إسلام ويب

رسائل من الداخل والخارجللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هذا الدرس عبارة عن قراءة بعض الرسائل التي وصلت إلى الشيخ من داخل الوطن ومن خارجه، ومن دوافع قراءة هذه الرسائل: أن وطن المسلم الأرض جميعاً، فليس بين المسلمين حدود، ومنها: معرفة أن هناك مسلمين خارج الجزيرة العربية وليس في الجزيرة فقط.

    وليست هذه الرسائل رسائل شخصية، وإنما هي وقفات ينتفع بها عباد الله المؤمنون.

    1.   

    وقفة مع النبي صلى الله عليه وسلم في يومين من حياته

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

    هذه الليلة الرابعة من شهر محرم لعام (1413هـ).

    وعنوان هذا الدرس: رسائل من الداخل والخارج.

    وقبل أن أبدأ في دوافع هذه الرسائل، وفي قراءة بعض الرسائل والاستنتاجات منها، أقف معكم لحظة مع المعصوم عليه الصلاة والسلام -صاحب المنهج، وأصدق من تكلم، وأوفى من عاهد، وأشجع من قاتل، مع البر الرحيم الوفي عليه الصلاة والسلام- في يومين اثنين:

    اليوم الأول: يوم يسجد عليه الصلاة والسلام فيؤتى بسلا الجزور ويوضع على رأسه، ويرفع رأسه ولا يملك من الحول والقوة ومن أسباب الدنيا شيئاً.

    اليوم الثاني: يوم طرده أهل الطائف إلى مكة ورجم بالحجارة، فسالت قدماه الشريفتان دماً، وهو لا يملك من أسباب الدنيا ولا من قوتها شيئاً ويأتيه ملك الجبال، ويقول: مرني أن أطبق عليهم الأخشبين، فيقول: (لا. إني أسأل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً).

    ويؤذى ويُحاصر ويُطرد ويجوع، ويتهم وتمرغ سمعته في التراب، وتباع أملاكه، وينفى من دياره ومن مسقط رأسه، ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

    فما هي العاقبة ليوم الحق، ولرسول الحق، ولمعلم البشرية عليه الصلاة والسلام؟ في نفس المكان الذي وُضع على رأسه فيه السلا يقف بعد سنوات فيأخذ حلق أبواب الكعبة، ويهز الباب، وحوله عشرة آلاف مقاتل يلبسون السلاح، كل واحد منهم يجري في دمه لا إله إلا لله، فيقول: (الحمد لله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده).

    ثم يتكلم عليه الصلاة والسلام للناس وهو منتصر.

    بل ذكر ابن كثير وابن القيم أنه لما دخل منتصراً وأعلامه تخفق في مكة، نكس رأسه تواضعاً لله، حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل، ودمعت عيناه، وماذا فعل بالناس؟

    هل فعل بهم كما يفعل الأقزام الطغاة يجرون الماء بالدماء حتى تصل الركب؟

    لا. بل قال: (ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء عفا الله عنكم).

    هذه رسالة منه عليه الصلاة والسلام، ووالذي نفسي بيده إن الحق منتصر، وإن العاقبة للمتقين، وإن كلمة الله باقية، وإن الذين يؤسسون مجدهم أو نصرهم على غير الثقة بالله، إنما هو كما قال تعالى: عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109].

    وكم رأينا من متبجح يهدد أهل الإسلام، ويهدد العلماء في البلاد الإسلامية، بذبحهم كما قال فرعون: فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى النازعات:23-25] بينما هو يهدد بالذبح والقتل، وإذ هو يقتله من أقرب الناس إليه، ويؤتى من مأمنه، ويلدغ من المكان الذي وضع يده فيه، لِيِعُلِمَ الله الناس أنه غالب على أمره، والله عز وجل يقول: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21]

    1.   

    دوافع قراءة الرسائل

    أما الرسائل التي أريد أن أذكر لكم بعض فصولها وجملها، ولن أذكر لكم الرسائل الشخصية الخاصة؛ وإنما سأذكر الرسائل التي فيها بعض اللمحات والوقفات، لعل الله أن ينفع بها عباده المؤمنون. والدافع لي لقراءة هذه الرسائل أمور:

    الأول: أن وطن المسلم هذه الأرض جميعاً، فليس بين المسلمين حدود ولا أقاليم، بل بلاد المسلمين واحدة، كان الوطن في عهده صلى الله عليه وسلم وطناً واحداً، الرب واحد، والرسول صلى الله عليه وسلم واحد، والملة واحدة:

    وطني كل تراب      شع فيه نور أحمد

    وطني الأرض جميعـاً     لا تجزأ أوتحدد

    وقال الآخر:

    فأينما ذكر اسم الله في بلد عددت      ذاك الحمى من صلب أوطاني

    وخلفاؤه الراشدون كانت بلادهم واحدة، والأئمة الفاتحون كانت بلادهم واحدة، والقادة الظاهرون وطنهم واحد.

    فهذا عمر ينام تحت الشجرة ببردة ممزقة، فيها أربع عشرة رقعة، وهو يحكم رقعة شاسعة من الأرض، وطن واحد، وأما قصدي بالعنوان الحدود من الداخل والخارج، إنما أقصد هذه الحدود المصطنعة التي وضعها المستعمر، وإلا فلا حدود، وكل وطن في الأرض هو للمسلم، والكافر إنما هو دخيل.

    الثاني: لتعلموا أن لكم أحباباً وراء البحار والمحيطات والصحاري يحملون لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الفجر ثم قال: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها) أي: أن ملك أمته سوف يصل إلى هناك، وأنه سوف يصلي في القارات الست أناس يتبعون الرسول عليه الصلاة والسلام ويقتدون به.

    والدليل هذه الرسائل: رسالة من أوزبكان، ورسالة من فنزويلا، ومن واشنطن، من أناس يصلون هناك ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحج ينطلق من موسكو ما يقارب ثلاثة آلاف -من معقل الإلحاد والكفر والخيانة- حجاجاً محرمين يقولون: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).

    1.   

    فوائد في المراسلة

    وقبل أن أبدأ في الرسائل هنا فوائد:

    أبلغ رسالة في التاريخ

    أبلغ رسالة في التاريخ رسالة سليمان عليه السلام إلى بلقيس: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ [النمل:30-31]

    هل سمعتم أفصح من هذا الكلام وأشجع منه؟

    فالقادر والمرسل والوالي والمعبود حقيقة هو الله.

    وقد حدثنا أحد المفكرين من المشايخ الثقات: أن الشيخ حسن البنا رحمه الله في مصر جاءه السفير البريطاني في القاهرة بهدية، ووراءها ما وراءها، فهم يشترون الذمم والعهود والمواثيق بالمال.. يشترون المبادئ بالشيكات، فوصل الشيك إلى حسن البنا مع السفير.

    قال: ما المطلوب؟

    قال: خذها، هذه هدية من الحكومة البريطانية.

    فقلب حسن البنا الشيك وكتب على ظهره بقلمه بالعربية- وهي تترجم هناك- أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [النمل:36-37].

    يقول له حسن البنا: ارجع إليهم فسوف نأتيهم بجنود محمد صلى الله عليه وسلم، كتائب حكمتيار.

    الحق أبلج والسيوف عـواري      فحذار من صولات حكمتيار

    وحذار من جيش خميس بعده      يصلي العدو بغيمة من قار

    جيش محمد صلى الله عليه وسلم الشباب الموحدون الذي يحملون لا إله إلا الله.. فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [النمل:37].

    أقصر رسالة عند أهل التاريخ

    أقصر رسالة عند أهل التاريخ والأدب رسالة خالد بن الوليد، لما التقى في اليرموك -انظر هذه الهمم العالية- بجيش الروم، وكان جيش الروم عند كثير من المؤرخين أنه مائتين وثمانين ألفاً، وجيش خالد ما يقارب ثلاثين ألفاً، فلما رآهم في الصباح أقبلوا كالجبال، تدلف كتيبة وتستقر في الصحراء، وكتيبة بعدها، وكتيبة أخرى.

    فقال أحد الناس لـخالد: اليوم نفر إلى جبل سلمى وأجا في حائل -فدمعت عينا خالد وقال: [[لا والله لا نفر إلى سلمى وأجا ولكن إلى الله الملتجأ]] ثم قال: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثم أرسل رسالة -وهو في المعركة- إلى عياض بن غنم، وكان عنده جيش الاحتياط في الصحراء، تركه عمر على بعد وقال له: [[أنت بالذراري والنساء، فإن طلبك خالد فلب طلبه]] وكان يظن خالد أن الجيشين متقاربين أربعون مقابل ثلاثين لكنهم مائتان وثمانون ألفاً.

    فكتب: [[بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد إلى عياض إياك أريد]] فلما أتته الرسالة حشد قبائل العرب ولقي بها العدو مع خالد وكان النصر العظيم: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:174].

    السنة في إرسال الرسائل

    السنة في إرسال الرسائل كما قال أهل العلم:

    أولاً: أن تبدأ بـ(باسم الله) قال ابن تيمية: كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يبدأ في الرسائل بالبسملة، وفي الخطب بالحمدلة. ولذلك كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم لا تبدأ بالبسملة،بل كان يقول: (إن الحمد لله).. في الجمع والأعياد والاستسقاء والكسوف، أما رسائله فتبدأ بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) من محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم.

    ثانياً: اسم المرسل يتقدم دائماً، إلا ما استثناه أهل العلم -كما قال ابن حجر - فإذا أرسلت إلى عالم كبير أو والي عادل فإن بعضهم يرى أنك تقول: إلى فلان من فلان بن فلان، والرأي الصحيح: أنك تبدأ باسمك، سواء كان هذا أفضل منك أو أعلى.

    ثالثاً: السلام في الرسالة؛ أن تبدأ الرسالة بالسلام، فإن كتبت إلى كافر تقول: والسلام على من اتبع الهدى، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما قال موسى لفرعون.

    وأذكر هنا رسالتين لـ ابن كثير وغيره من العلماء:

    كان هارون الرشيد حاكماً على الأمة الإسلامية يوم أن كانت الأمة عزيزة، ويوم أن كانت جباهها في السماء، وكانت لا تسجد إلا لله، فكانت ملكة الروم تدفع الجزية لـهارون، إما الإسلام وإما الجزية وإما السيف، فلما ماتت هذه المرأة وتولى نقفور ملك الروم، فجمع مستشاريه وقال لهم: ما رأيكم؟

    قالوا: امرأة ضعيفة كانت تدفع الجزية، ونحن أقوياء فتورط إلى أذنه.

    فكتب إلى هارون الرشيد يقول: إن التي كانت قبلي كانت عاجزة، وكانت تدفع لكم الجزية، أما الآن فلا جزية لكم ولا حق.

    فأخذ هارون الرشيد رسالته وكتب على ظهرها:

    بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، أمَّا بَعْد: فالجواب ما تراه لا ما تسمعه.

    فلا كُتْب إلا المشرفيات عنده      ولا حق إلا للقنا والقنابل

    فجهز مائة ألف مقاتل، وبعد أيام هجموا عليه فقادوه بأذنه وضاعفوا عليه الجزية، كان على الواحد اثنا عشر درهماً، فأصبحت أربعة وعشرين درهماً، هذا جواب هارون الرشيد.

    وذكر ابن كثير أن علياً ومعاوية رضي الله عنه الله عنهما لما التقيا في صفين، كتب ملك الروم إلى معاوية يقول له: إني سمعت أن ابن عمك ناقم عليك، فإن أردت أن أنصرك عليه فعلت.

    فكتب معاوية إليه ما معناه: يا عدو الله! والذي لا إله إلا هو لو سمعت أنك اقتربت من بحار المسلمين -يوم كان للمسلمين بحار- لأقوم أنا مع ابن عمي عليك، فإنك عدو لله ولرسوله.

    1.   

    عرض الرسائل

    والآن نبدأ في الرسائل.

    حقائق الصوفية

    السؤال: أخ من السودان يذكر في رسالته أني هاجمت الصوفية في رسائلي، وعيرتهم بالفقر، ويقول: الفقر ليس بعار، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فقراء، فلماذا تعيرهم بالفقر؟

    الجواب:

    الأمر الأول: ما قاله الأخ أطلب منه أن يتثبت فيما قلته أنا، والأشرطة موجودة.

    الأمر الثاني: إذا تنازعنا في أمر فإننا مأمورون أن نرده إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، إلى الكتاب والسنة، لا نرده إلى منظمة، ولا إلى كيان، ولا إلى بشر، ولا إلى عقول وأفكار، بل نرده إلى الكتاب والسنة.

    الأمر الثالث: نقدت في الصوفية جوانب خالفت منهج الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} فمنهم من كان يذهب إلى المقبرة ليستشفي بدعاء هؤلاء، وقد بين أهل العلم أن هذا هو عين الشرك، ومنهم من قال أشعاراً شركية، وهي مثبتة معي في كتب الصوفية وفي طرقهم، وقد ذكرت نماذج منها.

