إسلام ويب

معركة بين التوحيد والإلحادللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن توحيد الله وإفراده بالعبودية والبراءة من الكفر هي أهم ركيزة في دين الإسلام، وهي دعوة الرسل أجمعين، وهي تمثل صراعاً ومعركة منذ أن خلق الله البسيطة وما عليها، صراعاً بين الحق والباطل، بين الخير والشر، وهذا الصراع سنة من سنن الله الكونية، فما هي أسباب هذا الصراع؟ وما هي فوائده؟

    والصراع موجود حتى في الأدب والمقالات والكلمات، وللإلحاد مدارس خاصة مثل مدرسة التلمساني وأبي العلاء المعري، وليس لنا سعادة إلا بالرجوع إلى التوحيد والالتزام بدين الله لنحيا حياة هادئة مطمئنة بعيدة عن ضنك العيش؟ لكن ما هو الواجب المتحتم علينا في هذا الصراع؟

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    رفيقي من بعد اللظى والأسى قفا     ولا تريا جنح الظلام الملازم

    فهيا فهذا معبق الشيخ عائض      وحسب الحجى إن قلت معبق عالم

    ألم تريا الأزمان كيف ظلمننا     فما مقسط فيها بواهي الدعائم

    أعائض للخلان فيك منازل     لدينا ولكن يوم عمرو وحاتم

    إذا ارتاد بيت الله في حي صفونا     سعادتنا فيمن بباب الحوائم

    ألست ترى هذي الوجوه برفعة     فليس لها الكفر العنيد بهادم

    أعائض بات السعد حوزة عالم     وما كان لولا أنت ضربة جاثم

    فيا رب فاحفظ شيخنا من بعلمه     مدينتنا تزهو لفضل الغنائم

    هذه مقدمة كتبها أحد إخوانكم في حي السعادة، مرحباً بأخينا الحبيب وشيخنا الفاضل: الشيخ عائض بن عبد الله القرني الذي سوف يتحفنا هذه الليلة بما وهبه ربه جل وعلا، ونسأل الله عز وجل أن يجعل هذه المحاضرة في ميزان حسناته يوم القيامة، وألا يحرمكم الأجر الذي حدى بكم إلى الحضور إلى هذه المجالس الطيبة العطرة، وأسأل الله جل وعلا أن يكون هذا العلم الذي أعطيه الشيخ عائض حجة له يوم القيامة لا حجة عليه، وأسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم ويجعلنا وإياكم ممن يستمع فيتبع أحسن الكلام وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، عنوان المحاضرة: معركة بين التوحيد والإلحاد.

    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،

    لـجدة حشد من شباب محمد     لها من بني الإسلام كل موحد

    أضاءت لياليها بنور أحبة      وكبرت الدنيا على كل مفسد

    أنا من رسول الله أروي قصائدي     فأتحف ربوع القلب يا خير منشد

    بعثت له دمعي وأهديته دمي      وأسلمت للرحمن وجهي ومقصدي

    عندي تحيتان: الأولى: خاصة لفضيلة الشيخ عبد العزيز الحمدان أثابه الله وبارك الله في جهوده ودعوته، وقد لبيت دعوته ولسان حالي يقول:

    أتاني رسولك مستعجلاً     فلباه شعري الذي أذخر

    ولو كان يوم وغىً قاتماً     للباه سيفي والأشقر

    أصرف نفسي كما اشتهي     وأملكها والقنا أحمر

    وتحية عامة لكم يا أهل الصحوة في مدينة جدة، يا حملة لا إله إلا الله، يا من رفعوا لافتة: (إياك نعبد وإياك نستعين).

    هذه ليلة لا تغيب نجومها لأنكم حضرتم هنا، تعلنون بحضوركم أن البقاء للتوحيد وللإسلام، وأن الانتصار للا إله إلا الله، قال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109].

    نعم. عنوان المحاضرة: (معركة بين التوحيد والإلحاد) وهي معركة قديمة منذ وجد آدم وإبليس، ومروراً بموسى وفرعون، وإبراهيم والنمرود، ومحمد صلى الله عليه وسلم وأبي جهل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

    معركة بين (لا إله إلا الله) و(لا إله والحياة مادة) بين المسجد والخمارة، بين المصحف المرتل والمجلة الخليعة، بين التلاوة الحسنه والأغنية الماجنة، بين تجمع المساجد وبين الشاطئ البعيد، بين المرأة الملتزمة المتحجبة وبين المرآة العلمانية السافرة، بين الكاتب المبدع المؤمن والكاتب الزنديق الملحد، وبين الصحفي الذي يرجو الله ويخاف الله ويأمل لقاء الله وبين الصحفي المتهتك الذي ينشر الجنس والفحش والتمرد على آيات الله، بين العالم المؤمن والعالم المجرم.

    النور من الله

    أنا أروي في هذه الليلة صراعاً بين التوحيد والإلحاد، يبدأ هذا الصراع بوسط التاريخ، ولا أعتني أن أبدأ من أول التاريخ، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، يقول سبحانه: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ [غافر:26] يقف فرعون واعظاً في الجماهير، هذا المجرم السفاك الذي أدخل المجلة الخليعة، والأغنية الماجنة، شارب الخمر، صاحب الليلة الحمراء، يقول لموسى الصحوة، موسى الإيمان، موسى الإمام، موسى النور.

    أين ما يدعى ظلام يا رفيق الليل أينا     إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه

    قد مشينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا     ورسول الله قاد الركب تحذوه خطاه

    قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40] من يعطيه النور؟ الشاطئ!! الأغنية!! الكأس!! المجلة الخليعة!! الفيديو المهدم!! ريفر سايد!! لوس أنجلوس!! باريس!! بانكوك؟!!

    لا. لا يعطيه النور إلا من أنزل النور، القائل: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:257] ويقول سبحانه: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ [الأنعام:122] كثير من الناس أموات، يأكلون ويشربون ويغنون ويرقصون، ويسمرون ويسهرون، ولكنهم أموات غير أحياء، لم يروا النور ولا عرفوا الرسالة، ولا سجدوا لله، فهم في عالم الأموات، قال تعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].

    يسمع الأغنية لكن لا يسمع الله أكبر، ويسمع الكلمة الماجنة ولا يسمع حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح، قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].. وقال تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى [غافر:26].

    قال سيد قطب: يظهر أن الرأي العام يضغط على فرعون، فيريد فرعون أن يستأذن الرأي العام في أن يذبح موسى.

    أسباب الصراع بين الحق والباطل

    والصراع سنة من سنن الله لثلاثة أسباب:

    أولاً: الصراع دائم: والله عز وجل خلق الخير والشر بجانبه، والليل والنهار، والرشد والضلال، والنور والظلمة، هكذا قال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة:251] وفي هذه الآية قراءة مشهورة، قال تعالى: (ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض).. ويقول سبحانه: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً [الفرقان:20].

    أتظن أنك تعيش وحيداً في المسجد والصلاة وليس لك عدو؟! لا. قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان:31] ما أحسن الختام، قال: هادياً: يهديه بالعلم. ونصيراً: ينصره بالسيف أو بما يقوم مقام السيف.

    قال سبحانه:أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3].

    ثانياً: إن العاقبة للمتقين:

    يا من يظن أنه سوف يلغي المسجد فالمسجد سوف يبقى، والقرآن سوف يعيش، ومكة، وزمزم، والحجر الأسود، وشباب الصحوة، قال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ. يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52].

    العاقبة للمتقين.. يمر الباطل بالحق، وينتصر الحق بإذن الله.

    ما هي فوائد هذا الصراع؟

    من فوائد هذا الصراع:

    1- يمحص الله أولياءه ويظهر الصادقين، ويبطل كيد المنافقين , ويخزي الظالمين.

    أجر ومثوبة لأولياء الله.

    2- ويتخذ منكم شهداء، تقطع الرءوس، وتضرب الأعناق، وتسيل الدماء في سبيل الله، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088931656

    عدد مرات الحفظ

    779966865