إسلام ويب

الدجالون في الأرضللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تكلم الشيخ عن الشرك وبين أن التعلق بالتمائم والحروز وأمثالها خروج عن منهج الرسل، وأن من يروج هذه الخزعبلات دجال من الدجاجلة، وذلك لا يليق أن يكون في بلاد النبوة ومهبط الوحي.
    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون.

    الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير.

    وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، ونصح الأمة، ودعا إلى الله، وأقام الملة، وجاهد في سبيل الله، ورفع راية الحق، ونشر العدل، وصدح بالمعروف صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.

    عباد الله! أتم الله لنا الشريعة، وأتم لنا برسالة محمد عليه الصلاة والسلام الملة، فقال سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).

    الإسلام دين كامل

    ذهب عمر رضي الله عنه وأرضاه إلى قرية من قرى اليهود، فوجد فيها التوراة، فأخذ نسخة من التوراة المحرفة المبدلة، وأتى بها إلى رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، فلما رآها عليه الصلاة والسلام بيد عمر تمعر وجهه وغضب واشتد غضبه واحمر وجهه، وقال: {أمتهوكون فيها يـابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده لو كان موسى حياً، لما وسعه إلا اتباعي، يا عمر! أما أتيت بها بيضاء نقية} أما أتى عليه الصلاة والسلام بالقرآن والسنة التي لا يحتاج عبدٌ إلى عقيدة، أو عبادة، أو معاملة، أو أخلاق، أو سلوك إلا وجدها في الكتاب والسنة، أما علمنا لا إله إلا الله أكبر الأمور، وإماطة الأذى عن الطريق من أدنى الأمور، أما علمنا أن كيف نأكل وكيف نشرب وكيف ننام، فما لنا نصد عن منهج الله؟ ولهذا الكلام سبب سوف أذكره الآن.

    شعوبك في شرق البلاد وغربها     كأصحاب كهفٍ في عميق سبات

    بأيمانهم نوران ذكرٌ وسنةٌ     فما بالهم في حالك الظلمات

    المشعوذون والسحرة أعداء الرسل

    عندي الآن دفتر صغير منتشر بين كثير من الناس اسمه" حجاب الحصن الحصين " خزعبلات ظلمات بعضها فوق بعض إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40] فيه كلام باطل ألفه أحد الكهنة، أو المشعوذين، أو السحرة، عليهم لعائن الله صباحاً ومساءً، فهم أعداء الرسل.

    وهو منتشر في كثير من القرى والمدن والبوادي يقول هذا السفيه الأحمق المعتوه الذي ألفه: إنه ينفع من أمور كثيرة إذا وضعته المرأة في حرير ووضعته في رأسها وكانت شابة جاءها الخطاب من كل مكان، وإذا وضعه صاحب الدكان وعلَّقه لا يحترق دكانه، وأتى عليه الزبائن -زبائن الجن- من كل مكان، وإذا وضعه الإنسان في البيت لا يحترق.

    نبئوني عن علم إن كنتم صادقين، أفي بلاد الوحي؟! أفي بلاد الرسالات؟

    أهنا تأتي الخزعبلات؟! أتحولت الأمة إلى بوذية، أو هندوسية؟! أتحولت الأمة إلى غلاة صوفية لا يعرفون شيئا؟ ماذا سوف يقول النصارى إذا قرأوا هذه الكتب؟ أرسالة محمد عليه الصلاة والسلام هذه الدفاتر، أم أتى بها بيضاء نقية؟!!

    أتى بها كما قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ * بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66] أتى ليقول وليتلو قولـه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً [الفرقان:3] فلماذا هذه الضلالات؟ ولماذا هذه البدع؟ ولماذا هذا التشويه لوجه الإسلام؟ الإسلام جميل، الإسلام حق وصدق، وسوف أعرض لكم بعد قليل دور الإسلام في اكتساح الشيوعية في العالم، لكن يوم يأتي الغريب ويجد أن في مقدسات البلاد الإسلامية، وفي الأرض التي بعث منها محمد عليه الصلاة والسلام، وفي أرض أبي بكر وعمر وعثمان وعلي في منطقة من هذه الأرض، في أبها، أو حولها وبجانبها من ينشر هذه السخافات على الأطفال والعجائز والجهلة ليردهم عن منهج الله.

    صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من أتى عرافاً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً} وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من أتى كاهناً، أو عرافاً فصدقه، فقد كفر بما أنزل على محمد} خيوط وختم ودبل وأسلاك وتمائم وقطع من القماش وأناس من المشعوذين السحرة الكهنة أعداء الرسل، عليهم لعنة الله، يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن منهج الله.

    رأى عليه الصلاة والسلام رجلاً في يده حلقة -حلقة من صفر من نحاس- قال: {ما هذه؟ انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنا، وإنك لو مت وهي عليك، لما أفلحت أبداً} وفي الصحيح: {أنه جاء صلى الله عليه وسلم إلى رجل في يده خيط علقه من المرض فقطعه ونهاه وزجره} وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من تعلق تميمة فلا أتم الله له} التميمة: إما ورقة يكتب فيها غير القرآن وحتى القرآن على الصحيح لا تعلق آيات القرآن على صدر الطفل، ولا الطفلة، ولا المريض، فكيف إذا كان المعلق طلاسم كما يفعل هذا المعتوه المجنون السفيه؟! كلمات أعجمية ليلبس على الناس، ومثله وأمثاله يأكلون أموال الناس بالباطل.

    وقبل أيام ذهب رجل إلى كاهن في اليمن ليستشفي لمرض ابنته ودفع أموالاً طائلة، قلنا له: قد خسرت دينك ودنياك وآخرتك إن لم تتب إلى الله، لقد كفر برسالة الرسول عليه الصلاة والسلام تماماً بذهابه إلى هؤلاء الكهان.

    صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من تعلق تميمةً فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعةً فلا ودع الله له} لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولا أنجح الله مطلوبه، ولا شفى مريضه، ولا نجح راسبه، ولا رزقه، ولا سد دينه، لأنه عادى الله.

    والودعة: صدف يخرج من البحر تعلق في بعض البيوت. فلا ودع الله له أي: لا ودعه ولا حفظه ولا رعاه ولا تولاه لا في الدنيا ولا في الآخرة.

    يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! يا أبناء من نشر التوحيد في العالم! أمثل هذه السخافات والخرافات والخزعبلات تنتشر بين أيديكم؟! من ينشر الإسلام في العالم؟ من يخبر الناس بصفاء هذا الدين وصدقه ووضوحه وأنه دين كالشمس؟ لكن يأتي المشعوذون الكهنة السحرة المتفلسفون أعداء الله، فيشوهونه، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38].

    الله قريب من عباده

    سبحان الله! ما أجل الله! إذا مرضت شفاك، وإذا طلبت أعطاك، وإذا دعوت أجابك، ليس بينك وبين الله حجاب أبداً فاتصل به مباشرة، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186] وإذا سألك المريض أين الطبيب؟ فهو قريب، وإذا سألك المديون أين الذي يسد الرمق والحاجة؟ فهو قريب، وإذا سألك المنهزم المنهار أين العضد والنصير؟ فهو قريب، وإذا سألك الفقير البائس أين المغني؟ فهو قريب، وإذا سألك الضعيف أين القوي؟ فهو قريب، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186].

    سبحانك ما أعظمك! لقد أساءت الأمة، يوم لطخت وجه التوحيد وأساءت إلى هذا الوجه الجميل، يوم عرضت الإسلام للعالم مشوهاً حتى يقول عبدة الكأس والمرأة الداعرة وعبدة الأصنام وأهل الكنائس التي تحولت إلى دور دعارة: الإسلام خزعبلات، والإسلام إرهاب، وهمجية، وبربرية والإسلام براء من ذلك، والإسلام جميل، لكن شوهه بعض أبنائه الذين ما فهموه وما عرفوه حق المعرفة.

    أيها المسلمون! حذار حذار من هذه الأمور، فإنها نقضٌ لعقيدة أهل السنة، وضرب للتوحيد وتشويه للإسلام، ومعناها: أن نفقد ديننا وأخلاقنا وسيرتنا.

    أيها المسلمون! أنكروا هذا المنكر وانهوا عنه، ومن وجد منكم مثل هذه الأمور، فليرفعها إلى السلطان وإلى القضاة وإلى ولاة الأمر، وليأخذ على يد هؤلاء السفهاء وليعزرهم وليفضحهم أمام الناس، فإن هؤلاء أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام، هؤلاء كهنة، وهم حرب على الإسلام، يوم أتى هؤلاء أتى الجفاف في الأرض والنهب والسلب والقطيعة وقسوة القلوب وفساد الأبناء نسأل الله أن يطهر البلاد منهم.

    لقد كان عمر رضي الله عنه وأرضاه إذا سمع بساحر، استدعاه ثم قطع رأسه، ففصل الرأس عن الجسد، ليبقي منار التوحيد ونور الإسلام.

    اللهم احفظ علينا إسلامنا وتوحيدنا وإيماننا، اللهم إنا نعوذ بك أن نلقاك مشركين، أو مرتدين، أو ناكصين، أو خونة مارقين، نسألك الثبات حتى نلقاك.

    أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088925221

    عدد مرات الحفظ

    779919694