إسلام ويب

الآباء ومسئولياتهمللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله تعالى قد أنعم على عباده بنعم كثيرة، من تلك النعم نعمة الأولاد، وواجبهم تجاه النعم هو الشكر، وشكر نعمة الأولاد يكون بتربيتهم وتعليمهم السلوك والأخلاق الحسنة، والله تعالى قد أوجب على الآباء تربية أبنائهم، وهذه الواجبات قد بينها الشيخ في هذا الدرس، فقد ذكر أكثر من عشرة حقوق تجب على الآباء، وذكر كذلك نماذج من تربية السلف الصالح لأبنائهم.
    اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت.. في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.

    والصلاة والسلام على مربي الجيل الأول؛ الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، هادي البشرية، ومزعزع كيان الوثنية، ومعلم الإنسانية، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..

    دونكم أيها الكرام حديثاً      دونكم أيها الكرام حديثا

    يتهادى حنينه لقلوب      هي للحب والمكارم أشهى

    كل ما قلته صبابة فضل      في كئوس تهدى لأخيار أبها

    وإن كان من شكر فإني أشكر الله تبارك وتعالى جل ثناؤه على أن جمعني بهذه الوجوه، ثم أشكر لذوي الفضل، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل، ونحن أمة نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، فأشكر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، رئيس هذه الجمعية الخيرة المعطاءة، وأشكر نائبه، وأشكر القائمين عليها وعلى رأسهم الأستاذ الفاضل/ إبراهيم اليحيى، على جهودهم ثمرها الله بالأجر العميم في الدنيا والآخرة، وزادهم ثباتاً وإخلاصاً ونفعاً للعام والخاص.

    محاضرتي في هذه الليلة بعنوان: الآباء ومسئولياتهم.

    ويا لها -والله- من مسئولية ألقاها الله عز وجل على عواتقهم من فوق سبع سماوات، يوم يقول الله عز وجل لكبير البيت المسلم ورائده: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

    وهذا الحديث سيكون على شقين وعنصرين: العنصر الأول يتحدث عن نماذج من تربية سلفنا الصالح لجيلهم ولأبنائهم، والعنصر الثاني: حق الأبناء على الآباء، وما هو الواجب الذي ألقاه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم على أكتاف أولئك الآباء. هذا حديثنا لهذه الليلة، أسأل الله الهداية والسداد لما يحبه ويرضاه.

    جيلنا الصالح، ابتداءً من موكب النبي الكريم يحملون التبعة أنفسهم، فيقومون بتربية النشء والجيل تربية يرضاها الله ويحبها، والله عز وجل قص لنا في محكم كتابه الكريم قصص وعبر عن الأنبياء والصالحين.

    تربية يعقوب ولقمان عليهما السلام لأبنائهما

    يقول الله عز وجل عن يعقوب عليه السلام، وهو يتلطف مع يوسف ويأخذه بالرفق واللين:قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يوسف:5] يقول: يا بني؛ تحبيباً وتقريبا، وأهل البلاغة يصغرون الاسم المنادى؛ ليكون أوقع في القلوب.

    وكذلك لقمان، يربي ابنه التربية التي يرضاها الله ويريدها، ويبدأ معه في المعتقد، ثم في العبادات، ثم في الأخلاق والأدب والسلوك؛ يقول الله عز وجل مستفتحاً القصة من أولها: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12] فأي حكمة هذه الحكمة؟ وما مدلولها وأثرها؟ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:12-13] هذا هو غرس الإيمان في قلب الطفل، يوم أن ينشأ عابداً لله عز وجل، يوم أن يسقط الطفل على الأرض وهو يسقط مسلماً حنيفاً ولم يكن من المشركين، فما من مولود إلا ويولد على الإسلام، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.

    ولدتك أمك يابن آدم باكياً     والناس حولك يضحكون سرورا

    فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا     في يوم موتك ضاحكاً مسرورا

    فيوم أن يقع الطفل على الأرض يكون المسئول الأول عنه هو الأب، أن يقوده إلى بر السلام وإلى طريق الجنة، فلقمان عليه السلام يقول لابنه: يا بني! لا تشرك بالله، أي: احذر أن تكون مشركاً أو أن تجعل لله نداً، واحذر أن تعتقد أن هناك مع الله ضداً.. إنه الخطر المحدق يوم توسوس الشيوعية أو الإلحاد أو الوثنية في عقول الأبناء، فمن المسئول عنهم إلا الآباء.

    ثم يأتي فيلاطفه مع والديه، وهو الحق الذي جعله الله عز وجل مقروناً بحقه.. ومن جعل العقوق في المجتمع إلا بعض الآباء، ومن رضي بالعقوق وأدخله إلا سير بعض الآباء، يوم أن نشئوا بالعقوق مع آبائهم وأمهاتهم، فكان الجزاء من جنس العمل: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49].

    وبعد أن انتهى من حقوق الوالدين قال له: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ [لقمان:17] هل سمعت أسلوباً أعجب من هذا؟! وهل سمعت جودة أعظم من هذه الجودة؟! يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ [لقمان:17] ثم قال: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17] فعلم أنه بعد أن يقيم الصلاة ويفرق طريق المسجد ومن طريق المسجد تلغى طريق الخمارة والمقهى والمعصية، وقرناء السوء والفساد وأهل الجريمة، وما وقع كثير من الشباب في تعاطي المخدرات، وفي الزنا -والعياذ بالله- وفي ضياع الأوقات، وفي استماع الترهات؛ إلا حين انحرفوا عن طريق المسجد.

    فيقول لقمان عليه السلام لابنه:يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ [لقمان:17] فإنك إذا أقمت الصلاة حفظك الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ثم قال له: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ [لقمان:17] وعلم أنه إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فسوف يكون له أضداد وأنداد وحساد فقال له: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان:17].

    انتهى من العبادة والعقيدة، ثم أتى إلى الأخلاق والأدب والسلوك فقال له: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان:18] لا تتكبر على عباد الله، لا تزهو، لا تكن تياهاً معجباً، فأنت عبد للواحد الأحد.

    ومما زادني شرفاً وفخراً      وكدت بأخمصي أطأ الثريا

    دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيرت أحمد لي نبيا

    ثم قال له: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:19] كن أديباً، كن موجهاً، كن طيباً، كن متواضعاً سهلاً ليناً.. وهذا هو الذي يريده الله عز وجل من العبد.

    التربية الحقة في البيت النبوي

    ورسولنا عليه الصلاة والسلام اعتنى بتربية الأبناء، بل هو المربي الأعظم، وهو الذي نشر الفضيلة في الجيل، وهو الذي أنقذ الله به أهل الضلالة من ضلالتهم وأهل العمالة من عمالتهم..

    إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها

    بل كرم الإنسان حين اختار من     خير البرية نجمها وهلالها

    ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لـأنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه: {يا بني! إن استطعت أن تنام وليس في قلبك غش لأحد فافعل} وهذا الحديث حسن.

    عليك الصلاة والسلام يا من علمت أجيال الأمة الأدب! ويا من غرست في قلوبهم المعتقد! ويا من حركتهم للهمم العالية!

    انظر إليه صلى الله عليه وسلم كيف كان يربي ويعلم، وكيف كان يوجه الجيل.

    في سنن الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما قال: {كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا غلام! قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله. قال: يا غلام! قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله. قال: يا غلام! قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله. قال: إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف}.

    فهل أوحى الآباء لأبنائهم بهذه الكلمات؟ وهل سجل الآباء هذه الكلمات في صدور أبنائهم بأسطر من نور؟ وهل قال الأب لابنه في الصباح الباكر، وهو يودعه إلى مدرسته أو إلى عمله أو إلى مزرعته: احفظ الله يحفظك؟ إنها وصية الله للأولين والآخرين، إنها الوصية التي لما افتقدناها من بيوتنا ومن مجتمعاتنا -إلا من رحم الله- قلَّت القلوب الواعية، وكثرت المخالفات والمعاصي، وأصبحنا نتذمر من المسئولية. هذا نثر وإن كان في النثر سعة ففي الشعر مجال أوسع، يقول أحد علماء الأندلس وقد أخذ يوصي ابنه ويقول له:

    وإذا خلوت بريبة في ظلمة      والنفس داعية إلى الطغيان

    فاستحي من نظر الإله وقل لها      إن الذي خلق الظلام يراني

    إنه غرس الرقابة والخشية في قلوب الأبناء، لينشئوا والخوف يملأ قلوبهم من الواحد الأحد، وهي تربية الإيمان التي أرادها صلى الله عليه وسلم، هذه هي بضاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وليست من ميراث كانت ولا ديكارت أعداء البشرية، الذين يقولون: ينبغي أن يربى الابن شاكاً قبل أن يكون متيقناً؛ شاكاً في الله، شاكاً في اليوم الآخر، شاكاً في الرسالة الخالدة، والله قد جعله مولوداً على العبادة وعلى التوحيد والاستقامة.

    ويقول الأندلسي الآخر وهو يوصي ابنه:

    أبا بكر دعوتك لو أجبتا     إلى ما فيه حظك لو عقلتا

    إلى علم تكون به إماماً     مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا

    ويجلو ما بقلبك من عماها     ويهديك السبيل إذا ضللتا

    فهل وعى أهل الإسلام هذه الوصايا الخالدة؟

    التربية الجادة عند السلف الصالح

    تعالوا معنا ننظر إلى السلف الصالح بعد قرن المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف ربوا وكيف وجهوا، وكيف أحسنوا التربية، وكيف أحسنوا القيام على البيوت.

    يقول جعفر الصادق رضي الله عنه وأرضاه، وهو يوصي ابنه: "يا بني! لا تصاحب فاجراً ولا عاقاً ولا بخيلاً ولا كذاباً؛ فإن الفاجر قد استحق لعنة الله، وإن العاق قد أدركته ظلامة أبيه وأمه، وإن البخيل يبيعك أحوج ما تكون إليه، وإن الكذاب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب" هذه وصايا خالدة تبث للأبناء في بيوتهم من الآباء.

    وتعالوا ننظر إلى ديار الصحابة، الذين عاشوا على الهداية والرشد والاستقامة.

    فهذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه، الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاش شاباً مؤمناً، فلما أرادت أمه أن تستهوي قلبه وأن ترده إلى الكفر، أبى؛ لأن الإيمان أصبح في قلبه كالجبال الرواسي، قالت أمه: يا بني! إلا عدت عن دينك.. وحلفت بآلهتها ألا تأكل ولا تشرب حتى يترك دينه. فقال لها قولة المسلم الواثق من نفسه، المتمكن من إيمانه، الراسخ يقينه: [[يا أماه! والذي نفسي بيده، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفساً نفساً ما عدت عن ديني، فكلي أو دعي. فلما رأت الجد أكلت وبقيت على دينها]] إنه إيمان غرسه محمد صلى الله عليه وسلم.

    وهذا مصعب بن عمير تأتيه الدنيا وهو في بيت الدنيا، يلبس الحرير والديباج، ويتسور بالذهب وهو شاب في الجاهلية، أمه أغنى امرأة من نساء مكة، فلما دعته إلى دينها أبى؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- غرس في قلبه لا إله إلا الله، فأصبح عبداً لله، وأصبح متوجهاً إلى الله، وأصبح مخبتاً لله.. حبسته، ضربته، عذبته، قاطعته؛ فأبى وأتى إلى دين الله عز وجل.. أتى ودخل على الرسول عليه الصلاة والسلام وعليه شملة ممزقة؛ فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال: {والله الذي لا إله إلا هو، لقد رأيت مصعب بن عمير وهو من أحسن شباب مكة، رواءً وثراءً، وقد ترك ذلك كله لله، فعسى الله أن يعوضه خيراً من ذلك}.

    حبيب بن زيد، تربيه أمه تربية صادقة مخبتة خالصة لوجه الله، فينشأ مجاهداً، ويرسله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب الدجال في اليمامة، فيدخل عليه وعمره يقارب العشرين، فيقول مسيلمة: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ فيقول: نعم. قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: لا أسمع شيئاً. فأخذه وقطعه بالسيف إرباً إرباً ولم يرجع عن دينه.

    من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك     فوق هامات النجوم منارا

    كنا جبالاً في الجبال وربما     صرنا على موج البحار بحارا

    أرواحنا يا رب فوق أكفنا     نرجو ثوابك مغنماً وجوارا

    نماذج من التربية عند النساء المؤمنات

    الخنساء رضي الله عنها وأرضاها -وهي النخعية- تُحضر أبناءها الأربعة إلى معركة القادسية وقد ربتهم على الصلاة، وعلى الاستقامة والذكر، فلما حضرت المعركة بين عباد الله المؤمنين وبين أعداء الله الكافرين، قالت لهم قبل بدء المعركة بدقائق: يا أبنائي! أنا أمكم، والله ما خنت أباكم، ولا خدعت خالكم، ووالله إنكم لأبناء رجل واحد، فإذا حضرت المعركة فيمموا وجهها، وأقبلوا على أبطالها، وقاتلوا رجالها، عسى الله أن يقر عيني بشهادتكم. أي: أن يموتوا شهداء، وبدأت المعركة وقتلوا الأربعة في أول النهار، وجاء بعض المسلمين يهنئها بذلك؛ فتبسمت وفرحت كثيراً وقالت: الحمد لله الذي أسعدني بشهادتهم في سبيله. إنها التربية والله.. وصدق القائل إذ يقول:

    الأم مدرسة إذا أعددتها      أعددت شعباً طيب الأعراق

    الأم روض إن تعهده الحيا      بالري أورق أيما إيراق

    وهذه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها، ذات النطاقين، اللذين جعلهما الله عز وجل سمةً لها في الجنة، تقول لابنها عبد الله بن الزبير الفارس المسلول، الذي صلب في الحجون بالبطولة، ورفع لا إله إلا الله..

    علو في الحياة وفي الممات      بحق أنت إحدى المعجزات

    كأن الناس حولك يوم قاموا     وفود نداك أيام الصلات

    تقول له -وقد أتى ليستسلم خوفاً من الحجاج بن يوسف الثقفي -: يا بني! اصبر فإنك على الحق. قال: يا أماه! إني أخاف إذا ذبحوني أن يسلخوني ويقطعوا جسمي. قالت: يا بني! لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها، فثبت على الحق، ولبس أكفانه ومات شهيداً رضي الله عنه وأرضاه؛ لأن وراءه أم عظيمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088927610

    عدد مرات الحفظ

    779937737