وبعد:
قال المصنف رحمه الله: [باب أركان الحج والعمرة.
أركان الحج يقصد بها: ما إذا تركه المكلف يقع الحج باطلاً]، أي: أن الحج يبطل بترك ركن من هذه الأركان، وفرقنا بين الركن والواجب والسنة، والحج له أركان، وله واجبات وله سنن.
فالأركان لا بد من تحصيلها، والواجبات إن تركها تجبر بدم، والسنن لا شيء في تركها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة]، لكنه نسي أن يذكر الإحرام، فنضيف إليها: الإحرام، وأصل الإحرام ركن، والإحرام من الميقات واجب، فلو مر على الميقات دون أن يحرم وأحرم بعد الميقات يلزمه دم، لكن لا يجوز أبداً أن لا يحرم، فأصل الإحرام ركن، والإحرام من الميقات واجب، لذلك نضيف هنا: الإحرام، فقد نسي المصنف أن يذكره.
قال الشارح: [الوقوف بعرفة: فلا يتم الحج إلا به إجماعاً، وروى عبد الرحمن بن يعمر قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فجاءه نفر من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: الحج عرفة)]، وقوله: (الحج عرفة)، تعريف للحج بأهم ركن من أركانه، وأمثال هذا في الكتاب والسنة كثير، يقول ربنا سبحانه: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43]، ( اسجدي ) أي: صلي، و( اركعي مع الراكعين ) أي: صلي مع المصلين، فعبر عن الصلاة بأحد أركانها، فالتعبير عن الشيء بركن من أركانه معروف في لغة العرب.
قال الشارح: [ (الحج عرفة)، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه أخرجه أبو داود وابن ماجه ] وليلة جمع هي ليلة المبيت بالمزدلفة، فلو أن رجلاً انطلق من مصر في اليوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة، وأدرك الوقوف بعرفة قبل فجر يوم العيد فقد أدرك الحج.
قال الشارح : [ قال محمد بن يحيى : ما أرى للثوري حديثاً أشرف منه ].
ولا بد أن نفرق بين الوقوف بعرفة والوقوف بعرفة نهاراً، والسنة أن يجمع في الوقوف بعرفة بين النهار والليل، فإذا وقف بالليل ولم يقف بالنهار فحجه صحيح ولا شيء عليه، وإذا وقف بالنهار وترك عرفة قبل غروب الشمس، فقد ترك واجباً من واجبات الحج عند بعض الفقهاء وأنه يجبره بدم.
قال الشارح: [ وطواف الزيارة ركن لا يتم الحج إلا به ]، ويسمى: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وطواف الحج، وطواف الركن، فله أربعة أسماء: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وطواف الحج، وطواف الركن، وكلها بمعنىً واحد.
قال الشارح: [ طواف الزيارة ركن لا يتم الحج إلا به، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر له أن صفية حاضت، قال: (أحابستنا هي؟، قيل: إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: فلتنفر إذاً)]، بمعنى: أن صفية زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أصابها الحيض فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحابستنا هي؟)، أي: أنها ستؤخرنا عن الرحيل؛ لأنها لا بد أن تطوف طواف الزيارة فلما أخبر أنها طافت طواف الإفاضة في يوم النحر قال: (فلتنفر إذاً) ؛ لأن طواف الوداع يسقط عنها؛ لأنها حائض.
الإحرام من الميقات ] كما قلنا: أن أصل الإحرام ركن، والإحرام من الميقات واجب، والوقوف بعرفة إلى الليل واجب، والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل واجب، والسعي بين الصفا والمروة، والمبيت بمنى والرمل، والحلق، وطواف الوداع، فهي ثمانية في المذهب، والسعي مختلف فيه، فمنهم من قال: أن السعي ركن، ودراسة المذهب تفيد طالب العلم في دراسة الفقه، فإذا درس مذهباً واحداً وأجاده، يدخل بعد ذلك إلى الفقه المقارن، أما أن يدخل إلى الفقه المقارن قبل أن يجيد مذهباً هذا لم يعرفه السلف، وليس معنى دراسة المذهب أن نتعصب له، بل هناك فرق بين الدراسة والمذهبية، فكل علماء السلف كان لهم مذهب، فـابن رجب كان حنبلياً، وابن العربي كان مالكياً، وابن حجر كان شافعياً، والنووي كذلك، لذلك لا تجد عالماً من علماء سلفنا إلا وله مذهب، وليس معنى ذلك أنه يتعصب للمذهب ولكنه تخصص في دراسة مذهب من المذاهب، والكثير من طلاب العلم اليوم يدرس الفقه بطرق عشوائية، فإن قلت له ما مذهبك في الدراسة؟ يقول: لا أدري؛ لأنه لا يدري فعلاً، فهو يقرأ بعض الوقت في كتاب فقه السنة، والبعض الآخر في كتاب نيل الأوطار، والبعض الآخر في كتاب العدة، والبعض الآخر في كتاب التمهيد لـابن عبد البر ، فيجمع بين هذه الكتب ولا يعرف أصولها، ولا يعرف مشايخ هذا المذهب ولا مجتهدي هذا المذهب، ولا يعرف كتب المذهب ومصطلحات المذهب، وليس معنى هذا أننا ندعو إلى المذهبية؛ لأن البعض قد يظن خطأً أنني أدعو إلى المذهبية، إنما ندعو إلى التخصص في دراسة مذهب واحد ثم بعد ذلك تنفتح على كتب الفقه الأخرى.
وعالمنا الجليل الشيخ ابن عثيمين كان حنبلي المذهب في الدراسة لكنه في كتابه: الشرح الممتع أحياناً يترك المذهب الحنبلي ويقول: أخطأ المذهب، والراجح مذهب الشافعي ، ومن الأمثلة على ذلك قوله: في مذهب الحنابلة لا يجوز أن تستقبل القمر أو الشمس بغائط أو بول، وهذا كلام غير صحيح، هذا كلام لا ينبغي أن يقال أبداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (شرقوا أو غربوا) ، معنى ذلك أنه لا يتوجه إلى القبلة أو إلى بيت المقدس.
إذاً واجبات الحج عند الحنابلة ثمانية:
أولاً: الإحرام من الميقات.
ثانياً: الوقوف بعرفة ليلاً.
ثالثاً: المبيت بمزدلفة إلى نصف الليل.
رابعاً: السعي.
خامساً: المبيت بمنى.
سادساً: رمي الجمرات.
سابعاً: الحلق.
ثامناً: طواف الوداع.
قال الشارح: [ أما الإحرام فهو أن ينوي الدخول في العبادة، قال ابن عباس : (أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحرام حين فرغ من صلاته) ]، وهناك فرق بين الإحرام وملابس الإحرام، والبعض يعتقد أن لبس الإزار والرداء إحرام، هو الآن تهيأ للإحرام، والإحرام أن يستحضر النية وأن يقول: لبيك عمرة أو لبيك حجاً، ولكن إن تهيؤ للإحرام في المطار فهذا ليس إحراماً وإنما هذا تهيأ، وعلى هذا يسأل البعض ويقول: أنا ألبس الإحرام والجو بارد فهل يجوز أن أضع العباءة فوق الإحرام؟ والجواب: لا بأس بما أنك لم تصل إلى الميقات، فالعبرة بالميقات.
قال الشارح رحمه الله: [ في حديث جابر : (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى) ، رواه مسلم .
وفي حديث: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يهلوا بالحج إذا خرجوا إلى منى وأمرهم بالإحرام) ، والأمر يقتضي الوجوب، يعني أمرهم بالإحرام بعد أن تحللوا من العمرة قبل أن يذهبوا إلى منى في يوم التروية، أحرموا من مكانهم قبل أن يتوجهوا إلى منى.
ويستحب النطق بذلك كما في صلاة الفرض ] وهذا خطأ، فإنه لا يستحب في صلاة الفرض النطق بالنية، وهذا الكلام لا نوافقهم عليه، وصدق من قال: من تتبع أقوال الرجال وقع في متاهات الضلال.
بعض المتصوفة عندنا كتب ورقة: أن الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يعد شركاً؛ لأن الله حلف به فقال: لَعَمْرُكَ [الحجر:72]، والإمام أحمد يرى جواز الحلف بالنبي، وهذا الكلام حتى وإن ورد في مذهب أحمد فإنه يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله).
إذاً نحن لا نعتد بأقوال الرجال إن خالفت النص، والإمام أحمد بن حنبل على ورعه قال الدارمي في مقدمة سننه: والإمام أحمد على ورعه قال بجواز مسح اليد، هل معنى هذا الكلام أن آخذ هذا القول وأجعله دليلاً، فربما كان للإمام أحمد شبهة أو أنه كان متأولاً، إنما الحق واضح أبلج وضوح الشمس، لا ينبغي أبداً أن نتمسك بزلة عالم أو بقول مرجوح ضعيف ونسير في ركبه وندندن حوله، فإن هذا الكلام من صنع مرضى القلوب؛ لأن العصمة للرسل، وكل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لذلك لا ينبغي أن تقول: قال فلان، دون أن تعرف الدليل، ولذلك الأئمة الأربعة كانوا يقولون: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وبعضهم قال إن تعارض قولي مع قول رسول الله فاضربوا كلامي عرض الحائط.
يقول الشارح: [ ويحرم من الميقات]، يستحب النطق بالنية في الحج فقط، قال بعض العلماء: لا يجوز، لكننا جوزنا له أن ينطق بالنية ليميز بين أنواع النسك الثلاثة، هل هو قارن أم مفرد أم متمتع؟ أما النطق بالنية في الفرض فقد اعتبره العرب من سفاهة الرجل، يعني: أنت الآن معك درس في مسجد العزيز قبل أن تخرج من البيت قلت: نويت أن أذهب إلى مسجد العزيز لحضور درس فقهي بعد صلاة العشاء، وعندما تتناول الطعام تقول: باسم الله، نويت أن أتغدى اليوم الإثنين، وحينما تخرج إلى العمل في الصباح تقول: نويت أن أذهب إلى العمل، فالتلفظ بالنية سفاهة؛ لأن النية محلها القلب وهو العزم والإرادة على فعل شيء.
وإن ترك عرفة فهذا يسمى الفوات، وقد شرحناه قبل ذلك باسم الفوات.
قال الشارح: [ (من شهد صلاتنا ووقف معنا حتى ندفع ووقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه) ، فإذا تركه فعليه دم لقول ابن عباس : من ترك نسكاً فعليه دم ] عليه دم يعني: عليه فدية، وإن عجز عن الفدية يصوم عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع، وهذا الحكم أيضاً فيمن ترك واجباً.
فإن دفع قبل نصف الليل فعليه دم؛ لأنه لم يبت، وإن دفع بعد نصف الليل فلا شيء عليه؛ لأنه يكون قد بات؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس في ترك المبيت بمزدلفة لأجل سقايته وللرعاة من أجل رعايتهم، وذلك دليل على وجوبه على غيرهم؛ لكونه سقط عن هؤلاء رخصة ].
قال الشارح: [ وعنه ] يعني: رواية أخرى عن أحمد [ أن المبيت غير واجب ولا شيء على تاركه ]، ولكن المذهب الأول هو الراجح، وهذا الواجب يتركه غالب حجاج مصر للأسف، فيأتون من عرفة مباشرة إلى منى، ولا يبيتون في مزدلفة، الغالب يترك هذا الأمر وبذلك يكون قد ترك واجباً، ويقول: لي عذر فالمطوف هو الذي ذهب بنا إلى منى، فأقول: يا عبد الله! لا تجعل المطوف يقودك في ركن من أركان هذا الدين، اترك المطوف وانزل في المزدلفة وبت فيها ثم توجه إلى منى في المخيم، ويجوز أن يدفع من المزدلفة بعد نصف الليل أصحاب الأعذار إن كان معهم نساء، فهم في حكم الصحبة والمرافق لهم يأخذ نفس الحكم، إنما النبي صلى الله عليه وسلم بات في مزدلفة حتى أسفر جداً وصلى بها الفجر.
يعني: هناك رواية عن أحمد ، ومن ثراء المذهب الحنبلي أن فيه أكثر من رواية، وكل رواية متعددة في مذهب الإمام أحمد تقابل رأياً في المذهب الآخر، فستجد أن مذهب الشافعي فيه قول من أقوال أحمد ، فتعدد الروايات عن الإمام أحمد يجعل لهذا المذهب ثراء، ولذلك اختلف العلماء في روايات الإمام وكيف نرجح بين الروايات، وهناك كتاب للمرداوي اسمه: الإنصاف في الراجح من مسائل الخلاف، يرجح رواية واحدة في المذهب، ومن الجدير بالذكر أن المستشرقين قد زرعوا في الأمة هذا التقليد الأعمى: فإذا كان الرجل حنبلياً فمعناه أنه متشدد، وما كان الإمام أحمد متشدداً، وما عرف التشدد في يوم من الأيام، بل هو أقرب المذاهب إلى السنة؛ لأن الإمام أحمد كان أكثر الأئمة حفظاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الشارح: [ وعنه أنه مستحب ولا يجب بتركه دم، وذلك عن ابن عباس وأنس وعبد الله بن الزبير فإن الله تعالى قال: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]، وفي مصحف أبي وابن مسعود : فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، وهذا إن لم يكن قرآناً فلا ينحط عن درجة الخبر؛ لأنهما يرويانه عن النبي صلى الله عليه وسلم، واختار القاضي أن يكون حكمه حكم الرمي يكون واجباً ينوب عنه الدم ].
إذاً الخلاف وقع في السعي، منهم من قال: ركن، ومنهم من قال: واجب، ومنهم من قال: مستحب سنة ولكن الراجح أنه واجب إن تركه يجبر بدم، والقراءة الشاذة لا يعتد بها، كقراءة ابن مسعود : فصيام ثلاثة أيام متتابعات ، كلمة ( متتابعات ) قراءة شاذة، في كفارة اليمين: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ [المائدة:89]، وقراءة ثلاثة أيام متتابعات ، هذه قراءة ابن مسعود وهي قراءة شاذة، والأحناف أخذوا بالقراءة الشاذة فقالوا: يشترط التتابع، وجمهور العلماء قالوا لا يشترط التتابع؛ لأن القراءة الشاذة لا يعتد بها.
ومعرفة القراءات السبع مهم جداً، ومن المهم أن تعرف الفرق بين القراءات السبع وبين الأحرف السبعة، ولذلك يقول بعضهم: سامح الله من جعل القراءات سبعاً فإنه قد اختلط على الكثير أن الأحرف السبعة هي القراءات السبع وما تشابهت إلا في العدد، لكن القراءات السبع تختلف عن الأحرف السبعة، فالقرآن نزل على سبعة أحرف، ومعنى أنه نزل على سبعة أحرف أن الكلمة مختلفة اللفظ لكن المعنى واحد، فهي لهجات عند العرف: تعال، أقبل، هلم، كلها بمعنىً واحد، ولذلك كتبوه بلغة قريش، والأحرف السبعة هناك اختلاف فيها إلى ستة أقوال، هل هي القراءات السبع؟ هل هي الأوجه المغايرة؟ هل العدد لا مفهوم له؟ فأحياناً يكون عدد لا مفهوم له، الله يقول: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً [التوبة:80]، فالعدد هنا ليس له مفهوم وإنما يشير إلى الكثرة؛ لأن نهاية الآحاد عند العرب كانت سبعة ونهاية العشرات سبعين، وحينما أقول لك: سبعة يعني نهاية كمال الآحاد، فالعدد ليس مقصوداً لذاته وإنما لا مفهوم للعدد وإنما يشير إلى الكمال والكثرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أعلم أني لو زدت عن السبعين لغفر له لفعلت) .
والمبيت بمنى ليس فيه إنابة؛ لأن هذا لا يجوز، فلا بد أن يبيت الشخص بنفسه ثم يوكل في الرمي إن لم يستطع، فبعض الناس يفهم أنه يجوز أن يوكل من يبيت عنه في منى لاقتران المبيت بالرمي، هكذا يفهم الكثير، وهذا لا يجوز لا بد أن يبيت بنفسه في منى.
قال الشارح: [ الرمي واجب قالت عائشة : (ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرات) ].
يا خير من دفنت في القاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي فداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
قال: ثم انطلق الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: أدرك الأعرابي وقل له: إن الله قد غفر له، أوردها ابن كثير بدون تعليق، والقصة واهية موضوعة حققها علماء الحديث، ما كان ينبغي لـابن كثير أن يورد القصة دون أن يعلق عليها؛ لأن هذه القصة فتحت باباً للدراويش ليذهبوا إلى الأعتاب والأوتاد وليقبلوا ويقولوا: ابن كثير قال، فنقول لهم: نحن مع الدليل، ما صنع ذلك أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من القرون الثلاثة الأول.
إذاً فالحلق واجب، ولكن لا أن تأخذ شعرات كما يفعل البعض، فإما أن تحلق الكل وإما أن تقصر الكل، أما أن تأخذ شعرات فهذا لا يجوز، والمرأة تأخذ من ظفيرتها بقدر أنملة، هذا التحلل الحقيقي، أما التحلل الذي يفعله البعض الآن فيحافظ على شعره كما هو ويأخذ منه شعرة أو شعرتين فهذا لا يجوز أبداً، وقد ألزم بعض العلماء من يفعل ذلك بدم؛ لأنه ما حلق.
قال الشارح: [ وطواف الوداع واجب بدليل ما سبق من حديث ابن عباس ].
الإحرام من الميقات واجب، وأصل الإحرام ركن.
إذاً أركان العمرة ما هي:
الإحرام، والطواف، والسعي عند بعضهم، ولا بد أن نذكر النية، قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) ، فمدار الأعمال على النيات.
فإن عزم بقلبه ولم يتلفظ بها فحجه صحيح، والتلفظ بها مستحب في الحج فقط، وبعض الفقهاء قالوا:لا يجوز التلفظ حتى في الحج والعمرة.
الأول: أن آخر وقت للوقوف هو آخر ليلة النحر، فمن لم يدرك الوقوف حتى طلع الفجر فاته الحج، لا نعلم في ذلك خلافاً، قال جابر : (لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر) ، من ليلة جمع، قال أبو الزبير : أقلت له: أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؟ قال: نعم.
الثاني: أن يتحلل بطواف وسعي وحلق وهذا الصحيح من المذهب، روي ذلك عن عمر وابن عمر وزيد وابن عباس وابن الزبير ولم يعرف له مخالف فكان إجماعاً، وروى الأثرمبإسناده أن هبار بن الأسود حج من الشام وقدم يوم النحر فقال له عمر : ما حبسك؟ قال: حسبت أن اليوم عرفة، قال: فانطلق إلى البيت]، وحديث هبار هذا حجة في الفوات، انتبه إليه! رجل جاء من الشام ولم يدرك الوقوف بعرفة وأخطأ في تحديد عرفة قال له عمر: [انطلق إلى البيت فطف به سبعاً وإن كان معك هدي فانحرها، ثم إذا كان من عام قابل فاحجج، وإن وجدت سعة فاهد فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت.
وروى البخاري عن عطاء : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة وليحج من قابل) ؛ ولأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات فمع الفوات أولى، إذا ثبت هذا فإنه يجعلها عمرة لحديث عطاء الثالث: أنه يلزمه القضاء من قابل سواءً كان الفائت واجباً أو تطوعاً ] بمعنى: أن من فاته الوقوف بعرفة يترتب على ذلك أربعة أشياء:
1- أن يطوف.
2- أن يسعى.
3- أن يتحلل.
4- أن يذبح الهدي.
قال الشارح: [ الثالث: أنه يلزمه القضاء من قابل سواءً كان الفائت واجباً أو تطوعاً، روي ذلك عن جماعة من الصحابة، وعن أحمد أنه لا قضاء عليه بل إن كان فرضاً فعلها بالوجوب السابق، وإن كانت نفلاً سقطت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الحج أكثر من مرة، قال: (بل مرة واحدة)، ولو أوجبنا القضاء كان أكثر من مرة؛ ولأنها عبادة تطوع بها، فإذا فاتت لم يلزمه قضاءها كسائر التطوعات.
والرواية الأولى أولى؛ لما ذكرنا من الحديث وإجماع الصحابة ]، يعني: من فاته الوقوف بعرفة، وكان حجه تطوعاً، هل يلزمه القضاء أم لا يلزمه؟ خلاف بين العلماء: والراجح أنه يلزمه، ومن قال بذلك انتصر بهذا الدليل، وأما الحديث فإنه أراد الواجب بأصل الشرع حجة وحجة واحدة وهذا إنما تجب بإيجابه لها بالشروع فيها، فتصير كالمنذور بمعنى: أنه لو شرع في حج النافلة يجب عليه أن يقضي، وأن يتم النسك، ليس معنى أن الحج مرة أنه سقط إتمام مناسك الحج حتى وإن كانت تطوعاً فإن الله قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، لذلك لا ينبغي لمن بدأ في مناسك الحج حتى وإن كان تطوعاً أن يخرج منها، فمن فاته الوقوف بعرفة في التطوع وجب عليه القضاء من قابل وهذا إجماع الصحابة وهو الأولى.
والله تعالى أعلم.
قال: [ وإن أخطأ الناس ووقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم ذلك؛ لأنه لا يؤمر مثل ذلك بالقضاء فيشق وإن فعل ذلك نفر منهم فقد فاتهم الحج ]، يعني: إن فعل ذلك البعض فاتهم الحج كـهبار ، أما إن أجمعت الأمة على أن هذا اليوم هو يوم عرفة ثم وقفوا بعرفة ثم تبين لهم أنه ما كان عرفة فحجهم صحيح ولا شيء عليهم.
الجواب: رعاية أم الزوج من البر، والله تبارك وتعالى قال للمكلف: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ [الإسراء:23]، ومعنى: ( عندك ) يعني: في الإقامة معك، فلا ينبغي لزوجة الابن بحال أن تعق أم زوجها فهذا من باب العقوق للزوج بدون أدنى شك.
وعلى الزوجة أن يكون قصدها أن ترضي ربها عز وجل وأن تكون أم زوجها بمثابة أمها، وهذا من باب بر الزوج، والله تعالى أعلم.
وحتى لو كانت أم زوجها مؤذية فعليها أن تصبر قال تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [لقمان:17]، ولا ينبغي للزوجة أن تعاملها بالمثل، فإن هذا لا ينبغي أبداً لامرأة مسلمة.
الجواب: يقول تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78-79]، صاحب المعصية لا بد أن تأخذ على يده بهجره حتى يعلم أنه على معصية وأنك غير راضٍ عن فعله، وليس معنى هذا أنا ندعو إلى الهجر المطلق، ولكن كما قال ابن حجر : الزجر بالهجر، فإن كان الهجر سيأتي بنتيجة فاهجره، ولكن الحقوق العامة التي في الحديث وهي: أن تلقي السلام، وأن ترد عليه السلام، وأن تجيبه إذا دعاك، وأن تعوده إذا مرض، وإذا عطس فحمد الله فشمته، هذه الحقوق العامة لا تسقط بحال حتى عن أصحاب المعاصي.
الجواب: إن تعسر عليه أن يذهب لن يسأله الله لم لم تحج، لأن الحكومة منعته، وذلك بإلزامه بالتوقيع على الإقرار، والإقرار يقول: لا يحج إلا في كل خمس سنوات مرة فلا تكليف إلا بمستطاع، فالذي لا يستطيع أن يقضي لا شيء عليه، فإن القضاء للمستطيع.
الجواب: الوفاء بالنذر واجب بالشرط، لكن يجزئك أن تذبح جملين، يعني: أن تزيد لا أن تقل.
الجواب: لا يجوز الأكل من النذر.
الجواب: يا أخي الفاضل! الكتاب لم أره من قبل، وأفضل كتاب هو كتاب البيقونية، وقد شرح المنظومة البيقونية الشيخ: ابن عثيمين .
الجواب: الدعاء للميت هو الذي يصل إن شاء الله، أما الفاتحة فلم يرد بها نص، وإنما هو قياس، ولا قياس مع وجود النص.
الجواب: نعم يجوز، والدليل معنا في البخاري وغيره.
الجواب: لا يلزمك شيء؛ لأن السعي مرة واحدة بالنسبة للقارن والمفرد، أما المتمتع فعليه سعي آخر. وبما أنك ذكرت طوافك للقدوم، إذاً أنت قارن أو مفرد.
الجواب: لا شك أن مذهب الإمام أحمد هو أقرب المذاهب إلى السنة.
الجواب: يسقط عنه بعدم الاستطاعة، وهذه قاعدة في أصول الفقه: أن الواجبات تسقط بالعجز.
الجواب: لا يجوز أن يجامع إلا بعد الاغتسال، فإن جمهور العلماء على أن قول الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، أي يغتسلن فهناك قراءة: حتى يطّهرن ، بتشديد الطاء، يعني: يغتسلن، خلافاً للأحناف فقد ذهبوا إلى أنه يجوز جماع الزوجة قبل الغسل وهذا مرجوح، والصحيح قول جمهور الصحابة وسلف الأمة: أنه لا يجامع إلا بعد الغسل، وعلى هذا فعليك كفارة، فتتصدق بنصف دينار، يعني: ما يعادله من المال تخرجه لله عز وجل.
الجواب: تدخل في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري : (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ، فإذا أدركت الإمام على أي هيئة فادخل معه ولا تنتظر جماعة أخرى.
الجواب: عليه ملاحظات وقبل أن تقرأ ينبغي أن نحذر من بعض الكلمات التي توهم تأويلاً أو توهم حلولاً أو اتحاداً، ولعل بعض علماء المملكة له كتاب اسمه: المورد العذب الزلال فيما وقع في تفسير الظلال، من مخالفات لعقيدة السلف.
وهذا الكلام قد لا يعجب البعض ولكن الرجل عليه ملاحظات ففي كتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام يقول عندما تحدث عن عثمان بن عفان أنه كان يحابي أقرباءه ويقربهم، وهذا الكلام لا يقبل بحال في حق ذي النورين.
فالرجل أفضى إلى ما قدم غفر الله له وجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين. ويقول في أحد كتبه: ومساجد المسلمين اليوم في مجتمعاتهم هي كمعابد الأصنام تماماً، هذا الكلام يرد عليه، ويقول: وليس غياب شخص النبي صلى الله عليه وسلم يمثل فرقاً بين جيلنا وجيل الصحابة.
وهذا كلام غير صحيح، فإن غياب شخص النبي صلى الله عليه وسلم يمثل فرقاً بأدلة كثيرة.
فالرجل عليه ملاحظات جزاه الله خيراً عما قدم لدين الله سبحانه.
ولا ينبغي أن نقول فيه أنه: حلولي أو اتحادي أو زنديق، فقد أفضى إلى ما قدم غفر الله له.
الجواب: الحديث الصحيح (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) ، ولفظة كاتم ليست من الحديث، ومعنى الحديث لا صلاة كاملة في الأجر؛ لأنه ينشغل بالمدافعة.
الجواب: ثبتك الله! إعفاء اللحية واجب، قل لهم: طاعة النبي واجبة، وطاعتكم غير واجبة في معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثبتك الله، فلا تفرط في واجب أبداً لأجل أن ترضي غير الله ولا غير رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: البس ولا حرج، لكن أنصحك أن تلبس البدلة بدون كرفتة، فالكرفتة ليست من زي المسلمين ولا من لباسهم، يعني: بدلة جاكت طويل فضفاض مع بنطول غير مسبل، فلا بد أن يكون الزي مطابقاً للشرع.
الجواب: العمامة لا تزيد عن الكتفين ولا تصل إلى الظهر، هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: يا ستير! وضعنا مع بوش وشارون يا رجل! نسأل الله العافية، رأيتم يا إخواننا! هذا أيضاً ربما يكون معذوراً بسبب ممارسات بعض الناس معه، لكني لا ألتمس له عذراً طالماً يستطيع أن يتعلم، وقد يكون قوله هذا ناتجاً عن مواجهة أحد من الشباب السلفي له بغلظة وجفاء، فأقول أيضاً للشباب: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، وما دخل اللين في شيء إلا زانه، وما دخل العنف في شيء إلا شانه.
الجواب: الصلاة خلف من عنده بدعة في العقيدة لا تجوز.
الجواب: ينظر إلى مخطوبته ثلاث مرات، وليس للخطبة زمن محدد، والخاطب أجنبي عن مخطوبته.
الجواب: الدبلة تقليد غير إسلامي، والمحبس كذلك.
الجواب: أجاب ابن عباس عن هذا بقوله: أرأيت لو أن رجلاً أعمى دخل إلى بستان مع رجل كسيح فقال: الكسيح للأعمى: أنا أرى ولا أستطيع المشي، وأنت تستطيع المشي ولا ترى، فلو نتعاون فأنت تحملني فوق كتفيك، فآخذ وأعطيك، فالإثم هنا عليهما، كذلك حال الروح مع الجسد، فالجسد مطية الروح، كما قال ابن تيمية .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر