إسلام ويب

الرد على شبهةللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحق والباطل دائماً في صراع، ودعاة الباطل دائماً يكيدون للإسلام، ومن مكائدهم التشكيك في نبوة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن هؤلاء رشاد خليفة، والخميني، والقذافي.

    ولا ينبغي لأهل الحق أن يقفوا ساكتين بل ينبغي لهم أن يردوا على افتراءاتهم حتى لا يغتر بها عوام الناس.

    ومما يجب أن نذكره للناس معجزات الرسول كانشقاق القمر، والإسراء والمعراج، ونبع الماء من بين أصابعه، وقبل ذلك كله معجزة القرآن الكريم.

    1.   

    من دلائل النبوة

    الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للسنة، فانقادت لاتباعها، وارتاحت لسماعها، وأمات نفوس أهل الباطل بالبدعة بعد أن تمادت في ابتداعها، وتغالت في نزاعها، والصلاة والسلام على من اتصلت به أنوار الهدى بعد انقطاعها، والذي ارتفعت به كلمة التوحيد في شمولها واتساعها، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، شهادةً أدخرها لي ولكم ليوم العرض الأكبر على الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    عباد الله: سمعتم، أو قرأتم ما فعل المبطلون المجرمون في مقالاتهم، وفي نشراتهم، وفي صحفهم من اعتراض على نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام، واتهام له أن نبوته أتت بالصدفة، وتزعَّم كبر ذلك وإجرام ذلك ما يسمى بـرشاد خليفة، وهو رجل مبتدع ضال، أضله الله على علم، يعيش في أمريكا، وله حزب كبير، وله أتباع وطائفة، أنكر السنـة، ثم أنكر نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، واتفقـت هذه المقالة مع آخر كتاب صدر للخميني المبتدع الضـال، والذي قال فيه: إن نبينا عليه الصلاة والسلام كانت نبوته صدفة واتفاقاً وأخذها ولم تكن له. وثالثة الأثافي صاحب الكتاب الأخضر الذي قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام رجل بدوي بسيط، وإنه لعب على البدو بالمقالات حتى ظنوه نبياً، وليس بنبي، وليس الغريب أن يصدر هذا الكلام عن هؤلاء المجرمين: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً الفرقان:31] ولكن الغريب أن يقف أهل الحق، وأهل الفكر، وأهل العلم، وأهل القلم جامدين خامدين لا يكتبون، ولا يردون، ولا يخطبون، ونبوة نبينا عليه الصلاة والسلام كالشمس، بل أعلى وأوضح من الشمس في رابعة النهار.

    قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ     وينكر الفم طعم الماء من سقم

    الرسول عليه الصلاة والسلام ثبتت معجزات نبوته بالآيات الكونية والشرعية والسماوية والأرضية، والرسول عليه الصلاة والسلام له أكثر من ألف معجزة، والرسول عليه الصلاة والسلام سخر الله له الكون حتى جعل له من الكون آيات ومعجزات، فالقمر شق له، الشجر جاءت تمشي إليه، والحمامة وقفت على رأسه، والعنكبوت نسجت على غاره عليه الصلاة والسلام، والماء نبع من بين أصابعه الكريمة، والغزال توقف له، علَّم الناس بعلم من علم الغيب الذي علَّمه الله إياه، فقد دبرت له أكثر من عشر محاولات اغتيال، ويخبر بمن دبرها وصنفها، ومن أنتجها وأخرجها.

    1.   

    القرآن أعظم معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

    وأكبر معجزة لرسولنا عليه الصلاة والسلام معجزة القرآن الكريم، الذي مر عليه ما يقارب خمسة عشر قرناً، وهو لا يزداد إلا قوةً ونصراً وتأييداً من رب العزة سُبحَانَهُ وَتَعَالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82] لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].

    تحدى الله به أفصح أمة نطقت بالضاد، أمة الخطباء، أمة الأدباء، أمة الشعراء، فقال: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:23] وقال عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [الأحقاف:8] وفي آية ثالثة:فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ [الطور:34].

    نزل عليه الصلاة والسلام إلى الحرم، فاجتمع إليه سادات قريش، وخطباء قريش، وأدباء قريش، فقال بعضهم لبعض: أرسلوا رجلاً منكم إلى هذا الرجل الذي سب آلهتنا، وسفه آراءنا، وذم أجدادنا، واسألوه ماذا ينقم علينا، فأرسلوا عتبة بن ربيعة فلما وصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: (ماذا تريد يا محمد منا؟ إن كنت تريد زوجةً زوجناك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك، وإن كنت تريد مالاً سودناك وأعطيناك، فقال عليه الصلاة والسلام: أفرغت يا أبا الوليد قال: نعم، قال: اسمع، فلما أنصت اندفع عليه الصلاة والسلام يقرأ عليه سورة فصلت، فلمَّا بلغ قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [فصلت:13] قام عتبة ووضع يده على فم الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال: أسألك بالله وبالرحم، ثم عاد، فإذا وجهه مغبرٌ مقيتٌ كسيفٌ، فقال له الكفار: لقد جئتنا بغير الوجه الذي ذهبت به) وحين سأل المشركون الوليد بن المغيرة أن يقول في القرآن شيئاً قال: لقد سمعت الشعر هزله ورجزه، وسمعت السحر نفثه ورفثه، وسمعت الشعوذة، وسمعت الكهانة، والله ما هو بسحر، والله ما هو بشعر، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، إن له لحلاوة، وإن أعلاه لمورق، وإن أسفله لمغدق، فقالوا: لا تفارق مجلسنا حتى تقول في القرآن شيئاً، فعبس بوجهه وبسر، وتلفت ماذا يقول، فقال: إن هو إلا سحر يؤثر، فقال الله له: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً [المدثر:11-13] كان فقيراً ممحلاً، فآتاه الله من الأموال حتى إنه كان يقسِّم الذهب بالفئوس، وآتاه عشرة من الأولاد ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ [المدثر:15-26] جهنم يدخلها؛ لأنه كذَّب بآيات الله.

    فهذا القرآن تحدَّى الله العرب أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من سوره أو بسورة أو بآية من آياته، فلم يستطيعوا، ولذلك كان القرآن أعظم معجزة لرسولنا عليه الصلاة والسلام.

    انشقاق القمر

    خرج صلى الله عليه وسلم إلى الناس، وقد اجتمعوا في الحرم، فقال: {يا أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله؛ تفلحوا} فقال له أبو جهل ويحلف باللاَّت والعزى لا نؤمن لك حتى يشق له القمر، فيقول عليه الصلاة والسلام: أفإن شقَّ الله لي القمر أتؤمنون بي؟، قالوا: إي وكرامة عين لك، فنظر عليه الصلاة والسلام إلى القمر ليلة أربعة عشر وهو في كبد السماء، وقد امتلأت الدنيا من جماله وصفائه وبهائه، والناس ملء الحرم، فدعا الله أن يشق له القمر، فانشق القمر قسمين فلقتين فاتجهت فلقة إلى عرفات وفلقة إلى جبل أبي قبيس، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد، وهم ينظرون ويرون ويبصرون، فماذا كان ردهم؟ نفضوا ثيابهم، وقاموا من مجالسهم، يقولون: سحرنا محمد، سحرنا محمد، ولذلك سوف يوردهم الله النار يوم القيامة، ويقول لهم وهم يرون النار: أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ [الطور:15].

    ويقول الله: وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ [الحجر:14-15] يقول الله جل ذكره: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ [القمر:1-5].

    الإسراء والمعراج

    ومن معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام معجزة الإسراء والمعراج، بات عليه الصلاة والسلام في بيته في مكة، نام على فراشه، فأتاه جبريل، وقال: إن الله يأمرك أن تتهيأ ليسرى بك إلى بيت المقدس، ومن بيت المقدس إلى السماء السابعة ليكلمك الله، فتهيأ عليه الصلاة والسلام، وركب البراق، وهو دابة تشبه الفرس، تضع حافرها عند انتهاء بصرها، وذهب معه، فقطع مع جبريل مئات الأميال في لحظة من ليلة، فوصل بيت المقدس، فدخله في الليل، أول دخوله إلى القدس، إلى القدس السليب، إلى القدس الذي ضيعه المسلمون يوم ضيعوا لا إله إلا الله.

    فدخل صلى الله عليه وسلم وربط الفرس، فجمع الله له الأنبياء والرسل كلهم -كما يقول ابن كثير وغيره- فلما التفتوا من يصلي بهم قدَّموا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم ركعتين.

    أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه      والرسل في المسجد الأقصى على قدم

    كنت الإمام لهم والجمع محتفلٌ     أعظم بمثلك من هاد ومؤتم

    لما خطرت به التفوا بسيدهم     كالشهب بالبدر، أو كالجند بالعلم

    حتى بلغت مكاناً لا يطار له     على جناح ولا يسعى على قدم

    وقيل: كل نبي عند رتبته     ويا محمد هذا العرش فاستلم

    فلما انتهى صلى الله عليه وسلم من الركعتين، نظر إلى وجوه الأنبياء والرسل، إلى أفضل من خلق الله، وأشرف من خلق الله، وأصدق من بعث الله، فأراد أن يسألهم كما قال الله له في سورة الزخرف: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45] أراد أن يسألهم فرأى الجلالة، ورأى الصدق والإخلاص في وجوههم فاكتفى بالمنظر عن السؤال.

    ثم صعد هو وجبريل عليهما السلام إلى السماء الدنيا، وبينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة عام، وجرم السماء خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام، فطرق جبريل، فقيل له: من؟

    قال: جبريل وعرفوه، قالوا: من معك؟

    قال: محمد عليه الصلاة والسلام، ومر عليه الصلاة والسلام بإخوانه الأنبياء والرسل، يسلم عليهم واحداً واحداً، رأى يوسف عليه السلام، وقد أوتي شطر الحسن، ورأى يحيى بن زكريا، ورأى آدم في سماء الدنيا، وعن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة يلتفت إلى اليمين فيضحك، ويلتفت إلى اليسار فيبكي، فقال لجبريل: من هؤلاء؟

    قال: أما الذين عن يمينه فأهل الجنة، وأما الذين عن يساره فأهل النار نعوذ بالله من أهل النار، ورأى هارون، ورأى موسى في السادسة، فسلم عليه وكلمه، ورأى إبراهيم أبا الأنبياء في السابعة، فكلمه وآنسة ولاطفه حتى وصل صلى الله عليه وسلم إلى بساط حديث القدس، ولم ير ربه، قيل له: {هل رأيت ربك يا رسول الله؟ قال: نور أنى أراه} وكلمه الله، وفرض عليه الصلوات الخمس، الصلوات الخمس كانت خمسين، فاستحيا صلى الله عليه وسلم أن يراجع ربه، فلمَّا عاد إلى موسى في السادسة، قال: كم فرض الله عليك؟

    قال: خمسين صلاة، قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، وقد جربت أنا بني إسرائيل بأقل من ذلك، فعد إلى ربك، فراجع صلى الله عليه وسلم ربه حتى خفف الله علينا إلى خمس صلوات، فهي في الأجر خمسون، وأما في العمل فهي خمس، فجزى الله موسى عنا خير الجزاء.

    ورأى صلى الله عليه وسلم الجنة والنار، وعاد إلى الدنيا، عاد إلى مكة، عاد إلى بيته في مكة، وأمسى في فراشه، وفي الصباح خرج يصلي صلى الله عليه وسلم فاجتمع كفار قريش يتضاحكون يقول أبو جهل: ماذا حدث لك يا محمد البارحة؟

    يستهزئ ويستهتر ويضحك، ولكن سيعلم الظالمون لمن عقبى الدار، فقال عليه الصلاة والسلام: حدث البارحة أمر عجيب عظيم، قالوا: ماذا حدث؟

    قال: أسري بي إلى بيت المقدس في فلسطين، وصليت بالأنبياء، فتمايلوا من الضحك، وانظروا إلى مرارة الموقف، ومرارة التكذيب، والرسول صلى الله عليه وسلم فريد غريب ما له ناصر إلا الله، ولا له مؤيد إلا الله، يضحكون عليه، فيقول أحدهم وكان شيخاً كبيراً في السن أظنه الوليد بن المغيرة قال: يا محمد! ما جربنا عليك كذباً، إن كنت صادقاً وأنه أسري بك؛ فنحن نعرف بيت المقدس سافرنا إليه في التجارة، وعرفناه باباً باباً، فصِفْ لنا بيت المقدس وذهابه صلى الله عليه وسلم كان في ظلمة الليل الدامس، ولم ير الأبواب كلها، ولم ير النوافذ والسواري، فعرق صلى الله عليه وسلم، وأصابه من الكرب ما الله به عليم؛ لأنه إذا لم يستطع فمعناه أنه يكذب!

    وكيف يكذب على الدنيا وعلى المعمورة؟! فقرب الله له بيت المقدس حتى رآه في ناحية الحرم، فأخذ يصفه باباً باباً، ونافذةً نافذةً، فقال: والله ما زدت ولا نقصت شيئاً.

    ثم قال صلى الله عليه وسلم: سوف تقدم قافلتكم غداً التي أرسلتموها للتجارة غداً يتقدمها جمل أورق، عليه غرارتان، ورعى منكم رعيان في وادي كذا وكذا، وسوف يقدمون غداً، وقد انكسرت رجل ناقة من نوقهم، وانتظروا الصباح، فقدمت القافلة، وعليها الجمل الأورق وعليه غرارتان، وأتى رعيان الإبل، فسألوهم ماذا حدث؟

    قال راعٍ منهم: انكسرت رجل ناقتي.. أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ [الطور:15] وهذه ثلاث معجزات من ألف معجزة للرسول عليه الصلاة والسلام.

    لقد شهدت السماء بنبوته، ولقد شهدت الأرض برسالته، ولقد آتاه الله من الآيات والمعجزات ما هو كفيل بدمغ كل مفترٍ على الله، ودجال على الله فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام:33].

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.

    أمَّا بَعْد:

    لقد ظهرت معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام الكونية كمعجزاته الخُلقية والخَلقية، تصوروا إنساناً يعيش (63) سنة، فلا يكذب كذبة، ولا يغدر غدرة، ولا يخون خيانة، ولا ينظر نظرة سيئة، ولا يخالف مخالفة، والرسول عليه الصلاة والسلام من رآه لأول وهلة، علم أنه رسول الله، يقول أبو هريرة وقد سئل عنه: (والذي نفسي بيده، كأن الشمس تجري في وجهه) ويقول أنس: (والذي نفسي بيده، لقد نظرت إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى البدر ليلة أربعة عشر، فلوجهه صلى الله عليه وسلم أجمل وأحسن وأبهى من البدر ليلة أربعة عشر).

    قصة ابن سلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم

    رآه عبد الله بن سلام أحد أحبار اليهود، وهو يروي القصة، قال: رأيت الناس انجفلوا -أي: اجتمعوا في سوق المدينة- فكنت فيمن اجتمع، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من مكة مهاجراً، قال: فزاحمت حتى رأيت وجهه، فلمَّا رأيت وجهه إذا وجهه علمت أنه ليس بوجه كذاب -وجهه وجه صادق، وجهه وجه مخلص، وجهه وجه منيب- قال: فسمعت كلامه فإذا هو يقول: يا أيها الناس! أفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام، فقلت: يا رسول الله! أسألك عن ثلاث - وهذا الرجل عالم من علماء بني إسرائيل علمهم الله في التوراة أموراً علمها رسول الله عليه الصلاة والسلام - قلت: يا رسول الله! أسألك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي، قال: اسأل، قلت: ما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوا الجنة؟ ولماذا يشبه الولد أباه، أو أمه؟ وما هي أول علامات الساعات الكبرى؟ قال: أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوا الجنة زيادة كبد الحوت، وأما لم يشبه الولد أباه أو أمه، فماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فإذا علا هذا على هذا أشبه أباه، أو أمه، وأما أول علامات الساعة الكبرى، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، قلت: والذي بعثك بالحق نبياً إنك لرسول، والله لا يعلمها إلا رسول، فأنا يا رسول الله! من أحبار اليهود ومن علمائهم، اجعلني في هذه المشربة -غرفة وراء الرسول عليه الصلاة والسلام- واجمع اليهود، واسألهم عني قبل أن تخبرهم أني آمنت وأسلمت، فأدخله صلى الله عليه وسلم، وجمع اليهود، وقال: كيف ابن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، وفقيهنا وابن فقيهنا، قال: أفرأيتم إن آمن وأسلم، قالوا: أعاذه الله من ذلك، قال: فإنه آمن، فخرج عليهم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقالوا: شرنا وابن شرنا، وسيئنا وابن سيئنا، وخبيثنا وابن خبيثنا، فأنزل الله قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأحقاف:10] ويقول الله لهم: فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [البقرة:89].

    حمرة ترفرف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم

    {تأتي حمامة، والرسول عليه الصلاة والسلام جالس بين أصحابه، فترفرف على رأسه - كما في سنن أبي داود - فيقول عليه الصلاة والسلام: أتدرون ماذا تقول هذه؟ - عندها فراخ وعش- قالوا: ما ندري يا رسول الله! قال: إنها تشكو إلي أن رجلاً منكم أخذ فراخها من فجع هذه بفراخها؟ ردوا عليها فراخها، قال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله! فأعاد فراخها في عشها، فعادت مرفرفة شاكرة} ولذلك يقول أحد الأدباء:

    جاءت إليك حمامةٌ مشتاقةٌ     تشكو إليك بقلب صبٍ واجفِ

    من أخبر الورقاء أن مكانكم     حرمٌ وأنك ملجأٌ للخائفِ

    جمل يشكو لرسول الله صلى الله عليه وسلم

    الماء ينبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم

    يظمأ الصحابة، وينقطع ماء الغسل والوضوء عنهم، فيأتون بصحفة فيقدمونها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وهم سبعمائة، أو أكثر، فيقول: هل عند أحد منكم ماء؟ فيقول أحد منهم: عندي ماء في شن -في قربة صغيرة- فيقول: تعال به، فيصب على أصابعه الشريفـة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: بسم الله، فتثور أصابعه كالأنهار تمتلئ الصحاف ويتوضأ السبعمائة، ويشربون، ويغتسلون، ويسقون خيولهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يتبسم ويقول: أشهد أني رسول الله.

    إي والله أشهد أنك رسول الله، أشهد أنك رفعت علم الإنسانية، وأنك أوضحت معالم البشرية، وأنك دكدكت أركان الوثنية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767943621