إسلام ويب

الناس بين الستر والفضيحةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من رحمة الله عز وجل بنا ستره علينا عندما نقوم ببعض المعاصي التي لا نراقب الله فيها، فنرتكبها في الخفاء، ظناً منا أن لا أحد يرانا أو يسمعنا، ونسياناً أن الله عز وجل يرى ويسمع، وقد يفضح الله بعض الناس لحكمة هو يعلمها عز وجل، وكذلك الحال يوم القيامة، فبعض الناس يسترهم الله في الآخرة كما يسترهم في الدنيا وبعضهم يفضحهم الله في الآخرة.
    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ملك الملوك، وقاصم الجبارين، الحمد لله الذي يأتي الأرض ينقصها من أطرافها، والله يحكم لا معقب لحكمه، والأرض قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، الذي خلقنا من عدم، وأسبغ علينا وافر النعم، كبَّرنا من صغر، وأطعمنا من جوع، وسقانا من ظمأ، وشفانا من مرض، وكسانا من عري، وأمننا من فزع، وعلمنا قراءة القرآن وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكثر حولنا الأحباب والإخوان لا نحصي ثناءً عليه ربي كما أثنى على نفسه، وأصلي وأسلم على قدوتي ومعلمي وقرة عيني محمد بن عبد الله.

    اللهم إنا نسألك لأمتنا قائداً ربانياً، نسألك لأمة محمد في مشارق الأرض ومغاربها قائداً ربانياً يسمع كلام الله ويسمعها، وينقاد إلى الله ويقودها، ويحكم بكتاب الله وتحرسه، ويرفع راية لا إله إلا الله، ويجاهد في سبيل الله تحت صيحة (الله أكبر الله أكبر) فيجعل شتات أمة محمد دولةً، وخوفها أمناً، ويأسها رجاءً، وقنوطها رحمةً، وذلها عزاً، وفقرها غنىً، وسخطها رضاً، وخوفها أمناً.

    اللهم إنا نسألك هذا الخليفة الرباني الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فكم من أعراض مسلوبة، وأموالٍ منهوبة، ودماء مسكوبةٍ، وشعوب منكوبة ليس لها إلا الله.

    عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .. وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً [النساء:9]

    أحبتي في الله: الإنسان بين الستر والفضيحة عند الله، يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينادى يوم القيامة والخلائق مجتمعة: ادن يا عبد الله! فيقوم عبد الله يدنيه ربه، يرخي عليه ستره ثم يحاسبه، فإن كان من الموحدين الصالحين ألمَّ ببعض الذنوب والمعاصي ولم يجاهر بها كان حساب الله عليه يسيراً فهو حساب العرض وليس حساب النقاش، فمن نوقش الحساب عذب، يقرره ربه بنعمه وأول ما يسأل الإنسان يوم القيامة عن الماء البارد، يقول الله له: ألم أبرده لك؟ ألم أهنئه؟ ألم أمرئه؟ ويبدأ يقرره الله ويعرض عليه نعمه نعمة نعمة، ثم يعرض عليه صغار الذنوب ذنباً ذنباً حتى يرى أنه من الهالكين، وهو من الكبائر مشفق عندها، فيقول الله له: أي عبدي! سترتك في دنياي وأسترك في آخرتي، خذ كتابك بيمينك، بدلوا سيئاته حسنات، فهنا العبد يذكر الكبائر التي خاف منها حتى تبدل حسنات.

    وإذا كان من الأشقياء، فضحه الله على رءوس الخلائق، جاءته أعماله ويحشر في أمته التي أجرم معها، شركاء الجريمة كلهم، كبيرهم وصغيرهم في الموضوع الواحد يجمعهم الله ويأتي بأعمالهم تعرض عليهم مجسمة ثم محمولة على الظهور ثم تحيط بهم وتحاصرهم من كل جانب، ثم تعرض النار عليهم عرضاً بمواقعها وبجميع أنواع عذابها، ثم هم يعرضون عليها لتنتقي منهم -فالنار تنتقي بعنق يخرج منها له عينان ولسان- أول ما ينتقي: أين الجبارون؟ أين الملوك؟ أين المتكبرون؟ وهم كهيئة الذر -أي: النمل- تحت أقدام الخلائق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088985603

    عدد مرات الحفظ

    780377837