فما معنى الغربة؟ وما هي حقيقتها؟ وما هي أنواعها؟ ومن هم الغرباء؟ وما هي صفاتهم؟ وما هي أحوالهم؟ هذا ما أجاب عليه الشيخ حفظه الله في هذا الدرس بالشرح والتفصيل والتوضيح بالأمثلة من التاريخ والواقع.
والصلاة والسلام على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المعلم الجليل، الهادي النبيل، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة تكون لي ولكم حجة عند الله يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
بين يدي الحديث:
أتيتُ من أبها بلاد الجمال أقول: أهلاً مرحباً بالرجال |
تعالَ يا من قلبه في العلا يهوى المعالي ويحب الجلال |
أحبكم في الله سبحانه يجمعنا الله بدار الكمال |
روض النـبي المصطفى وارفٌ أزهاره فاحت بريا الجمال |
ميراثه فينا جميل الحلى وأنتم أحفاده يا رجال |
نعم.. فهذا الحديث عن الغربة، يوم يعيش المسلم غريباً بين أهله، غريباً في حَيِّه، غريباً في مجتمعه، غريباً في أمته.
ولنستمع خاشعين إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يفيض روحانية وهداية ونوراً، وكأن لسان الحال للقارئ يقول للمصطفى صلى الله عليه وسلم:
بالله لفظك هذا سال من عسل أم قد صببت على أفواهنا العسلا |
أم المعاني اللواتي قد أتيتَ بها أرى بها الدر والياقوت متصلا |
لو ذاقها مذنف قامت حشاشتُه ولو رآها غريبٌ دارُه لسلا |
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، وقال: (كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل) كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، كن في الدنيا كأنك غريب.. أو عابر سبيل.. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: [[إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك]] رواه الإمام البخاري وابن ماجة والإمام أحمد والبيهقي وأبو نعيم، وجَمٌّ غفير من أهل العلم
والحديث صحيح وفيه قضايا:
القضية الأولى: من هو ابن عمر، صاحبنا هذه الليلة، حياه الله وبياه وحيا الله جهده وإيمانه وإخلاصه، إنه تلميذ من مدرسة المعلم الكبير محمد صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي من معلم.
ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
نسب كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عمودا |
عاش مع الرسول عليه الصلاة والسلام الإيمان والحب والطموح، وتعلم في مدرسته، وله أحاديث ذكر صاحب كتاب الزهد الإمام وكيع بسند حسن، أن ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه من كثرة خشيته لله عزَّ وجلَّ ومن كثرة بكائه، قرأ من سورة المطففين حتى بلغ قوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:6] فبكى حتى أغمي عليه، وهي والله من أعظم الكلمات، وهي والله عبرة للمعتبر، يوم يتصور المسلم والمسلمة، والذكر والأنثى يوم يقوم من القبر لرب العالمين!
أيُّ منظرٍ هذا؟
أيُّ هَولٍ هذا؟
أيُّ دهشٍ هذا؟
وهذا استطراد ولكن لحكمة! ولذلك روى ابن كثير أن الخليفة العباسي المهدي دخل المسجد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام، فقام له الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب فقال له المهدي: قام لي الناس إلا أنت، قال: كِدت أقوم، فذكرت قوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:6] فتركت هذا القيام لذاك اليوم، قال المهدي: اجلس فوالله ما بقيت شعرة في رأسي إلا قامت.
ابن عمر في صحيح البخاري أنه رضي الله عنه وأرضاه قال: (كنتُ عَزَباً، وكنتُ أنام في المسجد، وكان الناس يرون الرؤى فيعرضونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح -فأراد
كان زاهداً بمعنى الزهد، ثيابه وماله وبيته كثياب ومال وبيت من ترك الدنيا لوجه الله عزَّ وجلَّ.
ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه كان ذكياً في مجلسه صلى الله عليه وسلم، كان يقول: قال صلى الله عليه وسلم مرة من المرات: (شجرةٌ مَثَلُها كمَثَلِ المسلم، حدثوني ما هي؟ -والحديث في الصحيحين - فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي: أنها النخلة، فاستحييت، فقال عليه الصلاة والسلام: هي النخلة، فأخبرت أبي فقال: ودِدْتُ أنكَ قلتَ ذلك، وأنها بكذا وكذا من الدنيا) أو كما قال.
كان يقرأ كل ليلة: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9] ويبكي ويقول: [[هو عثمان بن عفان]] مضى لسبيلِه وما تدنس من الدنيا بشيء، بقي إيمانه وإخلاصه وزهده وعبادته.
فأولها: ما هو المعنى المتجه للحديث، عند الفقهاء من المحدثين؟
والقضية الثانية: ما هية الغربة التي أشار إليها الحديث؟
وأول ما نتناول بالدراسة في هذه الليلة:
الغربة الأولى: غربة أهل السنة بين أهل البدعة.
الغربة الثانية: غربة المسلمين بين الكفار.
الغربة الثالثة: غربة المستقيمين بين المتفلتين، والعصاة.
وغربة أهل السنة، هي أهم ما ندرسه في هذه الليلة، حيث:
نعرِّج بمبدأ البدعة، كيف انتشرت، وكيف حاربها صلى الله عليه وسلم.
ثم نمر بـعمر بن الخطاب حصن الإسلام رضي الله عنه وأرضاه، ونقف مع مبتدع يجلده عمر، ويؤدبه.
ثم نمضي إلى علي بن أبي طالب وهو يصارع البدع، ويلاحق المبتدعة، ويحرقهم بالنار.
ثم مدرسة واصل بن عطاء الابتداعية، وموقف الحسن من ذلك.
ثم المأمون وما أدخل في ديار الإسلام من بدع، وموقف أهل السنة والجماعة على رأسهم الإمام الموفق الجهبذ العظيم أحمد بن حنبل.
ثم نمُرُّ بـأحمد بن نصر الخزاعي يوم ذُبِح كما تذبح الشاة من أجل نصرة السنة، شهيداً في سبيل الله.
ثم المدرسة الكبرى التنظيرية العلمية العملية، الميدانية، التي أسس كيانها شيخ الإسلام ابن تيمية.
ثم التفوق السني العجيب الذي حققه الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وموقف الدنيا في تلك الفترة منه ومن دعوته.
ثم مسائل في الحديث، تمر معنا إن شاء الله.
ولكن الأخذ بالمنكب فيه دلالة وأي دلالة، فقد كان عليه الصلاة والسلام حبيباً إلى القلوب..
كان سهلاً إلى الأرواح..
كان ليناً كما وصفه الله بقوله سبحانه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
وقوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
وقوله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].
كان ربما شبك أصابعه بأصابع أحد الصحابة، ليُظهِر الأُنس والوداد والقرب، يقول معاذ كما في: سنن أبي داود بسند صحيح: {أخذ صلى الله عليه وسلم بيَدِي، فقال: يا
وأيُّ سِعَةِ خاطرٍِ؟
وأيُّ فيضٍ من الحنانِ تركه في الدنيا عليه الصلاة والسلام؟!
كان ابن عمر في تلك الفترة شاباً، والشاب تضره نفسه.. عُجْبٌ.. وزَهْوٌ.. ولِبْسٌ.. وعطرٌ.. وطِيبٌ.. وأخذٌ.. وعطاءٌ.. وتناولٌ.. وتداولٌ.. لكن لقنه صلى الله عليه وسلم درساً لا ينساه، قال: {أخذ بمنكبَيَّ، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل} وهذا ترقٍ عند المحدِّثين.
أرأيت الغريب المضطهد، الذي لا يُنظَر إليه بعين الرأفة والرحمة بين قوم غرباء، يرون أنه نزل ليرتحل؟! يريد صلى الله عليه وسلم من ابن عمر ومنا أن نكون ذلك.
أرأيتَ الغريبَ الذي لا يدري متى يرتحل، لا يعرف البلدة، ولا يعرف في البلدة معروفاً؟
غريبٌ من الخلان في كل بلدة إذا عَظُمَ المطلوبُ قلَّ المُساعِدُ |
فقال له صلى الله عليه وسلم: ( كن في الدنيا كأنك غريب) أرأيت هذه الدنيا، إنها دنيا، ويكفي أنه اشتق اسمها من الدنو، أو من الدناءة، من الدنوِّ: من قرب تصَرُّمِها وانتهائها ولقائنا بالله عزَّ وجلَّ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16] هذه الدنيا يريد صلى الله عليه وسلم منا أن نكون فيها غرباء.
غربة الرجل في أهله وفي بيته: يوم يريد الإسلام أن يدخل بيته، ولكن زوجته وأطفاله وجيرانه لا يريدون الإسلام، فهو غريب.. يُدخل السنة؛ فيُخرجونها.. يتكلم بالسنة فيُسكتونه، يفعل السنة فيُحاربونه... فهو غريب.
وغربة الشاب في أسرته: يوم يهديه الله عزَّ وجلَّ صراطاً مستقيماً، يوم يدله على سبيل النجاة، فيجد أول من يحاربه في البيت أبوه وأمه، وأخوه وأخته، فيقف غريباً، وهذه والله غربة من أعظم الغرب!
وغربة المرأة الصالحة في بيت لا يدين بالولاء للسنة، تبقى غريبة تصارع الأحداث بضعفها، تريد من بيتها أن يكون بيتاً إسلامياً مستقيماً على هدي محمد صلى الله عليه وسلم فتفاجأ! فإذا البيت يحاربها، والزوج والأب والابن، حينها تكون غريبة في بيتها، ولها ما للغرباء! والغرباء جزاؤهم جيرة محمد عليه الصلاة والسلام في الجنة، والغرباء جزاؤهم أن يرفع الله مقامهم عنده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؛ هذا أمر.
{كن في الدنيا كأنك غريب} تشبيه وإلا فالحقيقة أنه ليس بغريب؛ ولو قال: كن في الدنيا غريباً، لاقتضى أن يكون هناك معنىً آخر؛ لكن قال: {كن في الدنيا كأنك غريب} ولو أنك في الواقع لستَ بغريب: أبوك موجود، وأخوك، وزوجتك، وأطفالك، وبيتك؛ لكن تخلص من هذا لتكون غريباً.
أولاً: قوم يعتقدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويعتقدون ما يعتقده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والغرباء: لا يفارقون الصلوات الخمس جماعة، إلا من عذر شرعي قاهر.
والغرباء: يُظهرون السنةَ على محيَّاهم وفي ملابسهم وفي حركاتهم وسكناتهم.
والغرباء: دَيْدَنُهم: قراءة كتاب الله عزَّ وجلَّ، وتدبر القرآن.
والغرباء: يتدارسون السنة، ويعملون بها ويحبون بها.
والغرباء: لا يجدون ضغينة على عباد الله وعلى المسلمين كافة.. جماعات وأفراداً وأحزاباً وانتماءات، ما داموا في مظلة الإسلام، ومظلة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) وقد ذكر الذين صنفوا كـأبي عثمان الصابوني، وابن بطة، من الحنابلة، وأبي الوفاء وابن الجوزي من صفات الغرباء وصفاً عجيباً، فإن وصف الغرباء لا يقتضي أن يحملوا شهادات، ولا يقتضي أن يتَوَلَّوا مناصب، ولا يقتضي أن يكون لهم وظائف، ولا يقتضي أن يكونوا بيضاً أو حمراً أو سوداً، وإنما أن يكونوا أتقياء، أولياء لله تبارك وتعالى.
{كن في الدنيا كأنك غريب} هذا الذي يريده صلى الله عليه وسلم.
ولدتك أمك يا ابن آدم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا |
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا |
فيوم تقع تبكي، وهذا البكاء، بعضهم يفلسفه، ويقول: (لأنك خرجت من السعة إلى الضيق) بطن أمك أوسع من الدنيا وما فيها.
دنيا الطغيان..
دنيا الفجور..
دنيا المعاصي..
دنيا الشهوات..
دنيا الشبهات..
ولكن صحَّ عند البخاري: أن أول ما يولد المولود يغمزه الشيطان وينغزه، إلا عيسى بن مريم عليه السلام فسلم من ذلك، فيبكي المولود يوم ينْغَزُه الشيطان، وكأنه يقول لهذا المولود: تَحَرَّ وانتظرْ حرباً شعواء، فسوف أحاربك إلى آخر ساعة.
يوم يقول الله عزَّ وجلَّ: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30-31].
حضرت الوفاة عمر بن عبد العزيز.. رضي الله عنه ورحم الله تلك العظام، فهو الشاب الذي قاد الأمة، وجدد أمرها في القرن الأول، حضرته الوفاة، فأصبح في سكرات الموت، فدخلت زوجته فاطمة بنت عبد الملك، فقال: [[يا
وذكر عن الإمام أحمد الزاهد العابد، الذي أصبح جسمه كالعود من كثرة الصيام والعبادة، وكثرة الإنابة والدعاء، الذي كتب أربعين ألفاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظ ما يقارب ألف ألف حديث بالآثار والموقوفات والمقطوعات، الذي وقف حصناً مع أهل السنة في وجه البدعة، جُلِد بالسياط، ومع ذلك حضره الموت، وجاء إبليس يصارعه حتى في سكرات الموت، يا إبليس، ما وجدت إلا الإمام أحمد، إمام أهل السنة والجماعة تصارعه؟
أما علمت أنه رجل تربى وخلط دمه ولحمه بالسنة، فأخذ يعظ أنامله ويقول الإمام أحمد: [[لا بَعْدُ، لا بَعْدُ]] أي: ما نجوتُ من مكيدتك أيها الكائد الخبيث، هذه فتن، يتعرض لها المغترب يوم يسافر بغربته وإيمانه وسنته، إلى الله عزَّ وجلَّ.
وأعرف الناس بالدنيا، وحقيقتها: محمد عليه الصلاة والسلام، كان يقول: {ما لي وللدنيا، وإنما مثلي ومثل الدنيا كراكب، قال في ظل شجرة ثم سار وتركها} حديث صحيح.
الرسول صلى الله عليه وسلم تتوالى عليه ثلاثة أيام لا يجد فيها كسرة خبز.
فما لنا نشبع من الموائد الشهية؟
ونركب المراكب الوطية؟
ونسكن في المنازل البهية؟
كفاك عن كل قصر شاهق عمداً بيت من الطين أو كهف من العلم |
تبني الفضائل أبراجاً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم |
إذا ملوك الورى صفوا موائدهم على شهي من الأكلات والأدم |
صففت مائدة للروح مطعمها عذب من الوحي أو هدي من الكلم |
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بيتُه من طين، إذا نام وصل رأسه إلى الجدار، وأرجله إلى الجدار الآخر، أظهر الناس عن حجر واحد يوم يحفرون الخندق يربطون بطونهم من الجوع، وأظهره على حجرين صلى الله عليه وسلم، عاش عبداً رسولاً لكن ادخر الله له الرضوان، فقال عز وجل: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:5] يقول وهو يتلو هذه الآية، ويبكي: {والذي نفسي بيده لا أرضى وأحد من أمتي في النار، والذي نفسي بيده لا أرضى وأحد من أمتي في النار} فصلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
فعابر السبيل: لا يأخذ إلا ما يكفيه في الطريق..
دخلوا على أبي ذر رضي الله عنه وأرضاه وهو في سكرات الموت يبكي، قالوا: [[ما لك؟ قال: استثقلت من الدنيا، وأكثرت منها، وورائي عقبة كئود، لا يجوزها إلا المُخِِفّ، قالوا: ما هي دنياك يا
أرسل عمر رضي الله عنه وأرضاه سلمان الفارسي، الذي استجاب لـ(لا إله إلا الله).
سلمان الذي كفر بالطاغوت..
سلمان الذي ترك النار وعَبَدة النار وأباه وأهله وأجداده وزوجته وأطفاله، وأتى يركب القفار والبحار حتى وصل إلى المدينة، فكان جزاؤه أن يقول له صلى الله عليه وسلم فيما يُروى عنه: {
يجلس العرب في حلقة، فينتسبون لأجدادهم، وترابهم، فيقولون لـسلمان : من أبوك؟ قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم |
رضي الله عنك وأرضاك.
أرسله عمر رضي الله عنه وأرضاه أميراً إلى العراق، فذهب على حمار.. انظر إلى صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، الذين فتحوا الدنيا! يركبون الحمير!
الذين أسسوا حضارةً عالميةً مشرقةً وضَّاءةً يركبون الحمير!
فوصل، فلما خرج أهل العراق، لاستقباله، قالوا لـسلمان : أرأيت أميراً أرسله عمر إلينا اسمه سلمان الفارسي؟ قال: أنا سلمان الفارسي، قالوا: لا تضحك علينا، قال: أنا والله الذي لا إله إلا هو سلمان الفارسي!! فعجبوا وذهلوا من هذا الدين، الذي الأمير فيه كأنه أفقر فقير في الناس!!
فسكن هناك، وأخذ راتبه، فوزعه على ثلاثة أنحاء: قسم يتصدق به، وقسم يهديه لإخوانه، وقسم يتقوت به.. وقيل: كان يتصدق بكل المال، ويتقوت من خصفه الذي يخصفه بيده رضي الله عنه وأرضاه.
يأتي عمر رضي الله عنه وأرضاه، وهؤلاء عالم الغربة، وأهل الغربة والاستقامة، فيرسل سعيد بن عامر الصحابي الجليل إلى حمص، فيبعثه فيقول: اعفني يا أمير المؤمنين، قال: [[أتولونني الخلافة في عنقي، ثم تتركونني؟ والله لتتولين الإمرة لي]] فذهب رضي الله عنه وأرضاه، ولما سافر من المدينة، قالت زوجته: [[عندي مال كثير، أعطيك إياه تستنفقه لك، أو تضعه في تجارة بيني وبينك، فأخد المال فتصدق به في سبيل الله، فقالت: أين المال؟! قال: أعطيناه شريكاً، يضاعف لنا به أضعافاً على الدرهم الواحد إلى سبعمائة درهم]] فصدقت وسكتت.
دخل حمص، وأخذ هذا الغريب يَعْدِل في الناس ويصلي بهم، حتى مرَّ عمر رضي الله عنه وأرضاه على أمرائه وولاته في الأقاليم، فأخذ سعيد بن عامر وسأل أهل حمص عنه: كيف سعيد بن عامر؟
أي: كيف مسيرته فيكم؟
كيف عدله؟
كيف زهده وورعه؟
فكلهم أثنوا خيراً، لكن أخذوا عليه أربعاً من الخصال: ما هي الأربع؟
قال عمر رضي الله عنه وأرضاه: [[اللهم إني ما علمت فيه إلا خيراً، اللهم لا تخيب ظني فيه، قالوا: أما الأولى: فيُصرع بين أيدينا، وأما الثانية: فلا يخرج لنا يوماً من أيامه من الأسبوع، فلا نراه ولا يرانا، وأما الثالثة: فإنه لا يخرج حتى يرتفع النهار، وأما الرابعة: فإنه لا يخرج في الليل، مهما طرقنا عليه بابه]].
لا يخرج علينا في الليل، قال عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقد نكس رأسه، ودموعه تهراق على خديه: [[اللهم لا تخيب ظني في سعيد بن عامر، قم يا سعيد، فقام يتكلم، فقال: يا أمير المؤمنين، والله لوددت أن أكتم هذا الأمر، فأما والحالة هذه فسأتكلم، فأمَّا قولهم: أني أصرع، فقد حضرتُ مشهداً ما وددت أني حضرته: رأيت خبيب بن عدي وهو يُقتل في مكة، وأنا مع المشركين آنذاك، فسمعته يقول للكفار: اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، فكلما تذكرت ذاك المشهد صرعت، ووددت أنني نصرته، وأما اليوم الذي لا أخرج فيه للناس: فأنا رجل ليس لي خادم، وزوجتي مريضة، أغسل ثيابي، وأنتظر جفافها، أو أغسل ثيابي وثياب أهلي في هذا اليوم -سبحان الله! أيُّ حياةٍ هذه الحياة، حياة الغرباء؟- وأما الليل لا أخرج إليهم: فقد جعلت النهار لهم، والليل لربي تبارك وتعالى:
قلت لليل هل بجوفك سر عامر بالحديث والأسرار |
لَمْ ألْقَ في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحارِ |
وأما قولهم: لا أخرج حتى يرتفع النهار، فزوجتي مريضة، فأنا أصنع إفطاري بنفسي، فإذا أفطرتُ خرجتُ إليهم، فرفع عمر يديه إلى السماء يبكي، ويقول: الحمد لله الذي لم يخيب ظني في سعيد بن عامر]]
سلام على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورحمة الله وبركاته.
إن لم تؤخذ السيرة والعقيدة، والمبادئ الأصيلة والسلوك منهم، فمن أين تُؤخذ؟ إنهم من الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90].
أولها: غربة أهل السنة بين أهل البدعة:
يوم تجد المسلم العالم يتسنن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء: في المعتقد، وفي حمل (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) وفي الحضور في الجماعات، وفي المحافظة على الفرائض والنوافل، وفي مضاعفة الحسنات ورفع الدرجات، وفي اللحية، والثوب، والسواك، والهدي الظاهرِ والباطن؛ لأنه ليس في الإسلام قشور، وليس في الإسلام تنافر، كله سنة، وكله يؤخذ جملة، وكله عبادة وشريعة من الله الذي لا إله إلا هو، لكن أهل البدع يأبون إلا أن يجعلوا أهل السنة يَحْيَون معهم غرباء.
لا والله! ومن زعم أن هناك في العالم -قديماً أو حديثاً- رجلاً أعظم من الرسول عليه الصلاة والسلام وأعدلَ منه، أو أكرم منه، فقد افترى على الله، وعليه دائرة السَّوء -من قال هذا القول-.
أتى يقسِّم الغنائم بين الناس، فلما قسم الغنائم صلى الله عليه وسلم، تألف بها أناساً يحبون الدنيا، قوم لا يحبون الإسلام إلا لوسائل، أعطاهم صلى الله عليه وسلم ليتألف قلوبَهم، أعطى عيينة بن حصن: مائة ناقة، والأقرع بن حابس: مائة ناقة، وأبا سفيان مائة ناقة، وصفوان بن أمية: مائة ناقة، وترك الأنصار.. سبحان الله! الأنصارُ يُتْرَكون! الذين قُتِل منهم في المعارك: (80%) والذين قدَّموا دماءهم رخيصة في سبيل الله، تُرِكُوا! لكن المؤمن يوم يظهر له شيء من أخيه، أو من قريبه، أو من صديقه في طريقه إلى الله يستفسر ولا يحمل ضغينة..
فاجتمع الأنصار، وقالوا: {غفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أعطى هؤلاء وتركنا، وسيوفنا تسيل من دمائهم} فبلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم..؛ فلما جمعهم أشرف عليهم، وقال كلمات كلها حرارة، وكلها صدق وإخلاص، وكلها حب ومودة، قال: {يا معشر الأنصار! ما مقالة بلغتني عنكم؟ قالوا: هو كما سمعتَ، يا رسول الله! قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار! أما أتيتكم ضلالاً فهداكم الله؟ أما أتيتكم فقراء فأغناكم الله؟ أما أتيتكم مشتتين فجمعكم الله؟ فنكَّسوا رءوسهم، يبكون، ويقولون: لله المنةُ ولرسوله، قال: يا معشر الأنصار! والله لو شئتُم لقُلْتُم؛ فلَصَدَقْتُم، ولصُدِّقْتُم: أتيتَنا طريداً فآويناك، وفقيراً فواسيناك، ومظلوماً فنصرناك، قالوا: لله المنة ولرسوله، فرفع صوته، وقال: والذي نفسي بيده! لو سلكَ الناسُ وادياً وشِِعباً، لسلكتُ وادي الأنصار، وشِعب الأنصار، الأنصار شعار، والناس دثار، اللهم اغفر للأنصار.. وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار} فأخذوا يبكون حتى سالت دموعهم من لحاهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
لكن اسمع إلى المبتدع، يأتي ويقول للرسول عليه الصلاة والسلام: اعدل يا محمد! أي: في القسمة! قال صلى الله عليه وسلم: {ويلك! خِبْتَ وخَسِرْتَ إن لم أعدل} وضبط: {خِبْتُ وخَسِرْتُ إن لم أعدل} فمن يعدل إذا لم يعدل عليه الصلاة والسلام فقام خالد رضي الله عنه وأرضاه وسَلَّّ سيفه، وأراد أن يقتل هذا المجرم، فقال عليه الصلاة والسلام: {دَعْهُ، يا
ويموت عليه الصلاة والسلام، ويأتي أبو بكر وحربه العَقََدِية شاملة لكل جانب، حربه رضي الله عنه وأرضاه حربٌ ظاهرة.. تمردٌ على الإسلام.. أناس يرفضون من قيام (لا إله إلا الله) وأناس يرفضون أداء الزكاة، وبالفعل حاربهم وانتصر عليهم رضي الله عنه وأرضاه.
ويأتي عمر بن الخطاب.. عمر الذي حمى الله به الإسلام.. لما طُعِن عمر بكى عليٌّ رضي الله عنه وأرضاه وقال: [[والله ما أريد أن ألقى الله بعملِ رجل إلا بعمل كعملك]] وقال أحد العلماء: " كفنت سعادة الإسلام في أكفان عمر فلما أتى عمر بخلافته الراشدة رضي الله عنه وأرضاه كان يحارب الزيادة والابتداع في دين الله، حتى كثرة الحديث لا يريدها؛ لأنها تشغل في نظره عن القرآن، فلما سمع أبا هريرة يحدث كثيراً كثيراً، قال: [يا أبا هريرة: والذي نفسي بيده إما أن تمسك عن الحديث، أو لألحقنك بأرض القردة، أرض دوس]] يعني: في بلاد الزهران.
طرق عليه أبو موسى رضي الله عنه وأرضاه، كما في: الصحيح فلم يأذن له؛ فطرق مرة ثانية؛ فلم يأذن له، فطرق ثالثة؛ فلم يأذن له، فذهب أبو موسى، وفتح عمر البابَ رضي الله عنه وأرضاه، وقال: [[يا أبا موسى: تعال، لماذا عدتَ؟ قال: سمعتُ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليعُد} قال: والذي لا إله إلا هو لتأتيني بشاهد على هذا أو لأوجعنك ضرباً]] لا يريد الزيادة في دين الله؛ يريد التثبت، ولو أن أبا موسى ثقةٌ ثَبْتٌ، عدلٌ مُرتضى من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فذهب أبو موسى يرجف فؤاده إلى الصحابة، ويقول: [[أنقذوني، أنقذوني]] يريد شاهداً، قال الأنصار: [[والله لا يقوم معك إلا أصغرنا]] فشهد له، فأمضى عمر هذه السنة في الناس.
وفي يوم من الأيام جلس عمر رضي الله عنه وأرضاه وليت عمر يحضر مجالسنا، أو ليته رأى بعض مجالسنا ونحن الذين ندَّعي الغربة؛ مجالس الخلافيات الفكرية، والجزئيات التنظيرية التي لا تنفع ولا تُجْدي، مجالس التهجم على المسلمين إذا أخطأوا في جزيئات، أو خالفونا في أساليب أو فرعيات، يكيل الصاع صاعين، ولو أننا أردنا وجه الله والدار الآخرة لسعينا لجمع كلمة الإسلام، هذا يعمل على أسلوب، وهذا له مظلة، وهذا له اتجاه، نحمي عرضَه، ونُعِدُّ أنه مِن الذين أنتجوا في الساحة الإسلامية، ولهم دور في إنقاذ الهمم، وفي إمضاء هذه الصحوة وتوجيهها إلى الله عزَّ وجلَّ، وهذا له حسنة في المحافظة على معتقد السلف، هذا له حسنة في الرد على الشبه، هذا له حسنة في تعليم العوام.. فلماذا نصادر جهود الناس؟ لماذا نتهجم على بعضهم في المجالس؟ إسرائيل تقصفنا بالطائرات، وتغطي شمسنا بطيرانها، ونحن بيننا نتحارب؟!
وأطفأتْ شهبُ الميراجِ أنجمَنا وشمسَنا، وتحدَّت نارها الخُطَبُ |
شجباً ونكراً وتنديداً بغارتها الله كم نددوا يوماً وكم شجبوا |
قالوا: هم البشر الأرقى، وما أكلوا شيئاً كما أكلوا الإنسان أو شربوا |
تسرُّعٌ في الفتيا موجودة في الساحة، يقول أحد التابعين للتابعين: [[والذي نفسي بيده إنكم لتفتون في مسائل، لو عرضت على عمر بن الخطاب، لجمع لها أهل بدر]].
نحن تناحرنا إلاَّ من رحم الله فيما بيننا، ردود، ومسائل جزئية؛ لكن الكفار لا يعرفون هذا، الكفار ليس بينهم ردود، فكلهم يختلفون؛ لكنهم في حرب الإسلام يتفقون.
فأتى رجلٌ عمر، فقال: يا أمير المؤمنين! قال: نعم قال: في المعسكر رجل يعارض بين الآيات قال: ماذا يقول؟ قال: يقول: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً * فَالْحَامِلاتِ وِقْراً [الذاريات:1-2] كيف نجمع بينه وبين قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً [النازعات:1] قال عمر رضي الله عنه وأرضاه: تعال به وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً [الذاريات:1] وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً [النازعات:1]: كلام كبير، من حكيم بصير، لو وقعت على الجبال، لتشققت الجبال، كلام الله، لا كلام مسيلمة، فجلده عمر حتى تاب.
غربة أهل الإسلام بين سائر الأديان: وهذا أمر معلوم، موجود، وكثير مشهور، لا يحتاج إلى كثرة كلام.
وغربة أهل السنة بين أهل البدع: وهو هذا الذي يحتاج إلى غربلة وحديث كثير.
وغربة أهل الاستقامة بين أهل المعاصي: وأهل الفجور، والتفلُّت على أوامر الله، وتعدي حدود الله، وهو أمر لا بد أن يُتَنَبَّه إليه، وأن على المسلم -خاصةً المستقيم، الملتزم، طالب العلم، الداعية- أن يصبر، وأن يعرف أنه غريب، وأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يجزل له أجره، كما قال صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) وفي لفظ: (قالوا: من هم، يا رسول الله؟ قال: النُّزَّاع مِن القبائل) ولكن هذه الرواية ضعيفة، وفي لفظ آخر: (هم الذين يتحابون في الله عزَّ وجلَّ لا على أي سبب من أسباب الدنيا) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد وجد الغرباء في هذا العصر؛ غرباء في العالم.. دول العالم كافرة؛ إلا من رحم الله؛ وغرباء بين المبادئ الموجودة المطروحة في الساحة.. فهم غرباء من هنا ومن هنا، غرباء في أفكارهم لسوء أفكار أهل الضلالة، وغرباء في صلاتهم لسوء صلاة المنحرفين، وغرباء في استقامتهم لتدهور استقامة السيئين، وغرباء في كتبهم التي يقرءونها؛ لأن كتب أهل الضلال غير الكتب التي يقرءونها، وغرباء في مسيرتهم، وفي اتجاههم، وفي عقائدهم وتفكيرهم؛ لأنهم أهل الخير.
أنبه على مسائل:
أولها: أن الغريب قد يكون واحداً، وأهل السنة والجماعة قد يكونوا شخصاً واحداً أو أشخاصاً قلة، ولا يشترط الكثرة، وأهل السنة كلهم: كل مَن رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً صلى الله عليه وسلم، وكل من دان لله بالولاء، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالاتباع، وليست حكراً لأحد، أو لطائفة من الناس وإن ادعوا ذلك.
وكلٌّ يدَّعي وصلاً بليلى وليلَى لا تُقِرُّ لهم بِذاكا |
فكل من حمل هذه المبادئ؛ فهو من أهل السنة والجماعة.. خفي أم ظهر، لبس لباساً يختلف عن لباس الناس، إن لم يكن محرماً أو لم يلبس؛ إنما المهم: أن يعتقد، وأن يعمل بما يعمله ويعتقده أهل السنة والجماعة، هذا أمر.
الأمر الثاني: أن الغربة تختلف نسبياً من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، وفي صور عن صور، وقد تكون في بعض الأزمنة غربة الإسلام:
في الحاكمية: ألا يُحَكَّم شرعُ الله في الأرض.. فهذه غربة في الحكم.
تكون غربة في الجهاد: ألا تُرفع رايةُ أن لا إله إلا الله في الجهاد.. هذه غربة في الجهاد.
فترة من الفترات: تكون غربة تطبيق السنة في حياة الأفراد.. هذه غربة السنة في حياة الناس.
فترة من الفترات: غربة في العلم، ونشر العلم، وهذه الغربة العلمية..يوم لا ينشر العلم.
غربة مكانية: تنتشر السنة في مكان من الأمكنة؛ ولكن لا تنتشر في المكان الآخر.
في زمن تتقوى فيه السنة وتظهر؛ وتنهزم وتفشل في زمن آخر.. وهذه: غربة نسبية إضافية في زمن من الأزمنة.
إخوتي في الله! إن أعظم قضايا الحديث، هي: قضيةٌ رقيقةٌ من الرقائق: أن تكون غريباً، عن (إذا أصبحتَ لا تنتظر المساء، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح).
والموتَ فاذكره وما وراءَهْ فمنه ما لأحدٍِ براءَةْ |
وإنه للفيصل الذي بِه ينكشفُ الحالُ، فلا يشتبِهِ |
والقبرُ روضةٌ من الجنانِ أو حفرةٌ من حُفَر النيرانِ |
إن يكُ خيراً فالذي مِن بعدِهِ أفضلُ عند ربنا لعبدِهِ |
وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ |
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وإن كان لي من شكر، فإني أشكر الله تبارك وتعالى، ثم أشكر القائمين على هذا المسجد؛ لدعوتهم، ولتسببهم في هذا الحضور، ثم أشكركم، أيها المسلمون الفضلاء النبلاء.
وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليماً كثيراً.
الجواب: الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.
وأنا أشهدكم أني أحبكم جميعاً في الله تبارك وتعالى، وأسأل الله عزَّ وجلَّ كما جمعنا في هذا الجامع؛ أن يجمعنا في دار كرامته في الجنة، وأن يجمع كلمتنا وقلوبنا وصفوفنا وأن يرفع رايتنا، وينصر هذه الأمة الإسلامية.. أمة (لا إله إلا الله) وأن يعيد لها مجدها، وعظمتها، وسؤددها، وكرامتها، وأن ينصر كل من جاهد لإعلاء هذه الكلمة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) في فلسطين، وفي أفغانستان، وأن يجعلنا كما كنا قادة للأمم..موجهين للشعوب..مؤسسين للحضارة.
الجواب: هناك كتاب الغربة للآجري صاحب (الشريعة) وكتابه الغربة من أحسن ما كُتِب وكتاب: (العزلة) لـأبي سليمان الخطابي، يتكلم عن الغربة، وكتاب: (كشف الكربة في شرح حديث الغربة) لـابن رجب الحنبلي، ومقالة لـابن تيمية شيخ الإسلام، في المجلد العاشر من: (فتاويه) وهناك رسالة ماجستير في الغربة، وهي من أجمع ما جُمع قديماً وحديثاً للشيخ سلمان العودة، جمع المراجع القديمة والحديثة، وصنفها تصنيفاً باهراً، وهي تطبع إن شاء الله قريباً.
الجواب: لسنا بحاجة ماسة إلى أن نعرف هذه الأقسام التنظيرية للبدعة، حاجتنا إلى أن نعرف أثرها على الناس.
البدعة قسمها بعض الأساتذة الذين ألفوا، كصاحب كتاب: ( البدعة: أثرها، مصادرها، آثارها) قسمها إلى (15) قسماً، منها:
القسم الأول: بدعة حسنة، وسيئة.
القسم الثاني: مكفِّرة، ومفسقة.
القسم الثالث: كبرى، وصغرى.
القسم الرابع: بدعة كذلك عبادية، وعادية.
القسم الخامس: بدعة اعتقادية، وعملية.
إلى غير ذلك من التقسيم.. وبعض التقاسيم يوافَق عليها، وبعضها يخالَف: كبدعة حسنة، وسيئة: ليس بصحيح، أو بدعة واجبة، ومستحبة أي: خمسة أقسام على الأمور التكليفية عند أهل الأصول: فهذا ليس بصحيح؛ بل كلها محرمة ومذمومة، ولا خير فيها أبداً.
الجواب: مرض الشهوة! من الأمراض أو من الأمور التي حارب بها أعداءُ الإسلامِ الإسلامَ؛ لأن مركب الإلحاد أو مدرسة الإلحاد التي كان شيخها وأستاذها فرعون عليه لعنة الله الذي قال: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف:51] موجودة، وركبت مركب الاقتصاد قبل عشرات السنوات، ثم أتت إلى الأدب على مركب الحداثة، فبثَّت سمومها بأقلام مأجورة مرتزقة في الساحة تعتقد اعتقادهم، أو تشرب من مشاربهم، وهو مشرب زندقة، وإفكٍ، وإلحاد، وقد تولى كثير من الدعاة والمشايخ جزاهم الله عن الإسلام خيراً الردود على هذه الافتراءات بردود قوية عميقة أصيلة.
وأما مرض الشهوات: فهو مرض بَقَرَ بطنَ الأمة، يتمثل في: كأس الخمر، ويتمثل في: المرأة الفتانة المتبرجة، ويتمثل في: المجلة الخليعة، ويتمثل في: الأغنية الماجنة... كلها صُبت وطُرِحَت أمام الشباب لتصدهم عن طاعة الله عزَّ وجلَّ.
ودواء مرض الشبهات: اليقين.
ودواء مرض الشهوات: الصبر قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] قال ابن تيمية: تنالُ الإمامةُ في الدين بالصبر، واليقين.
فالصبر عن الشهوات، واليقين وقت توارد الشبهات.
وأما الشهوات: فمنها النظر، الذي أشار إليه الأخ، وهو مرض فتاك، ومن أعجب ما فتك بالأمة هذا المرض، يوم يرسل الرجل نظره إلى المرأة، أو إلى الأمرد، أو ترسل نظرها إليه، حينها يَعْتَوِرُ القلب من الشبهات والشهوات، والأمراض والهموم والأسقام ما الله به عليم.
وأنا الذي جلب المنيةَ طرفُه فمن المطالَب والقتيل القاتلُ |
والواجب للقلب أن يُصرف إلى المحبوب الذي يستحق الحب، وهو الله تبارك وتعالى، فإن الناس الذين في الساحة، وكثير منهم، يحملون الحب على غير محامله، شوقي يقول على نظريته: الحياة الحب، والحب الحياة لكن إذا سألناه وسألنا غيره، كأنه يقول بلسان حاله: إنه حبُّ المرأة، أو الوَلَهُ، والغرامُ، أو العشقُ، والشرود، والهُيامُ، وهذا الإسلام منه برئ، وقد أسلفتُ أن حديث: {من أحب، فعفَّ، فكتم، فمات، مات شهيداً} حديثٌ باطلٌ، كَذِبٌ، موضوعٌ، لا يمكن أن يقال ولا يصح، كما قال ابن القيم ولو كان سنده كالشمس، نحن أهل الحب، وغيرنا لا يعرف الحب.
الحب: حب الله ورسوله، والجمال: هو التملي بجمال الله المباح الذي جعله في الكون سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، أما دعاة الفن، والحب، والجمال، فهم قتلة الحب والفن والجمال.
إذاً فأنا أدعو أخي ألا يرسل نظره، وأن يتقي الله في عينيه قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] وعليه بأمور:
الأمر الأول: كثرة الدعاء، والتبتل إلى الله في أدبار الصلوات أن يهديه الله وأن يسدده.
الأمر الثاني: أن يتذكر لقاء الله وموعوده.
الأمر الثالث: أن يستظل بحفظ الله، وهي الرقابة التي يقولها صلى الله عليه وسلم لـابن عباس: {احفظ الله يحفظك} وهذه تكتب على أجنحة القلوب (احفظ الله يحفظك).
الجواب: العادة السرية: الذي أعرفه في المسألة: هي نقولات لأهل العلم؛ لأنني لا أعرف نصوصاً صريحة بالتحريم ولا بالإباحة، لكن هناك نصوص محتملة، ظنية الدلالة في المسألة، كقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7] أُخِذَ منها تحريم العادة السرية عند بعض الشافعية، وابن تيمية سئل عنها، قال: الواجب اجتنابها، ويحرم استعمال هذا الشيء أما الحديث الذي يقول: {ملعونٌ مَن نكح يده} فلا يصح عنه صلى الله عليه وسلم، لكن مما هو معلوم من مقاصد الإسلام أنها محرمة، وهذا القول هو الصحيح إن شاء الله..
فعلى المسلم اجتناب هذا الشيء، وكذلك ما يضيع قلبه أو وقته في ما يقربه من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من طاعة، وذكر، وعبادة، ومطالعة، وإذا وجد للزواج سبيلاً فليفعل، قال صلى الله عليه وسلم: {يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء}.
الجواب: هذا الحديث أولاً: صحيح، حديث الخمسين، أو الرجل الغريب في آخر الزمان أجره أجر خمسين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث صحيح، وقد صححه جماعة من أهل العلم، ولا عبرة بمن خالف في تصحيحه أو ضعفه.
وأما معناه: فقال أهل العلم: معناه: كثرة الأجر، لا درجة الأفضلية، فإن للصحابة درجة من الأفضلية والسمو لا يبلغها أحد من الناس، يقول صلى الله عليه وسلم: {الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً، فمن أحبَّهم فبِحُبِّي أحبهم، ومن أبغضهم فبِبُغْضِي أبغضهم} وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً وفضة ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نصِيْفَه} إذا عُلِم هذا؛ فدرجة الفضل والصحبة لا يمكن أن يخترقها أو يتسلقها أحد؛ لكن كثرة الأجر والحصيلة في الأجر على الأعمال: المتأخر يفضل المتقدم بخمسين أجراً، أو بخمسين ضِعْفاً كأجرهم؛ وهذه واقعة في هذا الزمن، وإن لم يكن هذا الزمن زمن غربة فمتى يكون ذلك؟ يوم يوضع الكتاب والسنة، فيكون غريباً عند الناس، غربة على مستوى كبار الناس.. وصغار الناس، غربة في الجهاد.. غربة في نواحي الحياة: في السلوك، وفي الأدب وفي تنفيذ الأوامر التي أمر الله بتنفيذها.. غربة في الأخلاق والآداب من محبة، وصفاء، وتآخٍ كان عليه السلف؛ وجدت في هذا العصر، فمن حافظ على ضميمته في الخير كان غريباً وله ذاك الأجر إن شاء الله.
الجواب: أنصح إخواني بأن يتقوا الله عزَّ وجلَّ، وهذا السؤال مطروح في أي زمان ومكان.
وأما قضية من يقول: أنه يهتدي، ثم يرتد على عقبَيه، فيأتي من أسباب:
إما: أن مرض الشبهة متمكن في قلبه، لم يخرج ولو بالدعوة.
أو: أن الدعوة التي أخذته واستنقذته وجذبته؛ دعوة ضعيفة، لا تقوم على كثرة نوافل، أو عبادات، أو أوراد، أو أذكار، أو اتجاه القوة، فيمكن أن يستمر معهم فترة، ثم يترك هذا، وهذا إما من نفسه لوجود الشبهة العارمة الجياشة في قلبه، أو لأن الذين دعوه لم يكن عندهم ذاك التوجه، وتلك التربية القوية في الروح التي تجعله يصمد أمام الشبهات والشهوات.
فنصيحتي للأخ إذا اهتدى أن يكثر من النوافل، ومن الدعاء، ومن الأذكار، ومن قراءة القرآن، ومن قيام الليل، من صلاة الضحى، حتى يستمر على النهج.
أقْوَمُ ما يمكن أن يتقرب به العبد إلى الله، وأقرب الطرق إليه العبادة، قال الله للأنبياء: وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73] وقال في زكريا: وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
الجواب: كلكم أو غالبكم يعلم حق المرأة على الرجل، والله عزَّ وجلَّ ذكر ذلك في كتابه: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] هناك نصوص كثيرة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: {الله الله في النساء! إنهن عَوان عندكم} أي: أسيرات، وقال صلى الله عليه وسلم: {خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي} وقال في حَجة الوداع: {استوصوا بالنساء خيراً} إلى غير ذلك من النصوص، إذا عُلِمَ هذا، فحق المرأة على الرجل حقوق كثيرة:
أول الحقوق: أن يعينها على طاعة الله عزَّ وجلَّ، وأن يسلك بها الطريق المستقيم، وأن يوفر لها الإسلام الذي يريده الله في البيت، وألا يضيق عليها في عبادتها وفي سلوكها إذا أرادت الله عزَّ وجلَّ والدار الآخرة.
ومن الحقوق: حق الإنفاق.. أن ينفق بالتي هي أحسن؛ من كسوة، ومطعم، ومسكن طيب.
ومن الحقوق: أن يعطيها شيئاً من وقته، ومن سماحته وخُلُقه ووجهه وبذله وعطائه، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم تُسأل عائشة عنه، فتقول رضي الله عنها وأرضاها: {كان إذا دخل علينا، دخل بسَّاماً، ضحاكاً، دعوباً، قريباً}.
في: (صحيح البخاري) في الأدب يقول صلى الله عليه وسلم: {إني لأعلم رضاكِ من غضبكِ قالت: بماذا، يا رسول الله؟ قال: إذا غضبتِ قلتِ: لا ورب إبراهيم، وإذا رضيتِ قلتِ: لا ورب محمد قالت: والله ما أهجر إلا اسمك}.
لا تحسبوا نأيَكم عنا يغيرنا إذ طالما غير النأي المحبينا |
بِنْتُم وبِنَّا فما ابتلت جوانِحُنا شوقاً إليكم ولا جفَّت مآقينا |
هذا بيته صلى الله عليه وسلم يقيمه على هذا المستوى الرفيع من حسن التعامل، يأتي صلى الله عليه سلم، فيقطع اللحم مع زوجته، يَقُمُّ البيت، ويخصف النعل، ويقف معهن في حوائجهن، ويسأل عن المريضة من نسائه صلى الله عليه وسلم، قريباً حبيباً كأن اختصاصه تربية الأسرة؛ مع العلم أنه متكامل في كل اتجاهات الحياة، وأبوابها صلى الله عليه وسلم.
فهذه وصيتي لإخواني، ولعلها أن تكون بالغة منتهاها.
الجواب: فُهِمَ السؤالُ، وربما يكون الخطأ منك أو منها، إما أنك حملتها على الأمور التي لا تتحملها من المشقة، أو أنك نَفَّرْتَ ولَمْ تُبَشِّرْ، وعَسَّرْتَ ولَمْ تُيَسِّرْ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {بشِّروا ولا تنفِّروا، ويسِّروا ولا تعسِّروا} وأرسل أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن، فقال: {بشِّرا ولا تنفِّرا، ويسِّرا ولا تعسِّرا} فربما أنك تريد إقامة أمور ليس هذا وقتها، أو أنك تريد أموراً متأخرة في الدعوة، أو في التنفيذ، جعلتها أولويات، ينبغي لك التدرج والحكمة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن، فأمره بالتدرج في الدعوة، فكان الواجب عليك وأظنك لا يفوتك هذا أن تتدرج وأن تبدأ معها بالأصول في الإسلام والفرائض، ثم تأتي إلى هذه الجزئيات والنوافل والآداب، والسلوك، فتأخذها تدريجياً على مر الأيام، أمَّا أن تجرعها التكاليف دفعة واحدة وتريد تنفيذها مرة واحدة، فليس هذا بصحيح، قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله في مقالة -شائقة رائقة، وهي في مقدمة (الظلال) معناها: أن هذا الدين كالشجرة العظيمة، تَنْبُتُ شيئاً فشيئاً، صحيحٌ: أنها تمر عليها الريح، والشمس، وتلفحها الشمس، وربما يعتدي عليها الماء، لكنها تؤسس جذورها، هذا أشبه بالإسلام، ولكن الباطل: كالزرعة التي تنبت كنبت الربيع، تقتلها الشمس، أو يجترفها السيل، أو تحطمها الريح.
فأنت في دعوتك وفي غرس الإسلام في بيتك ينبغي أن تغرسه كالشجرة رويداً رويداً حتى ينمو ويترعرع، ويؤتي أكله.
أو يكون الخطأ منها، وهذا محتمل فقد تكون هي من بيت ما كان يعرف الإسلام إلا صلاة وعمرة وغسلاً من جنابة، ثم أتت إليك ورأت وضعك إسلامياً، وقرباً من الله عزَّ وجلَّ، فأنكرت هذا، فيكون الخطأ منها، فعليها أن تتقي الله، وأن تعينك على نفسها، وأن تتمثل الإسلام، وأن تحمد الله عزَّ وجلَّ أن الله لم يزوجها سكَّاراً مكَّاراً عربيداً، فيشقيها في الدنيا والآخرة، وهذه هي والله الخسارة أن تتزوج من يصدها عن طاعة الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.
ليس المحظور أن تأتي هذه المجلات من بلاد الكفر، لكن المحظور مضمون هذه المجلات، وما تحمله من عري، ومن عهر، ومن فجور نسأل الله العافية والسلامة، وإدخال هذه المجلات التي تحمل صور البنات الخليعات بهذه الموديلات من أعظم المنكرات، ومن أعظم الفجور، فلا يجوز إدخالها البيوت.
وأما المرأة: فلها بأي نوع آخر أن تأخذ شيئاً، شرط أن يكون مباحاً وحلالاً، ولا يكون محظوراً من الألبسة، كالذي فيه تشبه بالرجال، أو فيه كشف لشيء من العورة، أو تشخيص للجسم بأن يكون شفافاً، فلها ذلك؛ لكن هذه الصور لا تدخلها بيتها، ولا تصطحبها؛ لأنها صور محرمة.
الجواب: أما مسألة الجهاد في أفغانستان، قبل أن أتكلم في الجهاد في أفغانستان وجوباً أو فرض عين، أو فرض كفاية، أقول: على المسلم أن يتنبه لهذه القضية الكبرى، قضية المجاهدين الأفغان، هذه الأمة، الحفنة من الرجال التي خرجت ترفع السيوف؛ لترفع اسم الله على هامات النجوم، ولترغم أنف الكافر بالتراب، على المسلم أن يعيش قضيتهم، كما يعيش قضية الفلسطينيين المسلمين في أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يعيشها بكيانه، وبدعواته، وبماله، وبتحمسه، وبتوعية الناس لهذا الجهاد المقدس الذي نُفِخَ في الأمة؛ لتعود إلى كرامتها، ومجدها.
المجاهدون الأفغان أثبتوا جدارتهم في أكثر من معركة لما استعانوا بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وهم مشكورون ومأجورون، فمشكورون منا شكراً جزيلاً؛ رفعوا رءوسنا بعد أن خجلنا واستحيينا كثيراً، من تَمَهُّن الكافر بنا، واستعباد الكافر لنا، الآن يرفعون (لا إله إلا الله) ويعلنون أنَّ (لا إله إلا الله) لا تزال تتفوق، ولا تزال بإذن الله تعلن انتصارها كلما أُذِّنَ أن (لا إله إلا الله).
أما قضية الجهاد في أفغانستان، وهل هو فرض كفاية أم فرض عين؟ فأحيلكم إلى سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله عزام، ومن أحيل على مليء فليَحْتَل.
الجواب: التطرف: له حقٌ وباطلٌ:
حقه: أن هناك صوراً من صور التطرف وجدت في صدر الإسلام، وهي الخروج عن السنة، وكلما زاد أحد الناس على السنة خرج، فالسنة بين الغالي والجافي، والخوارج خرجوا عن السنة؛ لأنهم زادوا.
أولاً: ما أخذوا إلا بما يوافق ظاهر القرآن من السنة.
الأمر الثاني: في قضية الولاء والبراء: والوا أعداء الله، وتبرأوا من أولياء الله، يكفرون علي بن أبي طالب، أحد العشرة المبشَّرين والمشهود لهم بالجنة، ويذبحون عبد الله بن خبيب، ويبقرون بطن امرأته، فيخرج جنينها، ويذبحونه، ويعتذر أحد الخوارج من نصراني أخذ له تمراً من نخلته، يقول: سامحني تمرة لنصراني، ولكنه لا يعتذر من قتل مسلم، ومن تكفير علي بن أبي طالب قدم أهل العراق في عهد ابن عمر، فقالوا: [[يا
ولو أني بُليتُ بهاشميٍّ خئولته بنو عبد المدان |
لهان عليَّ ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني |
أما الموجود الآن في الصحوة الإسلامية: فصور التطرف قليلة، يلمحها الإنسان من بادئة من الشباب في الاستقامة، يجده أن السنة: وضع اليدين على الصدر؛ لكن هو يريد أن يزيد على السنة، فيضعها على حلقه، وهذا يُخاف عليه أن يختنق، ثم يموت.
آخَرٌ: يريد أن يرصَّ قدميه بجانب صاحبه، فيرصعه رَصْعاً، ليس رَصْاً! والرص شيء، والرصع شيءٌ آخر.
رجل يُحَاجُّ في البسملة، ويقيم الدنيا في الجهر بها، وبالخفوت بها، وفي الإشارة بالأصبع، والأمهات ذُبِحت في كل مكان. لا نقول لك: تنازل عن الإشارة، فهي سنة، ولا عن البسملة فالإخفات بها سنة؛ لكن أعط كل قضية حجمها، تحجيم القضايا، ومعرفة منازل القضايا من فقه أهل الإسلام، ومن فقه الدعاة، ومن فقه العلماء.
وُجِدَت هذه الأمور! وجد شباب يدخلون البيت، وبيوتهم كانت متخلية عن تعاليم الإسلام، فيريد أن يطبق الإسلام بين صلاة الظهر والعصر، فيقاطع أهله، ويتبرأ من أبيه وأمه من أجل سنة من السنن، حق أبيك وأمك أعظم من هذه السنة، فلا بد من إنزال هذه القضايا منازلها، لكن لا تؤخذ أنها صور (متطرفون، متزمتون، مطاوعة) حتى تغطي، لا. إن هذه صور نادرة، ولكن الساحة والحمد لله فيها طلبة علم، ودعاة، وفقهاء، وخير كثير.
الجواب: غير الملتزم كلمة عامة، يعني: أن تقصد بأنه فاجر لا يصلي، فهذا أمر آخر، هذا خارج عن أبعد حدود الالتزام، وهذا لا يُقبل، فليس ممن يُرضى دينُه وأمانتُه، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في: (الترمذي): {إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير} وفي لفظ: {فساد عريض}.
أما غير الملتزم: إن كانت تقصد أنه مُخِِلٌّ ببعض السنة، وتعلم أنها تؤثر عليه إن شاء الله، فتتزوجه ولا بأس، بشرط أن يؤدي الفرائض، وأن يكون من المسلمين، فهذا لا بأس أن تتزوج به لتؤثر عليه، وإن شاء الله يكتُب الله النفعَ على يديها بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
الجواب: إذا كان الجهاد لا يُوافَق عليه في أحاديث إلا بإذن الوالدين، فمن باب أولى العلم، فإذا لم يأذن لك أبوك في طلب العلم، فلا تذهب؛ بل اطلب ما حصل لك من العلم، وابْقَ مع والدك؛ لأنه لم يأذن لك، وبرُّ الوالد أعظم من طلب العلم؛ لأن طلب العلم الزائد على الحد الأدنى نافلة، أما علمك الذي تقوم به: صلاتك، وصيامك، فهو واجب، وقد حصل لك إن شاء الله.
الجواب: سبحان الله! وما لهذه الوجوه، وهذه المساجد، وهؤلاء العلماء والدعاة والمفكرون والمصلحون، لماذا وُضعوا؟ بل سوف تجد إذا وضعت يمينك في يمين أخيك، أو سألت الله الهداية، أو زرت أخاً صالحاً، أو تعرفت على الأخيار والطيبين سوف تجد من يعضدك وينصرك، ويأخذ بناصيتك، ويوجهك توجيهاً سليماً؛ لكنك يمكن أنك وقعت على أناس ليس لهم حظ في هذا الصلاح؛ فتظن أن الناس مثل ذلك، و(الطيور على أشباهها تقع) وبعض الناس لا يوفَّق إلا بأمثاله؛ ولذلك يقولون: دخلت امرأة المدينة المنورة، أظنه في عهد عمر، فرجعت مكة، فقالوا: كيف المدينة؟ قالت: صالحة، وأهلها صالحون؛ يقومون الليل، ويصومون النهار، ويصلون الضحى، وذَكَرَتْ كذا وكذا، وذهبت امرأة أخرى فسألوها عن المدينة، فقالت: ما رأيتُ في المدينة خيراً؛ أهل غناء، ومجون، وعزف، وأهل بُعد عن الله، فسألوا أحد العلماء، فقال: (الطيور على أشباهها تقع) هذه ذهبت إلى صديقاتها من المؤمنات والصالحات، فرأت الناس صلحاء، وهذه ذهبت إلى أمثالها، فرأت من مثيلاتها، فظنت أن الناس كذلك؛ فعليك أن تغير مسارك؛ لترى الهداية والنور إن شاء الله.
الجواب: أولاً: كلمة بدأ نُطِقَت عند المحدِّثين: بدأ، بالهمز، ونطِقَت بألفاظ صحيحة: بدا، من الظهور، وبدأ: من الابتداء شيئاً فشيئاً، والبدوّ من الظهور، كما قال عمر بن أبي ربيعة:
ولَمَّا قطعنا المِيلَ من بطن رابغٍ بَدَتْ نارُها بيضاء للمتنوِّرِ |
فإن كان معنى بدا: يعني: ظهر للناس فجأة فكان غريباً، أي: غريب على الأنفس، وغريب على الناس، وغريب في الآفاق؛ لأنهم ما عهدوه، غريب في حكمهم، وفي اعتقادهم وعبادتهم، وفي أدبهم وسلوكهم.
وإن كان بدأ، بالهمز، فمعناه: بدأ قليلاً قليلاً، فكان غريباً وأصحابه غرباء، فابتدأوا غرباء مساكين، واحداً فواحداً، حتى اجتمعوا جماعة، فانتهت الغربة.
والغربة في أول الإسلام غربة استمرت نسبية حتى قضى عليها النبي عليه الصلاة والسلام وأنهاها، وما مات إلا والإسلام عزيز، والكفر هو الغريب، فلما مات بدأ الكفر يمد جذوره.
ولا بد أن يتنبه دعاة الإسلام لأمرين اثنين:
أولاً: قضية أن الساحة تصفى للإسلام، وأن العالم سوف يكون للمسلمين؛ ليس بصحيح، الكفر لا بد من وجوده، وهذه من السنن الكونية القَدَرية، قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13] أي: أن الكثير لا يشكرون الله، لكن لا بد للإسلام من أرض، فلا ينمو في أذهانهم نهاية الكفر كله، ولو أن هذا ما نتمناه ونريده.
القضية الثانية: لا يحمل دعاة الإسلام على وجود الغربة أن ينزوون، ويلتفون على أنفسهم، ويقبعون في بيوتهم ويقولون: الله المستعان! ما دام أنَّا غرباء؛ فقد اغترب هذا الدين، ولا نصر لهذا الدين... وانزوى هذا الدين، لا.. هذه نظرية خاطئة؛ لا بد أن يبذلوا جهدهم وجاههم ومالهم وكلماتهم؛ فإن الحق سينتصر بإذن الله.
الجواب: كتاب (في ظلال القرآن) للأستاذ سيد قطب: من أحسن الكتب، في ربط القرآن بالواقع، والواقع بالقرآن، وهو يقول عن نفسه: هو لم يرد أن يفسر القرآن، كـتفسير ابن كثير، لكن أحاسيس ونسمات وخواطر عاشها هذا الرجل؛ ولا بد أن نعرف للمحسن إحسانه فنقول: أحسنت، وللمسيء إساءته فنقول: أسأت، هذا الرجل كتب كتابه وهو يتدفق معانياً كأنه يقطر من دمه، أو كأنه يكتبه برَوح وريحان، يعرف ذلك من يقرأ الكتاب، شهد له علماء الإسلام بقوته وحرارته، وشهدت قلوبنا بصدقه في كلماته، فقد عاش مجاهداً وصادقاً وداعية، أما من حيث الكلمات التي وردت في الكتاب، فليعلم السائل أن كل كتاب غير كتاب الله لا بد أن يدخله النقص، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82] قرئت الرسالة على الإمام الشافعي خمسين مرة قال: [[خمسين مرة ما من مرة إلا أزيد وأنقص في هذا الكتاب؛ لأن الله يقول: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82]]] فالعصمة لكتاب الله، أما كتب البشر فكتبها بشر؛ وهناك مواضع نَبَّه عليها بعض المحدثين وقع فيها الأستاذ سيد قطب بشيء من عمد أو بغير عمد فغفر الله له؛ لكن محاسنه كثيرة.
وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ جاءت محاسنُه بألفِ شفيعِ |
فمن الناس من تنغمر سيئاتهم في بحار حسناتهم، ومن الناس من تنغمر حسناتهم في بحار سيئاتهم؛ فهذا الرجل أسأل الله أن ينغمر في بحار حسناته، وأن نحكم على الناس بقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16].
أقِلُّوا عليهمُ لا أباً لأبيكمُ مِن اللوم، أو سُّدوا المكان الذي سَدوا |
الجواب: أولاً: مما يُطرح للدعاة -وهذا أمر معروف- أن اللين مطلوب، كلُّ حكمةٍ لِيناً، ولا كلُّ لِيْنٍ حكمةً، فالله يرسل موسى عليه السلام إلى أكبر طغاة الأرض، (إلى فرعون) فيقول له: فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً [طه:44] أي: لفرعون الذي مزق الأعراض، وداس التاريخ لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44] قولاً ليناً أي: أن تكنيه بكنيته، وكنية فرعون -كما قال سفيان الثوري، عند ابن كثير- أبو مُرَّة مرر الله وجهه في النار، فيقول موسى: يا أبا مُرَّة ذلك لفرعون، فما دام هذا الخطاب لفرعون فكيف بأحبابنا، وأهلنا، وجيراننا....؟
أما مسألة الاستهزاء: فهذه حقيقة من الحقائق، وهي سنة من سنن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوجد من يستهزئ بالمستقيمين، وبالملتزمين قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان:31] قال ابن تيمية: هادياً يهدي قلبه، ونصيراً ينصره في شريعته، أو في سيرته أو كما قال.
هذا أمر، فإذا تكفل الله لك بالهداية والنصرة، فما عليك ممن يستهزئ بك من الناس، فإنك على خير، لكن ليعلم هذا المستهتر أن هذا الاستهزاء يؤدي به إلى الكفر كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66] لأنك تستهزئ أيها المستهزئ بالإسلام.. بمحمد صلى الله عليه وسلم، بـالرسالة الخالدة، بـالكعبة المطهرة، بهذا الكيان العالمي الذي تركه صلى الله عليه وسلم.
ثم أنبه الإخوة ألا يجعلوا للناس طرقاً إلى أن يستهزئوا بنا؛ السنة معروفة، وهي جمال وكمال وجلال؛ لكن إذا تجاوزنا السنة، أو زدنا على السنة، أو نزلنا عن السنة، استهزأ بنا الناس، الثوب كما تعرفون إلى نصف الساق، ولك إلى ما فوق الكعبين، لكن أن تجعله إلى الركبة فهو فَنِيْلَة، وليس بثوب فيُعذَرُ الناسُ إن استهزءوا، وهذا معروف فالسنة لا يستهزئ بها أحدٌ، لكنك لا تجد من يستهزئ إلا إذا تجاوز الإنسان، إما خرج طولاً أو عرضاً.
الجواب: وأنا بدوري أسأل الله أن تكون في ميزان الحسنات؛ لأن أولئك جاهدوا بدمائهم، وجاهدوا تحت حرارة الشمس، وعلى الرمضاء، ومع الجوع والظمأ، ونحن إذا تكلمنا تكلمنا في مكان طيَّب نقي نزيه، فنحن ندعو أنفسنا وإياكم إلى التبرع لهؤلاء المسلمين المجاهدين في أفغانستان، علَّ دراهمك هذه أن تقتل عميلاً شيوعياً، أو معادياً لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، أو ترفع كلمة (لا إله إلا الله) وما يدريك لعلها نجاتك إن شاء الله.
الجواب: هذا سؤال مركب، ليس بسيطاً.
أما البنوك: فإن كانت ربوية؛ فلا يجوز التعامل معها.
وأما الشركات: فإن كانت مساهِمة على نظام المضارَبة في الإسلام؛ فجائز، وإن كان على النظام الربوي فحرام، والفرق بين المضاربة والربا: أن الربا يشرط لك الفائدة والربح، والمضاربة: أنت وحظك، أو أنت ورزق الله لك، إن خَسِرَتِ الشركةُ خَسِرْتَ، وإن رَبِحَتْ رَبِحْتَ، وهذا نظام المضاربة، ولا بأس بالمشاركة فيها.
حللت أهلاً يا أُخَيَّ ومرحباً في مسجد الفاروق (قد) حققت المنى |
في كِلْمة للنصح قد أهديتَها لقلوبِ قومٍ زادها حُبُّ لنا |
فجزاك ربُّ العالمين بعدلِه وجزاك عن قولٍ فصيحٍ قد سنا |
وأخٌ يطلب القصيدة التي قلتموها في فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز أطال الله عمره في طاعة الله.
الجواب: أما الأخ هذا الذي رحَّب، فحياه الله وبياه، وقد زاد في البيت الأول قد, وهي تحذف؛ لأنها كسرت البيت، فأصبحت كالآجرة أو كالصخرة وسط الجدار، فعليه أن يحدف (قد).
وأنا أرد عليه أقول:
يا رياض الخير قد جئتُ وفي جُعبتي أبها بلقياكِ تسامى |
حَلَفَتْ لا تشرب الماءَ ولا تأكل الزادَ ولا تلقى مناما |
أو ترى الأحبابَ في نجد فإن لم تجدْهم صار ممساها حراما |
أنا قد أحببتُكم في الله ما كان حبي في سواه يتعامى |
وأما قصيدة سماحة الشيخ فتكررت كثيراً، لكن:
كرِّرِ الفن يا جميلَ المُحَيَّا وتدبَّره فالمكرَّرُ أحلى |
أو العلم، هذا فن الإسلاميين، لا فنُّ المغنِّين والمغنيات، والماجنين والماجنات، فهم لا يعرفون الفن، ولا الجمال، ولا الحب، ولا الطموح.
قاسمتُك الحبَّ مِن ينبوعِه الصافي فقمتُ أنشدُ أشواقي، وألطافي |
لا أبتغي الأجرَ إلا مِن كريمِ عَطاً فهو الغفورُ لزلاَّتي، وإسرافي |
عفواً لكَ اللهُ قد أحببتُ طلعتَكم لأنها ذكَّرَتْني سَيْرَ أسلافي |
يا دَمْعُ، حَسْبُك بُخلاً لا تجودُ لِمَنْ أجرى الدموعَ كِمِثْلِ الوابِلِ السافي |
يا شيخُ يكفيكَ أن الناس قد شغلوا بالمغرياتِ وأنتَ الثابتُ الوافي |
أغراهمُ المالُ، والدنيا تجاذبُهم ما بين منتعِلٍ منهم ومِن حافِ |
مجالسُ اللغو ذكراهم وروضتُهم أكلُ اللحوم كأكلِ الأغطف العافي |
وأنتَ جالستَ أهلَ العلم، فانتظَمَتْ لكَ المعالي، ولَمْ تُولَعْ بإرجافِ |
بين (الصحيحين) تغدو في خمائلها كما غدا الطَّلُّ في الرافي |
تشفي بفُتياكَ جَهْلاً مُطْبِقاً وترى من دقَّةِ الفهمِ دُرَّاً غير أصدافِ |
إلى آخرها.
الجواب: هذا السؤال يحتاج إلى محاضرة كاملة، ولكن يُجاب عليه بمجمله، وهو أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى حث على فضل العلم، ويكفي شرفاً لطلبة العلم أن يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] ويقول: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه:114] وقوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9] يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11] وقال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ [القصص:80] وقال: وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43] إذا علم هذا؛ فطلب العلم من أعظم القربات بعد الفرائض إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] وحق على المسلم أن يبذل جهده وطاقته في طلب العلم، وخاصة الدعاة الذين يتصدون إلى دعوة عباد الله عزَّ وجلَّ، يقول أبو إسحاق الألبيري يوصي ابنه بطلب العلم فقال:
هو العضب المهنَّدُ ليس يَنْبُو تصيبُ به مضاربَ مَن أردتا |
وكنزٌ لا تَخاف عليه لِصاً خفيفُ الحملِ، يوجَد حيثُ كنتا |
يزيدُ بكثرة الإنفاق منهُ وينقُص إن بِه كفَّاً شددتا |
فبادِرْه، وخذْ بالجُهد فيهِ فإن أعطاكَهُ الله انتفعتا |
وإن أوتيتَ فيه طويلَ باعٍ وقال الناس: إنك قد رأستا |
فلا تأمن سؤالَ الله عنهُ بتوبيخٍ: عَلِمْتَ فهل عَمِلْتا |
ثم يقول:
إذا أرداكَ فَهْمُكَ في مَغاوٍ فليتَك ثم ليتَك ما فَهمتا |
الجواب: وأنا أشارك السائل في دعوة ولاة الأمور أن ينتبهوا لهذه المسألة بوسائل، إلى أن يخفف على الشباب، وعن كواهلهم هذه المبالغ الباهضة التي أحبطت المسعى، وكان من نتائجها: أن تنتشر الفاحشةُ والانحرافُ بين الشباب والشابات، فحُق على كل مسئول أن يسعى في تسهيل هذه المهمة ليكون الزواج مُيَسراً ومُسَهَّلاً، والله من وراء القصد.
الجواب: قبل صلاة العشاء، ليس هناك سنة راتبة، لكن حديث عبد الله بن مغفل المزني في: (صحيح البخاري): يقول صلى الله عليه وسلم: {بين كلِّ أذانَين صلاة، بين كلِّ أذانَين صلاة، بين كلِّ أذانَين صلاة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة} فالمرأة التي قامت لا يُعنَّف عليها، ولا يُعابُ عليها، فهي على سنة، لكن ليست هذه السنة الراتبة، وإنما هي نافلة تَنَفَّلَتْها، وقد أصابت على حسب الحديث، ولو جَلَسَتْ تستمع الذكر أو العلم كان أحسن لها وأنفع.
الجواب: غربة الوطن، هي غربة الترابيين الماديين؛ أهل الطين والحجارة، وأما المسلم وطنه كل وطن للإسلام.
وأينَما ذُكِرَ اسمُ الله في وطنٍ عَدَدْتُ ذاك الحمى مِن صُلبِ أوطاني |
كل سماء في السماء لنا، وكل أرض في الأرض لنا نحن المسلمين، فليس هناك غربة وطن، ولو أنها تسمى لغوياً، وتداولت بين السلف، وبكاها الشعراء؛ لكنها غربة تنبي عن قلة الهمم.
أما غربة الدين: فهي التي يتوقد لها الإنسان حماسة، ويقوم بمواصفات هذه الغربة، وكيف يعيش الغربة...
وغربة الأهل: غربة الأهل وردت؛ لكنها غربةٌ نسبيةٌ بسيطةٌ، تطلَقُ في اللغة، أما الغربة إذا أطلقت إطلاقاً عاماً فهي غربة الإسلام، القضية الكبرى، رسالتك في الحياة، دمك، ومجدك، وعظمتك هو هذا الدين.
الجواب: هذه المسألة خلافية، وأنا أعتذر من الإجابة عن هذا السؤال؛ لأن فيه خلافاً كثيراً، وهو يعود إلى أصل أصيل في التفسير، وقد علمَ من فتاوى كثير من أهل العلم أنه مضطرب، لكنه يحتاج إلى تحرير، وإلى إجالة نظر، وإلى ترتيب في الأفكار، حتى لا يجابَ على عجالة، فيترب على ذلك إلزامات قد تضر.
الجواب: مرَّ هذا {إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} مرَّ هذا، وأن عليه -ولي الأمر- أن يتقي الله في ابنته، ألا يزوجها إلا مسلماً يريد الله والدار الآخرة.
الجواب: المسلمة: أمرها سهل، لكن بشرط ألا يُنظر إليها، وتكون محجبة مع وجود ذي محرم لها، فإذا تعذر ذلك، كانت في مكان خاص لا يكشف عليها الرجل أبداً، وهذه الخادمة لا تدخل إلا لضرورة، كأن تكون المرأة مريضة، أو لا تستطيع الخدمة في البيت من طبخ ونحوه، أو مشغولة بتدريس أو تعليم، فللزوج ذلك، وحبذا أن تكون مسلمة.
والكافرة: لا أعلم تفريقاً، خاصةً إذا كانت كتابية، لا أعلم تفريقاً بينها وبين المسلمة؛ لأنه يتزوج بها، والزواج أعظم، لكن في الخدمة تأخذ حكم المسلمة -فيما أعرفه- وتدخل بشرط الحجاب، والتستر عن عين هذا الرجل؛ لأنه أجنبي عنها، وإذا وُجد المحرم فهو جيد، بشرط الضرورة.
الجواب: لا يجتمعان ديناً، لكن استخدام أهل الكتاب وارد، والزواج من أهل الكتاب وارد، وأكل لحوم أهل الكتاب وارد، وقد ورد أن كثيراً من الصالحين، من السلف استخدموا أهل الكتاب.
الجواب: أما الذي يُشَنِّع على الشباب إن عادوا إلى كتب السلف: فهو المشَنَّع عليه (رمَتْنِي بدائها وانسَلَّتْ) بل من أصالة طالب العلم أن يعود إلى كتب السلف، والضعف، في بعض شباب الإسلام: إما أن يتجه إلى العلم المؤصَّل، وهو مطلوبٌ في أي زمان ومكان، لكنه ينفصل عن الواقع تماماً، فلا يعيش مشكلات العصر، ولا ما يُطرح في الساحة، ولا ما يُورَد على المسلمين، فيبقى مبتوراً من المجتمع، أو يعيش في معرفة الواقع، وينقطع عن كتب السلف، فيبقى ضعيفاً هزيلاً، لا يمكن أن يجد الحلول لهذه المشكلات.
أما كتب دُور النشر والطباعة، وأنها تريد المال: فإنما الأعمال بالنيات، وإذا أرادت المال: فمَن مَنَعَها؟ المال تجارة ويُطلب، لكنه ليس لهم أجر عند الله عزَّ وجلَّ حصل أجرهم بكتبهم هذه، وبيعها، والمؤلف الذي يؤلف ليحصل مالاً حصل له المال ولا يحصل له أجرا.
كذلك التسجيل: فالأعمال بالنيات، إن أرادوا نشر الشريط الإسلامي والدعوة وتسهيل العلم؛ فلهم مرادهم وأجرهم، وإن أرادوا التكسُّب فلهم كسبهم، لكن ليس لهم أجر إلا بنسبة ما أرادوا به الأجر من الله عزَّ وجلَّ.
الجواب: يقول الأخ: إنهم يقولون: الإسلام دين رجعية؛ لا يقول هذا إلا المتخلف، صاحب الفكر العفن، وإلا فهو لا يعرف الإسلامَ، وما درى عن الإسلامَ، وأكثر من يشنع على الإسلام الآن: نعرفهم والله، أحدهم لا يجيد قراءة الفاتحة، ولا يعرف كتاباً، يقرأ فيه على حله وترحاله، ولا يعرف حتى سيرة كثير من عظماء الإسلام، ولا يعرف أثر الإسلام في سلوكه وأدبه ومعتقداته وعبادته هذا بدائيُّ، يَهْرِفُ بما لا يَعْرِف، وعليه أن يتعلم قبل أن يتكلم.
الجواب: الأخُ يشكو من كثرة المعاصي، وكلنا ذاك الرجل، ونحن مبتلَون بالمعاصي؛ لكن يجب أن نتقي الله عزَّ وجلَّ، وهناك حصون، منها:
الحصن الأول: كثرة النوافل كما أسلفتُ.
الحصن الثاني: التوبة.
الحصن الثالث: الاستغفار.
الحصن الرابع: صحبة الصالحين.
الحصن الخامس: التخلي عن المعاصي، كالنظر، وسماع الغناء، ورفقة الأشرار.
لكنني أنصحك كثيراً بالابتهال إلى الله أن يهديك سواء السبيل، والإكثار من قراءة القرآن.
الجواب: القصيدة التي في أمريكا: قصيدتان، جِدِّيَّة، وهزْليَّة، الجِدِّيَّة تخاطب الأمة الإسلامية، كانت في مؤتمر أوكلاهوما للشباب العربي المسلم:
يا أمة ضرب الزمان بها جموح المستحيل |
وتوقف التاريخ فـي خطواتها قبل الرحيل |
سكبت لحون المجد في أذن المجرة والأصيل |
وسقت شفاه الوالهين سلافة من سلسبيل |
يا أمة ضرب الزمان بها جموح الكبرياء |
رأس الدعي على التراب ورأس عزمك في السماء |
لو كان مهرك يا مليحة من براكين الدماء |
لهفا إليك اللامعون وفر منك الأدعياء |
يا أمة كم علقوا بكيانها خيط الخيال |
وهي البريئة خدرهـا فيض عميم من جلال |
شاهت وجوه الحاقدين بكف خسف من رمال |
موتاً أتاتورك الدعـي كموت تيتو أو جمال |
يا أمة في عمرها لم تحي إلا بالجهاد |
كفرت بمجلس أمن من نصب المنايا للعباد |
القاتلي الإنسان خابوا ما لهم إلا الرماد |
جثث البرايا منهم في كل رابية وواد |
ما زرت أمريكا فليـ ست في الورى أهل المزار |
بل جئت أنظر كيف ند خل بالكتائب والشعار |
لنحرر الإنسان من رق المذلة والصغار |
وقرارنا فتح مجيد نحن أصحاب القرار |
ورأيت أمريكا التي نسجوا لها أغلى وسام |
قد زادني مرأى الضلا ل هوىً إلى البيت الحرام |
وتطاولت تلك السنون فصار يومي مثل عام |
ما أرضهم أرض رأيت ولا غمامهم غمام |
أما الهزلية: فأذكر بعض الأبيات لأنها لا تخلو من فوائد! إن شاء الله:
يقول عائض هو القرني أحمد ربي وهو لي ولي |
مصلياً على رسول الله مذكراً بالله كل لاهي |
قد جئت من أبها صباحاً باكراً مشاركاً لحفلكم وشاكراً |
وحملتنا في السماء طيارة تطفح تارة وتهوي تارة |
قائدها أظنه أمريكي تراه في هيئته كالديك |
يا سائل الأخبار عن أمريكا اسمع رعاك الله من يفتيكا |
وهذه أخبار هذى النشرة مسافة السير ثلاث عشرة |
من الرياض عفشنا ربطنا وفي نيويورك ضحىً هبطنا |
أنزلنا في سرعة وحطنا وقد قصدنا بعدها واشنطنا |
ثم ركبنا بعدها سيارة مستقبلين جهة السفارة |
منـزلنا في القصر أعني ريديسون يا كم لقينا من قبيح وحسن |
وبعدها زرنا مباني الكونغرس ولم نجد مستقبلاً ولا حَرَسْ |
بها ملايين حوت من الكتب في كل فن إنه هو العجب |
في بلد أفكاره منكوسة تثقله بصائر مطموسة |
يقدسون الكلب والخنزيرا ويبصرون غيرهم حقيرا |
ما عرفوا الله بطرف ساعة وما أعدوا لقيام الساعة |
فهم قطيع كشويهات الغنم جد وهزل وضياع ونغم |
فواحش قد أظلمت منها السما والأرض منها أوشكت أن تقصما |
من دمر العمال في بولندا ومن أتى بالرق في يوغندا |
من دمر البيوت في نزاكي من ضرب اليونان بالأتراك |
من الذي ناصر إسرائيلا حتى تصب عنفها الوبيلا |
استيقظوا بالجد يوم نمنا وبلغوا الفضاء يوم قمنا |
منهم أخذنا العود والسيجارة وما عرفنا نصنع السيارة |
ومنها:
ومعنا في صحبنا العجلان أكرم به مع العلا جذلان |
وصالح المنصور من بريدة يشبه سعداً وأبا عبيدة |
والشهم عبد القادر بن طاشي ذو القلم السيال في انتعاش |
فهو أبونا في مقام الترجمة لأننا صرنا صخوراً معجمة |
وأما قصيدة الأفغان فمن أبياتها:
يا أمة النصر والأرواح أثمان في سدّة الرّعب ما هانوا وما لانوا |
هم الرعود ولكن لا خفوت لهم خسف ونسف وتدمير وبركان |
كم ملحد ماجن ظن الحقوق له زفوا له الموت مرا وهو مجان |
وبلشفي أتى كالعير منتخيا رأى المنايا فأضحى وهو جعلان |
ردوه كالقرد لو بيعت سلامته بشعبه لشراها وهو جذلان |
فروا على نغم البازوك في غسق فقهقهت بالكلاشنكوف نيرانُ |
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر