إسلام ويب

لبيكِ أختاه!للشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الدين الإسلامي هو دين العدل، دين شامل ينظم الحقوق والواجبات، وعندما جاء الإسلام كانت المرأة كالسلعة تباع وتشترى وتدفن وهي حية، وكانت محرومة من جميع الحقوق، فجاء الإسلام فرفع من شأنها وجعلها نصف المجتمع ولبنة الأسرة.

    وقد تحدث الشيخ عن معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة، وعن مكانة المرأة في الإسلام مبيناً المؤامرات التي تستهدف المرأة في دينها وكرامتها.

    1.   

    مكانة المرأة في الإسلام

    الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين، سلام الله عليكن ورحمته وبركاته.

    نعم عنوان المحاضرة لبيك أختاه:

    يا فتاة الدين يا بنت الحجاب     أنت في أوطان أسما والرباب

    أنت يا من يحفظ الله لها     عرضها بين الأفاعي والذئاب

    استري وجهك عن حر اللظى     وارتدي في زمن الفسق الثياب

    وارفضي كل داعٍ خائن     ليس يخشى الله في يوم الحساب

    وانعمي في ظل دين خالد     رددي يا أختنا أم الكتاب

    فرصةٌ سانحة ومباركة، أن نُسمع أختنا كلمة الحق والنور.

    وعناصر هذه المحاضرة: منها الإيمان والنور الذي أتانا به معلم الخير عليه الصلاة والسلام، ثم مكانة المرأة في الإسلام، ثم الرسول عليه الصلاة والسلام والمرأة، ثم ما معنى أن تتحرر المرأة؟

    وهناك لفتات: هل يراد من المرأة أن تكون مغنية مطربة؟ أو عارضة أزياء؟ أو شرطي مرور؟ أو جندياً في الجيش؟

    غزو المرأة وما هي طرقه؟ المجلة الخليعة، الغناء الماجن، كتب الجنس، الفيديو المهدم، الشاشة الخليعة.

    موانعٌ أمام هذا الزحف: تقوى الله تبارك وتعالى، الحجاب الشرعي، الدعوة إلى الله عز وجل، الزواج.

    أتى عليه الصلاة والسلام بالنور، وهذا النور لا يكون إلا في شرعه، في الوحي المقدس الذي نزل به جبريل على الرسول عليه الصلاة والسلام: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40].

    وشارك في استقبال هذا النور المرأة والرجل جنباً إلى جنب: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً [النساء:1].

    إذاً.. فالرجال والنساء يستقبلون نوراً من الله عز وجل، ويتطهرون ويحملون الإيمان ويتعبدون لله عز وجل على طريقة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] إذاً فالرسالة للرجال والنساء، والتكريم للجميع، وحمل هذه المبادئ للذكر والأنثى، قال سبحانه: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى [آل عمران:195].

    فتشارك الأنثى مع الرجل في استجابة دعوة الله عز وجل، وفي الرحمة من الله قال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الأحزاب:35] إن الدين معلمٌ خالد يشارك فيه الصنفان: الذكر والأنثى، ويوم تطمس معالم النور، ولا تهتدي المرأة إلى طريقها الحق، حينها تضل وتصبح لا قيمة لها في الحياة.

    يقول زولا رجل الجنس الفرنسي، الأديب المجرم وهو يتهتك بالمرأة، يقول: إنها لا أثر لها في عالم الحياة، ويشكك الناس هل المرأة إنسان أو حيوان. تعالى الله عما يقول ذاك المجرم، بل هي المطهرة، أم العلماء والقادة والفاتحين والزعماء.

    أليست هي أم عمرو وطارق؟

    أليست هي أم صلاح الدين وأحمد وأبي حنيفة ومالك والشافعي؟

    أليست هي أم ابن تيمية، و ابن القيم؟

    أليست هي المربية التي يربي بها سُبحَانَهُ وَتَعَالى الجيل، ويحفظ بها الفتوة، ويرعى بها البيت، لكنها لا تكون أماً إلا يوم تحمل لا إله إلا الله وتسجد لله، وتخشى من الله، ويوم تتجه إلى الله متحجبةً طيبةً ورعة!!

    النبي صلى الله عليه وسلم يرعى المرأة ويوصي بها خيراً

    أما الإسلام فقد رعى المرأة أيما رعاية، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعلن حقوقها في عرفات، ونادى الناس عليه الصلاة والسلام وهو يقول: {الله الله في النساء فإنهن عوان عندكم} وكان يقول صلى الله عليه وسلم: {خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي}. فعاش صلى الله عليه وسلم، مع المرأة زوجاً وأخاً، وابناً وأباً، وأكرمه الله عز وجل بأربع بنات، وعشنَ معه كثيراً، بينما أبناؤه من الذكور كانوا يموتون في الصبا، وكانت بناته عليه الصلاة والسلام يسكنَّ قلبه، كان إذا سافر زار فاطمة وإذا عاد بدأ بها، وتقول عائشة كما في صحيح البخاري: {كان عليه الصلاة والسلام، إذا زار فاطمة قامت له وقبلته وأجلسته مكانها، وإذا زارته قام لها، وقبلها وأجلسها مكانه}.

    أي عطفٍ وأي حنانٍ، وأي شفقةٍ وأي رحمة، إن هذا المعلم معلم الأبوة والرأفة لا يوجد عند غير المسلمين، ولقد رأينا والله الحالة التي تعيشها المجتمعات الكافرة ومن أراد أن يطلع فليقرأ الولايات المتحدة الأمريكية للكاتب مصطفى الليبي المشهور وهو يتكلم عن ذاك المجتمع المتفكك، ليس فيه أبوة ولا حنان ولا أمومة، لا تجد أسرة مجتمعة في بيت ولا في سيارة؛ لأن بناءهم كان على خواء، قال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109].

    وجاء الإسلام للمرأة ليجعلها متحجبة كالشمس في الغمامة، وكماء المزن، وكالدرة في الصدف، وأبى المجرمون إلا أن يخرجوها سافرةً متهتكة، تبيع الأزياء، وتعرض نفسها، وتكون للدعاية. أما رأيتن الصحف وهي تدعو بواسطة المرأة للعطور وللأزياء، وللمشتريات، هذه قيمة المرأة عند من لا يؤمنون بالله، أن تكون سلعةً وغرضاً ودعاية. أقيمتها أن تكون جندية؛ تقاتل الجيوش وتبارز الأبطال؟! أقيمتها أن تكون شرطي مرور تقف في الشوارع، وتصنف سيارات الناس مع المارة؟! لا. قيمتها أعز وأشرف في الإسلام، وقيمتها كما قال الله: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33].

    ولكنها تقر في البيت والمدرسة، والجامعة، متحجبة مؤمنة، طاهرة، والعرب قبل الإسلام كانوا لا يعترفون بالمرأة السافرة المتهتكة.

    ويروى أن أعرابياً نظر إلى امرأته فوجدها تنظر إلى الأجانب فغضب وفارقها، وقال:

    إذا وقع الذباب على طعامٍ     رفعت يدي ونفسي تشتهيه

    وتجتنب الأسود ورود ماءٍ      إذا كن الكلاب ولغن فيه

    العلمانية تغزو نساء الجزيرة

    كان هذا حال المرأة يوم كانت مسلمة مؤمنة، كانت أشبه شيءٍ بماء زمزم، أو بماء الغمام، كانت قريبة من الله عز وجل، حتى أتى المجرمون مع الثورة الفرنسية عام 1778م، وكان هناك في فرنسا حجاب ولو أنه مجتمعٌ كافر، لكنهم كانوا يريدون أن ينقذوا بلادهم، فلما أتت العلمنة فسخت الحجاب، ودخلت العلمنة تركيا على يد المجرم الصنم مصطفى كمال أتاتورك، فنزع الحجاب وداسه بقدمه، وبدأ يدوس المصحف معه، وألغى المسجد من حياة الناس، وخرجت المرأة المسلمة العفيفة التركية إلى المجتمعات فأنبتت جيلاً فاسداً واصطدم العهر، وكثر الفساد، وانتشرت الفاحشة، وضلَّ الناس: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19].

    وكنتُ أظن أن الأمر نسبيٌ، وأن هناك بقية، وأنه لا تصل الجرأة بالمجرمين إلى هذا الحد، حتى طالعتُ مقالات وصحفاً وقصاصات جمعت، وخرج في ذلك شريط (الفتاة السعودية والعلمانيون) وهو موثق بالتاريخ والعدد والرقم، ووجدت فيه العجب العجاب، يقصدون المرأة هنا في الجزيرة، المرأة المصلية الصائمة العابدة، التي تتجه إلى الله كل يومٍ خمس مرات، يقصدون بنت زينب وفاطمة وعائشة؛ لأنهم أدركوا المرأة هناك في الجزائر، وفي تركيا وباكستان، فأرادوا أن يلحقوا المرأة هنا بالمرأة هناك.

    وكان من ضمن ما طالعته في تلك المقالة، وهي مقالة سيدتهم، أو سيئتهم بالهمز، وهي تتكلم عن المرأة السعودية، تقول في مقالة الافتتاحية: المرأة الكويتية ما شاء الله عليها، ثم تتحدث لنا، وفي جانب هذه المقالة، ستٌ من الفتيات الكويتيات، وهن متبرجات، ناشرات الشعر، وامرأة سعودية بجانبهن، وهي متحجبة عفيفة ساكنة، فيصفونها بالرجعية والتخلف، ويصفون أولئك بالتحرر، ثم تأتي المقالات تتوالى، ولعله أن يأتي في الوقت فراغ حتى تسمعن هذا الشريط إن شاء الله.

    على كل حال: ما ظننا أنه يبلغ بهؤلاء المعتدين على شرع الله عز وجل ما بلغ، بل ينادون المرأة، ويخبروننا بمكان الأزياء والعرض في جدة، وأخبروا بالرقم والعنوان والمكان، ويقولون: إنه على مستوى المكان في باريس، ثم يتكلم أحد المحررين وهو يلقي مقابلة مع امرأة، فتخبره بأنها تريد أن تثور على القديم، وأنها عافت حياة القديم والأفكار القديمة، ومعناه أنها عافت الدين، عافت: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1] وعافت: (الم)[البقرة:1]. وعافت: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].

    معنى الثوران هو الثوران على القرآن! والتنكر لشرع الله عز جل، وأنتن تعلمن ماذا حدث، وما حدث ذلك إلا من كفر صراح، ومن زندقة صريحة نعوذ بالله منها، وعلمنة تفتك في جسم الأمة، إن لم نتدارك بناتنا، وعماتنا، وزوجاتنا، وأخواتنا.

    حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم في معالجة جريمة الزنا

    وفد على الرسول عليه الصلاة والسلام رجل فقال: {أتوب إلى الله يا رسول الله من كل ذنب، إلا من الزنا، فتأثر عليه الصلاة والسلام، وقال: أترضاه لأمك؟ قال: لا. قال: أترضاه لأختك؟ قال: لا. قال: أترضاه لعمتك؟ قال: لا، قال: أترضاه لخالتك؟ قال: لا، قال: أفتريد من الناس أن يرضوه لأمهاتهم، وبناتهم وعماتهم، وخالاتهم؟!! قال: فإني أتوب إلى الله يا رسول الله}.

    إن المسلمة تريد أن تحفظ أسرتها، وتحفظ بيتها وعرضها وشرفها، والله إن من المآسي الكبرى، والمصائب العظيمة التي تنتظر الأمة، هي مأساة المرأة يوم تتنكر لشرع الله، وتبتعد عن منهج الله، ويوم تضل المجتمع، إنهم لا يحاربوننا -أقصد الغرب- بالقوات ولا بالصواريخ، ولا بالطائرات، ولا بالمدمرات، إنما يحاربوننا بوسيلة كشف وتبرج المرأة واختلاطها وخروجها وتهتكها -فمعاذ الله- ونسأل الله أن يبقي فينا باقية، قد وجدنا هذه البقية في أمثالكن، من الأمهات الملتزمات المستقيمات العاقلات، اللواتي يردن أن يثبتن في موطن الخطر.

    1.   

    تحرر المرأة

    مجرمو تحرير المرأة في الأمة الإسلامية

    دخل تحرر المرأة على يد مصطفى كمال، وليس بتحرر، لكنه استحذاء المرأة، وبيع المرأة في سوق النخاسة، وضياع المرأة، وقد ألف قاسم أمين كتاب: تحرير المرأة، فكان هلاكاً لها، ودماراً لها إي والله...

    ودخل أحمد بن بيلا في الجزائر، ونادى الشعب الجزائري بعد أن سفك من دم الجزائريين أكثر من مليون قتيل، يريدون الإسلام، ويريدون تحكيم لا إله إلا الله، فلما استقل أحمد بن بيلا الحكم هناك؛ ضيع الإسلام! وطرد الإسلام ورفضه! وامتهن المصحف! وأتى بالحجاب أمام الشعب الجزائري ومزقه تمزيقاً!!

    وخرجت المرأة العفيفة الجزائرية باكية مسكينة تصارع هذا الطوفان من العهر والفساد، والسكر والنكر، فوقع المجتمع في ما وقع فيه.

    والشعب الباكستاني كن النساء فيه يلتزمن الحجاب، ويردن تحكيم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فلما تولى محمد علي جناح كرسي الحكم تنكر للإسلام، ورفض الإسلام، وأتى بالحجاب ومزقه أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:53].

    بعض المجلات التي تنادي بالفجور

    شرع محمد صلى الله عليه وسلم هو شرع الستر والجمال والعفاف إن من تقدير المرأة أن تتحجب، وأن تتوقر، وأن تكون عفيفة لتكون محبوبةً إلى القلوب، فوالله إن الفجرة لا يحبون الفاجرة، وإن الناس لا يميلون إلا إلى العفيفة المحجبة المجلببة التي تريد ستر الله عز وجل. وباختصار فهم يريدون من تحرير المرأة أن تصبح مغنية، وفي مجلة سيدتهم تقول: المرأة السعودية أصبحت مذيعة، وذكرت لنا قصة بإمكانكم مراجعة تلك القصة في المجلة ومعناه: أنه يجب علينا أن ننتج للناس مطربين ومطربات. ويا للعجب نحن لم ننتج طياراً، ولا مكتشفاً، ولا مخترعاً، ولم يسمع الناس أننا أنتجنا آلة تنفع الناس، وما اكتشفنا كهرباء ولا طائرة ولا صاروخاً، ولا ثلاجة ولا برادة، لكن اكتشفنا في مجتمعنا مذيعة تعرض خدها للجماهير، وتتكلم بصوتها الرقيق، وتغضب الله ورسوله والمؤمنين صباح مساء، وتعلن الحرب على الإسلام، وعلى المسجد والمصحف.

    وكم تتمعر الوجوه بالألوف المؤلفة من هذا الشعب المسلم إذا رأى هذه المرأة المسلمة خرجت من بيت مسلم متحجب وهي تعرض جمالها، وشعرها الفاتن، وسحر عينيها وشفتيها، وتتكلم برقة، والله عز وجل يأمرها أن تستتر، ويأمرها أن تتحجب، وأن تكون درةً مصونة، وشمساً في غمام، كم يتحدى شعور المسلمين، وكم هي والله اللوعة والأسى، وكم هي المصيبة: أن نرى من بناتنا من أمثال أولئك.

    ثم تذكر لنا المجلة عن أفنان، وهي اسم لفتاة سعودية أصبحت مضيفة في الطيران، والخبر هناك، ومن أراد أن يعود فليعد، أو يستمع شريط (الفتاة السعودية والعلمانيون) وهو بالعدد والتاريخ، وتعرض المجلة هذه الفتاة المسماة أفنان وكأنها حررت القدس، أو كأنها أتت بشيءٍ عجيب للأمة. والعلمانيون يريدون من المرأة صراحةً أن تكون كالمرأة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وأن تشارك في الجيش، وتكون جندية مرور، والأمريكان لم يزجوا المرأة في الجيش كما تعلمن إلا بعد الحرب العالمية الثانية، بعد ما قتل الرجال، وأبيد كثير من الرجال، زجوا بالمرأة لتشارك في الجيش، والله خلقها لوظيفة أخرى، والله أعلم بحال المرأة وبضعفها، وبرقتها وبحنوها وعطفها، ما كان لها أن تمتطي الدبابة، وأن تركب الزورق في البحر، وأن تطلق الصاروخ:

    كتب القتل والقتال علينا     وعلى الغانيات جر الذيول

    هكذا يقول عمر بن أبي ربيعة، وهو مبدأٌ يقره الإسلام، فلها وظيفة، وللرجل وظيفة، والله هو الذي خلقها فهو أعلم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وأكرم، ويريدون من المرأة أن تكون عارضة أزياء.

    كنا نمر في شوارع لوس أنجلوس وتكساس ودنفر ووانديانا، وإذا على الصابون صورة فتاة، وكذلك الببسي والميرندا، والمجلات، والسيارات، فيعرضون هذه المرأة لتباع السيارة، ولتباع العملة، وليباع هذا الغرض، فأصبحت المرأة من المهانة بهذه المكانة، ولا أنسى والله مهانة المرأة هناك، وهي تعرض للرجال، وتتبسم لتجري له السلعة، ولتباع لها.

    أهذا حظ المرأة من الحياة أن تعرض نفسها لكل فاجرٍ وفاسقٍ ومجرم؟ أهذا نصيبها من التقدم والتطور؟! وقد صدق الله حين قال: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7] وقال: بَلْ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ [النمل:66].

    تحذير علماء الغرب من دمار الجريمة

    إن وليام جيمس: عالم النفس الكبير أنذر أمته، وأخبر شعبه وأنه يهوي وأنها تسعى إلى الهاوية (100%).

    واندير كارنيد: يصف الناس هناك أنهم يسعون للقلق؛ لأنهم أعرضوا عن الدين.

    كريسي موريسون: يصف المجتمع أنه منهار تماماً، وهذا إنما يقوله علماؤهم، ينادون أنهم قد أصبحوا قريباً من الهاوية والدمار أفيريدون لنا هاوية؟! أيريدون أن نجرب تلك التجربة التي عاشوها؟! وذاك الدمار، الذي صنعوه؟! كنا في أكلاهوما؛ وهي مدينة في شمال أمريكا، فأُخبرنا أخباراً نستحي صراحة أن نعرضها هنا؛ لأن المكان هنا مقدس له شرعية، أمام أخواتٍ مسلمات متحجبات ساجدات، فلا يحق لي أن أتكلم بهذا الكلام، ولو أنه ذكر في شريط: أمريكا التي رأيت، لكن هناك ذكر لمناسبة، وهنا لا أذكره لأني أقدس المكان، وأحمل شرعيةً لهذا الجمع الطاهر الطيب.

    1.   

    طرق غزو المرأة

    المجلة الخليعة

    غُزيتْ المرأة، وحوربت بالمجلات الخليعة، أنا أسكن في أبها مدينة في الجنوب صغيرة، مررتُ في بقالة فوجدت فيها ثلاثاً وعشرين مجلة خليعة، كلها من مستوى النهضة والأناقة، مجلة واحدة تكفي لتدمير شعب كامل، صورة المرأة وهي مفتونة، الكلام جنسيٌ منحط، يهدم القلوب، ويُغضِبُ رب الأرض والسماوات.

    ما هذا العدوان الصارخ على المرأة، وما هو القصد من ورائه، حتى بائع البقالة يبيع صابونه وسكره ويبيع مجلة خليعة.

    ورأيت السائق ترسله الفتاة من البيت، فيجمع هذه المجلات جميعاً ويأخذها في سيارته، ليهدم بها البيت، ويهدم بها الأسرة قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

    فالمجلة الخليعة تعرض صورة المرأة، وفي كل عددٍ تعرض ملكة الجمال فيه، فأين الله؟ وأين الشرع؟ وأين الأمة التي تعيش الإسلام؟ وأين العمل بقول الله: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65]؟

    الغناء الماجن

    ومما غُزيتْ به المرأة الغناء الماجن، وهو من أسهل الأمور عند الناس الآن، والحصول على الشريط الكاست أصبح سهلاً ميسراً وهو يحمل في طياته السم الزعاف، واللوعة للقلوب، والخراب للشعوب، ومع ذلك يستحي الذي يحمل المروءة أن يستمعه، فكيف بالمسلم المؤمن، إنَّ هؤلاء المطربين فئةٌ من الناس خرجوا من المجتمع، وتنكروا للمسجد، وللقرآن، واستمروا في غيهم، وأسرفوا في خطاياهم، أرادوا إغواء الأمة، وتكلموا عن العشق والوله والغرام، ينبح أحدهم أمام الملايين، وهو يصف محبوبته، ويصف هيامه وعذابه، فتلقفت هذه الأشرطة وهذا الكلام وأذاعته في البيوت!!

    ولتعلمن أن الغناء حرامٌ ولا يقره الشرع.

    يقول الشوكاني في نيل الأوطار: أجمع أهل العلم على تحريم الغناء. وذكر الآجري إجماع أهل العلم على تحريمه، وإن الغناء فسق، وما داوم عليه عبد إلا سقط في الزنا -والعياذ بالله- وهو وحشةٌ بين العبد وبين الله، وهو الذي يمزق القلوب، ومن استمعه حُرم غناء الجنة عند الله عز وجل، قال ابن القيم:

    قال ابن عباس ويرسل ربنا      ريحاً تهز ذوائب الأغصانِ

    فتثير أصواتاً تلذ لمسمع      الإنسان كالنغمات بالأوزانِ

    يا خيبة الآذان لا تتعوضي      بلذاذة الأوتار والعيدانِ

    نعوذ بالله من الغناء! فإنه والله ما نبت في قلبٍ إلا نبت معه النفاق، وهو هدمٌ للأسر، وكم رأينا من الملتزمين، ومن المستقيمين من خذل فاستمع الغناء، فسقط سقطة ما بعدها سقطة.

    وإننا نخجل أمام الشعوب أن يخرج منّا مغنية أو مغني، وهؤلاء لا يقدمون لنا كسباً، وما اكتشفوا لنا اكتشافاً ولا صناعة، ولا نفعونا بمادة، فمعاذ الله، ونسأل الله الحفظ والرعاية، وإني أنبه هذا التنبيه؛ لأن هذه الأشرطة دخلت البيوت وأخطر منها أشرطة الجنس في الفيديوهات، وشريط واحد يستعد أن يدمر مدينةً كاملة، وهي تتناول بسهولة في البيوت، وتدخل بلا رقابة، وتناولها سهل، وهي عظيمة الأثر، سيئة النتائج، وقد حذر منها أهل العلم، ونحذر منها، وعسى الله عز وجل أن يقينا وإياكم هذه الضلالات والفتن التي هي كقطع الليل المظلم.

    كتب الجنس

    ومما غزيت به المرأة كتب الجنس، وهي كثيرة وموجودة ومتوفرة، والتنبيه عليها من باب العلم بالشر:

    عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه

    ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه

    ويقول سبحانه: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام:55].

    لـنزار قباني هذا المجرم ثلاثة كتب في الجنس، أحدها اسمه: سمير العاشقين فيه من الخزي والعار والشنار ما يستحي منه اليهود، يقول أحد العلماء المفكرين: يستحي اليهود أن يقرءوه في مجامعهم إذا اجتمعوا!! اليهود الذين صدروا الزنا والجريمة والخيانة في العالم، ربما استحوا عن قراءة هذا الكتاب، يقول في مقطوعةٍ له:

    يجوز أن تثوري

    يجوز أن تعربدي

    يجوز أن تخرجي

    عاريةً أمام الناس

    هذه مقطوعة له، وهذا يقوله الذين صدوا عن منهج الله الذين قال الله فيهم: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

    يقول إذا هذا الذين ما أشرقت أرواحهم، وما رأوا النور، وما أبصروا ضياء محمدٍ عليه الصلاة والسلام: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44] وفي بعض الصحف الغربية، يخرج بنات من هنا، ويكتبن ويراسلنَ هناك، تقول: إنها ما رأت النور، ما هو النور الذي فقدته، وما هو النور الذي تريد أن تصل إليه؟ أن تكون سائقة؟! أو تكون جندية مرور؟! أو تصبح مطربةً مغنية؟! أو تصبح عارضة أزياء؟! الإسلام يريد لها أن تكون متعلمة، مربية، منتجة للأجيال، حافظة للغيب بما حفظ الله، أماً محترمةً مكرمةً، محجبةً مستورةً، محبوبةً مكرمةً مشرفة، وهي تقول: لا، أي نورٍ هذا؟! قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40] اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:257].

    الدعوات الهدامة

    ومما تصاب به المرأة الدعوات الهدامة، ما معنى هذه المجلات وكثرتها، إن معناها التأثير على المرأة بشكلٍ أو بآخر، إنَّ عرض الأفلام والمسلسلات الخليعة، والتمثيليات الباهتة، أمام امرأة متحجبة، وأمام مجتمعٍ ملتزم نسبياً، ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك أن يفعلوا مثلما فعل أولئك.

    وهو نداء لهم: أن اخرجوا وتمردوا على شريعة الله، فلا حجاب بعد اليوم، وقد فعلوا ذلك، فهل حصلت المرأة على السعادة؟ ولعلكن رأيتن ماذا كتبت جريدة الهدف قبل سبعة أشهر، أو ثمانية أشهر، وهي تستفتح الافتتاحية الأولى وتقول:

    امرأة فنزويلية تلد كلباً، سبحان الله!! متى كانت المرأة تلد كلباً، لقد لقحت المرأة بمني كلبٍ والعياذ بالله، لأن هذا العلم المتطور لم يحكمه الإيمان، ولم تحكمه العقيدة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6].

    لم تتوجه إلى الله، فأتت هذه الكارثة، وأفتى العلماء المسلمون آنذاك بتحريم هذا الفعل، وأنه يعارض الشريعة، لأنه فصل العلم عن الإيمان، يقول سبحانه: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ [الروم:56].

    وقال عن العلمانيين الذين فصلوا العلم عن الإيمان: بَلْ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ [النمل:66].

    وقال سبحانه: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الرعد:19].

    وقبل فترة طويلة.. رأيتن ماذا أخبرت جريدة المسلمون عن ثلاث نساء دخلن بلداً عربياً، وجعلن حبوب المخدرات في أرحامهن في أكياسٍ، أهذا منتهى المرأة أن تصل إلى هذا المستوى وهذه الدرجة؟! ولا نزال نسمع ونرى من الملفات الصحفية التي جمعها بعض الناس، مستوى ماذا يراد بالمرأة، وماذا يخطط لها في هذه البلاد وأي نتيجة سوف تصلها؟ وأي نهاية تنتظرها إن لم تعتصم بحبل الله وتتقي الله؟ وإن لم تخف ربها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى..!!

    هذه مسائل أردت أن أعرضها في مسألة غزو المرأة.

    الكتيبات الصغيرة الهدامة

    وغزو المرأة كذلك في الكتيبات الصغيرة التي يكتبها الذين لا يؤمنون، ولا يخافون الله عز وجل، وهم يأسفون كلامهم في عموميات: بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13].

    1.   

    موانع أمام غزو المرأة الزاحف

    ما هي موانعنا أمام هذا الزحف؟ وكيف نتقي هذا الزحف الهائل وهذا الإجرام والكفر والزندقة؟ بأمور:

    تقوى الله عز وجل لمنع الغزو العلماني على النساء

    أولها: تقوى الله عز وجل، ولا أجد والله في هذه المناسبة إلا أن أقول: لا حافظَ إلا الله، ولا أجد كلاماً إلا أن أقول: اتقين الله عز وجل، اتقين الله في هذا العصر، وفي هذه الفتنة المدلهمة {يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا}.

    يمر العبد، وتمر الأمة في آخر الزمن، على القبر فتتمنى أنها في مكان المدفون، تتطور الأمور حتى يأتي عهد لا يقال في الأرض: لا إله إلا الله، تعطل الشريعة، فلا مسجد، ولا مصحف، ولا تحكيم لشرع الله، ولا قرآن، ولا حجاب، ولا شيء، وتصبح المجتمعات باهتة، إلا فئة يحميهم ربهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، هي الطائفة المنصورة الذين يريدون منهج الله، ويحافظون على دين الله، ويريدون شرع الله، وتقوى الله عز وجل بامتثال أمره واجتناب نهيه.

    والمرأة يوم تتقي الله لا تأتينا بالمناظر الباهتة المخزية المخيفة المرعبة، لا تأتينا وتأخذ السائق معها من بيتها، وتنزل إلى السوق، فلا ترجع إلا الساعة الثانية عشرة ليلاً، تمر على بائع الذهب، وعلى بائع الفيديو، وبائع الشريط المسجل، وعلى الخياط، وعلى كل مجرم، وتتصل بفلان وعلان.

    أي إيمان هذا؟ أين إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]؟! أين: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]؟! أين الحياة الآخرة؟! أين ذكر القبر وضمته؟!

    أين تلك الجلسة المخيفة مع الحساب المخيف؟! يوم تجلس المرأة وحدها في قبرها، ويسألها المحاسب عن ربها، وعن دينها، وعن رسولها صلى الله عليه وسلم؟ يسألها عن حياتها، وعن لياليها، وعن أيامها، وساعاتها؟.

    والله لو عاش الفتى في عمره      ألفاً من الأعوام مالك أمره

    متلذذاً فيها بكل لذيذةٍ      متنعماً فيها بنعمة عصره

    ما كان ذلك كله في أن يفي      بمبيت أول ليلةٍ في قبره

    وكان بعض الصالحين إذا ذكر أول ليلة في القبر أغمي عليه؛ وهي ليلة مرعبة، تكون المرأة مع أهلها، ومع زوجها، ومع أطفالها، متجملة متطيبة ناعمة ساكنة، فيبغتها الموت، فتنقل إلى أول ليلة في القبر، إلى مكان لا أنيس فيه، ولا حبيب ولا صاحب، ثم يظهر -والعياذ بالله- لبعضهن أنها خانت زوجها وربها، وخانت أسرتها وأمتها، وخانت كتاب ربها وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيا للعار، ويا للدمار، ويا للخسار، ويا للنهاية المؤلمة الأسيفة: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281] ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62].

    والموت فاذكره وما وراءه     فما منه لأحدٍ براءه

    وإنه للفيصل الذي به     ينكشف الحال فلا يشتبه

    إن يك خيراً فالذي من بعده      أفضل عند ربنا لعبده

    وإن يكن شراً فما بعد أشدّ      ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّ

    هذه قضية كبرى أدعها أمامكن، لعل المرأة أن تتأمل، ولعلها أن تفكر طويلاً، يقول سبحانه: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام:94].

    ولو أنا إذا متنا تركنا     لكان الموت راحة كل حيّ

    ولكنا إذا متنا بعثنا      ويسألُ ربنا عن كل شي

    فارتقبن ذاك اليوم، وذاك الحساب، وذاك الموقف، وما بعد الموت أشد منه، لمن لم يعرف منهج الله عز وجل، ولم يتقِ الله، ولتتأمل المسلمة يوم تقف يوم العرض الأكبر أمام الناظرين، فإن فضحت نفسها واشتهرت بالجرم، فضحت أمام الناس، وأمام عرضها، وأمام بيتها، وأهلها وقبيلتها، فمعاذ الله: إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف:23].

    الحجاب الشرعي

    ثانياً: من الموانع الحجاب الشرعي. هذه السمة العظيمة التي أتى بها صلى الله عليه وسلم، وهذه القيمة للمرأة المتحققة، وسمعتن قبل ما يقارب سنة ونصف أو سنتين أن في فرنسا؛ الفرنسيات ينادين بالحجاب؛ لأنهن وجدن أن الشعب يسعى إلى الدمار والهاوية، وأن الأعراض مزقت، وأن المرأة ما أصبحت لها مكانة، وأن المجرمين يتعدون الحدود، وأن الإنسان أصبح لا يجد مكاناً للعيش، وأصبحت بناته وأخواته وزوجاته نهباً وسلباً، هذا في المجتمع الضال المنحرف عن منهج الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، لذلك بدأن ينادين بالحجاب؛ لا خوفاً من الله عز وجل، ولا تقوى لله عز وجل، ولكن يردنَ أن يحافظن على أقل حدٍ من الحياة أو من الأمن!

    الحجاب الشرعي الذي أتى به رسولنا عليه الصلاة والسلام هو تغطية الوجه والكفين، وإلا فلو لم تغط المرأة وجهها ظهرت للناظرين، وظهرت زينتها وفتنتها، وإني آسف كل الأسف أن يوجد في هذه المدينة، وفي بعض المدن، من خذلن الحجاب ونبذنه واكتفين فقط بتغطية الرأس، وتعلقن ببعض الأدلة الواهية، وخرجن في الشوارع، وخالطن الرجال، وإن هذه كارثة، ومخالفة لدين الله عز وجل، وهذا أولُ الهدم، وأول الشرود عن منهج الله عز وجل، فحذار حذار من هذا.

    ومن كان عندها شك فلتراجع كتب أهل العلم، وتراجع الأدلة والبراهين لتتقي الله في عصر الفتنة، ولو أجيز في القرن الأول لما أجيز في هذا القرن، الذي أصبح الذئاب فيه كُثر، وأصبح المعرّضون والفجرة فئامٌ لا يحصيهم عاد، وإني لأعرف أناساً لا ينزلون إلى الأسواق إلا للمتعة في وجوه الأجنبيات، والنظر والتغزل بالمحاسن، والفسق والفجور، والتعدي على مناهج الله عز وجل، فالله الله في الحجاب، والله الله في الستر، والله الله في لزوم طاعة الله عز وجل، واجتناب نواهيه.

    الدعوة إلى الله عز وجل

    الثالث: مما يحصن المرأة الدعوة إلى سبيل الله: الدعوة إلى منهج الله، أن تكون المرأة داعية مؤثرة، وإني أشكر كل الشكر داعيات كثر في بلادنا، بدأن بإرسال الكلمة، وبالتأثير على أخواتهن بواسطة الهاتف، والمراسلة، والجلسة، والمحاضرة، والدعوة، وإهداء الشريط الإسلامي والكتاب الإسلامي، وهذا أمرٌ محبب، وهذا هو والله الحسن، وهذا هو الأجر والمثوبة، عافا الله من فعلت ذلك وآجرها، وثبتها.

    فإنه لا يستمع للمرأة إلا النساء، ولا يؤثر في النساء إلا النساء، ولا يعرف مشاكل وطموحات النساء، ومسائل وخصوصيات النساء إلاَّ النساء.

    فوصيتي: أن تنبعث المرأة داعية مؤثرة في بني جنسها، وفي ما حولها، وتكون حاملةً لكتاب الله عز وجل، وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن العلماء أجادوا في جانب الرجال، لكن القطاع المهم والأهم هو المرأة، وهذا النصف الكثير من أمتنا يحتاج إلى داعيات مخلصات منيبات صادقات، يوصلن كلمة الحق والنور إلى القلوب، ويتكلمن عما يراد بهن.

    عجيب أن تجد في الصحف بعض الكاتبات المتخليات عن دينهن يكتبن كلاماً، ويدعين إلى أمور تخالف دين الله، فأين المستقيمات الملتزمات الداعيات؟ عجيب!!

    هناك داعيات ينادين بنبذ الحجاب وقيادة السيارة، وخروج المرأة، وترك هذا الحياء، فأين الصف المقابل؟! أين داعيات الحق؟! قال تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104].

    فولينا ووليكم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وتراثنا خالد من الوحي، وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، والواجب علينا وعليكن أن ننصح الناس، ولا نخشى في الله لومة لائم؛ لأن الحق معنا.

    لماذا لا تخجل المغرضة؟! لماذا لا تخجل المتسممة بالأفكار اليهودية؟! لماذا لا تخجل التي درست في الفرسايد ولوس أنجلوس؟ وهي تلقي علينا في بلاد الحرمين، وبلاد المقدسات سمها وعذابها، وتلقي علينا إفسادها، ولا تخجل!!

    والمرأة تخجل أن تقول كلمة الحق، وأن تدعو إلى منهج الله، وإلى سبيل الله، لماذا؟

    إنه إحباط، وهكذا يفعل ضعف الهمة والعزيمة، أن تجعل المرأة سلبية، وأن تبقى خائفة محايدة في مكانٍ لا يكون فيهنَّ مفاصلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].

    أقول: هذا وقد قرأنا من التجارب الوخيمة التي عاشتها البلاد الأخرى، ووصلت إلى مستواها، يعلم ذلك من رأى، ومن قرأ، ومن أبصر، وطريقة الإنقاذ أن نعود إلى الله عز وجل في أمتنا، وفي جيلنا ونسائنا.

    الزواج يمنع السفور والفجور

    الرابع من الأمور التي أتحدث عنها: مسألة الزواج. والله عز وجل سن الزواج، بين الذكر والأنثى قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد:38] لتحفظ الأعراض والأنساب، وتحفظ الأسر والمجتمعات، تكون الأمة شريفةً، وتعيش شريفةً عفيفةً مطهرةً، فإنه يوم يترك هذا السياج، وهذه الشريعة الربانية، والسنة الخالدة تضيع الأمة.

    لقد وجد في المجتمع تكاسل عن هذه السنة، أو تأخر عنها، وهذا أنتج لنا عنوسةً، وهذه العنوسة لابد أن يقضى عليها، وهي من نتائج عدم تقبل الصالحين، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض}.

    والمرأة عليها أن تتزوج إذا وجدت الكفؤ، وكذلك الشاب إذا وجد المرأة الصالحة عليه أن يتزوج، وأن يتقي الله في شبابه، وتتقي الله في شبابها.

    عند الطبراني بسندٍ حسن: {من تزوج فقد أتم نصف دينه، فلتيقِ الله في النصف الآخر} ولتتق المرأة ربها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن تسوف لزواجها، وألا تصدق هذه الدعوات التي نسمعها في بعض الجامعات والمؤسسات، من تأمين المستقبل، حتى تنتهي المرأة من الجامعة، أو الدكتوراه، أو الماجستير، وهي لن تتزوج حتى يذهب جمالها، وفتوتها، وشبابها فتصبح غير مرغوبة ولا مطلوبة، فتضيع عمر الحياة الزوجية، عمر البيت، عمر الأطفال، الذي هو من أحسن ما يكون، وهو سر السعادة بعد الإيمان، وبعد العمل الصالح، فوصيتي هذه الوصية، ونشر هذا الفكر في جانب النساء، وفي جانب الفتيات، ألا يتأخرن عن الزواج، فإن العنوسة مأساة لا تصلح، وقد شكى منها الغربيون فكيف بالإسلاميين.

    وأسأل الله عز وجل لي ولكن الهداية والثبات، والسداد والاستقامة والرشد والعون، وأسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يحفظنا وإياكن من كل مكروه، ومن كل سوء، ومن كل من يريد بنا فساداً، أو بالبلاد والعباد شراً؛ أن يكفيناه بما شاء، وأن يحفظنا وإياكن، وأن يحفظ علينا أعراضنا وبيوتنا وديننا وشرفنا.

    1.   

    الأسئلة

    مفهــوم الابـتلاء

    السؤال: في خضم الأحداث الأخيرة التي نزلت بـالكويت، يظن بعض الناس أن الابتلاء خاصٌ بأهل الكويت، فهل من كلمةٍ للأخوات عن مفهوم الابتلاء؟

    الجواب: أولاً: أشكركن على هذه المشاعر الحية.

    ثانياً: ما أصاب أي شعب، فبقضاء من الله وقدر: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22] وقد أخبر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن سننه في الناس، وفي الأمم، وفي الأيام، أن من عصاه وانحرف عن منهجه أدبه: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً [الطلاق:8-9].

    ولا يكون العقاب فقط زلزالاً أو بركاناً، بل قد يكون جيشاً جراراً، أو دبابات صارخة، أو طائراتٍ قاصفة، والذي حلَّ بأهل الكويت لابد أن نتأمله كثيراً، وقد جلست مع كثير من علمائهم، ودعاتهم، كالشيخ أحمد القطان، وأخبرنا بما وصلوا إليه، وأنا زرتهم قبل سبع سنوات، ورأيت هناك العجب العجاب، ولسنا بشامتين، فنحن والحمد لله ولا فخر، والمنة لله عز وجل، آويناهم ورأينا أنهم إخواننا وأخواتنا وقمنا معهم، لكن النتيجة: إياك أعني واسمعي يا جارة: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنْ الْقُرَى [الأحقاف:27].

    وصلوا إلى مسألة أنهم تركوا الحجاب وصارت المرأة مشاركة في الحياة، وأصبحت معروضة للناس في الفنادق، ولسنا عارضين لمساوئ الناس، فإنهم إخواننا وجيراننا، لكن ننبه أمتنا ونساءنا وأخواتنا إلى الخطر المحدق، الذي حل بتلك الأمم: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [النحل:112].

    بل وصل الحال كما أخبرت من بعض الدعاة أن امرأة أخذت مصحفاً وهي حائض، وأخذت أمام البنات تقول: هذا وثيقة التخلف والرجعية، تعني: القرآن.

    مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً [الكهف:5] والذي يظهر والله أعلم، أن هذه الأحداث التي أنتجت لنا أنها ركزت على المرأة كثيراً، الإعلام بأقسامه، والكتب والمجلات، وكل شيء، حتى إن هؤلاء العلمانيين الذين في بلادنا كانوا يتغنون بالوطن، ويتغزلون الوطن وقشرة الأرض، فلما أتت الأحداث ورص على حدودنا آلاف الدبابات، ومئات الألوف من الجيوش المدمرة والصواريخ التي تحمل الرءوس النووية والكيماوية، وغير ذلك؛ تركوا الحدود، وتركوا العدو، وأتوا ينادون المرأة هنا، أهذا وقت لمناداة المرأة؟!! أهذا وقت خروج المرأة؟! أهذا وقت مطالبة المرأة أن تقود السيارة؟!! هذا ينبئنا أنهم كذبوا لعمر الله، وأنهم يريدون الفتك بالعباد والبلاد وأنهم ليسوا بصادقين في وطنيتهم على أن الوطنية لا تجوز، يعني: الميل للوطن وتغليب الوطن على منهج الله عز وجل ليس بجائز، ولا وطنية في الإسلام، لكن انظرن كيف تركنا الأحداث، والخليج يمر بأزمة، والقوات العالمية قد اجتمعت، وأتوا إلى هنا إلى داخل البلاد ينخرون في جسم الأمة عن طريق المرأة وحدها، وهي يوم تصلح يصلح الله الأمة بها، ويوم تفسد تفسد الأمة بعدها، هذا ما عندي في هذه المسألة.

    الشروط التي يشترطها الشباب في الزواج

    السؤال: ما حكم اشتراط كثير من الشباب شروطاً قد لا تتوفر في بعض الفتيات حين الرغبة في الزواج؟

    الجواب: سبق أن تحدثت في بعض المحاضرات للشباب عن هذا، وقلت: إن بعضهم يشترطُ شروطاً حتى شروط الترمذي في صحة الحديث، أو شروط ابن حبان لا تصح عنده، أي: لا يمكن أن توافق هواه، وبعض الشباب يشترط شروط المجتهد عند الرازي، وربما ينتظر حتى يعطى حورية من الحور العين، إنه يشترط أن تكون زرقاء العينين، طويلة، إذا مشت تحت البواري فرت، وإذا جلست استقرت، لا هي بطويلةٍ ممشوقة، ولا بقصيرةٍ مرموقة، حاكمة إذا تكلمت، ناطقة إذا تبسمت، كالليل إذا أدبرت، وكالنهار إذا أقبلت، فقلنا له: ينتظر حتى يموت ولا يتزوج في هذه الحياة الدنيا، وهو ينتظر حتى يرضى ببني جنسه، وهو من الطبيعة ومن الجبلة، وموجود معنا من بني جنسنا، فيرضى من إنتاج بلده والحمد لله، وأظن أن هذه ظاهرة عند الشباب ومعلومة، وإذا توفر في المرأة الدين، فإن الدين يصلح كل شيء، وما أظن أنها أصبحت ظاهرة عند بعض الشباب بحيث أنهم يحجمون عن الزواج لهذه الشروط، هم يتساهلون إذا وجدوا الملتزمة المستقيمة التي تفهم أمر ربها، وتكون حسنة الخلق، أما الشروط هذه فما أظن أنها ظاهرة إلا في بعضهم، وهم قليل إن شاء الله.

    حكم الزواج من تارك الصلاة

    السؤال: من أختٍ تقدم لها شابٌ ليتزوجها وتصفه بأنه مستقيم، ولكنه لا يصلي؟

    الجواب: بسيط ما دام عيبه فقط ترك الصلاة فهو كافر.

    لقد ظننت أنها ستقول: يسبل ثوبه، أو يستمع الأغنية، أما أنه لا يصلي فهذا يلحق بأعداء الله عز وجل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {من ترك الصلاة فقد كفر} ويقول: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر} {بين المسلم والكافر ترك الصلاة}. للمرأة المسلمة أن تتساهل في بعض الأمور، حتى تؤثر هي بصلاحها على زوجها، أما إنسان مبتور الرأس، إنسان مريض، إنسان فيه هذه الزندقة والعياذ بالله فلا، ترك الصلاة، لا! لا موافقة، ولا يحق له أن يتقدم لامرأةٍ مسلمة؛ لأن أهل العلم كما تعرفن ينادون بأن المرأة لا تتزوج إلا بمسلم، وأنها لو تزوجت كافراً كان العقد لاغياً، ويلحقون بذلك تارك الصلاة.

    بل قال كثيرٌ من المحدثين: لو تزوجت مسلماً ثم ترك الصلاة، لكفر ولأصبح العقد لاغياً، ولا يجوز أن تمكنه أبداً، وتصبح أجنبية عليه، هذا حكم أهل العلم في هذه المسألة، فهذه الأخت لا توافق ولو وافق أبوها وأمها، حتى يكون مصلياً خائفاً من الله، أما بعض المشاكل التي قد يكملها إن شاء الله بالتربية معه، والجلوس معه، فهذه سهلة.

    ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلهـا     كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه

    وكذلك يوجد في جانب البنات، من تتشدد في الشروط كثيراً، فأحياناً تشترط أن يقوم الليل، وأن يحفظ القرآن كله، وأن يكون على درجة من الورع، كدرجة أبي ذر، ومن العلم كعلم مالك، ويكون من الفصاحة كفصاحة علي، فهذه تترك الزواج، ولا تجد لها زوجاً حتى تموت.

    حكم معاشرة أهل المعاصي

    السؤال: امرأة تشتكي من قريباتها اللاتي يلبسن الثياب الشفافة ويزرنها كثيراً، ونصحتهن فلم يستجبن للنصيحة، فما كان منها إلا أن هجرتهن، مما أدى إلى غضب والدتها؟

    الجواب: ما فعلتيه أيتها السائلة، هو الصواب، لأنكِ كما ذكرتِ قد قصدت بدعوتهن إلى طاعة الله عز وجل، بواسطة الشريط الإسلامي والكتيب والتأثير فما استجبن فهجرتيهن، وهذه هي أصلاً طريق الدعوة في الإسلام هكذا، الدعوة باللين، المناصحة، إبلاغ دين الله عز وجل، فإذا لم يرتدع هذا العاصي فيهجر، أما غضب الوالدة فلا يضرك بإذن الله، إذا لنتِ مع الوالدة، وطلبت سماحها لأنه {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق}. وإذا علم الله عز وجل أن هذا الغضب من أجل طاعته، فلن تجدي أثراً بإذن الله لهذا الذنب، فإنك أرضيت الله عز وجل، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أسخط الناس برضى الله رضي الله عليه وأرضى عليه الناس}. وأما قولك: إنهن ذهبن، فلا يعدنَ، إذا كان على هذا المنهج، وهذا التكشف، وهذا التبرج، فلا يعدن:

    لقد ذهب الحمار بأم عمرٍو      فلا رجعت ولا رجع الحمارُ

    ظاهرة تعارض الزواج مع الدراسة

    السؤال: تسأل عن تعارض الزواج مع الدراسة، فهي إما أن تتزوج، وإما أن تكمل دراستها، التي تستمر ثلاث سنوات؟

    الجواب: هذا ليس فيه نصوص شرعية، ولكن وجهة نظر، وأنا أشير على هذه الأخت مثلما أشير على قريبتي لو كانت في موقعها، وأرى أنها تتزوج ولا تنتظر ثلاث سنوات، لأن زواجها وحفظ نفسها، وعصمتها، وحياتها الزوجية، وسعادتها مع الزوج، أعظم من هذه الدراسة المرحلية، هذه وجهة نظر، وأرى هذا وعسى الله عز وجل أن يسددها للأحسن والأقوم، وثلاث سنوات يشيب فيها الغراب لطولها.

    التشدد في شروط الزواج

    السؤال: فتاة تقدم لها شابٌ ملتزم ولكنه يشترط شروطاً تبدو مشددة؟

    الجواب: هذه الشروط بعضها فيها إجحاف، وأرى أن يتفاوض معه، ولا يُفَّوت مثل هذا الملتزم، ولكنه يُناظر على منهج الشريعة، وأرى أن هذه الفتاة تحاكمه إلى أحد العلماء، فإن رخص العالم في هذا كان وارداً، مثل أدوات التجميل، لابد منها للمرأة، مثل الثوب الفضفاض الذي لا يبدي الزينة، وليس فيه ريبة ولا تشبه ليس به بأس، فقصدي لا بد أن تحاكمه إلى النصوص، وتسأله هل هذا فيه أثر، هل قال به أحد العلماء حتى يقتنع، أما أن ترفض فلا أرى، وإن استطاعت أن تلبي طلبه، وتقوم بهذه الشروط فهو الأولى، وقد أخذ بالورع والحيطة من أمره، ولو أني أرى فيها شيئاً، لابد أن ينظر من منظار الشريعة، ولسنا بالمتساهلين الذين يفلتون الحبل على الغارب، ويدعون إلى كثير من التساهل حتى تصل إلى المنهيات، ولسنا بالذين يشددون على الناس، ويتنطعون في الدين ما لم ينزل الله به سلطاناً، ولم تؤيده الشريعة، هذا رأيي.

    مفهوم الابتلاء

    السؤال: فتاة تدعو الشيخ إلى مزيد بيان لمفهوم الابتلاء؟

    الجواب: شكراً لهذه المسلمة، والضيفة القادمة من الكويت، ويعلم الله عز وجل أننا لا نريد جرح مشاعرهم، ولا أعد مثل هذه المتكلمة إلا أختاً، ونشعر باللوعة والحسرة، ويتمثل الإنسان في نفسه، أن يقع بأهله مثلما وقع بأهل الكويت، ولعلها تدرك ماذا فعل الدعاة في هذه البلاد والعلماء وطلبة العلم، لقد ذهبوا والله الشاهد إلى الخفجي وحفر الباطن، والحدود الشمالية، والتقوا الأخوات بالبطانيات والعباءات والماء البارد، والطعام، وبالسيارات، ونقلوا وواسوا، وهذا المنة لله عز وجل فيه، وكنا والله نتأسف كثيراً، ونندم:

    ألهفي لشعبٍ بات في خير نعمة     وأصبح في ليلٍ من الهول يمرجُ

    سيصغي له من عالم الغيب ناصرٌ     ولله أوسٌ آخرون وخزرج

    وما قصدي الإنالة أبداً، فإنا بلدٌ واحد:

    وحيثما ذكر اسم الله في بلدٍ      عددت ذاك الحمى من صلب أوطانِي

    ومن أحب الناس إليَّ كثير من الأصدقاء من الكويت، طلبة علم، وأخيار وشرفاء ونزهاء، ونستعد أن نقدم دماءنا عن معتقدهم، وعن لا إله إلا الله التي يحملونها، وما كنا شامتين يوماً من الأيام، ولا نفعل والعياذ بالله، كفعل الناس الذين وقفوا متفرجين، وقد قلتها في كثير من المحاضرات: شعب الكويت قدم دعاة من أشهر الدعاة، وقدم العلماء، وطلبة العلم، شعب الكويت عنده جمعية الإصلاح وإحياء التراث التي دعمت المشاريع العالمية الإسلامية في كل بلد، والله لقد تأثر الشعب الأفغاني من احتلال الكويت، وتأثرت هيئة الإغاثة الدولية، وتأثر مجلس المساجد، وتأثرت رابطة الشباب العربي المسلم، وتأثر كل مكان؛ لأن الدعم السخي كان يأتي من هناك، فما أقصدك ولا أقصد أمثالك من الكريمات، فأنا أعرف بأن في كل دار بني سعد، وأنا أعرف أن هناك بيوتاً طيبة بنيت على الحق والعدل والسلام، وما كنتُ شامتاً، لكنك ربما اتفقت معي في مسألة ما ننتظر بذنوبنا، وما نزل عذابٌ إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة: وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].

    وسنة الله عز وجل أن يؤدب، يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41] ونحن نعرف أن الكوارث والمصائب تحدث لنا بسبب ذنوبنا، وما هو بسبب الكفر، لكنه تمحيص للخطايا، فأنا معك أنه تمحيص وأن سنة الله أن يؤدب، وأنا أعلم أن هذا الشعب تلقن درساً، وأنه وعى للمرحلة التي سوف يعيشيها، وإذا عاد كان أحسن بإذن الله، ونحن ما حكمنا على شعب الكويت حكماً عاماً، وإنما عشنا معهم وعرفناهم، وعرفنا أن هناك مثل شعبنا، لكنَ ربما تتفق معي الأخت أن الحجاب هناك، ما كانت له تلك المنزلة، والشريعة ما كانت تحكم، ولا تستطيع هي أن تقول: أن الشريعة كانت تحكم هناك، وأنا أحيلها على شريط للشيخ القطان فهو أعرف مني بـالكويت، وهو قريبها وأخوها من بلد الكويت، فقد تكلم في تدمير الأخلاق عن قصص ما أرويها لكُنَّ، وأنا أعرف أنه في بلادنا بعض القصص، لكن الفرق أن هنا مداً هائلاً للحجاب، وكثرةٌ كاثرة تدعو إلى منهج الله عز وجل.

    هذا ربما وجهة نظر، وإلا فنحن ننادي الناس على المنابر! انتبهوا لا يقع بكم ما وقع بجيرانكم، ولسنا في ذلك شامتين، ووافقنا على ذلك جيراننا، ردهم الله سالمين منتصرين غانمين.

    الحجاب الشرعي

    السؤال: عن بعض جوانب مسألة الحجاب، وما يتعلق بحكمه في الإحرام؟

    الجواب: هذا السؤال مركب ومتداخل في فقرات، اللباس الشرعي للمرأة: هو ما كان ساتراً لجسمها، وما أعلم في ذلك أي نصٍ يحدد لباساً معيناً، إنما المهم أن يكون ساتراً لجسم المرأة فيستر وجهها وكفيها وقدميها، وقد سألت أم سلمة الرسول عليه الصلاة والسلام، فطلب منها أن يكون سابغاً تطيل ذيلها شبراً قالت: {يا رسول الله: ينكشف. -يعني: في الأرض ينكشف- قال: فذراع} فأخبر صلى الله عليه وسلم بذلك، (والكاب): عرفته، لا بأس به إذا كان فضفاضاً، لأن الحجاب فقط ليس عباءة فقط، إنما إذا كان أي لباس فضفاضاً ساتراً فلا بأس به مع القفازين، أما في العمرة والحج فلا تلبس المرأة القفازين، ولا تستر وجهها إذا أحرمت إلا إذا عرض لها الأجانب أو كانت في الطواف ورأت الرجال تستر وجهها، لحديث عائشة في الصحيح: {كنا محرمات -نساء يكشفن عن وجوههن- فإذا عرض بنا الركبان أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها} أو كما قالت رضي الله عنها.

    حكم تعلم المرأة لعلوم الدنيا

    السؤال: ما حكم تعلم المرأة لبعض العلوم المادية، كالكيمياء والفيزياء؟

    الجواب: ليس بإثم، ما أعلم في ذلك نصاً: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [النحل:116].

    أما واقعنا فالرجل بحاجة إلى أن يدرس هذه العلوم؛ لأن المعامل تستقبلهم كالكيمياء والفيزياء، ونحن بحاجة ماسة إلى هذه العلوم، وبحاجة إلى أن نطور أنفسنا، ولنواكب الركب الدنيوي هذا مع ركب الآخرة؛ لأن هؤلاء غلبوا في عالم المادة، ونحن تأخرنا فيه، فمع الإيمان لابد لنا من ذرة، ولابد لنا من إنتاج، وتكنولوجيا، واختراع، لنعيش حياة راقية، والله جعلنا في الأرض نستعمرها، أما المرأة ما أجد لها مجالاً في مثل هذا الأمر؛ لأن لها مجالات أخرى في الإسلام، علم الشريعة، التربية، الرعاية، التعليم، الدعوة إلى منهج الله عز وجل، وليتنا قمنا نحن الرجال بإنتاجٍ واختراع، حتى تقوم النساء بواجبهن، وأنا فوجئت أن امرأة من هذا البلد ذهبت تدرس في بروكسل، لا أعرف أنها هندسة التربة، أو بيطرة البقر، فما أدري كيف تعود لنا من بروكسل نحن ما أنتجنا شيئاً، الطباشير التي عندنا في الفصل مستوردة، كذلك المساحة والسبورة، والكرسي والماسة، والميكرفون، فنحن ما أنتجنا، ونحن الرجال فننتظر من المرأة أن تذهب إلى بروكسل لتدرس لنا هندسة التربة، وتأتي تكتشف لنا ثلاجةً أو جرجيراً لا أدري كيف ذلك؟!

    مجاهدة النفس

    السؤال: كيف تكون مجاهدة النفس؟

    الجواب: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] لو أن الجنة سهلة المآخذ، أو سهلة المطلب أو سهلة المسير لدخل الناس كلهم الجنة، ولكن أبى الله إلا أن يميز من يريد الشهوات، فقد حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات، وليس للمرأة المسلمة ولا للرجل إلا الصبر والاحتساب في مواطن الصبر، وأما أن يستقيم الإنسان في كل دقيقةٍ وجليلة، فهذا قد يكون صعباً، ولا يشاد الدين أحد إلا غلبه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {سددوا واستقيموا وقاربوا، ولن تحصوا} قال بعض العلماء: لن تحصوا: لن تستطيعوا الاستقامة؛ ولكن الإنسان يسدد بالتوبة والاستغفار والصدقة وإذا أخطأ تاب إلى الله عز وجل، وإذا نقَّص يتصدق، وهكذا حتى يصل إلى الله عز وجل.

    المحبة والابتلاء

    السؤال: يقول عليه الصلاة والسلام: {إذا أحب الله قوماً ابتلاهم}. هل يعد ابتلاء أهل الكويت لحب الله لهم؟

    الجواب: أولاً: هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا أحب الله قوماً ابتلاهم} وأنا أسأل الله أن يكون أحب أهل الكويت فابتلاهم بهذا، وأسأله أن يكون كفارة لهم ورفعاً لدرجاتهم وماذلك على الله بعزيز؛ فإني أعرف من العلماء عندهم والدعاة والأخيار من الصالحين من أوذوا، فربما هذا من المحبة، وأنا قد أتفق مع هذا اتفاقاً نسبياً، وقد يكون تأديباً للعصاة، وكذلك نحن لو ابتلينا يقولون: محبةً ورفعة، وتأديباً للعصاة الذين عندنا، والذي ذكرته الأخت الكويتية أنا اتفق معها، وأنا في أول المحاضرة ذكرتُ لها ما يوجد في المجلات عندنا في بلادنا هنا، وذكرت لها شريط: (الفتاة السعودية والعلمانيون) لعلها أن تسمع هذا الشريط لأخبرها ببعض ما تعيشه المرأة عندنا، فلسنا هنا نفرق بين الكويت والسعودية ومصر، ولا السودان ولا باكستان ولاتركيا، البلاد بلاد الله، والدين دين الله، والأمة أمة الله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة:143] وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10].

    كيفية القراءة والاطلاع

    السؤال: عن كيفية قراءة الشيخ للكتب التي ورد ذكرها في شريط: السيرة الذاتية؟

    الجواب: ظروف الناس تختلف، وليس كل من وجد بيئةً أو حيثيات أو ملابسات يجدها الآخر، والإنسان يعيش ظرفه، والمرأة يختلف ظرفها عن ظرف الرجل، ولكن ليس المهم القراءة، ولكن المهم العمل بما يقرأ، ومن رتبت وقتها، واعتنت ببرنامجها اليومي قرأت بإذن الله عز وجل، وأثمرت وأنتجت وتعلمت، وأنتن في مجال العلم بإذن الله أعرف وأحرص، حتى من الأسئلة المعروضة رأيت الثقافة الواسعة، والحمد لله، فلا يلزم صراحةً أن تكون المرأة عاكفة، فتترك الحياة، وتقرأ في هذه المجلدات، لا. الحياة لها شئون من صلاةٍ، وعبادة، وزواجٍ ودعوةٍ، وحياة، أي: كلٌ فيما يخصه.

    كشف الوجه والكفين حال الإحرام

    السؤال: ما هو مدى تمكن المحرمة من كشف وجهها وكفيها حال إحرامها؟

    الجواب: ربما تخلو المرأة في خيمة وهي حاجَّة، أو تجلس وحدها وهي حاجَّة فتكشف، لأن إحرام المرأة في وجهها وكفيها، لكن مع كثرة الناس، وكثرة الأوقات التي يتواجد فيها الناس فلها أن تغطي وجهها.

    المانع من دراسة المرأة لعلوم الدنيا

    السؤال: ما المانع من دراسة المرأة للكيمياء والفيزياء ونحوها؟

    الجواب: أنا لا أقول: إن المرأة أقل ذكاءً من الرجل، وأنا أعرف ذلك، وأدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود وأكثر الطلاب ذكاء الطالبات، والأولى عندنا في العام الماضي مستوى ثاني أصول الدين طالبة، بتفوقٍ باهر، وهي منتسبة، والثاني من الرجال، وهذا أمرٌ معلوم.

    ثانياً: إذا وجدت الضوابط الشرعية التي لا تخل بالدين ولا تدخل في معصية الله عز وجل، وأنا أقول: ليس هناك دليل يمنع، لكن واقعنا الذي نعيشه نحن لا يسمح، وأنا لا أقول: إنه حرام، لكن في الواقع أصلاً ما وجد عندنا رجال ينتجون في الفيزياء والكيمياء، ويكتشفون ويخترعون، فكيف بالنساء! ما دام قصر هؤلاء وأمامهم المجالات، وأمامهم السفر، وأمامهم الفرص المتاحة، فكيف بالنساء، أما التحريم فأنا لا أقول هذا، إذا وجد المكان المناسب في حجابٍ وسترٍ، وعدم وجود ما يؤدي إلى انتهاك حدود الله، عز وجل، أو خلطة بالأجانب فلا بأس، لكن هذا التحفظ لأنه إذا وجدت المرأة ودرست الفيزياء طالبت المرأة بأن تختلط مع الرجال وطالبت بفتح مصانع مشتركة، ثم تطوير الحال، ثم نصبح في حيص بيص.

    إذا كان الزوج يشرب الخمر

    السؤال: فتاة تزوجت رجلاً يصلي، ولكنها اكتشفت بعد الزواج أنه يشرب الخمر، والعياذ بالله؟

    الجواب: لا تحتاري، انصحيه أولاً وأنذريه؛ لأنه إن بقي على شرب الخمر فسوف يكون الفراق هناك، وإن استمر فأرى أن تذهبي إلى أهلك فترة من الفترات، وتنذريه بعدم العودة حتى يتوب من هذه المعصية؛ لأنها كبيرة من الكبائر، ولا يجوز لك البقاء معه في هذا، لكنه ليس كترك الصلاة ذاك كفر وهذا فسق، فالفاسق ينذر ويحذر، فإن ارتدع فبها ونعمت، وإلا فاذهبي إلى أهلك من باب التهديد، ومن باب ممارسة حق النقض (الفيتو).

    حقوق الزوجة على زوجها

    السؤال: عن حقوق الزوجة على زوجها؟

    الجواب: أنا إذا جلست في محاضرة أمام النساء، تكلمت عن حقوق الرجل على المرأة، وإذا جلسنا مع الرجال تكلمنا عن حقوق المرأة على الرجل، وهناك شريط اسمه: صفات المرأة المسلمة، ربما ذكر فيه شيء من هذا، ومن حقوق المرأة على الرجل: النفقة، وحقوق المعاشرة، والاحترام، وعدم الإيذاء والتقبيح والضرب المبرح المؤذي لغير سبب، وعدم الهجران لغير سببٍ، وإذا كان عنده زوجتان أو أكثر العدل في النفقة، وفي السكنى، وفي الطعام والشراب، ومن حقوق المرأة أيضاً: تعليمها إذا لم تكن متعلمة، وإعطاؤها حقها مثلاً في الزيارة والخروج والنزهة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إن لأهلك عليك حقاً} الجلوس معها، إيناسها والمزاح معها، أي: أن تكون باختصار تعيش عيشةً طيبة، وهذا موجود في كثير من النساء يقلن: أنهن عشن في مثل الجنة من السعادة مع الأزواج المتقين الخائفين من الله عز وجل، هذا أمرٌ موجود.

    حكم إطالة الأظافر والتشبه بالرجال

    السؤال: ما حكم إطالة النساء للأظافر، وقص الشعور كالرجال؟

    الجواب: أما قص الشعور كقص الكافرات، فهذا تشبه، ومن تفعل ذلك تشبهاً بالرجال فقد لعنها الله، لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

    وأما تطويل الأظافر، فلم تأت به سنة ولا آية، وهو من التشويه لخلق الله عز وجل، والاعتداء على حدوده، وهو تشبه بالكافرات، وهو مخيف مرعب، حتى يمثل أن كف المرأة ككف الذئب أو الثعلب، والرسول صلى الله عليه وسلم مدت له امرأة من قريش يدها تريد أن تبايعه، وكان لا يصافح النساء، وكان يبايع، قال: {ما هذه اليد كأنها يد سبع} فعلى المرأة أن تختضب وأن تكتحل، وأن تكون متجملة لكن بالسنة.

    وفي السنن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {إني أكره أن تكون المرأة سلتاء مرهاء} السلتاء: التي لا تختضب، والمرهاء: التي لا تكتحل.

    الاحتجاج على المعصية بالقدر

    السؤال: فتاة لها صديقة، تحتج بقوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56] وترد النصيحة، بحجة أن الأعمال مقدرةٌ سلفاً؟

    الجواب: هذه الفتاة جبرية، يعني: تقول بالجبر، وإذا لم تقتنع بالشريعة فقد تقتنع بشيء من التأديب من أبيها أو أمها؛ لأبيها أو لأمها؛ لأنها عارضت شرع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وقدره الكوني سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي قالت شيئاً تتظاهر بأنه حق، وهو في احتجاجها باطل، وقد سرق أحد الناس في عهد عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقال له عمر: [[لم سرقت؟ قال: قدر الله عليَّ أن أسرق، فأخذ عمر السكين فقطع يده: قال: لم قطعت يدي؟ قال: قدر الله عليَّ أن أقطع يدك]].

    فقضية أن تضحك علينا وتضحك على الشريعة، وتترك الصلاة، وتترك الحجاب، وتقول: قدر الله عليَّ فهذا خطأ:

    أولاً: أسألها: من أخبرها أن الله قدر عليها هذا؟ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان:3] والهداية مسلوكة ومعروفة، هل تعرف أن الله قدر عليها الغواية؟ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] هم بدءوا بالمجاهدة فهديناهم، فلما زاغوا وبدءوا بالزيغ أزاغ الله قلوبهم، فأهل العلم يقولون: من أراد الهداية هداه الله ووفقه.

    ثانياً: إننا نراها في المصالح الدنيوية حريصة على ما يصلح لها، تأتي مثلاً: لا تأكل الجمر وتأكل التمر، إذا أحست بالبرد تغطت والتحفت، إذا أحست بالظمأ شربت الماء، فمن أخبرها أن هذا ظمأ، وهذا ري، وهذا جوعٌ وهذا شبع، إلا لأنها تفكر بهذا، هذا هداية، وهذا ضلال، أما استدلالها بذاك فليس بصحيح وهي مخطئة، ويدل على قلة علمها، فعليها أن تتوب وتستغفر، وأن تجاهد نفسها وسوف يهديها الله إذا اقتربت منه، وإذا دعت، أما أنها ما بدأت بشيء، ولا دعت ولا صلت، وتريد أن تأتيها الهداية، فلن تأتيها وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال:23].

    ترك صلاة الجماعة وهجر الأقارب

    السؤال: تسأل عن زوجٍ لا يصل أهل زوجته، ويصلي في البيت؟

    الجواب: أما المسألة الأولى: الصلاة في البيت، فمخالفة للسنة ولأمر الله عز وجل، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأرى أن تنصحيه كثيراً، وأن تقومي عليه حتى يصلي في المسجد، وأما أنه في غاية الطيبة، فهذا شيءٌ طيب يشكر عليه، وأما أنه لا يَصِل والديك؛ فهي معصية، وعليك بالمناصحة وعدم المفارقة لكن انصحيه كثيراً؛ عسى الله أن يهديه، وإن حاولت أن تشكيه إلى والديه عسى أن يسمع منهما، أو من أقاربه لعل الله عز وجل أن يصلح قلبه.

    الاستهزاء بالحجاب

    السؤال: عن حكم الاستهزاء بالحجاب؟

    الجواب: فيه تفصيل: إن كان قصدها الاستهزاء من الحجاب لأن الله عز وجل سنه أو رسوله صلى الله عليه وسلم سنه، فهو كفر قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66].

    وإن كان لم يبلغها النص الشرعي فيه، وظنت أنه ليس بثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأمر آخر، يؤخذ على يديها، وتخبر بالأمر، لكن الذي يظهر لي أن اللواتي يستهزئن بالحجاب، ويدسن الحجاب أنهن يردن الاستهزاء به؛ لأن الإسلام أتى به وهذه ردة كما قالها كثير من العلماء.

    حكم انتحار المرأة فراراً بعرضها

    السؤال: ما حكم انتحار المرأة فراراً بعرضها، أن ينتهك؟

    الجواب: لا. ليس للمرأة أن تنتحر، أو تقتل نفسها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {من قتل نفسه بشيء عذب به في النار} والعياذ بالله، وقتل النفس والانتحار كبيرةٌ من الكبائر من استحله يكفر، لكنه على العموم كبيرة من الكبائر، والله عز وجل ينقذ المرأة ويحميها، لكني لا أرى لها رخصة أن تنتحر أبداً مهما كان، ولا يرخص للإنسان أن ينتحر، فهو محرم بإجماع أهل العلم، ولم يجيزوه حتى في حالات الضرورة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768238640