    ومنهم من وقف عند روضة الرسول عليه الصلاة والسلام -كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - سواء في السودان، أو الجزيرة، أو الشام أو العراق، أو أي مكان؛ لأن البلاد لله عز وجل، إنما نحكم على أفكار الناس بحسب الشرع، قال: فوقف أحدهم عند القبة يقول:

    يا رسول الله يا من ذكره      في نهار الحشر رمزاً ومقاما

    فأقلني عثرتي يا سيدي في      اقتحام الذنب في سبعين عاما

    ومما يفعلونه: الأدعية الغير مأثورة التي يقولونها، وكذلك العبادات التي ليست من الشرع، كأن يحتجب أحدهم أربعين ليلة لا يخرج إلى الناس، أو يجوع نفسه ليلاً ونهاراً، ولا يغتسل ولا يتنظف، ولا يراعي خصال الفطرة.

    أما قوله: أني عيرتهم بالفقر! فلا والله، فإن الفقر شرف لأهله، وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم فترة من حياته فقيراً، والذي قاله الأخ أقحمه في الكلام، فعليه أن يعود إلى الشريط ويسمعه، وأبين له أن عليه أن يقرأ مذهب أهل السنة والجماعة وأن يرد ما يقول وما أقول إلى الشرع الحنيف، وسوف أدله على بعض الكتب في ذلك، منها:

    المجلد العاشر والحادي عشر من فتاوى شيخ الإسلام وكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومعارج القبول للشيخ حافظ حكمي والطحاوية للشيخ الطحاوي وزاد المعاد في هدي خير العباد لـابن القيم أقدم له هذه الكتب ليقرأها ولينظر هل هم مصيبون أم أنهم مخطئون.

    ويقول أيضاً: ويزعم أننا ندعي أننا أهل العقيدة الصحيحة وغيرنا ضلال.

    من قال هذا؟ من الذي تبجح منا وقال: إننا أهل الحق وغيرنا أهل الباطل؟

    بل نحن نقول: إننا إن شاء الله على الحق، وغيرنا إن شاء الله فهم من هو على الحق، ومنهم من ضل، أما قضية أننا نختص بالحق ونحوزه لنا فقط، فما قال ذلك أحد، وما سمعت عالماً ولا داعية ممن يوثق بكلامه يقول: إنه محق وغيره مبطل، فليتأكد الأخ من الكلام، ويتأكد مما قال، ونسأل الله عز وجل أن يتوب علينا وعلى جميع المسلمين.

    معنى الحب في الإسلام

    السؤال: أنتم تقولون: الحب في الإسلام، وأسمعها في بعض ما تسجلون، وأقرؤها في بعض الكتيبات، فما هو الحب؟

    الجواب: هناك حب أغلى من كل حب، والحب هذا الذي يهذي به المغنون والمغنيات، والفنانون والفنانات، والمطربون والمطربات هو ركام وقمامة وسخافة ومقت، الحب الأعظم تحت مظلة: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] وقد تعرضت في خطبة عنوانها: بطاقة المسلم يحبهم ويحبونه.

    يقول عليه الصلاة والسلام لـعلي: {لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه} قال ابن القيم: " ليس العجب من قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى (يحبونه) ولكن العجب من قوله (يحبهم) فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من أحبابه ومن أوليائه وأنصاره.

    فإن الإنسان ليس له إلا إحدى منزلتين: إما حبيب، وإما عدو.. إما مناصر، وإما مخاصم.. وهذه المسألة الكلام عنها يطول وهناك محاضرة بعنوان: مفهوم الحب في الإسلام. بينت بالآيات والأحاديث وكلام السلف ما هو الحب الشرعي السني الذي يجب على الناس.

    أيضاً أنبه على أمور: رأيت رسائل في الأسواق مكتوب فيها (العشق الإلهي) وهذا ليس وارداً في السنة، يقول ابن تيمية: " كلمة العشق والهجر والوصال، لا تليق به سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وليست من كلام أهل السنة " كأن يقول: إني عاشق، أو قد بلغ بي السكار في الحب، ومنزلة العشق والوله.. هذه كلها ليست عند أهل السنة، فهناك المفهومات الشرعية النبوية المحمدية السنية موجودة في الكتاب والسنة.

    وأحد الإخوة قد كتب إليَّ ثمان أوراق كرسالة واحدة، أكثرها نظرة سوداوية وتشاؤم إلى الجيل مما رأى هناك، يقول: رأيت إنساناً يستهزئ بالقرآن، وآخر بالرسول صلى الله عليه وسلم.. فيحكم على أن الأمة قد ذبلت، وأنها لا تستحق النصر، وأنه ليس هناك نصر.... إلخ.

    أقول: لا، أطمئنك بأن الخير كثير، وأن الدين هو المنتصر، والعاقبة للمتقين، وأبشرك أن الألوف المؤلفة كلهم يريد أن يسيل دمه ليبقى دين الله ويرتفع في الأرض، فلله الحمد والشكر، وعلى الإنسان أن ينظر بعينيه ولا ينظر بعين واحدة، نعم هناك فساد في الأرض وهناك مجرمون، ومحاربون لله ولرسوله وللمؤمنين، ولكن بالمقابل أيضاً هناك أولياء لله ولرسوله وللمؤمنين، فلابد من الاعتدال في النظرة، فإنك تجلس مع من ينقل لك الأخبار، خاصة من يرى هذه الأمور ويباشرها، ينقل لك نظرة سوداوية عن الناس، وهناك من يتفاءل ويفرط في التفاؤل، فالعدل هو الوسط؛ لأن الأمة شهادة وحاسبة وقائمة.

    جهود الشيخ عبد المجيد الزنداني في الدعوة

    هناك رسائل كثيرة تخبر عن جهود الشيخ/ عبد المجيد الزنداني في اليمن، وطريقته في التعليم والتربية، وبعض الرسائل تشير إلى حكمته في الدعوة، وأنه ليس بفظ ولا غليظ.

    وأقول: هذا ظننا بالشيخ الجليل والعلامة النبيل الشيخ/ عبد المجيد الزنداني، وأبشركم بشرى خذوها عني، وقد سمعتها من الثقاة، وقد جلست مع فضيلة الشيخ عبد المجيد قبل الحج بثلاثة أيام.

    تصوروا عدن التي كانت أرض عبد الفتاح إسماعيل، الذي قيل له: من ربك؟ قال: لينين. قيل له: من نبيك؟ قال: استالين. قيل له: حشرك الله مع الملاعين. قال: آمين.

    وهو الذي درس الإلحاد في عدن، فما كان يؤذن في عدن مؤذن، ولا يخطب خطيب، ولا يوجد كتاب ولا شريط، وقد ألقى الشيخ عبد المجيد الزنداني محاضرة في عدن يقولون: حضرها أكثر من خمسة وسبعين ألفاً ليسمعون لا إله إلا الله محمد رسول صلى الله عليه وسلم.

    الشيخ عبد المجيد الزنداني لا يجهله أحد.. في حكمته وفي طريقته وعرضه للكتاب والسنة، وقوته العلمية خاصة في الإعجاز العلمي، ويسلم على يديه أساطين الكفر في فرنسا وأمريكا وبريطانيا، أناس بلغوا علم الذرة، ويتكلمون في الأشعة وفي دقائق العلم، ثم جلس معهم وقدم لهم الوثيقة الربانية (القرآن الكريم) الذي نزل قبل ألف وأربعمائة سنة، فيدخلون في دين الله، فهذا العالم ألا يستطيع لأناس بدائيين على الفطرة أضلهم الشيوعي لفترة من الفترات أن يردهم إلى الله؟

    بلى، وذلك الظن بالشيخ عبد المجيد مع حفظ الله ورعايته له، فأسأل الله أن يزيده علماً وتوفيقاً وهداية، وأن ينصر الحق على يديه، وعلى يد إخوانه من الدعاة في اليمن وفي غيرها، ولكني أبشركم بخير كثير يجرى على يد هؤلاء الدعاة، فالأمة مقبلة وقد سئمت الباطل والكذب، وأصبحت ذكية، تابت إلى الله، واتجهت إلى القمم تعلن ولاءها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

    دعاوى واهية على الملتزمين

    أحد الأساتذة الكرام من القنفذة قبل فترة أرسل رسالة فيها شيء من الطرح الغريب، والحقيقة أنني أجبت على بعض الرسالة في القنفذة في محاضرة هناك، ولكن لما وصلت إلى هنا لحقتني الرسالة، وهي طويلة وفيها طرح غريب عن الشباب الملتزمين، وفيها بعض التجني والدعاوي العريضة.

    يذكر ويقول: إن الإسلام عند هؤلاء الشباب هو اللحية وتقصير الثوب، ووضع اليدين على الصدر.

    وأنا أسأله بالله من أين أخذ هذه المعلومات؟ هل ادعى أحد أن الإسلام فقط هو اللحية وتقصير الثوب ووضع اليدين على الصدر؟ هل استقرأ أحوال الشباب وما يحملونه من أفكار؟

    إننا عندما نسمع هذا الكلام لا نسمعه من هذا الأستاذ الفاضل، بل نسمعه من العلمانيين والمنافقين، يقولون: ما يحسن هؤلاء إلا اللحية وتقصير الثوب ووضع اليدين على الصدر، الإسلام ليس هذه القضايا فحسب، وبالمقابل أيضاً فإنهم يناقضون أنفسهم، فإذا تكلمت عن الإسلام في مسارات الحياة، قالوا: إن الإسلام معناه أن تصلي في المسجد وتصوم رمضان وتحج البيت، أما أن تدخل الإسلام في شئون الحياة فهذا ليس بصحيح.

    وأقول للأخ: إن هذا ليس بوارد، والواجب أن تتثبت مما تقول، واللحية من الإسلام، وقد أتى بها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وحلقها حرام بإجماع أهل العلم، وهي من شعار أهل الملة، وتقصير الثوب من السنة، ووضع اليد اليمنى على اليد اليسرى على الصدر من السنة، وقد صحت بهذا الأحاديث، لكن ليست هي كل الإسلام، بل هي من الإسلام، والإسلام ليس فيه قشور، بل كله لباب، فإن البعض يدعي أن هذه الأمور قشور، لا. الإسلام كله لباب والحمد لله.

    وبعض الدعاة يضخم هذه المسائل ويعطيها أكبر من مساحتها، وأقول: أعطي اللحية مساحتها ولا تضخمها، وحاول أن تكون معتدلاً مع الكتاب والسنة، وهذا هو منهج الصالحين من عباد الله عز وجل، فإنهم يضعون الأمور مواضعها، وقد جعل الله لكل شيء قدراً.

    وقال -أيضاً-: هؤلاء الشباب يحرمون الغناء، وأقول: صدقوا فيما قالوه، والغناء محرم، وقد أفتت بهذا هيئة كبار العلماء، ولجنة الإفتاء، وأفتى به الأئمة الأربعة، وهو شبه إجماع بين أهل العلم إن لم يكن إجماعاً، وهناك رسائل مثل تنزيه الشريعة عن الأغاني الخليعة للشيخ/ أحمد النجمي، وكتيب لـابن القيم خرج من كتاب إعلام الموقعين، في تحريم الغناء، وهناك رسائل كثيرة، وأشرطة، منها: رسالة للمغنين والمغنيات.

    وقال -أيضاً: ويقعون في بعض الدعاة كـالغزالي وغيره.

    أقول: لا يجوز التجني في أعراض الدعاة أو من يحمل الدعوة مهما كان، والواجب أن يقوم الإنسان بحماية أعراض هؤلاء، وأمثالهم ممن ينصر الإسلام بشيء، ولكن لابد أن يبين خطؤه، والغزالي كانت له أخطاء -نسأل الله أن يغفر لنا وله- كتحليل الغناء، وكإنكاره أحاديث الآحاد، وهناك كتيب كتبته اسمه: الغزالي في مجلس الإنصاف كتبته وبينت ما يقارب ثمان عشرة مسألة مع الشيخ الغزالي بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وعرضته على بعض العلماء واستصوب ما فيه، وهناك كتاب للشيخ الفاضل/ سلمان العودة حوار هادئ، بين فيها بعض المسائل، وكتاب للشيخ/ صالح آل الشيخ المعيار لكتب الغزالي، بين فيه الحق، فالواجب على الأخ أن يطالع هذه الكتب وينظر فيها.

    ويقول أيضاً: ويتنطعون في الدين وعندهم تطرف.

    هذه كلمات عامة قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148] وأقول: ما هو التنطع؟ وما هو التطرف؟ فإن كثيراً من الناس -وهم عامة أصلاً- يتحدثون في هؤلاء المهتدين ويقولون: إنهم متطرفون، فنقول: ما هو التطرف؟

    وهل أنتم من أهل العلم ومن حملة الشريعة حتى تحكموا على هؤلاء؟

    وهل أنتم متوسطون حتى تحكموا على هؤلاء بالتطرف؟!

    ...إلى ردود أخرى، ولا أريد أن أكرر الكلام الذي سبق في الأشرطة. ثم ليعلم الأخ أني لست محامياً عن أحد بذاته، لكن الواجب علينا الحمية لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن ندافع عن الحق، وأن نحمي الحق لذاته؛ لأن الله عز وجل استأمننا على حمل رسالته، فنسأل الله عز وجل ألا نكون ممن يخون هذه الرسالة.

    حكم التهنئة بدخول العام الجديد

    - بعض الرسائل تصل بتهنئة دخول العام الجديد، معايدة بدخول العام.

    وليس من السنة المعايدة بدخول العام الجديد، وهذا شرعنا أمامنا، ونحن لا نستورد شرعنا من أجهزة ولا وسائل ولا أناس جهلة، عندنا كتاب وسنة، قال تعالى: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148] وقال عليه الصلاة والسلام: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} وقال: {تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.

    وقد كره الإمام أحمد في بعض المناسبات أن يقال له: تقبل الله منا ومنكم. ولكن الإمام أحمد يقول في كتبه: ما هي مناسبة أن تقول لي هذا؟ فيا أيها الإخوة! لا بد أن تكون المعايدة في الأعياد الشرعية.

    قال عمر على المنبر: [[عيدنا أهل الإسلام عيدان]] وقد قال عليه الصلاة والسلام: {عيد الفطر وعيد الأضحى} فلا نأتي بعيد ثالث وبأيام وأعياد ما أنزل الله بها من سلطان، فإن هذه مخالفة لدين الله عز وجل.

    وأنبه على مسألة أخرى: بعض الناس في آخر العام المنصرم صام آخر يوم، وإن داوم عليه وظن أنه وارد فقد ابتدع في دين الله، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم صيام آخر يوم في السنة، فليس للإنسان أن يصوم أياماً لم يحببها الرسول صلى الله عليه وسلم أو لم يرد فيها صيامها أصل، أو يصومها بنية أنها سنة فيبتدع في دين الله، إلا رجلاً كان يصوم صوماً اعتاده، كيوم إثنين أو خميس، فصادف هذا اليوم فلا بأس، أما بهذا الاعتقاد بحد ذاته فلا يجوز.

    الفرح بتوبة العاصي

    هذه رسالة من أحد الشباب يقول: أنا مقصر ومذنب، وكنت منحرفاً، وجئت مسجدكم في أحد الأيام لأحضر المحاضرة، فقال لي أحد الملتزمين: لماذا تدخل المسجد أنت تنجس المسجد؟ فانصرفت.

    أستغفر الله! وإن كان هذا الأخ قال هذا فقد أذنب وأخطأ وقد أسرف على نفسه، فعليه أن يتوب إلى الله، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام: {أن عابداً من بني إسرائيل رأى رجلاً مسرفاً على نفسه فاسقاً فقال له: تب إلى الله. قال: دعني وربي. قال: تب إلى الله. قال: دعني وربي. قال: والله لا يغفر الله لك.

    قال الله: من الذي يتألى عليَّ؟! أشهدكم أني غفرت له وأحبطت عمل ذاك}.

    من الذي يحاسب الناس ويغفر الذنوب إلا الله؟ ومن الذي يملك النواصي ويطلع على صحائف الناس ويطلع على مكنونات القلوب إلا الله؟

    وقد قرأت في سيرة عيسى عليه السلام أنه ذهب إلى بيت المقدس، ومعه رجل مقصر من بني إسرائيل، فلما اقترب الرجل المقصر من الباب، قال الرجل المقصر: أنا مثلي لا يدخل المسجد إني أنجسه. فأوحى الله إلى عيسى: كلمة هذا المقصر -أو العاصي- خير من عبادة فلان العابد سبعين سنة؛ لأن روحه انكسرت وذل لله عز وجل.

    فأوصي هذا الأخ أن يتقي الله، وألاَّ يكرر هذه الكلمات، أما الأخ الذي وفد فنقول له: حياك الله على الرحب والسعة، ولست بأول مذنب يتوب، ولست بأول داخل من باب العبودية: { فإن الله عز وجل أشد فرحاً بالتائب من العبد الذي ضلت راحلته في الصحراء، عليها طعامه وشرابه فوجدها، فقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح} فهنيئاً لك التوبة والإقبال، وما معك إلا محب، وغالب الناس بل جل الأخيار يفرحون بتوبة المقصر، وما سمعت أحداً عرَّض بهم، لكن هذه سقطة من واحد أو عثرة لقلة عمله وفقهه، نسأل الله أن يتوب علينا وعليه.

    المصارعة في الإسلام

    الأخ عبد الباسط عز الدين كتب في الصحف المحلية معلقاً على مقابلة لي مع مجلة اليمامة العدد(1173) بعد أن أثنى، يقول: لماذا تذكر الرياضة وتتمنى أن تكون رياضياً أو تتمنى الملاكمة؟

    أقول:

    أولاً: هذا الأمر كان على طريقة المزاح، ولو أنها لم تصل كثيراً ما ذكرتها.

    ثانياً: أن مسألة الرياضة في حد ذاتها كالمصارعة والمسابقة والرمي من سنته صلى الله عليه وسلم، وقد صارع عليه الصلاة والسلام؛ فإن أهل السير يروون عنه: أن ركانة كان أقوى العرب، وكان صلى الله عليه وسلم يعطي الرجل من جنس قوته، أو من جنس ما يملك، أو من جنس موهبته.

    فلما جاء ركانة قال له: أسلم يا ركانة أنا رسول الله أعلن الإسلام قل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: لا أسلم لك حتى أتصارع أنا وأنت- وهذا بطل المصارعة في العرب- فإن صرعتني آمنت بك، فقام صلى الله عليه وسلم وقال: استعنت بالله عليك ومن كان الله معه، لا يصرعه أحد، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:173] وقال أيضاً: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21] فقام صلى الله عليه وسلم فحمله كالريشة ثم بطحه أرضاً، ثم قام مرة ثانية فأنزله أرضاً، فقام مرة ثالثة فأنزله أرضاً، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله}.

    وصح أن أبي بن خلف -هذا المجرم الوثني- قال: أنا أقتل محمداً وكان يعلف فرسه بالبر، ويسل سيفه، ويسقيه السم الأزرق، ويقول: أقتل به محمداً.

    فوصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله.

    وجاءت معركة أحد - كما صح عند أهل العلم- وانحدار أبي بن خلف على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس العصر، وقد أثخن بالجراح، وقتل من أصحابه وأقاربه سبعون قتيلاً، وانكسرت إحدى ثنيته، ودخل المغفر في حاجبه وهو في حالة لا يعلمها إلا الله، وبعد صلاة العصر يقول: صفوا ورائي أثني على ربي، أي: أشكره على هذه النعم.

    ولما جلس صلى الله عليه وسلم وإذا بالرجل أقبل منحدراً من الجبل، معه سيفه وسلاحه، وقد طوق نفسه بدرعين، ما ترك منه إلا مثل الدرهم؛ حتى لا يصيبه شيء من سيف ولا رمح، فقال الأنصار: نحن نقتله يا رسول الله! فقال: دعوه، ناولوني حربة، فناولوه حربة- يقول الشاعر في رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    أنت الشجاع إذا لقيت كتيبة      أدبت في هول الردى أبطالها

    وإذا وعدت وفيت فيما قلته     لا من يكذب فعلها أقوالها

    فأخذ الحربة وقال: باسم الله، يقول الواحد الأحد الفرد الصمد: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال:17] أنت ما رميت، والرامي الحقيقي هو الله.

    قال ابن تيمية: هو لم ينكر له الكسب، لكنه أنكر له القدرة، فالقدرة قدرة الخالق، والكسب منه، رمى فوقعت الرمية في ذاك الدرهم، فنزل منه قطرة دم، فقالوا له: لا بأس عليك. فقال: أقسم باللات والعزى لو أن ما بي بأهل الحجاز وأهل عكاظ لماتوا جميعاً، فمات!

    يقول خالد بن سفيان الهذلي: أنا سوف أقتل محمداً وجند جنوده ألف مقاتل في عرفة، فوصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة فقام الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: من يقتل p=1000332>خالد بن سفيان الهذلي

    وله الجنة. وهذا عهد من الأمين صلى الله عليه وسلم.

    قال عبد الله بن أنيس وهو في الرابعة والعشرين من عمره: أنا أقتله يا رسول الله، لكن ائذن لي أن أقول في غيابك كلاماً. قال: قل. قال: أنا لا أعرف خالد بن سفيان أين هو؟

    قال: هو في عرفة. قال: فكيف أعرفه؟

    قال: إذا وجدته تتذكر الشيطان وتجد في جسمك قشعريرة.

    فذهب ووصل إليه وخالطه فوجد القشعريرة في جسمه، ثم أخذ يلاطفه في الكلام حتى تمكن منه، فلما تمكن منه ذبحه، فقطع رأسه وأتى يحمل رأسه -لأن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر- ولما اقترب من الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى الرأس قال: أفلح الوجه قال: ووجهك يا رسول الله.

    قال: أقتلته؟

    قال: نعم يا رسول الله، وهذا الرأس.

    قال: خذ هذه العصا وتوكأ بها في الجنة معي، والمتوكئون في الجنة بالعصا قليل. فأخذ العصا ودفنت معه، وعودوا إلى ترجمته.

    ما يجب على الدعاة تجاه قضايا الأمة

    رسالة أتت من الدكتور/ طه جابر العلواني، مدير معهد الفكر الإسلامي بـواشنطن، وهذه الرسالة وصلت قبل فترة، وفيها شكر جزيل، وهو داعية مفكر، وجهده مشكور فيما يقوم به وما يؤديه، وكل على حسب نيته واجتهاده، ويقول: استمعت إلى شريطك (رسالة إلى الكويت) وأثنى على جوانب، ولكنه ذكر مسائل لم يتعرض له الدعاة: كمسألة الظلم الذي يقع في العالم الإسلامي؛ فالواجب على العلماء والدعاة أن يتعرضوا له في أشرطتهم، وفي ندواتهم ومحاضراتهم، حتى يكون عند الأمة رؤية إسلامية.

    ومنها: ما هي أسباب تقهقر الأمة وتأخرها؟ ثم يذكر ويقول: كانت الأمة عزيزة ومعطاءة، ثم تخلفت وأصبحت في آخر الركب.

    ثم يذكر قضايا: ويقول لابد أن نتخطى بقضايا الأمة من الإقليمية إلى العالمية.

    وصدق فيما قال، وهو أنه ينبغي أن يكون الإنسان عالماً ربانياً يتكلم في مسائل الأمة جميعاً.

    وهذه الملاحظات طيبة وجديرة بالاهتمام، وأوصي نفسي وإخواني من الدعاة والخطباء وطلبة العلم أن يهتموا بقضايا العالم جميعاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} ثم أقول: من المسائل التي تطرح قضايا الأمة الكبرى، مثل قضايا الربا التي انتشرت في العالم الإسلامي، وقضايا الولاء والبراء، وأن بعض الأمة أصبح يوالي أعداء الله على أوليائه، ويتخذ منهم بطانة، إلى غيرها من القضايا.

    قصيدة للدكتور سعد بن عطية الغامدي

    الدكتور سعد بن عطية الغامدي من الرياض، الشاعر المعروف، أرسل قصيدة موحية حافلة، ومن الوفاء أن أذكره ليحصل على دعوة في هذه الليلة المباركة، وقد عرفته، وقد سافرت معه إلى بعض البلدان؛ فوجدته شهماً وداعية وصاحب غيرة، أسأل الله أن يحفظه ويثبته، وقصائده لها طعم خاص، وآخر قصائده في اليمامة عن سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك، وهذا هو المسلم الذي يهتم بقضايا الإسلام، بفكره وماله ودمه وقلمه ليكون ولياً لله ومن أنصار الله.

    أرسل رسالة فيها قصيدة أبياتها أخاذة موحية من أروع القصائد، بل هي تعادل أروع قصائد المتنبي، يقول دامت لسانه:

    دهتك هموم فانتظر فرجاً غداً      كريم السجايا طاهر الثوب سيدا

    وخانك من لم يحفظ الله ساعة     ولم يعرف المعروف يوماً ولا الندى

    وغـر أخ السـوء القديم احتياله      وأن له مجداً قديـماً وسـؤددا

    فأهوى إلى الحصباء يلتقط الحصى      عليك ويهوي للنذالة مزبدا

    وهذه في جريدة المسلمون، وهي طويلة، ولكنها من أمتع ما قيل، وهي على وزن قصيدة المتنبي التي يقول فيها:

    لكل امرئ من دهره ما تعودا     وعادة سيف الدولة الطعن في العدا

    هو البحر غص فيه إذا كان ساكناً     على الدر واحذره إذا كان مزبدا

    إذا أنت أكرمت الكريم ملكته      وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

    لكن شتان ما بين الدكتور/ سعد بن عطية والمتنبي، فـسعد بن عطية الغامدي فاضل صاحب مبدأ، مؤمن، يعيش لقضية لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتنبي يعيش لقضية إمرة، يريد أن يكون مسئولاً في مقاطعة من المقاطعات، ويموت تحت كرسيه، وهذا ما حدث:

    ألا بلغ الله الحمى من يريده      وبلغ أكناف الحمى من يريدها

    صرخة من فتى

    الأخ عبد الرحمن زيد آل ثويم من الرياض، كتب رسالة بعنوان: (صرخة فتى) على غرار: (صرخة فتاة) التي في الشريط.

    يقول: لا يخفى عليكم أن الفتى هذه الأيام يواجه انقلاباً عارماً في مضمار حياته، ألا وهو بلوغ سن المراهقة أو سن الرشد، ولكنه يواجه برصيد أو بكم هائل أو بركام من الزيف الذي يشاهده ويطالعه ويقرؤه، فيصبح في ولائه وتربيته وأخلاقه وسلوكه ومعتقده منحرفاً، فلا يدري أمام هذه المسارات أي مسار يتبع.

    فالواجب أن ينبه على مسار الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى صراطه المستقيم، ليكون الشاب من أول وهلة يقيم حدود الله، ويجتنب حرماته، وليكون ولاؤه وبراؤه لله عز وجل، ولتكون نفسه وحياته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، فإن الإنسان بينما يسمع لحظات الحق وإذا هو يسمع ساعات طويلة كلها هراء وباطل، فيصبح في حيرة، بل يبرمج هذا الإنسان مما يرى ويسمع ويشاهد على مسارات قد لا ترضي الله عز وجل.

    ثم تكلم في الرسالة بكلام طويل يحتاج إلى وقفات، وقد ختمها بقصيدة ماتعة أمتع الله حياته، ولو أني أشح بالوقت لبعض الفقرات لقرأت بعض القصيدة، لكني أدعو الله أن يثبته، ولعلها سوف تكون وقفة مع رسالته (صرخة فتى).

    نصائح لمن أراد الزواج

    هنا رسالة مختصرة من مشفق أتت هذه الليلة، يقول: أناشد كل شاب يريد الزواج، أصر على أن يكون زواجه غير إسلامي، يحضره المغنون والراقصون، والسقط من الناس، أنصحه:

    أولاً: أن يتقي الله في زواجه، وأن يعلم أن الله تعالى يقول: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109].

    ثانياً: من مبدأ الغيرة: هل يرضى أي إنسان عاقل أن تسمع زوجته وأخته وأمه وخالته وعمته وزوجات إخوانه، وزوجات جيرانه، ويكون هو السبب في سماعهن هذا الغناء والمجون والغزل، في صورة قد تكون على هيئة إجبار وإرغام.

    ثالثاً: من مبدأ الرحمة والشفقة بهذه الأمة، فكم من أموال أُنفقت وأسرفت وذُهِبَ بها في الحفلات الراقصة اللاهية، التي يحضرها الشياطين، ولا يحضرها أولياء الله.

    رابعاً: من مبدأ الجوار؛ فلا يؤذي جيرانه في الحفلات الراقصة واللاهية، وبعضهم يركب مكبرات الصوت من بعد العشاء حتى الساعة الثانية من بعد منتصف الليل، فكم أزعج من المسلمين، وهل هذا زواج إسلامي؟! وماذا ينتظر أن ينتج من هذا الزواج؟ وما هي الذرية المرتقبة؟

    خامساً: من مبدأ الرجولة: فكيف يليق بالرجل أن يضيع عشرة آلاف ريال لهؤلاء المطبلين والشعراء الدجالين، بينما يموت إخوانه المسلمون في أفغانستان وفلسطين والبوسنة والهرسك وغيرها جوعاً وعرياً وقتلاً.

    1.   

    رسائل من علماء الأمة

    هذه ثلاث رسائل من علماء الأمة: رسالة من سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ورسالة من من فضيلة الشيخ/ ابن عثيمين، وأخرى من فضيلة الشيخ/ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.

    رسالة ابن باز في حكم شرب الدخان

    أما رسالة سماحته فهي مشتهرة، ولكن ذكرها في مثل هذه المناسبات وتكرارها مما ينفع ويجدي إن شاء الله.

    السؤال: ما حكم شرب الدخان؟ وما حكم بيعه والاتجار به؟

    الجواب: وقد أجاب على هذا السؤال فقال: الدخان محرم لكونه خبيثاً ومشتملاً على أضرار كثيرة، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها، وحرم عليهم الخبائث، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [المائدة:4] ويقول سبحانه في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].

    والدخان بأنواعه ليس من الطيبات، بل هو من الخبائث، والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا الاتجار فيه، كالخمر.

    والواجب على من كان يشربه أو يتجر فيه البدار بالتوبة والإنابة إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، والندم على ما مضى، وأن يعزم على ألا يعود إلى ذلك، ومن تاب بصدق تاب الله عليه، كما قال الله عز وجل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].

    رسالة من ابن عثيمين في حكم سفر الناشئين إلى الخارج للرياضة

    وهنا رسالة وفتوى من فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين.

    السؤال: أعلنت شركة (بيبسي كولا) عن عزمها على إقامة دورة في كرة القدم أكاديمية لتكون للناشئين من سن الثانية عشرة إلى السادسة عشرة -والناشئون- هؤلاء هم أحفاد مصعب بن عمير ومعاذ بن جبل وخالد بن الوليد، هؤلاء هم الجيل الذي ينصر به الدين، وهو المرشح لقيادة البشرية في القارات وهم من طلاب الابتدائي والمتوسط، وسوف يكونون تحت إشراف فريق من البريطانيين، وهي تطلب من الجميع المشاركة لتنتخب منهم بعد اختبارهم مجموعة للسفر إلى بريطانيا، فما رأيكم.. هل يشجع الإنسان أبناءه على الالتحاق بهم ليسافر إلى بريطانيا؟

    الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين.

    لقد سمعت الخبر وقرأته، وفيه أنهم سوف ينتخبون من النشء الصغار ثلاث فرق: فرقة إلى حد السنة الثانية عشرة، وفرقة إلى حد السنة الرابعة عشرة، وفرقة إلى حد السنة السادسة عشرة، ليختاروا منهم من يرون أنه صالح للمشاركة، في هذه الأكاديمية التي سيجري عليها التمرين في بريطانيا، وأنا لا أظن أن أحداً من الناس سيسمح لولده فلذة كبده وثمرة فؤاده أن يسافر في هذا السن إلى بريطانيا أو غيرها من بلاد الكفر، لما في ذلك من الخطورة العظيمة على دين الولد وأخلاقه وعبادته.

    ويحرم على الإنسان أن يمكن لهذه الشركة من السفر بهذا النشء إلى بريطانيا أو غيرها من دول الكفر، لأنه مؤتمن على أهله وأولاده، وراع عليهم، وسوف يسأل عنهم يوم القيامة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] ولقوله صلى الله عليه وسلم: {الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} أسأل الله أن يحمي بلادنا وشبابنا من كيد أعدائنا، وأن يحفظ حكومتنا بالإسلام ويحفظ الإسلام بها، وأن يجعلها خير راع لأبناء شعبها وفلذات أكبادها؛ أن تجترفهم مثل هذه الأفكار السيئة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

    بتوقيع فضيلة الشيخ، وقال: هذا الجواب عن سفر الناشئين لكرة القدم، من إملائي. قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين 21/11/1412هـ

    رسالة من ابن جبرين عن حكم البث المباشر

    وهذه فتوى من الشيخ ابن جبرين عن البث المباشر:

    السؤال: فضيلة الشيخ: بدأ يظهر في الآونة الأخيرة جهاز استقبال تلفزيوني، يستطيع الإنسان من خلاله استقبال بث محطات التلفزيون العالمية، ولا يخفى عليكم ما تبثه تلك المحطات من سموم وحرب لدين الله، حيث إن القائمين عليها من أعداء الإسلام، ويُعرف هذا الجهاز باسم الدش، فما رأي فضيلتكم في بيع هذا الجهاز أو شرائه أو الدعاية له؟ مع توجيه النصيحة للمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

    فهذا الجهاز إذا حصل به استقبال ما تبثه الدول الكافرة كاليهود والنصارى أو الرافضة، وحصل بسبب بثه فتنة وشك وميل للحرام، وفعل للجرائم من الزنا والسرقة والاختلاس، ومن إفساد المال في سبيل الحصول على الحرام من المسكرات والمخدرات، ومن الشكوك في العقائد الإسلامية، ونشر الشبهات التي توقع المسلم في حيرة من دينه ومن تعظيم دين الكفار، وتمجيد أفعالهم وإنتاجهم ونحو ذلك من المفاسد، فهو حرام بيعه وشراؤه والدعاية له، وإيراده ونشره؛ لدخول ذلك في التعاون على الإثم والعدوان، ولكونه يتعاطاه فعلاً ويجره إلى الفساد.

    فننصح كل مسلم أن يبتعد عن هذا الشر وعن أسبابه وأن ينجو بنفسه.

    قاله عبد الله بن جبرين عضو الإفتاء، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

    قصيدة للدكتور عبد الرحمن العشماوي

    هنا رسالة وهي قصيدة من الدكتور/ عبد الرحمن بن صالح العشماوي، بعنوان: خضراء الدمن b=4000211>جريدة الشرق الأوسط، يقول فيها:

    تجيء إليك فاقدة الصواب     مهتكة العباءة والحجاب

    مصبغة الملابس باخضرار     ملونة المبادئ باغتراب

    رأينا في الجزائر راحتيها      وقد حملت شعارات اضطراب

    وفي أرض الجهاد لها حديث      مريب في الحضور وفي الغياب

    تروح على تنكرها وتغدو     خداع في الذهاب وفي الإياب

    تشوه وجه صحوتنا جهاراً      وتطعنها بآلاف الحراب

    وتغلق باب إنصاف وعدل     وتفتح للتحامل كل باب

    تقول عن الأصوليين قولاً     تميَّز بالتحامل والسباب

    لها كف مخضبة ولكن     بأسوأ ما تراه من الخضاب

    جريدة شرق أوسطهم مقر     لأصناف الزواحف والذباب

    فكم وصفت بإرهاب دعاة      إلى نهج الشريعة والكتاب

    برئت إلى إله العرش منها      كما برئ المشيب من الشباب

    أقول لمن يدير الأمر فيها     أما لك بعد هذا من متاب

    أمالك رجعة للحق تبدي      بها للناس أحكام الصواب

    تذكر أيها المخدوع أنا      سنلقى بعضنا يوم الحساب

    أثابه الله ولا شلت يمينه ولا رأيه ولا فكره.

    أقول: إن هذه الصحوة المباركة تحمل في طياتها علماً شرعياً مباركاً طيباً، وقد قام كثير من الدعاة وطلبة العلم بتدريس كثير من المتون العلمية النافعة، فلله الحمد والمنة والفضل والثناء الحسن، من ضمن هؤلاء المشايخ: الشيخ وحيد عبد السلام بالي أثابه الله، قام بتدريس الفقه المقارن وكان يدرس -ولا يزال- في بلوغ المرام، وقد نفع الله بدرسه طلبة العلم، وحصلوا فوائد منها حفظ المتن، ومعرفة الشرح، ومدارسة المسائل العلمية، وإني أدعو إخواني من الأساتذة والمشايخ أن يهيئوا دروساً في هذه الكتب، مثل: بلوغ المرام، وفي كتب العقيدة وكتب التفسير، وأن يبذل كل منهم مما عنده ولا يكتم، فإن الكتمان حرام وغش للأمة، وخيانة للمبدأ، وقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:159-161].

    أسأل الله أن يتولانا وإياكم في الدارين، وأن يحفظنا وإياكم بحفظه، وأن يرعانا برعايته، وأن ينصر كل من نصر الإسلام، ويخذل من عادى هذا الدين، اللهم من سل على المسلمين وعلينا وعلى الدعاة والعلماء والأخيار والصالحين سيفاً فاقتله بسيفه، وأرنا فيه عجائب قدرتك، واجعله عظة للمتعظين، وعبرة للمعتبرين يا رب العالمين، اللهم من حارب أولياءك ودبر لهم المكايد، فأبطل بأسه ونكس رأسه وشرد بالنوم نعاسه يا رب العالمين، إنك ولي ذلك والقادر عليه.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767945161