إسلام ويب

اقترب فتح كابلللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • استهل الشيخ كلامه بذكر أربعة مواقف كان شعار أبطالها حسبنا الله ونعم الوكيل فنصرهم الله نصراً عظيماً، ثم تحدث عن المجاهدين الأفغان فذكر أنهم أيضاً جعلوها شعارهم، وآمنوا بالله وكفروا بما دونه وثبتوا على ذلك، فانتصروا وهزموا عدوهم، ثم ذكر ثلاثة دروس من هذا الجهاد والرابع وجهه إلى أبناء فلسطين .

    بعد ذلك ذكر موقفاً مشرفاً من تاريخ الإسلام المشرق، فيه إشاراتٌ واضحة إلى عوامل النصر وأسباب الهزيمة، ثم ختم كلامه بالدعاء.

    قال الله تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ [آل عمران:160] وقال تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:173-174].

    حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار فنجاه الله من النار.

    وحسبنا الله ونعم الوكيل قالها محمد صلى الله عليه وسلم يوم أحد فنصره الله وأيده.

    وحسبنا الله ونعم الوكيل قالها خالد بن الوليد لما التقى مع الكفرة فرأى قلة المسلمين وكثرة الكفار، فقال له أحد المسلمين: [[إلى أين الملتجى أإلى سلمى وآجا -أي إلى الجبلين- قال: بل إلى الله الملتجى (حسبنا الله ونعم الوكيل)]] فانتصر بإذن الله.

    وقالها طارق بن زياد لما سبح في البحر، فلما انتهى إلى الأندلس حرق السفن، وقال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) فنصره الله نصراً عظيماً.

    وقالها عقبة بن نافع لما وقف على المحيط الأطلنطي فرأى البحر والأعداء، فقال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) فنصره الله.

    وقالها المجاهدون الأفغان لما أتت روسيا بقضها وقضيضها ودباباتها وصواريخها وطائرتها تحارب الله الذي فوق سبع سموات، فخرجوا من المساجد مكبرين مهللين يقولون: (حسبنا الله ونعم الوكيل) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ [آل عمران:174].

    شهيدهم في الجنة، وحيهم يعيش العزة والسعادة، واقترب فتح كابل فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ [الأنبياء:97].. إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:51-52].

    ثبات المجاهدين وعزتهم

    قيل للمجاهدين الأفغان: تعالوا إلى جنيف! قالوا: آمنا بالله وكفرنا بـجنيف.

    قيل لهم: تعالوا إلى هيئة الأمم المتحدة! فقالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بـهيئة الأمم المتحدة.

    وقيل لهم: تعالوا إلى مجلس الأمن! فقالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بمجلس الأمن.

    في جحفل من بني الأفغان ما تركت     كرّاتهم للعدا صوتاً ولا صيتا

    قوم إذا قابلوا كانوا ملائكة      حسناً وإن قاتلوا كانوا عفاريتا

    خرجوا متوضئين، مسبحين، مهللين، فاتصلت قلوبهم بالحي القيوم: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال:17] فنصرهم الله من فوق العرش واللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ [الروم:5].

    أتت القوات، وأتت الحملات، فألهبت السماء، وضرجت الأرض بالدماء، واجتمع الكفر من كل مكان، وصاح الباطل، ولكن الحق ثابت، والإيمان لا يتزعزع، ولا إله إلا الله ثبتت في الساحة:

    دعها سماويةً تجري على قدرٍ     لا تفسدنها برأيٍ منك منكوسِ

    وأرغم الكافر العميل، وأرغم اللعين؛ الذي ظن أن القوة هي طائرات الميراج، وأنها الصواريخ، والقنابل، والله عنده أعظم من الطائرات والصواريخ والقنابل.

    هذه هي قوة الإيمان، يوم فتحنا الدنيا بلا إله إلا الله، ورفعنا في كل مكان لا إله إلا الله، يوم كنا صادقين مع الله.

    والآن ينظر العالم إلى كابل، وينظر الناس وتنظر الدنيا إلى المجاهدين الأفغان، تعالوا وانظروا إلى الإيمان! ماذا يفعل الإيمان؟! سلاحٌ بدائيٌ يسقط الطائرات، وصواريخٌ بدائيةٌ تدمر الدبابات، وتهليل، وتكبير، وتحميد، وتسبيح يزلل كل عميل وملحد وطاغية على وجه الأرض.

    وهذا من جند خالد بن الوليد:

    وما أتى بقعة إلا سمعت بها     الله أكبر دوت في نواحيها

    ما نازل الفرس إلا خاب نازلهم     ولا رمى الروم إلا طاش راميها

    دروس من الجهاد الأفغاني

    ومن هذا الجهاد نأخذ دروساً:

    أولها: أن أعظم الهزائم هي المعاصي، وأن شعباً توجد فيه المعاصي والدعارة والتخلف والبعد عن الله، شعبٌ مهزوم في الدنيا والآخرة.

    وبمفهوم المخالفة: أن أمة وشعباً يصدقون مع الله، ويتوجهون إلى الله، ويطلبون نصرهم من الله، ينصرهم الله في الدنيا والآخرة.

    ثانيها: أنه لا قوة فوق قوة الله، ولا يغلب اللهَ غالبٌ، ولا يتحدى الله متحدٍ؛ فعنده القوة التي لا تُدَهْدَه ولا تعاند، ولا يوقف في جنبها.

    ثالثها: أن من اعتمد على البشر خذله الله، وأذله، وأخزاه، وجعله عبرة وعظة للناس جميعاً.

    رابعاً: أننا ما فتحنا الدنيا بكثرة قوة، وإنما فتحناها بالإيمان وبالعمل الصالح:

    أرواحنا يا رب فوق أكفنا     نرجو ثوابك مغنماً وجوارا

    كنا نرى الأصنام من ذهبٍ فنهـ     ـدمها ونهدم فوقها الكفارا

    لو كان غير المسلمين لحازهـا     كنـزاً وصاغ الحلي والدينارا

    قتيبة بن مسلم وقف لفتح كابل وما يواليها، فقال: [[أين العابد محمد بن واسع؟ قالوا: هو يرفع إصبعه داعياً لله. فبكى قتيبة القائد، وقال: والله الذي لا إله إلا هو لإصبع محمد بن واسع خيرٌ عندي من ألف سيفٍ شهير، ومن ألف شابٍ طرير]].

    درس لأهل فلسطين

    والدرس الذي يلي هذا أوجهه إلى إخواننا المسلمين الفلسطينيين من على هذا المنبر، أن يأخذوا درساً من دروس المجاهدين الأفغان، وليعلموا علم اليقين أن فلسطين لن تعود إلا بصلاة المصلين، وبجهاد المجاهدين، وبإبداع الشهداء المستشهدين في سبيل رب العالمين.

    ثلاثون سنة وتزيد وفلسطين لم تمت، واليهود وأذنابهم وعملاؤهم في الساحة مؤتمرات وتنديد، ولكن والله لا تعود فلسطين إلا بـلا إله إلا الله، والله لا يعود بيت المقدس إلا بسلاسل صادقة، وبنصح مع الله، وبتوجه إلى الله: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ [آل عمران:160].. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126].

    فيا كل فلسطينيٍ على وجه الأرض، ويا كل مسلمٍ على وجه الدنيا، إن كنتم تريدون عودة فلسطين فاصدقوا مع الله، وعودوا إلى الله، وتعالوا إلى الله، وأبشروا بالنصر والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة.

    واقترب فتح كابل فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ [الأنبياء:97] يقولون: ما علمنا أن الإسلام يصنع العجائب! وما علمنا أن الإيمان يفجر الطاقات، وما علمنا أن البدائية بالإيمان بركان يتفجر على الملحدين!

    فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ [الأنبياء:97] ظالمين يوم هدموا المساجد ونسوا الله، ظالمين يوم قتلوا الأطفال ونسوا الله، ظالمين يوم ذبحوا الشيوخ والنساء ونسوا الله، ولكن أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [هود:81] أليس الانتقام بحاصل؟! أليس نصرُ الله بنازل؟! بلى والله.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088931313

    عدد مرات الحفظ

    779963615