أمَّا بَعْد:
فسلامُ الله عليكم ورحمته وبركاته، وإن كان من شكر، فإني أشكر الله العظيم جلَّت قدرته على أن جمعني بهؤلاء الأبطال الأخيار، أولئك النفر الذين قدموا أحسن الخدمات لأمتهم الإسلامية ولشعبهم ولبلادهم، وكلمتي معكم هذا اليوم هي عن مبدأ أصيل من مبادئ هذا الدين.
ماذا نحن إذا تركنا رسالتنا وتعاليمنا وديننا؟
أي أمة نحن إذا تخلينا عن مبادئنا ومنهجنا ورسالتنا الخالدة التي بعث الله بها محمداً رسول الهدى صلى الله عليه وسلم؟ كنا قبل أن يأتي محمد صلى الله عليه وسلم أمة ليس لها حضارة، ولا أدب ولا رسالة، ولا خلق ولا سلوك ولا منهج.. كنا قبل الإسلام أمة ضائعة: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2].
إن الـبرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حـالها |
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها |
لبس المرقع وهو قـائد أمة جبت الكنوز فكسرت أغلالها |
لما رآها الله تمشي نـحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها |
أتى عليه الصلاة والسلام وكان من أعظم أهدافه في العالم أن ينقذ الإنسان.
والإنسان بلا إيمان ضائع في الحياة!!
والإنسان بلا رسالة متفلت!!
والإنسان بلا مبادئ في مستوى البهيمة والدابة!!
والله تعالى يقول: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122].
وأنت -يا أخي- إنما أنت جندي تمثل هذا الإسلام، وإنما أنت من مدرسة محمد عليه الصلاة والسلام، وإن ما تقدمه لأبناء أمتك الإسلامية هو في سجل حسناتك يوم أن تصلح ما بينك وبين الله.. وإذا انقطع الحبل الذي بينك وبين الله فلن يصلح ما بينك وبين الناس، يقول معاوية بن أبي سفيان لـعائشة رضي الله عنهما جميعاًً: [[اكتبي لي وصية وأوجزي، فقالت: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من أرضى الله بسخط الناس رضي عنه وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله برضى الناس، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس)]].
وهذا مبدأ معروف؛ أن من قطع ما بينه وبين الله قطع الله ما بينه وما بين الناس.
وما هي أعظم هذه الأمانة؟
وما هي الوديعة التي أمرت بتأديتها؟!
إنها الصلاة.
والذي يخون الصلاة أول ما يخون مرءوسيه، وأمته، وشعبه، وبلاده، والذي لا يتشرف بالسجود للواحد الأحد على الأرض، سوف يسجد لوظيفته ومنصبه، وحذائه وسيارته وشهوته، يقول عليه الصلاة والسلام: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
سماه عبد؛ لأنه عبد غير الله، ولذلك يقول شاعر الباكستان الشاعر محمد إقبال وهو يخاطب مبادئ الإسلام:
ومـما زادني شـرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا |
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبياً |
ولا يمكن أن يخون رسالته وأمانته.
ولا يرتكب الفحشاء والمنكر.
ولا يتعاطى المخدرات ولا يكذب ولا يخون.
ولا يضيع وقته ولا أسرته، ولا يضيع منهجه في الحياة.
ولذلك يخبرنا عليه الصلاة والسلام بأول برنامجنا الصباحي يوم أن نستقبل الحياة. وما هي الحياة بلا صلاة؟! ما هي الحياة بلا إسلام؟!
إنها حياة البهائم، والخواجة الذي يعيش كالبهيمة، يجيد صنع الطائرة والصاروخ والثلاجة والبرادة ولكنه ما صنع روحه، قال الله: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ * بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ [النمل:66-67].
فمن الذي قاد الشباب إلى السجون في المخدرات؟!
ومن الذي قاد فتيان هذه البلاد وغيرها في السرقات والزنا والمخالفات والسيئات؟!
إن السبب هو: يوم تركوا الصلوات، قال تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36] والذي لا يعرف المسجد يعرفه الله السجن.. والذي لا يخاف من الله يخوفه الله من كل شيء.. والذي لا يرجو لقاء الله يسلط عليه من لا يرجو لقاءه.
وقد استقرأت المطالعات المطروحة في الساحة عن أخبار الجيوش العربية التي دخلت فلسطين؛ فوجدت أن بعض الجيوش التي دخلت لتحرير فلسطين لم يكونوا يصلون، قيل لأحد قادات الجيوش العربية: لماذا لا تصلي؟!
فقال: (إذا رجعنا وفتحنا فلسطين نصلي إن شاء الله) أما الآن فلا يصلي؛ فعلمه الله أنه ما دام لا يحفظه فلن يحفظه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى! فترك هذا القائد حذاءه وفر إلى بلده وسلَّم الأرض.
وأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارها الخطبُ |
شجباً ونكراً وتنديداً بغارتها الله كم نددوا يوماً وكم شجبوا |
والرسول عليه الصلاة والسلام وهو في سكرات موته نادى بالصلاة، وحث عليها، وتوعد من تركها، فإذا علم ذلك؛ فما وجد في الساحة من أمور تجرك إلى الفاحشة والجريمة، إنما هي من تخطيط المستعمر، وهي حرب استشراقية.. المجلة الخليعة.. والأغنية الماجنة.. والفيديو المهدم.. كل ذلك يقود الأمة إلى العار والدمار، وأذكياء الغرب وأساطين الغرب بدءوا الآن يعلمون أنه لا حل لهم إلا الإسلام، ومن ينظر إلى كتاب الأمريكي دايل كرنجي؛ يعلم أنه عرف الطريق لكنه ما عرف السعادة، يقول: (لا سعادة إلا أن تتعرف على الله) ومن أراد فليقرأ الكتاب، فهو موجود في أسواقنا ومكتباتنا.. لكن لما رخصت قيمة المسلم في نفسه بترك الصلاة بدأ يزاول هذه المعاصي.. المجلة الخليعة التي تحمل الصورة الداعرة؛ فتحبب الفاحشة والجريمة، والأغنية التي تشغل القلب وتلهيه عن محبوبه ومطلوبه وهو الله الواحد الأحد.
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصـان |
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الـ إنسان كالنغمات بالأوزان |
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلـذاذة الأوتار والـعيدان |
الصور التي تعرض في الساحة كلها لإضلال القلوب ولصدها عن باريها تبارك وتعالى، لكن ما هو سر الخطر؟ إنه يوم أن ترك بعضنا الصلاة، وتهاون بعضنا بالصلاة.. أحد الأدباء العالميين المسلمين الكبار أتى إلى الجزيرة؛ فرأى المساجد ترتفع منائرها في السماء، ورآها مزخرفة وجميلة، لكنه لم ير مصلين؛ فبكى وقال:
أرى التفكير أدركه خـمول ولم تبق العزائم في اشتعال |
وأصبح وعظكم من غير نور ولا سحر يطل من المقال |
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال |
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خال |
والعجب كل العجب أن الله يؤتي العبد ما تمنى، فمن كانت إرادته حفظ الله حفظه الله، ومن كان مقصده الزيغ أزاغ الله قلبه.. وهذا في القرآن، يقول الله لمن أراد وجهه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للزائغين: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [الصف:5].
أحد الصالحين اسمه عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير كان إذا صلى الصبح رفع يديه وقال: [[اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قالوا: ما هي الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد، فأتته سكرات الموت وأذن لصلاة المغرب فقال: احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت في الموت كيف نحملك إلى المسجد؟ قال: سبحان الله!! أسمع حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح وأموت هنا، لا والله! فحملوه على الأكتاف ووضعوه في المسجد فصلى جالساً، فلما كان في السجدة الأخيرة قبض الله روحه]] ولذلك يقول محمد إقبال شاعر الإسلام:
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا |
هذا محمد إقبال عاش أربع لغات، وأربعة شعوب، وأربعة مبادئ، عاش في الهند وبريطانيا وألمانيا، ثم عاش في الإسلام فكان خاتمته الإسلام.. كان يدرس الاستشراق والفلسفة والمنطق، فرجع فقرأ سيرة الصحابة فكان يمطر الكتب بالدموع.. يقول في قصيدة منثورة أتى بها أبو الحسن الندوي في كتاب روائع إقبال، يقول: (يا رسول الله! أنا ملأت أنفي من تراب مدينتك فأخرجت حب الحضارة الغربية من قلبي.
يا رسول الله! خذ من أعصابنا طنباً لخيمتك، ومن جماجمنا ابن عليها قصرك) ويقول لما زار لندن في محفل يتكلم عن الإسلام وعن شهداء أحد يقول:
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا |
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا |
بمـعابد الإفرنج كـان آذاننا قبل الكتائب يفتح الأمصارا |
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا |
ويقول في صلاة الصحابة في الخوف، والسيوف تضرب، والرماح تتكسر على رءوسهم:
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا |
جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا |
كيف تطلب منه أن يكون أميناً وهو لا يصلي؟!
أم كيف تطلب منه أن يكون وفياً وهو لا يصلي؟!
إن من هدم ما بينه وبين الله يهدم الله ما بينه وبين الناس.
إن إرادتنا وقوتنا وأصالتنا وعمقنا في الصلوات الخمس، وحين نتركها نضيع -والله- هباءً منثوراً.
إن مبدأ الصدق هو حفظ الله في ظهر الغيب، ولذلك يقول لقمان لابنه وهو يعظه: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [لقمان:16] ما مناسبة الإتيان بحبة الخردل؟
يقول: لو كانت الخردلة في صخرة صماء لا يظهر منها شيء، لأتى بها السميع البصير. لماذا؟! ليقول له: يا بني، لو تسترت بالجدران فإن الله معك.. ولو اختفيت وراء الحيطان فالله معك، ولذلك وجد في الناس من قلَّت رقابته للواحد الأحد؛ فضيع مسئوليته وأمانته وضيع عمله، فإن كان المسئول على رأسه بالسوط والتهديد، فهو أمامك عامل مخلص مجيب، ولكن إذا اختفيت عنه ضيع، لأنه في منظوره اختفى عن نظر الله، ومبدؤنا: {اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يرك}.
يقول الأندلسي وهو يوصي ابنه:
وإذا خلوت بريبة في ظلمةٍ والنفس داعية إلى الطغيان |
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني |
قيل للإمام أحمد: ما دليل قدرة الله؟ قال: يا عجباً! بيضة الدجاجة ظاهرها فضة بيضاء، وباطنها ذهب إٍبريز، فتفقس فيخرج منها حيوان سميع بصير، ألا يدل على السميع البصير؟!
وهذا أعرابي بدوي صلى في الصحراء ركعتين، فقال له رجل من الملحدين: لمن تصلي؟ قال لله. قال: هل رأيته، قال: عجباً لك! الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وليل داج، ونجوم تزهر، وبحر يزخر، ألا يدل على السميع البصير؟!
قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداكا |
إنه الله..
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما عجزت فنون الطب من عافاكا |
إنه الله..
فيوم تركت الرقابة وقعنا فيما وقعنا فيه، والرقابة تبدأ بالصدق مع الواحد الأحد.
قام عليه الصلاة والسلام على المنبر قبل معركة أحد بيوم، فأعلن الحرب على أبي سفيان، وندد بإجراءاته وظلمه وتعسفه حول المدينة، وقال: {نقاتلهم في المدينة، ولا نقاتلهم في أحد فقام شاب في الخامسة والعشرين من عمره -يوم كنا نحمل المبادئ- قال: يا رسول الله! لا تحرمني دخول الجنة، فوالله الذي لا إله إلا هو لأدخلنها، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: بماذا تدخل الجنة؟! قال: بخصلتين، أولها: أني أحب الله ورسوله، وثانيها: أني لا أفر يوم الزحف، قال عليه الصلاة والسلام: إن تصدق الله يصدقك، فبدأت المعركة وحضر هذا الشاب، وضاهى بنفسه يريد جنة عرضها السماوات والأرض.. لا يقاتل من أجل ناقة أو شاة أو بعير، لا.. بل من أجل رضى الواحد الأحد، فقتل، فمر به صلى الله عليه وسلم ومسح التراب عن وجهه، وقال: صدقت الله فصدقك الله، صدقت الله فصدقك الله، صدقت الله فصدقك الله} وليس بغريب أن يأتي من أمثالكم من الأبرار الأماجد فيعيدون سيرة السلف الصالح.
من جدكم؟ خالد بن الوليد، الذي تحدى الموت، قيل له: يا خالد، إن كنت متوكلاً على الله كما تزعم فهذه القارورة مملوءة سماً فاشربها، فقال خالد: [[ بسم الله توكلت على الله، وشرب القارورة كلها، ثم قال: الحمد لله، فما أصابه شيء]] لأنه توكل على الواحد الأحد.
جيوش لا تعرف الله كيف تتوجه إلى الله؟!
كيف ينزل النصر والفتح والرزق إلا من عند الواحد الأحد؟!
النصر من هناك وليس من الأرض، أتينا إلى الدنيا وما عندنا إلا خيول قليلة، وثياب ممزقة، ورماح مكسرة، ففتحنا الدنيا، سعد بن أبي وقاص حضر القادسية بثلاثين ألفاً، وجيش فارس مائتان وثمانون ألفاً، فقام سعد يصلي الظهر بالمسلمين، فقال: الله أكبر، فكبر معه ثلاثون ألفاً، ركع فركعوا معه في لحظة واحدة، فسجد فسجدوا جميعاً؛ فقام رستم قائد فارس وهو ينظر من بعيد إلى الجيش بانتظام، فعظ أنامله وقال: (علم محمد الكلاب الأدب) بل علم صلى الله عليه وسلم الأسود الأدب.. وقبل المعركة قال رستم قائد فارس لـسعد: أريد أن ترسل لي جندياً من جنودك لأكلمه فهو يريد أن يعرف ماذا أصاب العرب، أمة جاهلة بدوية تريد أن تفتح الدنيا، ماذا أتاهم؟! هل أتاهم مس من الشيطان أو صرع من الجان؟! لا.
بل أتاهم وحي من الرحمن.
فأرسل سعد الصحابي ربعي بن عامر في الثلاثين من عمره وقال: [[لا تغير من هيئتك شيئاً فإنا لم نفتح الدنيا إلا بطاعة الله]] يقول: لا تأخذ شيئاً، لا تلبس تاجاً ولا ذهباً ولا حريراً، كن على هيئتك؛ لأن مبادئنا في قلوبنا، وإرادتنا تحطم الحديد.. فذهب ربعي بفرسه ورمحه وثيابه، ودخل بلاط رستم فلما رآه هو ووزراؤه وقواد الجيوش ضحكوا، قال رستم: جئتم تفتحون الدنيا بهذا الفرس المعقور والرمح المثلم، والثياب الممزقة! قال ربعي: [[إي والله، إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]].
وبدأت المعركة، وفي ثلاثة أيام صفى سعد حساب المجرم وسحقهم في الساحة: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45] ودخل إيوان كسرى فكبر فانصدع الإيوان، ودمعت عينا سعد وقال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ *وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ [الدخان:25-29].
حاصر قتيبة بن مسلم مدينة كابل ليفتحها، وقبل الحصار قال: [[التمسوا لي محمد بن واسع، العابد الزاهد أحد العباد الكبار فذهبوا فوجدوه قد صلى ركعتي الضحى واتكأ على رمحه ورفع سبابته إلى الواحد الأحد]] من أين يأتي النصر والفتح إلا من الله.
ومن أين يأتي الرزق إلا من الله.
يا حافظ الآمال أنتت حميتني ورعيتني |
وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني |
فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني |
دخلت بعض الجيوش العربية إسرائيل ومكتوب على بعض الأعلام:
آمنت بـالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثان |
وضربت الدبابات في الصباح، وإذا بالجيوش قد دخلت بلادها مهزومة، وإذا الثكالى يندبن وينتفن رءوسهن، وإذا موشي ديان يتكلم على الشاشة ويضحك ويقول: العرب لا يعرفون القتال، ابن القرد والخنزير يتكلم على أناس تركوا الصلوات الخمس، وكفر بعضهم بالواحد الأحد فأخذهم؛ لأنه واجه في الساحة شكلاً آخر غير الشكل الذي واجه الصحابة به اليهود، ليسوا من أحفاد خالد وسعد وطارق وصلاح الدين.. ورجل آخر يقول في مجمع وهم يصفقون له:
هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم |
يقول: أعطوا لي ديناً يجمع العرب غير الإسلام:
بلادك قدمها على كل ملة ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم |
فكان جزاؤه ما علمتم من تنكيس في خلقه وفي خلقه، نسأل الله العافية.
قال قتيبة بن مسلم: [[التمسوا لي محمد بن واسع، فوجدوه يمد إصبعه ويدعو الله بالنصر، فعادوا إلى قتيبة فأخبروه، فقال: الحمد لله، والذي نفسي بيده لأصبع محمد بن واسع خير عندي من مائة ألف سيف شهير، ومن مائة ألف شاب طرير]] فإذا علم ذلك فلا نطلب التوفيق إلا من الواحد الأحد، والتوفيق إنما يأتي بأن نصلح ما بيننا وبين الله، ليصلح ما بيننا وبين الناس.
يقول أحد الصالحين: والله إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وفي خلق خادمي.
من يعص الله يصعب عليه كل أمر، مسئوله لا يرضى عنه، وأمته لا ترضى عنه، وولاة الأمور لا يرضون عنه، ومن تردى برداء ألبسه الله ذلك الرداء.
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب |
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب |
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب |
يقول الله عن بني إسرائيل: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى فيهم: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ الله [الجمعة:5] والله عز وجل يقول: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُون [الحديد:16].
شاب آخر بهذه البلاد أتاه حادث انقلاب سيارة، فوجد تحت العجلة وهو في حالة شنيعة، وهو يردد في إغماء: هل رأى الحب سكارى مثلنا يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].
ذلك الشاب يوم نشأ على الفاتحة مات على الفاتحة، وهذا يوم نشأ على (هل رأى الحب سكارى مثلنا) هو وأمثاله؛ ما رأى أفشل منهم في الحياة، فمات على ذلك؛ لأن معتقده ومبدؤه ومنهجه، والله يثبت من يشاء ويضل من يشاء، لكن بأسباب وإرادات ومزاولة من العبد، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.. إذا علم هذا فإن واجب العبد أن يكف عن المعاصي، وأن يتق الله ليثبته الله عز وجل ويأخذ بيده، ونحن نقر بنعم الله علينا ظاهرة وباطنة، لكن وجد من بيننا من بدلوا نعمة الله كفراً، كما قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم:28].
والذي يطالع الأحداث التي وقعت في الساحة قبل أيام؛ يرى أن هناك أناساً يعيشون بلا إدراك، وأنه ينقصهم الوعي، وأنه لابد على الداعية والأستاذ والأب في البيت أن يوجهوا ذلك الجيل..
جيل ترك المسجد! فلما ترك المسجد أتى ليشغل فراغه بكل شيء، جيل يتابع أحداث ما كان لها أن تتابع.. فهدد الأمن، وأزعج الناس، وضيع وقته ومستقبله، أرى الكافر منا أن هذه أمتنا، وأن هذه رسالتنا في الحياة.. زمجرة ورقص، وتصفيق وشهيق ونهيق وزفير.. والإسلام بريء من هذا، بل هو دين ومبادئ خالدة، ورسالة في الحياة: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:18-19] فالإسلام رسالة.
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي |
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي |
أحد الناس نظر نظرة لا تجوز له، فقال له أحد العلماء: تنظر إلى الحرام! والله لتجدن غبها ولو بعد حين، قال: فنسيت القرآن بعد أربعين سنة.
وآثار الذنوب كثيرة:
منها: قسوة القلب، وقسوة القلب ضرب به بنو إسرائيل ضربة قاصمة؛ لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم.
ومن آثارها: اللعنة، لأن العبد إذا استمر بالذنوب وطبع على قلبه لعن والعياذ بالله.
ومن آثارها: قلة البركة في الرزق.
ومنها: الضنك في المعيشة، فقد رأيناهم ورأيتموهم يسكنون في القصور الشاهقة، بالسيارات الفارهة، والملابس والمشارب والمطاعم.. لكنهم ما وجدوا الأمن والسكينة، قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:124-126].
إبراهيم بن أدهم -أحد الصالحين- يعيش على الرصيف، لا يجد إلا كسرة خبز، ولكنه بذكره وتلاوته وعبادته يعيش في رغد من العيش وفي جنة، قال له الناس:[[أأنت سعيد؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنا في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف]].
وشيخ الإسلام ابن تيمية ما كان يملك من الدنيا إلا ثوباً وعمامة، لكنه يقول وقد سجنه أهل البدع والمعاصي لما أنكر عليهم، قال: ماذا يفعل بي أعدائي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنى سرت فهي معي.. أنا قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة. وردوا عليه باب السجن فقال: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13].
يقول له أحد الفجرة من السلاجقة: يا ابن تيمية، يزعم الناس أنك تريد أن تأخذ ملكنا. قال: ملكك؟! قال: نعم. قال: والله ما ملكك يساوي عندي فلساً واحداً.. لأنه يريد السعادة، والسعادة لا تحصل إلا بذكر الله، ومن يقرأ مثلاً كتاب دع القلق وابدأ الحياة لـدايل كرنجي والإنسان لا يقوم وحده لـكريس مرسون؛ يرى أنهم ما وجدوا السعادة، يقولون: بحثنا عن السعادة فأخفقنا.. وهذا الذي ألف الكتاب أخذ السكين ونحر نفسه فمات؛ لأنه ما وجد السعادة.
فما هي السعادة؟!
السعادة هي أن تتوضأ كل يوم خمس مرات.. وتصلي كل يوم خمس مرات، وأن تتزود بالنوافل.. السعادة أن تطالع القرآن المجيد وتتدبر آياته.. وأن تكون ذاكر بقلبك للواحد الأحد.. وأن تجدد التوبة لله دائماً وأبداً.. السعادة أن تربي بيتك على القرآن وعلى الشريط الإسلامي، على الكتاب الإسلامي، على الصلوات الخمس، وأن تخرج المنكرات والفواحش والمعاصي من بيتك؛ وأن تكون رجلاً حازماً، مربياً معلماً، موجهاً في مجتمعك وأمتك، وتقودهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض، قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
بعض الناس كبر في السن وقد جاوز الأربعين، حُدثنا عنه أنه لما أتت المباراة كان ينظر إلى الشاشة، فلما أتت الصلاة أراد ألا تفوته المباراة؛ فأخذ غترته وبسطها في الأرض، ثم نقر أربع ركعات وسلم ونظر.. أهذه صلاة؟! أهذه رسالة؟! أهذا قلب أؤتي نوراً؟!
من يهن يسهل الهوان عليه مالجرح بميت إيلام |
يا أيها الإخوة الأخيار! ويا أيها الأبطال! يا أبناء من رفعوا لا إله إلا الله، ووزعوها على البشرية! إنني أسألكم بالله العظيم، أن نعرف مسئوليتنا ومهمتنا وقصدنا في الحياة الدنيا؛ وإذا عرفنا ذلك نفعنا أمتنا وبلادنا وقدمنا أنفسنا، وإلا لو كانت المسألة مسألة تقدم مادي وحضاري دنيوي لغلبنا الكافر.. فإننا لم نصنع سيارة ولا طيارة ولا صاروخاً ولا برادة ولا ثلاجة، لكننا أتينا لنصنع القلوب، ولنقدم للناس إسلاماً وديناً.. يقول كريس مرسون: أعطيناكم الطائرة والصاروخ والثلاجة والبرادة وأنتم لم تعطونا الإسلام. فهم يريدون الإسلام.. لقد أخفق كل دين في الساحة إلا دين الإسلام..
فقد جربت العلمانية فإذا هي لعنة!
وجربت النصرانية المحرفة فإذا هي لعنة! وجربت اليهودية المحرفة فإذا هي لعنة! وجربت الشيوعية فإذا هي لعنة!
وأتى الناس يدخلون في دين الله، ولكن كثيراً من شبابنا الآن بدا معجباً، وبدا -عياذاً بالله- يحاول أن يخرج، وإذا كان شباب هذه الجزيرة يفكرون في بعض الأمور، فمن يحفظ هذا الدين؟! الجزيرة هذه هي التي خرج منها الإسلام، وقدرها الإسلام فهي مهبط الوحي -بلا تعصب- أبناؤها حملة نور التاريخ الذين تكلموا على منبر الدهر، وأسمعوا أذن الدنيا.
فيا إخوتي في الله: هذه معلومات ليست بغريبة عليكم ولا جديدة، ولكن من باب الذكرى والاتعاظ؛ علّ الله أن يرحمنا لأن المعاصي قد كثرت، وسببها ترك الصلوات الخمس، ولذلك كتب عمر إلى سعد في القادسية: [[الصلاة الصلاة! فإن عدوكم لن يغلبكم إلا بمعاصيكم]].
إخوتي في الله: أسأل الله أن يغفر لي ولكم الذنوب والخطايا، وأن يجعلنا صالحين مصلحين، مصلين صائمين، ذاكرين عابدين:
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه |
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه |
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه |
ونركب الجو في أمن وفي دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله |
أسأل الله لي ولكم تسديداً وعوناً، وتوفيقاً وفتحاً، وهداية ورشداً، وأكرر مرة ثانية وثالثة ومرات شكري لكم على إنصاتكم، وجميل استقبالكم وحفاوتكم، وليس هذا بغريب عليكم، فأنتم من الإسلام، والإسلام بني على أكتافكم.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الجواب: أما غير الأرواح كالمباني والجبال والأشجار، فلا بأس بتعليقها في المنازل والمكاتب، أما الصور ذات الأرواح فتعليقها لغير حاجة لا يجوز؛ لأنه من باب التعظيم، والتعظيم هو سر التوحيد، وتعظيم غير الله سر الشرك، وإنما دخل الشرك بين الأمم لأنهم عظموا غير الله بالصور وأمثالها، فتعليقها لا يجوز، وإنما يجوز من الصور المهمة والضرورية التي لا بد منها للإنسان في الحياة، كصورة الحفيظة وأشباهها، لأنه من باب التنظيم وأما غيرها فليس بجائز.
الجواب: لا يا أخي! بل المجاهدون الأفغان من المصلين الصلوات الخمس، وقد أثبتوا للمستعمر الشيوعي أن هناك إسلاماً، وأننا عدنا من جديد، وأن الكفر لن ينتصر أبداً.. المجاهدون الأفغان ثلة من البشر خرجوا بلا إله إلا الله، وبالصلوات الخمس، بسلاح بدائي مع دولة كبيرة من كبريات دول الأرض، فأرغموها وأذلوها أمام العالم، حتى شهد الكفر بعضه على بعض أنه ذُلَّ وخسر في الساحة.
يا أمة النصر والأرواح أثمان في شدة الرعب ما هانوا وما لانوا |
هم الرعود ولكن لا خفوت لهم خسفٌ ونسفٌ وتدمير وبركان |
كم ملحد ماجن ظن الحقوق له زفوا له الموت مراً وهو مجان |
فروا على نغم البازوك في غسقٍ فقهقهت بالكلاشنكوف نيران |
حدثنا أحد دعاة وكبار المجاهدين من القادات: أن امرأة متحجبة من نساء المجاهدين نزلت ومعها بندقية تريد الماء من واد، فعرضت لها قافلة، فرفعت البندقية؛ فسلمت القافلة الروسية -ومعهم سلاح- فسلموا جميعاً.
لأن عندهم مسألة: هي أن الأفغان لا يهزمون أبداً، ولذلك بدءوا في المصالحة والانسحاب، وما ذلك إلا لمن حافظ على الصلوات الخمس، لكن الذي ضيع الصلوات الخمس في فلسطين قبل خمس وعشرين سنة ما نفعته طائراته ولا دباباته ولا صواريخه.
الجواب:الأغاني -أيها الإخوة- عرفتم من فتاوى أهل العلم أنها محرمة، وربما سمع بعضكم بعض فتاوى المترخصين، لكن ليس عندهم دليل: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [النمل:64] فالصحيح أنها محرمة لأدلة منها: ما في البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: {يستحلون الخمر والمعازف} واستحلالها يكون بعد التحريم، ومنها قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّه [لقمان:6] قال ابن مسعود:[[أقسم بالله أنه الغناء]] وفي آثر موقوف على ابن مسعود: [[الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت البقل من المطر]].
ولـابن تيمية كلام مجيد في الغناء في كتاب الاستقامة بين أنه من أعظم الفواحش، وأنه الذي يقود إلى الزنا، وقال ابن القيم الغناء بريد الزنا.
وأول عقوبات من يستمع الغناء: أن يصاب بقسوة القلب، وأن يكره الذكر والقرآن، وأن يبتعد عن المساجد،وأن يحبب له العشق والوله والغرام بالمحرمات، ومن نتائجه: أن يحرم الغناء في الجنة، وهو من نعيم أهل الجنة، الذي يقول فيه ابن القيم:
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان |
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان |
الجواب: إذا علم أن هذه البوصلة صحيحة المعلومات فلا بأس بها؛ لأن أمر القبلة أمر اجتهادي، غالب ظن، فلا بأس إذا استصحبت معك بوصلة ودلتك بإشارتها على اتجاه القبلة أن تصلي عليها، وهذا من العلامات التي وجدت، ولكن تستخدم بشروط؛ لأنها قد تعمم إلى علم الفلك، وهذا فيه خطورة، حتى إنك تجد بعض البلدان تفطر وتصوم على الفلك في رمضان، وقد ناقش ابن تيمية هذه المسألة، ورأى أن المسلمين يفطرون على الرؤية المجردة، ويصومون على الرؤية بشهادة الشهود لا بعلم الفلك، فنحن لسنا متعبدين إلا بالرؤية إذا شهد عندنا شاهد لأننا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، وأما البوصلة فإذا وجدت للضرورة فلا بأس باستصحابها.
الجواب: هذه الكلمة لم ترد، واشتهارها بين الناس بدعة، لم يرد فيها أثر ولا حديث صحيح، ولا ينبغي للإمام أن يتأخر، وقد سئل الإمام أحمد: هل ينبغي للإمام أن يتأخر؟ قال: لا أدري! لا أعلم فيه شيئاً، فما دام أن الإمام أحمد لا يعلم فيه أثراً، فنحن لا نعلم فيه أثراً.
فالإمام عليه أن يراعي حال الناس.. مسجد فيه ألف مصلٍ، وهذا تخلف في البيت يشرب الشاي ثم أتى متأخراً، ويقول:(إن الله مع الصابرين) أيهدر حق ألف مصل من أجل رجل دخل متأخراً؟ لا. بل يؤدي صلاته مثلما كانت، وهذا لا ينبغي له أن يسرع وأن يتنحنح للإمام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيح: {إذا أتيتم إلى الصلاة فأتوا وعليكم السكينة، ولا تأتوها وأنتم تسعون، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموه} ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة والحمد لله.
الجواب: صح عنه صلى الله عليه وسلم في المسند وغيره أنه قال: {ما أمرت بزخرفة المساجد} وإنما تبنى بناء طيباً جميلاً لا بأس به، ولكن الزخرفة وكثرة الخطوط والملهيات ليست من مقاصد المساجد في الإسلام، فينبه على هذا الأمر حتى ينتشر، وذلك لتبقى المساجد بيوتاً للعبادة والاتصال بالواحد الأحد، والذكر والدعاء للاشتغال بشيء.
الجواب: الحمو! ليس له ذلك، فهو أجنبي، ولا يجوز له أن يكشف على زوجة أخيه، فقد جاء في صحيح البخاري أن الرسول عليه الصلاة والسلام سئل عن الحمو؛ فقال: {الحمو الموت} لأنه مأمون الجانب فيه، ومطمأن إليه، ويأتي الخوف بل الموت من جانبه، لذلك لا يجوز له أن يكشف على زوجة أخيه.
الجواب: هذا ظاهره الجواز، وأنا أعرف أن الأخ يسأل عن زيادة الثمن من أجل الأجل، وله صور كثيرة، وسأتكلم عن بعض الصور، فأقول: زيادة الثمن من أجل الأجل لا بأس بها، وهي حلال إن شاء الله، كأن يقال لك: هذه السيارة بثلاثين ألفاً إذا سلمت الثمن الآن، وبأربعين ألفاً بالتقسيط، فهذا لا بأس به؛ لأن زيادة الثمن من أجل الأجل، أما بعض الصور التي تحدث في المعارض: أن يبيعك ما ليس عنده، وتتبايع أنت وإياه ثم يشتري السيارة هو فلا يجوز، لقوله عليه الصلاة والسلام: {لا تبع ما ليس عندك}.
الجواب: نسأل الله له الشهادة، وهو من الشهداء الذين عدّهم عليه الصلاة والسلام، بل من أعظم الشهداء، فمن مات بهدم أو حريق أو غرق فهو شهيد من حيث هو، فلو تلف في البحر، أو مات تحت جدار انهد عليه، أو احترق بالنار فهو شهيد.. فكيف بإنسان يأتي لينقذ الأرواح، وينقذ كثيراً من المسلمين؟! فحسناته مركبة.. فهو شهيد من حيث الأصل ومأجور؛ لأنه في مقصد نبيل.
الجواب: الرئيس والمرءوس في الإسلام يجمعهم أولاً: التفاضل بتقوى الله عز وجل.
الأمر الثاني: لا يطاع أحد من الناس مهما كان في معصية الخالق: {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق}
الأمر الثالث: الرئيس يطاع في طاعة الله عز وجل، ويحترم ويقدر وتنفذ أوامره ما لم تتعارض مع الشريعة.. وإذا أخذنا الضوابط الثلاثة هذه أفلحنا ونجحنا؛ أن يكون هناك التقوى، وأن يكون هناك التحاب بين الرئيس والمرءوس ليس بالرتب والمناصب، وإنما بتقوى الله عز وجل، ثم لا نطيع أحداً من الناس في معصيته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ثم نطيع مرءوسينا ونقدرهم ونحترمهم في طاعة الله الواحد الأحد ما لم يأمروا بمعصية، وهم إن شاء الله لا يأمرون بمعصية، فإن حدث هذا فلا يطاع أحد.
الجواب: أولاً: لا تؤخر الصلاة عن ميقاتها، فما دام الوقت معك فلك إذا كان هناك أمر مهم أن تقوم بالعمل، لكن إذا خشيت أن يفوتك الوقت فعليك أن تصلي الصلاة على أي حال، فلا يعذر من أخرها حتى يذهب وقتها أبداً، وإذا خشيت وأنت في مطافئ حريق أو أي مكان؛ فلك أن تصلي بالهيئة التي أنت عليها، ولا تترك أبداً ولو كنت في حريق مدلهم وحادث مرعب وأنت لا تستطيع أن تؤدي الصلاة إلا بكيفية صلاة الخوف فصلها صلاة الخوف.. هذا كما فعل كثير من الصحابة، وسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن تؤخرها إلى أن يذهب الوقت فهذا نكران وفجور وخذلان والعياذ بالله، وما أجاز أحد من أهل العلم التأخير حتى يفوت الوقت.
إخوتي في الله: أسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية، والعون والرشاد والسداد، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر