإلى أيامنا هذه، فما السر؟ السر ذكره الحديث في أوله (لن نولي أمرنا من سأله) هذا هو السر، لو أن الولاة الذين يحاربون اليهود جاءوا إلى كراسيهم مرغمين لا راغبين ولا طالبين ولا سائلين، وإنما يدفعون إليها دفعاً، لما حدث ما حدث، ولكن كلٌ متشبثٌ على كرسيه ينافح ويعادي، فإذا اعترض الكرسي بالمصلحة ولتذهب كل المقدسات عبر الرياح، وتهدر كل الدماء بلا ثمن، وليذهب كل الشعوب ذبيحةً لأعدائها ما دام أن الكرسي سيسلم، وهذا الذي نسمعه بعد هزيمة (عام 67م) وكل هزيمة، كان الحزب يردد قائلاً: إن اليهود وحكومة إسرائيل ما كانت تعني بحربها إلا الحزب، وبما أن الحزب سلم، فإن الهزيمة نصر، وإن اليهود لن ينتصروا علينا ما دام الكرسي مستمراً والحزب يتربع عليه.

    إذاً: عرفنا سر الحديث وتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأل الرجلان الولاية، فقال: (لا) وفي رواية (لن) وهذا للتأبيد إلى يوم القيامة (لا، ولن نوليها من سألها)، لأنه عندما يأخذها من سألها سيضيع أمام هذا الكرسي كل شيء، ومعاذ بن جبل أرغم عليها، وأبو موسى الأشعري أرغم عليها، فكان اليهودي الذي ارتد لم يمض في مجلس القضاء إلا دقيقة، أو دقيقتين، ثم ضربت عنقه وألقي فوق المزابل، وبهذا الأسلوب يعامل اليهود ويحاربون، واليهود يعرفون هذه الحقيقة تماماً، يعرفونها جيداً لهذا هم يتنمرون علينا، لأن المصلحة ترتبط بالحزب والكرسي فقط لا غير.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088973714

    عدد مرات الحفظ

    780275425