وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المعلم الجليل، المؤيد بجبريل، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أيها المسلمون! إن من أعظم نعم الله علينا أن هدانا للإيمان، فله الحمد وله الثناء الحسن أن دلنا على هذا الطريق وقربنا وأبعد غيرنا، ورزقنا الهداية بمبعث محمد عليه الصلاة والسلام، فلا إله إلا الله ما لدعوته من أثر! ولا إله إلا الله كم لرسالته من نفع! فمن اعتقد أنه سوف يهتدي بهدىً غير هدى الله الذي أرسل به محمداً عليه الصلاة والسلام؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً، ولا عدلاً ولا كلاماً، ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم.
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي؛ إلا دخل النار) قال الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم:96] وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30] ما أحوجنا إلى الإيمان! وما أفقرنا إلى الهداية!
يا مسلمون! من نحن قبل رسالته عليه الصلاة والسلام؟ أمةٌ -والله- ضائعة، لا تاريخ لها ولا هداية، ولا نور ولا حضارة، حتى بعث الله لنا محمداً عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2] أمة كانت تعبد الوثن، وتسجد للصنم، وتزاول الخمر والزنا والفاحشة، لا مبادئ لها، ولا قيم، ولا سلوك، ولا أخلاق، ولا نظام.
إن البرية يوم مبعث أحمدٍ نظر الإله لها فبدل حالها |
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها |
لبس المرقع وهو قائد أمةٍ جبت الكنوز فكسرت أغلالها |
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها |
فما هي الطريقة المثلى لنحافظ على هذا الإيمان؟ وبالخصوص في هذا البلد الظالم أهله، الذي ما عرف الله ثراه، وما سجد لله إلا القلة القليلة، كيف نحافظ على الإيمان؟ وكيف نربي شجرة الإيمان؟ وكيف نحافظ على صرح الإيمان؟
إن ذلك بأسباب:
كتب عمر إلى سعد -رضي الله عن الجليلين النبيلين- يوم كنا سادة الأمم، يوم كنا قادة الشعوب، يوم كان عمر بملحفه الممزق المرقع إذا ذُكِرَ عند كسرى أُغمي على كسرى:
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدمٌ له والكوخ مأواه |
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه |
كتب إلى سعد وهو في القادسية: [[الله الله في الصلاة، فإن أخوف ما أخاف عليكم ترك الصلاة]] فإذا تركت الصلاة فهو الانهزام والفشل، وإذا تركت الصلاة فهو الزنا والربا والخمر والإلحاد والخروج عن القيم، ولذلك عرف السلف الصلاة فقدَّروها حق قدرها.
حضرت الوفاة سعيد بن المسيب سيد التابعين، فبكت بنته عند رأسه، فقال: يا بنية! لا تبك عليّ، والله ما أذن المؤذن من أربعين سنة إلا وأنا في مسجده عليه الصلاة والسلام.
وقال الأعمش -العالم الزاهد الكبير- لابنته: والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام في جماعة أربعين سنة.
إن مصداقية التمثل بهذا الدين في الصلوات الخمس، وإن انتصارك على الشهوات في بلد الشهوات والمغريات، هي أداء الصلوات الخمس في جماعة بخضوعٍ وركوعٍ وسجود. ولذلك قال ثابت بن عامر بن عبد الله بن الزبير: يا رب! أسألك الميتة الحسنة، قالوا: وما الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني الله وأنا ساجد، فقبض الله روحه وهو ساجد.
قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] وإيمانٌ ليس فيه صلاةٌ جماعة بخشوع ليس بإيمان، وإيمان ليس فيه صلاةٌ بأداء وحرارة ليس بإيمان، وإن من علامات النفاق ترك الصلاة جماعة، حتى قال ابن مسعود: [[كنا نعد من يتخلف عن الصلاة منافقٌ معلوم النفاق]].
نشتكي أحوالنا.. ونشتكي أمراضنا.. نشتكي أدواءنا.. ولم نعرف ما هو المرض.
إننا يوم تخلينا عن معالم الإيمان، سلبت ديارنا، وانتهكت مبادئنا، وذهبت عقيدتنا إلا في قلوب من رحم الله تبارك وتعالى.
فلسطين ما ذهبت إلا يوم ضعف الإيمان، وما دمرت أفغانستان إلا يوم ذهب أمثال قتيبة فاتح كابل وأمثالها من المدن؛ ولذلك أنلوم من؟ نلوم أنفسنا، ونلوم ما نحمله في قلوبنا من عدم توطدٍ لهذا الدين.
أمتي هل لك بين الأممِ منبرٌ للسيف أو للقلمِ |
أتلقاك وطرفي حاسرٌ أسفاً من أمسك المنصرم |
ألإسرائيل تعلو رايةٌ في حمى المهد وظل الحرم |
أوما كنت إذا البغي اعتدى موجةٍ من لهبٍ أو من دمِ |
يا إخوتي في الله! يا حملة الإيمان في بلاد الطغيان! يا قادة الفكر الموجه! يا ممثل الرسالة الخالدة! لا يمكن أن نحافظ على الإيمان إلا بأصول الإيمان، ومن أعظمها الصلاة.
يقول سيد قطب -رحمه الله- وهو ينقل عن عالمٍ من علماء هذه البلاد كأنه ابتدع، في كتابه الإنسان لا يقوم وحده اسمه كريسي موريسون، يقول: من دلَّ النحلة على خليتها إذا فارقتها؟ أعندها إريال، قال سيد قطب: بل علَّمها الذي علَّم كل شيء: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن:1-4] الذي علم النحلة هو الله جل الله في علاه قال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ [النحل:68] هو المعلم سبحانه وآياته تشهد على وحدانيته.
وفي كل شيٍ له آيةٌ تدل على أنه واحدُ |
فيا عجباً كيف يُعصى الإله أم كيف يجحده الجاحدُ |
إن مما يُربِّي الإيمان، ومراقبة الواحد الديان، واستظهار عظمة الله والخوف منه؛ التفكر في آياته.
نقل ابن كثير في تفسير قوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] عن الإمام مالك أن هارون الرشيد سأله: ما دليل قدرة الواحد الأحد؟
فقال الإمام مالك: اختلاف الأصوات، وتعدد اللهجات، واختلاف النغمات؛ تدل على فاطر الأرض والسماوات. ويقول الإمام أحمد في تعريف بسيطٍ لقدرة الباري، ولزيادة الإيمان التي تحدثها هذه الآيات: يا عجباً! هذه البيضة، أما سطحها ففضة بيضاء، وباطنها ذهبٌ إبريز! ألا تدل على السميع البصير؟! جلَّ الله.
يقول شاعر الإيمان في السودان:
قل للطبيب تخطفته يدُ الردى من يا طبيب بطبه أرداكا |
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاكا |
والنحل قل للنحل يا طير البوادي ما الذي بالشهد قد حلاكَا |
وإذا ترى الثعبان ينفث سُمَّهُ فاسأله من ذا بالسموم حشاكا |
واسأله: كيف تعيشُ يا ثعبانُ أو تحيا وهذا السم يملأ فاكا |
لا إله إلا الله! إن عقيدة المسلم دائماً تتزايد وتربو بما يرى ويشاهد من آيات الله البينات، ولذلك فقد وجب علينا وجوباً أن نتفكر في آيات الله الواحد الأحد، وأن نتملى فإنه إيمانٌ سهلٌ بسيط، يدركه الأعرابي في الصحراء، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه وأرضاه قال: {قدم
كل شيءٍ يدلك على الله، السماء.. الماء.. الضياء.. السناء.. المدر.. الشجر.. البشر.. كلها تقول: إن هناك إلهاً حكيماً قديراً بصيراً.
يا مسلمون! إن أعظم ما نحافظ عليه لنحفظ كياننا ومستقبل أمتنا، هو هذا الدين الذي أتى به محمدٌ عليه الصلاة والسلام، حفظ الإيمان، وكل شيءٌ يضيع ويهدر في سبيل أن يحفظ علينا هذا الدين.
إن هويتنا بين العالم والشعوب هو الإيمان، وإن أسباب ضعفنا بين الأمم يتأتى من ضعف إيماننا ويقيننا وطلب نصرنا مع الله، خرج ثلةٌ من الأفغان عليهم ثياب بالية، ومعهم أسلحةٌ بسيطة يحاربون الحمر البلشفيين، أعظم قوى الأرض، فسحقوها، وقطعوا دابرها إلا قليلاً وأشرفت على الهلاك: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ [آل عمران:160] قال لهم الناس: تعالوا إلى هيئة الأمم المتحدة، قالوا: آمنا بالله وكفرنا بـهيئة الأمم، قال لهم الناس: تحاكموا إلى مجلس الأمن، قالوا: آمنا بالله وكفرنا بـمجلس الأمن.
يا أمةٌ في عمرها لم تحى إلا بالجهاد |
كفرت بمجلس أمن من نصب المنايا للعباد |
القاتلي الإنسان خابوا ما لهم إلا الرماد |
إنما الإيمان: صلاةٌ ونافلة.. سجودٌ وتسبيح، الإيمان دعاءٌ وبكاء، وتوجه وتوسل إلى الحي القيوم، ففي صحيح مسلم عن ربيعة بن مالك الأسلمي قال: {يا رسول الله! أريد مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود} وعند الإمام مسلم من حديث ثوبان {فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة} طريق الجنة النوافل، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري أنه قال: {يقول الله عز وجل: ما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به....} الحديث.
معنى هذا: أن في الناس مقتصدين، وسابقين بالخيرات، أما السابق هذا فله نوافل، وأيامه أوراد ولحظاته وأنفاسه كلها تسبيح، وتوجه للحي القيوم.
ألا إن أعظم ما يحفظ الإيمان النوافل، وإن مصداقية المؤمن تكمن في كثرة النوافل، وكثرة السجود، ألا وإن كثرة السجود والإكثار من الذكر وتدبر القرآن سياجاتٌ وخطوطٌ دفاعية عن الإيمان، ألا وإن أعظمنا عند الله قدراً أطوعنا له، وأحسننا تبتلاً إليه، وأكثرنا له عبودية، فتبارك الله رب العالمين.
إخوتي في الله! إن النوافل أمرها عظيم عند أهل العلم، ولذلك ذكروا في تراجم الصالحين أخباراً مشيدة عن تبتلهم في الليالي، وكثرة ذكرهم، وتدبرهم.
إن قضية الجفاف الروحي الذي نعيشه اليوم سببه إرهاصات وثقافات أتت لتقول للإنسان: لا داعي للنوافل، فالدين قشور ولباب!!
أتت لتقول للإنسان: القضايا النظرية لا بد أن تحلل تحليلاً عقلياً لتصلح هذه الأمة.
ألا يا أيها الأخيار! ألا يا أيها الأبرار! إني أدعو نفسي وإياكم إلى كثرة النوافل، وإلى التسديد والمقاربة، وإلى معرفة أن الطريق والهداية لا تكون إلا في القرب من الله.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو التواب الرحيم.
إذا الإيمان ضاع فلا أمانٌ ولا دنيا لمن لم يحي دينا |
ومن رضي الحياة بغير دينٍ فقد جعل الفناء لها قرينا |
لا حياة لنا إلا بالإيمان، وضرورته أهم من ضرورة الماء والهواء، وفقدان ذلك إنما يكون هلاكاً وموتاً، وأما فقدان هذا فهو الموت المحقق في الدنيا والآخرة.
إخوتي في الله! إذا حصلنا على الإيمان وحافظنا عليه، فما هي ثمراته ونتائجه؟
له ثمراتٌ عشر، وأعدُّ ثلاثاً للمقام:
قال أحد الصالحين بعد أن تاب: "ذقت كل شيء فما وجدت كالتقوى".
وقال إبراهيم بن أدهم وهو مؤمنٌ صالحٌ مقبل على الله: "نحن في سعادة لو يعلم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليه بالسيوف".
العيش مع الله! السعادة الكامنة في الإيمان، وفي النوافل التي جعلت المؤمن يرى الذهب والفضة كأنها أكواماً من تراب، ويرى القصور كأنها ثكناتٍ من صخور، ويرى المناصب كأنها لا شيء؛ لأنه بإيمانه ويقينه وإقباله على الله استثمر الإيمان.
الفوز بالجنة، تقول بعض طوائف المبتدعة: نحن نعبد الله لا طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره، فكذبهم أهل السنة، وقالوا: لا. إن من أعظم المطالب عند أهل الإسلام: الفوز بالجنة، والفوز بالجنة هو الذي جعل من حنظلة، الصحابي الشاب يترك، زوجته الجميلة في الليلة الأولى، ويترك أهله وبيته وعقاره، ويأخذ سيفه ويقبل على الله غير مغتسلٍ لعجلة أن يقدم روحه في سبيل الله، ويقول وهو في الطريق: [[يا رب! خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى]]... وحديثه صحيح.
ومن الذي باع الحياة رخيصةً ورأى رضاك أعز شيءٍ فاشترى |
أمَّن رمى نار المجوس فأطفئت وأبان وجه الصبح أبيض نيرا |
قُتل في المعركة، وعلم الله أنه صادق، وارتفعت نفسه إلى الحي القيوم: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30] فاضت روحه، التفت عليه الصلاة والسلام فرآه يغسل بين السماء والأرض في صحاف الذهب بماء المزن قال: {سلوا أهله! قالوا: مات جنباً فلم يغتسل، قال: لقد غسلته الملائكة} هنيئاً لك الصدق يا حنظلة، وهنيئاً لك الخلود، وهنيئاً لك العيش الطيب.
وكم نذكر من النماذج التي ربَّاها محمد عليه الصلاة والسلام على سمعٍ وبصر، يأتي جعفر الطيار في مؤتة فتقطع يمناه، فيأخذ الراية باليسرى، فتُقطع اليسرى، فيحتضن الراية، فتكسر الرماح في صدره وهو يقول متبسماً:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبةٌ وباردٌ شرابها |
والروم رومٌ قد دنا عذابها كافرةٌ بعيدةٌ أنسابها |
عليّ إن لاقيتها ضرابها |
أيُربَّى على هذا إلا من عرف طريقه إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض.
لم يمنِّ محمدٌ عليه الصلاة والسلام أصحابه بالملك، ولا بالمناصب، ولا بالعمارات، ولا بالسيارات، قالوا: نريد ملكاً، قال:الجنة، قالوا: نريد طعاماً، قال: الجنة، قالوا: نريد ذهباً وفضة، قال: الجنة.
صح عند البخاري وغيره أن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري قتل في المعركة، ضرب بأكثر من ثمانين ضربة، فأتى ابنه جابر يبكي وأبوه مقتول، فقال عليه الصلاة والسلام: { يا
أيفعل البلشفي الأحمر الذي يقاتل عن مبادئ لينين واستالين يفعل هذا؟! لا والله، يقاتل لمبادئ رخيصة، ويفرون من المعارك؛ لأنهم يريدون الحياة، وأصحاب محمد عليه الصلاة السلام يريدون ما عند الله، يريدون الجنة، ولذلك كان السلف الصالح دائماً يتطلعون إلى الجنة، ومن ثمرات إيمانك: أنك إذا بخست حظاً من الحظوظ أو أحرمت طعاماً، أو لم تحصل على منصب، أو لم تنل منزلة أو شهرة، فاعلم أن الجنة تنتظرك إذا صدقت مع الله.
نسأل الله لنا ولكم الجنة.
قال بعض السلف: "والله إن الله يحفظ الصالح في أهله وماله، وفي جويرية أهله، ومن ضيع الله ضيعه الله". سنة من سنن الله الكونية الخلقية، والأمرية الشرعية، أنَّ من ضيع الله في أوامره؛ ضيعه في مستقبله، وفي علمه، وفي دراسته فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13].
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، ربنا كفر عنا سيئاتنا، وتقبل منا أحسن ما عملنا فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم رد علينا مقدساتنا، وإيماننا، وعظمتنا، اللهم أعد لنا مجدنا المسلوب، اللهم ثبتنا على الحق وعلى نهج محمد صلى الله عليه وسلم حتى نلقاك، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم على رسولك الذي أرسلته للعالمين مبشراً ونذيراً، وعلى آله وصحبه، وكل من سار على منواله إلى يوم نلقاك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر