وهي ستة:
أحدها: الطهارة من الحدث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن أحدث حتى يتوضأ) ].
قال في الشرح: متفق عليه.
شروط الصلاة: منها شروط صحة وشروط وجوب، وهناك فرق بين شرط الصحة وشرط الوجوب، وهذه التي ذكرها المصنف شروط صحة، والبلوغ شرط وجوب، يعني: أن غير البالغ له أن يصلي، فإن صلى صحت صلاته، لكن الصلاة لا تجب عليه إلا بعد البلوغ.
وهناك فرق بين الشرط والركن، فالشرط هو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، يعني: إذا انعدم الشرط انعدم الحكم، مثل: إنسان يصلي بغير وضوء فصلاته باطلة؛ لأنه غاب عنها شرط، فإذا انعدم الشرط انعدم الحكم.
وشروط صحة الصلاة ستة:
1- الطهارة من الحدثين: الأكبر والأصغر.
2- طهارة البدن والثوب والمكان.
3- استقبال القبلة.
4- ستر العورة.
5- دخول الوقت.
6- النية.
وهذه شروط صحة الصلاة، وإذا تخلف شرط من هذه الشروط الستة فإن الصلاة باطلة.
لكن إذا وجد الشرط هل بالضرورة يوجد معه الحكم؟ يعني: إذا كنت مستقبل القبلة، فهل يلزم من استقبالك القبلة الصلاة أم لا؟ لا يلزم، وعلى هذا فلا يلزم من وجود الشرط وجود ولا عدم لذاته.
أما الركن فهو: ما يدخل في الماهية ويكون جزءاً منها، كتكبيرة الإحرام وكقراءة الفاتحة، وكالركوع، وكالسجود، وكالاعتدال من الركوع، وكالطمأنينة ... إلى آخره.
إذاً: لا صلاة لمحدث حتى يتوضأ، وحتى هنا للغاية.
ويبدأ وقت العصر حينما يكون ظل كل شيء مثله، وينتهي وقت العصر حينما يكون ظل كل شيء مثليه، وفي رواية أخرى لـأحمد : عند اصفرار الشمس، وسنتحدث عن وقت العصر بعد.
قال في الشرح: [ ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عنه الشمس؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر في المرة الأولى حين زالت الشمس، والفيء مثل الشراك) ].
والفيء يعني: الظل، ومعنى (مثل الشراك): شراك النعل، قال أبو بكر رضي الله عنه:
كل امرئٍ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
يعني: أن الموت أقرب إليه من شراك النعل، والشراك هو رباط الحذاء، فتجد الظل في وقت الزوال إذا كان كشراك النعل، فهذا هو أول وقت للظهر.
قال: [ (ثم صلى بي المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثله، وقال: الوقت ما بين هذين)، قال الترمذي : حديث حسن، ويعرف زوال الشمس بطول الظل بعد تناهي قصره ].
يعرف زوال الشمس بطول الظل، ويبدأ الظل في الزيادة بعد أن كان قصيراً. ووقت الظهر هو وقت الجمعة، ووقت الجمعة أيضاً له وقت بداية ونهاية، ونهاية وقت الجمعة هو بداية وقت العصر، يعني: أنه يمتد وقت الجمعة إلى نداء العصر، لكن متى يبدأ وقت الجمعة؟ هل بالظهر أم قبل ذلك؟
يقول جابر كما في صحيح مسلم : (كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ونذهب إلى جمالنا نريحها ولم تزل الشمس عن وسط السماء)، يعني: كانوا يصلون الجمعة قبل وقت الظهر، أي: كانوا يبكرون بالجمعة أحياناً، فللإمام الراتب أن يبكر بصلاة الجمعة إن رأى أن في ذلك مصلحة أو رخصة، أما أن يؤخر الصلاة فليس من السنة، وإني أعجب من بعض المساجد التي تؤخر صلاة الجمعة فإن هذا مخالف للسنة، فإن شاءوا فليعودوا إلى البخاري أو أي كتاب من كتب السنة؛ لينظروا كيف كانت سنة النبي عليه الصلاة والسلام، والتزام السنة أولى من تركها، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: إذا كان يوم غيم أو مطر كيف نعرف الزوال؟ فالجواب: الحمد لله عندنا الآن الساعات وعندنا وسائل عديدة لمعرفة وقت الزوال.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ووقت العصر -وهي الوسطى- من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس ]. والعصر هي الصلاة الوسطى، قال في الشرح: [ لما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (شغلونا عن صلاة العصر الصلاة الوسطى ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) ، متفق عليه ].
أي: أن الصلاة الوسطى بنص هذا الحديث هي صلاة العصر، [ وأول وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله، وهو آخر وقت الظهر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل: (وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله) ، وآخره ما لم تصفر الشمس، لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس) ، رواه مسلم . وعنه أن آخره -يعني: رواية أخرى عن أحمد - إذا صار ظل كل شيء مثليه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (وصلى بي جبريل العصر في المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه).
ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس، والضرورة: العذر، يعني: لا يباح تأخيرها إلا لعذر؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته) ، متفق عليه ].
إذاً: العصر له وقتان: وقت اختياري ووقت اضطراري، فإن سأل سائل: هل يجوز أن أصلي العصر بعد غروب الشمس وقبل نداء المغرب؟
فنقول: هل أنت من أهل الأعذار؟ فإن كان لك عذر فيجوز؛ لأن هذا هو وقت الاضطرار، أما وقت الاختيار فينتهي باصفرار الشمس، أو بأن يصير ظل كل شيء مثليه.
وفي الحديث: (تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق، الذي يجلس يرتقب الشمس إلى الغروب فإذا غربت قام فنقرها أربعاً) ، فحكم عليه أنه منافق؛ لأنه يؤخرها بلا عذر؛ وليس هو من أهل الأعذار.
فعند الإمام أحمد أن العصر له وقتان: وقت اختيار ووقت اضطرار، ووقت الاختيار يبدأ من نهاية وقت الظهر وذلك بأن يصير ظل كل شيء مثله، هذا وقت البداية، وينتهي وقت العصر باصفرار الشمس أو أن يصير ظل كل شيء مثليه.
ومن كان من أهل الأعذار وأدرك ركعة من العصر ثم أذن المغرب فقد أدرك العصر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح) ، بمعنى: إذا قمت الساعة السادسة والشروق في الساعة السادسة وأربع دقائق وجئت بركعة قبل السادسة وأربع دقائق، والركعة الثانية جئت بها بعد شروق الصبح فقد أدركت الصبح.
لذلك فإن من فقه الإمام البخاري أنه أتى بحديث أهل الكتاب حديث القراريط الذي استنبط منه صاحب هرمجدون أن عمر أمة الإسلام يساوي عمر أمة اليهود مع عمر أمة النصارى، وحديث القراريط في البخاري في كتاب مواقيت الصلاة.
يقول ابن حجر في الفتح: ما علاقة هذا الحديث بكتاب المواقيت؟ من فقه البخاري أنه أراد أن يقول: إن من أدرك ركعة من الصلاة من أربع ركعات فالأصل أن له ربع الأجر لكنه يأخذ الأجر كما لو أدركها في وقتها، وكذلك أمة النبي عليه الصلاة والسلام آخر الأمم وقتها في الدنيا ما بين العصر والمغرب، ووقت اليهود والنصارى من الفجر إلى العصر، لكن رغم قصر عمر الأمة إلا أنها تأخذ أجر الأمتين كاملة، وهذا كلام يحتاج إلى مراجعة منك في صحيح البخاري لتنظر الربط بين حديث القراريط وبين كتاب مواقيت الصلاة.
فمن أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها فإنه يأخذ الأجر كاملاً، وهذا ما أراد أن يقوله البخاري رحمه الله تعالى.
ولو قال قائل: لو طلعت الشمس فهل أصلي قضاءً بعد الطلوع؟ نقول: نعم، وتصلي سنة؛ لما جاء في البخاري في كتاب التيمم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ يوماً على حرارة الشمس) ، يوم أن أمر بلالاً أن يقوم على رعايتهم وإيقاظهم من النوم حين نزل وادياً سهلاً مريحاً فناموا، فقال للصحابة: (من يكلؤنا) ، يعني: من يقوم على حفظنا وحراستنا وإيقاظنا، فقال بلال : أنا يا رسول الله! فقام بلال مستيقظاً، فإذا به يتكئ فنام حتى طلعت الشمس، فاستيقظ الصحابة، يقول عمر : فكنت رابع القوم، عمر بن الخطاب رابع من استيقظ قال: كنا نكره أن نوقظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم؛ لعله يوحى إليه، قال: فكبرت، يعني: قلت: الله أكبر.
وقال ابن حجر في الفتح معلقاً: وفي الحديث مشروعية إيقاظ النائم بالتكبير.
أما نحن فنوقظه في رمضان بالتطبيل.
فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم قال لـبلال : (ما الذي أنامك يا
والسؤال الآن: هل صلى جهراً أم سراً؟ فالشمس قد ظهرت وصلاة النهار سرية، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى جهراً؛ لأنه يقضي صلاة جهرية، ومن هنا استنبط العلماء أن قضاء الجهرية جهراً، وقضاء السرية سراً.
الجواب: في الحديث: (قولوا مثلما يقول)، وهذا النص عام إلا في الحيعلتين فإنها مستثناة، فتقول مثلما يقول المؤذن، فإن قال: الصلاة خير من النوم، فقل: أنت أيضاً: الصلاة خير من النوم.
الجواب: الثلث كثير؛ لأن حديث البخاري يوضح هذا؛ فإن فيه: (ولم يكن بين أذان بلال وأذان ابن أم مكتوم إلا أن ينزل ذا ويصعد ذا)، وابن أم مكتوم رجل أعمى، فكان ينزل بلال ويصعد ابن أم مكتوم ، ونزول الأعمى قد يحتاج إلى وقت، فيُجعل بينهما: عشر دقائق أو ربع ساعة أو اثنا عشر دقيقة، ولا يزاد على هذا.
الجواب: هذا أمر واقع، فبعض إخواننا هداهم الله يستحلون من المرأة ما يستحلون، والله يقول: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، فأنت تزوجتها بكراً ستعود إلى بيت أبيها ثيباً، ألا تستحي من ربك عز وجل أن تعوضها عما صنعت بهذا فمنهم من يسرق القائمة، ومنهم من يجبرها على التوقيع على بياض بالتنازل عن حقها، ومنهم من يجبرها على التنازل عن المتعة والعدة ومؤخر الصداق حتى تحصل على الحرية، ويتبجح بذلك في المجالس.
فمثل هذا نقول له: أما تستحي من ربك عز وجل؟! ألا تعلم أنك بذلك تأكل ناراً في بطنك وجوفك؟ فلا ينبغي لرجل يتقي الله عز وجل أن يأخذ من حق المرأة شيئاً أبداً؛ لأن الله يقول: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ [النساء:4]، فلا بد أن تطيب نفس المرأة بالعطاء.
اتصلت بي أخت فاضلة وقالت: زوجي يجبرني على أن أرد الصداق إليه وأنا معه الآن، والمهر الذي دفعه هو ألف ونصف، واشترت هي بالألف والنصف قطعة أرض في السبعينات، وهذه الأرض الآن بعشرين ألفاً، فهو يريد أن يأخذ الصداق وربح الصداق.
أرأيتم إلى رجل كهذا؟ فيا عبد الله! كيف تستمتع بالمرأة بدون صداق؟ فالصداق هو الذي أحلها لك، وهو الذي مكنك منها، أما أن تأخذ حقوقك الشرعية بغير صداق فأنت مفترٍ ظالم.
فأقول: إخوتي الكرام! لنتق الله عز وجل في أمورنا.
والله تعالى أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر